عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-18-2015, 01:11 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
وظيفة الإمام في مسجد من المساجد العامة في دار الحرب وظيفة مهمة وخطرة ، لأنها وظيفة بيان للدين ومن يريد تعلم الدين يلجأ للإمام يسأله ويسمع دروسه وخطبه ، لهذا تتطلب مِمَّن تصدى لها أن يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية فإن لم يفعل ذلك ينطبق عليه قول الله سبحانه وتعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } ( البقرة :159)
فسواء حصل على هذه الوظيفة بشكل رسمي أو غير رسمي ، عليه أن يفعل ذلك وإلا تنطبق عليه هذه الآية ويخرج من الدين إن كان قد دخل فيه .
أما إن تمكن من فعل ذلك أي تبيين التوحيد الخالص وتبيين شرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية ، وهذا أمر صعب في دار حرب يحكمها بغير شرع الله من يدعي الإسلام ، فطاغوت هذه الدار وجنده لا أظنهم سيسمحون بذلك ، ولكن لو فرضنا أنه استطاع تبيين التوحيد الخالص وتبيين شرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية بدون أي معارضة من الطاغوت وجنده له فقط في هذه الحالة أن يتولى وظيفة الإمامة في المسجد . وإن طلبوا منه أن يراجعهم لتثبيت هذه الوظيفة من الناحية الرسمية في هذه الحالة يحكم عليه بما وافقهم عليه .
قولك : سؤالي اولا هل ما فعله من تقديمه لاوراقه و ما يطالب بتقديمه كي يتم قبوله تحاكم الى الطاغوت ؟ وما هو حكم من صلى خلفه عالما بفعله ثم يعتقد اسلامه ؟
الجواب : وظيفة إمام مسجد كأي وظيفة في الدولة الكافرة ، للحكم على فاعلها يُنظر لطبيعة عمله وما قَبِله من شروط عند قبوله بهذه الوظيفة فهي ليست تحاكم للطاغوت وإنما طلب وظيفة من الطاغوت ولقد بينت بعون الله كيفية التحاكم للطاغوت وما يدخل في التحاكم له عندما سئلت عن ذلك فارجع للجواب في قسم فتاوى العقيدة .
فالحالة التي سألت عنها ليست تحاكم للطاغوت ولا طلب تحاكم بل هي طلب وظيفة من الطاغوت ، وطبيعة الوظيفة هنا إمامة مسجد . ننظر الآن إلى طبيعة هذه الوظيفة :
أولاً : هذه الوظيفة ليست فقط إمامة الناس في الصلاة بل هناك دروس دينية وخطبة جمعة والتصدي لإجابة من يسأل عن الدين . فالدولة لا تريد أن يتولى مثل هذه الوظيفة الخطرة المهمة إلا من تأمن جانبه بأن لا يعمل ضدها بل تريده أن يعمل ما يرضيها لهذا نحَّت الإمام الذي وصفته أنت بأنه موحد ووافقت على الإمام الذي قدم لها أوراقه للحصول على هذه الوظيفة . فهل كان الإمام الأول الذي وصفته بأنه موحد ، يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية ؟ إن كان يفعل ذلك فهو موحد وإن لم يكن يفعل ذلك فهو غير موحد لا يجوز الصلاة خلفه .
نأتي للإمام الثاني : هل هو أيضاً بعد أن حصل على وظيفة الامامية بشكل رسمي يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية ؟ فإن كان يفعل ذلك ننظر إلى ما وافق عليه من شروط عندما حصل على هذه الوظيفة ، وإن لم يكن يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية فهو غير موحد لا يجوز الصلاة خلفه .
ثانياً : لنفترض أن الإمام الثاني كان يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية ، وهذا كما قلت لك نادر التحقق ، ننظر للشروط التي وافق عليها عند توظيفه ، فإن كان فيها ما يخالف شرع الله نحكم عليه وفق ذلك ، فمثلاً إن طُلِب منه أن لا يتحدث وأن لا يتصرف إلا بما يوافق القانون الكفري ووافق على ذلك وقع في الكفر . وهذا الطلب هو أول طلب سيطلبونه منه .
أما حكم من صلى خلفه عالما بفعله ثم يعتقد اسلامه .
فأقول : يحكم على كلٍ منهم حسب حاله : فإن كان ممن حقق التوحيد وعلم أن إمامه من الموحدين وأنه لم يرتكب أي كفر في حصوله على هذه الوظيفة وشاهده أو علم أنه يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية ، فحكم بإسلامه وصلى خلفه ، لا يكفر ، وإن لم يعلم عنه ما شرطناه ومع ذلك حكم بإسلامه فهذا لا يَفهم التوحيد وكيف يتحقق في أرض الواقع ، صلى خلفه أو لم يصلي ، وصلاته خلفه مؤتماً به دليل عملي على حكمه عليه بالإسلام . ولا يكفر بعدم قبوله أن فعله هذا تحاكم لأن فعله ليس بتحاكم للطاغوت ، فتعريف التحاكم لا ينطبق عليه .
قولك : مسألة اخرى :اولا الغالب في بلد الكفر الذي اقطنه ان الائمة تعينهم وزارة الشؤون الدينية الكفرية الا من رحم ربّك وتم اسقاط اغلب الاخوة الموحدين و ابدالهم بكفرة يؤمون المنابر عموما سؤالي هو حول وجود بعض مستوري الحال ممن يتكلمون في التوحيد و الكفر بالطاغوت باجمال – لا اعلم اذا هم ممن تقدموا للوزارة باوراقهم فقبلوا او لا - هل اصلّي خلفهم اذا علمت انهم تقدموا با اوراقهم و نحوه ؟ علما اني اكفر من فعل ذلك منهم ثانيا هل اذا جهلت تقدهم بالاوراق الى الوزارة من عدمه وصلّيت خلفهم هل اكفر او لا ؟
الجواب : إمام المسجد عليه أن يُبين للناس التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية وإن لم يفعل ذلك فهو كافر وتنطبق عليه آية ( البقرة :159) لأن وظيفته تبيين دين الله بشكل واضح يفهمه كل عامي ، ولا يُنقذه من الكفر تكلمه في التوحيد والكفر بالطاغوت بشكل مجمل لا يفهمه العوام ، فهو ليس موحد عادي يجوز له التستر على دينه في دار الحرب ، بل هو في موقع البيان المبين ، فمن يريد أن يتعلم دينه يذهب إليه ، فهو في موقع تعليم دين الله بدروسه وخطبه وجوابه على الاسئلة ، لهذا لا يسعه التقية والتستر والبيان المجمل الذي لا يفهمه كثير من مخاطبيه . وأما حكم تقديم الأوراق للوظيفة فهذا أمر آخر يُنظر إليه ويحكم فيه كما بينت في الأعلى بعد تحقيق الإمام شرط تبيين التوحيد الخالص وشرك قومه بشكل واضح يفهموه دون إجمال ولا تُقية .
كتبه : ضياء الدين القدسي
رد مع اقتباس