عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-11-2011, 12:48 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي


الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
هذا الحديث هو قسم من حديث رواه الإمام مسلم بإسناده عن زيد بن محمد عن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إلى عبد الله بن مطيع حين كان أمير الحرة زمن يزيد بن معاوية ، فقال عبد الله بن مطيع : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة . فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إني لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدثك حديثاً ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله : " من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " ( صحيح مسلم.)
ليس المقصود في الحديث بيعة زعيم جماعة من جماعات المسلمين والتي هي مع الأسف كثيرة اليوم .بل المقصود بيعة إمام جماعة المسلمين أو خليفة المسلمين الذي يبايعه أهل الحل والعقد من أمة الإسلام .
ولبيعة إمام جماعة المسلمين شروطاً ذكرها أهل العلم منها :
1-أن تتوفر فيه شروط الإمامة .وقد فصلها العلماء في كتبهم .
2-أن يتولى عقد البيعة أهل الحل والعقد .
قال الماوردي : " فإذا اجتمع أهل العقد والحل للاختيار تصفحوا أحوال أهل الإمامة الموجودة فيهم شروطها فقدموا للبيعة منهم أكثرهم فضلاً وأكملهم شروطاً ومن يسرع الناس إلى طاعته ولا يتوقفون عن بيعته " ( الأحكام السلطانية ص 19)
فأهل الحل والعقد من المسلمين هم الذين يتولون اختيار إمام المسلمين وخليفتهم ولا عبرة بـقـول العوام في بيعة الانعقاد .
قال الإمام الرملي الشافعي : " أما بيعة غير أهل الحل والعقد من العوام فلا عبرة لها " ( نهاية المحتاج 7/390 . )
ولا يصح دعوى بعض الجماعات الإسلامية أن من لم يبايع أمير جماعتهم فإنه إذا مات ، مات ميتة جاهلية أي على الكفر . فهذه الدعوى فهم خاطئ للحديث وتنزيل له على غير محله . والدليل على ذلك ما يلي :
1- حكم البيعة حسب جمهور العلماء ، الوجوب الكفائي ، يعني : إذا قام به العدد الكافي سقط عن الباقين .
2- فعل راوي الحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نفسه فهو أولى بفهم الحديث على وجهه الصحيح من غيره فقد قال عنه الحافظ ابن حجر : أنه امتنع أن يبايع لعلي أو معاوية ، ثم بايع لمعاوية لماَّ اصطلح مع الحسن بن علي واجتمع عليه الناس ، وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف إلى أن قتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد الملك بن مروان فبايع له حينئذ . فلو فهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الحديث الذي رواه على ظاهره لما بات ليلة إلا وفي عنقه بيعة لأحدهما يعطيها من يدله عليه اجتهاده على أنه أقرب للصواب .
3- الحديث ذكـره الإمـــام الـنـووي في :[ باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين ... ] شرح النووي على صحيح مسلم 4/546 .
فالمقصود من قوله " ومن مات وليس في عنقه بيعة " : أي : من مات وليس في عنقه بيعة عند وجود الإمام الشرعي الذي توفرت فيه شروط إمام المسلمين وانتفت نواقضها واختاره أهل الحل والعقد .
قال القرطبي :" إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحَلِّ والعقد أو بواحد على ما تقدَّم وجب على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة وإقامة كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومَنْ تأبَّى عن البيعة لعذر عُذِر، ومَنْ تأبى لغير عذر جُبر وقُهِر، لئلا تفترق كلمة المسلمين " (الجامع لأحكام القرآن 1/272. ).
وقال ابن حزم : " لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين ليس في عنقه لإمام بيعة " (المحلى 8/420. ).
قوله : " مات ميتة جاهلية " أي : مات كميتة أهل الجاهلية. وليس أنه مات على الكفر . كما فهمه كثير من الجهلة .
قال الإمام النووي رحمه الله : " أي على صفة موتهم من حيث هي فوضى لا إمام لهم " (شرح صحيح مسلم 12/238. ).
وقال الإمام بن حجر رحمه الله : " والمراد بالميتة الجاهلية ـ وهي بكسر الميم ـ حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع ، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافراً، بل يموت عاصياً " (فتح الباري 13/5. ).

كتبه : ضياء الدين القدسي


[/align]

رد مع اقتباس