أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم
أما كلامك السابق .. فأترك المتابع ليحكم فيه .. تكلمت بما فيه الكفاية .
وما بقي لي سوى تعقيب على قولك :
[-- أقول : إذا حكم على المشرك الجاهل الذي يعبد غير الله بالشرك وعدم دخوله دين التوحيد في الدنيا ، وعامله معاملة غير المسلم في الدنيا ، ثم بعد ذلك قال هذا الكلام ، لا نحكم عليه بالكفر وإنما نسأله ما هو دليلك على هذا الكلام .
فإذا قال لنا : قوله تعالى : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين . وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة .
وتبقى مسألة قوله يدخله الجنة . فنسأله لماذا حكمت عليه بأنه سوف يدخله الجنة ؟ فإذا أتى لنا بحديث امتحان أهل الفترات . فنقول له كلامك سليم وعليه أكثر علماء المسلمين .
ولكن إذا قال مع فعله للشرك وعبادته غير الله نحكم عليه بالإسلام والتوحيد لجهله ولأنه يصلي ويصوم ويزكي ويفعل كثير من أفعال التوحيد والإسلام . فمن حكم بهذا الحكم لم يفهم أصل الدين وكيفية دخول الدين ، ولم يفهم التوحيد وما يناقضه ، وإذا كان يفهم هذه الأمور نظرياً وطبق عكسها في أرض الواقع فهو أكفر من الجاهل . لأنه بذلك وضع شروطاً لدخول الإسلام تخالف شروط الله الثابتة البينة في كتابه عن علم بشروط الله سبحانه وتعالى . --]
هذا التعقيب ورد على كلام لي قد سألتك فيه ما يلي :
[-- ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :
- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .
فيقول :
إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .
فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟ --]
وأنت تقول :
[-- ثم بعد ذلك قال هذا الكلام .. (إلى أن قلت) .. فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين --]
يعني ما أفهمه من كلامك هو :
أن من يقول إن الله يُثيبه على أعماله التي أخلص فيها لله وحده ، من صلاة وصيام وزكاة وما إلى ذلك .. ولا ينتقض هذا الثواب بالشرك لأنه جاهل ولم تقم عليه الحجة .. فهذا عندك هو القول الراجح ؟
على الأقل .. ما يثبت من كلامك هو أنك تقول هو غير كافر .. وهذا ما يهمني الآن .
الآن أود أن أسألك :
العمل الصالح الذي أخلص المرء فيه لله تعالى ، وقبله الله منه ( والله لا يقبل إلا من المتقين ، كما قال : { إنما يتقبل الله من المتقين } ) ، ورضي عنه ( أي عن العمل ) فأثاب صاحبه عليه .. هل تسمي هذا العمل إيماناً ؟ .. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ؟
فإن كان هذا إيماناً مقبولاً عند الله ، هل تسميه توحيداً ؟
|