عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 12-14-2017, 10:42 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 64


قولك : تقول هذا ليس إيماناً ولا توحيداً ، هذا عمل صالح من أعمال الإيمان والإسلام .. ولا يسمى توحيداً وأيماناً بمعنى أن فاعلها مؤمن موحد وهو يشرك بالله (
يعني نحن عندنا رجل يقول : لا إله إلا الله في الدعاء .. فلا يدعو إلا الله ، ويعتقد بقلبه أنه لا يستحق أحد الدعاء إلا الله ..
فهل هذا وحّد الله - تعالى - بقلبه وفعله في هذا الفعل ؟ .. لا أظن أن أحداً سيخالف في ذلك .
وأنت تقول إنه عمل من أعمال الإيمان والإسلام .. هذا مع أنه يعمل الكفر والشرك في مواضع أخرى .. إلا أنك قلت إن عمله (الذي على الجوارح) هو من أعمال الإيمان .
فما تقول في قلبه إذن ؟




أقول :هذا الرجل الذي دعا الله وحده ، وحد الله في الدعاء ، ولا يقال : لأنه وحد الله في الدعاء فهو موحد وفي دين الله مع فعله للشرك .
ولا يقال أيضاً للحكم على عينه وبأي دين هو : هذا لأنه وحد الله في الدعاء والسجود والصوم فهو موحد في الدعاء وموحد في السجود وموحد في الصوم ومشرك بالله في التحاكم والتشريع ، وللحكم على عينه ننظر للترجيح .
الموحد يعرف أن من أشرك بالله الشرك الأكبر بأي مسألة كانت بسيطة كانت أم كبيرة ، ليس في دين الله بعينه ، فهو مشرك بالله بعينه ، مهما وحد الله بباقي عمله . لأن الموحد ما أصبح موحداً وفي دين الله إلا بتركه للشرك.
وكلمة مشرك معناها : يعبد الله ويعبد غيره . يعني يعبد الله وحده في بعض الأعمال ويعبد غيره في بعض الأعمال .
يعني حسب تعبيرك : يوحد الله في بعض الأعمال ويشرك بالله في أحد الأعمال .
والذي لا يعبد الله البتة ويعبد غيره لا يقال عنه بأنه مشرك . بل هو ملحد .
دين الله هو الدين الخالص من الشرك ، ولا يملك أحد دخوله بدون أن يخلص من الشرك بسيطه وكبيره . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف مهما كان مستواه العقلي . لأنه بهذه الحقيقة دخل دين التوحيد .
قال تعالى : "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ "


قولك : هل تحقق في قلبه في هذا الفعل إيمان أيضاً ؟ .. مع كونه يعتقد الشرك في مواضع أخرى ؟
إن قلت لي لا .. قلت لك : فما معنى أن يعتقد أنه لا يستحق أحد هذا العمل إلا الله ؟ .. هل تسمي هذا من أعمال الإيمان القلبية ؟
فإن كنت تسميه كذلك .. فما بقي من معنى الإيمان إلا ذلك ؟




أقول : أنت تسأل وتجيب على كيفك .
نحن يا أبا شعيب نتكلم عن كيفية دخول العبد للإسلام ، لدين التوحيد . والله سبحانه وتعالى بين ذلك أتم بيان . فمن كان في قلبه ذرة من شرك أكبر لا يملك دخول دين الله ، وكذلك من كان في عمله أي شي من الشرك الأكبر لا يملك دخول دين الله . هكذا يجب أن يفهم دين الله ، وهكذا يجب أن يفهم التوحيد .
وأنت نفسك قلت :" يجب عليه حتى يدخل دين الله أن يترك الشرك قلباً وقالباً . " فتذكر كلامك جيداً
أما أن ننظر لهذه المسألة كعملية حسابية ، نحسب فيها كم عنده من التوحيد وكم عنده من الشرك ثم بعد ذلك نرجح ما هو حكمه ، فهذه لم يقل بها أحد يعرف ما هو التوحيد ، ومن هو في دين التوحيد .
نعم من دعا الله مخلصاً له الدين ، قلبه وحد الله في هذه المسألة ، وكذلك من صلى لله وحده ، قلبه وحد الله في الصلاة ، ومن صام لله وحده ، قلبه وحد الله في الصوم . ولكن مع كل هذا إذا ثبت أنه أشرك بالله بأي مسألة كانت ، يحكم عليه بأنه مشرك ليس في دين الله بعينه ، وليس في عمله فقط . وبعد هذا الحكم وقبله لا ينظر هل في قلبه بعض التوحيد أم لا . ولا يبحث أصلاً في مثل هذه المسائل مع وجود الشرك الأكبر . ولو كان الأمر كذلك لما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل من أشرك بالله بالشرك بدون أن يقيم كم عنده من توحيد . وقد قلت لك سابقاً لا يوجد على وجه الأرض من لا يوجد عنده من أعمال الإسلام والتوحيد والإيمان شيء.
فهل حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة أو أحد التابعين أو من تبعهم بإحسان ، قبل أن يحكم على عين من أشرك بالله الشرك الأكبر ، بدأ يقيم ما عنده من توحيد ؟



قولك : ثم لو جاء رجل وقال .. عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه .. أليس هذا إثبات للإيمان في هذا الموضع ؟



أقول : لا يقول موحد لمن عرف عنه فعل الشرك الأكبر ، عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه مقبول عند الله .
لأنه يعرف أنه لا يجوز أن يحكم على أي شيء بدون دليل شرعي . فما هو الدليل الشرعي الذي استند إليه في الحكم على العمل بالقبول عند الله مع الشرك الأكبر .
الموحد الذي لا يعرف حكم حبوط الأعمال بالشرك لا يحكم بقبولها بل يسأل عنها الشرع كما فعلت عائشة رضي الله عنها .
ولو فرضنا جدلاً أن أحد الموحدين الجهلة بحكم حبوط عمل المشرك ، قال بقبول عمل المشرك الذي فعله لله ، فإنه لا يقصد البتة أن يحكم على عينه بالتوحيد ، وكذلك لا يقصد بهذا القول أن يدخل في عملية حسابية ترجيحية ليحكم بعدها على عين من فعل الشرك .


قولك : والمعلوم أن الإيمان هو إخلاص العبادة لله وحده .. فمن أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في فعل ما .. فهذا هو حقيقة الإيمان



أقول : الإيمان المقبول عند الله هو إخلاص جميع العبادة له . ولا يقال أن الإيمان المقبول عند الله هو إخلاص القلب في بعض الأعمال مع وجود شرك وعدم إخلاص في بعض الأعمال . فهذا يسمى إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض . كما قال تعالى : " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
لهذا من الخطأ الجسيم أن يقال لمن عُرف عنه أنه أشرك بالله الشرك الأكبر : هذا أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في الصلاة .. فهذا هو حقيقة الإيمان .
نعم ممكن أن نقول وهذه حقيقة الإيمان في الصلاة . ولكن يجب أن لا نقف في حكم من أشرك بالله عند هذا الحكم ، بل يجب أن نقول عقب هذا الكلام ولكنه ليس مؤمناً ولا موحداً لأنه أشرك بالله الشرك الأكبر .
حقيقة الإيمان ودين التوحيد بالشكل العام :هو الإخلاص لله في جميع أنواع العبادة .
قال تعالى : " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ "
وقال تعالى : " قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ . قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ "
فصبغة الله هي دينه الخالص من كل أنواع الشرك . وصبغة الله صافية لا تقبل معها أي نوع آخر من الأصباغ . لأنها إذا دخلها أي نوع آخر من الصبغات مهما كانت الكمية صغيره ، فقد زال عنها الصفاء وأصبحت مغشوشة . ولا يبحث بعد ذلك بكمية الغش التي فيها .



قولك : فهذا الرجل مع إخلاصه لله تعالى في هذا الموضع ، ومع متابعته للرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع .. هو على دين المسلمين في هذا الأمر .



أقول : لا ، ليس في دين المسلمين بعينه من أشرك بالله وعبد غيره .
ومن أشرك بالله وعبد غيره فهو مشرك بعينه خارج من دين التوحيد .
ولا يقال بعد ذلك هو في هذا العمل على دين الله وفي هذا العمل على غير دين الله . وكأننا في سوق خضار نقيم سحارة فواكه ، فنقول : هذه الحبة جيدة وهذه الحبة مخمجه ( خربانه ) . لنحكم في النهاية على السحارة .
هل هكذا يقم الشخص في دين الله ؟ هل هكذا يعرف المسلم من غير المسلم في دين الله ؟


قولك : فالعمل الصالح المقبول عند الله هو ما اتفق فيه الإخلاص والمتابعة .. كما هو معلوم .
فمن أتانا وقال : فلان عمله من دين الإسلام .. واعتقاده وإخلاصه في هذا العمل من دين الإسلام .. فهو على المعتقد والعمل الصحيح الذي يرضاه الله تعالى في هذا الشأن .. فهل في كلامه ما يسوء ؟




أقول : نعم في كلامه ما يسوء إذا أراد بذلك تقيم أعمال المشرك للحكم عليه في أي دين هو . بل هو من التلبيس الواضح والتحايل على الأحكام .


قولك : وهل مثل هذا نقول عنه إنه لا يعرف حقيقة التوحيد ؟ أو حقيقة الإخلاص ؟؟



أقول : بل لمثل هذا نقول : اتق الله يا رجل ، وكفاك تلبيساً وجهلاً.
ولو كنت تعرف ما هو التوحيد وما حكم الشرك ، لما دخلت في عملية حسابية لتقيم ما عند المشرك من شرك وإخلاص وتوحيد لتحكم على شخصه بعد ذلك
.

قولك : قلت : ( فلا يقال لمن أشرك بالله وعبد الطاغوت ، هذا بصلاته مؤمن موحد وبصيامه مؤمن موحد وبشركه مشرك . ثم بعد ذلك للحكم عليه ننظر بالترجيح . لأن من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله لا ينظر لباقي أعماله هل هي على التوحيد أم لا . فهذا لا يهم ولا يؤثر بالحكم عليه شيئا )
كانت علّة تكفيرك لمن يعذر المشركين بالجهل أنه لا يعرف التوحيد ..
وهذا الرجل الذي تكفّره لهذه العلّة عندما قام بتجزئة المسائل .. جزأها إلى إيمان وكفر .. وتوحيد وشرك ، فحكم على ما أخلص فيه المرء لله ، وعبد الله فيه .. بالتوحيد .. بل وبقبول الله تعالى لها ، ومثوبته عليه .
وحكم على ما أشرك بالله فيه .. بالشرك ، وحبوط عمله فيه .
فكيف لمن لا يعرف التوحيد أن يفرّق بين التوحيد والشرك ؟؟ .. سبحان الله .


أقول : لو عرفت السبب لبطل عجبك .
لو عرف هذا التوحيد وحكم الشرك ، لعرف أن من أشرك بالله ، حكمه أنه مشرك بعينه ، وليس في دين الله بعينه . ولا يدخل معه بمثل هذه العملية الحسابية للحكم على عينه .
لو عرف التوحيد وحكم الشرك ، لما تردد بالحكم على عين من أشرك بالله بأنه ليس موحد وليس في دين الله . كونه تردد بالحكم وبدأ بعملية حسابية يستعرض بها أعمال التوحيد والشرك عنده للحكم على عينه ، لأكبر دليل على أنه لا يعرف التوحيد ولا حكم الشرك .
فالتوحيد الذي يعرفه هذا ، هو التوحيد الذي لا يبطله الشرك .
والشرك الذي يعرفه هذا ، هو الشرك الذي يمكن أن يجتمع مع الموحد ويبقى موحداً .
وكل ما يعرفه عن التوحيد : أن يكون العمل خالصاً لله .
وكل ما يعرفه عن الشرك : أن لا يكون العمل خالصاً لله . وهذا ما كان يعرفه مشركي العرب ، وما يعرفه كل المشركين على الإطلاق .
فمشركي العرب كانوا يعرفون أنهم على الشرك ، ولكنهم كانوا لا يعرفون حكمه .
وأهل الكتاب كانوا لا يعرفون أنهم على الشرك ولكنهم كانوا يعرفون حكمه.
وحُكم عليهم كلهم بأنهم لا يعرفون التوحيد .
فهذا حاله كمشركي العرب ، يعرف الشرك ولكنه لا يعرف حكم الشرك وحكم المشرك ، هل هو في دين الله بعينه أم خارجه .
ومن لا يكفرهم ، ممن وقع في الشرك جهلاً ، حالهم كحال أهل الكتاب لا يعرفون أنهم واقعين في الشرك . ويحسبون أنهم في دين الله . فلا هو ولا من لم يكفرهم عرف التوحيد .
أعرفت السبب الآن يا أبا شعيب - هداك الله - لماذا حكمتُ عليه بأنه لا يعرف التوحيد ؟
فمن لا يعرف حكم الشرك لا يعرف دين التوحيد وكيفية دخوله .



قولك : أقول ولا يبقى إلا حكم التغليب والإظهار .. فهل هذا من أصل الدين أيضاً ؟ .. وما وجه إدخاله في أصل الدين ؟؟



أقول : ماذا تقصد في سؤالك هذا ؟
وما المقصود من حكم التغليب والإظهار ؟
من عرف أن شخصاً ما قد فعل الشرك الأكبر ولم يحكم على عينه بأنه مشرك خارج دين الله ، ويدخل في عملية حسابية يقيم فيها توحيده وشركه للحكم عليه ، فهذا لم يفهم التوحيد وحكم الشرك ولم يفهم كيفية دخول دين التوحيد . ولقد أثبت لك لماذا .


قولك : قلت : ( فإذا وقت نجاسة في إناء ، للحكم على الماء بالطهارة أو النجاسة لا ينظر هل الماء الذي كان في الإناء ماء زمزم أم مياه مجاري(--
ولو وقعت النجاسة في الطعام ؟ ألا يكون موضعها فقط هو موضع النجاسة ، ويكون باقي الطعام طاهراً طيباً ؟




أقول : أنا ضربت لك مثالا ً لمن ينجس كله عند مخالطته أي نجاسة ، ولم اضرب مثالاً لمن يتنجس بعضه .
فالشرك الكبر مهما كان بسيطاً ، إذا دخل القلب خرج منه التوحيد . وأصبح الشخص مشركاً بعينه .
والثابت من أصل الدين ، عدم إمكانية أن يكون الشخص في دين الله وهو يعبد غير الله .
والظاهر أنك يا أبا شعيب تعتقد أن الشرك الأكبر لا يُنجِّس إلا العمل نفسه ، أما الشخص كله فلا ينجس ( بمعنى يصبح مشركاً بعينه ) ، لهذا سألتني عن الطعام الجامد .
اعلم يا أبا شعيب أن صبغة الله ليست من الجوامد كالطعام ، فأي شيء من الشرك الأكبر يغيرها ويفسدها كلها .


قولك : قلت : ( فمن عبد غير الله لا يسمى موحداً بعينه ولو عمل كل أعمال التوحيد والإيمان . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف . وإلا لحكمنا على كل من يعمل عملاً من أعمال الإيمان والإسلام بالتوحيد والإسلام . فمن يُمط الأذى عن الطريق سيصبح موحداُ مؤمناً مع شركه بالله ) .
من أماط الأذى عن الطريق ابتغاء مرضاة الله ، ورجاء له وحده ، لا يُشرك به شيئاً في هذا الفعل ، فأخلص لله الدين به .. فقد تحقق لديه الإيمان في قلبه وفعله في هذا الأمر .. إلا أن عمله غير مقبول عند الله لحبوط ثوابه بالشرك .
أما قولك فيمن عبد غير الله .. فهو لا يُسمى موحداً بفعله هذا .. بل هو مشرك بهذا الفعل .
كما نقول : من عصى الله فهو عاص .. ومن قال : من عصى الله فهو طائع .. لا يشك مسلم في كفره .
ومع هذا ، يُمكن أن يُسمى من يعصي الله تعالى طائعاً .. إن غلب عليه فعل الطاعة .
لكن ما يميّز الشرك والكفر عن غيرهما من المعاصي .. أنهما يُحبطان ثواب الإيمان .. في حين أن المعاصي تُنقص ثوابه .




أقول : وهذه هي المشكلة . قياس الشرك الأكبر على المعاصي .
فهل عندك الشرك الأكبر يخرج من الملة بغض النظر عن باقي الأفعال؟
إذا قلت نعم : فلماذا هذه الحسبة والترجيح في الأعمال؟
أما إن قلت أن الشرك ألأكبر لا يبطل إلا العمل نفسه ، وهذا هو الظاهر من كلامك ، لأنك شبهت الشرك الأكبر بالمعاصي ، وبدأت ترجح في الأفعال . فالمشكلة عندك إذن هي في حكم الشرك الأكبر .
لهذا يجب أن نبحث في هذه المسألة على حده .
هل الشرك الأكبر يبطل العمل نفسه أم جميع الأعمال ؟
هل الشرك الأكبر يخرج من الدين أم يجب أن ننظر لباقي الأعمال .؟



قولك : أما تسمية من وقع في الشرك الأكبر في مسألة ما مشركاً ، دون اعتبار لما معه من كثير توحيد وإيمان .. وزعمك أن هذا يعلمه كل موحّد .. فهذه دعوى تفتقر إلى دليل لا أكثر .. ولم يقل أحد من علماء الإسلام المعتبرين بذلك (أي أن هذا يعلمه كل موحد) .. ويكفيني ذلك .. وقد تكلمنا في ذلك كثيراً بما يغني عن الإعادة هنا .



أقول : يا سبحان الله .
أنت نفسك أقررت بأن الشخص حتى يدخل الإسلام يجب عليه ترك الشرك قلباً وقالباً ، وقلت أنه من أصل الدين .
وهنا تطالبني بالدليل الذي يبين : أن كل موحد دخل الدين يجب عليه معرفة أن من لم يترك الشرك لم يدخل في الدين . ؟!!!



قولك : قلت : ( ولا يعني إعطاء مكافئة لفاعل العمل الصالح أنه إيمان وتوحيد . فقد يعمل العمل الصالح لأنه صالح ويكافئ على ذلك .
فقد قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
قل لي .. هل من يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة .. هل يثيبه الله عليه ؟؟ وهل يكافئه على ذلك ؟؟
أم أن الله تعالى يتركه وشركه ، ولا يؤجره على ذلك بشيء ؟




أقول : لا يقال يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة . فعبادة الشيطان عمل غير صالح . لهذا لا يقال يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة . وكيف سيعبد الشيطان بالأعمال الصالحة ؟ يتصدق لأجل الشيطان ؟ أصبح هذا العمل ليس صالحاً ولا يسمى عملاً صالحاً ، بل هو شرك بالله وعمل باطل . فكيف يوصف بأنه عمل باطل وضلال وشرك وفي نفس الوقت يوصف بأنه عمل صالح .؟!!


قولك : أما الآية التي استدللت بها ، فهي على نقيض كلامك .
فإن الآية تتحدث عمّن يعمل من أجل الدنيا .. وحديثنا هو عمّن يعمل من أجل الله تعالى .. أخلص هذا العمل لله وحده ، وعبده به وحده .. واعتقد أنه لا يستحق العبادة بهذا العمل إلا الله .
فكلامنا ليس فيمن يعبد الدنيا ، ويبتغي بعمله وجه الدنيا .. فهذا مشرك لا يثيبه الله تعالى على عمله إلا في الدنيا .. بأن ييسر له أمر دنيا ويفتح له أبواب الدنيا ، فيغل فيها ويزيد ضلالاً .
يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (*) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [هود : 15- 16]
وقال أيضاً : { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } [يونس : 7]
أما كلامنا فهو فيمن ابتغى مرضاة الله بهذا الفعل ، وابتغى الدار الآخرة .
قال تعالى : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب : 29]
قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى : 20]




أقول : فإذا كان من أراد الدنيا في عمله فسوف يكافئ في الدنيا . فكيف من أراد الله بعمله .؟ فلا بد أن يكافئ على ذلك إما في الدنيا وإما في الآخرة ، فإن كان مشركاً وأراد الله أن يكافئه في الآخرة فسوف يخفف عنه عذاب النار كما حدث مع عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يستفيد من هذا العمل الذي وحد الله فيه لدخول الجنة بشيء ، لأنه أشرك بالله . وهذا هو معنى حبوط العمل .
هذا ، ولا يعني أن كل من يعمل للدنيا يعبد الدنيا . فقد يكون يتصدق ليقال أنه جواد ، هذا أيضاً عمله للدنيا ، ولكن لم يعبد الدنيا .
فالآية ليست دليل ضدي . لأني استشهدت بها على أن الله لا يبخس الناس شيئا . فمن عمل الخير في الدنيا لأجل الشهرة أو حمية أو لأجل مساعدة الضعيف فسوف يكافئ في الدنيا ولكن عمله في الآخرة محبط . سوف لا يستفيد منه شيئاً لدخول الجنة . وهذا هو معنى حبوط العمل .
فإذا كان من يعمل الخير للدنيا ولغير وجه الله يكافئ فكيف بمن يعمل الخير لله ؟ وهذا وجه الاستدلال بهذه الآية . فكيف هي نقيض كلامي . ؟



قولك : قلت : )وكما قلت سابقاً أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات ، فهل سنقول أنها كانت إيماناً وتوحيداً ؟ (
هل يعني كلامك هذا أن من عبد الشيطان طوال عمره ، وبجميع أفعاله .. لا يعلم إلهاً له إلا الشيطان ، ثم تاب .. صارت عبادته للشيطان مثل من وحّد لله تعالى طوال عمره بأكثر أفعاله وعباداته (لكنه أشرك في مسألة أو اثنتين) ؟




أقول : لا ليس معنى كلامي هذا . دقق بكلامي في سياقه هداك الله .



قولك :
أما قول الله تعالى : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان : 70] .. الذي تستدل به على مذهبك في هذه المسألة ، فهو استدلال في غير محله .
فإن التوبة من الذنب هي عمل صالح ، يثيبه الله عليه .. فيجعل الله تعالى مكان هذا الذنب الذي عمله ، أجر التوبة .. لا أن نفس العمل ينقلب صالحاً . أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة .
يقول ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 10/308-309]:
" فما يأتي به التائب من معرفة الحق ومحبته والعمل به ، ومن بغض الباطل واجتنابه ، هو من الأمور التي يحبها الله تعالى ويرضاها ، ومحبة الله كذلك بحسب ما يأتي به العبد من محابه . فكل من كان أعظم فعلاً لمحبوب الحق ، كان الحق أعظم محبة له ؛ وانتقاله من مكروه الحق إلى محبوبه ، مع قوة بغض ما كان عليه من الباطل ، وقوة حب ما انتقل إليه من حب الحق ؛ فوجب زيادة محبة الحق له ومودته إياه ؛ بل يبدل الله سيئاته حسنات ، لأنه بدل صفاته المذمومة بالمحمودة فيبدل الله سيئاته حسنات . فإن الجزاء من جنس العمل . وحينئذ فإذا كان إتيان التائب بما يحبه الحق أعظم من إتيان غيره ، كانت محبة الحق له أعظم . وإذا كان فعله لما يوده الله منه أعظم من فعله له قبل التوبة ، كانت مودة الله له بعد التوبة أعظم من مودته له قبل التوبة "أهـ

هذا هو السبب في تبديل السيئات حسنات .. لا أن السيئة تتبدل إلى حسنة بنفس درجتها .. فيكون من فعل السيئة .. أجره مثل من فعل الحسنة .
فالحسنات التي يُثبتها الله تعالى هي ما نتج عن التوبة والمحبة لله والانكسار بين يديه .. فهي حسنات التوبة ، لا أن المعاصي قد آجره الله عليها .




أقول : أولا ً : أنا لم أقل :" أن نفس العمل ينقلب صالحاً . أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة ".
فهذا تقويل لي لم أقله .
فما قلته هو : " أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات "
قال ابن كثير في تفسير آية ( الفرقان 70 ) التي استشهدت بها :
" في معنى قوله {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قولان (أحدهما) أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, قال: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات, فرغب الله بهم عن ذلك, فحولهم إلى الحسنات, فأبدلهم مكان السيئات الحسنات, وروي عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان ينشد عند هذه الاَية:
بدلن بعد حرهِ خريفا وبعد طول النفس الوجيفا
يعني تغيرت تلك الأحوال إلى غيرها, وقال عطاء بن أبي رباح: هذا في الدنيا, يكون الرجل على هيئة قبيحة ثم يبدله الله بها خيراً. وقال سعيد بن جبير: أبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الرحمن, وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين, وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات. وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح, وأبدلهم بالشرك إخلاصاً, وأبدلهم بالفجور إحصاناً, وبالكفر إسلاماً, وهذا قول أبي العالية وقتادة وجماعة آخرين.
(والقول الثاني) أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات, وما ذلك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر , فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار , فيوم القيامة وإن وجده مكتوباً عليه, فإنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته, كما ثبتت السنة بذلك, وصحت به الاَثار المروية عن السلف رضي الله عنهم, وهذا سياق الحديث. قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار, وآخر أهل الجنة دخولاً إلى الجنة, يؤتى برجل فيقول نحوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها, قال: فيقال له: عملت يوم كذا, كذا وكذا, وعملت يوم كذا, كذا وكذا, فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئاً, فيقال: فإن لك بكل سيئة حسنة, فيقول: يا رب عملت أشياء لا أراها ههنا» قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه " انفرد بإخراجه مسلم.
.. .. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة وعارم, قالا: حدثنا ثابت يعني ابن يزيد أبو زيد, حدثنا عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: يعطى الرجل يوم القيامة صحيفته فيقرأ أعلاها, فإذا سيئاته, فإذا كاد يسوء ظنه نظر في أسفلها فإذا حسناته, ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات." أهـ
أقول : فليس ما قاله ابن تيمية في الآية هو القول الوحيد فيها وإنما هو قول من الأقوال .



قولك : قلت : )والله سبحانه يرضى عن كل عمل خير . ويكافئ عليه . وليس معنى هذا ، الحكم على فاعله بأنه موحد مؤمن (
هل يرضى الله عن أعمال الخير التي صُرفت في عبادة الشيطان والأصنام ؟
كأن يقول فلان : أنا أميط الأذى عن الطريق طاعة وعبادة لبوذا .
فهل هذا عمل صالح يرضى الله عنه ؟




أقول : لقد قلت لك أن العمل الذي يصرف للشيطان أو للطاغوت ليس عملاً صالحاً ولا يرضى عنه الله . وإنما قصد من أماطة الأذى عن الطريق، رفع الضرر عن عباد الله ، وليس طاعة لله . فهذا هو العمل الذي يسمى عملاً خيراً . وليس من عبد الطاغوت بعمله . فمثل هذا يسمى عمله باطل ورجس . أما أعمال الخير الذي قصدتها هي الأعمال التي تعمل لأجل مساعدة الخلق . يعني النية في العمل هي مساعدة عباد الله وليس لأجل الله . يعني بتعبير آخر : عمل الخير لأجل الخير .


قولك : قلت فإنك لم تستشهد بها في محلها . فوصف " المتقين " فيها لا يعني الموحدين أو المؤمنين . وإنما يعني : أن الله سبحانه وتعالى يقبل القرابين ممن اتق الله في فعله ذلك . أنظر لسباق الآية . )
يعني يمكننا أن نصف رجلاً بأنه متق لله في فعله هذا ؟ مع كونه لا يتقيه في سائر أفعاله ؟
فنقول : هو متق لله في فعله هذا ، وفاسق في أفعال أخرى ؟




أقول : نعم نستطيع أن نسميه متق لله في فعله ، ولكن لا يعني ذلك أنه من المتقين أو الموحدين أو المؤمنين وهو يفعل الشرك . بل يوصف بأنه مشرك غير موحد بعينه ولو اتق الله في جميع أفعاله .

رد مع اقتباس