عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-24-2013, 07:57 AM
العباس العباس غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 157
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
فالتحاكم إلى الطاغوت شرك صريح دل على ذلك محكم القرآن المجيد في آيات كثيرة منها قوله تعالى
{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114]
{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) } [المائدة: 50]
ِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: 40]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) } [النساء: 60، 61]
فالشرك الصريح مما جاءت الرسالات السماوية كلها بتحريمه و النهي عنه والبراءة منه وليس هو مما يحرُم في حال دون حال أو في زمان دون زمان تبعاً لاختلاف الشرائع
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى [ الْمُحَرَّمَاتِ قِسْمَانِ: " أَحَدُهُمَا " مَا يُقْطَعُ بِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُبِحْ مِنْهُ شَيْئًا لَا لِضَرُورَةِ وَلَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ: كَالشَّرَكِ وَالْفَوَاحِشِ وَالْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَالظُّلْمِ الْمَحْضِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُحَرَّمَةٌ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ وَبِتَحْرِيمِهَا بَعَثَ اللَّهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَلَمْ يُبِحْ مِنْهَا شَيْئًا قَطُّ وَلَا فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلِهَذَا أُنْزِلَتْ فِي هَذِهِ السُّورَةُ الْمَكِّيَّةُ وَنَفْيُ التَّحْرِيمِ عَمَّا سِوَاهَا؛ فَإِنَّمَا حَرَّمَهُ بَعْدَهَا كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ حَرَّمَهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَلَيْسَ تَحْرِيمُهُ مُطْلَقًا. ] مجموع الفتاوى (14/ 470) .
وكلام ابن تيمية نصٌ في الجواب على ما سأل السائل مع الدليل ووجه الدلالة منه .
فمن أباح التحاكم الى الطواغيت فهو مشرك لم يوحد الله تعالى في حكمه . يستوي في ذلك من أباحه صراحةً أو التمس لنفسه تأويلات أو دعاوٍ ليموه بها على نفسه وعلى العباد كدعوى أن التحاكم لا يكون شركاً إلا مع وجود سلطان الشريعة قائماً أو كمن يقول أن التحاكم لا يكون شركاً إلا بأن تدعوه محكمة الشرع فيرفض ويعدل عنها إلى غيرها ، أو كمن يقلب حقائق الأمور ويسميها بغير مسمياتها فيسمي تحاكم المدعى عليه أو المدعي للطاغوت في دار الكفر أو في حال غياب الشريعة دفعاً للصائل أي دفعاً للظالم وظلمه !!! . ومنهم من يرتفع عن سابقه درجةً فيسمي الترافع الى المحاكم الإبتدائية تحاكماً في حين يبيح لنفسه وأتباعه الترافع لمحاكم الإستئناف ويسميه دفعاً للصائل كسابقه ، ومنهم من يجعل التحاكم من جملة المعاصي دون الشرك والتي لا يكفر فاعلها إلا بالإعتقاد الباطني فلا يسمون التحاكم الى الطاغوت تحاكماً شركياً إلا بوجود الإرادة الباطنية القلبية التي لا يعلمها إلا علام الغيوب ، على اختلافٍ بينهم في تفسير الإرادة الباطنية فمنهم من يفسرها بالحب للطاغوت وحكمه ومنهم من يفسرها بالرضا القلبي ومنهم من يفسّرها بالإستحلال القلبيّ وكل هؤلاء حقيقة مزاعمهم هي معارضة دين الرسل و الإشراك بالله في حكمه ، و كلهم أسوأ حالاً ومآالاً من الجهمية الغلاة الذين أجمع أهل السنة والجماعة على تكفرهم لقولهم أن المشرك مشرك ظاهراً مؤمنٌ باطناً , و قومُنا اليوم أكفرُ منهم فقد جعلوا من يتلبس بفعل الشرك ليس مشركاً لا ظاهراً ولا باطناً ، وحاصل أقوالهم كلها جعلُ فاعل الشرك ِمؤمنٌ ظاهراً و باطناً ، أو على أقل تقدير يكون عاصٍ ظاهراً بذنبٍ مغفور دون الشرك مؤمن باطناً لا يكفر إلا بالإستحلال والحب والرضا القلبي !!!!! .
وهؤلاء الذين نتكلم عنهم لا يظن ظانٌّ أنهم من الذين يرفعون رايات العلمانية صراحاً بل أغلبهم من المتعالمين من طواغيت الأحزاب الدينية ومنظريها ومؤيديها في هذا الزمن ممن صدّرهم طواغيت العلمانية والديمقراطية للخطابة والتدريس في وسائل الإعلام والجامعات و المنابر حيث يزين هؤلاء للناس التحاكمَ إلى المحاكم القضائية وإلى المجالس النيابية الكفرية وإلى دين الديمقراطية وإلى حكم الأغلبية بدعاوٍ كلها دعاوٍ ساقطة باطلة لا يقال فيها إلا أنها إبطال لعقيدة التوحيد و تحسين لعبادة الطاغوت والإشراك به مع الله , ومن يزيّن منهم لأتباعه ومريديه ومؤيديه التحاكم إلى هذه الهيئات والأديان بدعوى التوصل بهذا إلى تحكيم الشريعة فحقيقة أمره أنه يريد التوصل إلى عبادة الله تعالى عن طريق عبادة الآلهة الباطلة والشيطان كحال مشركي مكة الذين قال الله تعالى فيهم {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} [الزمر: 2، 3] فهؤلاءِ كذبةٌ كفّار وإن طالت لحاهم أو عَلَتْهم عمائِمُهم أو تمسّحوا بتحصيل علوم الشريعة ، وأي علمٍ للشريعة يبقى وأي حفظ لكتاب الله تعالى ينفع مع تضييع أصل دعوة الرسل والإشراك بالله قال تعالى { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)} [الزمر: 65] وقال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)} [الأنعام: 82 - 88]

ما قدمناه آنفاً فهو حكم عامٌ يعمّ كل من تلبس بقول أو فعلِ ما هو كفرٌ صريحٌ مختاراً له عموماً ومن أباح شرك التحاكم الى الطواغيت خصوصاً ، ولم يُنزل الله تعالى علينا نصّا نستثنِ منه أحداً من هذا العموم إلا المكرَه والمخطيءَ في اللفظ مع عدم قصد قوله له كمن أخطأ من شدة الفرح فسبقه لسانه فقال اللهم انت عبدي وأنا ربك يريد أن يقول مسبحا لله حامداً اللهم انت ربي وانا عبدك ، ومن قال الكفر ناقلاً مخبراً عن غيره أنه قاله أو فعله ، لا مقراً له ولا راضياً به . وكذا من هو مرفوع عنه القلم كمجنونٍ ونائمٍ حتى يفيق وصبيٍّ لا يعقل ولا يميز لقوله صلى الله عليه وسلم " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ "

قال ابن حزم رحمه الله تعالى فيمن يخرج عن عموم حكم الكفر ممن يفعل الكفر ويقوله :

[قد قُلْنَا أَن التَّسْمِيَة لَيست لنا وَإِنَّمَا هِيَ لله تَعَالَى فَلَمَّا أمرنَا تَعَالَى بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَقد حكى لنا فِيهِ قَول أهل الْكفْر وَأخْبرنَا تَعَالَى أَنه لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر خرج القاريء لِلْقُرْآنِ بذلك عَن الْكفْر إِلَى رضى الله عز وَجل وَالْإِيمَان بحكايته مَا نَص الله تَعَالَى بأَدَاء الشَّهَادَة بِالْحَقِّ فَقَالَ تَعَالَى {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} خرج الشَّاهِد الْمخبر عَن الْكَافِر بِكُفْرِهِ عَن أَن يكون بذلك كَافِر إِلَى رضى الله عز وَجل وَالْإِيمَان وَلما قَالَ تَعَالَى {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا} أخرج من ثَبت إكراهه عَن أَن يكون بِإِظْهَار الْكفْر كَافِر إِلَى رخصَة الله تَعَالَى والثبات على الْإِيمَان ، وَبَقِي من أظهر الْكفْر لَا قارئاً وَلَا شَاهدا وَلَا حاكياً وَلَا مكْرَها على وجوب الْكفْر لَهُ بِإِجْمَاع الْأمة على الحكم لَهُ بِحكم الْكفْر وبحكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وبنص الْقُرْآن على من قَالَ كلمة الْكفْر أَنه كَافِر وَلَيْسَ قَول الله عز وَجل وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا على مَا ظنوه من اعْتِقَاد الْكفْر فَقَط بل كل من نطق بالْكلَام الَّذِي يحكم لقائله عِنْد أهل الْإِسْلَام بِحكم الْكفْر لَا قارياً وَلَا شَاهدا وَلَا حاكياً وَلَا مكْرها فقد شرح بالْكفْر صَدرا بِمَعْنى أَنه شرح صَدره لقبُول الْكفْر الْمحرم على أهل الْإِسْلَام وعَلى أهل الْكفْر أَن يقولوه وَسَوَاء اعتقده أَو لم يَعْتَقِدهُ لِأَن هَذَا الْعَمَل من إعلان الْكفْر على غير الْوُجُوه الْمُبَاحَة فِي إِيرَاده وَهُوَ شرح الصَّدْر بِهِ فَبَطل تمويههم بِهَذِهِ الْآيَة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق ] الفصل في الملل والأهواء والنحل (3/ 116)

ما سبق من كلام فهو تأصيل للمسألة ملخصه أن التحاكم الى الطاغوت شرك صريح في أي زمان أو مكانٍ أو أي حالٍ لا يصرفه عن ماهيته ومعناه عارضٌ أو مانع ، ولم يجعل الله تعالى مثل تلك العوارض أعذاراً يُرَخَّص معها التلبس بالشرك والكفر الصريح ، ولا جعل الله مثل تلك الأمور موانع تمنع لحوق اسم الكفر والشرك بمن تلبس بالشرك والكفر الصريح .

أما تنزيل هذه المعاني والأحكام على الشيخ الذي تسأل عنه فإن كان الشيخ قد ثبت له اسم الإسلام من قبل وكان من دعاة التوحيد الحق فإخراجه من الملّة لا يجوز إلا بتوفر شيئين إثنين ، دليل قطعيّ الدلالة قطعي الثبوت على أن ما قاله أو فعله كفر وشركٌ صريح ، و من ثمّ ثبوت الأمر الكفريّ عليه من ناحية الواقع ثبوتاً قطعياً بالبينات والشهادات . وبما أن المسألة المعروضة كما في السؤال هي عندنا كفر صريح وشرك صريح لأدلتها قطعية الدلالة قطعية الثبوت ، فيبقى الأمر القضائي وهو هل ثبت يقينا على الشيخ المذكور أنه أجاز ما نسبتموه إليه من تجويز التحاكم إلى الطاغوت بالدعوى التي ذُكِرت ؟؟
فهذا يحتاج إلى بينة أو شهود تثبت بهم الشهادة شرعاً في هذه الأمور أو بينة كتسجيل له بصوته لا ريب فيه أنه صوته أو كلاماً مخطوطاً بيده منه يقرر فيه ما نسبتَموه إليه من تجويز التحاكم الى الطاغوت بالدعوى التي ذكرتها فيلزمه حينئذٍ حكم الكفر وعليه التوبة منه ، ويجب رده إلى الحق في هذه المسألة بالخطاب والمحاجّة الجميلة والقول المعروف .
ما ذكرته في سؤالك أنه ينفي عن نفسه أنه يجيز التحاكم إلى الطاغوت وأنه يتبرأ منه ، فيحتمل عندنا أمرين من ناحية معناه فإن قصدتم أنه يقر على نفسه أنه يجيز الترافع الى الطواغيت في عدم وجود سلطان الشريعة ولكن ينفي أن هذا يسمى تحاكماً شركياً فلا يعذر ولا يقبل قوله ، لأن حقيقته حينئذٍ أنه أجاز التحاكم الى الطاغوت ولكن مع تغيير التسمية ، والحقائق لا تتغير بتغيير مسمياتها فالزنا زنا وإن سُمّي حريةً ، والخمر خمر مسكر محرم وإن سمي مشروبات روحية ، والعريّ والإباحية محرم وفحش وإن سُمي سياحة وترفيهاً ، فكذلك التحاكم الى الطاغوت هو تحاكم إلى الطاغوت وإن سمّي بغير اسمه وإلا فإن المشركين كانوا يسمون شركهم تقرباً إلى الله وتزلفاً إليه .
وأما الإحتمال الثاني فإن قصدتم أنه ينفي عن نفسه أنه يجيز الترافع الى الطاغوت سواء كان سلطان شريعة قائماً أم غير قائم ، و يسميه كفراً وشركاً في الحالين من غير فرق ، فيعتبر نفيه عن نفسه ما نسب إليه توبةً مقبولةً في ظاهر الأمر ويوكل أمره الباطن إلى الله تعالى ،لأن إنكار المرء فعل الكفر عن نفسه توبة عند بعض العلماء وإن كان ثبت عليه الفعل قبل ذلك .
ومع كل هذا فنذكِّر الجميع بالتبين والتثبت عملاً بقول الله تعالى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) } [الحجرات: 6، 7] ، ولا يكن أحدكم حريصاً على تكفير من ثبت إسلامه بل الواجب أن يدفع اسم الكفر عمن ثبت إسلامه ما استطاع الى ذلك سبيلاً إن كان فعله أو قوله يحتمل غير الكفر أو كان ثبوت الأمر عليه فيه إحتمال وظنٌّ . وهذا باب دقيق يجب التريث فيه عدم العجلة مصحوباً بتقوى الله ورعاية حق وحرمة المسلمين .

هذا وبالله التوفيق .
كتبه ابو اسيد الانصاري

رد مع اقتباس