عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 02-23-2012, 01:03 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الرد على سؤال العضو تقي الدين مداخلة رقم 13
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : ثانياً : لى سؤال واحد وأتمنى أن يكون الختام لهذا الموضوع الهام ..
1- كيف نعرف العبادة المحضة من النصوص ، أو بمعنى أخر كيف نعرف أن هذا الفعل هو من الأفعال التى لا تصرف إلا لله وحده ؟ وجزاكم الله خيراً

الجواب ( ضياء الدين ) : صفات الله التي لا تليق إلا به وخصائصه التي لا يجوز صرفها لغيره يجب أن يعرفها كل موحد ، لأن من دونها لا يمكن معرفة الإله الحق بالشكل الصحيح . لذا فقد بينها الله أتم البيان في كتابه الكريم . وفطر الناس كلهم عليها والعقول السليمة تدركها .
بعض الأمثلة عليها :
1- من خصائص الإلهية ، أن الحكم المطلق لله تعالى وحده ، فله الخلق والأمر .
قال تعالى : ) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( الأعراف : 54
قال تعالى : ) إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ( (الأنعام : 57)
وقال تعالى : ) إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ( ( يوسف: 40.)
وقال تعالى : ) أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (. (الأنعام : 62 )
وقال تعالى : ) وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ( ( الكهف: 26 )
وغيرها كثير من الآيات التي تدل على هذا المعنى .
وبالتالي فإن من يدعي من الخلق - وما أكثرهم في زماننا - هذه الخاصية لنفسه ، خاصية الحكم المطلق التي هي وقف لله تعالى ، فقد ادعى الإلهية لنفسه ، ومن أقر له بهذه الخاصية فقد أقر له بالإلهية ، وتألهه من دون الله تعالى .
2- خـاصية التشريع المطلق ، والتحليل والتحريم ، والتحسين والتقبيح.
حيث يعتبر ذلك من أخص خصائص الإلهية التي تفرد الله سبحانه وتعالى بها . وبالتالي فإن من يدعي من الخلق - وما أكثرهم في زمـانـنا - هذه الخاصية لنفسه ، خاصية التشريع والتحليل والتحريم ، فقد ادعى الإلهية وجعل من نفسه ندا لله تعالى ، ومن أقر له بهذه الخاصية أو تابعه عليها فقد أقر له بالإلهية ورضيها له ، وتألهه من دون الله تعالى .
قال تعالى : ) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( (التوبة : 31 )
الربوبية والإلهية التي ادعوها الأحبار والرهبان لأنفسهم كانت في تصدرهم لخاصية التحليل والتحريم من غير سلطان من الله تعالى . وكانت عبادة التبع لهم بمجرد الإقرار لهم بهذا الحق ومتابعتهم عليه .
وقال تعالى :)أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ( ( الشورى: 21.)
وقال تعالى : )قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ( ( يونس : 59. )
وقال تعالى : )وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هـَذَا حـَلالٌ وَهـَذَا حـَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ( ( النحل: 116.)
وقد روي أن أعرابياً من بني تميم قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن حمدي زين ، وذمي شين ! قال له : " ذاك الله " ( رواه أحمد والطبراني ورواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيب.)
أي ليس ذلك من خصوصياتك ولا من خصوصيات البشر كلهم ولو اجتمعوا في صعيد واحد ، وإنما هو من خصوصيات الله تعالى وحده . فإن ما تطلق عليه حكم الزين والتحسين قد يكون عند الله شين وقبيح ، وما تطلق عليه حكم الشين قد يكون عند الله زينا وحسنا ، فالحكم على الأشياء لله تعالى وحده وليس لأحد من خلقه .
3- من خصائص الإلهية كذلك أن الله تعالى يحكم ما يريد من غير أن يعقب عليه أحد أو يقدم بين يديه بقول أو فهم أو اعتراض ، فله تعالى الأمر ، وعلى رسولنا البلاغ ، وعلينا الرضى والتسليم .
قال تعالى : ] إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ( (المائدة: 1)
وقال تعالى : ) وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ( (الرعد: 41.)
وقال تعالى : ] وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ( ( الأحزاب: 36.)
وقال تعالى : ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ( ( الحجرات: 1.
وقال تعالى : ) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ( ( النور: 51 )
وغيرها كثير من الآيات التي تدل على هذا المعنى .
وبالتالي فإن من يدعي هذه الخاصية لنفسه ، فيقول : أنا أحكم ما أريد من غير معقب ، وأنا فوق أن يقدم بين يدي بقول أو فهم أو اعتراض ، فقد ادعى الإلهية وجعل من نفسه ندا لله تعالى ، ومثله مثل فرعون عندما قال : ) مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ ( ( غافر : 29.)
وكذلك فمن يقر له بهذه الخاصية لا شك فإنه يكون قد أقر له بالإلهية ، واتخذه إلها معبوداً من دون الله تعالى . وكذلك من ادعى لنفسه حق التعقيب على حكم الله ورسوله كما يحدث اليوم في البرلمانات الديمقراطية الكافرة فقد كفر بالله العظيم .
4-ومن خصائص الإلهية التي تفرد الله تعالى بها ، أنه تعالى لا يُسأل عما يفعل وما سواه فإنه يُسأل .
كما قال تعالى : ) لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ( ( الأنبياء : 23.)
وبالتالي فإن من يدعي هذه الخاصية لنفسه ، حيث يقول : إنه لا يُسأل عما يفعل أو أنه فوق المساءلة ، فقد ادعى الإلهية لنفسه وجعل من نفسه ندا ومثيلا لله تعالى ، والله تعالى يقول : ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ( ( الشورى : 11.)
وكذلك فإن من يقر له بهذه الخاصية فقد رضي له الإلهية وأن يكون له معبوداً من دون الله تعالى .
5- ومن خصائصه تعالى أنه المحبوب لذاته ، وما سواه فيحب له سبحانه وتعالى .
وبالتالي فإن أي مخلوق يدعي هذه الخاصية لنفسه ، وأن له الحق في أن يُحب لذاته ، بحيث يُوالى ويعادى عليه ، فقد ادعى الإلهية وجعل من نفسه مثيلا ونداً لله تعالى . وأيما مخلوق يقر له بهذه الخاصية فقد اتخذه إلهاً ، ورضي أن يكون معبوده من دون الله تعالى .
6- وكذلك من خصائصه سبحانه وتعالى أنه المطاع لذاته ، وما سواه يُطاع له وفيه ، حيث لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
فمن يدعي الطاعة لذاته فإنه يدعي خاصية هي من خصائص الله تعالى وحده ، ومن يعترف له بذلك فإنه يعترف له بالإلهية والندية لله تعالى .
7- ومن خصائصه سبحانه وتعالى أنه النافع الضار ، بيده وحده الضر والنفع ، وهو يُجير ولا يجار عليه .
قال تعالى : ) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( ( يونس : 106، 107.)
وقال تعالى : ) قُـلْ أَنَـدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا( ( الأنعام : 71 )
وقـال تـعالى : ) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فـِي السَّمَاوَاتِ وَلا فـِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعـَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ( ( يونس : 18.)
وقال تعالى : ) قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا( ( الرعد : 16.)
) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ( ( الأعراف: 188.)
وغيرها كثير من الآيات التي تدل على هذا المعنى .

كتبه : ضياء الدين القدسي
[/align]

رد مع اقتباس