عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-19-2016, 02:11 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
إليك الجواب من كتاب الفقه الحنفي مع أدلته للشيخ ضياء الدين القدسي

ما يسنّ فعله للمُحْتَضَر :
1 - أن يضجع على شقه الأيمن ، ويجوز على ظهره ، ويُرفع رأسه قليلاً ليصير وجهه إلى القبلة.
عن أبي قتادة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقالوا : توفي وأوصى بثلثه لك يا رسول اللّه ، وأوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أصاب الفطرة ، وقد رددت ثلثه على ولده..) .
2 - أن يُلَقَّن الشهادة .
لما روى أبو سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( لقنوا موتاكم لا إله إلا اللّه) ، ولا يؤمر بها ولا يُلَحُّ عليها فيها. أما إن كان كافراً فيؤمر بالشهادتين.
عن أنس رضي اللّه عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى اللّه عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم صلى اللّه عليه وسلم. فأسلم فخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول : الحمد للّه الذي أنقذه من النار) .
ويجزئ عن التلقين أن يقال عنده صيغة استغفار كنحو قوله : "أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو " حتى لا يشعر بالاحتضار.
3 - يستحب دخول أهله وجيرانه عليه للقيام بحقه وتذكيره وتجريعه وسقيه الماء لأن العطش يغلب على المحتضر . وليذكروه برحمة اللّه وكرمه، ويحسنوا ظنه باللّه تعالى أنه يرحمه ويعفو عنه.
ما يسن فعله بعد الوفاة :
1 - أن يقال عنده : "سلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين ، لمثل هذا فليعمل العاملون ، وَعْدٌ غير مكذوب".
2 - أن يُشدّ لِحيَاه بعصابة عريضة تعمّهما تُربط فوق الرأس.
3 - أن تُغمض عيناه ويقال : " بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه. اللّهم يسّر عليه أمره ، وسهِّل عليه ما بعده ، وأَسعِده بلقائك ، واجعل ما خرج إليه خيراً مما خرج عنه".
ويقال :" اللّهم اغفر له وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا وله يا رب العالمين. وافسح له في قبره. ونوّر له فيه "
لما روي عن بكر بن عبد اللّه بن عبد اللّه قال : "إذا غمضت الميت فقل: بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وإذا حملته فقل بسم اللّه ثم سبح ما دمت تحمله"
وعن شداد بن أوس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا حضرتم موتاكم فأَغْمِضوا البصر، فإن البصر يتبع الروح. وقولوا خيراً، فإن الملائكة تؤمِّن على ما قال أهل البيت) .
وعن أم سلمة رضي اللّه عنها قالت: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أبي سلمة وقد شقّ بصره. فأغمضه.. ثم قال: (اللّهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا له يا رب العالمين. وافسح له في قبره. ونوّر له فيه) .
4 - أن يسجّى بثوب.
لما روت عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها قالت: (سجّي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين مات بثوب حبرة) .
5 - يوضع ثِقَل أو حديدة على بطنه لئلا ينتفخ.
روى البيهقي قال: "مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس، فقال أنس رضي اللّه عنه: ضعوا على بطنه حديدة " .
6 - وضع يديه بجنبيه ولا يجوز وضعهما على صدره .
7 - تليين مفاصله وأصابعه ليسهل غسله وإدراجه في الكفن.
8 - لا بأس بإعلام المسلمين بموته لتكثير المصلين عليه. وليؤدي أقاربه وأصدقاؤه حقه ، لا على جهة التفخيم والإفراط في المدح.
عن أنس رضي اللّه عنه ( أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم ) .
ويجب التعجيل بتجهيزه إكراماً له .
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (وعجلوا فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله)
أما تلاوة القرآن بقرب الميت قبل غسله فاختلف فيها حسب الخلاف في نجاسة الميت. فمن قال: إن نجاسته نجاسة خبث كره قراءة القرآن بقربه تنزيهاً للقرآن عن النجاسة ، ومن قال بأنها نجاسة حدث قال: لا مانع من قراءة القرآن عنده.
عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: (رأيت رسول صلى اللّه عليه وسلم يقبّل عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل) .
وروى البخاري تعليقاً عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: "المسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً "
وروي عنه أيضاً قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا تنجسوا موتاكم ، فإن المسلم ليس بنجس حياً ولا ميتاً) .
حق الميت على المكلفين :
1 – إن كان الميت مسلماً غير شهيد من شهداء الدنيا والآخرة : فحقه على المكلفين من المسلمين أن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن.
2 - إن كان الميت مسلماً من شهداء الدنيا والآخرة : يكفّن بدمه ولا يغسل إلا إن علم كونه جنباً ، ويصلى عليه ويدفن بثيابه .
ب- حق المولود المسلم على المسلمين إن مات :
أ – يُسمَّى ، ويُغسَّل ، ويُكفَّن ، ويُصلَّى عليه ويُدفن ويرث ويورث ، إن ولد حياً ثم مات ، وكانت ظهرت عليه علامة الحياة بحركة ، أو صوت ، أو خرج رأسه وصدره ، أو خرجت رجلاه وسرته وعليها علامة حياة. ويقبل في ذلك خبر الواحد ولو امرأة كالقابلة.
عن البراء بن عازب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أحق ما صليتم عليه أطفالكم) . وعنه أيضاً قال: (صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ابنه إبراهيم. ومات وهو ابن ستة عشر شهراً) .
وإن ماتت الأم واضطرب الولد في بطنها يُشقّ ويُخرج الولد.
ب - يُسمَّى، ويدرج في خِرقة ويُدفن، ويُصلى عليه ، إن وُلِد ميتاً.ولا يرث ولا يورث.
4 - حق الصبي إن سُبِي من دار الحرب ثم مات:
أ - إن سبي مع أحد أبويه يُدرج في خِرقة ويُدفن ، فإن علم إسلام أحد أبويه ألحق به فيحكم بإسلامه ، وإن أسلم هو قبل أن يموت صحّ منه فيغسل ويصلَّى عليه.
ب - إن سبي وحده فهو مسلم تبعاً للدار أو للسابي ، فإنه يغسل ويصلى عليه.
5 - حق الكافر على القريب المسلم :
إن لم يكن للكافر وليّ كافر حاضر يُغسله المسلم بدون مراعاة السنن ، ويكفن في خرقة ، ثم يُلقى في حفرة من غير وضع كالجيفة ، لحقّ القرابة ، أو يدفعه لأهل ملّته. ويتبع جنازته من بعيد . ولا يمكّن الكافر من قريبه المسلم لأنه فرض على المسلمين كفاية ولا يدخل قبره لأن الكافر تنزل عليه اللعنة والمسلم محتاج إلى الرحمة خصوصاً في هذه الساعة.
6 – المرتد :
لا يمكَّن أحد من تغسيله لأنه لا ملة له ، فيُلقى في حفرة كالجيفة.
7 - البغاة وقطّاع الطرق :
يغسلون ، ولا يُصلّى عليهم وإن كانوا مسلمين ، لأن الصلاة شفاعة لا يستحقونها. أما إذا قُتِلوا بعد ثبوت يد الحاكم عليهم ، فإنهم يغسلون ويُصلّى عليهم.
8 - القاتل غيلة:
لا يصلى عليه ، ولا على المقتول عصبية إهانة لهم وزجراً لغيرهم. كما لا يصلى على قاتل أحد أبويه عمداً إهانة له.
9 – المنتحر ( قاتل نفسه ) :
الرأي المعتمد المفتى فيه في المذهب الحنفي أن المنتحر يُغسل ويصلَّى عليه ، ولو لم يكن قَتْلُه لنفسه ناجماً عن شدة وجع ، وذلك لأنه مؤمن مذنب غير ساع في الأرض بالفساد . وهو ليس أعظم وزراً من قاتل غيره، وقد صح عن إبراهيم النخعي أنه قال: "لم يكونوا يحجبون الصلاة عن أحد من أهل القبلة. والذي قتل نفسه يصلى عليه" .
وصح عن الحسن أنه قال: "يصلى على من قال لا إله إلا اللّه، وصلى على القبلة، إنما هي شفاعة" .
وأما حديث جابر بن سمرة الذي قال فيه : أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد قتل نفسه بمشاقط ( سهام عراض ) فلم يصل عليه . " ( صحيح مسلم ( 978)
فأجاب أبو حنيفة رحمه الله عليه : بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجراً للناس عن مثل فعله ، وصلت عليه الصحابة.
نفقة تجهيز الميت :
يجب أن تكون نفقة التغسيل والتكفين والدفن من مال الميت، فإن لم يكن له مال فمؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته من أقاربه ؛ وإذا تعدد من وجبت عليه النفقة فنفقة تجهيزه على قدر ميراثهم . فإن لم يوجد من تجب عليه نفقته ، أي من يرثه ، فتجب على بيت مال المسلمين. وتجب نفقة المرأة على زوجها إن كانت معسرة لا مال لها.
ب- تغسيل الميت:
حكم تغسيل الميت المسلم : فرض كفاية على الأحياء المسلمين إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، والمفروض غسله مرة واحدة بحيث يعم بها جميع بدنه أما تكرار غسله وترا فهو سنة .
أحكام تغسيل الميت وكيفيته :
1-بعد التأكد من موت الميت يوضع الميت على شيء مرتفع ساعة الغسل - كخشبة الغسل - ثم يبخر ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً بأن تدار المجمرة حول الخشبة ثلاث مرات أو خمساً أو سبعاً.
2-يجرد الميت من ثيابه التي مات فيها بدون كشف عورته ، تستر عورته ثم يلف الغاسل على يده خرقة يأخذ بها الماء ويغسل قبل ودبر الميت - الاستنجاء –
3-يجب ستر عورة الميت فلا يحل للغاسل ولا غيره أن ينظر إليها وكذلك لا يحل لمسها فيجب أن يلف الغاسل على يده خرقة ليغسل بها عورته سواء كانت مخففة أو مغلظة أما باقي بدنه فيصح للغاسل أن يباشر بدون خرقة .
عن علي رضي اللّه عنه : قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت) .
وعن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل " أن علياً رضي اللّه عنه غسل النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قميص وبيد علي رضي اللّه عنه خِرقة يتبع بها تحت القميص"
4- يغسل بماء ساخن مغلي بسِدر إن تيسر ، وإلا بالصابون ونحوه .
ولا يشترط لصحة الغسل نية وكذلك لا تشترط النية لإسقاط فرض الكفاية على التحقيق إنما تشترط النية لتحصيل الثواب على القيام بفرض الكفاية .
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال في الذي وقصته ناقته: (اغسلوه بماء وسدر) .
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال : " اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافوراً ، فإذا فرغتن فآذنني " فلما فرغنا آذناه ، فالقى إلينا حقوة ( إزار ) ، فقال " أشعرنها إياه " ( صحيح البخاري (1254) الشعار : الثوب الذي يلي الجسد .)
5-يغسل رأسه ولحيته بالماء والصابون إن كان عليهما شعر فإن لم يكن عليهما شعر لا يغسلان .
6- يُوضّأ وضوءاً عادياً بدون مضمضة واستنشاق بل يمسح فمه وأنفه بخرقة ، إلا أن يكون جُنُباً أو حائضاً فيُكلف غسل فمه وأنفه . ويبدأ في وضوئه بغسل وجهه ، لأن البدء بغسل اليدين إنما هو للأحياء الذين يغسلون أنفسهم فيحتاجون إلى تنظيف أيديهم أما الميت فإنه يغسله غيره .
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما غسلنا ابنة النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا ونحن نغسلها : " ابدءوا بميامينها ومواضع الوضوء ." ( صحيح البخاري (1456)
7- ثم يُضجع الميت على يساره ليبدأ بغسل يمينه لأن البداءة بالميامن سنة ، فيصب الماء على شقه الأيمن من رأسه إلى رجليه ، ثم يُضطجع على يمينه فيغسل شقه الأيسر حتى يصل الماء إلى سائر جسده ثم يغسل صدره وبطنه ، وهذه الغسلة الأولى . ولا يجوز كب الميت على وجهه لغسل ظهره بل يحرك من جانبه حتى يعمه الماء .
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما غسلنا ابنة النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا ونحن نغسلها : " ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها ."
8- يُجلس الميت مستنداً إلى الغاسل ويُمسح بطنه مسحاً رفيقاً لتخرج فضلاته . ويغسل ما يخرج منه ، وما يخرج منه يغسل فقط للنظافة . ولا يجب أن يعاد غسله ولا وضوءه من ذلك لأنه ليس بناقض في حقه.
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (من غسل ميتاً فليبدأ بعصره) .
9-يسن تكرار الغسل ثلاثاً وذلك بعد غسلة الفرض وهي الغسلة الأولى أن يغسل بعد مسح بطنه وإخراج الفضلات منه مرتين أخروتين وذلك بأن يضجع ثانياً على يساره ثم يصب الماء على شقه الأيمن حتى يصل الماء إلى سائر جسده ثم يضجع على شقه الأيمن ثم يصب الماء على شقه الأيسر حتى يصل الماء إلى سائر جسده ، وتكرر هذه العملية مرتين بالإضافة إلا الغسل الأول .
10- ويندب أن يجفف بدن الميت بعد الغسل حتى لا تبتل أكفانه ، ويجعل الحنوط – وهو العطر المركب من أشياء طيبة – على رأسه وليحيته ، والكافور على أماكن سجوده وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان.
11- ومن تعذر غسله يُصبّ عليه الماء صباً. ثم ينشّف ويُلبَس القميص.
12-إن وجد ميتاً في ماء ، لا بد من غسله ثلاثاً ، لأنا أمرنا بالغسل ، فيحركه في الماء بنية الغسل ثلاثاً . ( رد المحتار 1/577)
13-لا تُقصّ أظافر الميت ولا يمشط شعره ولا لحيته ولا تقص لحيته ولا شعره وشاربه ولا يزال شعر إبطيه وشعر عانته .
14-يندب للغاسل الغسل من تغسيل الميت .
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من غسّل ميتاً فليغتسل) .
أولى الناس بغسل الميت:
يُغسِّل الميت أقرب أهله ، وإلا فأهل الأمانة والورع ، كي يستوفي الغسل ويستر ما يراه من سوء ويظهر ما يراه من حسن فإن رأى ما يعجبه من تهلل وجه الميت وطيب رائحته ونحو ذلك فإنه يستحب له أن يتحدث به إلى الناس وإن رأى ما يكرهه من نتن رائحة أو تقطيب وجه أو نحو ذلك لم يجز له أن يتحدث به . ويكره أن يكون الغاسل جنباً أو حائضاً.
عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ليغسل موتاكم المأمونون) .
ويُغسِّل المرأة امرأة ، ولا يغسلها زوجها لأنها حَرُمت عليه بعد الموت لإنتهاء ملك النكاح فصار أجنبيا منها ، والدليل كونه يجوز له أن ينكح أختها بعد موتها مباشرة . وأجاز الجمهور تغسيل الزوج زوجته بعد موتها ، مستدلين بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله لعائشة رضي الله عنها : " ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك "
وهذا الحديث يدل ظاهره على جواز تغسيل الرجل زوجته بعد الموت ، ولكن الأحناف أجابوا عنه بأن علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بأزواجه لا تنقطع بالموت بدليل أنه لا يحل لهن الزواج بعده ، فجواز تغسيله صلى الله عليه وسلم لأزواجه خصوصية مبنية على بقاء علاقة الزوجية بينه صلى الله عليه وسلم وبينهن رضي الله عنهن .
وإن مات أمرأة مسلمة ولم توجد إمرأة مسلمة لتغسلها ، يمَّمها باليد (أي مسح يديها إلى المرفقين ووجهها بالتراب ) محارمها الرجال ، وإن ماتت بين رجال ليس معهم امرأة مسلمة غيرها وتعذر إحضار امرأة تغسلها كأن ماتت في طريق سفر منقطع ، يضع الرجل ألأجنبي خرقة على يده ويممها ، ولكنه يغض بصره عن ذراعيها . والزوج كالأجنبي إلا أنه لا يكلف بغض البصر عن الذراعين . ولا فرق في ذلك بين الشابة والعجوز .
ويجوز تغسيل الزوجة زوجها لأنها في العدة ، فالزوجية باقية في حقها ولو كانت مطلقة رجعياً قبل الموت أما إن كانت بائنة فلا يجوز لها أن تغسله .
وإذا مات رجل بين نساء أجنبيات ليس معهن رجل ولا زوجته فإن كان معهن قاصرة لا تشتهي علمنَها الغسل وغسلته ، وإن لم توجد قاصرة بينهن ، يممنه بخرقة إلى مرفقيه مع غض بصرهن عن عورته . فإذا غسل الميت مع مخالفة شيء مما ذكر صح غسله مع الإثم.
- الصغار إلى ما قبل الاشتهاء فيجوز للمرأة والرجل تغسيلهم لأنه ليس لأعضائهم حكم العورة.
- تكفين الميت:
حكم التكفين: فرض كفاية إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الآخرين .
ما يكفن به الميت: الكفن على ثلاثة أنواع :
1 - الكفن الكامل المسنون : قميص من أصل العنق إلى القدمين ، وإزار من القرن إلى القدم ، ولفافة على طول الميت وأطول بقليل ليلف بها الميت تزيد على ما فوق الرأس والقدم وتربط من الأعلى والأسفل . ولا يعمل للقميص أكمام ولا فتحات في ذيله .
وقد كُفن صلى اللّه عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية .
فعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: (كفن رسول اللّه في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية من كُرْسُفٍ ليس فيها قميص ولا عمامة) .
أما المرأة فيزاد لها خمار يغطي وجهها ورأسها ، وقطعة قماش عرضها ما بين الثدي إلى السرة لربط ثدييها. فيكون كفن المرأة: درعاً وإزاراً وخماراً وخرقة ولفافة. وإذا كان للمرأة ضفائر وضعت على صدرها بين القميص وإزار .
عن ليلى بيت قائف الثقفية رضي اللّه عنها قالت: (كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند وفاتها. فكان أول ما أعطانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحِقاء، ثم الدِرع، ثم الخِمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب. قالت: ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوباً ثوباً) .
- ويفضل في الكفن القطن والبياض ، سواء كانت جديدة أو خلقة .
لما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (البَسُوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم ، وكفِنّوا فيها موتاكم ) .
-والجديد والمغسول سواء في الكفن . ويكون مما يلبسه الرجل يوم الجمعة والعيدين . وكل ما يباح للرجال لبسه في حال الحياة يباح التكفين به بعد الوفاة وكل ما لا يباح في حال الحياة يكره التكفين فيه ، فيكره للرجال التكفين بالحرير والمعصفر والمزعفر ونحوها إلا إذا لم يوجد غيرها ، أما المرأة فيجوز تكفينها بذلك وينظر في كفن المرأة إلى مثل ثيابها عند زيارة أبويها .
عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسّن كفنه)
-ولا يُغالي في تحسين الكفن . ولو أوصى بالغالي يُكفن بالوسط.
لما روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (لا تَغَالوا في الكفن، فإنه يُسلب سريعاً) .
2 - كفن الكفاية : عند قلة المال وكثرة الورثة. وهو إزار ولفافة للرجل، ويزاد خمار للمرأة.
-وتكره العمامة على الأصح ، لأنها لم تكن في كفن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي اللّه عنها المتقدم.
واستحسنها بعضهم .
لما روي أن ابن عمر رضي اللّه عنهما كان يعمم الميت ويجعل العَذَبَة على وجهه.
3 - كفن الضرورة للرجل والمرأة : يُكتفى فيه بكل ما يوجد حال الضرورة ولو بقدر ما يستر العورة وإن لم يوجد شيء يغسل ويجعل عليه الإذخر إن وجد .
لما روي أن حمزة رضي اللّه عنه كفن في ثوب واحد، ومصعب بن عمير رضي اللّه عنه لم يوجد ما يكفن فيه إلا نَمِرة .
فعن خباب بن الأرت رضي اللّه عنه في حديثه عن مصعب رضي اللّه عنه قال: (فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ضعوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر )
وهذا دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي .
وأما الصغير فيكفن بثوب واحد ، والصغيرة بثوبين. والسَّقْط يُلفّ ولا يكفن كالعضو من الميت.
كيفية التكفين :
أ – للرجل : تبسط اللفافة ويذر عليها الحَنُوط والكافور ، ثم الإزار كذلك ، ثم يوضع الميت مقمصاً، ثم يُعطف عليه الإزار من جهة اليسار ثم من جهة اليمين ليكون أعلى ، ثم يفعل كذلك في اللفافة. ويعقد الكفن إن خيف انتشاره صيانة للميت عن الكشف. ولا بأس أن تحشى مخارق الجسم بالقطن.
ب – للمرأة : يجعل شعرها ضفيرتين توضعان على صدرها، ثم يوضع الخمار على رأسها ووجهها فوق القميص ، ثم تربط الخرقة فوق اللفافة لئلا تنتشر الأكفان وتعطف من اليسار ثم من اليمين.
ويسن تبخير الكفن قبل إدراج الميت فيه سواء للرجل أو للمرأة.
ويُغطى رأس المُحرِم ووجهَ المحرمة عند التكفين كغير المُحْرِمين.
- صلاة الجنازة:
حكمها : الصلاة على الميت فرض كفاية على المسلمين ، إذا فعلها البعض ولو واحداً سقطت عن الآخرين .
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: ((كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أُتى بجنازة فقالوا: صلّ عليها، فقال: هل عليه دين ؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله صلّ عليها، فقال: هل عليه دين ؟ قيل: نعم ، قال: فهل ترك شيئاً ؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أُتي بالثالثة، فقالوا: صلّ عليها، قال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دين؟، قالوا: ثلاثة دنانير ، قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: صلّ عليه يا رسول الله وعَليَّ دَينه، فصلى عليه)). (رواه البخاري )
ولو كانت فرض عين ما ترك صلى اللّه عليه وسلم الصلاة عليه. ولما قال : (صلوا على صاحبكم ) .
فإن لم يوجد عندها غير مسلم واحد صارت فرض عين عليه.
وعلى مشروعيتها انعقد الإجماع لهذا يكفر جاحدها .
وصلاةة الجنازة من حقوق المسلم على المسلم .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" حق المسلم على المسلم خمسٌ: رد السلام ،وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس " ( متفق عليه)
دليلها: ثبتت مشروعيتها بالقرآن والسنة والإجماع.
من القرآن: قوله تعالى: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ } .
ومن السنة : ما روى أبو هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (صلوا خلف كل بَرٍّ وفاجر، وصلوا على كل بَرِّ وفاجر) .
وروى أبي بن كعب رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ( إن الملائكة غسلت آدم ، وكبّرت عليه أربعاً ، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا فلما أصبح أخبروه فقال ما منعكم أن تعلموني قالوا كان الليل فكرهنا وكانت ظلمة أن نشق عليك ‏فأتى قبره فصلى عليه . (صحيح البخاري (1247)
وقد روي في فضل الصلاة على الميت عدة أحاديث .
منها: ما روي عن ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من صلى على جنازة فله قيراط، فإن شهد دَفْنها فله قيراطان . القيراط مثل أحد) .
وعن عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة ، كلهم يشفعون له، إلا شُفِّعُوا فيه)
شروط وجوب صلاة الجنازة :
شروط وجوبها كشروط بقية الصلوات ، القدرة والعقل والبلوغ والإسلام ، ويزاد عليها العلم بموته .
أركانها:
1 - القيام للقادر عليه ، فلا تصح قاعداً أو راكباً من غير عذر .
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ : فَقُمْنَا فَصَفَفْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ " ( صحيح مسلم 956)
2 - أربع تكبيرات : تقوم كل واحد مقام ركعة .
لما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج بهم إلى المصلى وكبر أربع تكبيرات)
وتقوم التكبيرة الأولى مقام ركعة الافتتاح لذا فإن فيها معنى الشرط. ويرفع يديه بالتكبيرة الأولى فقط لأن فيها معنى الافتتاح. ولو كبر الإمام خامسة لا يتابعه المصلون بل ينتظرونه للتسليم .
شروط صحة صلاة الجنازة :
1 - أن يكون الميت مسلماً ، فلا يصلى على كافر . ويكفر إن علم بهذا الحكم ومع ذلك صلى على كافر .
قال تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } .
والمراد بالميت من مات بعد ولادته حياً ، فمن ولد حيّاً أو وجد ما يدل على حياته بعد خروج أكثره ، فمات يغسل ويصلى عليه ويرث ويورث ويسمى . وإن ولد ميتاً غُسِل وسمي وأدرج في خرقة ودفن ، إكراماً لبني آدم ، ولكن لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث .
2- يجب أن يكون الميت على طهارة وطهارة الميت بغسله ، ويجب أن يكون كفنه طاهراً ، ولا يضر بعد أن كان كفنه طاهراً أن يتنجس بما يخرج من الميت بعد غسله .
3- يغسل الميت ويكفن قبل الصلاة ، فإن صلوا عليه قبل التغسيل أعيدت بعده ؛ إذ تشترط الطهارة من النجاسة في البدن والمكان.
أما إن دفن ولم يغسل ووضع فوقه التراب يصلى على القبر بلا غسل ، ولا يُنبش القبر . وإن لم يُهَل عليه التراب فإنه يُخرج ويغسل ويصلى عليه .
عن الشعبي ( أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعاً )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد أو شابا ففقدها أو فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها أو عنه فقالوا مات قال : " أفلا كنتم آذنتموني فكأنهم صغروا أمرها أو أمره فقال دلوني على قبره فدلوه فصلى عليها ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم " متفق عليه
4- يجب ستر عورته وتكفينه ، وهو من فروض الكفاية .
5-يشترط لمن يصلي صلاة الجنازة ، النية ، بأن يحدد نية الصلاة على الجنازة الحاضرة ، بأن ينوي الصلاة لله تعالى داعياً لهذا الميت .
6-يشترط للمصلين كل ما يشترط في الصلاة ، من طهارة ، وستر عورة ، واستقبال القبلة.
7-يشترط عند الصلاة أن يكون الميت متقدماً أمام القوم.
8-يشترط أن يكون الموجود من الميت كله أو أكثره ويكفي النصف مع الرأس. ولا تصح الصلاة على الغائب ، وصلاته صلى اللّه عليه وسلم على النجاشي من أعلام نبوته ، وكانت بمشاهدة منه كرامة ومعجزة له صلى اللّه عليه وسلم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي ، ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً .
وفي رواية عن عمران بن حصين قال : فقام وصفوا خلفه ، وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه . (رواه ابن حبان )
وقال في رواية أخرى : فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا . (رواه أبو عوانه . أنظر : فتح الباري 3/188)
فهذه الصلاة خصوصية للنجاشي ,وقد توفي كثير من أصحابه صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل أنه صلى عليهم صلاة الغائب ، مع حرصه على ذلك حتى قال : " إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله تعالى ينورها لهم بصلاتي عليهم "
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً : " لا أعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به ، فإن صلاتي عليه رحمة "
9 – يجب أن يكون الميت موضوعاً على الأرض لكونه الإمام من وجه ، فإن كان محمولاً على أيدي الناس أو على دابة فلا تجوز الصلاة عليه.
10- لا يصلى على بغاة خرجوا عن طاعة الإمام بغير حق ، ولا على قاطع طريق ، ولا على قاتل أحد أبويه عمداً ، إهانة لهم وزجراً لغيرهم .
الواجب في صلاة الجنازة :
- التسليم بعد التكبيرة الرابعة ، وينوي بالتسليمتين السلام على الميت والمصلين معه . ولا يدعو بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام ولا يفصل بينهما بشيء .
عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: ( ثلاث خلال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعلهن، تركهن الناس: إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة ) .
واستحسن بعض المشايخ أن يقول بعد التكبيرة الرابعة: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ. رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار} .
ويجهر بالتسليمة الأولى ، ويسر الثانية .
سنن صلاة الجنازة :
1 - قيام الإمام أمام صدر الميت ذكراً كان أم أنثى لأنه موضع القلب وقريب من الوسط .
عن سمرة رضي الله عنه قال :صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها وسطها .
2 - قراءة دعاء الثناء بعد التكبيرة الأولى ، ويجوز قراءة الفاتحة بقصد الدعاء والثناء للخروج من خلاف ، لأن قراءة الفاتحة فرض عند الإمام الشافعي .
لما روي عن طلحة بن عبد اللّه بن عوف قال : "صليت خلف ابن عباس رضي اللّه عنهما على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب ، فقال: ليعلموا أنها سنة "
ولا تقرأ الفاتحة على سبيل التلاوة بل على سبيل الثناء والدعاء ، حيث تكره قراءة القرآن في صلاة الجنازة .
3 - يصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية ، وصيغتها كالصلوات الإبراهيمية .
لما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه " أنه سأل عبادة بن الصامت عن الصلاة على الميت فقال : أنا واللّه أخبرك تبدأ فتكبر ثم تصلي على النبي صلى اللّه عليه وسلم "
4 - الدعاء للميت وللمسلمين ولنفسه بعد التكبيرة الثالثة ، بأن يبدأ بالدعاء لنفسه ثم للميت ، والأفضل أن يدعو بالمأثور.
ومن المأثور ما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على جنازة فقال: (اللّهم اغفر لحيِّنا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، وشاهدنا وغائبنا، اللّهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام ، اللّهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده) .
وروي عن عوف بن مالك رضي اللّه عنه قال: صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على جنازة ، فحفظت من دعائه وهو يقول : (اللّهم اغفر له وارحمه وعافِهِ واعفُ عنه. وأكرم نُزُلَه. ووسِّع مدخَلَه واغسله بالماء والثلج والبَرَد. ونقِّه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدّنس. وأبدِله داراً خيراً من داره . وأهلاً خيراً من أهله ، وزوجاً خيراً من زوجه. وأدخِله الجنة وأعِذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار - قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) .
ولا يستغفر فيها لصبي ومجنون أصلي جن قبل البلوغ بل يقول : "اللّهم اجعله فَرَطاً ، واجعله لنا أجراً وذُخراً، واجعله لنا شافعاً مُشَفَّعاً".
5 – لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الإحرام ، التكبيرة الأولى فقط .
لحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود)
وقال مشايخ بلخ : يرفع يديه في كل التكبيرات ، وهو قول الأئمة الثلاثة ، ورواية عن أبي حنيفة ويستحسن متابعة الإمام إذا كان يرفع يديه .
أحكام المسبوق :
لا يقتدي المسبوق بالإمام وهو بين تكبيرتين لأن كل تكبيرة بمثابة ركعة بل ينتظره حتى يُكبِّر فيدخل معه ثم يقضي ما فاته من التكبيرات بسرعة مع الدعاء إن أمن رفع الجنازة ، وإلا كبَّر متتابعاً من غير أن يقول شيئاً قبل رفع الجنازة عن الأرض.
فواتها : تفوت صلاة الجنازة إذا حضر بعد التكبيرة الرابعة قبل السلام.
مكروهاتها:
1 - تكره الصلاة على الجنازة في مسجد الجماعة كراهة تنزيهية ، وإن خشي التلويث فهي كراهة تحريمية.
لما روي عنه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له) .
2 - تكره صلاة الجنازة في الشارع وفي أراضي الغير .
أولى الناس بالصلاة على الميت:
السلطان ، ثم نائبه أو إمام الحي ، ثم الوليّ. وإذا صلى من هو دون الولي بدون إذنه يجوز للولي إعادة الصلاة . والأصل أنه لو صلى الوليّ لا تعاد صلاة الجنازة ، لأنه لا يصح فيها التنفل.
روي أن الحسين رضي الله عنه قدَّم سعيد بن العاص لما مات الحسن وقال:" لولا أنها سنة ما قدمتك (وكان سعيداً والياً على المدينة ) "
وإذا كثرت الجنائز فإفراد كل واحدة بصلاة أولى. وإن صليت على الجميع مرة واحدة جاز .
لما روي عن الشعبي قال: "صلى علي يوم صفين على عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة، فكان عمار أقربهما إلى علي وكان هاشم أقربهما إلى القبلة " .
وتجعل جميعها صفاً واحداً مما يلي القبلة ، ويقف الإمام محاذياً لصدرهم جميعاً .
لما روي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما " أنه صلى على تسع جنائز رجال ونساء ، فجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة، وصفهم صفاً واحداً " .
-ويندب الإعلام بموت الميت المسلم لزيادة عدد المصلين والمشيعين .
عن عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة ، كلهم يشفعون له، إلا شُفِّعُوا فيه)
وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ: ((مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ)) .

حمل الجنازة ودفنها:
أولاً - حمل الجنازة :
ما يسن في حمل الجنازة :
1-أن يحملها أربعة رجال من أركانها الأربعة تكريماً وتخفيفاً وتحاشياً من تشبيهها بالأمتعة. الرجال الأربع الذين حملوا الجنازة بعد كل عشرة خطوات يغير كل منهم مكانه على طريق التعاقب كما يلي : يبدأ الحامل بمقدمها الأيمن وهو يسار السرير فيضعه على عاتقه الأيمن ، ثم ينتقل فيضع مؤخرها الأيمن على عاتقه الأيمن، ثم ينتقل فيضع مؤخرها الأيسر على عاتقه الأيسر، ثم يختم بالجانب الأيسر بحملها على عاتقه الأيسر، فيكون قد حملها من كل جانب عشر خطوات بمجموع كل رجل أربعين خطوة بذلك يكون أدى حقها فتُكَفَّر ذنوبه .

عن وائلة قال : "من حمل بجوانب السرير الأربع غفر له أربعون كبيرة" .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق" ( صحيح البخاري :1314)
2-يكره أن تحمل على الكتف ابتداء بل السنة أن يأخذ قائمة السرير بيده أولاً ثم يضعها على كتفه ، ويكره حمله بين عمودين بأن يحملها رجلان ، أحدهما في المقدم والآخر في المؤخر إلا عند الضرورة ، ويكره حمل الكبير على الدابة ونحوها إلا لضرورة .
3- الصغير الرضيع أو الفطيم أو فوق ذلك قليلاً ، يحمله رجل واحد على يديه ويتداوله المسلمون بالحمل على أيديهم ، ولا بأس بأن يحمله على يديه وهو راكب .
4-يندب أن يسرع بالسير بالجنازة إسراعاً غير شديد بحيث لا يضطرب به الميت في نعشه ، ولا يؤدي إلى حدوث مشقة على الحامل والمشيع .
لما روى أبو هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (أسرعوا بالجنازة ، فإنها إن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن تك سوى ذلك فشرّ تضعونه عن رقابكم ) .
5-يغطى نعش المرأة ندباً كما يغطي قبرها عند الدفن إلى أن يفرغ من لحدها إذ المرأة عورة من قدمها إلى قرنها فربما يبدو شيء منها وإذا تأكد ظهور شيء منها وجبت التغطية .
6-يندب المشي خلفها لا أمامها ، لأنها متبوعة . ويجوز أن يمشي أمامها إلا إن تباعد عنها أو تقدم على جميع الناس ، فإنه يكره المشي أمامها حينئذ ، أما المشي عن يمينها أو يسارها فهو خلاف الأولى ، هذا إذا لم يكن خلف الجنازة نساء يخشى الاختلاط بهن أو كان فيهن نائحة فإن كان ذلك فالمشي أمامها يكون أفضل .
روي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : " كنت مع علي بن أبي طالب في جنازة وعلي آخذ بيدي ونحن خلفها وأبو بكر وعمر أمامها ، فقال علي : إن فضل الماشي خلفها على الذي يمشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ ، وإنهما ليعلمان من ذلك ما أعلم ولكنهما يسهلان على الناس " .
وعن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (الجنازة متبوعة ولا تتبع . ليس منا من تقدمها) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تبع الجنازة فله قيراط "
وعن البراء رضي الله عنه قال : " أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ، ونهانا عن سبع ، أمرنا باتباع الجنائز .."
وقد روي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مشى خلف جنازة ابنه إبراهيم حافياً ) .
7-يجوز للراكب أن يسير خلف الجنازة .
لما روي عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها) .
8-يستحب لمن مرت به جنازة أن يقول : "سبحان الحي الذي لا يموت" ويدعو للميت المسلم بالخير والتثبيت.
ما يكره في حمل الجنازة:
1 – يكره رفع الصوت أثناء تشييع الجنازة ولو بالذكر أو قراءة القرآن ، وعلى المشيعين الصمت ، ومن أراد منهم أن يذكر الله تعالى فليذكره في سره .
2-يكره أن تتبع الجنازة بالمباخر والشموع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار "
3 –يكره كراهة تحريمية اتباع النساء للجنائز .
عن أم عطية رضي اللّه عنها قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا) .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ارجعن مأزورات غير مأجورات "
4- إذا كان المشيع راكباً يكره له أن يتقدم الجنازة لأنه يضر بمن خلفه بإثارة الغبار.
5 - يكره الجلوس قبل وضع الجنازة على الأرض .
عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع )
6 - يكره النَّدب وشقّ الثوب .
عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (ليس منا من ضرب الخدود، وشقّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) .
7- يحرم النوح والبكاء على الميت بصوت عال أما هطل الدموع بدون صياح فإنه مباح .
عن أم عطية رضي اللّه عنها قالت: (أخذ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع البيعة ألا ننوح)
وعن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ( إن اللّه لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم )
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية ، لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة " وقال :عليه الصلاة والسلام : " النائحة إذا لم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ، ودرع من جرب "
عن أبي بردة قال : "وجع أبو موسى وجعاً فَغُشِي عليه ، ورأسه في حجر امرأة من أهله . فصاحت امرأة من أهله . فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً . فلما أفاق قال : أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة ".
ورخص بالإعتدال في إظاهر الحزن والبكاء .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : " يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ " ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ "

ثانياً - دفن الميت:
حكمه: فرض كفاية إذا قام به بعض المسلمين سقط عن الباقي.
كيفيته :
1-يحفر قبراً بعمق نصف قامة الميت ، أو إلى حد الصدر وإن زاد مقدار طول قامة الإنسان فأحسن ، والمقصود من تعميق القبر المبالغة في منع الرائحة ونبش السباع . ويجعل طوله على قدر طول الميت وعرضه نصف قامته .
2-ومن السنة أن يلحد في القبر ، بأن يحفر في جدار القبر الطولي الذي يلي القبلة حفرة على طول الجدار ، ليوضع فيها الميت ويُنْصَب عليه الَّلبِن .
قال سعد بن أبي وقاص في مرضه الذي توفي فيه : " إلحدوا لي لحداً وانصبوا علي اللبن نصباً ، كما صُنع برسول الله صلى اله عليه وسلم ."
أما إذا كانت الأرض رخوة فيشق في أرض القبر حفرة ويوضع الميت فيها ثم يهال عليه التراب..
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اللحد لنا والشقّ لغيرنا) أي لغير المسلمين.
وإن كانت الأرض ندية أو رخوة يرخص بأن يدفن في تابوت ، ولكن ينبغي أن يفرش فيه تراب . وإن لم تكن الأرض ندية أو رخوة يكره أن يدفن بالتابوت .
3- يستحب أن يُدخل الميت من جهة القبلة ، وأن يقول واضعه : "بسم اللّه وعلى ملة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ".
عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا : بسم اللّه وعلى ملة رسول الله ) .
ويسن أن يوجّه على شقه الأيمن إلى القبلة.
لما روي عن عبيد بن عمير عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتاً) .
ويَدخُل القبر ثلاثة أو أربعة لوضع الميت .
لما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما فيمن نزل قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ونزل في حفرته علي بن أبي طالب ، والفضل بن العباس ، وقثم أخوه ، وشقران مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم" .
ويشترط أن يكونوا أُمَنَاء أقوياء صُلَحاء.
أما المرأة فذو الرحم أولى بوضعها في قبرها من غيرهم.
لما روي عن عبد الرحمن بن أبزى " أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كبّر على زينب بنت جحش أربعاً، ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم من يدخل هذه قبرها ؟ فقلن: من كان يدخل عليها في حياتها " .
4-يسن أن يغطى القبر برداء إن كان الميت امرأة ستراً لها إلى أن يسوى عليها التراب.
5-بعد وضع الميت في اللحد أو الشق يسد عليه باللبن ،ثم يهال عليه التراب ، ثم يُسنم القبر بمقدار أربع أصابع أو شبر .
لما روي عن سفيان التمار " أنه رأى قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم سَنَّماً "
6-يستحب للحاضرين أن يحثي كل منهم ثلاث حثيات من التراب على الميت في القبر من جهة رأسه .
لما روي عن عبد اللّه بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: (رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون رضي اللّه عنه... حثا بيديه ثلاث حثيات من التراب وهو قائم على القبر) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلى على جنازة ، ثم أتى القبر فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثاً ." يقول في الأولى: {منها خلقناكم}، وفي الثانية: {وفيها نعيدكم}، وفي الثالثة: {ومنها نخرجكم تارة أخرى}
لما روي عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال : لما وضعت أم كلثوم بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القبر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، بسم اللّه وفي سبيل اللّه وعلى ملة رسول اللّه ) .
7- يسن أن يقف جماعة بعد دفن الميت يدعون ويستغفرون له ، ويقرؤون عنده شيئاً من القرآن ، أو ختمة إن أمكن ، ويسألون اللّه له التثبيت .
لما روي عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يُسْأَل) .
ومن وصية عمر بن العاص رضي الله عنه : "فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ( أي صبوه علي بسهولة ) ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ( الذبيحة من الإبل ) ويقسم لحمها ، حتى أستأنس بكم ، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. " .
8- التلقين فمشروع في القبر أيضاً.
لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لقنوا موتاكم قول لا إله إلا اللّه) .
وكيفية التلقين كما رواه سعيد بن عبد اللّه الأودي قال: شهدت أبا أمامة - رضي اللّه عنه - وهو في النزع فقال : إذا أنا مت فاصنعوا لي كما أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : ( إذا مات أحد من إخوانكم ، فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل : يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعداً ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة ، فإنه يقول : أرشدنا رحمك اللّه ، ولكن لا تشعرون ، فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة لا إله إلا اللّه ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأنك رضيت باللّه رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، والقرآن إماماً)
9-يسن وضع الجَريد والإِذْخر على القبر لأنه يستغفر للميت ما دام رطباً .
لما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في قبر كل واحدة . فقالوا يا رسول اللّه لِمَ صنعت هذا ؟ فقال: لعلهما أن يخفف عنهما ما لم ييبسا) .
10-يستحب أن يدفن الميت في مقبرة المحلّ الذي مات فيه أو قتل . فإذا مات شخص بعيداً عن بلده لا ينقل إليها بل يدفن حيث مات.
عن منصور بن صفية أن أمه قالت : مات أخ عائشة رضي اللّه عنها بوادي الحبشة فحمل من مكانه فأتيناها نعزيها فقلت: "ما أجد في نفسي أو يحزنني في نفسي إلا أني وددت أنه كان دفن في مكانه " .
وعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما - في قتلى أحد - ( إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم ) .
11-لا بأس بوضع حجر عند رأس الميت ليعرف .
عن المطلب ابن أبي وادعة رضي الله عنه قال : ( لما مات عثمان بن مظعون ( وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين ) أخرج بجنازته حفدفن ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله ، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعية ، قال المطلب: قال الذي يخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما ، ثم حملها فوضعها عند رأسه ، وقال : أتعلم بها قبر أخي ، وأدفن إليه من مات من أهلي ) أخرجه أبو داود بسند حسن .
ما يكره في الدفن :
1-يكره للنساء النزول إلى القبر .
2-يكره بناء القبر بالجص والآجر والطين والخشب ، وأن يكتب عليه .
عن جابر رضي اللّه عنه قال: ( نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه ) .
وعن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : " ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته "
3-يكره أن يدفن اثنان في قبر واحد ، إلا لضرورة ويجعل بينهما تراب .
لما روي عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد) .
4-يكره الدفن في البيوت لاختصاصه بالأنبياء ، ومن مات في سفينة يغسل ويكفن ويصلى عليه ويلقى في البحر إن لم يكن قريباً من البر ، وخيف أن يتغير جسده .
لما روي عن الحسن البصري أنه قال فيه : "يغسل ويكفن ويصلى عليه ويطرح في البحر " .
5-يكره نقل الميت من بلد إلى بلد لمسافة أكثر من ميلين ، ولا بأس بنقله من بلدة إلى أخرى قبل الدفن عند أمن تغير رائحته أما بعد الدفن فيحرم إخراجه ونقله إلا إذا كانت الأرض التي دفن فيها مغصوبة أو أخذت بعد دفنه بشفعة ، فيخرج لحقّ صاحبها إن طلبه ، وإن شاء سوّاه بالأرض وانتفع بها زراعة .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُبي بعد ما أدخل حفرته ، فأمر به فأخرج ، فوضعه على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ( قال جابر: وصلى عليه ) ، فالله أعلم ، وكان كسا عباسا قميصا )
وإن دفن بقبر يملكه غيره من الأحياء بأرض ليست ملكاً لأحد ضمنت قيمة القبر من تَرِكته أو من بيت مال المسلمين.
التعزية :
أ - ما يستحب في التعزية:
1 - تستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن.
لما روي عن عبد اللّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه اللّه سبحانه من حُلَل الكرامة يوم القيامة) .
وعن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (من عزَّى مصاباً فله مثل أجره) .
2 - يُستحب أن تَعمَّ التعزية جميع الأقارب ، وأن تكون صيغة التعزية بما روي عن أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال معزياً ابنته لما مات ولدها: (إن للّه ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى) .
أو بما روي عن أنس رضي اللّه عنه في تعزية الخِضْر عليه السلام لأهل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم. "إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، وخَلَفاً من كل هالك وعوضاً من كل فائت ، فإلى اللّه فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، فإنما المصاب من لم يجبره الثواب"
وله أن يقول لأقربائه المسلمين : " أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك "
وإن كان الميت كافراً ......
3 - يستحب لجيران الميت والأباعد من أقاربه تهيئة طعام لأهل الميت يُشبِعَهم يومهم وليلتهم .
لما روي عن عبد اللّه بن جعفر رضي اللّه عنهما قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً، فإنهم قد جاءهم ما يشغلهم) .
ويُلحّ عليهم بالأكل ، لأن الحزن يمنعهم الطعام فيضعفهم ، واللّه ملهم الصبر ومعوِّض الأجر.
ب - ما يكره في التعزية :
1 - يكره الاجتماع عند أهل الميت حتى يأتي إليهم من يعزيهم ، بل ينبغي إذا رجعوا من الدفن أن يتفرقوا ليشتغلوا بأمرهم.
2 – يكره الجلوس للتعزية عند باب الدار لأنه عمل أهل الجاهلية .
3 – يكره التعزية في المسجد.
4 – يكره تكرار التعزية.
5 – يكره تقديم أهل الميت الطعام للمعزين ، وخاصة إذا كان ثمن الطعام من تركة المتوفي وفي الورثة صغار وغائبون .
لما روي عن جرير بن عبد اللّه البجلي رضي اللّه عنه قال: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت ووضعهم الطعام من النياحة " أي المنهي عنها .

رد مع اقتباس