منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـحوارات الـعلمية > الحوار مع رؤوس وأئمة المخالفين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-22-2012, 08:00 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي حوار في تعريف أصل الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذا حوار قيم في تعريف أصل الدين كان جرى بين الاخ (مسلم1)وهو احد تلاميذ الشيخ ضياء الدين ، وبين (أبوشعيب) احد المنظرين لتنظيم القاعدة .
جرى الحوار سنة 2009 م في منتديات الحقائق والمنتدى معطل من فترة ، وقد أحببت نشره هنا لما فيه من فوائد جمة في كشف زيف كثير من شبهات القوم في مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين.


ملاحظة :سيكون كلام الأخ مسلم1 باللون الازرق وكلام أبو شعيب باللون البني
وقد تخلل الحوار بعض المداخلات من اعضاء منتدى الحقائق ستكون إن شاء الله باللون الأسود

وأيضا إن شاء الله سأقوم بنقل المشاركات كما كانت في الاصل على منتدى الحقائق محافظا على رقم كل مشاركة لأنه كثيرا ما يورد أحد المتناظرين رقم مشاركة مخالفه ليرد عليها .
================================================== ========================

أبوشعيب :
هذا الموضوع مخصص فقط للحوار في هذه المسألة ، وهي : ( تعريف أصل الدين الذي لا يكون المرء مسلماً إلا به ، وما موقع التكفير منه )

فأقول مستعيناً بالله ، باختصار غير مخلّ :

لقد بيّن الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أصل الدين أتم بيان ، ولم يتركونا لعقولنا لاستنباط مسائل أصولية فيه دون أن يأتيا على ذكرها كشرط لا يتم الإيمان إلا به .

وأصل الدين الذي ذكره الله - تعالى - في كتابه ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، يَظهر من منطوق شهادة لا إله إلا الله ؛ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله - عز وجل - .

فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة .

أما مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين ، فلا دليل واحد يجعلها من أصل الدين ، ولم يُذكر هذا عن السلف الصالح ولا عن الأئمة الأربعة ، ولا من أتى بعدهم ، ولم تظهر هذه المسألة إلا في عهد الدعوة النجدية ، وأول من أظهرها هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ، اجتهاداً خاطئاً من لدنه ، ولو أنه اتبع في ذلك من سبقه لكان خيراً وأحسن تأويلاً . وحتى هو بنفسه لم يعن بإظهارها ما عناه مخالفنا من كون الخلاف فيه ينقض أصل الدين .

فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً .

هذا باختصار شديد ، ولو أن الأخ مسلم1 احتاج التفصيل في بعض النقاط المذكورة ، فليطلب ذلك وسأفصل له - إن شاء الله - . وإنما اختصرت الكلام إذ ظننت أنني لم أخلّ بالمعنى لاشتهار الأدلة على كل كلمة ذكرتها .

هذا ، والله أعلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-22-2012, 08:06 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

قولك : "لقد بيّن الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أصل الدين أتم بيان ، ولم يتركونا لعقولنا لاستنباط مسائل أصولية فيه دون أن يأتيا على ذكرها كشرط لا يتم الإيمان إلا به" .
أقول : نعم . بين الله أصل الدين أتم بيان في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أطلب منك أن تأتي بدليل واحد واضح من القرآن الكريم والسنة الصحيحة لا يخالفك فيه أحد يبين أصل الدين . حتى نفهمه على ضوء هذا الدليل . ويكون لنا كأساس نبني عليه .
قولك : " وأصل الدين الذي ذكره الله - تعالى - في كتابه ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، يَظهر من منطوق شهادة لا إله إلا الله ؛ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله - عز وجل - ."
أقول : هل كلمة أصل الدين وردت في القرآن أو السنة ؟
ما رأيك لو نبحث لتبسيط المسألة موضوع : كيف يدخل العبد الإسلام وكيف يعد من الموحدين ؟
هل يوجد في القرآن الكريم ما يبين كيف يدخل العبد الإسلام ؟
لا شك أن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله . ولكن هذه الكلمة لا يعرف معناها كثير من الناس فشرحها أصعب من شرح كلمة الشهادة . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟
ومن هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ؟

قولك : " فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة "
أقول : لماذا يؤمر العبد أن يوحد الله في عبادته ؟ويأمر أن لا يشرك به شيئا في أي من العبادات ؟
وإذا لم يعرف العبد كيف يوحد الله كيف نتصرف معه ؟ هل نقول له تلفظ الشهادة ستصبح مسلماً وبعد ذلك سنعلمك كيف توحد الله ، أم نعلمه كيف يوحد الله ثم نأمره بتحقيق ذلك في الواقع ؟
وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
وإذا لم ينبذ عبادة ما سواه ماذا سنحكم عليه ؟ هل سنقول له لا عليك أنت ما زلت مسلماً ، ولكن الأفضل لك أن تنبذ عبادة ما سوى الله . لأنه عمل سيئ لا يرضاه الله . فأعمل جاهداً على أن تنبذه لأنك من الموحدين المسلمين .
وهل نأمره بعبادة الله وحده دون أن نعلمه ما هي العبادة ؟
وإذا لم نعلمه ما هي العبادة وأقر بأنه سوف لا يعبد إلا الله ، وهو لا يعرف معنى العبادة ، هل إقراره هذا صحيح ومقبول ؟
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟
أريد منك يا أبا شعيب لو تكرمت أن تجبني على هذه الأسئلة مع الدليل من القرآن والسنة .

قولك : أما مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين ، فلا دليل واحد يجعلها من أصل الدين ، ولم يُذكر هذا عن السلف الصالح ولا عن الأئمة الأربعة ، ولا من أتى بعدهم ، ولم تظهر هذه المسألة إلا في عهد الدعوة النجدية ، وأول من أظهرها هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ، اجتهاداً خاطئاً من لدنه ، ولو أنه اتبع في ذلك من سبقه لكان خيراً وأحسن تأويلاً . وحتى هو بنفسه لم يعن بإظهارها ما عناه مخالفنا من كون الخلاف فيه ينقض أصل الدين .
أقول : ماذا تقصد بمسألة التكفير التي تقول أنه لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين ؟
هل تقصد تسمية المشرك مشركاً ؟ أم تقصد شيئاً آخر ؟
أنت تقر هنا بأن محمد عبد الوهاب هو أول من أقر مسألة التكفير التي لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين كما تقول ، وتعتبر هذا من الاجتهادات الخاطئة ؟
هل محمد بن عبد الوهاب جعلها من أصل الدين وبدون دليل ؟

قولك : " فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً ."
أقول : هل تقصد أن الحكم على المشركين بالكفر ليس داخلاُ في أصل الدين ولا يطالب به من دخل الدين ابتداءً . ؟ وهل الحكم عليه بأنه غير موحد وغير مسلم داخل في أصل الدين أم لا ؟
ما هو إذن الحكم الذي سيحكمه الموحد الذي دخل الدين على من ليس مثله ؟
أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .
أو أن يقول أنا الآن مسلم ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ؟ هل هذا يحتاج أيضا لأدلة قطعية من القرآن والسنة ؟
مثال عملي : شخص يريد أن يدخل الإسلام . علمناه التوحيد الذي لم يكن عليه قبل أن يتعلمه ويقر به . لو سَألنا : ماذا كان حكمي قبل أن أدخل التوحيد والإسلام . ؟ هل سنقول له دعك الآن من حكمك فهذا ستتعلمه لاحقاً لأنه من الأحكام الشرعية ويحتاج لأدلة قطعية من القرآن والسنة ، فأنت غير مكلف بمعرفتها الآن وهذه الأدلة قد لا تستطيع فهمها وقد لا تفهمها طول حياتك ، ليس مهماً ، المهم أن تعتقد أنك كنت على ضلال وأن فعلك كان فعلاً باطلاً لا يرضي الله ، ويجب عليك أن تبغض ما كنت تفعله من الشرك ، وتبغض فاعله لفعله . بدون أن تحكم عليه كفرد معين بالكفر أو الشرك ، ونحذرك أن تحكم بعقلك أنك لم تكن موحداً وكنت من المشركين الكافرين ، لأن مثل هذه الأحكام لا تعرف إلا بالأدلة القطعية من القرآن والسنة . وأنت الآن غير ملزم بتعلمها .
هل هذا ما تقوله يا أبا شعيب ؟
معذرة ، أسألك حتى لا أقوّلك ما لم تقله ، وحتى لا أفهمك خطأ . فلا تنزعج من كثرة أسئلتي .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-22-2012, 08:18 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
اقتباس:
أقول : نعم . بين الله أصل الدين أتم بيان في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أطلب منك أن تأتي بدليل واحد واضح من القرآن الكريم والسنة الصحيحة لا يخالفك فيه أحد يبين أصل الدين . حتى نفهمه على ضوء هذا الدليل . ويكون لنا كأساس نبني عليه .

الأدلة مستفيضة وكثيرة جداً ، ولكن ما دمت تريد دليلاً واحداً ، فهذا هو :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من قال لا إلـه إلا الله‏‎ ‎وكفر بما يُعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله »

اقتباس:
أقول : هل كلمة أصل الدين وردت في القرآن أو السنة ؟
ما رأيك لو نبحث لتبسيط المسألة موضوع : كيف يدخل العبد الإسلام وكيف يعد من الموحدين ؟
هل يوجد في القرآن الكريم ما يبين كيف يدخل العبد الإسلام ؟
لا شك أن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله . ولكن هذه الكلمة لا يعرف معناها كثير من الناس فشرحها أصعب من شرح كلمة الشهادة . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟
ومن هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ؟


لا ، لم ترد في القرآن والسنة حسبما أعلم .. ولكنه مما اصطلح عليه المسلمون لتسهيل المعاني وإيضاحها ، ولا مشاحة في الاصطلاح لو كان صحيحاً .

نعم ، يوجد في القرآن الكريم ما يبيّن كيف يدخل العبد في الإسلام . كقوله - تعالى - : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]

وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ } [المؤمنون : 23]

وقوله : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72]

والآيات في ذلك كثيرة .

أما قولك : لا يعرف معناها كثير من الناس . فماذا تقصد بذلك ؟

أتقصد أنهم أعاجم لا يعرفون معنى " لا إله إلا الله " في لغة العرب ؟

أم تقصد أنهم لا يعرفون معنى العبادة مع إقرارهم أن فعلهم لو كان عبادة فإنهم لا يصرفونه إلا الله ؟ فأجازوا بذلك عبادة غير الله ، مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله ؟

أم أنهم لا يعلمون كيف يعبدون الله ، مع إقرارهم أنه هو المستحق للعبادة لا غيره ؟ كما وقع لزيد بن عمرو بن نفيل إذ كان يقول : ( اللهم لو اني أعلم أحب الوجوه اليك لعبدتك به ، ولكني لاأعلم ؛ ثم يسجد على راحلته ) ؟

ثم ما وجه الصعوبة في فهم هذه الكلمة لمن فهم منطوقها لغة ؟ هل لك أن تبيّن لنا ؟

وأنا أقول لك : من فهم معنى لا إله إلا الله لغة ، ثم صدّق بها وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين .

أما من لا يفهم معناها لغة ، فهذا أعجمي ، أو أحمق ؛ يستلزم ذلك إفهامه معنى تلك الكلمة في لغة العرب .

أما قولك من هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ، فلا أظن أن هذا يفيد في المسائل العقدية .. سواء أكان أول من استعمله زيد أو عمرو ، ما يؤثر ذلك في دين الناس ؟ هل يقوم به أي حكم شرعي ؟

والعبرة في هذا المصطلح ( أي : أصل الدين ) هو بصحته وموافقته للأدلة الشرعية ، لا بأول من استعمله .

==================

اقتباس:
أقول : لماذا يؤمر العبد أن يوحد الله في عبادته ؟ويأمر أن لا يشرك به شيئا في أي من العبادات ؟

لأن هذا أمر الله - تعالى - أولاً ، قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ }

وثانياً : هو حق الله - تعالى - على الناس . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً »‏

وأخيراً ، هذا من موجبات العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وبين الرازق والمرزوق ، وبين المنان والممنون ، وبين المالك والمملوك .. وما إلى ذلك .. قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة : 21]

وقال أيضاً : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56]

-------------

اقتباس:
وإذا لم يعرف العبد كيف يوحد الله كيف نتصرف معه ؟ هل نقول له تلفظ الشهادة ستصبح مسلماً وبعد ذلك سنعلمك كيف توحد الله ، أم نعلمه كيف يوحد الله ثم نأمره بتحقيق ذلك في الواقع ؟

كيف لا يعرف كيف يوحد الله ؟ إما أنه لم يفهم مدلول " لا إله إلا الله " لغةً لأعجميته ، أو أنه لا يعرف معنى العبادة ، فيصرف لغير الله عبادة يظنها ليست بعبادة ..

فأيهما تعني ؟

فإن قلت لا يفهم معناها لغة ، أقول : نشرح له ما تعني هذه الكلمة في العربية ، فإن فهمها وصدّق بهذا المعنى وآمن به ، فقد دخل الإسلام وصار موحداً .

وإن قلت لا يفهم معنى العبادة ، فهذا أيضاً متعلق باللغة .. إن لم يفهم معناها لغة لم يفهم معناها شرعاً .

فإما أن تتكلم معي عن أعجمي لا يفقه قولاً ، أو عن عربيّ يفهم معاني الألفاظ .. ما رأيك ؟

-------------

اقتباس:
وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟

يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة) .

-------------

اقتباس:
وإذا لم ينبذ عبادة ما سواه ماذا سنحكم عليه ؟ هل سنقول له لا عليك أنت ما زلت مسلماً ، ولكن الأفضل لك أن تنبذ عبادة ما سوى الله . لأنه عمل سيئ لا يرضاه الله . فأعمل جاهداً على أن تنبذه لأنك من الموحدين المسلمين .

نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؛ فإن كان شركاً أكبر ، ولم يوجد ما يُعذر به من موانع التكفير ، فقد حقّ عليه الخروج من الإسلام .. وإن كان أصغر ، فهو موحّد ناقص التوحيد .

-------------

اقتباس:
وهل نأمره بعبادة الله وحده دون أن نعلمه ما هي العبادة ؟

نعلمه معنى العبادة لغة ، ولو شئت لأفضت عليه بالأدلة الشرعية والعقلية حتى يفهم .

فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم .

-------------

اقتباس:
وإذا لم نعلمه ما هي العبادة وأقر بأنه سوف لا يعبد إلا الله ، وهو لا يعرف معنى العبادة ، هل إقراره هذا صحيح ومقبول ؟

كيف يقر بأنه لن يعبد إلا الله .. ثم هو لا يفهم معنى كلامه هو ؟؟

هل هو أعجمي لا يفهم العربية ؟ أو أحمق لا يفهم معنى الألفاظ ؟ يقول لن أعبد إلا الله ، وهو لا يفهم معنى العبادة ؟؟

كمن يقول : لن أشرب إلا الماء ، وهو لا يعرف معنى الشرب !!

ما هذا التناقض ؟

-------------

اقتباس:
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟

أقول له : أنت مجنون أو مختل عقلياً .

-------------

اقتباس:
أقول : ماذا تقصد بمسألة التكفير التي تقول أنه لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين ؟
هل تقصد تسمية المشرك مشركاً ؟ أم تقصد شيئاً آخر ؟


يعني لا يوجد دليل شرعي واحد ينص على أن قولنا فلان كافر أو مشرك هو شرط لدخول الإسلام .

اقتباس:
أنت تقر هنا بأن محمد عبد الوهاب هو أول من أقر مسألة التكفير التي لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين كما تقول ، وتعتبر هذا من الاجتهادات الخاطئة ؟
هل محمد بن عبد الوهاب جعلها من أصل الدين وبدون دليل ؟


جعلها من أصل الدين بناء على قاعدة فقهية نص عليها العلماء وهي : من لا يكفر الكافر فهو كافر .. وقد بنوا هذه القاعدة الفقهية على قاعدة شرعية تنص على أن من ردّ حكماً شرعياً أقرّه الله في كتابه ، أو رسوله في سنته ، فهو كافر .

ومن هذا المنطلق جعل الشيخ محمد - رحمه الله - هذه القاعدة من أصل الدين الذي لا يمكن أن يدخل المرء الإسلام بدونه .. فأخطأ فهم مبنى هذه القاعدة أولاً ، ثم بنى على هذا الفهم الخاطئ خطأ آخر ، فأدرجها في أصل الدين .

أما هل عنده دليل ؟ كل مخطئ ومصيب من هذه الأمة عنده دليل ، ولا أظن أن الكلام عن الدعوة النجدية وأدلتها ، والاعتبار في منهجها في فهم النصوص وما إلى ذلك ، لا أظن أنه سيفيد طرحنا هنا ، بل سيشتته ويخرجه عن محوره الذي فتحنى هذا الحوار من أجله .

أما إن كنت أن تقوم مقام الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وتثبت أن التكفير من أصل الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به ، وأنه يلزم أجهل خلق الله فضلاً عن ذوي الفهم ليدخلوا الإسلام ، فلك ذلك .. واعرض لنا أدلتك حتى نناقشها .

=================

اقتباس:
قول : هل تقصد أن الحكم على المشركين بالكفر ليس داخلاُ في أصل الدين ولا يطالب به من دخل الدين ابتداءً . ؟ وهل الحكم عليه بأنه غير موحد وغير مسلم داخل في أصل الدين أم لا ؟

يكفي أن يسميهم ضالين ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام : 74]

أو يسميهم فاسقين ، كما قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة : 25]

أو مبطلين ، كما قال تعالى : { وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } [الجاثية : 27]

يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام .

ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم .

فعلى المسلم أن يعتقد أن الواقع في الشرك : على باطل وضلال وفسق ، لا يرضاه الله ، وهو متبع للشيطان في ذلك ، وعلى سخط من الله .. فإن اعتقد ذلك ، فهو مسلم . وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .

اقتباس:
ما هو إذن الحكم الذي سيحكمه الموحد الذي دخل الدين على من ليس مثله ؟

يحكم عليه أنه ليس على دينه فيما يفعله من باطل .

كأن يقول : فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان ..

كما يقول أيضاً للفاسق : فلان بفسقه على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان .

اقتباس:
أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .

بلى .. مع عدم إغفال أن المشركين أنفسهم لديهم بعض جوانب التوحيد التي لا تنفعهم وانتقضت بسبب تلبسهم بالشرك .. قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]

اقتباس:
أو أن يقول أنا الآن مسلم ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ؟ هل هذا يحتاج أيضا لأدلة قطعية من القرآن والسنة ؟

قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان .

فقول المرء : من لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ، معناه : كل اعتقاد خالف معتقدي فهو غير الإسلام .. أي باطل .

قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62]

وقال أيضاً : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

أما طلبي للأدلة القطعية ، فهو في تكفير من لا يقول عن بعض المشركين : مشركين ، بل يسميهم ضالين أو مبطلين أو فاسقين ، بسبب جهله للحكم الشرعي ، أو غبائه ، أو تأويله .. ما الدليل من القرآن والسنة على تكفير مثل هذا ؟؟ أم لا دليل عندكم سوى العقل ؟

اقتباس:
مثال عملي : شخص يريد أن يدخل الإسلام . علمناه التوحيد الذي لم يكن عليه قبل أن يتعلمه ويقر به . لو سَألنا : ماذا كان حكمي قبل أن أدخل التوحيد والإسلام . ؟ هل سنقول له دعك الآن من حكمك فهذا ستتعلمه لاحقاً لأنه من الأحكام الشرعية ويحتاج لأدلة قطعية من القرآن والسنة ، فأنت غير مكلف بمعرفتها الآن وهذه الأدلة قد لا تستطيع فهمها وقد لا تفهمها طول حياتك ، ليس مهماً ، المهم أن تعتقد أنك كنت على ضلال وأن فعلك كان فعلاً باطلاً لا يرضي الله ، ويجب عليك أن تبغض ما كنت تفعله من الشرك ، وتبغض فاعله لفعله . بدون أن تحكم عليه كفرد معين بالكفر أو الشرك ، ونحذرك أن تحكم بعقلك أنك لم تكن موحداً وكنت من المشركين الكافرين ، لأن مثل هذه الأحكام لا تعرف إلا بالأدلة القطعية من القرآن والسنة . وأنت الآن غير ملزم بتعلمها .
هل هذا ما تقوله يا أبا شعيب ؟


مثالك ليس عملياً ولا وجه له .

فإنه لو سألنا عن حكمه الشرعي عندما كان كافراً ، فلا وجه لأن نقول له دعك الآن من هذا .. بل جوابه هو كجواب من سأل عن أية مسألة شرعية ، سنقول له : كنت كافراً مشركاً ، ثم منّ الله عليك بالإسلام .

ستقول لي كيف عرفت أنا هذا الحكم ؟ سأقول لك : من الكتاب والسنة .. سمى الله مثله كافرين مشركين ، ونحن أسميناه كذلك .

ستقول لي : وهل يلزمه أن يعتقد أنه كان يُسمى عند الله تعالى كافراً مشركاً ؟؟ أقول لك لا يلزمه ذلك ، بل يلزمه فقط أن يعتقد أنه كان مبطلاً فاسقاً متبعاً للشيطان ، على غير دين الله تعالى بأفعاله الشركية تلك .. أما مجرد التسمية فإن المكلّف غير مطالب بها ليدخل الإسلام .

=====================
=====================

الآن جاء دوري لأسألك :

1- لقد بيّن الله - عز وجل - ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالحون - رضي الله عنهم - ، التوحيد أتم بيان ، ولم يتركوا شاردة ولا واردة ، لا دقيقة ولا جليلة ، لا صغيرة ولا كبيرة ، من مسائل التوحيد ، إلا وذكروها وبينوها أتم بيان ، وأحسن تفصيل .

لماذا لا نجد نصّاً واحداً في القرآن والسنة ومن أقوال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر لمسألة تكفير المشركين وأنها من أصل الدين الذي لا يدخل المرء في الإسلام حتى يأتي به ويضبطه ولا يخطئ فيه ؟؟

لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - مسائل بدهية في التوحيد ، كمسائل الحب والبغض والولاء والبراء والإخلاص واليقين وما إلى ذلك ، ولم يتركنا لعقولنا لتقرير هذه المسائل ، بل بيّنها في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بأدلة واضحة صريحة بيّنة ، مع أن هذه المسائل تقررها عقول أغبى الناس ، ولكنه لم يتركهم دون بيان في هذه المسائل العظام ، إمعاناً في إقامة الحجة ، وحتى لا يختلف من بعدهم .. ولم يأت ذكر مسألة التكفير هذه في أي نصّ شرعي يجعله من أصول الإيمان والاعتقاد !!

يعني باختصار ، ما أفهمه من كلامك هو : أن الله - تعالى - أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي الذي لم يظهر كشرط من شروط الإيمان إلا في القرن الثاني عشر الهجري !! وطوال هذه القرون كانت هذه المسألة خافية على الجميع ، لا تُذكر في كتب الفقه بالتفصيل والتقعيد الذي تقولون به .

لاحظ أننا نتكلم عن مسألة أصولية لا فرعية ، هي من شروط الشهادتين ، من لا يأتي بها فهو كافر .

----------

2- رجل مسلم تقرر عنده أن الله - تعالى - حرّم السرقة ، ثم هو رأى سارقاً يسرق ، فقال : لا أسميه سارقاً حتى أقيم عليه الحجة في أن السرقة حرام ، لظنه أن الاسم لا يلحق الفاعل حتى تقام عليه الحجة في جميع المسائل .. مع كونه يُسمى سارقاً لغة وعقلاً ، حتى لو كان جاهلاً بالحكم الشرعي .

سؤالي هو : هل مثل هذا الذي خالف ضرورة اللغة والعقل كافر ؟

أرجو أن تجيب على قدر السؤال .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-22-2012, 08:57 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
ولديّ سؤالان آخران :

1- ما تعريف أصل الدين عندك ؟ أو بالأحرى : ما أدنى ما يدخل المرء به في الإسلام ؟ وهل لك أن تستدل بالأدلة الشرعية على المسائل التي ستدرجها في تعريفك مما زاد عن تعريفي أو خالفه ؟

3- لو قلنا إن تكفير المشركين من أصل الدين ، فهل أسلمة الموحدين من أصل الدين كذلك ؟ وإن كان كذلك ، فلماذا جاء الوعيد الشديد في أحاديث متنوعة تنهى عن تكفير المسلم بغير وجه حق ، مع أنه مسألة بدهية عقلية تُفهم من منطوق الشهادتين ، كما يُفهم منها تكفير المشركين (بحسب ادعاء مخالفنا) ، ولم يجئ وعيد واحد في من امتنع عن تكفير المشركين ؟ هذا ، وهي مسألة أصولية عظيمة (عند مخالفنا) حدث الاختلاف فيها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وليس لدى أحدهم دليل من قرآن أو سنة يُفصل به في الخلاف !

فأنت الآن تفهم هذه المسألة بعقلك ، ونحن لا نفهمها بعقولنا القاصرة الضعيفة .. ونقول لك بكل إخلاص وصدق : لو أن لديك دليلاً واحداً صريحاً من القرآن والسنة نتبعه ولا نضلّ من بعده ، فهاته ؛ ونحن نسلّم أمرنا إلى الله في هذه المسألة ونتبع الحقّ الذي أنزل ، ولا نماري أو نجادل فيه .

أليس هذا من نسبة الشريعة إلى النقص والخلل ؟ أن تترك مسألة أصولية لا يصح الإيمان إلا بها دون دليل شرعي واحد يبيّنها ويُتحاكم إليه عند النزاع ؟

وجزاكم الله خيراً

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-22-2012, 09:10 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : الأدلة مستفيضة وكثيرة جداً ، ولكن ما دمت تريد دليلاً واحداً ، فهذا هو :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من قال لا إلـه إلا الله‏‎ ‎وكفر بما يُعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله .

أقول : نعم جيد . وهذا الدليل من أوضح الأدلة على كيفية دخول العبد للإسلام ، ولنجعله أساساً في حوارنا . وأسأل الله أن لا نختلف في معناه ومفهومه وتطبيقه على الواقع . وإذا كان هذا ما تعنيه من قولك أصل الدين فأنا لا أخالفك في هذا .

قولك : لا ، لم ترد في القرآن والسنة حسبما أعلم .. ولكنه مما اصطلح عليه المسلمون لتسهيل المعاني وإيضاحها ، ولا مشاحة في الاصطلاح لو كان صحيحاً .
أقول : نعم لم يرد ذكره في الكتاب ولا في السنة . فمن هو من علماء المسلمين الذي استعمل هذا الاصطلاح ؟ وهل بين ما هو المقصود منه ؟
وهل بين أن له أركان ولوازم ، وبين هذه الأركان واللوازم ؟
وبين أحكام هذه الأركان واللوازم ؟
أم تُركت لنا لنعينها نحن حسب أفهامنا واجتهاداتنا . ؟

قولك : نعم ، يوجد في القرآن الكريم ما يبيّن كيف يدخل العبد في الإسلام . كقوله - تعالى - : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]
وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ } [المؤمنون : 23
وقوله : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72] والآيات في ذلك كثيرة .

أقول : نعم ما قلته صحيح . وأضيف عليه آية أخرى واضحة بينة في هذا الخصوص وهي قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " (البقرة : 256)
لنجعل هذه الآيات أساساً لحوارنا . ما دمنا اتفقنا عليها .
وما دام الله سبحانه وتعالى حدد لنا في القرآن الكريم كيف يدخل العبد الإسلام ، فلا حاجة لنا لكلام غيره . ويجب علينا أن نرد ما يخالفه .

قولك : أما قولك : لا يعرف معناها كثير من الناس . فماذا تقصد بذلك ؟
أقول : أنا لم أعنِ كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " وإنما عنيت كلمة " لا معبود بحق إلا الله " فهذه الكلمة تحتاج لعلم زائد لفهمها ، حتى مؤسس حزب التحرير تقي الدين النبهاني والذي يعتبره أتباعه مجتهد مطلق ، أخطأ في استعمالها فقال : " لا معبود إلا الله " ولم يضف كلمة " حق " مع أنها مهمة جداَ ويتغير المعنى من دونها . لهذا أردت أن يكون كلامنا بما هو واضح وبسيط حتى لا نشعب المسألة.
فطلبت منك أن نبحث معنى " كلمة التوحيد " من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فقط ، فهذا كاف واف لمن أراد الحق .
لهذا سألتك : . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟

قولك : أتقصد أنهم أعاجم لا يعرفون معنى " لا إله إلا الله " في لغة العرب ؟
أقول : لا شك أن كثيراً ممن يدعي الإسلام اليوم لا يعرف معنى كلمة التوحيد كما يريدها الله . وسيظهر هذا في حوارنا . عندما ندخل في بيان معناها .
وكذلك لا شك أن كثيراً ممن ينتسب للإسلام اليوم لا يعرف معنى العبادة ولا يعرف ما هو الشرك . وسيظهر هذا في حوارنا أيضاً .
وليس فقط الأعاجم هو من لا يعرف معنى كلمة التوحيد والعبادة والشرك ، بل كثير ممن يدعي أنه من العرب ويتسمى باسم قبائل العرب لا يعرف ذلك أيضاً . بل قد نجد من الأعاجم من يفهم كلمة التوحيد والعبادة والشرك أكثر ممن يدعي العروبة .

قولك : " أم تقصد أنهم لا يعرفون معنى العبادة مع إقرارهم أن فعلهم لو كان عبادة فإنهم لا يصرفونه إلا الله ؟ فأجازوا بذلك عبادة غير الله ، مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله ؟ "
أقول : لم اقصد ذلك من كلامي ولكنك ما دمت سألت سأجيبك : نعم . الكثير منهم لا يعرف معنى العبادة ولا الشرك . ولو عرف معنى العبادة لما صرفها لغير الله جهلا . ولو عرف الشرك ما وقع فيه وما كان اعتقده . نعم أجازوا عبادة غير الله مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله . وهذا هو حال أهل الكتاب والكثير من المنتسبين للإسلام .

قولك : أم أنهم لا يعلمون كيف يعبدون الله ، مع إقرارهم أنه هو المستحق للعبادة لا غيره ؟ كما وقع لزيد بن عمرو بن نفيل إذ كان يقول : ( اللهم لو اني أعلم أحب الوجوه اليك لعبدتك به ، ولكني لا أعلم ؛ ثم يسجد على راحلته ) ؟
أقول : لا ليس هذا ما قصدته أيضا ً . ولكنك ما دمت سألت سأجيبك : ليس موضوعنا عن كيفية عبادة الله ، بل عن كيفية الابتعاد عن عبادة غير الله . فزيد بن عمرو بن نوفل كان يعرف كيفية عبادة غير الله ، لهذا كان يتجنب عبادة غير الله وكان يحكم على المشركين في زمنه أنهم غير موحدين وليس على دين إبراهيم لأنهم يعبدون غير الله . وما كان يجهله هو كيفية عبادة الله بالشكل الصحيح ، لأن هذا يحتاج لرسول .

قولك : ثم ما وجه الصعوبة في فهم هذه الكلمة لمن فهم منطوقها لغة ؟ هل لك أن تبيّن لنا ؟
أقول : لا يوجد صعوبة في فهم معنى كلمة التوحيد لمن أراد فهمها . لأن الله سبحانه وتعالى بينها أفضل بيان وأوضحه في كتابه الكريم وبينها رسوله عليه الصلاة والسلام أيضاً . وفرض على كل مكلف معرفتها والإيمان والعمل بها . ومن يفهم اللغة العربية يستطيع فهمها كما يريدها الله ، لهذا فهمها عرب قريش عندما خوطبوا بها . وهذا هو سبب رفضهم لها .

قولك : وأنا أقول لك : من فهم معنى لا إله إلا الله لغة ، ثم صدّق بها وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين .
أقول : ماذا تقصد من قولك " وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين ." ؟
هل تقصد آمن بها كما فهما هو وليس كما هو معناها الحقيقي ؟ أم تقصد بعد أن فهمها كما تقضيه اللغة العربية ؟

قولك : أما من لا يفهم معناها لغة ، فهذا أعجمي ، أو أحمق ؛ يستلزم ذلك إفهامه معنى تلك الكلمة في لغة العرب .
أقول : لا . ليس من لا يفهم معناها أعجمي أو أحمق فقط ، بل قد يكون يدعي العروبة والمشيخة والعلم بالدين ولا يعرف معناها . وسيظهر ذلك في حوارنا .
سؤالي لك هنا : ما حكم من نطق وأقر بها وهو لا يعرف معناها ؟
أو ما حكم من نطق وأقر بها وهو يفعل ما ينقضها ويهدمها ؟
وماذا تقصد من لزوم إفهامه معناها ؟ هل ليكتمل إسلامه أم ليتحقق ؟

قولك : أما قولك من هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ، فلا أظن أن هذا يفيد في المسائل العقدية .. سواء أكان أول من استعمله زيد أو عمرو ، ما يؤثر ذلك في دين الناس ؟ هل يقوم به أي حكم شرعي ؟
والعبرة في هذا المصطلح ( أي : أصل الدين ) هو بصحته وموافقته للأدلة الشرعية ، لا بأول من استعمله .

أقول : لمعرفة معنى أي مصطلح وضعه العلماء ، غير موجود في القرآن والسنة ، لا بد من معرفة من وضع المصطلح وما قصد من هذا المصطلح ، حتى نستطيع استعماله بالشكل الصحيح فلا نُدخل فيه ما ليس منه ولا نخرج منه ما هو منه . وحتى لا نضع له أركاناً ولوازم حسب أفهامنا وأهوائنا ونلزم بها غيرنا .
ولا يخفى على المطلع على أفكار الطوائف التي تدعي الإسلام ما سببه عدم فهم مصطلح " العقيدة " من أخطاء . فمصطلح العقيدة مصطلح غير موجود في القرآن والسنة وكلام الصحابة. وضعه العلماء لتبسيط شرح بعض المسائل . فنتج عن عدم فهمه أمور كثيرة تخالف التوحيد والدين .

قولك : لأن هذا أمر الله - تعالى - أولاً ،قال تعالى :{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ }
وثانياً : هو حق الله - تعالى - على الناس . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً »‏
وأخيراً ، هذا من موجبات العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وبين الرازق والمرزوق ، وبين المنان والممنون ، وبين المالك والمملوك .. وما إلى ذلك .. قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة : 21]
وقال أيضاً : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56]

أقول : أليس إذن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئا هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله .. ؟
لهذا بعد أن قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " قال : " ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟
هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟ والله سبحانه وتعالى يحكم على من أشرك به شيئاً أنه ليس في دين الله القيم . ؟

قولك : كيف لا يعرف كيف يوحد الله ؟ إما أنه لم يفهم مدلول " لا إله إلا الله " لغةً لأعجميته ، أو أنه لا يعرف معنى العبادة ، فيصرف لغير الله عبادة يظنها ليست بعبادة ..
فأيهما تعني ؟
فإن قلت لا يفهم معناها لغة ، أقول : نشرح له ما تعني هذه الكلمة في العربية ، فإن فهمها وصدّق بهذا المعنى وآمن به ، فقد دخل الإسلام وصار موحداً .
وإن قلت لا يفهم معنى العبادة ، فهذا أيضاً متعلق باللغة .. إن لم يفهم معناها لغة لم يفهم معناها شرعاً

أقول : أنا اقصد من لا يعرف معنى كلمة التوحيد سواء كان أعجمياً أو عربياً ، ويعتقد الشرك الأكبر ويظن أنه يحسن صنعاً . هل مثل هذا نحكم عليه بالإسلام بمجرد تلفظه كلمة التوحيد ثم نعلمه معنى كلمة التوحيد أم لا نحكم بإسلامه حتى ولو ادعى ذلك حتى نعلمه كلمة التوحيد ويقر بهذا المعنى ؟
حسب ما فهمته من جوابك أننا لا نحكم عليه بدخوله الإسلام وبأنه من أهل التوحيد ولو ادعى ذلك وظن أنه على دين الإسلام ودين التوحيد ، حتى يفهم معنى كلمة التوحيد ويصدق ويقر ويؤمن بهذا المعنى . هل ما فهمته من كلامك صحيح ؟

قولك : فإما أن تتكلم معي عن أعجمي لا يفقه قولاً ، أو عن عربيّ يفهم معاني الألفاظ .. ما رأيك ؟
أقول : يا أبا شعيب ليس كل من يدعي أنه عربي اليوم يفهم لغة العرب . وما أظن أن هذا يخفى عليك .

قولك : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة) .
أقول : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟

قولك : نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؛ فإن كان شركاً أكبر ، ولم يوجد ما يُعذر به من موانع التكفير ، فقد حقّ عليه الخروج من الإسلام .. وإن كان أصغر ، فهو موحّد ناقص التوحيد
أقول : عندما يطلق لفظ شرك ومشرك بدون أن يخصص يقصد به الشرك الأكبر . لهذا لا داعي لتحديد أي الشرك أقصد من كلامي إلا إذا حددت أنه الشرك الأصغر .
تقول : " نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ." كيف يعني نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؟!
هل تقصد أنه أصبح مشركاً بهذا الفعل ؟
أم تقصد أنه في فعله هذا مشرك ولكن حكم الإسلام عنه لم يرفع حتى نقيم عليه الحجة ونتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟ ( أنتبه نحن لا نتحدث عن المكره )
إذا كنت تقصد هذا المعنى فما هو دليلك عليه من الكتاب والسنة . ؟
ثم ما هي هذه الأعذار التي تمنع من الحكم بمشرك غير موحد غير مسلم على من فعل الشرك الأكبر مختاراً قاصداً لفعله ؟
ومن أين جئت بتعبير أن من فعل الشرك الأكبر ، يحكم عليه بأنه مشرك في فعله ولا يخرج من الإسلام حتى تقام عليه الحجة ويتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟
هل عندك دليل من كتاب الله وسنته على ذلك ؟
وهل ما تقوله ينطبق على أناس معينين أم على كل الناس ؟ وإذا فرقت فما هو الدليل ؟

قولك : نعلمه معنى العبادة لغة ، ولو شئت لأفضت عليه بالأدلة الشرعية والعقلية حتى يفهم .
فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم .

أقول : أنا لا أسألك عن رغبتي ورغبتك ، أسالك عن ما هو الضروري فعله حتى نحكم عليه بدخوله الإسلام .
فإذا لم تعلمه معنى العبادة لغة أو لم يعرفها لغة وعبد غير الله جهلاً وادعى أنه يعبد الله وحده وأنه من الموحدين وعلى دين الإسلام فهل نقبل منه هذا الإدعاء ؟
نحن لا نتحدث يا أبا شعيب عن كفار قريش الذي نزل القرآن بلغتهم ، نحن نتحدث عن الناس اليوم عربهم وعجمهم .

قولك : كيف يقر بأنه لن يعبد إلا الله .. ثم هو لا يفهم معنى كلامه هو ؟؟
هل هو أعجمي لا يفهم العربية ؟ أو أحمق لا يفهم معنى الألفاظ ؟ يقول لن أعبد إلا الله ، وهو لا يفهم معنى العبادة ؟؟
كمن يقول : لن أشرب إلا الماء ، وهو لا يعرف معنى الشرب !!
ما هذا التناقض ؟

أقول : مثل هؤلاء كانوا موجودين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثر الناس في زمننا منهم .
ألم يدع اليهود والنصارى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم وحدوا الله في العبادة وهم واقعين في الشرك الأكبر ؟ هل مثل هؤلاء يفهم معنى العبادة ومعنى الشرك .؟
ألا يقول النصارى : أب ، ابن ، روح القدس ، إله واحد .
ألم يتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وهم مع ذلك يقولون أنهم على دين التوحيد ؟
وأمثالهم كثير في زمننا ممن يدعي الإسلام والتوحيد .
بل نجد ما هو محسوب من علماء المسلمين أو علامة عصره من يفتي بفعل الشرك الأكبر تقرباً إلى الله وهو يعتقد أنه واجب شرعي .
ألم يُفتِ القرضاوي علامة عصره ، وعبد الخالق الكويتي إمام السلفية في الكويت وغيرهم كثير ممن يوصفون بعلماء الأمة بوجوب دخول البرلمانات الشركية وجواز القَسم على القرآن لاحترام قوانين الطاغوت ؟ هل مثل هؤلاء يفهم معنى التوحيد والعبادة والكفر بالطاغوت ؟ ناهيك عن أتباعهم .
يا أبا شعيب : إذا رأينا من يشرب الماء وهو يقول أنا لا أشرب الماء فماذا نحكم عليه ؟
نقول : إما أنه لا يعرف معنى الشرب أو كاذب .
ومن يقل لن أشرب إلا الماء وهو يشرب الوسكي ماذا نحكم عليه ؟
نقول : إما أنه لا يعرف معنى الشرب أو لم يعرف معنى الماء واعتقد أن الوسكي ماءً . والقول بأنه لم يعرف معنى الماء أقرب للحقيقة .
وكذلك من رأيناه يعبد غير الله وهو مع ذلك يقول أنا لا أعبد غير الله ، نحكم عليه إما بأنه لا يعرف معنى العبادة أو أنه كاذب مخادع . وكلاهما لا يحكم بإسلامه وتوحيده .

قولك : أقول له : أنت مجنون أو مختل عقلياً .
أقول : يا سبحان الله !
ألم تقل يا أبا شعيب : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً ."
أنت هنا تقول يكفيه أن يعتقد ذلك وتحكم عليه بأنه مسلم جاهل .
ثم بعد سؤالي عن نفس الحالة ولكن بمثال آخر ، حكمت عليه أنه مجنون مختل عقلياً .
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .
وعندما سألتك عمن أعلن إسلامه وانتمى لدين الإسلام ولكنه داوم على شركه معتقداً بطلان هذا الشرك وأبغض نفسه لفعلها هذا الشرك ، لأنه ظن كما قلتَ أنت : أن نبذ الشرك ، والكفر بكل ما يعبد من دون الله يعني : أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . قلت عنه أنه مجنون أو مختل عقلياً .
وضح هداك الله ما الفرق فلعله غاب عني شيئاً ، لأني أرى تناقضاً في كلامك .

قولك : يعني لا يوجد دليل شرعي واحد ينص على أن قولنا فلان كافر أو مشرك هو شرط لدخول الإسلام .
أقول : وماذا يعني عندك الكفر بالطاغوت ، والكفر بما يعبد من دون الله ، وقول إبراهيم عليه السلام " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ " ؟

قولك : " جعلها من أصل الدين بناء على قاعدة فقهية نص عليها العلماء وهي : من لا يكفر الكافر فهو كافر .. وقد بنوا هذه القاعدة الفقهية على قاعدة شرعية تنص على أن من ردّ حكماً شرعياً أقرّه الله في كتابه ، أو رسوله في سنته ، فهو كافر .
ومن هذا المنطلق جعل الشيخ محمد - رحمه الله - هذه القاعدة من أصل الدين الذي لا يمكن أن يدخل المرء الإسلام بدونه .. فأخطأ فهم مبنى هذه القاعدة أولاً ، ثم بنى على هذا الفهم الخاطئ خطأ آخر ، فأدرجها في أصل الدين ."

أقول : أين يوجد يا أبا شعيب في كلام محمد بن عبد الوهاب أنه بعد ذكره أن تكفير المشرك من أصل الدين استدل على ذلك بقاعدة " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟
ألا يدل كلامك هذا على أن محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد لم يفهموا أصل الدين لأنهم أدخلوا فيه ما ليس منه .؟
وألا يدل أيضاً أنهم لم يفهموا تطبيقات قاعدة " " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟

قولك : أما هل عنده دليل ؟ كل مخطئ ومصيب من هذه الأمة عنده دليل ، ولا أظن أن الكلام عن الدعوة النجدية وأدلتها ، والاعتبار في منهجها في فهم النصوص وما إلى ذلك ، لا أظن أنه سيفيد طرحنا هنا ، بل سيشتته ويخرجه عن محوره الذي فتحنى هذا الحوار من أجله .
أقول : أنا اقصد من الدليل هنا قرآن أو سنة ، لأننا نتحدث عن أصل الدين ، أو عن ما هو القدر الأدنى الذي يجب تحققه حتى يدخل العبد الإسلام . فمثل هذا الموضوع لا يقبل فيه إلا دليل قطعي الدلالة قطعي الثبوت .
هذا ، ولست أنا من ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة النجدية . وأنا لا أطلب منك أن نناقش منهج محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد فهذا ليس مكانه هنا . وإنما سألتك لأستوضح . وطلبت منك أن تثبت إدعاءك بحقهم دون أن نشتت الموضوع .

قولك : " أما إن كنت أن تقوم مقام الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وتثبت أن التكفير من أصل الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به ، وأنه يلزم أجهل خلق الله فضلاً عن ذوي الفهم ليدخلوا الإسلام ، فلك ذلك .. واعرض لنا أدلتك حتى نناقشها "
أقول : أنا لا أقوم مقام أحد . أنا أقوم مقام ديني وسأبينه لك مع أدلته من الكتاب والسنة فقط . وأعتقد أن ما قلتَه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد غير صحيح ، لهذا دعوتك لإثباته بدليل واحد فقط ، ولا أظنك تستطيع . وبعد أن استوضح منك عقيدتك ، سأخبرك بأدلة عقيدتي من الكتاب والسنة وبأدلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الكتاب والسنة . ونناقش هذه الأدلة هنا . بدون أن ندخل بتفرعات تشتت الموضوع .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-22-2012, 09:29 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : يكفي أن يسميهم ضالين ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام : 74]
أو يسميهم فاسقين ، كما قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة : 25]
أو مبطلين ، كما قال تعالى : { وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } [الجاثية : 27]
يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام .

أقول : هل يكفي أيضاً أن نصفهم بأنهم مخطئين مثلا ؟!!
كما قال تعالى عن فرعون وهامان وجنودهما . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "
وإذا وصفناهم بأنهم ضالين أو فاسقين أو مبطلين فما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال ؟
وهل وصفنا للمشركين مع الله بأنهم في ضلال مبين كوصف إخوة يوسف لأبيهم أنه في ضلال مبين ؟
قال تعالى : إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "
ثم أليس التضليل والتفسيق أحكام شرعية ؟
لماذا فرقت بينها وبين التكفير مع أنها كلها أحكام شرعية ؟
ماذا تفهم من قوله تعالى : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " ؟
هل البراءة منهم تعني البراءة من فعلهم فقط مع أن اللفظ في الآية واضح جداً " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ "؟ وهل في لغة العرب ما يدل على ذلك ؟ ألا يوجد فرق باللغة العربية بين لفظ " منكم " ومن فعلكم " ؟ لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخطا خالد ابن الوليد : " إني أبرأ من خالد " وقال : " إني أبرا مما فعل خالد " ؟
وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟
وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟ وفيه لفظ : " بكم " ألا يوجد فرق في اللغة بين " كفرنا بكم " وبين " كفرنا بأفعالكم "
يا رجل بالله عليك بأي لغة تفهم آيات الله ؟
قولك : ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم .
فعلى المسلم أن يعتقد أن الواقع في الشرك : على باطل وضلال وفسق ، لا يرضاه الله ، وهو متبع للشيطان في ذلك ، وعلى سخط من الله .. فإن اعتقد ذلك ، فهو مسلم . وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .

أقول : الحكم على الأفعال من الناحية الشرعية هو كالحكم على الأشخاص يحتاج لدليل شرعي . فلماذا شرطت في الثانية الدليل الشرعي ولم تشترط في الأولى .؟
وما يمنع من دخل التوحيد أن يحكم على شخص وعين من لا يعتقد اعتقاده أنه غير موحد . ؟
وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد .
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟
قولك : وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .
أقول : ها أنت تحكم بكفره إذا اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون جهلاً .
فهو ظن أن فعلهم لا يغضب الله بل يرضاه ، فلماذا هذا تكفره ولا تقيم عليه الحجة ولا تتحقق من شروط وموانع التكفير فيه مع أنه جاهل . ؟
وكذلك حال من يدعي الإسلام مع فعله الشرك الأكبر ( كدخول البلمانات الشركية أو التحاكم لغير شرع الله ) يعتقد صلاح فعله وأنه بفعله دخول البرلمانات الشركية من المصلحين المجاهدين . فلماذا لا تحكم عليه بالكفر والشرك وتعذره بجهله وتأويله أو تعذر من يعذره .؟
تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .
قولك : يحكم عليه أنه ليس على دينه فيما يفعله من باطل .
أقول : يعني لو لم يفعل أي شيء من الباطل سيحكم عليه أنه على دينه أم ماذا سيحكم ؟
أنت يا أبا شعيب هنا جعلت كل الأحكام على الأفعال ؟ فما الدليل على ذلك من القرآن والسنة ؟
ألا يوجد عندك أحكام على الأشخاص المعينين ؟
مثال : لو لم يدعوا غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟
قولك : كأن يقول : فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان ..
أقول : يعني يقول فلان بدعائه غير الله على غير دين الإسلام ، ولكن إذا سئل هل تكفره على هذا بعينه ، يجب عليه أن يقول لا أكفره حتى أقيم عليه الحجة وأتحقق من شروط وموانع التكفير . وهذا يحتاج لقضاء .
أسالك : ما هذه الحجة التي ستقيمها عليه ؟ وما هذه الشروط التي ستتحقق منها ؟
هل ستفهمه أن دعاء غير الله شرك ؟ بماذا ستفهمه ذلك أليس بآيات الله وسنة رسوله ؟
أليس آيات الله وسنة رسوله متيسرة له ليطلع عليها ؟
وإذا فهَّمته ذلك ورفض ما قلته له ، فماذا تحكم عليه ؟ وماذا تحكم على من حكم عليه بالإسلام رغم ذلك ؟

طيب إذا كان يكفي أن نقول فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ولكن لا يجوز تكفيره حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع . ما دام الأمر هكذا فلنا إذاً أن نقول عن مشركي العرب بعبادتهم الأصنام ليسوا على دين الإسلام ولكن لا نحكم عليهم بالشرك أو الكفر حتى نقيم عليهم الحجة وتتحقق فيهم شروط وتنتفي موانع . وكذلك القول في النصارى واليهود والمجوس والدروز والعلوين والهندوز والبوذين ووو
قولك : " كما يقول أيضاً للفاسق : فلان بفسقه على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان "
أقول : ألا يدل كلامك هذا أنك سويت بين الشرك الأكبر والمعصية ؟ وقد فرق الله بينهما في محكم كتابه .
" فلان بشركه على غير دين الإسلام " مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "
قولك : بلى .. مع عدم إغفال أن المشركين أنفسهم لديهم بعض جوانب التوحيد التي لا تنفعهم وانتقضت بسبب تلبسهم بالشرك .. قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
أقول : هل قولك : بلى ، هنا إقرار بأنه إذا لم يقل ذلك لا يصح توحيده أم ماذا ؟
ثم أنت هنا تحكم على من عنده جانب من جوانب التوحيد بالشرك وانتقاض توحيده ، حكم على التعيين لأنه تلبس بالشرك ، ولا تعذره بالجهل ، ولا تشترط أقامة الحجة عليه أو تحقق شروط وانتفاء موانع التكفير بينما تشترط كل هذا فيمن انتسب للإسلام . لماذا ؟ هل عندك دليل واحد على التفريق ؟

قولك : قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان .
أقول : ما دليلك على أن الحكم بمقتضى الاعتقاد راجع على الفعل وليس على الفاعل ؟
ومتى ترجع الأحكام على الفاعل ؟ أم أنها لا ترجع أبداً عندك ؟

قولك : فقول المرء : من لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ، معناه : كل اعتقاد خالف معتقدي فهو غير الإسلام .. أي باطل .
أقول : كيف فهمت من قول " ليس بمسلم " يعني الحكم على الفعل وليس على الشخص ؟
إذن ستفهم من كل آية أو حديث ذُكر فيها ليس مسلم أو كافر ، يعني الحكم على الفعل ، يعني الفعل هو الذي على غير الإسلام ، أما فاعل هذا الفعل فلا يقال أنه على غير الإسلام بعينه .
هل هكذا تفهم عبارات اللغة العربية ؟ فمتى وكيف سنفهم أن لفظ ليس بمسلم أو كافر أو مشرك تعني الشخص المعين وليس العمل فقط ؟

قولك : قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62]
وقال أيضاً : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

أقول: أتفهم من قول الباطل والضلال في الآيات هو الحكم على الفعل فقط ولا علاقة لها بالشخص المعين ؟
إذن كلمة الحق في الآيات لا تعني الذات الإلاهية وإنما فُعلها . مع أن لفظ الآية هو :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ "
هذا وكلمة " على باطل " وصف للمعين وليس وصف للفعل . نقول فلان على باطل .
وهكذا حكمنا على فعل الشرك وفاعله نقول عن الفعل شرك وعن الفاعل " على شرك " يعني مشرك . فكل من هو على الشرك ، مشرك ، كما أن كل من هو على التوحيد موحد .
ولا يقال أن قولنا "على الشرك " نقصد به الفعل وليس الفاعل ، أو قولنا " مشرك " نقصد به العمل وليس الشخص ذاته . فهذا لا يستقيم بلغة العرب .
وكذلك لا يقال أن قولنا "على التوحيد " نقصد به الفعل وليس الفاعل .
وكذلك قولنا " على الإسلام " لا يقال نقصد به الفعل وليس الفاعل . فكل ما على الإسلام مسلم وكل ما على غير الإسلام كافر خارج من الملة
وهذه الألفاظ لا تستعمل للحكم على الفعل في لغة العرب بل للحكم على الفاعل ووصفه .

قولك : أما طلبي للأدلة القطعية ، فهو في تكفير من لا يقول عن بعض المشركين : مشركين ، بل يسميهم ضالين أو مبطلين أو فاسقين ، بسبب جهله للحكم الشرعي ، أو غبائه ، أو تأويله .. ما الدليل من القرآن والسنة على تكفير مثل هذا ؟؟ أم لا دليل عندكم سوى العقل ؟
أقول : الأدلة على ذلك من القرآن والسنة كثيرة وليس العقل وحده هو الدليل .وسنأتي على هذه المسألة لاحقا بإذن الله بعدما نعرف ما حكم من تلبس بالشرك الأكبر ونتفق على مفهوم بعض الألفاظ والاصطلاحات .

قولك : مثالك ليس عملياً ولا وجه له .
أقول : لماذا ليس عملياً ولا وجه له ؟
قولك : فإنه لو سألنا عن حكمه الشرعي عندما كان كافراً ، فلا وجه لأن نقول له دعك الآن من هذا .. بل جوابه هو كجواب من سأل عن أية مسألة شرعية ، سنقول له : كنت كافراً مشركاً ، ثم منّ الله عليك بالإسلام .
أقول : لو لم نقل له ذلك وقلنا له كما هو في المثال ما حكمنا ؟
لو سأل هذا السؤال لشخص دخل الإسلام من جديد وأجابه نفس الجواب فماذا حكمه ؟

قولك : ستقول لي كيف عرفت أنا هذا الحكم ؟ سأقول لك : من الكتاب والسنة .. سمى الله مثله كافرين مشركين ، ونحن أسميناه كذلك .
أقول : وهل الآيات والآحاديث التي تسمي من كان مثله ، مشرك أو غير مسلم أو غير موحد ليس لها علاقة بأصل الدين وكيفية دخول الإسلام ؟
ألم يفهم مشركي قريش من أول كلمة دعاهم إليها رسول الله أنهم ليسوا على دين الله ؟

تقول : ستقول لي : وهل يلزمه أن يعتقد أنه كان يُسمى عند الله تعالى كافراً مشركاً ؟؟
أقول لك لا يلزمه ذلك ، بل يلزمه فقط أن يعتقد أنه كان مبطلاً فاسقاً متبعاً للشيطان ، على غير دين الله تعالى بأفعاله الشركية تلك .. أما مجرد التسمية فإن المكلّف غير مطالب بها ليدخل الإسلام .

أقول : يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول .

تقول : الآن جاء دوري لأسألك :

1- لقد بيّن الله - عز وجل - ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالحون - رضي الله عنهم - ، التوحيد أتم بيان ، ولم يتركوا شاردة ولا واردة ، لا دقيقة ولا جليلة ، لا صغيرة ولا كبيرة ، من مسائل التوحيد ، إلا وذكروها وبينوها أتم بيان ، وأحسن تفصيل .

لماذا لا نجد نصّاً واحداً في القرآن والسنة ومن أقوال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر لمسألة تكفير المشركين وأنها من أصل الدين الذي لا يدخل المرء في الإسلام حتى يأتي به ويضبطه ولا يخطئ فيه ؟؟

أقول : ليس السلف الصالح وحدهم هم الذين بينوا لنا التوحيد أتم بيان بل القرآن الكريم والسنة الصحيحة أيضا بينت لنا التوحيد أتم بيان وأحسن تفصيل . والقرآن كله في التوحيد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى في مكة ثلاثة عشرة سنه يدعو للتوحيد فقط ثم في المدينة عندما نزلت الشرائع أيضا كان يبين التوحيد مع الشرائع عشرة سنين حتى توفاه الله .
وبيان التوحيد يقتضي بيان الشرك لأن النقيض يعرف بنقيضه أو الضد يعرفه بضده . فبقدر ما يبين التوحيد بقدر ما يبين الشرك . فلا يقال أنه لا يوجد في القرآن أو السنة بيان للشرك والمشرك .
ولا يقال لا نجد في كتاب الله وسنة رسوله وكلام السلف الصالح دليلاً واحداً على تكفير المشركين وأنها من أصل الدين بل الأدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة وفي كلام السلف الصالح . فكل أية أو حديث يبين التوحيد وحكمه هو دليل بحد ذاته على بيان الشرك وحكمه . لأنه كما قلنا تعرف الأمور بأضدادها .
فمن عرف التوحيد عرف الشرك ومن عرف الموحد عرف المشرك . ومن لم يعرف الشرك لم يعرف التوحيد ، ومن لم يعرف حكم الشرك لا يعرف حكم التوحيد . ومن لم يعرف كيف يدخل العبد الإسلام لا يستطيع أن يدخل الإسلام ، ومن عرف كيف يدخل العبد الإسلام يعرف من لم يدخل الإسلام بعد ..
فلا يقال موحد ومشرك ، لأنهما لا يجتمعان ، لا يجتمع في قلب رجل واحد شرك أكبر وتوحيد . هذا يعرفه كل من يعرف التوحيد ويعرف الشرك . ويكفي من أصل الدين أن يعرف من وحد الله ، أنه من فعل الشرك الأكبر ليس بموحد بل مشرك ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يسميه كافر . المهم أن لا يسميه مسلم ويسميه مشرك غير موحد ولا يدخله بدين الإسلام والتوحيد ، هذا هو الحد الأدنى المطلوب في هذه النقطة . ولا يقال حكم تكفير المشركين . لأن كلمة " مشرك " وصف وحكم للشخص المعين وليس للفعل . الفعل هو الشرك ، لهذا ممكن أن يقال : " ما حكم من فعل الشرك " ويقال :" ما حكم أسلمة المشرك " ولا يقال : ما حكم تكفير المشرك ؟ إلا إذا قصد من التكفير شيء آخر غير حكم المشرك . كان يقصد الكفر المعذب عليه . لأن كلمة " المشرك " وصف وحكم على الشخص المعين .
هذا والأدلة على حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر كثيرة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة . منها :
قال تعالى : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (الزمر : 65)
وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48)
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " (المائدة : 72)

قولك : لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - مسائل بدهية في التوحيد ، كمسائل الحب والبغض والولاء والبراء والإخلاص واليقين وما إلى ذلك ، ولم يتركنا لعقولنا لتقرير هذه المسائل ، بل بيّنها في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بأدلة واضحة صريحة بيّنة ، مع أن هذه المسائل تقررها عقول أغبى الناس ، ولكنه لم يتركهم دون بيان في هذه المسائل العظام ، إمعاناً في إقامة الحجة ، وحتى لا يختلف من بعدهم .. ولم يأت ذكر مسألة التكفير هذه في أي نصّ شرعي يجعله من أصول الإيمان والاعتقاد !
أقول : لم يتركنا الله سبحانه وتعالى بدون بيان واف لهذه المسائل العظام ، بل بينها بأوضح وأصرح بيان كما بين التوحيد . ونحن نتحدث عن حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر . ولا نتحدث عن حكم المشرك لأن كلمة مشرك حكم على الشخص ، والفعل هو الشرك . وكل من يفهم اللغة العربية يعرف أن من فعل الشرك مشرك ، فالشرك فعل ، والمشرك اسم الفاعل . ولا يوجد فعل بدون فاعل .والمشرك ليس موحد . ومن ليس موحد ليس مسلم .
ولا يشترط لمن أراد دخول الدين أن يَعرف أن المشرك كافر أو غير كافر .بالمعنى اللغوي للكفر أو الكفر المعذب عليه .يكفيه أن يعرف أنه مشرك وغير موحد ، وأنه ليس على دين الله . وهذا سيعرفه ولا بد إن عرف التوحيد وعرف دين الله . أما معرفته ماذا يترتب عليه أن يفعل حيال هذا المشرك . فأقول : الأفعال التي يجب فعلها تجاه المشرك منها ما هو من أصل الدين يجب أن يعرفها قبل أو مع دخوله للدين ومنها ما سيعرفها بعد دخوله الدين ، فمثلا : يجب أن يعرف أن المشرك ليس موحداً ولا مسلماً ، وأنه ليس في دين محمد صلى الله وسلم . ولا يقال يجب فقط أن يعرف أنه على باطل وضلال بفعله ، فهذا لا يقوله من يعرف لغة العرب .
ومن الأمور التي سيعرفها بحق المشرك بعد دخوله الإسلام مثل : عدم تزويجه أو الزواج منه ، عدم أكل ذبيحته .

قولك : يعني باختصار ، ما أفهمه من كلامك هو : أن الله - تعالى - أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي الذي لم يظهر كشرط من شروط الإيمان إلا في القرن الثاني عشر الهجري !! وطوال هذه القرون كانت هذه المسألة خافية على الجميع ، لا تُذكر في كتب الفقه بالتفصيل والتقعيد الذي تقولون به .
لاحظ أننا نتكلم عن مسألة أصولية لا فرعية ، هي من شروط الشهادتين ، من لا يأتي بها فهو كافر .

أقول : من أين فهمت من كلامي أنني أقول : أن الله أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي ؟
يا رجل لا تقولني ما لم أقله ولا تفهم من كلامي ما يحلو لك ؟ فأنا أسألك حتى عن الواضح من كلامك حتى لا أقولك ما لم تقل وحتى لا ألزمك بلازم قولك حتى تلتزمه .
ثم من قال لك أن الحكم على المشرك بأنه ليس على دين الله وأنه غير مسلم أو غير موحد كشرط لدخول الإسلام ، لم يظهر إلا في القرن الثاني عشر الهجري وأنه كان خافياً على الجميع قبل هذا .؟
أقول لك : إنَّ هذا كان ظاهراً وموجوداً من أول يوم دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوحيد . والقرآن والسنة مليئان بالأدلة على ذلك . وسيأتي بيانها أكثر لاحقاً بعون الله .

قولك : رجل مسلم تقرر عنده أن الله - تعالى - حرّم السرقة ، ثم هو رأى سارقاً يسرق ، فقال : لا أسميه سارقاً حتى أقيم عليه الحجة في أن السرقة حرام ، لظنه أن الاسم لا يلحق الفاعل حتى تقام عليه الحجة في جميع المسائل .. مع كونه يُسمى سارقاً لغة وعقلاً ، حتى لو كان جاهلاً بالحكم الشرعي .
سؤالي هو : هل مثل هذا الذي خالف ضرورة اللغة والعقل كافر ؟
أرجو أن تجيب على قدر السؤال .

أقول : لا ليس كافراً ولا عاصياً . لأن حكم فعل السرقة وحكم فاعله لا يُعرفا إلا بالشرع .
فهو رأى فعلاً وهو أخذ مال الغير.ولا بد له أن يقول هذا أخذ لمال الغير وفاعله آخذ لمال الغير . لأن أخذ مال الغير ممكن أن يكون سرقة وممكن أن يكون غنيمة . وممكن أن يكون عملاً مشروعاً . ويكفيه أن يصف الفعل والفاعل . والشرع بعد ذلك يحدد هل هذا الأخذ سرقة أم غنيمة أم حق له أخذه . أما إذا حكم على الفعل من الناحية الشرعية بأنه سرقة فلا بد أن يحكم على الفاعل بأنه سارق . لأن الفعل سرقة ، اسم الفاعل له سارق . أما إن قال ثبت أنه سرق ولكن حتى أعطيه حكم السارق لا بد لي أن أقيم عليه الحجة بحرمة السرقة .
وهذا كان حال الجارية التي زنت في زمن عمر ابن الخطاب وهي لا تعرف ما هو الزنا وما حكمه ، ولكنها أقرت بالفعل وهو الوطء أو الجماع بدون تردد . فلم يحكم عليها بالزنا ولا وصفت بأنها زانية .
مثال آخر : رأى رجل يجامع امرأة .هل يستطيع أن يحكم على هذا الفعل بأنه زنا وأن فاعله زاني ؟ لا طبعاً . يجب أن يتحرى حكم الفعل عند الله فإذا كان حكم الفعل زنا يجب عليه أن يحكم على فاعله أنه زاني . ولا يقول من يفهم اللغة العربية هذا الفعل زنا ولكن لا إسمي فاعله زاني . فهذا إنكار للحكم الشرعي للفعل .
لكنه لو رأى رجلاً يعبد غير الله مختاراً فيجب عليه أن يصفه بأنه شرك ويصف فاعله بأنه مشرك إن كان يعرف ما هو الشرك والمشرك . أما إن قال : هذا فَعل الشرك الأكبر ولكنه موحد ، أو هو مشرك ولكنه باقٍ في دين الله ، أو قال : هو مشرك ولكنه يبقى مسلماً موحداً حتى نقيم عليه الحجة أو تتحقق فيه شروط وتنتفي موانع . فهو لا يعرف التوحيد ولا الموحد ولا يعرف كيف يدخل العبد الإسلام .
هذا وله إن رأى شخصاً يفعل فعلاً يشابه الشرك ولكنه غير متأكد من أنه شرك ، له في هذه الحالة أن لا يحكم على الفاعل بأنه مشرك حتى يتأكد أن فعله شرك أكبر .فمثلاً وجد شخصاً يسجد نحو صنم ، فلم يحكم عليه بأنه مشرك يعبد الصنم لأنه جعل احتمالا أن يكون الشخص أعمى لم ير الصنم وهو يصلي لله لا للصنم . فيجوز في هذه الحالة أن يتوقف فيه حتى يتبين مِن حاله .
أما إن ثبت عنده أنه يفعل الشرك مختاراً فلا يجوز أن يتوقف في الحكم عليه بأنه مشرك غير موحد
فإذا حكم عليه بالإسلام أو التوحيد مع تيقنه أنه فعل الشرك الأكبر مختاراً فهذا لم يعرف الإسلام ولم يعرف التوحيد .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-29-2012, 11:51 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

سألتك : " يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول . "
فأجبتَ : " يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) .
ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .
نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .
وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]
فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .
أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .
ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
يعني عندهم بعض إيمان (وهو حق) وعندهم بعض شرك (وهو باطل) .
فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر .
هذا ، والله أعلم "


أقول : الآن وضح قصدك من قولك " بفعله لم يكن على دين الله ." " بفعله كان عابداً للشيطان "
فأنت هنا وبشكل واضح لا تحكم على عين الشخص وإنما تحكم على فعله . أما الشخص عندك فيظل مسلماًً موحداًً ولو فعل الشرك الأكبر حتى تقام عليه الحجة .
وإليك الدليل من كلامك حتى لا تقول قولتني ما لم أقل : قلتًَ : " أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . "
وضربتَ مثالاً : " رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت ."
فرغم أنه تحاكم إلى الطاغوت ، لم تكفره كشخص معين وحكمت عليه بالتوحيد والإسلام لكونه لا يدعو إلا الله ، مع أنه ثابت عندك أنه تحاكم للطاغوت وأشرك بالله العظيم ، فلم تكفره كشخص حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك حكمه كشخص معين .
إذن أنت عقيدتك عدم تكفير المعين الذي فعل الشرك الأكبر ، وتحكم عليه بالإسلام ما دام يفعل أي فعل من أفعال الإسلام ، حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك كفره وشركه كشخص معين .
وقولك : " يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) ." والمثال الذي ضربته وقولك بعد المثال .
لأكبر دليل على أنك لم تحكم على الفاعل بداية بالشرك والخروج من دين التوحيد حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك غلبة شركه على توحيده . ولو حكمت بداية على الفاعل لما شرطت لتكفيره إقامة الحجة عليه لترجيح الغالب عليه .
هذه عقيدتك واضحة جلية من كلامك .
فلماذا تقول أنك تكفر من فعل الشرك الأكبر ولا تعذره بالجهل .؟
وما معنى قولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد "
أليس أنت باشتراطك قيام الحجة للحكم بالشرك على المعين الذي فعل الشرك الأكبر ، ماريت وخالفت العقل واللغة ، حسب قولك أنت نفسك ؟؟

قولك : ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .
نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .
وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]
فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .


أقول : سبحان الله : كيف عند الترجيح ؟ هل يبقى ترجيح بين عمل وعمل بعد فعل الشرك الأكبر ؟
تقول :"وعند الترجيح " وبعد ذلك تأتي بالآية الكريمة التي تبطل الترجيح .
يا رجل لا يقال في من تحاكم للطاغوت : " هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان "
بل يقال فيه ، لتحاكمه للطاغوت كما قال رب العباد : ليس مسلماً ولا مؤمناً ، بل إدعائه الإيمان مجرد زعم كاذب ، لأنه لو آمن بالله وحده لما آمن بالطاغوت بتحاكمه له .
فمن أعتقد أن الإسلام يجيز له التحاكم للطاغوت لم يدخل دين التوحيد ولم يحقق الشرط الأول لدخوله ، وهو الكفر بالطاغوت ، فكيف بعد ذلك ينظر بالترجيح بين عمله الشركي هذا - الذي ينقض أساس كلمة التوحيد ـ وأعماله التي تتفق مع الإسلام والتوحيد ؟
اقرأ قوله تعالى هذا وتدبر : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا "

قولك : " فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله ."

أقول : هل تقصد من هذا الكلام أن معرفة أن الشرك الأكبر ينقض التوحيد من أساسه لا تعرف إلا بالنص الشرعي لهذا تحتاج لإقامة حجة ؟

قولك : " أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .
ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] "


أقول : ثبت من كلامك هذا ، أنك لا تحكم على المعين بالشرك ونقض التوحيد ، مهما فعل من شرك أكبر ، حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك شركه على ما عنده من أعمال تتفق مع دين الإسلام .
وأن الجاهل الذي لا يعرف الترجيح في أحكام الكفر إذا ظل يحكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعلم أنه يفعل الشرك الأكبر ويحسنه ويدعو له ، لا يضره ذلك في توحيده ودينه شيئا .
أليس هذا الكلام يناقض كل ما قلته وشرطه في حق من يريد دخول الإسلام ؟
ألم تقل : " أن العبد لا يدخل الإسلام ولا يسمى موحداً : حتى يترك الشرك قلباً وقالباًَ ."
ألم تقل " وحكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم ."
ألم تقل "وأنا قلت من قبل إنه لا يدخل المرء في الإسلام حتى يوحد الله في عبادته ويترك الشرك "
وعندما سألتك عن من يريد دخول الإسلام : أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .
فقلتِ : بلى .

أما استشهادك على كلامك بأن المعين لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وأنه يمكن أن يجتمع في المسلم توحيد وشرك بالله بقوله تعالى :
" { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] "

فأقول : هذه الآية الكريمة دليل عليك وليس دليل لك .
فهذه الآية وصف لمشركي العرب . أنظر سباق وسياق الآية :
قال تعالى :" وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) "
جاء في تفسير ابن كثير : وقوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال ابن عباس: من إِيمانهم أنهم إِذا قيل لهم: من خلق السموات, ومن خلق الأرض, ومن خلق الجبال ؟ قالوا: الله, وهم مشركون به. وكذا قال مجاهد وعطاء وعكرمة والشعبي وقتادة والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم, وفي الصحيحين: أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك, تملكه وما ملك. وفي صحيح مسلم أنهم كانوا إِذا قالوا: لبيك لا شريك لك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد قد» أي حسب حسب , لا تزيدوا على هذا. وقال الله تعالى: {إِن الشرك لظلم عظيم} وهذا هو الشرك الأعظم يعبد مع الله غيره, كما في الصحيحين عن ابن مسعود قلت: يا رسول الله, أي الذنب أعظم ؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك».أهـ
وجاء في تفسير القرطبي
قوله تعالى: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" نزلت في قوم أقروا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها، وهم يعبدون الأوثان؛ قاله الحسن، ومجاهد وعامر الشعبي وأكثر المفسرين. وقال عكرمة هو قوله: "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" [الزخرف: 87] ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أندادا." اهـ
وجاء في تفسير الطبري
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَهُمْ مّشْرِكُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وما يقر أكثر هؤلاء الذين وصف عزّ وجلّ صفتهم بقوله: وكأيّنْ مِنْ آيَةٍ فِـي السّمَواتِ والأرْضِ يَـمْرّونَ عَلَـيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ بـالله, أنه خالقه ورازقه وخالق كلّ شيء, إلا وهم به مشركون فـي عبـادتهم الأوثان والأصنام, واتـخاذهم من دونه أربـابـا, وزعمهم أنه له ولدا, تعالـى الله عما يقولون.وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك . " اهـ
فهذه الآية الكريمة لا يفهم منها البتة أنه يمكن أن يجتمع في العبد ، توحيد وشرك أكبر ويظل موحداً مسلماً .
فهي تتحدث عن تصديق المشركين ببعض الأمور الإيمانية مع فعلهم الشرك الأكبر ،ولا تصفهم بالمسلمين الموحدين لأنهم يعتقدون بعض أفعال الإيمان .
فهي وصف لحال من حُكم على أشخاصهم وذواتهم بالشرك . مع وجود بعض مظاهر الإيمان والتوحيد عندهم . فهذه الآية دليل عليك لا لك . فهي تثبت أن الإيمان مع الشرك الأكبر لا ينفع . ولا يرفع اسم المشرك عنه ، ولو كان عنده من التوحيد والإيمان ما عنده . أما أنت ومن حكمت عليه بالإسلام فهمتموها عكس مفهومها . فهمتموها أن من كان عنده بعض مظاهر الإيمان والتوحيد وشرك أكبر ، لا يحكم على ذاته وشخصه بالشرك والكفر حتى تقام عليه الحجة وينظر في الترجيح بين إيمانه وشركه . ومن لا يستطع الترجيح يظل يُحكم عليه بالتوحيد والإسلام مهما طال حكمه بالإسلام على من فعل الشرك الأكبر وحسنه ودعا إليه ما دام عنده شيء من مظاهر التوحيد والإسلام .
ثم تدبر بعد هذه الآية ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
" وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " لا أنا ولا من أراد أن يكون من أتباعي نشرك بالله شيئاً ، فنحن لسنا من هؤلاء المشركين ولا هؤلاء المشركين منا . ونحن على بصيرة من ديننا ونعلم الموحد من المشرك . وندعو إلى توحيد الله وعدم الإشراك به شيئا .
هذا هو وصف أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .

قولك :" فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر ."

أقول : يعني من أعتقد بالناس أنهم إذا كان فيهم شي من الإسلام والإيمان وعلم أنهم يفعلون الشرك الأكبر ويحسنونه ويدعون إليه ، ولم يحكم عليهم بالشرك والكفر ، وحكم عليهم بالإسلام ، لعدم قدرته على الترجيح في الأحكام ، لا يكفر ويبقى على الإسلام والتوحيد . ؟؟!!
يعني لو حكم على مشركي العرب واليهود والنصارى وكل الطوائف الكافرة والمشركة ، بالإسلام والتوحيد ، لأن عندهم بعض شعائر الإيمان والتوحيد ، لا يكفر ما دام لا يستطيع أن يرجح بين الأحكام .؟؟!!
أيقول هذا الكلام من فهم أن دخول الإسلام لا يتحقق بدون ترك الشرك الأكبر .؟
أيقول بهذا الكلام من فهم كيف يدخل العبد الإسلام ويحقق أصل الدين وكلمة التوحيد . ؟
أيحكم بهذا الحكم من عرف كيف يدخل الإسلام ويحقق التوحيد وأصل الدين ؟
هذا الشخص لم يجهل كيفية الترجيح كما تقول أنت ، هذا الشخص يجهل معنى شهادة التوحيد وكيف تتحقق في العبد ، ويجهل كيف يدخل العبد الإسلام .
فما دام حقاً دخل الإسلام وعرف كيف تتحقق شهادة التوحيد وكيف يدخل بدين الإسلام ، فلا بد له أن يعرف حكم من عبد غير الله . ولا يترد لحظة واحدة في حكم من عبد غير الله بمجرد عرف عنه أنه مع شركه ، يفعل بعض مظاهر الإيمان والتوحيد .

قولك : يعني ما أفهمه من كل كلامك هو التالي :
أن الحكم بشرك المشرك هو من أصول الدين العظيمة التي لا يوجد دليل شرعي واحد يحضّ عليها صراحة ، ولا دليل شرعي واحد صريح يبيّن كفر من يخطئ فيه أو يجهله ، حتى لو اعتقد أن فعلهم باطل وضلال .
فخلاصة الكلام هنا هو : أن هذه مسألة استنباطية ، تُفهم من مجموع الأدلة ، ولا فيها نص صريح واضح يُكفّر من يجهل هذا الحكم .
وسنتكلم عن هذه المسألة ببعض إسهاب عند الحديث عن معنى تكفير المشرك - إن شاء الله - ، وأدنى ما يلزم المرء أن يعرفه من هذه المسألة حتى يدخل الإسلام .


أقول : مع الأسف : أنت لم تفهم كلامي .
ليس الحكم بخروج المشرك من دين التوحيد هو من أصول الدين العظيمة وحسب . بل الحكم بأن المشرك ، غير موحد ، هو من معنى كلمة شهادة التوحيد ومن أساس أصل الدين ، ولا يعرف التوحيد من لا يعرف هذا الحكم .
فلا يعرف التوحيد من لا يعرف أن من أشرك بالله الشرك الأكبر غير موحد ، بل هو مشرك .
فأي توحيد هذا الذي يعرفه وآمن به ، وهو يجهل أن التوحيد لا يجتمع مع الشرك الأكبر في قلب رجل واحد ؟
لا نقول له بداية ، يجب أن تعرف أن المشرك اسمه كافر ، أو يجب عليك أن تحكم عليه بالكفر ، وإذا لم تعرف هذا ، أو لم تحكم عليه بالكفر ، كفرناك ، كما فهمته أنت من كلامنا .
ما قلناه ونقوله وندين الله به : أن من دخل الإسلام بالشكل الصحيح ، وفهم شهادة التوحيد واعتقدها ، يجب أن يكون عارفا بأن من أشرك بالله الشرك الأكبر ، ليس موحداً بشخصه وعينه ، وليس بفعله فقط ، لأنه فهم من كلمة الشهادة أنه لا يحققها كشخص معين حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر كثيره ويسيره .
مثال بسيط يوضح المسألة :
إذا كان من المعلوم عند الشخص أنه لا يستطيع دخول الجامعة حتى ينهي الثانوية أو حتى يتعلم القرآءة والكتابة .
فسألناه عن شخص لا يعرف القراءة والكتابة ، أو لم يدرس إلا إلى المرحلة الابتدائية ، هل تحكم عليه أنه طالب جامعة لأنه يحمل بعض كتب الجامعة ؟
فقال - وهو يعلم أنه لا يعرف القراءة والكتابة أو يعرف أنه لم يصل إلا للمرحلة الابتدائية - نعم ما دام يحمل كتب الجامعة فهو طالب جامعي .
فقلنا له كلامك خطأ لأن هذا الشخص لا يعرف القراءة والكتابة أو لم ينه إلا المرحلة الإبتدائية وأنت تعرف ذلك ، فكيف حكمت عليه أنه طالب جامعي ؟
فقال لنا : لأنه لا يوجد نص صريح في قوانين الجامعة ينص ، أن من لم يعرف القراءة والكتابة ليس طالب جامعة .
فلو عرف هذا الشخص كيف يدخل الشخص الجامعة وما هي صفات الطالب الجامعي لما حكم بأنه طالب جامعي ،على من رآه يحمل كتب الجامعة وهو يعرف أنه لا يعرف القراءة والكتابة .

هذا والأدلة على أن المشرك غير موحد ولا مسلم كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله.
وهذه الأدلة صريحة في بيان أن من يشرك بالله فقد نقض التوحيد من أصله . ومن نقض التوحيد من أصله لا يعد مسلماً ولا موحداً .
والمسألة التي نتحدث عنها ، هي أن من فعل الشرك الأكبر ليس موحدا ولا مسلماً وأن العبد لا يدخل الإسلام بدون تركه جميع أنواع الشرك الأكبر ، وأن هذا يجب أن يعرفه كل مكلف عند دخوله الإسلام ، وبدون معرفته لا يستطيع دخول الإسلام . هذه المسألة أدلتها كثيرة جداً في كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم . وليس الحكم فيها استنباطي فقط كما فهمت أنت يا أبا شعيب ، بل الأدلة عليها صريحة يفهمها كل عاقل بالغ .
وسيأتي بيانها بالتفصيل في محلها .

قولك : يعني بيّنه الله - تعالى - لنا ، ولم يذكر حكم من يخالف فيه ؟؟

أقول : سبحان الله ! كيف يكون بيَّنه بياناً وافياًً شافيا ولم يذكر حكم من يخالفه ؟ عدم ذكر حكم مخالفه يتعارض مع مفهوم أنه بينه بياناً شافياً .
عندما يبين كيفية دخول الإسلام ألا يعني ذلك بيان من لم يدخل الإسلام ؟
إذا بين من هو الموحد ألا يعني ذلك بيان من هو غير الموحد ؟
إذا اشترط الله لتحقيق التوحيد ودخول الإسلام الكفر بالطاغوت ألا يعني هذا أن من لم يكفر بالطاغوت لم يحقق التوحيد وليس موحداً ولا مسلماً ؟
أم يحتاج للحكم عليه بأنه ليس موحدا ولا مسلماً دليل آخر يقول : " من لم يكفر بالطاغوت ليس موحداً ولا مسلماً بل مشركا ، ومن يحكم بإسلامه لم يفهم التوحيد"
وبدون هذا الدليل بهذا النص ، يعني عدم وجود في دين الله ، حكم من لا يكفر بالطاغوت ومن لا يكفره . ؟؟
ألا يوجد في قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ."
وقوله تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (
وقوله تعالى : " ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
ألا يوجد مَن هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟
إذا قلتَ لا يوجد ، فتحتاج لقراءتها وفهمها مرة أخرى . وإذا عجزت عن ذلك فسوف أبينها لك وغيرها المرة القادمة .
ألا يوجد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا لله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله " من هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟
ألا يوجد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) ( متفق عليه )
وفي قوله صلى الله عليه وسلم ( من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار ) (رواه مسلم). من هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟

قولك : لقد ذكر الله حكم من يحبه .. وحكم من يبغضه
وذكر حكم الصادق في إيمانه .. والكاذب في إيمانه
وذكر حكم المناقد له .. والشارد عن طاعته
وذكر حكم الولاء والبراء
وذكر حكم التحاكم إلى الطاغوت
وذكر حكم نطق كلمة الكفر
لماذا لم يذكر حكم من لا يكفر المشركين ؟؟ كأن يقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر . (المقصود بالتكفير هنا إخراجه من الدين) ؟
في حين ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن من يكفر المسلم فهو كافر ..
لماذا ؟؟


أقول : لقد قلت لك سابقاً ، أنه ليس المهم من البداية ، أن تحكم على المشرك بالكفر ، بل المهم هو أن لا تعتبره كشخص على دين الله ، ولا تعده من الموحدين . وهذا هو المطلوب من كل من دخل الدين وحقق كلمة التوحيد ، وبدون معرفته حكم المشرك الذي يعبد غير الله لا يعد ممَّن عرف كيفية دخول التوحيد والإسلام . وقد أقررت أنت بذلك سابقا .
فأنت هنا بشرطك أن يأت بدليل ينص على " من لا يكفر المشرك فهو كافر "
وإذا لم يأت بمثل هذا النص فلم يأت بدليل على أن : من يحكم على المشرك بالتوحيد والإسلام وهو يعرف أنه يعبد غير الله ، فقد نقض توحيده . كمن يشترط لتحريم الخمر أن يأت بدليل يقول : "حرمت عليكم الخمر " مع أن صيغة تحريم الخمر بالقرآن أشد وأوضح من هذه الصيغة .

قولك : لماذا لم يذكر حكم من لا يكفر المشركين ؟؟ كأن يقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر . (المقصود بالتكفير هنا إخراجه من الدين) ؟

أقول : يا رجل ، من يعرف كيف يدخل الدين يعرف أن من لم يحقق شرط دخوله للدين لم يدخل الدين . وقد أقررت أنت بذلك عندما سألتك : وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
أجبتَ : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة( .
فسألتك : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟
فقلتَ : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً.
ففاعل الشرك مشرك . هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد.
وعندما سألتك :فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟ هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟
قلتََ : حكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .
ولا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك .
ثم بعد هذا الكلام وغيره تطلب أن يذكر دليل يقول : " من لا يكفر المشرك فهو كافر . "
يا رجل من لا يكفر المشرك لم يدخل الإسلام بداية .

قولك : " في حين ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن من يكفر المسلم فهو كافر "..لماذا ؟؟

أقول : لقد ذكر ما هو أوضح منها وأبين .
مثلا ً : ذكر كيفية تحقق شروط دخول التوحيد ، ومن حقق هذه الشروط يعرف أن من لم يحققها لم يدخل الإسلام ، ومن فهم هذا عند دخوله التوحيد ، لا يحكم بأي حال ، بالتوحيد على من لم يحقق هذه الشروط ، وإلا فإنه لم يفهم كيفية تحقيقها . ومن لم يفهم كيفية تحقيقها لم يحققها .
أما عن حديث تكفير المسلم ، فسيأتي بيانه في محله إن شاء الله.

قولك : لو كانت هذه المسألة من أصل الدين ، ومن خالف فيها كفر ، لورد على الأقل نص صريح واحد يفيد تكفير من خالف فيه .

أقول : معرفة أن من يعبد غير الله ليس موحدا ولا مسلما ، من مفهوم كلمة التوحيد ، ومن لم يفهم هذا الحكم لم يفهم كلمة التوحيد ، ومن لم يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها ، ومن لم يعتقدها ليس بموحد ولا مسلم .
والنصوص على كيفية دخول التوحيد وتحقيقه كثيرة جداً .

قولك : ألا ترى كيف اختلفت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في مسألة تكفير المشركين ، وكلهم لا يجدون دليلاً صريحاً يفصل في الحكم ؟ فكيف تركنا الله - تعالى - دون بيان صريح في هذه المسألة (لو كانت مما لا يصح الإيمان إلا به) ؟

أقول : لم تختلف أمة الإسلام في مسألة تكفير المشرك الذي عبد غير الله . ولا يوجد مسلم موحد على وجه الأرض حقق التوحيد بحق ، يحكم بإسلام وتوحيد من عرف عنه أنه عبد غير الله وحسن الشرك ودعا له .
واختلاف علماء الأمة كان في فهم بعض الأفعال ، وليس في حكم الفاعل . هل الفعل عبادة لغير الله أم لا . وكان اختلافهم في الأفعال التي تحتمل ، وليس في الأفعال الواضحة الجلية التي تدل على عبادة غير الله . ومن فهم أن الفعل عبادة لغير الله لم يتردد في الحكم على فاعله بالشرك وإخراجه من الإسلام .

قولك : فكيف تركنا الله - تعالى - دون بيان صريح في هذه المسألة (لو كانت مما لا يصح الإيمان إلا به) ؟؟

أقول : لم يتركنا الله سبحانه بدون بيان صريح في هذه المسألة ، وقد بينها لنا أتم بيان ، يفهمه كل عاقل بالغ متجرد لم تطغى على عقله شبهات الشياطين .
وأول ما بينته الرسل هي هذه المسألة ، بينته بالقول والعمل .

قولك : سنرى كيف اشترط الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كل من يريد دخول الإسلام أن يكفّر قومه .

أقول : وهل تقول أن من كان يدخل دين الإسلام كان لا يعرف حكم من يعبد غير الله وأنه كان لا يعرف أنه غير موحد بل مشرك ؟

قولك : ولعلك تأتي أيضاً بأقوال العلماء ، قبل أئمة الدعوة النجدية ، يفيد في هذه المسألة ، وهي أنه من لا يكفر المشركين فلا يصح إسلامه حتى لو كان جاهلاً .
سننتظر ذلك في موضعه بعد انتهائنا من ضبط هذه المسألة ، إن شاء الله .


أقول : أنا سوف لا استشهد إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة . ولن استشهد لا بقول أئمة الدعوة النجدية ولا بغيرهم ممن قبلهم ولا بعدهم من العلماء .
مع احترامي الشديد لكل علماء المسلمين .

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-19-2017, 02:02 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
سأتغيب ثلاثة أيام - إن شاء الله - قبل أن أورد باقي ردودي .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-19-2017, 02:13 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

لقد زال عني ما طرأ عليّ من أمر ، ولم أعد أحتاج إلى هذه الثلاثة أيام ، والحمد لله .


========================================
قبل استكمال ردودي عليك في باقي مشاركاتك ، أود أن أسألك بضعة أسئلة حتى يتوضح لي منهجك .

1- ما الذي يحدد دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ؟ هل هو العقل المجرّد أم الدليل الشرعي ؟

مثاله : السجود لغير الله .

هل يُعلم أنه شرك أكبر من غيره بالدليل الشرعي أم بالعقل ؟

2- من خالف في دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ، وقال عن فعل ما إنه شرك أكبر (كالسجود لغير الله) ، وقال غيره إن شرك أصغر .. هل على الأول تكفير الثاني بحجة أنه : لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟

3- من يرى بعض الأفعال تدل على الشرك الأكبر ، كالسجود لغير الله ، ثم قال : أنا أعذر من يسجد لغير الله جاهلاً ، ودليله قصة معاذ بن جبل وسجوده للنبي - صلى الله عليه وسلم - .. هل يكفر عندك بحجة أنه لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟

وجزاك الله خيراً .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10-19-2017, 02:20 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
الرد على المشاركة رقم 11
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : صحيح ، ويجب أن يكون في القرآن بيان أن هذا الأمر شرط في التوحيد ، من لا يأتي به فهو كافر .

أقول : نعم في القرآن بيان أن هذا شرط في التوحيد ومن لم يأت به فهو غير موحد .
قال تعالى :" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "

الكفر بالطاغوت :
يعني :
-عدم عبادته .
- تكفيره .
- تكفير من يعبده ، أو قل عدم الحكم عليهم بالتوحيد أو الإسلام .
- وبما أنه شرط في دخول الإسلام ، يجب عدم الحكم بالإسلام والتوحيد على من لا يحقق الكفر به .
وهذا يعني : عدم الحكم بدخول الإسلام على من لا يُكفّر الطاغوت وعدم الحكم بالإسلام على من يؤمن بالطاغوت ( كمن يتحاكم إليه ) ، وعدم الحكم بدخول الإسلام على من لا يُكفر من عبد الطاغوت .


قولك : يعني العلماء الذين ذكروا تعبير "تكفير المشركين" أو "تكفير الكافر" هم على خطأ ؟

أقول : ومن هم العلماء الذين استخدموا هذا التعبير وكيف استخدموه ؟ هل استخدموه كما تستخدمه أنت ؟

قولك : والمقصود بهذا التعبير الذي ذكرته هو : تسمية الموحد : مسلم ، من قبل الحاكم . فهو موحد في الحقيقة وعند الله ، ويبقى أمر التسمية موكلاً للناس ، فمنهم من اتبع الحق وسماهم كما سماهم الله ، ومنهم من ضلّ عن ذلك .
فالكفار يسمون الموحدين ضالين ، قال تعالى : { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ } [المطففين : 32]
والمسلمون يسمون مثلهم : مسلمين .. استجابة لأمر الله .
فسؤالي المطروح هنا هو : ما حكم تسميتنا للمسلم الموحد : مسلم ؟
هل هو من أصل الدين أم فروعه ؟
وهل من خالف فيه كفر ؟
أظن أن كلامي مفهوم ولا خطأ فيه . ولا أدري ما وجه تخطئتك له ، أهو مجرد الاعتراض ؟
لكن ما علينا .. ليست هذه مسألتنا الآن ، فقد ذكرت فيما بعد ذلك ما قد يفي فيها .


أقول : أنا اعترضت على عدم دقة التعبير ، وأن هناك تعبير أوضح ، الأفضل استعماله .
أما إذا أردت أن تستعمله فيجب أن تبين المعنى الذي تقصده منه حتى نستطيع أن نفهم ماذا تريد من هذا التعبير . وما دمت الآن وضحت قصدك من هذا التعبير فأقول :
إذا كنت تقصد من تعبير " أسلمة الموحدين" تسميتهم بمسلمين أو غير ذلك ، فأقول لك : ليس الاسم والتسمية مهم في بداية دخول الإسلام ، ما دام يحكم على شخصه بالتوحيد وأنه يعبد الله وحده ، وأنه في دين الله ، هذا يكفي في دخول الإسلام .
فليس تسميتنا كاسم للمسلم الموحد : مسلم ، من أصل الدين . يكفي أن يوصف بأنه موحد وفي دين الله .
وإذا كنت تقصد من تعبير " تكفير المشركين " تسميته كافر أو غير ذلك ، فهذا أيضاً ليس مطلوباً في بداية دخول الإسلام ، وإنما المطلوب أن يعرف أنه كشخص معين مشرك يعبد غير الله ، وليس موحداً ، ، وليس في دين الله . وهذا يكفيه في دخول الإسلام .
فليس تسميتنا المشرك كافر كاسم ، من أصل الدين . الذي لا يصح دخول الدين إلا بمعرفته .
ويمكن أن نجمل المسألة هكذا : من حكم على من حقق شروط دخول الإسلام ، بأنه لم يدخل دين الله ، لا يعرف كيفية دخول الإسلام .
وكذلك من حكم على من لم يحقق شروط دخول الإسلام وتلبس بالشرك الأكبر ، أنه في دين الله وأنه موحد ، لم يعرف معنى كلمة التوحيد ولا كيفية دخول دين الله .
لهذا من حكم على من عرف أنه يعبد غير الله أنه مسلم موحد ، في دين الله ، لا يفهم كلمة التوحيد ولا يعرف كيفية الدخول في الإسلام .
ومن لا يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها .
ولا يقال : لَم يدخل دين الله ، لِمن عرف التوحيد وحقق شروط دخوله إذا أخطأ وكفَّر مسلماً لذنب استعظمه وظن أنه ينقض دين الله . كحال الخوارج . فقد وصفهم علي رضي الله عنه " أنهم من الكفر فروا "
ولا يقال يجب الحكم بالإسلام والتوحيد على من اعتقد أنه يمكن أن يجتمع شرك أكبر وتوحيد في قلب رجل واحد ، وحكم على من عبد غير الله بالإسلام والتوحيد ، ما دام ترك الشرك الأكبر وأبغضه ودعا لتركه .
لأن من يعتقد ذلك - حتى ولو ترك الشرك ودعا إلا تركه - فإنه لم يفهم كلمة التوحيد وكيفية دخول الإسلام . ومن لا يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها .
أسأل الله أن تكون المسألة وضحت .
أما أحاديث " من كفر مسلما فقد كفر " أو من قال لأخيه المسلم يا كفر فقد باء بها أحدهما " وأمثالها من الأحاديث ، فليس لها علاقة في مسألتنا.
لأنها لا تتحدث عن تحقيق أو عدم تحقيق دخول الإسلام بداية أو تحقيق أصل الدين بداية . وإنما تتحدث عن مرحلة ما بعد تحقيق أصل الدين . تتحدث عن تكفير المسلم للمسلم الذي حقق أصل الدين وثبت إسلامه بيقين ، بأمر آخر ليس له علاقة بمعنى أصل الدين . وكان الخوارج يقتلون المسلمين لحكمهم عليهم بالردة ويتركون المشركين لأنهم لم يدخلوا دين الإسلام . ويحكمون على المسلمين الموحدين بالكفر والخروج من الدين لارتكابهم المعصية كناقض عندهم من نواقض الإسلام.
ولا يقال أن الخوارج لم يفهموا أصل الدين ولم يحققوا الدخول فيه لتكفيرهم المسلمين بالمعاصي .
وكذلك من حكم بكفر تارك الصلاة ، لم يحكم عليه من باب أنه لم يحقق أصل الدين بداية ، بل حكم عليه بالردة لتركه الصلاة ، لأنه اعتبرها ناقضاً من نواقض الإسلام . ونواقض الإسلام منها ما هو من أصل الدين ومنها ما هو خارج عن معنى أصل الدين . والمعلوم أن حكم الردة يكون بعد تحقيق أصل الدين والحكم بالإسلام على المعين .
هذا ، ومن يريد أن يفهم أحاديث تكفير المسلم ، فليقرأ شرحها وقول العلماء فيها في شرح صحيح مسلم للنووي .


قولك : جميل .. يعني من كفّر الموحد لغير توحيده ، فهذا يترجح حكمه بين الخطأ أو العصيان . مع أن الأدلة في السنة كثيرة على تكفير من كفّر المسلم ، وأظنك تعلمها جيداً .

أقول : نعم من كَفَّر الموحد لغير توحيده لا يكفر حتى تقام عليه الحجة . ويعذر إن كان مجتهداً مخطأ أو متأولا. ولا يَكفر ما دام يستند لوجه دليل حتى لو حكمنا عليه أنه مخطأ . فهذا إما أن يكون مجتهداً مأجوراً أو مبتدعاً ضالا .
أما عن أدلة تكفير من كفّر المسلم ، فيجب أن لا تفهم على ظاهرها وعلى إطلاقها ، لأنها تتعارض مع قطعيات النصوص والقواعد العامة للدين ، بل يجب تأويلها التأويل الصحيح ، وهذا هو ما فعله علماء الإسلام . أنظر تأويلاتهم لهذه الأحاديث في شرح صحيح مسلم للنووي .


قولك : لماذا لم تقل في هذا مثلما قلت في الأولى ؟؟ لماذا لم تقل : حكم بإسلام المشرك لشركه؟ بمعنى أنه يجعل الشرك توحيداً ؟؟

أقول : نعم نقول ذلك . نقول من لم يكفره لشركه يكفر . ونقول من حكم بإسلام المشرك لشركه يكفر ، لأنه جعل الشرك توحيداً .
ونقول أيضاً : من لم يُكفره ويحكم عليه بالإسلام وهو يعرف أنه يشرك بالله العظيم ويعبد غيره ، لم يفهم كلمة التوحيد ولم يفهم كيفية دخول الإسلام .
لا يقال أن المقصود من الكفر بالطاغوت هو تكفير الطاغوت لطاغوتيته فقط أما شخصه وذاته لا يكفر ما دام عنده بعض مظاهر الإسلام والتوحيد.
ولا يقال أن المقصود من تكفير عابد الطاغوت المشرك ، هو تكفيره لشركه فقط لا لذاته وشخصه ، وأنه كشخص معين مسلم موحد ، ما دام عنده بعض مظاهر الإسلام والتوحيد .
ولا يقال موحد وليس كافراً ، من لا يُكفّر عابد الطاغوت المشرك بالله ، لذاته وشخصه ، وكفره بفعله ، وحكم على ذاته وشخصه بالإسلام ، لأنه عرف أن عنده بعض مظاهر التوحيد والإسلام .
لأن مثل هذا لم يفهم كلمة التوحيد ، وكيف يدخل العبد الإسلام . وقد أثبتنا ذلك سابقاً مع أدلته .


قولك : لماذا اشترطت في تكفير المسلم أن يكفره لإسلامه حتى يكفر ، ولم تشترط ذلك في أسلمة الكافر ؟

أقول : ومن قال لك أنني لا أكفر من أسلم المشرك لشركه ؟
نعم يقال أيضاً من أسلمه لشركه يكفر .
المشرك دينه ليس دين التوحيد ، بل دين الشرك ، دين عبادة الطاغوت . ودين عبادة الطاغوت يتكون من شرك ولا يخلو من بعض مظاهر التوحيد والإسلام . وهذا هو دين المشرك ، فمن أسلمه لدينه هذا أيضاً يكفر .
ولا يقال أن من أسلمه ، أسلمه لدين الله الموجود معه مع الشرك وليس للشرك ، لأن ما معه من مظاهر دين الله ليس هي دين الله وليس لها أي قيمة ما دامت اختلطت مع الشرك الأكبر . لهذا فهي باطلة ومحبطة وهباء منثوراً . فدين الله هو الدين الخالي من جميع أنواع الشرك وأشكاله .
ومن يفهم ما هو التوحيد يعرف أنه إذا اختلط به الشرك الأكبر يبطل ، ويعرف أيضاً أنه لا يستطيع العبد أن يدخل دين لتوحيد ويحقق كلمة التوحيد ما لم يترك جميع أنواع الشرك الأكبر . فكيف يحكم على من لا يترك الشرك الأكبر بأنه في دين التوحيد ، وهو يعرف أنه لم يترك الشرك الأكبر ؟
جواب هذا السؤال هو لأنه لم يفهم كلمة التوحيد وكيفية الدخول به .
أما عذر وجود بعض مظاهر الإسلام والتوحيد عنده .
فأقول : لا يوجد دين على وجه الأرض إلا وفيه من مظاهر الإسلام والتوحيد . فقد كان دين الناس كلهم التوحيد قبل أن تجتالهم الشياطين وتجعلهم يشركون بالله ويعبدون غيره .
أما مسألة تكفير المسلم لإسلامه فأقول :
من يُحكم عليه بالإسلام يقينا لا يُكَّفر إلا بيقين . بدليل شرعي معتبر .
وقد يخطأ المسلم في تكفير المسلم لعدم فهمه هذه الأدلة جيداً ، ومثل هذا لا يُكفر ما دام حقق أصل الدين ، حتى تقام عليه الحجة ، وقد يعذر بالجهل والتأويل .
أما الخطأ في عدم تكفير المشرك الذي ثبت عنده شركه وعبادته لغير الله – بمعنى جعله من الموحدين - ، فهذا غير وارد عند الموحد الذي يفهم كلمة التوحيد وكيفية دخول الإسلام .
فالمشرك الذي يعبد غير الله ، لا بد ممن يريد أن يدخل الإسلام أن يعرف أنه ليس في دين الله ، ولو كان عنده من مظاهر الإسلام والتوحيد ما عنده. لهذا من يحكم عليه بالإسلام أو التوحيد أو بأنه على دين الله لم يعرف معنى كلمة التوحيد وكيفية دخول الإسلام . ومن لا يعرف ذلك لم يحقق الدخول في دين الله بداية .
وكذلك الحال في من يحكم على الموحد لتوحيده بأنه ليس على دين الله ، لأن مثل هذا أيضاً لا يعرف التوحيد .


قولك : وهل عندك دليل في التفريق بين الاثنين ؟

أقول : أنا لم أفرق في الحكمين .
فمن يُكفر المسلم لإسلامه يكفر . وكذلك من يُأسلم المشرك لشركه يكفر .
ولا يعني هذا أن من كفر المسلم لغير إسلامه لا يكفر ، وكذلك لا يعني أن من أسلم المشرك لغير شركه لا يكفر.
فمن كفر المسلم الثابت إسلامه عنده بيقين - بمعنى أخرجه من الدين- بدون دليل شرعي يكفر أيضاً.
ولا يقال أن من أسلم معتقد الشرك بدليل شرعي لا يكفر أيضاً . لأن من يفهم كلمة التوحيد يعرف معرفة يقينية أنه لا دليل شرعي على أسلمة من يعتقد الشرك الأكبر ( بمعنى عده من الموحدين ) لأن التوحيد والشرك لا يجتمعان في قلب رجل واحد .
فوصف " مشرك موحد " ، لا يوجد إلا في عقول وأفهام وأديان من لا يعرف التوحيد والشرك .


قولك : نحن عندنا أدلة من السنة صريحة على تكفير من كفّر المسلم .. ولا دليلاً واحداً صريحاً في تكفير من لم يكفّر المشرك .
لكن أيضاً ما علينا من ذلك .
.

أقول : بل كل أدلة التوحيد تبين عدم إسلام وتوحيد المشرك الذي عبد غير الله . ومن يحكم على معتقد الشرك بأنه موحد ، لم يفهم كيفية توحيد الله الذي بينته هذه الآيات . ومن لم يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها .

قولك : سؤالي لك في هذا المقام هو : لماذا فرّقت بين الحالين ؟

أقول : لقد أجبت سابقاً فأرجع له .

قولك : رجل قال : فلان مسلم لأنني أراه ينطق بالشهادتين ، ويصوم ، ويصلي ، ويعبد الله .. إلا أن فعله في دخول البرلمان أو تحاكمه إلى الطاغوت باطل وحرام ، ولا يرضي الله تعالى ، وأنا لا أرضاه .
فما وجه تكفير مثل هذا ؟؟ هل هو حكم بإسلامه من أجل كفره ؟؟ أم من أجل ما معه من بعض إيمان وإسلام ؟؟


أقول : نعم هو لم يحكم بإسلامه لأجل شركه ، ولم أقل ذلك ، وليس حكمي عليه بأنه غير موحد لهذا السبب .
بل هو حكم بإسلامه لأن معه بعض مظاهر الإيمان والتوحيد مع معرفته الأكيدة أنه يعبد غير الله ويدعو للشرك ويستحسنه . وهذا هو وجه الحكم عليه بأنه لم يدخل الإسلام ولم يحقق كلمة التوحيد ، لأنه بحكمه هذا أثبت أنه لم يفهمها . ولو فهمها لعرف أن التوحيد لا يتحقق في العبد بوجود الشرك الأكبر ، وأنه ما وضع شرط الكفر بالطاغوت ، إلا لهذا السبب .
وقد قال السلف : بدون تخلية لا يوجد تحلية .
بعني بدون تخلية القلب من الشرك لا يحصل أي تحلية بالتوحيد .
أعرفت سبب وجه تكفيره وعدم الحكم عليه بالتوحيد يا أبا شعيب الآن ؟


قولك : نعم .. هذا ما قصدته بكلمة كافر منذ البداية .. لكن حتى لا يتهم بعضنا بعضاً بالمراوغة ، فأتفق معك على ذلك .

أقول : أنا سألتك هنا لأتأكد أنك لا تستعملها بمعنى آخر ، لأن هذا ليس المعنى الوحيد لها . لهذا عندما استعملها أنا سيكون مقصودي منها "غير موحد " ، " ليس على ملة الإسلام ." كما هو مقصودك .

يتبع

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10-19-2017, 02:36 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

رد على المشاركة رقم 17
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : بل أظننا نختلف أيضاً في الشطر الثاني من كلمة التوحيد ، وهو شطر الإثبات . لأنني أرى أن من يقول بوجوب تكفير المشركين حتى يحقق التوحيد ، فعليه قطعاً أن يرى بوجوب أسلمة الموحدين حتى يحقق التوحيد ، فهما مقترنان لا ينفكان ، ومن أسقط أحدهما من الاعتبار فقد وقع في تناقض .والحوار سيشمل هذه الأمور كلها ، بإذن الله .

أقول : ومن قال لك أن تكفير المشركين بمعنى تسميتهم بالكفار من أصل الدين وبدونه لا يتحقق أصل الدين ؟
أنت تفترض أقوالاً لمخالفك وتحكم بأنها متناقضة دون أن ترجع لكلامه .
عندما فهمتُ من كلامك أنك تقصد من تعبير " تكفير المشركين " تسمية المشركين بأنهم كفار ، قلت لك : تسمية المشركين بالكفَّار ليس شرطاً في دخول الدين بداية ، المهم هو أن يعتقد أنهم غير موحدين وأنهم ليسوا في دين الله .
وكذلك تسمية الموحد بمسلم ، كإسم ، أيضاً ليس شرطاً في دخول الدين بداية . المهم أن يعتقد أنه موحد وفي دين الله .
وقلت لك في المشاركة السابقة : ويمكن أن نجمل المسألة هكذا : من حكم على من حقق شروط دخول الإسلام ، بأنه لم يدخل دين الله ، لا يعرف كيفية دخول الإسلام .
وكذلك من حكم على من لم يحقق شروط دخول الإسلام وتلبس بالشرك الأكبر ، أنه في دين الله وأنه موحد ، لم يعرف معنى كلمة التوحيد ولا كيفية دخول دين الله .
لهذا من حكم على من عرف أنه يعبد غير الله أنه مسلم موحد ، في دين الله ، لا يفهم كلمة التوحيد ولم يعرف كيفية الدخول في الإسلام .
ومن لا يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها .
فأين التناقض في كلامي ؟


قولك : ما دمنا اتفقنا على معنى أصل الدين ، فلا يضيرنا أن نعرف أول من وضعه ، ولا الشروط التي وضعها لها .
اتفقنا أن أصل الدين (باصطلاحنا نحن) هو : الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام
فلا تدخلنا في متاهات وتشعبات تحرف الموضوع عن أصله .


أقول : أنا لا أريد أن أدخلك بأي متاهات ، بل بالعكس أردت أن أبعدك عن كل المتاهات حتى تفهم كلامي وافهم كلامك جيدا ً . لهذا أردت منك أن لا تستعمل مصطلحاً لا تعرف من هو واضعه وماذا قصد منه . حتى لا نختلف في سياق الحوار ، هل هذا الأمر من معانيه أو من لوازمه ، ثم بعد ذلك نفسر أن لوازمه ليس شرطاً أن تتحقق كلها لتحققه ، وأن إذا تخلف منها شيئاً لا يبطله . ومثل هذه الأمور التي لا ضابط لها ولا دليل .
لهذا ، ما دمت حددت قصدك من هذا المصطلح وأنا وافقت عليه ، فيجب أن يفهم بالمعنى الذي اتفقنا عليه ، مع أني أفضل أن نستعمل ما يفهمه كل الناس وهو " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام " وبهذا نبتعد عن الدخول في متاهات التعاريف .
فمثلا : أنا عندما سألتك هل تقبل يا أبا شعيب أن نستعمل كلمة كافر إذا قصدنا منها : غير المسلم ، أو غير الموحد ، أو ليس على ملة الإسلام .؟
فقلت : نعم .. هذا ما قصدته بكلمة كافر منذ البداية .
ثم في المشاركة رقم 11 قلت لي : يعني تسميته بكافر كإسم .
فأيهما أعتمد ؟
لهذا يجب أن تفهم لماذا أصر وأسأل في البداية عن قصدك من الألفاظ التي تستعملها . لأني أرى تناقضاً واختلافاً كثيراً في كلامك . وقد بينت لك ذلك في سياق ردي على كلامك .


قولك : إذا علمت أنه لا يعرف معناها حقاً ، فلن أحكم عليه بالإسلام .. بل هو كافر .

أقول : ومع هذا الكلام ، تحكم بالإسلام ، على من حكم على من لا يعرفها حقاَ بالإسلام والتوحيد.
فأنت كيف فهمت ومن أين ، أن من لا يعرف معناها لا يملك اعتقادها ، وبناءا عليه كفرته ولم تحكم عليه بالإسلام ؟
ومن أين فهم هذا الذي لم تكفره وعذرته بالجهل ، أن معرفة معنى كلمة التوحيد ، ليس مهماً في دخول الإسلام ، وأن ترك الشرك الأكبر ليس مهما لدخول الإسلام ، وأن الموحد يمكن أن يكون في قلبه شرك أكبر ويبقى التوحيد فيه . ؟


قولك : بلى ، من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .
أما من لا يكفّره فهو معذور بالتأويل أو الجهل


أقول : تقول من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب ، ثم مع هذا الذي لا ريب فيه عندك ، لا تكفر من لا يكفره ويحكم عليه بالإٍسلام والتوحيد وتعذره بالجهل أو التأويل .
من أين فهمت وكيف ، أن من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .؟
هل يعذر أحد بعدم فهمه هذا الفهم ؟
أليس من لم يترك الشرك الأكبر لم يدخل الدين والتوحيد ، وهذا من مفهوم شهادة التوحيد ؟
لا بد لك أنت تقول بلا ، لأنك أقررت به سابقا ً .
إذن ، أليس من حكم على من لم يترك الشرك الأكبر بالتوحيد ، لم يفهم شهادة التوحيد ؟
لا بد لك بأن تجيب ببلا . لأن عكس هذا الجواب سيوقعك بتناقض كبير .
فما دام من حكم عليه بالتوحيد والإسلام وهو لم يترك الشرك ، لم يفهم شهادة التوحيد ، فلماذا تحكم بالإسلام والتوحيد ، على من لم يفهم شهادة التوحيد ، وتعذره بالجهل والتأويل ؟ وقد حكمت على غيره ممن جهل شهادة التوحيد بأنه غير مسلم بل كافر .
حيث قلتَ سابقا : "إذا علمت أنه لا يعرف معناها حقاً ، فلن أحكم عليه بالإسلام .. بل هو كافر" .
أليس هذا تناقضاً أيضاً وإزدواج في الأحكام ؟ تخرج من تناقض لتدخل في تناقض ؟


قولك : تقول لي الجهل بماذا ؟ .. أقول لك : الجهل بشروط وموانع التكفير أولاً ، وثانياً : الجهل بدلالة الفعل الشركي على الشرك ثانياً . (وسنتكلم في ذلك فيما بعد إن شاء الله) .

أقول : وما دخل ما نتحدث به في الجهل بشروط وموانع التكفير ؟
نحن نتحدث عمن لم يترك الشرك الأكبر واعتقده . هل يحكم بإسلامه وتوحيده من عرف معنى شهادة التوحيد ، وعرف كيف يدخل العبد دين الله؟
وما علاقته بالجهل بدلالة الفعل الشركي وهو نفسه يقر بأنه يشرك بالله . ويعبد غيره . ثم بعد ذلك يحكم عليه بالتوحيد وأنه في دين الله ؟
يا رجل عن ماذا ستتكلم فيما بعد ؟ المسألة واضحة وضوح الشمس في الظهيرة .
من لم تكفره وتعذره بالجهل والتأويل ،لو سألناه هل هذا فعل الشرك الأكبر واعتقده ؟ سيقول نعم. ماذا بقي من دلالات الفعل إذن .؟ الفعل دلالاته واضحة عنده باعترافه هو نفسه . ومع هذا يحكم عليه بالتوحيد ودخوله الدين .


قولك : ثم أنا لا أرى أن تكفير المشرك من شروط الشهادتين ، ما دام المرء يرى أنه على باطل وضلال ، وعلى غير دين الإسلام بهذا الفعل الشركي .

أقول : يا رجل . كيف أفهم كلمة " التكفير " من كلامك هذا ؟
هل أفهمها بأنه ليس في دين الله ، أو ليس موحداً ، أم افهمها بأن ليس تسميته بالكافر كإسم من شروط الشهادتين ؟
الحقيقة احترت معك يا أبا شعيب .!!
فإذا كنت تقصد أن تسميته بالكافر كاسم ليس من معنى وشروط الشهادتين ؟ فأنا فيما سبق قلت لك : نعم . وأنا أقول ذلك .
أما إن كنت تقصد بكلمة " كافر" الحكم عليه بأنه ليس في دين الله ولا موحدا .
فأقول لك : كيف تحكم على أن ترك الشرك ليس من شروط الشهادتين وأنت نفسك أقررت بذلك سابقاً ؟
الظاهر أنك نسيت أنك قلت أن من شروط دخول التوحيد ترك الشرك .
ثم ما زلتَ تقول " بفعله على غير دين الإسلام " ، يعني ليس هو بعينه على غير دين الإسلام بل هو بعينه وشخصه موحد في دين الله .
وأنت نفسك قلت سابقاً :" من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب ."
هل ينقض توحيده ويظل مسلماً موحداً يا أبا شعيب .؟


قولك : جواب أسئلتك الأولى هي فيما سبق من أجوبتي .

أقول : لم أجد أجوبة صحيحة ، بل أجوبة متناقضة ينقض بعضها بعضا .


قولك : أما جواب سؤالك : ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟
هذا لا يخرج عن أمرين :
إما أنه لا يعرف كل معناها .. فيقولها وهو يعتقد ويقر بالآلهة من دون الله .. أو يكفر صراحة بدين الله .. ثم جاء هذا وحكم عليه بالإسلام بعد كل هذه الصراحة في الكفر ، فهذا كافر خارج من الإسلام ، لأنه ردّ النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف .
وإما أنه يدعي الإسلام ، ويعلم الكثير من معاني التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين ، فوقع في الشرك .. فجاء رجل وأبقاه على أصله (وهو الإسلام) .. وأعذره في الشرك بالجهل أو التأويل (والشرك هنا عارض) .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .


أقول : أنت حسب عقيدتك : لا تحكم بالإسلام على من عرفت أنه لا يعرف معنا كلمة التوحيد .
وعندما سألتك عن حكم من يحكم بإسلام من لم يعرف معنى كلمة التوحيد ، قسمت من لا يعرف معنى كلمة التوحيد لقسمين وأعطيت لكل حكماً يختلف عن الآخر بدون أدنى دليل ، وأعطيت حكما لكل من لا يكفرهما مختلفاً عن الآخر ، وبدون أدنى دليل . فحكمت على من لا يكفر الأول بالكفر وأنه خارج من الإسلام وعللت السبب أنه ردّ النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.
وحكمت بالإسلام ، على من لا يكفر القسم الثاني ويبقيه في دين الله ، حتى تقيم عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .
والآن لنحلل أجوبتك وتقسيماتك .
أولا ً ما هو الدليل عندك على هذا التقسيم ؟
عللت سبب كفر من لم يكفر الأول : ردّه النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.
فما هذه النصوص الشرعية التي تكفر هذا الصنف ؟ وما هي النصوص الشرعية التي لا تكفر الصنف الثاني .؟
ألا يوجد نصوص شرعية تكفر الصنف الثاني ؟
وإذا قلت لك القرآن مليء بالنصوص الشرعية التي تكفر الصنف الثاني فماذا ستقول وماذا ستحكم ؟
لماذا كفَّرت من لم يكفر الصنف الأول من دون إقامة الحجة عليه ، مع أن سبب تكفيره كما قلت أنت هو ردّه النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.؟
ألا يجب عليك أن تبين له هذه النصوص قبل أن تكفره ؟
وهل النصوص الشرعية تكفر فقط الصنف الأول ؟
يا رجل أنت نفسك قلت سابقاً : لا يدخل العبد الإسلام ويحقق أصل الدين حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر ، وهذا من معنى شهادة التوحيد الذي يجب أن يعرفها كل من دخل التوحيد .
ثم هنا تعذر من حكم بالإسلام والتوحيد على من فعل الشرك الأكبر ، وهو يعرف أنه لم يترك الشرك الأكبر .
ألم تدرك بعد أن هذا الشخص لو عرف التوحيد وكيفية الدخول في الإسلام ، لعرف حق اليقين أن من لم يترك الشرك لم يدخل التوحيد ولم يحقق معنى شهادة التوحيد . ؟
ولو عرف التوحيد لعرف أنه لا يبق في قلب العبد إذا دخل الشرك ، ولا يدخل قلبه إذا لم يخرج الشرك .
وأنت أيضا يا أبا شعيب ، لو عرفت معنى كلامك : أن العبد لا يدخل التوحيد حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر ، ويعتقد أن من لم يتركه ليس موحدا ولا مسلما ، وأن هذا من معنى كلمة التوحيد ، التي لا يستطيع العبد تحقيقها إلا بمعرفة معناها ، وأن من لم يعرف معناها ليس مسلما ولا موحداً . لو عرفت معنى كلامك هذا ، لما ترددت لحظة واحدة ، في الحكم بالكفر أو بعدم دخول الإسلام ،على من لم يكفر من فعل الشرك الأكبر وحكم عليه بالإسلام والتوحيد . وهو يعرف حق اليقين أنه يعتقد الشرك ويحسنه ويدعو له .


قولك : وإما أنه يدعي الإسلام ، ويعلم الكثير من معاني التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين ، فوقع في الشرك .. فجاء رجل وأبقاه على أصله (وهو الإسلام) .. وأعذره في الشرك بالجهل أو التأويل (والشرك هنا عارض) .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .

أقول : النصارى واليهود يعرفون كثيراً من معاني التوحيد ويتلفظون بكلمة التوحيد ، فلماذا لم تشترط في تكفيرهم إقامة الحجة ؟
ثم كيف حكمت أنت وهو ، على من لم يترك الشرك وحسنه ودعا إليه ، أن أصله الإسلام ؟
وعلى أي دليل استندتم .
ثم ما علاقة الحكم على من فعل الشرك الأكبر ، كون الشرك الأكبر عارض أو غير عارض .؟
وهل من أعتقد الشرك وحسنه ودعا إليه ، شركه عارض أم أنه لم يفهم كلمة التوحيد بعد ؟
يا رجل ، نحن نتحدث عن عدم تكفير من جهل كلمة التوحيد واعتقد الشرك الأكبر جهلاً وحسنه ودعا إليه . هل لمثل هذا يقال : أن أصله هو الإسلام وأن الشرك الأكبر عارض عليه . ؟
ومتى دخْل مثل هذا الإسلام وهو يجهل كلمة التوحيد ؟
وهل كونه يعلم الكثير من معاني التوحيد ويدعي الإسلام وهو يعتقد الشرك الأكبر ، يجعل الأصل فيه الإسلام ؟
إذن بناءاً على هذا ، الأصل في اليهود والنصارى الإسلام .أليس كذلك ؟
ثم قولك : " لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه"
كيف تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه ؟!1
ومن هو هذا الذي سيقرر أنها قامت عليه قياماً واضحاً لا لبس فيه ؟
وهل لم تقم الحجة لحد الآن على من وصفتهم علماء مخلصين أتقياء مجاهدين ؟!!
وكم سننتظر حتى تقام ؟
أم نحتاج لقرآن أخر أوضح مما في أيدنا ؟ أم نحتاج لرسول جديد يقيم عليهم الحجة ، لأن سنته التي بين أيدينا والقرآن الذي أنزل عليه غير كافيان - حسب كلامك وفهمك - لتوضيح أن من يعتقد الشرك ليس موحدا ولا مسلما مهما فعل من مظاهر الإسلام والتوحيد ؟
يا رجل من أين تأتي بهذه التقريرات والتقسيمات ؟ هل عندك دليل واحد عليها .
ثم أريد هنا أن أسالك سؤالا : هل يوجد دليل واحد عندك أو عند من لا تكفرهم ، يدل على أن من فعل الشرك الأكبر وحسنه ودعا إليه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ؟


قولك : ثم في الحكم على من جهل التوحيد ، هو في حالين :
الأولى : أن يقول : هو في الظاهر مسلم ، في الباطن كافر ؛ فيحكم عليه بحكم المنافقين .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، ويبيّن له أن المنافق إن أظهر كفره فإنه يُحكم عليه بالكفر ظاهراً أيضاً .


أقول :كيف يحكم عليه بحكم المنافقين ؟!
وهل المنافق يجهل التوحيد ؟ وهل المنافق يفعل الشرك في الظاهر ؟


قولك :
الثانية : أن يكون مخالفة المشرك للتوحيد مخالفة جزئية لا كليّة . كأن يكون عنده الكثير من التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين (كالحكم أو التحاكم مثلاً) .. فأعذره صاحبنا بالجهل أو التأويل ، مع حكمه عليه بالإسلام لما معه من كثير من جوانب التوحيد .

أقول : يا رجل : تقول: " مشرك " وتقول : " مخالفة جزئية لا كليّة " ، وهل بعد الشرك الأكبر يظل توحيد وعمل ؟
وماذا ينفعه التوحيد الكثير الذي عنده وهو يعتقد أبسط أنواع الشرك الأكبر ؟
ألم يقل الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ولجميع الأنبياء من قبله :" لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . "
أم يا ترى هذا الشخص عنده من التوحيد أكثر من رسل الله ، لهذا مع شركه بالله وعبادته غيره لم يكفر وبقي في دين الله ولم يحبط عمله . ؟ " مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ . إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ "
هل عندك دليل واحد على أن من كان عند توحيد كثير واعتقد شركاً أكبر بسيطاً ، يظل على توحيده الكثير ؟ أم أن الأدلة على عكس ذلك كثيرة في القرآن الكريم ؟


قولك : ومثل ذلك وقع للعلماء في أمر الذي أوصى أهله أن يحرّقوه ، وظن أن الله - تعالى - لا يقدر عليه إن هو فعل ذلك .
فقد أعذره طائفة من العلماء بالجهل ، وعلى رأسهم ابن تيمية - رحمه الله - ، في حين لم يسغ لغيره إعذاره بالجهل ، كابن الجوزي وابن حجر .
وكان تعليل ابن تيمية - رحمه الله - في الحكم عليه بالإسلام هو المسائل الجزئية والمسائل الكلية قال : ( َهَذَا الرَّجُلُ كَانَ قَدْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ وَالْجَهْلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى إعَادَةِ ابْنِ آدَمَ بَعْدَمَا أُحْرِقَ وَذُرِيَ ، وَعَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْمَيِّتَ وَيَحْشُرُهُ إذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ . وَهَذَانِ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ : أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا الْمَيِّتَ وَيَجْزِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِ . وَمَعَ هَذَا ؛ فَلَمَّا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَمُؤْمِنًا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي الْجُمْلَةِ : وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ وَيُعَاقِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَقَدْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا - وَهُوَ خَوْفُهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ - ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ) .


أقول : هذا ليس دليلاً لك . فهو لا يتحدث عن حكم المشرك . ولم يقل أحد من العلماء أنه فعل الشرك الأكبر وعذر بجهله . والحديث فيه طويل ، لا أريد أن أدخل هنا في كلام العلماء فيه حتى لا يتشعب الموضوع ، واكتفي أن أقول لك : أنه ليس في حكم المشرك الذي اعتقد الشرك الأكبر ، وموضوعنا في من لم يحقق كلمة التوحيد وفعل الشرك الأكبر . وهذا الذي ذكر في الحديث حقق دخول التوحيد بنص الحديث . ولم يصدر عنه أي شرك أكبر . لهذا خرج عن موضوع النزاع .

قولك : وكذلك قوله عن عائشة - رضي الله عنها - : ( فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ؛ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ )
بغض النظر عن صحة تأويل ابن تيمية - رحمه الله - للحديث من بطلانه ، لكن الشاهد فيه أنه كان يرى الجهل ببعض قدرة الله ، والجهل ببعض علم الله ، لا يُخرج من الإسلام إن كان صاحبه جاهلاً .
فإن جاء رجل وقال مثل قول ابن تيمية - رحمه الله - في من وقع ببعض الشرك الأكبر .. فأنا لا أكفره ، ولا أراه يكفر حتى تُفصل له الحجة ويفهمها ، ثم يعاند ويكابر .


أقول : قول ابن تيمية عن عائشة رضي الله عنها غير عائد له ، بل هو مدسوس في كلامه ، وعندنا إثبات ذلك . ولا أريد أن أدخل هنا في شرح كلام العلماء حتى لا يتشعب الموضوع ولنبق في موضوعنا وهو : " الحد ألأدنى لدخول الإسلام ." وهذا الحديث خارج عن موضوع النزاع فلا يستدل به .
هذا ، ولا ابن تيمية ولا غيره من العلماء عذر من أعتقد الشرك الأكبر وحكم عليه بالتوحيد والإسلام وهو لم يترك الشرك الأكبر ، واشترط لتكفيره وإخراجه من الدين إقامة الحجة .
وهذه الرويات التي توردها ليست أدلة لك البتة في موضوعنا .
ونحن اتفقنا من البداية أن نستدل بالقرآن والسنة فقط . فهل عندك دليل واحد من القرآن يدل على عذر من حكم على معتقد الشرك الأكبر ، بالتوحيد والإسلام ، رغم عدم تركه للشرك ؟
لا أظنك تستطيع أن تأتي بدليل واحد على هذا ، بل القرآن الكريم مليء بعكس ذلك .


قولك : " فإن جاء رجل وقال مثل قول ابن تيمية - رحمه الله - في من وقع ببعض الشرك الأكبر .. فأنا لا أكفره ، ولا أراه يكفر حتى تُفصل له الحجة ويفهمها ، ثم يعاند ويكابر .

أقول : ما الدليل على كلامك هذا ؟
يا رجل ، نحن نتكلم عمن اعتقد الشرك الأكبر وحسنه ودعا له ، نحن نتكلم عمن نقض شهادة التوحيد ، نحن نتكلم عمن لم يحقق دخول التوحيد بعد ، فما علاقته بكلام ابن تيمية هذا.
ثم هؤلاء الذين وصفتهم بالعلماء الأتقياء الورعين المجاهدين : لماذا يتركون آيات الله المحكمات وأحاديث رسول الله البينات ، وكلام علماء السلف الصالح ، في حق من يشرك بالله الشرك الأكبر ، ويتشبثون بأدلة متشابهة ، مشكلة ، اختلف في تأويلها علماء السلف ، وليست لها علاقة بموضوع من وقع في الشرك الأكبر ، ويتشبث بكلام بعض العلماء ، لم يحسن فهمه وليس له علاقة بموضوعنا والمسألة التي نتحدث عنها .
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ . وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ . ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ . فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ . هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "
وآيات أخرى كثيرة
ألم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى "
وقوله : "شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه " ( أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي )
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار " متفق عليه
وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ, وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ "
مع كل هذه الآيات والأحاديث وغيرها كثير ، والتي تبين أن من يعبد غير الله في أي مسألة كانت بسيطة أو عظيمة ، غير موحد وليس في دين الله ، ولا قيمة لأي عمل من أعماله .
بعد هذا كله نعذر بالجهل والتأويل ، من حكم بإسلام وتوحيد من عبد غير الله وحسن الشرك ودعا له ، لأنه استند في حكمه على ببعض الأحاديث المشكلة التي لم يحسن فهمها وليس لها علاقة بموضوع الشرك الأكبر وعبادة غير الله . ولأنه استند على بعض كلام العلماء الذي لم يحسن فهمه والتي ليس له علاقة بموضوع الشرك الأكبر وعبادة غير الله .
هذا ، وكل من تدبر القرآن وفهم أدلة التوحيد وعرف حقيقة الشرك الذي بعث الله الرسل بإزالته والنهي عنه ، وألهمه الله رشده ، علم يقيناً أنه هو الذي عليه أكثر من يدعي الإسلام في هذه الأيام .


قولك : أما قولك : هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟
لو أنه عرف الحق من التوحيد واتبعه ، وعرف الباطل من الشرك واجتنبه ، فقد حقق التوحيد ، وإن أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك .
فما دام عبد الله وحده ، واجتنب الشرك : فقد حقق توحيد الله - عز وجل - ، وهذا ما دلت عليه نصوص الشريعة الواضحة البيّنة ، مع أقوال العلماء من السلف الصالحين .


أقول : ما هذا التوحيد الذي حققه وهو يعتقد أن وجود الشرك معه لا يبطله ؟
وما هو هذا الشرك الذي تركه وهو يعتقد أنه يمكن أن يجتمع في قلب رجل واحد ويبقى موحداً ؟
توحيد هذا الذي لم تكفره ، هو التوحيد الذي يمكن أن يجتمع في قلب المسلم مع الشرك .
الشرك الذي تركه هذا الذي لم تكفره ، هو الشرك الذي يمكن أن يجتمع مع التوحيد ولا يبطله من أساسه .
كيف يوصف بأنه يعرف التوحيد والشرك وهو لا يعرف أن الشرك لا يجتمع مع التوحيد في قلب رجل واحد . ؟ !!
كيف يوصف بأنه يعرف التوحيد ، وهو لا يعرف أن الشرك يبطله من أساسه مهما كان من عمل ؟!!


قولك : وإن أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك

أقول : كيف يخطأ في ضبط كيفية دخول المرء للإسلام ، من دخل الإسلام عن بصيرة وعلم ؟
وكيف يخطأ من أجتنب الشرك في كيفية اجتناب الشرك . ؟
من يعرف كيف يدخل الإسلام ويحقق شهادة التوحيد ، لا يخطأ في ضبط كيفية دخول الإسلام ولا يخطئ في كيفية اجتناب الشرك .
ثم بين لنا يا أبا شعيب ، كيف أخطأ في ضبط دخول المرء الإسلام ؟ وكيف أخطأ في كيفية اجتناب الشرك ؟


قولك : فما دام عبد الله وحده ، واجتنب الشرك : فقد حقق توحيد الله - عز وجل - ، وهذا ما دلت عليه نصوص الشريعة الواضحة البيّنة ، مع أقوال العلماء من السلف الصالحين .

أقول : لا يكفي لدخول الإسلام وتحقيق التوحيد عبادة الله وحده واجتناب الشرك ، بل يجب أن يعرف أن من لم يوحد الله ولم يجتنب الشرك ليس في دين الله ، وليس موحداً. وبدون ذلك لا يحقق الشرط الأول لدخول الإسلام ، ولقد أثبت ذلك في ما سبق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأتحداك أن تأتِ بآية واحدة تثبت إسلام من عبد الله وحده وترك جميع أنواع الشرك ، ولكنه بنفس الوقت حكم على فاعل الشرك بالتوحيد .
ولقد أثبت بعون الله ، أن الكفر بالطاغوت يقتضي تكفيره وتكفير من يعبده . وبدون الكفر بالطاغوت لا يدخل المرء الإسلام ، ولو عبد الله وحده ولم يشرك به شيئا .
فلا تكفي عبادة الله وحده ، بل يجب أن يعتقد أن عبادة غيره باطله وشرك ، ومن يفعلها ليس موحداً وليس في دين الله ، بل هو في دين الشيطان . وبدون ذلك لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام ، ولا تتحقق كلمة التوحيد


قولك : نعم ، هو من المعاني الكثيرة التي تُفهم من كلمة التوحيد .. أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم .

أقول : أنت تقر هنا بأنه من معنى كلمة التوحيد . وأن من معنى كلمة التوحيد ، أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم .
ثم بعد هذا الإقرار ، تحكم على من فعل الشرك الأكبر بالإسلام والتوحيد وتقول " هو فقط بشركه ليس مسلماً " أو " هو بشركه ليس موحداً " أما شخصه وذاته فهي على التوحيد والإسلام حتى نقيم عليه الحجة ويفهمها ، فإذا لم يفهما ولم يترك الشرك الأكبر ، يبقى على توحيده وإسلامه .
وتعذر بالجهل والتأويل من حكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعرف أنه يرتكب الشرك الأكبر ويحسنه ويدعو له ، لأنه حسب زعمك ، أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك .
أي دين هذا الذي تدين به يا أبا شعيب ؟ وأي توحيد هذا الذي تؤمن به ؟ وأنت لا تستطيع أن تثبت كلامك بآية واحدة من كتاب الله أو حديث واحد من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وكل ما تتمسك به بعض الأحاديث التي ليس لها علاقة بالموضوع ، أو بعض كلام العلماء الذي أيضاً ليس له علاقة بموضوع مرتكب الشرك الأكبر وموضوع الحد الأدنى لدخول الإسلام .


قولك : وكذلك يُفهم منها أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ، كما قال الله : { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران : 32]
وكقوله : { إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً } [الجن : 23]
وكقوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب : 36]


أقول : يا رجل ، أنا أسألك عن الفهم الذي يجب أن يفهمه من شهادة التوحيد ،من يريد أن يدخل في دين الله ، حتى يحقق دخول الإسلام والتوحيد ويحقق الإيمان بها بداية . وأنت سابقا قلت يجب أن يعرف ويفهم أنه يجب عليه أن يترك جميع أنواع الشرك ويعتقد أن من لم يتركه ليس موحداً ولا في دين الله . ومع هذا الكلام تعذر من لا يفهمه ولا يطبقه على أرض الواقع بالجهل والتأويل . تعذر من حكم بالتوحيد والإسلام على من لم يترك الشرك الأكبر . أليس هذا تناقضاً واضحا في كلامك ؟
كيف تشترط شرطاً لدخول الإسلام وتحكم بعد ذلك على من لا يفهمه ولم يطبقه ، بالإسلام ودخول دين التوحيد ؟
وأنت نفسك قلت لا يكفيه لدخول الإسلام ترك جميع أنواع الشرك، بل يجب عليه أن يعتقد أن من لم يترك الشرك ليس موحدا وليس في دين الله .
ثم أنت هنا تقول ومن معاني كلمة التوحيد : "أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم ." وبعدها لتميع الموضوع وتشتيته تقول : " وكذلك يُفهم منها أن من يعصي الله تعالى فهو كافر "
كيف يفهم من يريد دخول الإسلام ودين التوحيد ، من كلمة التوحيد ، أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ؟
يا رجل نحن لم نشترط عليه في البداية لفهم كلمة التوحيد أن يسمي نفسه مسلماً ، ويسمي غير الموحد بالكافر ، فكيف نشترط عليه - ومن أين - أن يفهم أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ؟
لا تنس أننا نتحدث عن الحد الأدنى لفهم كلمة التوحيد .


قولك : ويفهم منها أيضاً أن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر .. قال تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الأعراف : 28]
ويفهم منها أيضاً أن الله يأمر بالعدل والإحسان .. قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل : 90]
ويفهم منها أنه لا تحاكم إلا لله .. قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [النساء : 65]
وأنه لا حكم إلا حكم الله .. قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [يوسف : 40]


أقول : نعم يفهم منها ذلك ولا بد .

يتبع

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10-19-2017, 02:36 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
الرد على مشاركة رقم 35

بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : قبل استكمال ردودي عليك في باقي مشاركاتك ، أود أن أسألك بضعة أسئلة حتى يتوضح لي منهجك
1- ما الذي يحدد دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ؟ هل هو العقل المجرّد أم الدليل الشرعي ؟
مثاله : السجود لغير الله .
هل يُعلم أنه شرك أكبر من غيره بالدليل الشرعي أم بالعقل ؟


أقول : القرآن الكريم نزل بلغة العرب لهذا يفهم بلغة العرب ما لم يأت دليل على صرف المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي . والألفاظ لها معان شرعية ومعان لغوية . وقد يتفق المعنى الشرعي مع اللغوي ، أما إذا لم يتفق المعنى الشرعي مع المعنى اللغوي فالمعتبر هو المعنى الشرعي .
والعقل هو آلة لفهم النصوص الشرعية وليس دليلا مستقل بحد ذاته .
فالعبادة لا يحددها العقل المجرد ، بل يحددها الدليل الشرعي الذي يفهم حسب اللغة العربية إذا اتفق المعنى اللغوي مع الشرعي ، وإلا فالمعنى الشرعي هو المعتبر ..
فالسجود لغير الله ، لا يحكم عليه بأنه عبادة وشرك أكبر إلا بدليل شرعي وبالمعنى الشرعي .
فليس كل سجود لغير الله عبادة . هناك سجود عبادة وسجود تحية . والأول شرك والثاني معصية في شريعتنا . وقد كان مباحاً في شريعة من قبلنا من الأنبياء .


قولك 2- من خالف في دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ، وقال عن فعل ما إنه شرك أكبر (كالسجود لغير الله) ، وقال غيره إن شرك أصغر .. هل على الأول تكفير الثاني بحجة أنه : لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟

أقول : لا ، ليس على الأول تكفير الثاني ولا يجوز أن يصفه بأنه لا يعلم معنى لا إله إلا الله .
إلا إذا كان السجود سجود عبادة ، ففي هذه الحالة لا يسع الثاني أن يقول عنه شرك أصغر لا ينقض التوحيد . وإذا قال عنه أنه شرك أصغر وهو ثابت شرعاً ولغة أنه شرك أكبر وعبادة لغير الله لم يعرف معنى العبادة . والشرك الأصغر لا يصل لدرجة العبادة لغير الله .
هذا ، وكل فعل مهما كان ، فُُعل بنية العبادة لغير الله ففاعله مشرك غير موحد ، ومن لم يكفره وهو يعلم قصده ، وحكم عليه بالتوحيد ، لم يفهم معنى الشهادة .
بعض الأفعال لها دلالة واحدة وبعضها له أكثر من دلالة . فالأفعال ذات الدلالة الواحد لا يسع الخلاف فيها ، أما الأفعال التي لها أكثر من دلالة فيسع الاختلاف فيها . وهي حسب القصد والنية . أو حسب القرائن التي تحيط بها . فإذا ثبت لغة أن فعلاً من الأفعال لا يفعل إلا بنية العبادة ، فلا يجوز الحكم عليه بأنه شرك أصغر ، ولا يجوز الحكم على فاعله بأنه مسلم موحد لم يعبد غير الله . ومن حكم هكذا فهو لا يفهم العبادة ولا التوحيد ولا الشرك .
وأما إذا كان الفعل معناه اللغوي يدل على أكثر من معنى ، ومن هذه المعاني ما ليس عبادة ، لا يحكم على فاعله قبل معرفة قصده ونيته من الفعل ، أو معرفة القرائن التي ترجح معنىً من المعاني .
مثاله السجود لغير الله . فهذا الفعل يحتمل أن يكون بنية التحية ويحتمل أن يكون بنية العبادة . فلا يحكم على فاعله بدون معرفة نيته من فعل السجود ، أو معرفة القرائن التي ترجح أنه سجود عبادة أو سجود تحية . ومن حكم على فاعله دون معرفة نيته أو بدون مرجح يدل على الغاية والقصد من فعله ، فقد أخطأ في الحكم .
فمثلا رأينا شخصاً يسجد لشخص ، فلا يجوز أن نحكم أنه سجود عبادة دون معرفة نية الفاعل أو بدون أن يكون عندنا قرائن حقيقية تدل على أنه فعله للعبادة .
أما من رأيناه يسجد للشمس أو للقمر أو لصنم ، وثبت عندنا أن هذا الفعل يفعله للشمس أو للقمر أو للصنم ، فلا نتردد بالحكم عليه بأنه سجود عبادة . لأن السجود للشمس أو للقمر أو للصنم لا يكون إلا سجود عبادة .
والسجود لشخص ليس محلاً للعبادة يرجح فيه سجود التحية . كسجود معاذ رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا شك أنه سجود تحية ، وسجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وأخوته له .

أما إعطاء حق التحليل والتحريم لغير الله فلا يوصف هذا العمل إلا بأنه عبادة للطاغوت .

قولك 3- من يرى بعض الأفعال تدل على الشرك الأكبر ، كالسجود لغير الله ، ثم قال : أنا أعذر من يسجد لغير الله جاهلاً ، ودليله قصة معاذ بن جبل وسجوده للنبي - صلى الله عليه وسلم - .. هل يكفر عندك بحجة أنه لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟
وجزاك الله خيراً .


أقول : من أعتقد أن فعلاً من الأفعال عبادة لغير الله فلا يجوز له أن يفعله ولا يجوز أن يحكم على فاعله بالتوحيد ويعذره بالجهل أو التأويل .
أما هذا الذي أعتقد أن كل سجود لغير الله عبادة ، فيجب عليه أن لا يسجد لغير الله ، أي نوع من أنواع السجود ، ولا يحكم على من سجد لغير الله بالتوحيد ، ولا يعذره بالجهل ولا بالتأويل . وإذا حكم على من سجد لغير الله -أي نوع من أنواع السجود - بالإسلام والتوحيد فإنه قد خالف معتقده وأجاز عبادة غير الله . أو أنه اعتقد باجتماع التوحيد والشرك الأكبر في قلب رجل واحد ، ويظل موحداً ، فبهذا لم يفهم التوحيد ولا الشرك .
ثم كيف يفهم بأن معاذ رضي الله عنه سجد سجود عبادة وهو يحكم عليه بداية بأنه موحد مسلم يعرف أن أي عمل فعل بنية العبادة لغير الله شرك .
مثل هذا الشخص سيفهم أن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام هو أمر بعبادة غيره . وحاشا لله أن يأمر بعبادة غيره ، وهو يصفه بأنه ظلم عظيم ، وقال عز من قائل : " وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "
هذا الشخص افترى على الله وعلى رسوله . بأن اعتقد أن الله يأمر بالشرك وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت عن الشرك الأكبر .
لا يتردد من يفهم التوحيد ويحسن الظن بالصحابة ويعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أدى وظيفته على أكمل وجه ، لا يتردد بالحكم على أن سجود معاذ رضي الله عنه كان سجود تحية لا عبادة ، إذ كيف يجهل هذا الصحابي الجليل أن سجود العبادة لا ينبغي إلا لله ، سبحانك هذا ظلم وافتراء عظيم على هذا الصحابي الجليل الذي اصطفاه النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة جميعاً لمناظرة أهل الكتاب وتبليغهم التوحيد وأصل الدين وقال له ،صلى الله عليه وسلم : ( إنك ستقدم قوماً أهل كتاب ...) .
فهل يصطفي النبي صلى الله عليه وسلم ، من أصحابه من يجهل أصل التوحيد ليناظر أهل علم ومجادلة على ما لا يعلمه ؟
ولو قرأ هذا ، باقي الحديث الذي استشهد به لعرف أنه ليس سجود عبادة ، بل سجود تحية لأن تكملة الحديث هي : فقال صلى الله عليه وسلم ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ) .
فهذا نص في أن هذا السجود سجود تحية وإكرام ، وإلا تعارض مع قوله تعالى : " وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11-22-2017, 11:41 AM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 57
لعاجلية المسألة وأهميتها أخرت تكملة الرد على المشاركة رقم 31 حتى أنهي الرد على المشاركة رقم 57


قولك : بعد كل هذا ، أين الدليل الصريح على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين ؟؟
لا تقل لي دليلاً عقلياً .. أنا فهمي غير فهمك .



أقول : بل هذه الأدلة وغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك .
فنبينا أفضل الصلاة والسلام عليه عندما بعث ، كان في جزيرة العرب أكثر من دين وكلهم يَدَّعون أنهم في دين الله . كان هناك مشركي العرب عبدة الأصنام . وكان هناك اليهود والنصارى . وكلهم يدعي أنهم في دين الله وأنهم أتباع رسل . فمشركي العرب كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام ، وكانوا يمارسون كثيراً من العبادات من دين إبراهيم كالحج والصلاة والصوم والصدقة والغسل من الجنابة ، وكان عندهم عادات إسلامية كثيرة حميدة مثل إكرام الضيف وإعانة المظلوم ، وكانوا يعظمون الكعبة ويكرمون زوارها أكثر مما يعظمها طواغيت السعودية اليوم . فكانت عندهم السقاية والرفادة .
قال تعالى عنهم : " أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
وكانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله .
قال تعالى : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
وكان هناك النصارى واليهود الذين يعتقدون أنهم في دين الله ، وأنهم موحدون . وكان عندهم كثير من مظاهر التوحيد والإسلام مع شركهم القليل . وعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم حكم عليهم كلهم بالشرك والخروج من دين الله ودعاهم كلهم لدخول دين الله من جديد ، ولم يُعط أي قيمة لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام . وكان كل فرد منهم عندما يؤمر بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله لدخوله دين الله ، يعرف من هذا الخطاب ما هو الطاغوت وما حكمه وما حكم من يعبده . ومن لا يعرف من لغته ، يُعرف بكل هذا قبل أن يدخل الإسلام . لأن المطلوب منه دخول الإسلام عن بينة وعلم . لأن هذا هو الذي سيفيده .
ومن لا يعرف لأي دين دعي ، وبأي دين هو . فلأي شيء دعي ؟ ولماذا شرطت عليه هذه الشروط .؟ أليس عدم بيان هذه الأمور والاكتفاء منه فقط أن يعرف أنه كان على باطل بفعله وبحدود فعله وأنه أصبح الآن على الحق بفعله وبحدود فعله ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يعرف أن من يعبد غير الله ليس في دين الله بعينه ، أليس هذا من العبث وعدم البيان المبين الذي يجب أن ينزه الله ورسله عنه . ؟
الأنبياء كلهم كانوا من أول يوم يدعون أقوامهم لدين الله . فهم أصلاً مرسلون من قبل الله لبيان دينه ودعوة الناس لدخول هذا الدين ، وليس هم مجرد إصلاحيون يريدون أن يبينوا للناس ما هو الحق ومن هو على الحق بفعله وبحدود فعله وما هو الباطل ومن هو على الباطل بفعله وبحدود فعله ، وكفى .
بل كانوا من أول يوم يقولون للناس ، كل الناس على اختلاف أديانهم : أنتم لست في دين الله ، لأنكم تعبدون معه غيره ، ولا ينفعكم إدعائكم أنكم في دين الله ، ولا ينفعكم ما تأدونه من مظاهر التوحيد والإسلام لحكم عليكم بأنكم موحدون في دين الله ، ما دمت تشركون بالله وتعبدون غيره . اتركوا عبادة الطاغوت واعبدوا الله وحده ، ومن دون ذلك لا يمكنكم دخول دين الله ، وكل إدعاءاتكم أنكم في دين الله بدون ترككم للشرك إدعاءات باطلة وافتراء على الله وتحريف لدينه .
وكان عندما يرسل أي رسول لقومه كان يؤمر أن يقول لهم من أول يوم : " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ " (الزمر :11-12) أليس هذا الكلام يدل دلالة واضحة على أنه كان يحكم عليهم بأنهم غير مسلمين ؟ وكان يخبرهم أن المسلم هو من عبد الله وحده مخلصاً له الدين . أي ترك جميع أنواع الشرك .؟ وأن من استجاب لدعوته وترك جميع أنواع الشرك وعبد الله مخلصاً له الدين كان مسلماً معه ، دخل في دين الإسلام وترك دين الشرك . ؟
أبعد هذا التوضيح والبيان يُقال : لا يشترط بمن أراد دخول الدين أن يعرف بأي دين كان وفي أي دين دخل ، ولا يشترط عليه أن يعرف بأي دين مَن كان حاله كحاله قبل دخول دين الله . وأنه لا يوجد دليل صريح يدل أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين . من يقول هذا الكلام لا يعرف دعوة الرسل ولا يعرف ما دعت إليه من أول يوم . ولا يعرف دين التوحيد وكيف يدخل المرء فيه ، ولا يعرف دين الشرك ودين الطاغوت ومن هو فيه .
أيعرف دين التوحيد من يدخل المشرك فيه ؟
أيعرف دين الشرك ودين الطاغوت من يخرج المشرك منه ويخرج عابد الطاغوت منه ؟
لو تكلم الطاغوت لأعترض على ذلك وقال : كيف لكم أن تخرجوا من يعبدني من ديني ؟
فكيف لله سبحانه وتعالى أن لا يعترض ويقول : كيف أدخلتم من عبد الطاغوت في ديني ، ولقد قلت لكم من أول يوم على لسان رسلي : " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ؟؟
ولولا الحياء لقيل : أن مِن أصل الدين إدخال المشرك في دين الله لأن عنده من التوحيد والإسلام الشيء الكثير .
أسأل هنا : متى يخرج المشرك بعينه من دين التوحيد.؟ وقبل هذا ما هو دليلكم أن المشرك داخل في دين التوحيد ؟
وبأي دليل أدخلتم المشرك في دين التوحيد . حتى تسألوا من أخرجه على أي دليل اعتمدت في أخراجه من دين التوحيد ؟


قولك : هذه المسألة التي هي من أصل أصول الدين ، ولا يدخل الإنسان الإسلام حتى يعلمها ، لا يوجد دليل صريح واحد يثبت أن المرء يكفر إن لم يضبطها .. بل لا يوجد دليل صريح أن هذا الأمر يُلزم به جميع المسلمين .
غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك .



أقول : سبحان الله ! بل الأدلة الصريحة على هذا كثيرة في كتاب الله ولقد ذكرت لك بعضها ، وسوف أبين هنا وجه الدلالة الغائب عنك فيها .
والأدلة التي ذكرتها لك تثبت بشكل واضح أن من أشرك بالله وعبد غيره ليس في دين الله . وأن هذه الحقيقة كان يعرفها كل مسلم دخل الإسلام عند دخوله الإسلام . وما تركه لدين الشرك الذي كان عليه ودخوله دين التوحيد ، إلا لأنه أصبح يعرف معرفة يقينية لا لبس فيها ، أن ما كان عليه من دين ليس دين الله بل دين الطاغوت دين الشرك ، وأنه حتى يدخل في دين الله يجب عليه ترك دين الطاغوت وترك جميع أنواع الشرك وعبادة الله وحده مخلصاً له الدين .
قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وقال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وقال تعالى : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ " (الزمر : 17)
ثم كيف لك يا أبا شعيب أن تتصور رجلاً أراد دخول دين الإسلام دين التوحيد ، فاشترط عليه لدخول دين الإسلام أن يكفر بالطاغوت ولم يبين له ما هو الطاغوت الذي يجب أن يكفر به ، وكيفية الكفر به وما حكمه وحكم من لم يكفر به . ثم هو مع ذلك ، يعلن أنه كفر بالطاغوت . فيحكم عليه بأنه دخل الإسلام وكفر بالطاغوت ، وهو لا يعرف أنه قبل دخوله الإسلام هل كان خارج دين الله أو داخله ؟ ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمر بأن يكفر به لدخوله دين التوحيد ، ولا يعرف هل هذا الطاغوت في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يعرف أن من عبد الطاغوت في دين الله أم خارجه . ويكفي منه حتى يدخل الإسلام أن يعرف أنه كان قبل أن يدخل دين الله على باطل في فعله وبحدود فعله ، وأن الطاغوت ومن يعبده على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم . ولا يضره بعد ذلك أن يجهل هل قبل دخوله دين الإسلام كان في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يضره عدم معرفته أن الطاغوت وعابديه بأعيانهم في دين الله أم خارجه . ؟


ثم تقول : " غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك ."

أقول : كلامك هذا يعني أن الصحابة رضي الله عنهم بداية كانوا لا يعرفون بأي دين دخلوا ولا بأي دين كانوا ولا يعرفون حكم الطاغوت الذي أمروا أن يكفروا به ، هل هو في دين الله أم خارجه ، وكذلك كانوا لا يعرفون حكم من عبد الطاغوت وأشرك بالله ، هل هو في دين الله أم خارجه . وكل ما كان يعرفونه أنهم على الحق وأن من يعبد غير الله على الباطل بعمله وفي حدود عمله ، أما بعينه وشخصه فلا يعرفون بأي دين هو ، حتى نزلت هذه الآيات . وحتى بعد نزول هذه الآيات من لم يفهمها جيداً ويحكم على من أشرك بالله أنه موحد مسلم في دين الله ، لترجيحه ما عنده من توحيد على ما يفعله من شرك ، فهو معذور لجهله وتأويله . ومن مات من الصحابة قبل نزول هذه الآيات ، كان لا يعرف أحكامها ، لا يعرف أن من عبد غير الله مشرك بعينه ، وليس في دين التوحيد ، ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمِر أن يكفر به ، هل هو في دين الله أم خارجه. وقد يكون مات وهو يعتقد أن من أشرك بالله وعبد غيره هو مشرك في عمله أي بحدود عمله فقط ، وأنه موحد بما عنده من توحيد وبحدود توحيده ، وقد يكون مات وهو يعتقد أن المشرك لكثرة توحيده موحد وفي دين الله لأن توحيده غلب شركه . وقد يكون مات وهو يعتقد أن النصارى واليهود على دين التوحيد مع شركهم لكثرة توحيدهم . وهو معذور بذلك ، لأن آيات الله التي تبين حكم فاعل الشرك لم تنزل بعد .

قولك : ولا دليل أتيت به حتى الآن يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه .
يوجد أدلة كثيرة على تكفير من يكفر المسلم .. فهل هناك دليل بمثل هذه الصراحة على تكفير من يحكم على المشرك بالإسلام ؟؟هل يوجد ؟؟



أقول : بل كل الأدلة التي ذكرتها لك وغيرها كثير توجب وجوباً بالضرورة على من أراد دخول الإسلام أن يعرف أن المشرك الذي عبد غير الله ليس في دين التوحيد بعينه . وتوجب عليه معرفة أن الطاغوت الذي أمر بترك عبادته ليدخل الإسلام ليس في دين التوحيد هو ومن عبده . ومن لم يفهم هذا ، لم يفهم معنى الكفر بالطاغوت الذي أمر أن يحققه ليدخل الإسلام . ولم يفهم لماذا وضع هذا الشرط .
ثم تقول : " يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه "
أقول : بداية كيف صار هذا الذي تصفه بأنه مسلم موحد ، مسلماً ، وهو لا يعرف أن الطاغوت الذي أمر بالكفر به بأي دين هو ومن يعبده ؟
أنت الظاهر يا أبا شعيب تبحث عن دليل يقول صراحة : " حتى يكون المرء مسلماً يجب عليه أن يحكم بكفر ( عين ) من أشرك بالله وعبد غيره ، وكفر من لم يكفره ، وإن لم يفعل ذلك يكفر "

أنت بهذا الطلب يا أبا شعيب كمن حكم بعدم حرمة الخمر ، لعدم وجود دليل ينص حرفياً : بأن الخمر حرام . وجهل أن تحريم الخمر جاء بإفادة أكثر قوة ودلالة من كلمة " حرم "

قولك : والدليل الأخير الذي أتيت به هو حجة عليك .
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ »
وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .
عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .
وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : لا ، ليس الدليل الذي أتيتُ به حجة علي ، بل هو حجة لي واضحة. وإليك ألإثبات من الدليل .
الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لدخول الجنة ترك جميع أنواع الشرك. ماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن من أشرك بالله وعبد غيره لم يدخل الجنة بل سيدخل النار . ولقد أكد رسول الله هذا المعنى بأن قال بعد ذلك : "وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ" وانتبه لكلمة " شيئا" يعني بأي شي بسيط كان أم عظيم .
فهذا يعني أن من أشرك بالله بأي شي بسيط كان أم عظيم ليس في دين التوحيد بعينه وسيدخل النار ولا يدخل الجنة .
ألا يدل هذا الكلام أن المشرك بالله ليس في دين التوحيد بعينه ؟
لأن الذي سيدخل النار هو عين الشخص وليس فعله . ؟
فكيف بعد هذا الكلام يقال : أنه لا يُشترط لدخول الجنة اعتقاد أن المشرك بالله سوف لا يدخلها وأنه ليس في دين الله وليس موحداً .


قولك :
وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .


أقول : أنا قلتُ من عرف أنه لا يدخل الإسلام ولا يدخل الجنة حتى يترك عبادة غير الله ، سيعرف ولا بد أن من لم يترك عبادة غير الله ليس في دين الله ، ولا يستطيع أن يدخل الجنة ، بل مصيره سيكون النار خالداً فيها أبدا إذا لم يترك الشرك ومات وهو على الشرك .

قولك : عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .


أقول : لا يعرف التوحيد ولا كيفية دخول الإسلام ، ولا يعرف ما هو الطاغوت ، من لم يعرف أن عابد الطاغوت والطاغوت ليس موحداً وليس في دين الله.
ولا ينفعه عبادة الله وحده وترك عبادة الطاغوت واعتقاد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ما دام لا يعرف أن الطاغوت ومن عبده ليسوا في دين الله . لأن عدم معرفته ذلك يدل دلالة واضحة لا لبس فيها : أنه لا يعرف لماذا وضع شرط ترك عبادة الطاغوت لدخول دين الله . ولا يعرف كيف يكون العبد في دين الله . فهو تركها لأنها باطلة وليس لأنها شرط في دخول دين التوحيد . ولو عرف أنها شرط في دخول دين التوحيد لما حكم على من عبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام . فهو يعتقد أن ترك عبادة الطاغوت شرط كمال وليس شرط صحة ، لأنه حكم على من أشرك بالله وعبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام مع معرفته أنه يعبد الطاغوت.


قولك : وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : نعم ، التوحيد هو عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه . وهذا يقتضي ويفهم منه بالضرورة أن من عبد غير الله ولم ينبذ الشرك قلباً وقالباً ليس موحداً وليس في دين الله . وهذا ما أقررت أنت به.
ولا يعني هذا الكلام إتيان بأصل جديد .
بل كل موحد يجب عليه أن يعرف بالضرورة أن المشرك ليس موحداً وليس في دين الله بعينه ، وليس بفعله فقط . لأن من يشرك بالله فقد عبد الطاغوت ودخل في دينه . وهذا ما يقتضيه الشرع واللغة والعقل السليم الذي يفهم معاني اللغة والشرع ، ويجب أن لا يماري فيه أحد يفهم ما هو الموحد وكيف يدخل المرء الإسلام .


قولك : الآن تفضل ..
اشرح لي كيف تدل هذه النصوص على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين .
رجاء .. لا أريد استنباطاتك أنت .. أريد استنباطات علماء السلف إلى ما قبل أئمة الدعوة النجدية .
أنا في الانتظار .



أقول : 1- " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وجه الدلالة : شرط لدخول الإسلام ودين التوحيد في هذه الآية شرطان :
الشرط الأول : الكفر بالطاغوت .
الشرط الثاني : الإيمان بالله .
وبدون تحقق هذين الشرطين لا يدخل المرء دين التوحيد .
والكفر بالطاغوت معناه :
1-عدم عبادة الطاغوت .
2- اعتقاد أن الطاغوت ليس في دين الله بل هو ممن ينازع الله في حقه الخاص ويجعل نفسه نداً لله .
3- الاعتقاد أن عابد الطاغوت ليس في دين التوحيد بل في دين الطاغوت.
4- الاعتقاد أن من أدخل الطاغوت وعابد الطاغوت في دين الله لم يعرف معنى الكفر الطاغوت ، ولم يَكفر بالطاغوت . لأنه لو كفر به وعرف ما هو ، وعرف لماذا أمِر لدخول دين التوحيد بالكفر به ، لما أدخله ومن يعبده في دين التوحيد .
وبدون فهم هذا المعنى للكفر بالطاغوت وتحقيقه على أرض الواقع لا يتحقق الكفر بالطاغوت . وهذا هو المعنى الذي كان يفهمه العرب ومن يريد دخول الإسلام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بل كانت أول كلمة يقولها قادة المسلمين الذين أرسلوا لدعوة الناس للإسلام " جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام "
وهذا هو معنى كلمة ( لا إله )
فمن حقق هذا الشرط بهذا المعنى ماذا سيكون اعتقاده في المخالف :
1- لا شك أنه سيعتقد أن كل من عبد غير الله يعني عبد الطاغوت فهو مشرك غير موحد خارج من دين الله ، ليس بعمله هذا وحسب بل بشخصه وعينه أيضا ً. ولا يفهم لا لغة ولا شرعاً أن المقصود من تكفير الطاغوت : الاعتقاد أنه على باطل بفعله وبحدود فعله ، وأن عابده على باطل بفعله وبحدود فعله . ثم بعد ذلك يحكم على الطاغوت وعلى عابده بالتوحيد والإسلام ، إذا وجد عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام . فإبليس عليه اللعنة كان من أعبد المخلوقات وأتقاهم وكان عنده من مظاهر التوحيد والإسلام ما وصَّلته لدرجة التواجد مع الملائكة في السماء.
ومن يقل أن هذه الآية تدل أن القصد من الكفر بالطاغوت هو الاعتقاد أنه على باطل في فعله وبحدود فعله ، والاعتقاد أن من يعبده على باطل في فعله وبحدود فعله فقط ، أما شخصه وعينه فهو موحد في دين الله ، لكثرة ما يفعله من أفعال التوحيد ،من يقل هذا لم يفهم هذه الآية . ولم يفهم كيفية الكفر بالطاغوت .
فأول ما يفهم من هذه الآية أن من لم يكفر بالطاغوت ليس في دين الله ولم يستمسك بالعروة الوثقى التي هي الإسلام أو الشهادة أو الإيمان .
طبعاً يفهم أنه ليس في دين الله بعينه وشخصه . ولا يفهم ، أنه ليس في دين الله في حدود عمله وفي عمله .
وهذا المعنى الذي بينته يفهمه كل عاقل بالغ طلب منه حتى يدخل الإسلام أن يكفر بالطاغوت .
ولا تنس أن هذه الآية الكريمة تبين شروط دخول دين الإسلام . ولا تبين أحكاماً عامة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع . كالاعتقاد أنه على ضلال في عمله وبحدود عمله .
فهي خطاب لمن أراد أن يدخل الإسلام باختياره . فقد بدأت بقوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "
يعني كما قال ابن كثير في تفسيره : " أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام , فإنه بيّن واضح, جلي دلائله وبراهينه, لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه, بل من هداه الله للإسلام, وشرح صدره, ونور بصيرته, دخل فيه علي بينة, ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره, فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً " أهـ
أقول : إذن هذه الآية الكريمة هي لتبين كيفية دخول الدين الإسلامي . ومن يقرأها يعلم شروط دخول دين الإسلام ، لهذا يعلم أن من لم يحقق هذه الشروط ليس في دين الله . كشخص معين . فهي لا تتحدث عن الأعمال وصفتها وصفة فاعلها بحدود فعله ، حتى نقول هو على ضلال بفعله وبحدود فعله . فهي تتحدث عن شروط دخول الشخص المعين دين التوحيد . فمن لا يحقق هذه الشروط لا يدخل دين التوحيد . وكل من يخاطب بهذه الشروط مهما كان مستواه العقلي سيفهمها كما بينتها.
ولك أن تسأل أبسط إنسان مكلف عن ذلك . ماذا يفهم من جملة : "شروط دخول دين الإسلام . " ألا يفهم من ذلك أن الشخص بعينه لا يحكم عليه بأنه في دين الإسلام بدون أن يحقق هذه الشروط ؟ لا شك سيفهم ذلك ببساطة مهما كان مستواه العقلي .

2- " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وجه الدلالة : هذه الآية تبين دعوة الرسل كلهم . فهم لم يدعوا الناس لعبادة الله ، بل دعوهم لعبادة الله وحده واجتناب عبادة غيره ، ليكونوا في دين الله .
لأنهم لو دعوهم لعبادة الله فسيقول لهم نحن نعبد الله أيضا .
ولو دعوهم لعبادة الله وحده فسوف يقول : من يعتقد أنه يوحد الله وهو يفعل الشرك ويعبد الطاغوت كحال النصارى واليهود ومن يدعي الإسلام اليوم ممن هو واقع في الشرك الأكبر : نحن نعبد الله وحده ، نحن موحدون مسلمون .
لهذا كان الخطاب واضح :" اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . "
" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى "
" من قال لا إله إلا الله والكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله وحسابه على الله ."
فعندما تطلب من أحد هذه الشروط لدخول دين الله ، أول ما سيفهم منك من هذا الطلب ، أنك تعتقد أنه لم يحقق هذه الشروط ، فإذا كان يعرف حاله وأنه من عبدت غير الله كما هو حال مشركي العرب ، فسوق يقول عنك : " أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "
وإذا كان ممن يظن نفسه من الموحدين الذين لا يعبدون غير الله . سيقول لك كما قالت النصارى : " نحن أسلمنا قبلك " فسوف يستدعي منك هذا الجواب أن تبين لهم شركهم الذي هم واقعين فيه ، كما بين الله سبحانه وتعالى لهم بقوله : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
وكما بين رسول الله صلى الله عليهم وسلم لعدي بن حاتم كيف كانوا يعبدون بعضهم البعض .
بعد هذا البيان الواضح الجلي ، يطلب من الشخص أن يقرر بأي دين سيكون، دين الله أم دين الطاغوت . فإذا قبل بهذه الشروط التي فهمها أتم الفهم واعتقدها وقرر الالتزام بها في أرض الواقع ، فقد دخل الإسلام . ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره ولم يقبلها ، فهو خارج دين الإسلام ، مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام .
هذه هي دعوة الرسل من أول يوم أرسلوا به .
ولم يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل ليبينوا للناس فقط ما هي أفعال الباطل والضلال ، ويدعوا الناس لتقرير من هو على الحق ومن هو على الباطل ، بدون أن يبينوا لهم لأي دين دعوهم وأي دين هم فيه .
ولم يحكم الرسل وأتباع الرسل عليهم بدخول دين التوحيد بمجرد أن عرفوا أنهم على الحق وأن الطاغوت وعبدته على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم .
ولم يقل لهم أي رسول : أنكم ما دمتم تحكمون على الطاغوت وعبدته بأنهم على باطل بحدود فعلهم فقد حققتم الكفر بالطاغوت ، ولا يضركم بعد ذلك إن لم تعرفوا بأي دين أنتم ولا بأي دين مخالفكم . ولا يضركم لو حكمتم على مخالفكم ، الطاغوت وعابديه ، بأنهم في دين الله لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام .

يتبع

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 11-22-2017, 04:49 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم 1:
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 57
لعاجلية المسألة وأهميتها أخرت تكملة الرد على المشاركة رقم 31 حتى أنهي الرد على المشاركة رقم 57


قولك : بعد كل هذا ، أين الدليل الصريح على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين ؟؟
لا تقل لي دليلاً عقلياً .. أنا فهمي غير فهمك .



أقول : بل هذه الأدلة وغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك .
فنبينا أفضل الصلاة والسلام عليه عندما بعث ، كان في جزيرة العرب أكثر من دين وكلهم يَدَّعون أنهم في دين الله . كان هناك مشركي العرب عبدة الأصنام . وكان هناك اليهود والنصارى . وكلهم يدعي أنهم في دين الله وأنهم أتباع رسل . فمشركي العرب كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام ، وكانوا يمارسون كثيراً من العبادات من دين إبراهيم كالحج والصلاة والصوم والصدقة والغسل من الجنابة ، وكان عندهم عادات إسلامية كثيرة حميدة مثل إكرام الضيف وإعانة المظلوم ، وكانوا يعظمون الكعبة ويكرمون زوارها أكثر مما يعظمها طواغيت السعودية اليوم . فكانت عندهم السقاية والرفادة .
قال تعالى عنهم : " أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
وكانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله .
قال تعالى : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
وكان هناك النصارى واليهود الذين يعتقدون أنهم في دين الله ، وأنهم موحدون . وكان عندهم كثير من مظاهر التوحيد والإسلام مع شركهم القليل . وعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم حكم عليهم كلهم بالشرك والخروج من دين الله ودعاهم كلهم لدخول دين الله من جديد ، ولم يُعط أي قيمة لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام . وكان كل فرد منهم عندما يؤمر بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله لدخوله دين الله ، يعرف من هذا الخطاب ما هو الطاغوت وما حكمه وما حكم من يعبده . ومن لا يعرف من لغته ، يُعرف بكل هذا قبل أن يدخل الإسلام . لأن المطلوب منه دخول الإسلام عن بينة وعلم . لأن هذا هو الذي سيفيده .
ومن لا يعرف لأي دين دعي ، وبأي دين هو . فلأي شيء دعي ؟ ولماذا شرطت عليه هذه الشروط .؟ أليس عدم بيان هذه الأمور والاكتفاء منه فقط أن يعرف أنه كان على باطل بفعله وبحدود فعله وأنه أصبح الآن على الحق بفعله وبحدود فعله ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يعرف أن من يعبد غير الله ليس في دين الله بعينه ، أليس هذا من العبث وعدم البيان المبين الذي يجب أن ينزه الله ورسله عنه . ؟
الأنبياء كلهم كانوا من أول يوم يدعون أقوامهم لدين الله . فهم أصلاً مرسلون من قبل الله لبيان دينه ودعوة الناس لدخول هذا الدين ، وليس هم مجرد إصلاحيون يريدون أن يبينوا للناس ما هو الحق ومن هو على الحق بفعله وبحدود فعله وما هو الباطل ومن هو على الباطل بفعله وبحدود فعله ، وكفى .
بل كانوا من أول يوم يقولون للناس ، كل الناس على اختلاف أديانهم : أنتم لست في دين الله ، لأنكم تعبدون معه غيره ، ولا ينفعكم إدعائكم أنكم في دين الله ، ولا ينفعكم ما تأدونه من مظاهر التوحيد والإسلام لحكم عليكم بأنكم موحدون في دين الله ، ما دمت تشركون بالله وتعبدون غيره . اتركوا عبادة الطاغوت واعبدوا الله وحده ، ومن دون ذلك لا يمكنكم دخول دين الله ، وكل إدعاءاتكم أنكم في دين الله بدون ترككم للشرك إدعاءات باطلة وافتراء على الله وتحريف لدينه .
وكان عندما يرسل أي رسول لقومه كان يؤمر أن يقول لهم من أول يوم : " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ " (الزمر :11-12) أليس هذا الكلام يدل دلالة واضحة على أنه كان يحكم عليهم بأنهم غير مسلمين ؟ وكان يخبرهم أن المسلم هو من عبد الله وحده مخلصاً له الدين . أي ترك جميع أنواع الشرك .؟ وأن من استجاب لدعوته وترك جميع أنواع الشرك وعبد الله مخلصاً له الدين كان مسلماً معه ، دخل في دين الإسلام وترك دين الشرك . ؟
أبعد هذا التوضيح والبيان يُقال : لا يشترط بمن أراد دخول الدين أن يعرف بأي دين كان وفي أي دين دخل ، ولا يشترط عليه أن يعرف بأي دين مَن كان حاله كحاله قبل دخول دين الله . وأنه لا يوجد دليل صريح يدل أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين . من يقول هذا الكلام لا يعرف دعوة الرسل ولا يعرف ما دعت إليه من أول يوم . ولا يعرف دين التوحيد وكيف يدخل المرء فيه ، ولا يعرف دين الشرك ودين الطاغوت ومن هو فيه .
أيعرف دين التوحيد من يدخل المشرك فيه ؟
أيعرف دين الشرك ودين الطاغوت من يخرج المشرك منه ويخرج عابد الطاغوت منه ؟
لو تكلم الطاغوت لأعترض على ذلك وقال : كيف لكم أن تخرجوا من يعبدني من ديني ؟
فكيف لله سبحانه وتعالى أن لا يعترض ويقول : كيف أدخلتم من عبد الطاغوت في ديني ، ولقد قلت لكم من أول يوم على لسان رسلي : " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ؟؟
ولولا الحياء لقيل : أن مِن أصل الدين إدخال المشرك في دين الله لأن عنده من التوحيد والإسلام الشيء الكثير .
أسأل هنا : متى يخرج المشرك بعينه من دين التوحيد.؟ وقبل هذا ما هو دليلكم أن المشرك داخل في دين التوحيد ؟
وبأي دليل أدخلتم المشرك في دين التوحيد . حتى تسألوا من أخرجه على أي دليل اعتمدت في أخراجه من دين التوحيد ؟


قولك : هذه المسألة التي هي من أصل أصول الدين ، ولا يدخل الإنسان الإسلام حتى يعلمها ، لا يوجد دليل صريح واحد يثبت أن المرء يكفر إن لم يضبطها .. بل لا يوجد دليل صريح أن هذا الأمر يُلزم به جميع المسلمين .
غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك .



أقول : سبحان الله ! بل الأدلة الصريحة على هذا كثيرة في كتاب الله ولقد ذكرت لك بعضها ، وسوف أبين هنا وجه الدلالة الغائب عنك فيها .
والأدلة التي ذكرتها لك تثبت بشكل واضح أن من أشرك بالله وعبد غيره ليس في دين الله . وأن هذه الحقيقة كان يعرفها كل مسلم دخل الإسلام عند دخوله الإسلام . وما تركه لدين الشرك الذي كان عليه ودخوله دين التوحيد ، إلا لأنه أصبح يعرف معرفة يقينية لا لبس فيها ، أن ما كان عليه من دين ليس دين الله بل دين الطاغوت دين الشرك ، وأنه حتى يدخل في دين الله يجب عليه ترك دين الطاغوت وترك جميع أنواع الشرك وعبادة الله وحده مخلصاً له الدين .
قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وقال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وقال تعالى : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ " (الزمر : 17)
ثم كيف لك يا أبا شعيب أن تتصور رجلاً أراد دخول دين الإسلام دين التوحيد ، فاشترط عليه لدخول دين الإسلام أن يكفر بالطاغوت ولم يبين له ما هو الطاغوت الذي يجب أن يكفر به ، وكيفية الكفر به وما حكمه وحكم من لم يكفر به . ثم هو مع ذلك ، يعلن أنه كفر بالطاغوت . فيحكم عليه بأنه دخل الإسلام وكفر بالطاغوت ، وهو لا يعرف أنه قبل دخوله الإسلام هل كان خارج دين الله أو داخله ؟ ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمر بأن يكفر به لدخوله دين التوحيد ، ولا يعرف هل هذا الطاغوت في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يعرف أن من عبد الطاغوت في دين الله أم خارجه . ويكفي منه حتى يدخل الإسلام أن يعرف أنه كان قبل أن يدخل دين الله على باطل في فعله وبحدود فعله ، وأن الطاغوت ومن يعبده على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم . ولا يضره بعد ذلك أن يجهل هل قبل دخوله دين الإسلام كان في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يضره عدم معرفته أن الطاغوت وعابديه بأعيانهم في دين الله أم خارجه . ؟


ثم تقول : " غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك ."

أقول : كلامك هذا يعني أن الصحابة رضي الله عنهم بداية كانوا لا يعرفون بأي دين دخلوا ولا بأي دين كانوا ولا يعرفون حكم الطاغوت الذي أمروا أن يكفروا به ، هل هو في دين الله أم خارجه ، وكذلك كانوا لا يعرفون حكم من عبد الطاغوت وأشرك بالله ، هل هو في دين الله أم خارجه . وكل ما كان يعرفونه أنهم على الحق وأن من يعبد غير الله على الباطل بعمله وفي حدود عمله ، أما بعينه وشخصه فلا يعرفون بأي دين هو ، حتى نزلت هذه الآيات . وحتى بعد نزول هذه الآيات من لم يفهمها جيداً ويحكم على من أشرك بالله أنه موحد مسلم في دين الله ، لترجيحه ما عنده من توحيد على ما يفعله من شرك ، فهو معذور لجهله وتأويله . ومن مات من الصحابة قبل نزول هذه الآيات ، كان لا يعرف أحكامها ، لا يعرف أن من عبد غير الله مشرك بعينه ، وليس في دين التوحيد ، ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمِر أن يكفر به ، هل هو في دين الله أم خارجه. وقد يكون مات وهو يعتقد أن من أشرك بالله وعبد غيره هو مشرك في عمله أي بحدود عمله فقط ، وأنه موحد بما عنده من توحيد وبحدود توحيده ، وقد يكون مات وهو يعتقد أن المشرك لكثرة توحيده موحد وفي دين الله لأن توحيده غلب شركه . وقد يكون مات وهو يعتقد أن النصارى واليهود على دين التوحيد مع شركهم لكثرة توحيدهم . وهو معذور بذلك ، لأن آيات الله التي تبين حكم فاعل الشرك لم تنزل بعد .

قولك : ولا دليل أتيت به حتى الآن يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه .
يوجد أدلة كثيرة على تكفير من يكفر المسلم .. فهل هناك دليل بمثل هذه الصراحة على تكفير من يحكم على المشرك بالإسلام ؟؟هل يوجد ؟؟



أقول : بل كل الأدلة التي ذكرتها لك وغيرها كثير توجب وجوباً بالضرورة على من أراد دخول الإسلام أن يعرف أن المشرك الذي عبد غير الله ليس في دين التوحيد بعينه . وتوجب عليه معرفة أن الطاغوت الذي أمر بترك عبادته ليدخل الإسلام ليس في دين التوحيد هو ومن عبده . ومن لم يفهم هذا ، لم يفهم معنى الكفر بالطاغوت الذي أمر أن يحققه ليدخل الإسلام . ولم يفهم لماذا وضع هذا الشرط .
ثم تقول : " يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه "
أقول : بداية كيف صار هذا الذي تصفه بأنه مسلم موحد ، مسلماً ، وهو لا يعرف أن الطاغوت الذي أمر بالكفر به بأي دين هو ومن يعبده ؟
أنت الظاهر يا أبا شعيب تبحث عن دليل يقول صراحة : " حتى يكون المرء مسلماً يجب عليه أن يحكم بكفر ( عين ) من أشرك بالله وعبد غيره ، وكفر من لم يكفره ، وإن لم يفعل ذلك يكفر "

أنت بهذا الطلب يا أبا شعيب كمن حكم بعدم حرمة الخمر ، لعدم وجود دليل ينص حرفياً : بأن الخمر حرام . وجهل أن تحريم الخمر جاء بإفادة أكثر قوة ودلالة من كلمة " حرم "

قولك : والدليل الأخير الذي أتيت به هو حجة عليك .
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ »
وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .
عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .
وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : لا ، ليس الدليل الذي أتيتُ به حجة علي ، بل هو حجة لي واضحة. وإليك ألإثبات من الدليل .
الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لدخول الجنة ترك جميع أنواع الشرك. ماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن من أشرك بالله وعبد غيره لم يدخل الجنة بل سيدخل النار . ولقد أكد رسول الله هذا المعنى بأن قال بعد ذلك : "وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ" وانتبه لكلمة " شيئا" يعني بأي شي بسيط كان أم عظيم .
فهذا يعني أن من أشرك بالله بأي شي بسيط كان أم عظيم ليس في دين التوحيد بعينه وسيدخل النار ولا يدخل الجنة .
ألا يدل هذا الكلام أن المشرك بالله ليس في دين التوحيد بعينه ؟
لأن الذي سيدخل النار هو عين الشخص وليس فعله . ؟
فكيف بعد هذا الكلام يقال : أنه لا يُشترط لدخول الجنة اعتقاد أن المشرك بالله سوف لا يدخلها وأنه ليس في دين الله وليس موحداً .


قولك :
وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .


أقول : أنا قلتُ من عرف أنه لا يدخل الإسلام ولا يدخل الجنة حتى يترك عبادة غير الله ، سيعرف ولا بد أن من لم يترك عبادة غير الله ليس في دين الله ، ولا يستطيع أن يدخل الجنة ، بل مصيره سيكون النار خالداً فيها أبدا إذا لم يترك الشرك ومات وهو على الشرك .

قولك : عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .


أقول : لا يعرف التوحيد ولا كيفية دخول الإسلام ، ولا يعرف ما هو الطاغوت ، من لم يعرف أن عابد الطاغوت والطاغوت ليس موحداً وليس في دين الله.
ولا ينفعه عبادة الله وحده وترك عبادة الطاغوت واعتقاد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ما دام لا يعرف أن الطاغوت ومن عبده ليسوا في دين الله . لأن عدم معرفته ذلك يدل دلالة واضحة لا لبس فيها : أنه لا يعرف لماذا وضع شرط ترك عبادة الطاغوت لدخول دين الله . ولا يعرف كيف يكون العبد في دين الله . فهو تركها لأنها باطلة وليس لأنها شرط في دخول دين التوحيد . ولو عرف أنها شرط في دخول دين التوحيد لما حكم على من عبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام . فهو يعتقد أن ترك عبادة الطاغوت شرط كمال وليس شرط صحة ، لأنه حكم على من أشرك بالله وعبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام مع معرفته أنه يعبد الطاغوت.


قولك : وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : نعم ، التوحيد هو عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه . وهذا يقتضي ويفهم منه بالضرورة أن من عبد غير الله ولم ينبذ الشرك قلباً وقالباً ليس موحداً وليس في دين الله . وهذا ما أقررت أنت به.
ولا يعني هذا الكلام إتيان بأصل جديد .
بل كل موحد يجب عليه أن يعرف بالضرورة أن المشرك ليس موحداً وليس في دين الله بعينه ، وليس بفعله فقط . لأن من يشرك بالله فقد عبد الطاغوت ودخل في دينه . وهذا ما يقتضيه الشرع واللغة والعقل السليم الذي يفهم معاني اللغة والشرع ، ويجب أن لا يماري فيه أحد يفهم ما هو الموحد وكيف يدخل المرء الإسلام .


قولك : الآن تفضل ..
اشرح لي كيف تدل هذه النصوص على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين .
رجاء .. لا أريد استنباطاتك أنت .. أريد استنباطات علماء السلف إلى ما قبل أئمة الدعوة النجدية .
أنا في الانتظار .



أقول : 1- " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وجه الدلالة : شرط لدخول الإسلام ودين التوحيد في هذه الآية شرطان :
الشرط الأول : الكفر بالطاغوت .
الشرط الثاني : الإيمان بالله .
وبدون تحقق هذين الشرطين لا يدخل المرء دين التوحيد .
والكفر بالطاغوت معناه :
1-عدم عبادة الطاغوت .
2- اعتقاد أن الطاغوت ليس في دين الله بل هو ممن ينازع الله في حقه الخاص ويجعل نفسه نداً لله .
3- الاعتقاد أن عابد الطاغوت ليس في دين التوحيد بل في دين الطاغوت.
4- الاعتقاد أن من أدخل الطاغوت وعابد الطاغوت في دين الله لم يعرف معنى الكفر الطاغوت ، ولم يَكفر بالطاغوت . لأنه لو كفر به وعرف ما هو ، وعرف لماذا أمِر لدخول دين التوحيد بالكفر به ، لما أدخله ومن يعبده في دين التوحيد .
وبدون فهم هذا المعنى للكفر بالطاغوت وتحقيقه على أرض الواقع لا يتحقق الكفر بالطاغوت . وهذا هو المعنى الذي كان يفهمه العرب ومن يريد دخول الإسلام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بل كانت أول كلمة يقولها قادة المسلمين الذين أرسلوا لدعوة الناس للإسلام " جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام "
وهذا هو معنى كلمة ( لا إله )
فمن حقق هذا الشرط بهذا المعنى ماذا سيكون اعتقاده في المخالف :
1- لا شك أنه سيعتقد أن كل من عبد غير الله يعني عبد الطاغوت فهو مشرك غير موحد خارج من دين الله ، ليس بعمله هذا وحسب بل بشخصه وعينه أيضا ً. ولا يفهم لا لغة ولا شرعاً أن المقصود من تكفير الطاغوت : الاعتقاد أنه على باطل بفعله وبحدود فعله ، وأن عابده على باطل بفعله وبحدود فعله . ثم بعد ذلك يحكم على الطاغوت وعلى عابده بالتوحيد والإسلام ، إذا وجد عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام . فإبليس عليه اللعنة كان من أعبد المخلوقات وأتقاهم وكان عنده من مظاهر التوحيد والإسلام ما وصَّلته لدرجة التواجد مع الملائكة في السماء.
ومن يقل أن هذه الآية تدل أن القصد من الكفر بالطاغوت هو الاعتقاد أنه على باطل في فعله وبحدود فعله ، والاعتقاد أن من يعبده على باطل في فعله وبحدود فعله فقط ، أما شخصه وعينه فهو موحد في دين الله ، لكثرة ما يفعله من أفعال التوحيد ،من يقل هذا لم يفهم هذه الآية . ولم يفهم كيفية الكفر بالطاغوت .
فأول ما يفهم من هذه الآية أن من لم يكفر بالطاغوت ليس في دين الله ولم يستمسك بالعروة الوثقى التي هي الإسلام أو الشهادة أو الإيمان .
طبعاً يفهم أنه ليس في دين الله بعينه وشخصه . ولا يفهم ، أنه ليس في دين الله في حدود عمله وفي عمله .
وهذا المعنى الذي بينته يفهمه كل عاقل بالغ طلب منه حتى يدخل الإسلام أن يكفر بالطاغوت .
ولا تنس أن هذه الآية الكريمة تبين شروط دخول دين الإسلام . ولا تبين أحكاماً عامة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع . كالاعتقاد أنه على ضلال في عمله وبحدود عمله .
فهي خطاب لمن أراد أن يدخل الإسلام باختياره . فقد بدأت بقوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "
يعني كما قال ابن كثير في تفسيره : " أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام , فإنه بيّن واضح, جلي دلائله وبراهينه, لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه, بل من هداه الله للإسلام, وشرح صدره, ونور بصيرته, دخل فيه علي بينة, ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره, فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً " أهـ
أقول : إذن هذه الآية الكريمة هي لتبين كيفية دخول الدين الإسلامي . ومن يقرأها يعلم شروط دخول دين الإسلام ، لهذا يعلم أن من لم يحقق هذه الشروط ليس في دين الله . كشخص معين . فهي لا تتحدث عن الأعمال وصفتها وصفة فاعلها بحدود فعله ، حتى نقول هو على ضلال بفعله وبحدود فعله . فهي تتحدث عن شروط دخول الشخص المعين دين التوحيد . فمن لا يحقق هذه الشروط لا يدخل دين التوحيد . وكل من يخاطب بهذه الشروط مهما كان مستواه العقلي سيفهمها كما بينتها.
ولك أن تسأل أبسط إنسان مكلف عن ذلك . ماذا يفهم من جملة : "شروط دخول دين الإسلام . " ألا يفهم من ذلك أن الشخص بعينه لا يحكم عليه بأنه في دين الإسلام بدون أن يحقق هذه الشروط ؟ لا شك سيفهم ذلك ببساطة مهما كان مستواه العقلي .

2- " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وجه الدلالة : هذه الآية تبين دعوة الرسل كلهم . فهم لم يدعوا الناس لعبادة الله ، بل دعوهم لعبادة الله وحده واجتناب عبادة غيره ، ليكونوا في دين الله .
لأنهم لو دعوهم لعبادة الله فسيقول لهم نحن نعبد الله أيضا .
ولو دعوهم لعبادة الله وحده فسوف يقول : من يعتقد أنه يوحد الله وهو يفعل الشرك ويعبد الطاغوت كحال النصارى واليهود ومن يدعي الإسلام اليوم ممن هو واقع في الشرك الأكبر : نحن نعبد الله وحده ، نحن موحدون مسلمون .
لهذا كان الخطاب واضح :" اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . "
" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى "
" من قال لا إله إلا الله والكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله وحسابه على الله ."
فعندما تطلب من أحد هذه الشروط لدخول دين الله ، أول ما سيفهم منك من هذا الطلب ، أنك تعتقد أنه لم يحقق هذه الشروط ، فإذا كان يعرف حاله وأنه من عبدت غير الله كما هو حال مشركي العرب ، فسوق يقول عنك : " أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "
وإذا كان ممن يظن نفسه من الموحدين الذين لا يعبدون غير الله . سيقول لك كما قالت النصارى : " نحن أسلمنا قبلك " فسوف يستدعي منك هذا الجواب أن تبين لهم شركهم الذي هم واقعين فيه ، كما بين الله سبحانه وتعالى لهم بقوله : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
وكما بين رسول الله صلى الله عليهم وسلم لعدي بن حاتم كيف كانوا يعبدون بعضهم البعض .
بعد هذا البيان الواضح الجلي ، يطلب من الشخص أن يقرر بأي دين سيكون، دين الله أم دين الطاغوت . فإذا قبل بهذه الشروط التي فهمها أتم الفهم واعتقدها وقرر الالتزام بها في أرض الواقع ، فقد دخل الإسلام . ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره ولم يقبلها ، فهو خارج دين الإسلام ، مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام .
هذه هي دعوة الرسل من أول يوم أرسلوا به .
ولم يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل ليبينوا للناس فقط ما هي أفعال الباطل والضلال ، ويدعوا الناس لتقرير من هو على الحق ومن هو على الباطل ، بدون أن يبينوا لهم لأي دين دعوهم وأي دين هم فيه .
ولم يحكم الرسل وأتباع الرسل عليهم بدخول دين التوحيد بمجرد أن عرفوا أنهم على الحق وأن الطاغوت وعبدته على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم .
ولم يقل لهم أي رسول : أنكم ما دمتم تحكمون على الطاغوت وعبدته بأنهم على باطل بحدود فعلهم فقد حققتم الكفر بالطاغوت ، ولا يضركم بعد ذلك إن لم تعرفوا بأي دين أنتم ولا بأي دين مخالفكم . ولا يضركم لو حكمتم على مخالفكم ، الطاغوت وعابديه ، بأنهم في دين الله لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام .

يتبع

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 11-27-2017, 03:39 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 58
لعاجلية المسألة وأهميتها أخرت تكملة الرد على المشاركة رقم 31 حتى أنهي الرد على المشاركة رقم 58


قولك : بعد كل هذا ، أين الدليل الصريح على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين ؟؟
لا تقل لي دليلاً عقلياً .. أنا فهمي غير فهمك .



أقول : بل هذه الأدلة وغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك .
فنبينا أفضل الصلاة والسلام عليه عندما بعث ، كان في جزيرة العرب أكثر من دين وكلهم يَدَّعون أنهم في دين الله . كان هناك مشركي العرب عبدة الأصنام . وكان هناك اليهود والنصارى . وكلهم يدعي أنهم في دين الله وأنهم أتباع رسل . فمشركي العرب كانوا يدعون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام ، وكانوا يمارسون كثيراً من العبادات من دين إبراهيم كالحج والصلاة والصوم والصدقة والغسل من الجنابة ، وكان عندهم عادات إسلامية كثيرة حميدة مثل إكرام الضيف وإعانة المظلوم ، وكانوا يعظمون الكعبة ويكرمون زوارها أكثر مما يعظمها طواغيت السعودية اليوم . فكانت عندهم السقاية والرفادة .
قال تعالى عنهم : " أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
وكانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله .
قال تعالى : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
وكان هناك النصارى واليهود الذين يعتقدون أنهم في دين الله ، وأنهم موحدون . وكان عندهم كثير من مظاهر التوحيد والإسلام مع شركهم القليل . وعندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم حكم عليهم كلهم بالشرك والخروج من دين الله ودعاهم كلهم لدخول دين الله من جديد ، ولم يُعط أي قيمة لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام . وكان كل فرد منهم عندما يؤمر بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله لدخوله دين الله ، يعرف من هذا الخطاب ما هو الطاغوت وما حكمه وما حكم من يعبده . ومن لا يعرف من لغته ، يُعرف بكل هذا قبل أن يدخل الإسلام . لأن المطلوب منه دخول الإسلام عن بينة وعلم . لأن هذا هو الذي سيفيده .
ومن لا يعرف لأي دين دعي ، وبأي دين هو . فلأي شيء دعي ؟ ولماذا شرطت عليه هذه الشروط .؟ أليس عدم بيان هذه الأمور والاكتفاء منه فقط أن يعرف أنه كان على باطل بفعله وبحدود فعله وأنه أصبح الآن على الحق بفعله وبحدود فعله ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يعرف أن من يعبد غير الله ليس في دين الله بعينه ، أليس هذا من العبث وعدم البيان المبين الذي يجب أن ينزه الله ورسله عنه . ؟
الأنبياء كلهم كانوا من أول يوم يدعون أقوامهم لدين الله . فهم أصلاً مرسلون من قبل الله لبيان دينه ودعوة الناس لدخول هذا الدين ، وليس هم مجرد إصلاحيون يريدون أن يبينوا للناس ما هو الحق ومن هو على الحق بفعله وبحدود فعله وما هو الباطل ومن هو على الباطل بفعله وبحدود فعله ، وكفى .
بل كانوا من أول يوم يقولون للناس ، كل الناس على اختلاف أديانهم : أنتم لست في دين الله ، لأنكم تعبدون معه غيره ، ولا ينفعكم إدعائكم أنكم في دين الله ، ولا ينفعكم ما تأدونه من مظاهر التوحيد والإسلام لحكم عليكم بأنكم موحدون في دين الله ، ما دمت تشركون بالله وتعبدون غيره . اتركوا عبادة الطاغوت واعبدوا الله وحده ، ومن دون ذلك لا يمكنكم دخول دين الله ، وكل إدعاءاتكم أنكم في دين الله بدون ترككم للشرك إدعاءات باطلة وافتراء على الله وتحريف لدينه .
وكان عندما يرسل أي رسول لقومه كان يؤمر أن يقول لهم من أول يوم : " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ " (الزمر :11-12) أليس هذا الكلام يدل دلالة واضحة على أنه كان يحكم عليهم بأنهم غير مسلمين ؟ وكان يخبرهم أن المسلم هو من عبد الله وحده مخلصاً له الدين . أي ترك جميع أنواع الشرك .؟ وأن من استجاب لدعوته وترك جميع أنواع الشرك وعبد الله مخلصاً له الدين كان مسلماً معه ، دخل في دين الإسلام وترك دين الشرك . ؟
أبعد هذا التوضيح والبيان يُقال : لا يشترط بمن أراد دخول الدين أن يعرف بأي دين كان وفي أي دين دخل ، ولا يشترط عليه أن يعرف بأي دين مَن كان حاله كحاله قبل دخول دين الله . وأنه لا يوجد دليل صريح يدل أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين . من يقول هذا الكلام لا يعرف دعوة الرسل ولا يعرف ما دعت إليه من أول يوم . ولا يعرف دين التوحيد وكيف يدخل المرء فيه ، ولا يعرف دين الشرك ودين الطاغوت ومن هو فيه .
أيعرف دين التوحيد من يدخل المشرك فيه ؟
أيعرف دين الشرك ودين الطاغوت من يخرج المشرك منه ويخرج عابد الطاغوت منه ؟
لو تكلم الطاغوت لأعترض على ذلك وقال : كيف لكم أن تخرجوا من يعبدني من ديني ؟
فكيف لله سبحانه وتعالى أن لا يعترض ويقول : كيف أدخلتم من عبد الطاغوت في ديني ، ولقد قلت لكم من أول يوم على لسان رسلي : " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ " ؟؟
ولولا الحياء لقيل : أن مِن أصل الدين إدخال المشرك في دين الله لأن عنده من التوحيد والإسلام الشيء الكثير .
أسأل هنا : متى يخرج المشرك بعينه من دين التوحيد.؟ وقبل هذا ما هو دليلكم أن المشرك داخل في دين التوحيد ؟
وبأي دليل أدخلتم المشرك في دين التوحيد . حتى تسألوا من أخرجه على أي دليل اعتمدت في أخراجه من دين التوحيد ؟


قولك : هذه المسألة التي هي من أصل أصول الدين ، ولا يدخل الإنسان الإسلام حتى يعلمها ، لا يوجد دليل صريح واحد يثبت أن المرء يكفر إن لم يضبطها .. بل لا يوجد دليل صريح أن هذا الأمر يُلزم به جميع المسلمين .
غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك .



أقول : سبحان الله ! بل الأدلة الصريحة على هذا كثيرة في كتاب الله ولقد ذكرت لك بعضها ، وسوف أبين هنا وجه الدلالة الغائب عنك فيها .
والأدلة التي ذكرتها لك تثبت بشكل واضح أن من أشرك بالله وعبد غيره ليس في دين الله . وأن هذه الحقيقة كان يعرفها كل مسلم دخل الإسلام عند دخوله الإسلام . وما تركه لدين الشرك الذي كان عليه ودخوله دين التوحيد ، إلا لأنه أصبح يعرف معرفة يقينية لا لبس فيها ، أن ما كان عليه من دين ليس دين الله بل دين الطاغوت دين الشرك ، وأنه حتى يدخل في دين الله يجب عليه ترك دين الطاغوت وترك جميع أنواع الشرك وعبادة الله وحده مخلصاً له الدين .
قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وقال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وقال تعالى : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ " (الزمر : 17)
ثم كيف لك يا أبا شعيب أن تتصور رجلاً أراد دخول دين الإسلام دين التوحيد ، فاشترط عليه لدخول دين الإسلام أن يكفر بالطاغوت ولم يبين له ما هو الطاغوت الذي يجب أن يكفر به ، وكيفية الكفر به وما حكمه وحكم من لم يكفر به . ثم هو مع ذلك ، يعلن أنه كفر بالطاغوت . فيحكم عليه بأنه دخل الإسلام وكفر بالطاغوت ، وهو لا يعرف أنه قبل دخوله الإسلام هل كان خارج دين الله أو داخله ؟ ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمر بأن يكفر به لدخوله دين التوحيد ، ولا يعرف هل هذا الطاغوت في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يعرف أن من عبد الطاغوت في دين الله أم خارجه . ويكفي منه حتى يدخل الإسلام أن يعرف أنه كان قبل أن يدخل دين الله على باطل في فعله وبحدود فعله ، وأن الطاغوت ومن يعبده على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم . ولا يضره بعد ذلك أن يجهل هل قبل دخوله دين الإسلام كان في دين الله أم خارجه ، وكذلك لا يضره عدم معرفته أن الطاغوت وعابديه بأعيانهم في دين الله أم خارجه . ؟


ثم تقول : " غاية ما عندك هي أدلة توجب التصديق بها ، كأدلة تحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، وتسمية الزاني زانياً .. وما إلى ذلك ."

أقول : كلامك هذا يعني أن الصحابة رضي الله عنهم بداية كانوا لا يعرفون بأي دين دخلوا ولا بأي دين كانوا ولا يعرفون حكم الطاغوت الذي أمروا أن يكفروا به ، هل هو في دين الله أم خارجه ، وكذلك كانوا لا يعرفون حكم من عبد الطاغوت وأشرك بالله ، هل هو في دين الله أم خارجه . وكل ما كان يعرفونه أنهم على الحق وأن من يعبد غير الله على الباطل بعمله وفي حدود عمله ، أما بعينه وشخصه فلا يعرفون بأي دين هو ، حتى نزلت هذه الآيات . وحتى بعد نزول هذه الآيات من لم يفهمها جيداً ويحكم على من أشرك بالله أنه موحد مسلم في دين الله ، لترجيحه ما عنده من توحيد على ما يفعله من شرك ، فهو معذور لجهله وتأويله . ومن مات من الصحابة قبل نزول هذه الآيات ، كان لا يعرف أحكامها ، لا يعرف أن من عبد غير الله مشرك بعينه ، وليس في دين التوحيد ، ولا يعرف حكم الطاغوت الذي أمِر أن يكفر به ، هل هو في دين الله أم خارجه. وقد يكون مات وهو يعتقد أن من أشرك بالله وعبد غيره هو مشرك في عمله أي بحدود عمله فقط ، وأنه موحد بما عنده من توحيد وبحدود توحيده ، وقد يكون مات وهو يعتقد أن المشرك لكثرة توحيده موحد وفي دين الله لأن توحيده غلب شركه . وقد يكون مات وهو يعتقد أن النصارى واليهود على دين التوحيد مع شركهم لكثرة توحيدهم . وهو معذور بذلك ، لأن آيات الله التي تبين حكم فاعل الشرك لم تنزل بعد .


قولك : ولا دليل أتيت به حتى الآن يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه .
يوجد أدلة كثيرة على تكفير من يكفر المسلم .. فهل هناك دليل بمثل هذه الصراحة على تكفير من يحكم على المشرك بالإسلام ؟؟هل يوجد ؟؟



أقول : بل كل الأدلة التي ذكرتها لك وغيرها كثير توجب وجوباً بالضرورة على من أراد دخول الإسلام أن يعرف أن المشرك الذي عبد غير الله ليس في دين التوحيد بعينه . وتوجب عليه معرفة أن الطاغوت الذي أمر بترك عبادته ليدخل الإسلام ليس في دين التوحيد هو ومن عبده . ومن لم يفهم هذا ، لم يفهم معنى الكفر بالطاغوت الذي أمر أن يحققه ليدخل الإسلام . ولم يفهم لماذا وضع هذا الشرط .
ثم تقول : " يوجب على المسلم الجاهل الذي لا يعرف أدلة القرآن : إخراج المشرك من دين الله ، وإلا بطل إسلامه "
أقول : بداية كيف صار هذا الذي تصفه بأنه مسلم موحد ، مسلماً ، وهو لا يعرف أن الطاغوت الذي أمر بالكفر به بأي دين هو ومن يعبده ؟
أنت الظاهر يا أبا شعيب تبحث عن دليل يقول صراحة : " حتى يكون المرء مسلماً يجب عليه أن يحكم بكفر ( عين ) من أشرك بالله وعبد غيره ، وكفر من لم يكفره ، وإن لم يفعل ذلك يكفر "
أنت بهذا الطلب يا أبا شعيب كمن حكم بعدم حرمة الخمر ، لعدم وجود دليل ينص حرفياً : بأن الخمر حرام . وجهل أن تحريم الخمر جاء بإفادة أكثر قوة ودلالة من كلمة " حرم
"

قولك : والدليل الأخير الذي أتيت به هو حجة عليك .
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ »
وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .
عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .
وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : لا ، ليس الدليل الذي أتيتُ به حجة علي ، بل هو حجة لي واضحة. وإليك ألإثبات من الدليل .
الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لدخول الجنة ترك جميع أنواع الشرك. ماذا يعني هذا الكلام ؟ يعني أن من أشرك بالله وعبد غيره لم يدخل الجنة بل سيدخل النار . ولقد أكد رسول الله هذا المعنى بأن قال بعد ذلك : "وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ" وانتبه لكلمة " شيئا" يعني بأي شي بسيط كان أم عظيم .
فهذا يعني أن من أشرك بالله بأي شي بسيط كان أم عظيم ليس في دين التوحيد بعينه وسيدخل النار ولا يدخل الجنة .
ألا يدل هذا الكلام أن المشرك بالله ليس في دين التوحيد بعينه ؟
لأن الذي سيدخل النار هو عين الشخص وليس فعله . ؟
فكيف بعد هذا الكلام يقال : أنه لا يُشترط لدخول الجنة اعتقاد أن المشرك بالله سوف لا يدخلها وأنه ليس في دين الله وليس موحداً .


قولك : وأنت نفسك تقول إنه إن ترك عبادة غير الله ، واعتقد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ، وعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً .. فإن ذلك لا ينفعه حتى يكفّر كل شخص وقع في الشرك الأكبر تعييناً .


أقول : أنا قلتُ من عرف أنه لا يدخل الإسلام ولا يدخل الجنة حتى يترك عبادة غير الله ، سيعرف ولا بد أن من لم يترك عبادة غير الله ليس في دين الله ، ولا يستطيع أن يدخل الجنة ، بل مصيره سيكون النار خالداً فيها أبدا إذا لم يترك الشرك ومات وهو على الشرك .


قولك : عندما سألناك لماذا ؟ .. قلت : لأنه لا يعلم معنى التوحيد .


أقول : لا يعرف التوحيد ولا كيفية دخول الإسلام ، ولا يعرف ما هو الطاغوت ، من لم يعرف أن عابد الطاغوت والطاغوت ليس موحداً وليس في دين الله.
ولا ينفعه عبادة الله وحده وترك عبادة الطاغوت واعتقاد بطلانها وفسادها وفساد معتقد أهلها ما دام لا يعرف أن الطاغوت ومن عبده ليسوا في دين الله . لأن عدم معرفته ذلك يدل دلالة واضحة لا لبس فيها : أنه لا يعرف لماذا وضع شرط ترك عبادة الطاغوت لدخول دين الله . ولا يعرف كيف يكون العبد في دين الله . فهو تركها لأنها باطلة وليس لأنها شرط في دخول دين التوحيد . ولو عرف أنها شرط في دخول دين التوحيد لما حكم على من عبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام . فهو يعتقد أن ترك عبادة الطاغوت شرط كمال وليس شرط صحة ، لأنه حكم على من أشرك بالله وعبد الطاغوت بالتوحيد والإسلام مع معرفته أنه يعبد الطاغوت.


قولك : وعندما نسألك : وما معنى التوحيد غير عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه ؟
تأتينا بأصل جديد وهو : إخراج المشرك من دين الله .. مما لم يدل على أصوليته دليل شرعي واحد .



أقول : نعم ، التوحيد هو عبادة الله وحده لا شريك له ، ونبذ عبادة ما سواه . وهذا يقتضي ويفهم منه بالضرورة أن من عبد غير الله ولم ينبذ الشرك قلباً وقالباً ليس موحداً وليس في دين الله . وهذا ما أقررت أنت به.
ولا يعني هذا الكلام إتيان بأصل جديد .
بل كل موحد يجب عليه أن يعرف بالضرورة أن المشرك ليس موحداً وليس في دين الله بعينه ، وليس بفعله فقط . لأن من يشرك بالله فقد عبد الطاغوت ودخل في دينه . وهذا ما يقتضيه الشرع واللغة والعقل السليم الذي يفهم معاني اللغة والشرع ، ويجب أن لا يماري فيه أحد يفهم ما هو الموحد وكيف يدخل المرء الإسلام .


قولك : الآن تفضل ..
اشرح لي كيف تدل هذه النصوص على أن إخراج المشرك من دين الله هو من أصل الدين .
رجاء .. لا أريد استنباطاتك أنت .. أريد استنباطات علماء السلف إلى ما قبل أئمة الدعوة النجدية .
أنا في الانتظار .



أقول : 1- " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " البقرة : 256
وجه الدلالة : شرط لدخول الإسلام ودين التوحيد في هذه الآية شرطان :
الشرط الأول : الكفر بالطاغوت .
الشرط الثاني : الإيمان بالله .
وبدون تحقق هذين الشرطين لا يدخل المرء دين التوحيد .
والكفر بالطاغوت معناه :
1-عدم عبادة الطاغوت .
2- اعتقاد أن الطاغوت ليس في دين الله بل هو ممن ينازع الله في حقه الخاص ويجعل نفسه نداً لله .
3- الاعتقاد أن عابد الطاغوت ليس في دين التوحيد بل في دين الطاغوت.
4- الاعتقاد أن من أدخل الطاغوت وعابد الطاغوت في دين الله لم يعرف معنى الكفر الطاغوت ، ولم يَكفر بالطاغوت . لأنه لو كفر به وعرف ما هو ، وعرف لماذا أمِر لدخول دين التوحيد بالكفر به ، لما أدخله ومن يعبده في دين التوحيد .
وبدون فهم هذا المعنى للكفر بالطاغوت وتحقيقه على أرض الواقع لا يتحقق الكفر بالطاغوت . وهذا هو المعنى الذي كان يفهمه العرب ومن يريد دخول الإسلام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بل كانت أول كلمة يقولها قادة المسلمين الذين أرسلوا لدعوة الناس للإسلام " جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام "
وهذا هو معنى كلمة ( لا إله )
فمن حقق هذا الشرط بهذا المعنى ماذا سيكون اعتقاده في المخالف :
1- لا شك أنه سيعتقد أن كل من عبد غير الله يعني عبد الطاغوت فهو مشرك غير موحد خارج من دين الله ، ليس بعمله هذا وحسب بل بشخصه وعينه أيضا ً. ولا يفهم لا لغة ولا شرعاً أن المقصود من تكفير الطاغوت : الاعتقاد أنه على باطل بفعله وبحدود فعله ، وأن عابده على باطل بفعله وبحدود فعله . ثم بعد ذلك يحكم على الطاغوت وعلى عابده بالتوحيد والإسلام ، إذا وجد عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام . فإبليس عليه اللعنة كان من أعبد المخلوقات وأتقاهم وكان عنده من مظاهر التوحيد والإسلام ما وصَّلته لدرجة التواجد مع الملائكة في السماء.
ومن يقل أن هذه الآية تدل أن القصد من الكفر بالطاغوت هو الاعتقاد أنه على باطل في فعله وبحدود فعله ، والاعتقاد أن من يعبده على باطل في فعله وبحدود فعله فقط ، أما شخصه وعينه فهو موحد في دين الله ، لكثرة ما يفعله من أفعال التوحيد ،من يقل هذا لم يفهم هذه الآية . ولم يفهم كيفية الكفر بالطاغوت .
فأول ما يفهم من هذه الآية أن من لم يكفر بالطاغوت ليس في دين الله ولم يستمسك بالعروة الوثقى التي هي الإسلام أو الشهادة أو الإيمان .
طبعاً يفهم أنه ليس في دين الله بعينه وشخصه . ولا يفهم ، أنه ليس في دين الله في حدود عمله وفي عمله .
وهذا المعنى الذي بينته يفهمه كل عاقل بالغ طلب منه حتى يدخل الإسلام أن يكفر بالطاغوت .
ولا تنس أن هذه الآية الكريمة تبين شروط دخول دين الإسلام . ولا تبين أحكاماً عامة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع . كالاعتقاد أنه على ضلال في عمله وبحدود عمله .
فهي خطاب لمن أراد أن يدخل الإسلام باختياره . فقد بدأت بقوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "
يعني كما قال ابن كثير في تفسيره : " أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام , فإنه بيّن واضح, جلي دلائله وبراهينه, لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه, بل من هداه الله للإسلام, وشرح صدره, ونور بصيرته, دخل فيه علي بينة, ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره, فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً " أهـ
أقول : إذن هذه الآية الكريمة هي لتبين كيفية دخول الدين الإسلامي . ومن يقرأها يعلم شروط دخول دين الإسلام ، لهذا يعلم أن من لم يحقق هذه الشروط ليس في دين الله . كشخص معين . فهي لا تتحدث عن الأعمال وصفتها وصفة فاعلها بحدود فعله ، حتى نقول هو على ضلال بفعله وبحدود فعله . فهي تتحدث عن شروط دخول الشخص المعين دين التوحيد . فمن لا يحقق هذه الشروط لا يدخل دين التوحيد . وكل من يخاطب بهذه الشروط مهما كان مستواه العقلي سيفهمها كما بينتها.
ولك أن تسأل أبسط إنسان مكلف عن ذلك . ماذا يفهم من جملة : "شروط دخول دين الإسلام . " ألا يفهم من ذلك أن الشخص بعينه لا يحكم عليه بأنه في دين الإسلام بدون أن يحقق هذه الشروط ؟ لا شك سيفهم ذلك ببساطة مهما كان مستواه العقلي .

2- " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36
وجه الدلالة : هذه الآية تبين دعوة الرسل كلهم . فهم لم يدعوا الناس لعبادة الله ، بل دعوهم لعبادة الله وحده واجتناب عبادة غيره ، ليكونوا في دين الله .
لأنهم لو دعوهم لعبادة الله فسيقول لهم نحن نعبد الله أيضا .
ولو دعوهم لعبادة الله وحده فسوف يقول : من يعتقد أنه يوحد الله وهو يفعل الشرك ويعبد الطاغوت كحال النصارى واليهود ومن يدعي الإسلام اليوم ممن هو واقع في الشرك الأكبر : نحن نعبد الله وحده ، نحن موحدون مسلمون .
لهذا كان الخطاب واضح :" اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت . "
" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى "
" من قال لا إله إلا الله والكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله وحسابه على الله ."
فعندما تطلب من أحد هذه الشروط لدخول دين الله ، أول ما سيفهم منك من هذا الطلب ، أنك تعتقد أنه لم يحقق هذه الشروط ، فإذا كان يعرف حاله وأنه من عبدت غير الله كما هو حال مشركي العرب ، فسوق يقول عنك : " أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ "
وإذا كان ممن يظن نفسه من الموحدين الذين لا يعبدون غير الله . سيقول لك كما قالت النصارى : " نحن أسلمنا قبلك " فسوف يستدعي منك هذا الجواب أن تبين لهم شركهم الذي هم واقعين فيه ، كما بين الله سبحانه وتعالى لهم بقوله : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
وكما بين رسول الله صلى الله عليهم وسلم لعدي بن حاتم كيف كانوا يعبدون بعضهم البعض .
بعد هذا البيان الواضح الجلي ، يطلب من الشخص أن يقرر بأي دين سيكون، دين الله أم دين الطاغوت . فإذا قبل بهذه الشروط التي فهمها أتم الفهم واعتقدها وقرر الالتزام بها في أرض الواقع ، فقد دخل الإسلام . ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره ولم يقبلها ، فهو خارج دين الإسلام ، مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام .
هذه هي دعوة الرسل من أول يوم أرسلوا به .
ولم يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل ليبينوا للناس فقط ما هي أفعال الباطل والضلال ، ويدعوا الناس لتقرير من هو على الحق ومن هو على الباطل ، بدون أن يبينوا لهم لأي دين دعوهم وأي دين هم فيه .
ولم يحكم الرسل وأتباع الرسل عليهم بدخول دين التوحيد بمجرد أن عرفوا أنهم على الحق وأن الطاغوت وعبدته على باطل في فعلهم وبحدود فعلهم .
ولم يقل لهم أي رسول : أنكم ما دمتم تحكمون على الطاغوت وعبدته بأنهم على باطل بحدود فعلهم فقد حققتم الكفر بالطاغوت ، ولا يضركم بعد ذلك إن لم تعرفوا بأي دين أنتم ولا بأي دين مخالفكم . ولا يضركم لو حكمتم على مخالفكم ، الطاغوت وعابديه ، بأنهم في دين الله لما عندهم من مظاهر التوحيد والإسلام .

يتبع

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 11-27-2017, 03:41 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

الرد على مشاركة رقم #59 :

تقول :


[-- أقول : بل هذه الأدلة وغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك . --]

هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .

أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !

ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :

أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .

فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .

لقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به ، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه »

فلماذا لم يحدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المسألة ويوجبها علينا ؟؟

وقال : « ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه خيراً لهم ، وينهاهم عن شر ما يعلمه شراً لهم »

فلماذا لم ينهنا عن هذه المسألة .. ولم يذكر فيها وعيداً واحداً .

لاحظ أننا نتكلم عن التصريح ، وليس عن الاستنباط .

أنت تستنبط من هذه الأدلة أن تكفير المشركين من أصل الدين .. مع أن مسائل أصل الدين لا يُمكن أن تُترك للاستنباط ، بل وجب التصريح بها ، والتصريح بأن الممتنع عنه لا يدخل الإسلام أو أنه كافر .

فهل هناك من صرّح بذلك ؟؟

أريد تصريحاً وليس استنباطاً .

أمامك أقوال المفسرين جميعاً .. هات لي قول واحد من المفسرين الذين فسروا هذه الآيات التي أتيت بها .. هل قال أحدهم بمثل قولك ؟؟


هذا كل ما عندي في الرد على هذه المشاركة .. وباقي المسائل تكررت أجوبتها كثيراً في كلامي .

كل ما أرى عندك هو استنباطات عقلية .. هل من يفعل كذا يكون كذا ، وهل ذلك كذلك .. وما إلى ذلك .

وأنا أسألك :

وهل هناك تصريح شرعي بهذه المسألة الاصولية التي لا يدخل الإسلام أحد إلا إن حققها ؟

تقول لي لغة العرب .

أقول لك تفضل .. هات من أقوال السلف جميعهم من قبل أئمة الدعوة النجدية ، من قال بمثل ما تقول .

هل خفيت عليهم هذه المسائل الأصولية ، التي لا يتحقق توحيد الله بدونها ، ولم تظهر إلا في هذا الزمان ؟؟ سبحان الله !!

أمامك كتب التوحيد التي ألفها السلف ، كالتوحيد لابن خزيمة ، والتوحيد لابن منده ، وشرح أصول أهل السنة للالكائي ، وشرح العقيدة الطحاوية ، والواسطية ، والإبانة لابن بطة .. وغيرها كثير من كتب السلف .

هات من فهم من هذه الأدلة أن دخول الإسلام لا يتحقق إلا بتكفير المشركين .

كل من وقفنا على قوله قال : من لا يكفرهم فقد ردّ النصوص الشرعية ، وكذّب بالقرآن .. ولم يقل أحد إنه شرط من شروط الشهادتين .

===========================

ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :

- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .

فيقول :

إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .

فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 11-27-2017, 03:53 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 60 :


قولك : تقول :
) أقول : بل هذه الأدلة ِوغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك . –)

قولك : هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .
أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !
ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :
أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .
فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .
لقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به ، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه فلماذا لم يحدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المسألة ويوجبها علينا ؟؟
وقال : « ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه خيراً لهم ، وينهاهم عن شر ما يعلمه شراً لهم »
فلماذا لم ينهنا عن هذه المسألة .. ولم يذكر فيها وعيداً واحداً .
لاحظ أننا نتكلم عن التصريح ، وليس عن الاستنباط .


أقول : يا أبا شعيب سأحسن الظن بك وأقول لك : اقرأ الآيات والأحاديث التي ذكرتها لك بتمعن وتجرد وستجد جواباً وافياً كافياً لما نتحدث عنه .
الله سبحانه وتعالى يقول لنا وبشكل واضح : هذه هي الشروط التي يتحقق فيها دخول دين التوحيد ويصبح من يحققها موحداً . ورسوله عليه الصلاة والسلام بينها لنا قولاً وعملا .
أيصح بعد هذا البيان الوافي الشافي الذي يفهمه كل عاقل بالغ أن نقول : يا ربنا نعم أنت بينت لنا شروط دخول دين التوحيد أتم بيان وكذلك بين لنا ذلك رسولك الحبيب ولا ننكر ذلك ، ولكنك لم تبين لنا حكم من لا يحققها ، لهذا فنحن سوف نحكم على من لم يحقق هذه الشروط بالتوحيد والإسلام ما دام عنده بعض مظاهر التوحيد والإسلام ويدعي أنه في دينك ، وكذلك سنحكم على من حكم عليه بالتوحيد والإسلام بأنه مسلم قد حقق شروط دخول الإسلام ما دام ترك الشرك وحكم على ما يقوم به هذا الشخص من عبادة للطاغوت بأنه باطل .
أيقول هذا الكلام من فهم لماذا وضعت هذه الشروط ، وشرطت على العبد حتى يدخل الإسلام ؟
لو حدث هذا مع البشر لحكم على من قال هذا الكلام بالجنون أو التحايل على الشروط .
أبعد أن توضع شروط دخول دين التوحيد ويبين كيف يكون العبد موحداً ، يُحتاج لبيان حكم من لا يحقق هذه الشروط .؟
فهذه الشروط وضعت لتحقيق شيئاً معيناً ، فمن يفهم هذا الكلام يفهم أن من لا يحققها لم يملك تحقيق هذا الشيء المعين . ولا يحتاج بعد ذلك ، للقول بأن من لم يحقق هذه الشروط لم يملك تحقيق المطلوب .
فكيف وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة تبين أن من لم يحقق هذه الشروط ليس في دين الله وليس موحداً ؟ وليس هذا وحسب بل وأثناء الخطاب الأول وبعده حكم على من لم يحقق هذه الشروط بأنه في نار جهنم ؟
ثم جاءت الآيات تباعاً وبكثرة تبين أن من لم يحقق هذه الشروط ويعبد غير الله في أي شيء كان صغيراً كان أم كبيراً سيبطل جميع عمله ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيكون مصيره النار خالداً فيها أبدا ما لم يتب من شركه .
أبعد هذا البيان يقال : لا يوجد دليل واحد يدل على أن الحكم بالشرك وعدم دخول دين التوحيد على من عبد الطاغوت ، شرط لدخول دين التوحيد ؟
متى سيحكم الموحد على عين من عبد الطاغوت بأنه ليس في دين الله ؟
حسب عقيدة أبي شعيب : حتى يتعلم شروط التكفير وموانعه .
وما دام لم يتعلمها لا يضر توحيده ، حكمه على من عبد الطاغوت بالإسلام والتوحيد . وحتى لو تعلمها لا يجوز له تكفير من يحكم بالإسلام والتوحيد على عابد الطاغوت حتى يفهمه الحكم ، فإذا لم يستطع إفهامه الحكم وحكم عليه بالكفر فهو من الخوارج الضالة التي تكفر المسلمين .
وأي حكم هذا الذي سيُفهمه إياه ؟! سيفهمه حكم أن من فعل الشرك الأكبر وعبد الطاغوت ليس في دين الله ولو كان من عمل التوحيد والإسلام بمقدار عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا لم يفهم هذا فهو معذور بجهله ، ويحكم عليه بالتوحيد والإسلام وأنه من العلماء التقاة المجاهدين حتى ولو ظل يحكم على عابد الطاغوت بالتوحيد والإسلام ويسميهم بالمجاهدين .


قولك : هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .


أقول : ما معنى هذا الكلام ؟ تقر هنا بأن الحكم على من عبد غير الله بأنه مشرك ، وتقول أنها مسألة شرعية أظهرها الأنبياء لجلائها ولاعتراف أصحابها بذلك . ثم بعد ذلك : تصر على عذر من يحكم بإسلام من عبد الطاغوت ؟
ثم من قال لك أن أصحابها كانوا مقرين بأنهم مشركون على غير دين الله ؟
هل تقصد مشركي العرب ؟ وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدع غير مشركي العرب ؟ ألم يدعُ النصارى واليهود ؟ هل كان النصارى واليهود مقرين أنهم يعبدون غير الله وأنهم على غير دين التوحيد ؟!
حتى مشركي العرب مع اعترافهم بشركهم كانوا يعتقدون أنهم في دين الله على دين إبراهيم ، ويصفون أتباع رسولنا صلى الله عليه وسلم بأنهم صبئوا .


قولك : أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !

أقول : الأدلة التي جئتك بها لا تبين فقط أن من يعبد غير الله مشرك .
بل تبين أيضاً أنه ليس في دين الله . وتبين أيضاً أن من فعل الشرك لم يدخل الإسلام ودين التوحيد . وتبين أيضاً أن الشرط الأول لدخول دين الله ترك الشرك بجميع أنواعه وأشكاله . وتبين أيضاً أن من يعبد الطاغوت ليس في دين الله ولم يحقق شروط دخوله .
وتبين أيضاً أن العبد لا يدخل دين الله حتى يكفر بالطاغوت ، أي يترك عبادته ويحكم عليه بالكفر ويحكم على عابديه بالشرك وعدم دخول دين الله.
أبعد هذا البيان والصراحة ، تريد دليلاً يقول : لا يدخل العبد الإسلام حتى يحكم على المشرك وعابد الطاغوت بعدم دخوله الإسلام وإذا لم يحكم بذلك لا يملك دخول الإسلام ، ومن يعذره بجهله أيضاً لا يملك دخول الإسلام حتى ولو ترك الشرك ؟
من يريد دليلاً على ذلك ويدعي أن هذه الآيات ليس دليلاً صريحاً على ذلك كله ، فإنه مع الأسف لم يفهم هذه الآيات الفهم الصحيح .
ثم ما معنى أن هذه الآيات تبين فقط أن من يعبد غير الله فهو مشرك .؟
وهل كان أحد قبل رسول الله يقول عكس ذلك ؟
حتى العرب أنفسهم كانوا مقرين في ذلك .
إذن حسب كلامك فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بجديد . فلماذا اعترضوا عليه وآذوه , وآذوا أتباعه ؟ ولماذا لم يقبل عمه وهو على فراش الموت أن يتلفظ بشهادة التوحيد . ما دامت شهادة التوحيد تبين فقط أن من يعبد غير الله فهو مشرك ؟
ثم تقول : " وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !"

أقول : ومن هو الذي يخالف في ذلك على وجه الأرض ؟ حتى كل من دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالفوه في ذلك .
مسألتنا ومسألة الرسل كلهم ليست تسمية من يعبد غير الله أنه مشرك . مسألتنا هي :هل هو في دين الله أم لا بشركه هذا . هل شركه هذا يبطل كل توحيده وعمله مهما كان ؟ هل بشركه هذا يملك دخول دين التوحيد . ؟ وهل من حكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعرف أنه يعبد غير الله ، عرف ما هو دين الله وما هو التوحيد ؟
ما بُعث الرسل كلهم إلا لبيان هذه المسائل من أول يوم . لبيان من هو في دين الله ومن هو في دين الطاغوت . لم يأتوا ليبينوا أن من عبد غير الله فهو مشرك وفقط . لأن هذا يعرفه كل الناس من لغتهم . والذي لم يعرفه مشركي العرب وكان يعرفه أهل الكتاب : هو أنهم ما داموا يعبدون غير الله فهم ليسوا في دين الله بل في دين الطاغوت .
وكذلك جاؤوا ليبينوا شرك وحكم من يدعي أنه على التوحيد وفي دين الله وهو يفعل الشرك جهلاً .


قولك : ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :
أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .
فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .




أقول : يا ألله سبحانك !
أليس بيان شروط دخول الدين هو نفسه بيان لحكم من لا يحقق هذه الشروط ؟
من الفرق بين القول :" من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره ."
والقول : من لم يحقق هذه الشروط فهو ليس في دين الله . ؟
هل المشرك حقق شروط دخول الدين ؟ الجواب : لا
فما حكمه حسب شروط ربنا ؟ الجواب : لم يدخل الدين .
هذه الأمور يجب أن يعرفها كل من حقق دخول الدين .
فهل يعرف كيفية دخول دين التوحيد من يحكم على من عبد الطاغوت بأنه في دين الله .
وهل يملك دخول دين الله من يحكم على من عبد الطاغوت بأنه في دين الله ، وقد علم أن الله سبحانه وتعالى اشترط عليه لدخول دين الله ترك الشرك وعبادة الطاغوت ؟


قولك : أنت تستنبط من هذه الأدلة أن تكفير المشركين من أصل الدين .. مع أن مسائل أصل الدين لا يُمكن أن تُترك للاستنباط ، بل وجب التصريح بها ، والتصريح بأن الممتنع عنه لا يدخل الإسلام أو أنه كافر .
فهل هناك من صرّح بذلك ؟؟
أريد تصريحاً وليس استنباطاً .

أمامك أقوال المفسرين جميعاً .. هات لي قول واحد من المفسرين الذين فسروا هذه الآيات التي أتيت بها .. هل قال أحدهم بمثل قولك ؟؟
هذا كل ما عندي في الرد على هذه المشاركة .. وباقي المسائل تكررت أجوبتها كثيراً في كلامي .
كل ما أرى عندك هو استنباطات عقلية .. هل من يفعل كذا يكون كذا ، وهل ذلك كذلك .. وما إلى ذلك .


أقول : لو قرأتَ وفهمتَ الآيات والأحاديث التي نقلتُها لك لعلمت علم اليقين أن هذه الأدلة صريحة جداً على أن من عبد غير الله ليس في دين الله وليس موحداً ، وأن هذه الحقيقة يجب أن يعلمها كل عاقل بالغ أراد دخول الإسلام . ومن خالفها ولم يعمل بها ، إما أن يكون لا يعرفها ، أو مع علمه بها وضع مقايس جديدة لدخول الإسلام . وكلاهما لا يحكم عليه بالإسلام ودخول دينه.
ربنا يشترط شيئاً وهو يشترط شيئاً أخر ، ثم بعد هذه الصراحة والوضوح تريد منا حكماً صريحاً على كفره . ولم يكتف هذا الذي لم تكفره وعذرته بالجهل بأن يشترط شروطاً جديدة لدخول دين الله ، بل يتهم من طبق شروط الله المحكمة في كتابه بأنه خوارج مارقة تكفر المسلمين الموحدين .


قولك :وأنا أسألك :وهل هناك تصريح شرعي بهذه المسألة الاصولية التي لا يدخل الإسلام أحد إلا إن حققها ؟
تقول لي لغة العرب .
أقول لك تفضل .. هات من أقوال السلف جميعهم من قبل أئمة الدعوة النجدية ، من قال بمثل ما تقول .
هل خفيت عليهم هذه المسائل الأصولية ، التي لا يتحقق توحيد الله بدونها ، ولم تظهر إلا في هذا الزمان ؟؟ سبحان الله !!
أمامك كتب التوحيد التي ألفها السلف ، كالتوحيد لابن خزيمة ، والتوحيد لابن منده ، وشرح أصول أهل السنة للالكائي ، وشرح العقيدة الطحاوية ، والواسطية ، والإبانة لابن بطة .. وغيرها كثير من كتب السلف .
هات من فهم من هذه الأدلة أن دخول الإسلام لا يتحقق إلا بتكفيرالمشركين.


أقول : كل الأدلة التي نقلتها لك وغيرها كثير دليل واضح على مسألتنا ، ولقد بينت لك ذلك . وهذه المسألة يجب أن يعرفها أبسط موحد عرف كيف يدخل الإسلام .
وبيان الله ورسوله الواضح الجلي لكيفية دخول الإسلام ، والذي يفهمه أبسط إنسان يفهم الخطاب ، دليل كافي لمن أراد الحق في هذه المسألة .
والرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح كان يطبق هذه المسائل عملياً . والعلماء لا يوضحوا الواضح الجلي ، بل يكتفون بذكره . فقولهم بأن العبد لا يدخل دين التوحيد إلا بالكفر بالطاغوت ، كافياً لبيان هذه المسألة لمن يفهم الخطاب .
أقرأ تفسير الآيات التي ذكرتها لك في كتب التفسير .
اقرأ شرح علماء الحديث للأحاديث التي ذكرتها لك .
ثم حتى لو لم يكن هناك كلام للمفسرين ولا لعلماء الحديث ، فكلام الله واضح جلي لمن فهم لغة العرب . وهو الحجة على الناس جميعاً .
فيكفوا في هذه المسألة قوله تعالى لمن يفهمه :" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "


قولك : كل من وقفنا على قوله قال : من لا يكفرهم فقد ردّ النصوص الشرعية ، وكذّب بالقرآن .. ولم يقل أحد إنه شرط من شروط الشهادتين .



أقول : يا رجل ، هذا الكلام قيل في شرح قاعدة : " من لم يكفر الكافر أو شك في كفره فهو كافر "
هذه القاعدة للمسلمين . وليست موضوعنا . نحن نتحدث عن الحد الأدنى لدخول الدين وهذه القاعدة تتحدث عمّا بعد ذلك .
نحن نبحث في ، هل من يدعي الإسلام اليوم دخل دين التوحيد أم لم يدخله ؟ وهل من حكم بإسلامهم مع معرفته بعبادتهم للطاغوت دخل دين التوحيد أم لا .



قولك : ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :
- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .
فيقول :إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .
فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟




أقول : إذا حكم على المشرك الجاهل الذي يعبد غير الله بالشرك وعدم دخوله دين التوحيد في الدنيا ، وعامله معاملة غير المسلم في الدنيا ، ثم بعد ذلك قال هذا الكلام ، لا نحكم عليه بالكفر وإنما نسأله ما هو دليلك على هذا الكلام .
فإذا قال لنا : قوله تعالى : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين . وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة .
وتبقى مسألة قوله يدخله الجنة . فنسأله لماذا حكمت عليه بأنه سوف يدخله الجنة ؟ فإذا أتى لنا بحديث امتحان أهل الفترات . فنقول له كلامك سليم وعليه أكثر علماء المسلمين .
ولكن إذا قال مع فعله للشرك وعبادته غير الله نحكم عليه بالإسلام والتوحيد لجهله ولأنه يصلي ويصوم ويزكي ويفعل كثير من أفعال التوحيد والإسلام . فمن حكم بهذا الحكم لم يفهم أصل الدين وكيفية دخول الدين ، ولم يفهم التوحيد وما يناقضه ، وإذا كان يفهم هذه الأمور نظرياً وطبق عكسها في أرض الواقع فهو أكفر من الجاهل . لأنه بذلك وضع شروطاً لدخول الإسلام تخالف شروط الله الثابتة البينة في كتابه عن علم بشروط الله سبحانه وتعالى .

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أبوشعيب, مسلم 1, التوحيد, التكفير, اصل الدين, ضياء الدين القدسى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:05 AM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى