عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 10-24-2017, 03:22 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

تكملة الرد على المشاركة رقم 17
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : أما قولك : وأن من لا يفهمها هكذا كما فهمته أنت هنا لا يفهم هذه الكلمة ؟
من فهم عموم المسألة وقال : إن من أشرك بالله فهو كافر .. فقد اكتفى ، ويبقى عندئذ إنزال هذا الحكم على الواقع .


أقول : قلنا أن الحكم بالكفر على من أشرك بالله ( بمعنى تسميته بالكافر ) ، ليس شرطاً في دخول الدين وإنما يكفي أن يعرف أن من لم يترك الشرك مشرك ليس في دين التوحيد . وأنت قبلت بذلك. وقولنا : أنه يحكم على من لم يترك الشرك بأنه ليس في دين الله ، هو حكم على الشخص بذاته وليس على فعله فقط . فلا حاجة له بعد ذلك أن يبحث في إنزال الحكم على الواقع ، بمعنى تحقيق شروط وانتفاء موانع وهو دخل الإسلام جديد ، فهو يعرف حق المعرفة أن من فعل الشرك ولم يتركه ، على غير دينه وعلى غير دين الله ، كشخص معين وليس بفعله فقط ، فعندما يرى من يفعل الشرك الأكبر الذي تركه هو ، ليدخل دين الله ، فلا يتردد في إنزال الحكم عليه كشخص معين ويحكم عليه بأنه مشرك غير موحد وأنه في غير دين الله . ولا يحتاج للحكم على ذاته ليبحث بتحقق الشروط وانتفاء موانع وهو يعلم علم اليقين أنه يفعل الشرك الأكبر .
أنا أعرف أنك تقصد هنا من قولك " من أشرك بالله فهو كافر " أنك تقصد أنه كافر بفعله وليس بشخصه وذاته لهذا بعد ذلك قلتَ " ويبقى عندئذ إنزال هذا الحكم على الواقع "
ولقد أثبت لك أن هذا الكلام غير صحيح . فلو اعتقد من دخل الإسلام جديد ، كما تعتقده أنت ، بأن الحكم بكفر المشرك ليس حكماً على ذاته وعينه كيف سيتصرف حيال أشخاص وأعيان من كان قبل دخوله الإسلام في دينهم الشركي ، وكيف سيتصرف حيال الأشخاص الذي يراهم يشركون في الله ويعبدون غيره ؟ هل كما تقول أنت ، يكفيه أن يعتقد أنهم على ضلال في فعلهم ، ثم لا يضره لو حكم عليهم بالإسلام لأن عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام ، وينتظر حتى يتعلم كيف يقيم عليهم الحجة إقامة تامة واضحة لا لبس فيها ، ويتحقق من شروط تكفيرهم وموانعه ، وقد لا يتعلم ذلك فيبقى يحكم بإسلامهم لوجود بعض مظاهر التوحيد والإسلام عندهم.


قولك : فمن أخطأ وقال : إن من فعل الشرك هو مشرك بفعله وفي فعله ، لكن يلزم أولاً قيام الحجة عليه حتى نخرجه من الإسلام .. فأخطأ في قياس الشرك على الكفر ، وغفل عن بعض المعاني المتعلقة بالمسألة ، وقصر فهمه عن تصور المسألة جيداً .. فهذا لا يكفر ولا يأثم حتى تقام عليه الحجة وتبيّن له .

أقول : الموحد الذي حقق التوحيد عن علم ، لا يجهل الشرك ولا من فعل الشرك الأكبر ، لأنه قبل أن يدخل التوحيد عَلم أو عُلَّم ذلك . لهذا سوف لا يخطئ في قياس الشرك على الكفر . فهو يعرف أن من أشرك بالله وعبد غيره بأي عمل ولو كان بسيطاًً ، لا يستطيع وهو على هذا الحال - بدون ترك شركه - أن يدخل الإسلام ودين التوحيد .
ثم ما هي هذه المعاني المتعلقة في فعل الشرك وفاعله ، التي غفل عنها ؟
وما هذا القصور التي منعه من تصور وفهم المسألة جيداً ؟
وما هذه الحجة التي تريد أن تقيمها عليه وتبينها له ؟ وهو يعد نفسه من علماء التوحيد ومن دعاته ؟
يا رجل ، أبسط موحد عرف كيف دخل التوحيد ، لا تستطيع أن تقنعه أن فاعل الشرك موحد . وسيسخر منك لذلك ويحكم عليك بأنك لم تعرف التوحيد . هذا حال أبسط موحد . فكيف نعذر من وصفتهم بأنهم علماء مجاهدين أتقياء ، في جهل هذه المسألة ؟
ولو قلتَ : لأبسط موحد عرف كيف يدخل التوحيد ودين الله ، أن فاعل الشرك مشرك بفعله وليس بشخصه وعينه ، بل شخصه وذاته تظل على التوحيد والإسلام ، ما دام عنده مظاهر من مظاهر التوحيد والإسلام ، لا أظن هذا الموحد البسيط أن يتردد بأن يحكم عليك بأنك لم تفهم التوحيد والشرك وأنك لم تعرف كيف يدخل الشخص بعينه وذاته الإسلام . ولا أظنه إلا أن يقول لك ساخراً : يعني أنا قبل دخولي الإسلام كنت مسلماً موحداً بعيني وشخصي ، مع فعلي الشرك الأكبر ، لأنه كان عندي بعض مظاهر التوحيد والإسلام وأن ضلالي كان فقط في فعلي وليس بشخصي ؟!!!


قولك :
أو قال : هو مشرك بفعله .. موحد بباقي ما عنده من توحيد .. ثم أخطأ في الترجيح فيما يغلب على الفاعل من حكم ، لاعتباره الجهل عذراً يمنع من ترجيح الشرك على التوحيد ، بسبب قياسه الفاسد للشرك على الكفر .. خاصة إن كان الشرك طارئاً على التوحيد عند المنتسب لللإسلام وليس أصلاً ، فهذا أيضاً لا يكفر


أقول : يا رجل ، لا زلت تكرر تعبير " مشرك بفعله .. موحد بباقي ما عنده من توحيد " هل يقول هذا الكلام من يعرف الشرك ومن يعرف التوحيد ؟
من يعرف التوحيد يعرف أنه لا يجتمع مع الشرك . ومن يعرف الشرك يعرف أنه لا يُبقي توحيد ولا عمل .
ثم هل عذره أحد من المسلمين وحكم عليه بالإسلام وهو كان يفعل الشرك الأكبر وعنده من مظاهر التوحيد والإسلام الكثير ؟
ماذا سيقول النصراني واليهودي عن مثل هذا الذي يعذر فاعل الشرك المنتسب للإٍسلام ولا يعذر فاعل الشرك الذي ينتسب لدين الأنبياء . ؟
ألا يقول له ما هذا التناقض الصارخ ؟ وما هذه المقاييس المزدوجة ؟ هل دين الله الذي تنتسب إليه يقول هذا ويحكم بهذا ؟ إذا كان يقول هذا ويحكم بهذا فهو ليس دين الله الحق ، لأن دين الله الحق لا يحوي تناقضات وأقيسه مزدوجة .



قولك : خاصة إن كان الشرك طارئاً على التوحيد عند المنتسب لللإسلام وليس أصلاً .


أقول : يا رجل ، وهل يوجد على وجه الأرض مشرك ، الشرك عليه ليس بطارئ ؟
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " وفي رواية يشركانه . "
ثم ألا ينتسب النصارى واليهود للتوحيد والإسلام ؟
لماذا لا تقول فيهم كما قلت في من ينتسب لدين محمد صلى الله عليه وسلم ؟
أم أنَّ الانتساب لدين محمد صلى الله عليه وسلم له امتيازات وأفضليات ليست موجودة في باقي الأديان السماوية . ؟


قولك : نعم ، الرجل متناقض لخلله في ضبط المسألة .. ولكنه حقق أدنى المطلوب منه في فهم معنى كلمة التوحيد


أقول : أنت هنا تعترف أنه متناقض . متناقض بماذا ؟ وما درجة تناقضه ؟ وكيف يفهم أنه متناقض وهو يدعي أنه من علماء التوحيد ودعاته ومجاهديه ؟
ثم تقول عنه أنه لا يكفر لأنه حقق أدنى المطلوب منه في فهم معنى كلمة التوحيد ، فكيف حقق الحد الأدنى لمعنى كلمة التوحيد وهو لا يعرف أن تحقيقها لا يكون إلا بترك الشرك الأكبر ؟
هل تركه الشرك وتوحيده الله يكفي لتحقيقه الحد الأدنى لمعنى كلمة التوحيد وهو يحكم على من فعل الشرك وعبد غير الله بالتوحيد ؟
ولقد اتفقنا سابقا أن من شروط تحقيق كلمة التوحيد ، الحكم على فاعل الشرك بأنه ليس موحداً وليس في دين الله .


قولك : أما من قال : من أشرك بالله فهو مسلم .. هكذا كحكم عام ، فهذا كافر ، ولم يفهم حقيقة التوحيد . وهذه الكلمة فيها مساواة بين الشرك والإسلام .. كيف ؟
لأن هذه العبارة إنما حكمت بالإسلام على المرء لفعله الشرك .. فصار الشرك مستلزماً للإسلام عند قائلها ، فبذلك يكون كافراً.



أقول : يا رجل ما الفرق بين قول : من أشرك بالله فهو مسلم ، وبين الحكم على من أشرك بالله بالإسلام ؟
ستقول القول الأول حكم على الفعل ،أما القول الثاني فهو حكم على الفاعل .
فأسألك : وهل في مسألة الشرك الأكبر فرق بين الحكم على الفعل والفاعل وأنت نفسك قلت : إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد ."
ألا يعني هذا الكلام أيضاً أن الحكم على الفاعل هو حكم على الفعل ؟
ألا يعني الحكم على فاعل الشرك بالتوحيد أن فعل الشرك لا يناقض التوحيد ولا يزيله ؟
وما هو حكم من قال : هذا بفعله للشرك لم يخرج من التوحيد بذاته وعينه وإنما هو ضال في فعله فقط ؟
هل فهم من يقول هذا الكلام الشرك والتوحيد ؟ لو فهمهما ما جمعهما .
لا تنس أننا نتحدث عن الشرك الأكبر . ومن دخل الإسلام يعرف أن معنى " من أشرك بالله يبقى مسلماً موحدا " أنه الحكم على الشخص بعينه بأنه مسلم موحد مع فعله الشرك الأكبر .
وكذلك يفهم من قول : " من أشرك بالله فهو مشرك " أنه حكمٌ على الشخص المعين وليس على الفعل فقط ، وليس حكماً عاماً يتخلف عند تطبيقه على الأشخاص .
وأذكرك بقولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد ."


قولك : وكذلك يجب التفريق بين أصل المعنى ، وما يتفرع عن هذا الأصل من معاني.
ولا ريب أن أصل المعنى هنا هو : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً .. وما يتفرع عن هذا الأصل من معاني قد ذكرت بعضها في الأعلى .
فأما من خالف في أصل هذه المعاني المنبثقة من الأصل ، كأن يقول : من يشرك بالله في عبادته فهو موحد .. أو يقول : من يعصي الله فهو مطيع .. فهذا لا شك في كفره وردته عن الدين .
وهذه المعاني المنبثقة تسمى : اللوازم .
وعند الأصوليين فإن انتفاء اللازم يفضي إلى انتفاء الملزوم .
أما من خالف في جزء من اللازم ، مع بقاء أصله عنده .. وهو قوله : إن المشرك بالله كافر .. فهذا يُمكن إعذاره بالجهل أو التأويل .
وأنت تعلم يقيناً أن المخالف في جزئيات الأحكام الأصولية يُمكن أن يُعتذر له بالتأويل أو الجهل ، كما وقع ممن استحل الخمر بالشام متأولين لبعض آيات القرآن ، مع إقرارهم بأصل المسألة وهي أن الخمر حرام .


أقول : يا رجل ، نحن نتحدث عن الفعل الذي ينقض التوحيد من أساسه . وما علاقة هذا بالأصل واللازم .؟
الأصل هو ، أن من لم يترك الشرك ليس موحداً ، هذا هو الأصل وهو الذي يجب أن يبنى عليه .
فإذا قلنا بإمكانية توحيد وأسلمة من لم يترك الشرك فقد هدمنا هذا الأصل من أساسه . وهذا هو معنى قوله تعالى :
" اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ " وقوله : "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ "
هذه الآيات تدعو لتوحيد الله وترك الشرك ، وهذا يعني أن من لم يترك الشرك ، لم يتق الله ولم يوحده ولم يعبده بل عبد الشيطان . ليس بفعله فقط بل بذاته وعينه أيضاً.
ومن فهم من هذه الآيات ، أن دخول الإسلام يتحقق بعبادة الله وحده وترك الشرك فقط ، ثم له بعد ذلك أن يحكم بالتوحيد على من عبد غير الله ولم يترك الشرك ، من فهم ذلك لم يفهم الآيات ، ولم يفهم كيفية دخول الإسلام ، ولم يفهم ما معنى عبادة الله وحده ، ولم يفهم لماذا اشترط ترك الشرك لتحقيق التوحيد ودخول الإسلام .
والآن لنتدبر بعض الآيات التي تدعوا للتوحيد وتبين من هو الموحد ومن هو المشرك ( طبعاً كشخص بعينه وليس بفعله فقط ) :
قال تعالى : اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "
أقول : أنظر كيف دعا لعبادة الله وحده ثم بين حكم من لا يعبد الله وحده ويفعل الشرك . " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "
هل يفهم اللغة العربية من يفهم أن الدعوة للتوحيد فقط هي دعوة لعبادة الله وحده وترك الشرك ولا يضر صاحبها عدم الحكم على من فعل الشرك وعبد غير الله بأنه مشرك غير موحد .؟ لا وألف لا ، فضلا على أنه يفهم التوحيد .
قوله تعالى : " مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ"
يا أبا شعيب : هل الحكم بتحريم الجنة والدخول في النار ، حكم على الفعل أم على عين الفاعل ؟
إذا قلت على الفاعل فقد نقضت كل كلامك السابق . وإذا قلت على الفعل فأنت لم تفهم هذه الآية .
أليس كلمة " من " للعموم ؟ يعني كل من يشرك ؟
هل فرق بين الشرك الكثير والشرك البسيط ؟
هل فرق بين من عنده بعض مظاهر التوحيد والإسلام وبين من ليس عنده ؟
هل فرق بين من يدعي الإسلام وبين غيره ؟

قال تعالى : " اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ "
أليس بعد أن دعاهم لعبادة الله وحده وترك الشرك حكم عليه أنهم بشركهم كانوا مفترين على الله ؟ قبل أن يقيم عليهم الحجة ؟ هل حكمه هذا عليهم قبل أن يقيم عليهم الحجة ، حكم فقط على أفعالهم وليس على أعيانهم؟
ما لكم كيف تحكمون ؟ أفلا تذكرون ؟
قال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "
أقول : أنظر كيف بعد أن دعاهم لعبادة الله واجتناب عبادة الطاغوت كيف وصف من لم يجبه ولم يترك عبادة الطاغوت بأنه قد حقت عليه الضلالة وأنه من المكذبين . " فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ "
هل هذا الحكم على أفعالهم أم على أشخاصهم وأعيانهم ؟
وهل من حقت عليه الضلالة لأنه لم يترك عبادة الطاغوت مسلم موحد ؟ وقد وصفه الله بنفس الآية أنه من المكذبين ؟
قال تعالى : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ "
أقول : أنظر كيف افترقوا لفريقين يختصمين بعد أن دُعوا لعبادة الله وحده .
ألا يعني ذلك أن من وحد الله وترك الشرك يعرف من هو خصمه في هذا ويعرف حكم خصمه ؟ {فإذا هم فريقان يختصمون} قال مجاهد: مؤمن وكافر .
قال تعالى : " قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ "
أقول : ألا تعني هذه الآية الكريمة أن من لم يخلص العبادة لله ليس من المسلمين ؟
أم أن الحكم هنا على فعله وليس على شخصه وعينه ؟ وأن شخصه وعينه مخلصة الدين لله ومن المسلمين ؟
وهل من فعل الشرك أخلص الدين لله ؟
ما لكم كيف تحكمون ؟ أفلا تذكرون ؟


قولك : نعم ، كما فهمت المعاني الأخرى المنبثقة عن أصل معنى كلمة التوحيد ، وقد بيّنت ذلك في الأعلى .
وهذا الفهم الشامل تحقق عندي بالنظر إلى أدلة القرآن والسنة ، ومعرفتي بأن فعله هذا سماه الله شركاً أكبر ، فعندها علمت أنه لم يحقق أصل كلمة التوحيد ، وأنه جاهل بأصل معناها .. فلذلك أخرجته من الإسلام



أقول : إذن الحكم على من أشرك بالله أنه مشرك غير مسلم وأنه ليس في دين الله ، من المعنى اللغوي لكلمة التوحيد ، ومن لم يفهم هذا لا يعرف معنى هذه الكلمة .ما دام لا بد أن يُفهم من أصل معنى كلمة التوحيد أن من أشرك بالله ليس موحدا وليس في دين الله كشخص معين ، فهل فهم معنى أصل هذه الكلمة من حكم بالتوحيد ودخول الدين على من فعل الشرك الأكبر ؟
لا بد لك أن تجيب ، بلا . وإلا وقعت في تناقض كبير .
إذن من سميتهم علماء أتقياء مجاهدين لم يفهموا معنى أصل هذه الكلمة ، ولو فهموه ، لما حكموا على من فعل الشرك الأكبر وحسنه ودعا إليه بالإسلام والتوحيد .
إذن لماذا تحكم عليهم بالإسلام وأنت تقول : أن من لم يفهم معنى أصل كلمة التوحيد لا يدخل الإسلام ودين التوحيد ، ولا يُحكم عليه بالتوحيد ودخول الإٍسلام ؟
أليس هذا تناقضاً صارخاً أيضاً ؟


قولك : نعم ، هو نتيجة فهمي لأصل الدين وما يترتب عليه من أحكام ، مدّعماً بأدلة الشرع من الكتاب والسنة .
ونعم ، من يفهم أصل الدين يعلم أن من جهل معنى الشهادة فهو غير محقق لها ، وهذا من لازم فهم أصل الدين .
ومن تلفظ بالشهادة دون أن يعلم معناها ، فهو كافر ولا يدخل بذلك الإسلام
.

أقول : عندما سألتك : وهل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من تلفظ بالشهادة بدون معرفة معناها لا يدخل الإسلام ؟
أجبت : بنعم ، من يفهم أصل الدين يعلم أن من جهل معنى الشهادة فهو غير محقق لها ، وهذا من لازم فهم أصل الدين .
أقول : إذن من يحكم عليه بأنه حقق أصل الدين لم يفهم معنى أصل الدين.
إذن فكيف تحكم بإسلامه ودخوله الدين وهو لا يعرف معنى أصل الدين ؟
أليس هذا تناقضا صارخاً "


قولك : أما من يقول يكفي لدخول الإسلام ظاهراً مجرد التلفظ بكلمة الشهادة ، فيكون حال صاحبه كالمنافقين ، يُحكم عليهم بالإسلام ظاهراً ، ويعامل معاملة المسلمين .. فكلامه صحيح لا غبار عليه .

أقول : يا رجل ، تقول أن من فهم أصل الدين لا بد له أن يحكم أن مجرد التلفظ بهذه الكلمة دون معرفة لمعناها لا يفيد ولا يدخل الإسلام والتوحيد .
وتقول : أن من فهم معنى أصل الدين لا بد له من أن يحكم على من تلفظ بالشهادة دون أن يعلم معناها ، بأنه كافر ولا يدخل بذلك الدين ، ثم بعد ذلك تقول : " من حكم على من عرف أنه لم يفهم معنى أصل الدين بالإسلام ظاهراً كلامه صحيح لا غبار عليه ." فأي تناقض بعد هذا التناقض ؟
انظر لمعادلتك :
-تقول : حتى يستطيع العبد أن يدخل الإسلام يجب أن يعرف معنى كلمة التوحيد . وبدون ذلك لا يسمى موحدا ولا يدخل الدين .
-تقول : ومن عرف كلمة التوحيد يعرف أن من تلفظ بها دون معرفته لمعناها لم يحقق هذه الكلمة ولم يدخل دين الله ، التوحيد .
-وتقول أما من حكم على من تلفظ بكلمة التوحيد وهو يعرف أنه لا يعرف معناها ، بدخوله الدين ظاهراً ، ولم يحكم عليه بالإسلام في الباطن ، حكمه صحيح ولا غبار عليه ، ولا يوصف بأنه لا يعرف معنى كلمة التوحيد .
بأي دين وأي عقل تستقيم هذه المعادلة ؟
وهل من يحكم على من لم يفهم معنى كلمة التوحيد بأنه لم يدخل الدين حكمه على الباطن فقط ؟ وهل هذا هو الفهم الصحيح لكلمة التوحيد ؟
ثم تقول :" فيكون حال صاحبه كالمنافقين ، يُحكم عليهم بالإسلام ظاهراً"
أقول : وهل يَحكم بالنفاق الإعتقادي ، من سميتهم أنت علماء موحدين أتقياء مجاهدين ، على المنتسبين للإسلام ممن عرفوا أنه لم يفهم كلمة التوحيد ويعتقد الشرك ويحسنه ويدعو له ؟ لا أظن ذلك والواقع شاهد .
ولو فهمت أنت ومن وصفتهم بالعلماء المجاهدين الأتقياء ما معنى النفاق الإعتقادي لما حكمتم على من تلبس بالشرك وحسنه ودعا إليه بالإسلام الظاهر .
المنافق يُخفي الكفر ويظهر التوحيد . وإذا أظهر الشرك يُحكم بشركه ، ولا يظل يُحكم بإسلامه الظاهر .


قولك : ولعلك تعني : من يقول : يكفي لتحقيق الإيمان التلفظ بالشهادتين وإن جهل معناها ، بحيث يكون عند الله موحداً مؤمناً ، وهو لا يعلم من الله فضلاً عن التوحيد .. فقائل هذا من أكفر خلق الله .



أقول : إسأل من وصفتهم علماء موحدين أتقياء مجاهدين ، عن حكم من تلفظ بكلمة التوحيد دون معرفته معناها ، هل يحكمون عليه بالنفاق الباطني أم يحكمون بإسلامه باطناً وظاهراً ، وأعلمهم يقول نحكم بإسلامه ظاهراً والله يتولى السرائر . وإذا سألته هل تحكم بنفاقه العقدي ( الباطني ) فسوف يقول لك : لا . لم نؤمر أن نشق على البطون . ولنا الظاهر والله يتولى السرائر . كل هذا وهو يعرف معرفة يقينية أنه لا يعرف معنى كلمة التوحيد ، ويعرف معرفة يقينية أنه متلبس بالشرك يحسنه ويدعوا له.

يتبع

رد مع اقتباس