عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-11-2011, 09:31 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الرد على سؤال العضو تقي الدين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
سأجيبك بجواب مختصر مفيد لضيق الوقت فإن رغبت بأن أوضح لك أكثر فأخبرني .

1- ما هو تعريف العبادة المحضة ؟

الجواب : العبادة المحضة التي من فعلها لغير الله يشرك الشرك الأكبر ، هي : كل فعل أو قول لا يصرف إلا لله وحده .
بعض الأدلة على ذلك :
قوله تعالى : " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .. ( النساء : 36)
وقوله تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .. " ( النحل : 36)
وقوله تعالى : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " (التوبة :31)
وقوله تعالى : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ... " ( المائدة : 116-117)
وقوله تعالى :" فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ " (المؤمنون : 32)
وجه الدلالة في هذه الآيات : تبين هذه الآيات وبشكل واضح صريح أن من لا يخلص العبادة لله فقد اتخذ إلهاً معه أو دونه .
الأمر بإخلاص العبادة لله جاء بعده مباشرة الأمر بعدم الإشراك به . فيفهم من هذا أن الشرك مضاد لإخلاص العبادة وأن إخلاص العبادة ينافي الشرك ومضادة له ولا يمكن أن يجتمع إخلاص العبادة لله مع الشرك . أي لا يمكن أن يجتمع التوحيد مع الشرك الأكبر .

2- هل كل فعل يحبه الله ويرضاه يكون عبادة طبقاً لتعريف بن تيمية رحمه الله للعبادة أنها " كل فعل أو قول يحبه الله ويرضاه يتضمن غاية الذل والخضوع وغاية الحب "؟؟

الجواب : لا ليس كل فعل يحبه ويرضاه الله يدخل في معنى العبادة المحضة التي من يفعلها لغير الله يشرك . فهناك أفعال كثيرة يحبها الله ويرضى عنها ولا تعتبر شركاً إن فعلها الشخص لغير الله . على سبيل المثال : إعانة المسلم للمسلم عمل يحبه الله ويرضاه ويثيب عليه إن فعل لأجله . ولكن إن فعله المسلم لغير الله لمنفعة دنيوية أو مادية لا يُحكم عليه بأن أشرك مع الله واتخذ إلهاً معه .
وهناك ما يسمى بالشرك الأصغر وهو ما كان دون صرف العبادة المحضة لغير الله .
فالشرك الأصغر هو : كل قول أو عمل أو اعتقاد كان وسيلة إلى الشرك الأكبر .

3- وهل معنى ذلك أن إماطة الأذى عن الطريق عبادة لأنها فعل يحبه الله ويرضاه ؟ ، وأنه لو فعلها مشركٌ يُقال عنه أنه عابد لله؟ ، وهل معنى ذلك أن من ابتسم في وجه أخيه لغير وجه الله يكفر ؟

الجواب : لا ، إماطة الأذى عن الطريق ليست من العبادة المحضة التي إن صرفها الشخص لغير الله يشرك ويحكم عليه أنه عبد غير الله .
نعم ، إن الله سبحانه وتعالى يحب ويرضى عن فعل إماطة الأذى عن طريق المسلمين . فمن فعل هذا الفعل لأجل الله امتثالاً لأمره فسوف يثاب على ذلك ، ولا يعني ذلك أنه إن فعلها لأجل الدنيا يشرك مع الله ويعبد غيره .

- وهل معنى ذلك أن من ابتسم في وجه أخيه لغير وجه الله يكفر ؟

الجواب : لا ، ابتسامة المسلم بوجه أخيه ليست من العبادة المحضة . وإنما هي من الأفعال التي يحبها الله ويرضى عنها ، لهذا يثيب فاعلها إن فعلها لأجله . ولكن لا يعني هذا أن المسلم إن فعلها للدنيا أو لغير وجه الله يشرك بالله ويعبد غيره ، فهي ليست من الأفعال التي لا تفعل إلا لله . وبتعبير آخر ليست من الأفعال الخاصة بالله التي لا يجوز فعلها لغيره.

4- يقول بعضهم : " أن العبادات مثل الصلاة والصيام ليست عبادة ، بل هى شعائر تعبدية !! ، وأن الصلاة مثلا ليست عبادة فى ذاتها ! ، بل هى شعيرة ولا تكون عبادة لله إلا بالاعتقاد "...فما رأى فضيلتكم فى هذا القول ؟ ونرجو أن تبينوا لنا وجه الخلل فيه ؟

الجوال : الصلاة والصيام بالشكل التي أمر بها الله سبحانه وتعالى عبادة محضة لا تُفعل إلا لله . فمن فعلها لغير الله فقد عبد هذا الغير ووقع في الشرك الأكبر . والمقصود من فِعلها لغير الله أن يصليها ويصومها بنية العبادة لغير الله أو إطاعة لأمر غير الله بأن يفعلها له بشكلها التي عرفها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . مثال ذلك : أن يقول شخص لشخص : أريدك أن تصلي لي كما تصلي لله . أو أريدك أن تصوم لي كما تصوم لله ، فإن أطاعه فقد عبده وأشرك بالله الشرك الأكبر بغض النظر عن نيته .
أما إن صلى لله ولكن بنية الحصول على منفعة دنيوية فصلاته باطلة وعمله شرك أصغر ، ولكن لا يخرج من الملة بهذا العمل إلا إن استحله .

5- ما معنى قول العلماء أن العبادة " غاية الذل وغاية الحب وغاية الخضوع " ؟؟ ، فهل معنى ذلك أن من صلى لله من غير خشوعٍ أنه لا يقال عنه أنه عابد لله وأن صلاته ليست عبادة ؟ ، وهل غاية الخضوع وغاية الذل شرط لاطلاق وصف مادة العبادة على الأفعال ؟

الجواب : غاية الذل وغاية الحب وغاية الخضوع لا تكون إلا لله . وهي تعني مطلق الذل ومطلق الحب ومطلق الخضوع . وهذه الأفعال من حق الله وحده لهذا لا تصرف لغيره وإن صرفت لغيره فقد حصل الشرك الأكبر .

- فهل معنى ذلك أن من صلى لله من غير خشوعٍ أنه لا يقال عنه أنه عابد لله وأن صلاته ليست عبادة ؟

الجواب : لا ، ليس معنى ذلك أن من صلى لله من غير خشوعٍ أنه لايقال عنه أنه عابد لله وأن صلاته ليست عبادة . بل إن أخل بشرط الخشوع في صلاته لله فقد بطلت صلاته ، كحال المسيء في الصلاة التي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة صلاته لأنه لم يطمئن عند كل حركة من حركات الصلاة . فهو نوى الصلاة لله ولكنه لم يصليها بالشكل الذي أمر بها الله ، لهذا بطلت صلاته فكأنه لم يصلي . ولكن لا يقال عنه أن ليس عابداً لله أو أن صلاته هذه ليست عبادة . وإنما يقال عنه أنه أراد عبادة الله بالصلاة له ولكنه لم يحسن أداء هذه العبادة فبطلت عبادته التي كلفه الله بها فوجب عليه إعادتها .
والخشوع محله القلب وقد يظهر بعضه على الجوارح ، وله درجات منها ما يؤدي نقصها لأبطال الصلاة ومنها ما يؤدي نقصها لنقصان ثواب الصلاة أو للحرمان من ثوابها ولكن لا يبطلها .

- وهل غاية الخضوع وغاية الذل شرط لاطلاق وصف مادة العبادة على الأفعال ؟

الجواب : لا ليس شرطاً . وإنما ينظر لطبيعة الفعل ، فإن كان مما لا يصرف إلا لله ، فصرفه لغيره شرك واتخاذ ندا لله .

6- ما هى أركان العبادة التى ما إن وجدت فى أى فعلٍ أطلقنا الوصف عليه بأنه عبادة ؟

الجواب : العبادة كما عرفناها في الأعلى : هي كل فعل أو قول لا يصرف إلا لله وحده . ويكفي أن نقول فلان عبد فلان إن صرف له أي فعل أو قول لا يكون إلا لله.
فإن قال له : أنت تستحق أن يصلى لك كما يصلى لله أو أنت تستحق أن يصام لك كما يصام لله أو أنت تستحق أن تطاع كما يطاع الله أو أنت تستحق أن تحب كما يحب الله وهكذا .
أو يصلي له كما يصلي لله أو يصوم له كما يصوم لله أو يطيعه كما يطيع الله أو يحبه كما يحب الله . أو يعطيه حقاً لا يكون إلا لله كحق التشريع مع الله أو دونه .
فمن حلل الحرام وحرم الحلال فقد نازع الله في صفته الخاصة به وأبطلها ، فمن أطاعه في ذلك فقد أتخذه إلها مع الله أو دونه .

- فمثلا التحاكم لماذا نقول أنه عبادة ؟ وكيف عرفنا هذا ؟

الجواب : من تحاكم لمن يحكم بغير شرع الله فقد أعطاه الحق في الحكم من دون الله .
ولأن حق الحكم المطلق بين الناس خاص بالله . فمن أعطى حق الحكم بين الناس من دون الله لغير الله فقد سلب الله حقه الخاص به وأنقصه . وليس لأحد مهما كان أن ينازع أو يسلب الله صفة من صفاته الخاصة به أو ينقصها . ومن ادعى هذا الحق فقد ادعى الالوهية وأصبح طاغوتاً يجب الكفر به وتكفيره وتكفير من لا يكفره لتحقيق الشرط الأول لدخول الدين .
وكذلك من تحاكم لمن يحكم بغير شرع الله فقد أعطى هذا الغير الحق بأن يحكم من دون الله .
ومن ادعى أن له الحق بأن يحكم بين الناس من دون الله فقد نازع الله في صفته وادعى صفة من صفات الله التي لا تكون إلا لله ، لهذا سمي طاغوتاً.
والطاغوت إله باطل ادعى صفة خاصة لله ونازعه في هذه الصفة ، وأبطل خصوصية هذه الصفة له . فمن أراد التحاكم له أو تحاكم إليه فعلاً فقد آمن به بإعطائه هذه الصفة التي لا تكون إلا لله ، ولم يكفر به بإعطائه حق منازعة الله في صفته . ومن آمن بالطاغوت ولم يكفر به ، فقد كفر بالله العظيم .
فقد قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " ( يوسف : 40 )
وقال عز من قائل : " وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا " (الكهف : 26)

كتبه : ضياء الدين القدسي

[/align]

رد مع اقتباس