منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـحوارات الـعلمية > الحوار مع رؤوس وأئمة المخالفين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-04-2012, 11:08 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي حوار بين الدكتور ضياء الدين القدسي والدكتور محمد المسعري حول ما كتب في كتاب التوحيد

[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين .
سأبدأ بعون الله في وضع أسئلتي وملاحظاتي على " كتاب التوحيد ( أصل الإسلام وحقيقة التوحيد ) " للأستاذ محمد المسعري . وأنتظر منه أن يرد عليها هو بنفسه لأنه هو المخاطب بها وحده . آملاً من مشرفي المنتدى أن لا يسمحوا لأحد بالتدخل والتشويش على هذا الحوار والله من وراء القصد .

قولك : فصل: معنى (لا إله إلا الله)
أي: لا أحد يستحق أن يُحب ، ويُعظم ، ويقدس ، ويُتذلل له ؛ ويخضع لأمره ، ويُطاع ، لما لذاته من صفات الكمال ، ولما له من قدرة ذاتية مستقلة على الضر والنفع ، إلا الله.

أقول ( ضياء الدين ) : كلمة " لا إله إلا الله " وردت في القرآن الكريم وهي أول ما دعا كل الأنبياء الناس إليها. فلا بد أن يخاطبوهم بلغة يفهمونها . فماذا فهم العرب من هذه الكلمة حسب لغتهم عندما دعاهم الرسول عليه السلام أن يكونوا من أهلها ؟
وهل هناك بيان محكم لمعنى هذه الكلمة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة ؟
وكيف توصلت أنت لهذا المعنى التي قلت عنه أنه معنى كلمة " لا إله إلا الله " ؟

قولك : أي : لا معبود بحق إلا الله ، وغير الله إن عُبِد فباطل .

أقول ( ضياء الدين ) : ماذا تقصد بكلمة باطل ؟ هل باطل هنا بمعنى شرك وفاعله مشرك سواء أقيمت عليه الحجة أم لا ؟
أم تقصد أنه غير صحيح وغير مقبول وكفى ، ولا يترتب عليه حكماً على الشخص بأنه مشرك إن فعله ؟

قولك : أي : لا شيء يتمتع بصفات « الألوهية »، أي صفات « استحقاق العبادة »، من « القيومية » أي و« جوب الوجود»، أي القيام بالنفس والغنى عن الغير ، واتصافها بالقدرة الذاتية المستقلة المطلقة ، المنزهة عن كل قيد أو شرط : في الخلق من عدم ، وفي التصوير ، والتكوين ، والقهر والتدبير ، والأمر والنهي ، ...، لا شيء يتصف بذلك إلا الله ، وإن نسب بعض ذلك إلى غيره ، فكذب وإفك ، وخيال باطل ووهم ، خلاف الواقع والحقيقة.

أقول ( ضياء الدين ) : هل أفهم من كلامك هذا أن من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات « الألوهية » ، أي صفات « استحقاق العبادة »، من « القيومية » أي « وجوب الوجود » ، أي القيام بالنفس والغنى عن الغير ، واتصافها بالقدرة الذاتية المستقلة المطلقة ، المنزهة عن كل قيد أو شرط : في الخلق من عدم ، وفي التصوير ، والتكوين ، والقهر والتدبير ، والأمر والنهي ، ...، لا شيء يتصف بذلك إلا الله ، يكون قد حقق كلمة التوحيد وأتى بما طلبته منه الرسل ليدخل دين الله .؟

تقول : " لا شيء يتمتع بصفات « الألوهية » ، أي صفات « استحقاق العبادة »

أقول ( ضياء الدين ) : يفهم من هذا الكلام أن صفات الألوهية هي صفات « استحقاق العبادة »
فما هي هذه الصفات ؟ وما أدلتها ؟ وهل يعذر الجهل فيها ؟
وما حكم من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات « الألوهية » ، أي صفات « استحقاق العبادة » إلا الله ، ولكنه مع ذلك لم يعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات « الربوبية » إلا الله ؟
وهل نستطيع أن نقول : إن صفات الربوبية تختلف عن صفات « استحقاق العبادة » ؟
وأنه ليس كل من يتمتع بصفات الربوبية يستحق العبادة ؟

قولك : وإن نسب بعض ذلك إلى غيره ، فكذب وإفك ، وخيال باطل ووهم ، خلاف الواقع والحقيقة .

أقول ( ضياء الدين ) : هل يكفي لتحقيق كلمة التوحيد أن نقول : نسبة بعض ذلك إلى غير الله ، كذب وإفك ، وخيال باطل ووهم ، وخلاف الواقع والحقيقة ، بدون أن نحكم على فاعل ذلك بأنه غير موحد ؟
وهل يعذر من نسب ذلك لغير الله جاهلا ؟
وهل من نطق بكلمة التوحيد وهو لا يعرف هذه المعاني ( معاني كلمة التوحيد ) يدخل الإسلام ظاهراً ؟

قولك : وإن شئت فقل : لا شيء يستحق أن يطاع لذاته ، فيتلقى أمره بالقبول ، والرضا ، والتسليم ، والمحبة ، والاحترام ، والتعظيم ، والطاعة إلا الله ، وغيره فإنما يطاع بأمر الله ،

أقول ( ضياء الدين ) : ما حكم من اعتقد هذه الأمور ولكنه خالف أحدها بالعمل ؟
وهل يعذر بجهله "
وهل يكفي لدخول الإسلام أن يعتقد الشخص أنه لا شيء يستحق أن يطاع لذاته ، فيتلقى أمره بالقبول ، والرضا ، والتسليم ، والمحبة ، والاحترام ، والتعظيم ، والطاعة إلا الله ، وغيره فإنما يطاع بأمر الله ، بدون أن يعرف حكم من لا يعتقد ذلك ؟

قولك : وإن شئت فقل ، كما قال ربك : " ألا له الخلق والأمر "

أقول ( ضياء الدين ) : هل معنى كلمة التوحيد " ألا له الخلق والأمر " ؟

قولك : وإن شئت فقل ، كما قال ربك ، حاكياً مقولة يوسف ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأجداده ، الجامعة المانعة : " إن الحكم إلا لله ، أمر ألا تعبدوا إلا إياه "

أقول ( ضياء الدين ) : هل معنى كلمة التوحيد معنى قوله تعالى : " إن الحكم إلا لله ، أمر ألا تعبدوا إلا إياه " ؟
وهل يكفي لتحقيق كلمة التوحيد أن يعتقد الشخص أن الحكم لله وأنه أمر ألا يعبد غيره بدون أن يعرف حكم من أعطى بعض الحكم لغير الله " ؟

قولك : قال الله تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير ) (الحج ؛ 22:62).
قال الله تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير ) ( لقمان ؛ 31:30 ).

أقول ( ضياء الدين ) : ممكن تبين لي ماذا تفهم من قوله تعالى : " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل "
ما معنى يدعون ؟ وكيف تكون من الناحية العملية ؟
وما حكم من يفهم قولك ، بأنه ما دام معنى كلمة الشهادة هذه الآية فيكفي حتى يدخل المرء الإسلام أن يقول أو يعتقد أن الله هو الحق وما عداه باطل . ؟
وإن سألناه عن كيفية دعوة هذا الباطل ، لم يعرف ، وإن سألناه عن حكم هذا الباطل قال : باطل وكفى . وإن سألناه عن إسلام وعدم إسلام من يدعو هذا الباطل وعن حكم من يمارس هذا الباطل ، قال : أنا لا أكفره ولا أحكم بأنه مشرك حتى أقيم عليه الحجة . فما حكم هذا الشخص عندك ؟ وهل تحكم بإسلامه إن قال : لا إله إلا الله بهذا الفهم . ؟

قولك : وقال تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ...) ، (محمد؛ 47:19).

أقول ( ضياء الدين ) : هل تقصد أن هذه الآية تبين معنى كلمة التوحيد ؟
وإن قلت : نعم تبين ، فبين لي كيف تبين ذلك حسب لغة العرب .
وما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد دون معرفة معناها ؟
وما هو المعنى لكلمة التوحيد الذي يجب على الشخص معرفته حتى يدخل الإسلام بقبوله والالتزام به ؟

تقول : " وإن شئت فقل ، وإن شئت فقل ، وإن شئت فقل ..

أقول ( ضياء الدين ) : هل أفهم من هذا القول ، أن كل واحدة من هذه التي قلت عنها " وإن شئت فقل " تكفي وحدها لبيان معنى كلمة التوحيد ؟ وأنه يكفي لمعرفة واحدة منها معرفة معنى كلمة التوحيد ؟

قولك : فالشهادة لها إذاً ركنان:
الأول: نفي الألوهية كلها عن غير الله نفيًا باتًا قاطعًا مطلقًا! فلا بد أولاً من الكفر بكل « معبود » ، أي كل « إله » ، أو كل « رب » ، إلا الله ، والبراءة منه ، ورفضه.

أقول ( ضياء الدين ) : هلا بينت لي كيفية نفي الألوهية كلها عن غير الله نفياً باتاً قاطعاً مطلقاً . وكيف تُطَبَّق من الناحية العملية ؟
هلّا بينت لي ما معنى الكفر بكل « معبود » ، أي كل « إله » ، أو كل « رب » ، إلا الله ؟
و هلّا بينت لي كيفية هذا الكفر من الناحية العملية ؟
وما هو معنى " البراءة منه " ومعنى " رفضه " من الناحية الإعتقادية والعملية ؟
هل يكفي لأن يدخل المرء الإسلام ويحقق الركن الأول لكلمة التوحيد قوله : كفرت بكل معبود من دون الله وتبرأت منه ورفضته وهو لا يعرف كيفية الكفر به ، ولا يعرف من هو المعبود وكيفية عبادته ، ولا يعرف معنى وكيفية البراءة منه ، ولا يعرف كيف يكون رفضه من الناحية العملية ؟

قولك : الثاني : إثبات كافة خصائص الألوهية وصفات الكمال والجمال والجلال لله تعالى ، بما في ذلك من أفعال الخلق والتكوين والتصرف والتدبير، والنفع والضر، والأمر والنهي، وكذلك العلم والمشيئة والتقدير لله وحده لا شريك له .

أقول ( ضياء الدين ) : ما هي خصائص الألوهية التي لا تصرف إلا لله ؟
ما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد وهو لا يعرف ركني شهادة التوحيد كما بينته أنت هنا ؟

قولك : قال تعال : " فمن يكفر بالطاغوت ، ويؤمن بالله ، فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) ( البقرة ؛ 2:256).

أقول ( ضياء الدين ) : ما معنى الطاغوت ؟ وما معنى الكفر به ؟
وما هي الأعمال والأقوال التي تدل على أن الشخص لم يكفر بالطاغوت ؟
وهل يدخل الإسلام من لا يعرف ما هو الطاغوت وكيفية الكفر به ؟

قولك : وقال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام مثنيا عليه بذلك : ( إننى برآء مما تعبدون ، إلا الذى فطرني ..) (الزخرف؛ 43:27).

أقول ( ضياء الدين ) : هلا بينت لي ما الذي تفهمه من البراءة في الآية وكيفيتها العملية ؟
وهل يكفي البراءة مما يعبد بدون البراءة من العابد ؟
وإن قلت لا يكفي فما معنى البراءة من العابد ؟
وما حكم الذي يتبرأ من المعبود ولا يتبرأ من العابد ؟
هل من يحكم على العابد بالإسلام قد تبرأ منه ؟

قولك : وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من قال لا إله الا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله، حَرُمَ ماله وَدمُهُ ، وحسابه على الله عز وجل ».
فالشهادة إذن نفي وإثبات، والنفي فيها مقدم على الإثبات. فلا بد أولاً من الكفر بالطواغيت وكل ما يُعَبَدُ من دون الله ، وإلا فلا انعقاد للإسلام ، ولا نجاة في الآخرة.

أقول ( ضياء الدين ) : ماذا تقصد بقولك : " وإلا فلا انعقاد للإسلام " ؟
هل تقصد أنه لا يتحقق دخول الإسلام الظاهري وإن تشهَّد بكلمة الشهادة ؟ أم أنك تقصد أمراً آخرا ؟
وهل ينعقد الإسلام بدون الكفر بمن لا يكفر بالطاغوت ؟

قولك : فصل : معنى ( محمد رسول الله )
أن محمداً هو المبلغ عن الله تبليغًا معصومًا لا يتطرق إليه نقص أو زيادة، ولا خطأ ، أو كذب ، أو نسيان . وهو ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا ينسى، ولكنه يُنَسَّى، ليسن لأمته الأحكام المتعلقة بالنسيان، فهو خير الأسوة، ونعم القدوة. وهو، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا ينطق عن الهوى، ولا يتلفظ إلا بحق، ولا يتكلم إلا بعلم من الله، ولا يقدم بين يدي ربه، إذا سئل في أمر جديد، بل يسكت، وينتظر، حتى يأتيه الوحي بحكم الله. فهو مبلغ عن الله فحسب، وهو لا يجتهد، ولا يحتاج أن يجتهد ، ولا ينبغي له أن يجتهد ، وقد نزهه الله عن الاجتهاد ، ولكنه شرف أمته ورحمها بإثابة كل مجتهد ، مصيباً كان أم مخطئآً، فمن أصاب فله أجران، أو أكثر، ومن أخطأ فله أجر واحد !!

أقول ( ضياء الدين ) : تقول أن الله نزه رسولنا عليه الصلاة والسلام عن الاجتهاد فهلَّا بينت لي الآية التي تبين هذا التنزيه ؟
وما حكم من قال بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اجتهد في بعض المسائل ؟

قولك : فمعنى ( محمد رسول الله ) إذن : لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وغير رسول ، الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا يتبع، ولا يطاع ، إلا بأمر من الله ورسوله، ثابت بالبرهان القاطع عنهما، ومن اتبع فيما لا برهان عليه فقد اتبع بباطل .

أقول ( ضياء الدين ) : ما المقصود من الإتباع هنا ؟
وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله بدون أن يفهم هذا المعنى الذي بينتَه لشهادة محمد رسول الله ؟
وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله واتبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وما حكم من لم يطع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطاع غيره عن علم ؟
وهل يدخل في حكم قوله تعالى : " ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً ) (النساء : 65).
وقوله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا) (الأحزاب؛ 33:26) ؟
وقوله تعالى : ( ومن يعص الله ورسوله ، فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدًا ) (الجن؛ 72:23).
وقوله تعالى : ( تلك حدود الله ، ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، وذلك الفوز العظيم . ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهين ) (النساء؛ 4:65). ؟

قولك : وحتى الاتباع في « المباحات » يحتاج إلى دليل ، لأن الإباحة حكم شرعى تكليفي ، والاتباع في المباح ، أي في « الأحكام التخييرية » ، كالاتباع في غيره من « الأحكام التكليفية »: من واجب ، أو مندوب ، أو مكروه ، أو حرام ، أو الاتباع في « الأحكام الوضعية »: من سبب أو شرط ، أو رخصة ، أو عزيمة، أو صحة، أو بطلان، أو فساد، سواء بسواء. كل ذلك من أفعال العباد الإختيارية التى لا يعرف حكمها الشرعى إلا بالدليل الشرعي ، ولا فرق.

أقول ( ضياء الدين ) : ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط . وقال الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل على حرمتها ؟
هل مثل هذا الشخص لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله في الإتباع ؟
يتبع إن شاء الله

[/align]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-05-2012, 01:57 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : إلا أن الترتيب يستفاد من نصوص شرعية أخرى متواترة من الكتاب ، والسنة تفيد أن الإنسان يكون « مسلماً» عنده ، لا محالة أصل الإيمان ، وأصل الإحسان ، ولكنه لا يستحق أن يسمى «مؤمناً»، أو «محسناً»، هكذا على الإطلاق بدون قيد مناسب.

أقول ( ضياء الدين ) : هل يوجد في القرآن الكريم آية تبين بشكل واضح يفهمه كل مكلف كيف يدخل المكلف الإسلام . ؟ فإن كان الجواب بنعم فما هي هذه الآية ؟
ما هو أصل الإيمان الذي يجب أن يتوفر في كل مسلم مع الدليل ؟

قولك : بقيت مسألة واحدة مهمة ، في غاية الأهمية ، وهي قولهم : ( أن الأصل في العبادات الحظر ، حتي يأتي بها دليل ) ، التي جعلها البعض قاعدة كلية . فنقول : هذه جملة لا معنى لها ، يفترض القائلون بها أن هناك أفعال تستحق أن تسمَّى ( عبادة ) بذاتها من حيث كونها أفعالاً مجردة ، وهذا غير صحيح ، بل هو خطأ قاتل شنيع ، كما سنبرهن عليه في الأبواب والفصول التالية .

أقول ( ضياء الدين ) : لا أدري كيف فهمت هذه القاعدة حتى تقول هذا الكلام .
واسأل الله أن تكون قد فهمتها خطأً لتكون معذوراً نوعاً ما بهذا الكلام .
أما أن تقول هذا الكلام مع فهمك لها الفهم الصحيح فهذه كارثة وخطأ كبير بل هو الخطأ القاتل الشنيع .
هذه القاعدة متفق عليها وهي أصل من أصول الشريعة الإسلامية ومبنية على كثير من الأدلة الصحيحة تصل إلى درجة التواتر المعنوي . ومعناها : أن الأفعال التي يُتقرب بها إلى الله محصورة ، وهي مقصورة على مصدر واحد وهو الوحي ، فهي إنما تؤخذ من الشرع وحده ، فلا يجوز لأحد أن يتعبد الله وينسبه للشرع بما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى . ومن نسب للشرع أي عبادة وأدعى أنها مشروعة من قبل الله لا يصدق ولا تعتبر عبادته حتى يأتي بالدليل الشرعي أن الله فرضها على المكلفين .
فهذه القاعدة تفيد أن من تعبد الله بما شرعه فعبادته مشروعة مأذون فيها. وأن من تعبد الله بما لم يشرعه فعبادته باطلة مردودة . لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بما شرع ، وهذا مقتضى توحيد الله والإيمان به ، وهو توحيد الإتباع ، وهو أحد شرطي العمل الصالح ؛ إذ لا بد لقبول العمل من شرطين : الإخلاص والمتابعة .
فهذه القاعدة تختص بالشرط الثاني ، وهو شرط المتابعة .
قال تعالى : " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " [الكهف: 110]
وقد وردت هذه القاعدة بعدة الألفاظ منها :
- " الأصل في العبادات البطلان ".
- "الأصل في العبادات المنع "
- " الأصل في العبادات المنع إلا ما شرعه الله "
- " الأصل في العبادات المنع والحظر إلا ما جاء به الشارع "
- " الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم "
- " الأصل في العبادات التوقيف"
وهذه الألفاظ كلها تدل على معنى واحد ، وهو أن العبادة التي لم يأت بها الشرع محرمة ممنوعة ، ثم إن وقعت فإنها تقع باطلة مردودة ، فحكمها يدور بين المنع والحظر والبطلان والرد .
ومعنى قول العلماء : " الأصل في العبادات التوقيف " أو " العبادات توقيفية " ، يعني أن العبادات في الشرع لا تؤخذ ولا تثبت بطريق الرأي والاجتهاد ، وإنما تؤخذ من جهة الوحي المجرد.
هذا ولقد تكاثرت الأدلة الدالة على " أن الأصل في العبادات الحظر ( المنع ) " ويمكن أن يقال : إنها بلغت مبلغ التواتر المعنوي . حيث تضافرت على تقرير هذه القاعدة : نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين وأئمة الهدى والدين . ولولا خشية الإطالة لبينت لك كل هذا بالتفصيل .
واستطيع أن أجمل أدلة هذه القاعدة بما يلي :
1- الأدلة الدالة على أن الحكم والتشريع لله وحده ؛ إذ لا يجوز إثبات حكم شرعي بغير الأدلة الشرعية التي جعلها الله طريقاً لمعرفة أحكامه وهذا أصل عظيم من أصول هذا الدين .
2- الأدلة الدالة على وجوب إتباع الوحي ، والعمل بالنصوص ، والاعتصام بالكتاب والسنة ، بل إن هذا مقتضى توحيد الله والإيمان به .
3- الأدلة الدالة على تحريم القول على الله بغير علم .
4- الأدلة الدالة على ذم الابتداع في الدين .
وإليك بعض الأدلة من صحيح السنة التي توضح المقصود من هذه القاعدة :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » ( متفق عليه ) وفي رواية لمسلم: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ».
- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه قال- : " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي r يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدًا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا .
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " ( أخرجه البخاري )
- دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب ، فرآها لا تتكلم فقال : "ما لها لا تكلم ؟ " قالوا : حجَّت مصمته . قال لها : " تكلمي ، فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية " فتكلمت فقالت : من أنت ؟ قال : " امرؤ من المهاجرين " قالت : أي المهاجرين ؟ قال : " من قريش" قالت : من أي قريش أنت ؟ قال: "إنك لسؤول ، أنا أبو بكر " ( أخرجه البخاري )
معنى قوله رضي الله عنه : "من عمل الجاهلية " أي مما انفرد به أهل الجاهلية ، ولم يشرع في الإسلام .
وأخيرا أقول : هل بعد هذا البيان ما زلت مصراً على أن : قاعدة : ( الأصل في العبادات المنع والحظر إلا ما جاء به الشارع ) جملة لا معنى لها ، وأنها خطأ قاتل شنيع . ؟؟

يتبع إن شاء الله

[/align]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-14-2012, 10:17 PM
مراقب مراقب غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 146
افتراضي مداخلة المسعري رقم 1

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الرد الاول من قبل المسعري على مشاركات الشيخ ضياء حفظه الله تعالى نقلناها لكم من منتدى المسعري نصاً .


كتب المسعري ما يلي :
____________________________________________

بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّه وخَلِيلُه، وخِيرَتُه مِنْ خَلْقِهِ وحَبِيبُه.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَالَ اللَّه، جَلَّ جَلَالُهُ، وسما مَقَامَهُ: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، (النَّحْلِ؛16: 125)؛ وَقَالٍ تَبَارَكْتَ أَسْمَاؤُهُ: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، (فَصَلَّتْ؛ 41: 33).

يبدوا أن الأستاذ ضياء الدين القدسي لم يسبق له طلب العلم كما ينبغي، ولم يتعلم أصول المناظرة السليمة التي يراد بها الوصول إلى الحق، وإلا لعلم أن المناظرة تعني أن أحد الطرفين يخالف الطرف الآخر في مقولة معينة، فيقوم ببيان بطلانها، أو على الأقل بإبراز مسوغات تشكك في صحتها، وربما زاد: فتقدم بمقولة بديلة محررة، مع تقديم الأدلة على صحتها: هكذا تكون (المناظرة)، كما هو مفصل في موضع آخر.

أما مجرد توجيه الأسئلة المجردة، والسؤال عن كيفية الوصول إلى نتيجة معينة، من جنس:
(1) - (فماذا فهم العرب من هذه الكلمة حسب لغتهم عندما دعاهم الرسول عليه السلام أن يكونوا من أهلها؟ وهل هناك بيان محكم لمعنى هذه الكلمة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة؟ وكيف توصلت أنت لهذا المعنى التي قلت عنه أنه معنى كلمة " لا إله إلا الله "؟
(2) - (ماذا تقصد بكلمة باطل؟ هل باطل هنا بمعنى شرك وفاعله مشرك سواء أقيمت عليه الحجة أم لا؟ أم تقصد أنه غير صحيح وغير مقبول وكفى، ولا يترتب عليه حكماً على الشخص بأنه مشرك إن فعله؟
(3) - (هل أفهم من كلامك هذا أن من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»، أي صفات «استحقاق العبادة»، من «القيومية» أي «وجوب الوجود»، أي القيام بالنفس والغنى عن الغير، واتصافها بالقدرة الذاتية المستقلة المطلقة، المنزهة عن كل قيد أو شرط: في الخلق من عدم، وفي التصوير، والتكوين، والقهر والتدبير، والأمر والنهي،...، لا شيء يتصف بذلك إلا الله، يكون قد حقق كلمة التوحيد وأتى بما طلبته منه الرسل ليدخل دين الله.؟)؛... إلخ.
أقول مجرد توجيه الأسئلة المجردة، والسؤال عن كيفية الوصول إلى نتيجة معينة، ليس هو شأن المناظر، وإنما هو شأن الدارس وطالب العلم؛ وهذا لا بأس به، بل هو مطلب حيوي. والدارس الجاد يعلم أنه لن يستوعب علماُ ما، أو مادة ما، أو كتاباً حتى يستكمل قراءته. وحتى في هذه لم يتعب الأستاذ المقدسي نفسه بقراءة كتاب التوحيد كاملاً، ولا حتى بمجرد تصفحه، وإلا:
(1) - لعلم، مثلاً، علم يقين أننا نقول: (أن الأصل في الأشياء، والأفعال، والأقوال الإباحة)، وقد أصلنا ذلك – بحمد الله – على نحو لم نسبق إليه، إلا من الإمام الفقيه الحافظ الحجة أبي محمد علي بن حزم في أجزاء جوهرية منه. فلا معنى إذاً لتساؤله أصلاً: (ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط. وقال الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل على حرمتها؟ هل مثل هذا الشخص لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله في الإتباع؟)؛ لا سيما أن الجملة: (ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط) كلام فارغ، وهراء محض.
(2) - ولعلم – أيضاً – علم يقين، أننا لا نبالي بالفرق بين «الألوهية»، «الربوبية»، لأنهما - في التحليل النهائي - شيء واحد، ولا بالقسمة التقليدية الساقطة للتوحيد: «ألوهية»، «ربوبية»، و«أسماء وصفات» ولعلم أن عامة كتابنا (كتاب التوحيد: أصل الإسلام، وحقيقة التوحيد)، إنما هو تفنيد وهدم لهذه القسمة السطحية الركيكة، التي هي في الحقيقة: {قِسْمَةٌ ضِيزَى}، (النجم؛ 53: 22).

لذلك فإن نصيحتي الأخوية للأستاذ ضياء الدين القدسي:

أولاً: أن يدرس الكتاب بتدقيق وعناية أكبر، وإني على أتم الاستعداد للتواصل معه للتدارس المدقق والمناقشة المستفيضة مشافهة بواسطة (Skype)؛ ثم لتكن المناظرة بعد ذلك، إن شاء، وإن كنت أحتسب على الله أن لا تكون حينئذ ثمة حاجة إليها أصلاً.

ثانياً: أن يتحرر من وسوسة الحكم بالشرك أو الكفر على المعين، وأن يتباعد عن الدخول في متاهة العذر بالجهل، وغيره؛ حتى يتم استيعاب الأصول استيعاباً تاماً، وتحرير أمهات المسائل تحريراً متقناً. هذه الحالة النفسية تتضح بجلاء من أمثال الجمل التالية: (أم تقصد أنه غير صحيح وغير مقبول وكفى، ولا يترتب عليه حكماً على الشخص بأنه مشرك إن فعله؟)؛ (هل أفهم من كلامك هذا أن من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»،.....إلخ، إلخ، يكون قد حقق كلمة التوحيد وأتى بما طلبته منه الرسل ليدخل دين الله.؟ فما هي هذه الصفات؟ وما أدلتها؟ وهل يعذر الجهل فيها؟)؛ (وما حكم من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»،....، وهل من نطق بكلمة التوحيد وهو لا يعرف هذه المعاني (معاني كلمة التوحيد) يدخل الإسلام ظاهراً؟)؛ ( ما حكم من اعتقد هذه الأمور ولكنه خالف أحدها بالعمل؟ وهل يعذر بجهله؟ وهل يكفي لدخول الإسلام أن يعتقد الشخص أنه لا شيء يستحق أن يطاع لذاته، فيتلقى أمره بالقبول، والرضا، والتسليم، والمحبة، والاحترام، والتعظيم، والطاعة إلا الله، وغيره فإنما يطاع بأمر الله، بدون أن يعرف حكم من لا يعتقد ذلك؟)؛ (وما حكم من يفهم قولك، بأنه ما دام معنى كلمة الشهادة هذه الآية فيكفي حتى يدخل المرء الإسلام أن يقول أو يعتقد أن الله هو الحق وما عداه باطل؟)؛ (وما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد دون معرفة معناها؟)؛ ( هلا بينت لي كيفية نفي الألوهية كلها عن غير الله نفياً باتاً قاطعاً مطلقاً. وكيف تُطَبَّق من الناحية العملية؟ هلّا بينت لي ما معنى الكفر بكل «معبود»، أي كل «إله»، أو كل «رب»، إلا الله؟ وهلّا بينت لي كيفية هذا الكفر من الناحية العملية؟ وما هو معنى "البراءة منه" ومعنى "رفضه" من الناحية الاعتقادية والعملية؟)؛ (هل يكفي لأن يدخل المرء الإسلام ويحقق الركن الأول لكلمة التوحيد قوله: كفرت بكل معبود من دون الله وتبرأت منه ورفضته وهو لا يعرف كيفية الكفر به، ولا يعرف من هو المعبود وكيفية عبادته، ولا يعرف معنى وكيفية البراءة منه، ولا يعرف كيف يكون رفضه من الناحية العملية؟)؛ (ما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد وهو لا يعرف ركني شهادة التوحيد كما بينته أنت هنا؟ وما هي الأعمال والأقوال التي تدل على أن الشخص لم يكفر بالطاغوت؟ وهل يدخل الإسلام من لا يعرف ما هو الطاغوت وكيفية الكفر به؟)؛ (وهل يكفي البراءة مما يعبد بدون البراءة من العابد؟ وإن قلت لا يكفي فما معنى البراءة من العابد؟ وما حكم الذي يتبرأ من المعبود ولا يتبرأ من العابد؟ هل من يحكم على العابد بالإسلام قد تبرأ منه؟ وهل ينعقد الإسلام بدون الكفر بمن لا يكفر بالطاغوت؟)؛ (وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله بدون أن يفهم هذا المعنى الذي بينتَه لشهادة محمد رسول الله؟ وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله واتبع غير رسول الله، صلى الله عليه وسلم،؟ وما حكم من لم يطع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأطاع غيره عن علم؟)؛... إلخ. هذا كله جاء في نص قصير لا يتجاوز عدة صفحات، مما يشعر بحالة نفسية، أقرب إلى الوسوسة والهوس. ]
اهـ كلامه .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-15-2012, 10:31 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
الرد على مداخلة الأستاذ المسعري رقم 4
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : يبدوا أن الأستاذ ضياء الدين القدسي لم يسبق له طلب العلم كما ينبغي ، ولم يتعلم أصول المناظرة السليمة التي يرادبها الوصول إلى الحق ، وإلا لعلم أن المناظرة تعني أن أحد الطرفين يخالف الطرف الآخر في مقولة معينة ، فيقوم ببيان بطلانها ، أو على الأقل بإبراز مسوغات تشكك في صحتها ،وربما زاد : فتقدم بمقولة بديلة محررة ، مع تقديم الأدلة على صحتها: هكذا تكون)المناظرة)، كما هو مفصل في موضع آخر.

أقول ( ضياء الدين ) : قولك بأني لم أطلب العلم كما ينبغي ، هذا رأيك وعليك إثباته ، والاتهام بدون إثبات ليس صعباً على أحد . وأدعوك أن تثبت ما قلته عني بالأدلة من خلال الحوار بيننا ، ولن أقول لك ما قلته عني قبل أن أثبت لك بالأدلة الواضحة الصريحة تدني فهمك لنصوص الشرع وكلام العلماء المعتبرين ، وأدعوك أن تلتزم بآداب الحوار العلمي وأن لا تتهم محاورك بدون إثبات ودليل واضح . ولا تنس أن رأيك المجرد من الدليل وقناعتك بي ليس هو دليل علمي على صحة هذه القناعة . بل القول بحق الغير العاري عن الدليل المعتبر هو افتراء في حكم الشرع .
أما ما تسميه " أصول المناظرة السليمة " والتي وصفتني بأني لم أتعلمها ، فلا أدري من أين أنت جئت بها ومن أين تعلمتها ؟
من قال لك أن توجيه أسئلة للمناظر تخالف أصول المناظرة السليمة ؟؟!!
ومن أين تعلمت هذا ؟
ثبت العرش ثم انقش .
لو كنتََ مطلعاً على المناظرات التي كانت تحدث بين علماء الأمة ومخالفيهم لما قلت هذا الكلام .
ولولا خشية الإطالة لجئتك بأمثلة عديدة منها تبين خطأ قولك وعدم معرفتك أنت لأصول المناظرة السليمة . وأكتفي بمثالين واحدهما يكفي بالمطلوب :
المثال الأول : مناظرة الرسول عليه الصلاة والسلام مع أحد كبار المشركين وهو حصين بن المنذر الخزاعي .
روى البيهقي وغيره بسند حسن : انه لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته بين الناس .. حاول كفار قريش أن ينفروا الناس عنده ..
فقالوا : ساحر .. كاهن .. مجنون ..
لكنهم وجدوا أن أتباعه يزيدون ولا ينقصون ..
فأجتمع رأيهم على أن يغروهبمال ودنيا ..
فأرسلوا إليه حصين بن المنذر الخزاعي .. وكان من كبارهم ..
فلما دخل عليه حصين .. قال : يا محمد .. فرقت جماعتنا .. وشتت شملنا .. وفعلت .. وفعلت .. فان كنت تريد مالأ جمعنا لك حتى تكون أكثرنا مالآ .. وان أردت نساءزوجناك أجمل النساء .. وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا .. ومضى في كلامه وإغرائه .. والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت اليه ..
فلما انتهى من كلامه .. قال له صلىالله عليه وسلم : أفرغت يا أبا عمران ..
قال : نعم ..
قال : فأجبني عما أسألك ..
قال : سل عما بدا لك ..
قال : يا أبا عمران .. كم إلها تعبد ؟
قال : أعبدسبعة .. ستة في الأرض .. وواحداً في السماء !!
قال : فإذا هلك المال .. من تدعوا؟!!
قال : أدعو الذي في السماء ..
قال : فإذا انقطع القطر من تدعوا ؟
قال : أدعوا الذي في السماء ..
قال : فإذا جاع العيال .. من تدعوا ؟
قال : أدعواالذي في السماء ..
قال : فيستجيب لك وحده .. أم يستجيبون لك كلهم ..
قال : بليستجيب وحده ..
فقال صلى الله عليه وسلم : يستجيب لك واحد .. وينعم عليك وحده .. وتشركهم في الشكر .. أم أنك تخاف أن يغلبوه عليك ..
قال حصين : لا .. ما يقدرواعليه ..
فقال صلى الله عليه وسلم : يا حصين .. أسلم أعلمك كلمات ينفعك الله بهن .. "

المثال الثاني : مناظرة بين زعيم المعتزلة ابن أبي دواد وأحد علماء المسلمين :

" ويـُروى أن الخليفة الواثق أُتـِيَ إليه بشيخ مقيـّد يقول بقدم القرآن ليمتحنه. فلما أُدخل قال:‏ ‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين.‏ ‏ فقال الواثق :‏ ‏ لا سلـَّم الله عليك.‏ ‏ قال الشيخ :‏ ‏ يا أمير المؤمنين ، بئس ما أدّبك به مؤدبك. قال الله تعالى : ( وإذا حـُيـِّيتم بتحيـَّة فحيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها ). والله ما حيـَّيتني بها ولا بأحسن منها .‏ ‏ فقال ابن أبي دواد :‏ ‏ يا أمير المؤمنين ، هذا رجل متكلم .‏ ‏ قال الواثق : كـَلـِّمـْه.‏ ‏ فقال:‏ ‏ يا شيخ ، ما تقول في القرآن : مخلوق هو أو غير مخلوق ؟‏ ‏ قال الشيخ :‏ ‏ أنا أسألك قبل :‏ ‏ فقال له : سـَلْ .‏ ‏ قال الشيخ :‏ ‏ ما تقول في القرآن ؟‏ ‏ فقال : مخلوق .‏ ‏ قال الشيخ :‏ ‏ هذا شيء عـَلـِمـَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ، أم شيء لم يعلموه ؟‏ ‏قال ابن أبي دواد :‏ ‏ شيء لم يعلموه .‏ ‏ فقال :‏ ‏ سبحان الله ! شيء لم يعلمه النبي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ ، عـَلـِمـْتـَه أنت ؟!‏ ‏ فخجل ابن أبي دواد ، وقال: أَقـِلـْني.‏ ‏ قال : والمسألة بحالها ؟‏ ‏ قال : نعم .‏ ‏ قال : ما تقول في القرآن .‏ ‏ قال : مخلوق .‏ ‏ قال : هذا شيء عـَلـِمه النبي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه ؟‏ ‏ قال : علـِمـُوه .‏ ‏ قال : هل دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت أو سكتوا ؟‏‏ قال : بل سكتوا .‏ ‏ قال الشيخ : فهلاّ وَسـِعـَكَ ما وَسـِعـَهم من السكوت ؟!‏ ‏فقام الواثق ودخل مجلس الخـَلوة واستلقى على قفاه ، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول : هذا شيء لم يعلمه النبي ولا الخلفاء الراشدون ، علمته أنت ؟ سبحان الله ، هذا شيء علمه النبي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه ، أفلا وسعك ما وسعهم ؟!‏ ‏ثم دعا الحاجب ، وأمره أن يرفع عن الشيخ قيوده ، ويـُعطيـَه أربعمائة دينار . وسقط من عينه ابن أبي دواد ، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً. ‏" " تاريخ بغداد " للخطـيب البغدادي .


قولك : أما مجرد توجيه الأسئلة المجردة ،والسؤال عن كيفية الوصول إلى نتيجة معينة ، من جنس: (1) - (فماذا فهم العرب من هذه الكلمة حسب لغتهم عندما دعاهم الرسول عليه السلام أن يكونوا من أهلها ؟ وهل هناك بيان محكم لمعنى هذه الكلمة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة ؟ وكيف توصلت أنت لهذا المعنى التي قلت عنه أنه معنى كلمة " لا إله إلا الله " ؟)؛
(2) - ( ماذا تقصد بكلمة باطل ؟ هل باطل هنا بمعنى شرك وفاعله مشرك سواء أقيمت عليه الحجة أم لا ؟ أم تقصد أنه غير صحيح وغير مقبول وكفى ، ولا يترتب عليه حكماً على الشخص بأنه مشرك إن فعله ؟ ) ؛
(3) - (هل أفهم من كلامك هذا أن من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»، أي صفات « استحقاق العبادة » ، من « القيومية » أي « وجوب الوجود » ، أي القيام بالنفس والغنى عن الغير ، واتصافها بالقدرة الذاتية المستقلة المطلقة ، المنزهة عن كل قيد أو شرط : في الخلق من عدم ، وفي التصوير ، والتكوين ، والقهر والتدبير، والأمر والنهي ،...، لا شيء يتصف بذلك إلا الله ، يكون قد حقق كلمة التوحيد وأتى بما طلبته منه الرسل ليدخل دين الله.؟ ) ؛... إلخ.
أقول مجرد توجيه الأسئلة المجردة ، والسؤال عن كيفية الوصول إلى نتيجة معينة ، ليس هو شأن المناظر ، وإنما هو شأن الدارس وطالب العلم ؛ وهذا لا بأس به ، بل هو مطلب حيوي .

أقول ( ضياء الدين ) : لقد أثبت لك بعون الله بمثالين ، الواحد منهما يكفي لبيان عدم صحة كلامك هذا . ولولا خشية الإطالة والدخول في مسائل فرعية بعيدة عن موضوع الرد على الكتاب لزدتك من هذه الأمثلة . ولكن مثال واحد يكفي لمن أراد الحق ، ولقد أتيت بمثالين .
وعندما تجبني على أسئلتي سأبين لك الغاية والهدف من سؤالها . وآمل أن تجيب عليها ولا تتحجج للهروب من الإجابة بحجج واهية وشروط ما أنزل الله بها من سلطان .

قولك : والدارس الجاد يعلم أنه لن يستوعب علماُ ما ، أو مادة ما ، أو كتاباً حتى يستكمل قراءته. وحتى في هذه لم يتعب الأستاذ المقدسي نفسه بقراءة كتاب التوحيد كاملاً ، ولا حتى بمجرد تصفحه،

أقول ( ضياء الدين ) : هذا مجرد رجم بالغيب وظن ليس عليه دليل .
والأسئلة التي سألتك إياها لا يوجد جواب لها في كتابك . وإن كان كلامي هذا خطأ فأدعوك أن تبين لي أين أجبت على مثل هذه الأسئلة في كتابك ؟ ولك الشكر .

قولك : وإلا:
(1) – لعلم ، مثلاً ، علم يقين أننا نقول : (أن الأصل في الأشياء ، والأفعال ، والأقوال الإباحة)، وقد أصلنا ذلك – بحمد الله – على نحو لم نسبق إليه ، إلا من الإمام الفقيه الحافظ الحجة أبي محمد علي بن حزم في أجزاء جوهرية منه.

أقول ( ضياء الدين ) : سبحان الله وبحمده !!
أين ومتى سألتك هل تقول أو لا تقول بقاعدة : " الأصل في الأشياء ، والأفعال ، والأقوال الإباحة " ؟
أنا أعلم أنك تقول بهذه القاعدة ، وليس أنت ولا ابن حزم فقط يقولان بهذه القاعدة يا أستاذ كما تظن متفاخراً .
فهذه قاعدة قال بها قبل ابن حزم أكثر علماء الحنفية وأكثر علماء الحنابلة وبعض الشافعية وأبو الفرج المالكي من المالكية . فكيف تقول أنه لم يسبقك إليها إلا ابن حزم ؟
أما عن قولك بأنك أصلت لهذه القاعدة على نحو لم يسبقك أحد إليه فسيأتي إن شاء الله الرد على هذا الكلام في مكانه .

قولك : فلا معنى إذاً لتساؤله أصلا : (ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط . وقال الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل على حرمتها ؟ هل مثل هذا الشخص لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله في الإتباع ؟ )؛

أقول ( ضياء الدين ) : أنت قلتَ : " وحتى الاتباع في « المباحات » يحتاج إلى دليل ، لأن الإباحة حكم شرعى تكليفي ، والاتباع في المباح ، أي في « الأحكام التخييرية » ، كالاتباع في غيره من « الأحكام التكليفية »: من واجب ، أو مندوب ، أو مكروه ، أو حرام .. ؟"

أقول : فهذا الكلام يفيد أن المباحات عندك تحتاج لدليل لإباحتها كباقي الأحكام الشرعية التكليفية . لهذا سألتك : ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط . وقال الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل على حرمتها ؟
فأنا سألتك هنا عن حكم من لا يبحث عن دليل المباحات ؟ ولم أسألك هل تقول أو لا تقول بقاعدة : ( أن الأصل في الأشياء ، والأفعال ، والأقوالالإباحة )
فهل سؤالي هذا لا معنى له وأنه يدل على أنني لا أعرف أنك تقول : ( أن الأصل في الأشياء ، والأفعال ، والأقوال الإباحة ) ؟؟

قولك : لا سيما أن الجملة : (ما حكم من لم يبحث عندليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط ) كلام فارغ ، وهراء محض .

أقول ( ضياء الدين ) : كيف أصبح السؤال عن حكم من لم يبحث عن دليل للمباحات وبحث عن دليل التحريم فقط ، كلام فارغ وهراء محض ؟؟
ألم تقل أنت أنه : " حتى الإتباع في « المباحات » يحتاج إلى دليل ، لأن الإباحة حكم شرعى تكليفي ..؟
فأنا سألتك عن حكم من يقول : لا يحتاج الإتباع في « المباحات » إلى دليل . فهل مثل هذا السؤال كلام فارغ وهراء محض ؟؟

قولك :) ولعلمأيضاً – علم يقين ، أننا لا نبالي بالفرق بين « الألوهية » ، « الربوبية » ، لأنهما - فيالتحليل النهائي - شيء واحد ، ولا بالقسمة التقليدية الساقطة للتوحيد: « ألوهية» ، «ربوبية»، و« أسماء وصفات » ولعلم أن عامة كتابنا (كتاب التوحيد : أصل الإسلام ، وحقيقةالتوحيد)، إنما هو تفنيد وهدم لهذه القسمة السطحية الركيكة ، التي هي في الحقيقة: {قِسْمَةٌ ضِيزَى}، (النجم؛ 53: 22).

أقول ( ضياء الدين ) : أنت هنا تقول : أنك لا نبالي بالفرق بين « الألوهية » و « الربوبية » . إذاً هل تعتبر كلامك الذي استعملت به كلمة ( ألوهية ) صحيحاً إن وضعنا مكانها كلمة " ربوبية " ؟
كما يلي :
"لا شيء يتمتع بصفات « الربوبية »، أي صفات « استحقاق العبادة »، من « القيومية » أي و« جوب الوجود»، أي القيام بالنفس والغنى عن الغير ، واتصافها بالقدرة الذاتية المستقلة المطلقة ، المنزهة عن كل قيد أو شرط : في الخلق من عدم ، وفي التصوير ، والتكوين ، والقهر والتدبير ، والأمر والنهي ، ...، لا شيء يتصف بذلك إلا الله ، وإن نسب بعض ذلك إلى غيره ، فكذب وإفك ، وخيال باطل ووهم ، خلاف الواقع والحقيقة."

قولك : لذلك فإن نصيحتي الأخوية للأستاذ ضياء الدين القدسي :
أولاً: أن يدرس الكتاب بتدقيق وعناية أكبر ، وإني على أتم الاستعداد للتواصل معه للتدارس المدقق والمناقشة المستفيضة مشافهة بواسطة (Skype) ؛ ثم لتكن المناظرة بعد ذلك ، إن شاء ، وإن كنت أحتسب على الله أن لا تكون حينئذ ثمة حاجة إليها أصلاً .

أقول ( ضياء الدين ) : ستعلم من خلال حواري معك وردي على الأخطاء الشنيعة التي جاءت في كتابك أنني قرأت كتابك ودرسته بتدقيق وعناية كبيرة . وآمل منك أن لا تتهرب من الإجابة على أسئلتي بحجج واهية عرفناها جيداً .


قولك : ثانياً: أن يتحرر من وسوسة الحكم بالشرك أو الكفر على المعين ، وأن يتباعد عن الدخول في متاهة العذر بالجهل ، وغيره ؛ حتى يتم استيعاب الأصول استيعاباً تاماً ، وتحرير أمهات المسائل تحريراً متقناً.

أقول ( ضياء الدين ) : هل تسمي السؤال والبحث عن حكم المعين معلوم الحال ومكانته في الشريعة ، والسؤال عن حكم العذر بالجهل في أصل الدين ، وسوسة ومتاهات يجب الابتعاد عنها حتى يتم استيعاب الأصول استيعاباً تاماً وتحرير أمهات المسائل تحريراً متقنا ؟؟!!
أي أصول هذه وأي أمهات مسائل تقصد والتي تريد أن نستوعبها قبل أن نستوعب كيفية معرفة أصل دين الله الذي تدعيه ؟
هل معرفة أصل دين الإسلام ومعرفة من هو المشرك ومن هو الموحد بشكل معين يحتاج لمعرفة واستيعاب الأصول وأمهات المسائل ؟؟
وما هي هذه الأصول وأمهات المسائل التي يجب استيعابها قبل التكلم بأصل الدين وما يقتضيه على أرض الواقع ؟
أليس معرفة حكم المعين معلوم الحال من أصل الدين ؟
أليس معرفة حكم العذر بالجهل في أصل الدين من أصل الدين ؟
هل تستطيع أن تعرف أصل دين التوحيد بدون أن تعرف حكم المعين معلوم الحال الذي يخالفه ؟
وهل تستطيع أن تعرف أصل دين التوحيد بدون أن تعرف حكم من يجهله وهل يعذر بجهله به أم لا في أحكام الدنيا ؟

قولك : هذه الحالة النفسية تتضح بجلاء من أمثال الجمل التالية : (أم تقصد أنه غير صحيح وغير مقبول وكفى ، ولا يترتب عليه حكماً على الشخص بأنه مشرك إن فعله ؟ ) ؛ (هل أفهم من كلامك هذا أن من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»،.....إلخ، إلخ، يكون قد حقق كلمة التوحيد وأتى بما طلبته منه الرسل ليدخل دين الله.؟ فما هي هذه الصفات ؟ وما أدلتها ؟ وهل يعذر الجهل فيها ؟ )؛ (وما حكم من اعتقد أنه لا شيء يتمتع بصفات «الألوهية»،....، وهل من نطق بكلمة التوحيد وهو لا يعرف هذه المعاني (معاني كلمة التوحيد) يدخل الإسلام ظاهراً ؟ )؛ (ما حكم من اعتقد هذه الأمور ولكنه خالف أحدها بالعمل ؟ وهل يعذر بجهله ؟ وهل يكفي لدخول الإسلام أن يعتقد الشخص أنه لا شيء يستحق أن يطاع لذاته ، فيتلقى أمره بالقبول، والرضا، والتسليم، والمحبة، والاحترام، والتعظيم، والطاعة إلا الله،وغيره فإنما يطاع بأمر الله ، بدون أن يعرف حكم من لا يعتقد ذلك؟)؛ (وما حكم من يفهم قولك ، بأنه ما دام معنى كلمة الشهادة هذه الآية فيكفي حتى يدخل المرء الإسلام أن يقول أو يعتقد أن الله هو الحق وما عداه باطل ؟ )؛ (وما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد دون معرفة معناها ؟ ) ؛ (هلا بينت لي كيفية نفي الألوهية كلها عن غير الله نفياً باتاً قاطعاً مطلقاً. وكيف تُطَبَّق من الناحية العملية ؟ هلّا بينت لي ما معنى الكفر بكل «معبود»، أي كل «إله»، أو كل «رب»، إلا الله ؟ وهلّا بينت لي كيفية هذا الكفر من الناحية العملية ؟ وما هو معنى "البراءة منه" ومعنى "رفضه" من الناحية الاعتقادية والعملية ؟ )؛ (هل يكفي لأن يدخل المرء الإسلام ويحقق الركن الأول لكلمة التوحيد قوله : كفرت بكل معبود من دون الله وتبرأت منه ورفضته وهو لا يعرف كيفية الكفر به ، ولا يعرف من هو المعبود وكيفية عبادته ، ولا يعرف معنى وكيفية البراءة منه ، ولا يعرف كيف يكون رفضه من الناحية العملية ؟ ) ؛ (ما حكم من تلفظ بكلمة التوحيد وهو لا يعرف ركني شهادة التوحيد كما بينته أنت هنا ؟ وما هي الأعمال والأقوال التي تدل على أن الشخص لم يكفر بالطاغوت ؟ وهل يدخل الإسلام من لا يعرف ما هو الطاغوت وكيفية الكفربه ؟) ؛ (وهل يكفي البراءة مما يعبد بدون البراءة من العابد ؟ وإن قلت لا يكفي فما معنى البراءة من العابد ؟ وما حكم الذي يتبرأ من المعبود ولا يتبرأ من العابد ؟ هل من يحكم على العابد بالإسلام قد تبرأ منه ؟ وهل ينعقد الإسلام بدون الكفر بمن لا يكفر بالطاغوت ؟) ؛ (وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله بدون أن يفهم هذا المعنى الذي بينتَه لشهادة محمد رسول الله ؟ وما حكم من شهد أن محمداً رسول الله واتبع غير رسولالله ، صلى الله عليه وسلم ؟ وما حكم من لم يطع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،وأطاع غيره عن علم ؟)؛... إلخ. هذا كله جاء في نص قصير لا يتجاوز عدة صفحات ، مما يشعر بحالة نفسية ، أقرب إلى الوسوسة والهوس .

أقول ( ضياء الدين ) : سبحانك ربي !
تحول الحوار إلى حالة مريض جاء لعند طبيب فكان تشخيص الطبيب له كما يلي :
كل هذه الأسئلة لأنها جاءت في نص قصير لا يتجاوز عدة صفحات يعني أن من سألها يشعر بحالة نفسية ، أقرب إلى الوسوسة والهوس.
العلاج :
1- التحرر من وسوسة الحكم بالشرك أو الكفر على المعين .
2- التباعد عن الدخول في متاهة العذر بالجهل ، وغيره ؛ حتى يتم استيعابالأصول استيعاباً تاماً ، وتحرير أمهات المسائل تحريراً متقناً.
3- إتباع كل ما جاء في كتاب ( التوحيد ) للمسعري بدون التحري عن مدى صحته وخطئه .
ما شاء الله ! أحسن طريقة للتهرب من الجواب . ضرب المحاور الضربة القاضية قبل سماع الناس لكلامه . وكأننا في حلبة مصارعة .
يا أستاذ المسعري : كان الأولى بك أن تجيب على هذه الأسئلة بدل أن تهرب من الإجابة عنها بحجج واهية واتهامات لا تليق بمن يريد الحق .
ولقد رأينا أحوال من كنا نسأله مثل هذه الأسئلة التي يجب أن يعرفها أبسط موحد كيف يتحول حاله ليتهرب من الإجابة عنها وخاصة عندما يعلم أن بعد الجواب سيكون هناك سؤال عن الدليل .

[/align]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-16-2012, 08:56 AM
مراقب مراقب غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 146
افتراضي مداخلة من قبل إدارة التجديد .

بسم الله الرحمن الرحيم .
تدخلت إدارة التجديد بما نصه :
________________________________________

الأخ ضياء الدين القدسي، ليستفيد الجميع من المناظرة نرجو منك الإلتزام بشروط المناظرة وتجدها على هذا الرابط
: {تم حذف الرابط من قبل إدارة منتدى دعوة الحق}

وبالتحديد الفقرة التالية:
8) عدم توجيه الأسئلة المجرّدة، والسؤال عن كيفية الوصول إلى نتيجة معينة، فليس هذا شأن المناظر، وإنما هو شأن الدارس وطالب العلم.


وأيضاً الفقرات التالية:
2) لابد من تحديد دقيق لموضوع المناظرة ومن ثم تحديد عناصره الأساسية، مثال ذلك: - كتاب التوحيد - البـــاب الثاني: ماهية الوحي و(الذكر المنزَّل)، وهكذا .3) الاكتفاء بمسألة واحدة بعينها أثناء المناظرة، وعدم التشعب أو الانتقال منها إلى أخرى قبل إشباعها، وحسمها ومناقشتها نقاشا كاملا مستفيضا .
4) تلخيص القول قبل البسط وقبل ذكر الأدلة و الأمثلة، فيعرض رأيه الصريح ملخصا بكلام واضح لا احتمال فيه (دون عرض احتمالات بديلة)، كالحُكم على مسألة ما بالخطأ أو الصواب، ثم الانتقال بعد ذلك ببسط الكلام بالأدلة والأمثلة.

ودمتم في رعاية الله
الإدارة ] . إهـ

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-16-2012, 07:01 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
إلى الأستاذ المسعري وإدارة منتدى التجديد :
أسئلتي لم تكن أسئلة مجردة لا تتعلق بما كتب في الكتاب .
ألا يحق لي أن أسال الاستاذ عن تفسير ومعنى ما كتبه في كتابه قبل أن أرد عليه؟
ألا يحق لي أن أسأله عن قصده مما كتبه حتى يُفهم جيداً ولا نُقوله ما لم يقل ويقصد .؟
ألا يحق لي أن أسأله عن لوازم قوله وما يلتزمه منه ؟
اسئلتي في المداخلة الأولى كانت في هذا المجال ؟ فلماذا لم يتم الإجابة عنها ؟
ولماذا لم يتم الإجابة على مداخلتي الثانية حتى أنتقل للمواضيع التالية في الكتاب ؟
أطلب من الإستاذ المسعري أن يجيب على الأسئلة التي سألتها له في موضوع ما كتبه في الكتاب والتي لا يوجد جواباً لها في الكتاب وإن وجد ولم أنتبه له أرجو أن يشير لمكانه في الكتاب وله جزيل الشكر .

[/align]

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-21-2012, 03:46 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي الرد الثاني لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله المسعري على الدكتور ضياء الدين

الرد الثاني بتاريخ - 21-07-2012م



بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّه وخَلِيلُه، وخِيرَتُه مِنْ خَلْقِهِ وحَبِيبُه.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَالَ اللَّه، جَلَّ جَلَالُهُ، وسما مَقَامَهُ: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، (النَّحْلِ؛16: 125)؛ وَقَالٍ تَبَارَكْتَ أَسْمَاؤُهُ: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، (فَصَلَّتْ؛ 41: 33).
وبعد: سررت جداً عندما ساق الأستاذ ضياء الدين القدسي روايته لقصة حصين بن عمران الخزاعي التي نسبها إلى البيهقي، ونص على حسن إسنادها، لأن المشهور هو قصة عتبة بن ربيعة المذكورة في أسباب النزول، وكذلك مجادلة نفر من صناديد قريش له بألفاظ مشابهة.
* فأما قصة عتبة بن ربيعة المشهورة فحسبك بها مسندة في تاريخ دمشق لابن عساكر (38/242): [أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي (ح) وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك أخبرنا أبو الحسن بن السقا وأبو محمد بن بالويه قالوا أخبرنا محمد بن يعقوب حدثنا عباس بن محمد حدثنا يحيى بن معين حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأجلح عن الذيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله قال: قال أبو جهل والملأ من قريش لقد انتشر علينا أمر محمد فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فكلمه ثمن أتانا ببيان من أمره فقال عتبة لقد سمعت قول السحر والكهانة والشعر وعلمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان ذلك فأتاه فلما أتاه قال له عتبة يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب أنت خير أم عبد الله قال فلم يجبه قال فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لن فكنت رأسا ما بقيت وإن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة تختار من أي أبيات قريش شئت وإن كان بك المال جمعنا لم من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساكت لا يتكلم فلما فرغ قال رسول الله: {بسم الله الرحمن الرحيم * حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}، فقرأ حتى بلغ {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}، فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم فقال أبو جهل يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته انطلقوا بنا إليه فأتوه فقال له أبو جهل والله يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فإن كان بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمد أبدا وقال لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته فقص عليهم القصة فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة قرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعقلون}، قال يحيى هكذا قال فيه: {لقوم يعقلون}، حتى بلغ: {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}، فأمسكت بفيه وناشدته الرحم يكف وقد علمتم أن محمدا إذا قال شئيا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب]؛ ثم قال ابن عساكر: [أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري أخبرنا أبو سعد الجنزرودي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان (ح) وأخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت قرئ على إبراهيم بن منصور أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قالا أخبرنا أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو بكر حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر؛ زاد ابن حمدان ابن عبد الله قال: [اجتمعت قريش للنبي، صلى الله عليه وسلم، يوما فقال انظروا أعلمكم السحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ما يرد عليه قالوا ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا أنت يا أبا الوليد فأتاه عتبة فقال يا محمد أأنت خير أم عبد الله فسكت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال أنت خير أم عبد المطلب فسكت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منكم فقد عبدوا الآلهة التي عبدت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك إنا والله ما رأينا سخلة قط أشم على قومك منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا فضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضا إلى بعض السيوف حتى تبغانا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش وإن كان إنما بك الباه فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشرا قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أفرغت قال نعم قال فقال رسول الله: {بسم الله الرحمن الرحيم * حم تنزيل من الرحمن الرحيم " حتى بلغ " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}، فأطال عتبة حسبك ما عندك غير هذا قال لا فرجع إلى قريش قالوا ما وراءك قال ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته]؛ زاد ابن المقرئ: (به)؛ [قالوا هل أجابك قال نعم والذي نفسي بيده ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال: {أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} قالوا ويلك يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما قال: قال لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذلك الصاعقة].
ــ وهو من طريق ثانية في تاريخ دمشق لابن عساكر (38/244): [أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي أخبرنا داود بن عمرو الضبي أخبرنا أبو راشد صاحب المغازي عن محمد بن إسحاق حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر أن قريشا اجتمعت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة دعوني حتى أقوم إليه فأكلمه فإني عسى أن أكون أرفق به منكم فقام عتبة حتى جلس إليه فقال يا ابن أخي إنك أوسطنا وأفضلنا فكأنا وقد أدخلت على قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فإن كنت تطلب بهذا الحديث مالا فذلك لك على قومك أن تجمع له حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى لا يكون أحد من قومك فوقك ولا تقطع الأمور دونك وإن كان هذا عن لمم يصيبك لا تقدر عن النزوع عنه بذلنا لك خزائننا حتى يعذر في طلب الطب لذلك منك وإن كنت تريد ملكا ملكناك قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أفرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فقرأ عليه الصلاة والسلام " حم السجدة " حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده خلف ظهره حتى فرغ من قراءتها وقام عتبة لا يدري ما يراجعه به إلى نادي قومه فلما رأوه مقبلا قالوا لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم فجلس إليهم فقال يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده اتركوا الرجل واعتزلوه فوالله ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب فإن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وملكه ملككم وإن يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم قالوا صبأت يا أبا الوليد!]
ــ وهي من طريق ثالثة في تاريخ دمشق لابن عساكر (38/245): [أخبرنا أبو العز بن كادش إذنا ومناولة وقرأ على إسناده أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين أخبرنا المعافى بن زكريا حدثنا أبو بكر بن الأنباري حدثنا محمد بن يحيى المروزي حدثنا أحمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن زياد مولى بني هاشم عن محمد بن كعب القرظي قال: قال عتبة بن ربيعة وهو جالس في نادي قريش ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، منفرد ناحية أريد أن أقوم إلى محمد فأعرض عليه أمرا ليكف عن أمره هذا فأيها شاء أعطينا إذا رجع لنا عن هذا فقالوا له شأنك يا أبا الوليد وكان عتبة سيدا حكيما فجاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له يا ابن أخي إنك منا بحيث قد علمت من السطة في النسب والمكان من العشيرة وإنك قد أتيت قومك بما لم يأت أحد قومه بمثله سفهت أحلامنا وكفرت آباءنا وعبت آلهتنا وفرقت كلمتنا فإن كان هذا لمال تبغيه جمعنا لك أموالنا حتى تكون أيسرنا وإن كنت تميل إلى الرياسة رأسناك علينا ولم نقطع أمرا دونك وإن كان لرئي من الجن يعتادك أعذرنا في الجد والاجتهاد حتى ينصرف عنك فإن الرئي يحمل صاحبه على ما لا يصل معه إلى تركه ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، ساكت يسمع فلما سكت عتبة قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اسمع يا أبا الوليد ما أقول: {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون}، ومضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في القراءة حتى انتهى إلى السجدة فسجد وعتبة مصغ يستمع قد اعتمد على يديه من وراء ظهره فلما قطع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القراءة قال له يا أبا الوليد قد سمعت الذي قرأت عليك فأنت وذاك فانصرف عتبة إلى قريش في ناديها فقالوا والله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي مضى به من عندكم ثم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد فقال والله لقد سمعت من محمد كلاما ما سمعت مثله قط والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي خلوا محمدا واعتزلوه فوالله ليكونن لما سمعت من قوله نبأ فإن أصابته العرب كفيتموه بأيدي غيركم وإن كان ملكا أو نبيا كنتم أسعد الناس به لأن ملكه مدككم وشرفه شرفكم فقالوا هيهات سحرك محمد يا أبا الوليد فقال هذا رأيي لكم فاصنعوا ما شئتم]؛ وقال ابن عساكر بعدها مباشرة في تاريخ دمشق لابن عساكر (38/246): [أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد أخبرنا أحمد بن أحمد أخبرنا أبو طاهر المخلص أخبرنا رضوان بن أحمد إجازة حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن زياد مولى بني هشام عن محمد بن كعب قال حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا حليما؛...؛...إلخ، إلخ].
قلت: كل الطرق آنفة الذكر مرسلة، ولكنها تعضد بعضها بعضاً، ولا شك عندي في صحة الخبر في جوهره.

*وأما مجادلة صناديد قريش فلعلنا نكتفي بنص الإمام ابن كثير كما هو في السيرة النبوية لابن كثير (1/478 - 482): [وَقَدْ رَوَى يُونُسُ وَزِيَادٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ شَيْخٌ مَنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عِلْيَةٌ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وَعَدَّدَ أَسْمَاءَهُمْ، بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عِنْدَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ابْعَثُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فكلموه، وخاصموه حَتَّى تعذروا فِيهِ. فَبَعَثُوا إِلَيْهِ: إِنَّ أَشْرَافَ قَوْمِكَ قَدِ اجْتَمَعُوا لَكَ لِيُكَلِّمُوكَ. فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، سَرِيعًا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ بدالهم فِي أمره بَدو، وَكَانَ حَرِيصًا يُحِبُّ رُشْدَهُمْ وَيَعِزُّ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ، حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِمْ.
فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا قَدْ بَعَثْنَا إِلَيْكَ لِنُعْذِرَ فِيكَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَا نَعْلَمُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ أَدْخَلَ عَلَى قَوْمِهِ مَا أَدْخَلْتَ عَلَى قَوْمِكَ، لَقَدْ شَتَمْتَ الْآبَاءَ، وَعِبْتَ الدِّينَ، وَسَفَّهْتَ الْأَحْلَامَ، وَشَتَمْتَ الْآلِهَةَ وَفَرَّقْتَ الْجَمَاعَةَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ قَبِيحٍ إِلَّا وَقَدْ جِئْتَهُ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ. فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ تَطْلُبُ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا، حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تَطْلُبُ الشَّرَفَ فِينَا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنَّ كُنْتَ تُرِيدُ مُلْكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِن كَانَ هَذَا الذى يَأْتِيك بِمَا يَأْتِيكَ رَئِيًّا تَرَاهُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ التَّابِعَ مِنَ الْجِنِّ الرَّئِيَّ - فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ، بَذَلْنَا أَمْوَالَنَا فِي طَلَبِ الطِّبِّ حَتَّى نبرئك مِنْهُ أَو نعذر.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: (مَا بِي مَا تَقُولُونَ، مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا الشَّرَفَ فِيكُمْ، وَلَا الْمُلْكَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لكم بشيرا وَنَذِيرا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم،. فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ فَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ قَابِلٍ مِنَّا مَا عَرَضْنَا عَلَيْكَ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَضْيَقَ بِلَادًا، وَلَا أَقَلَّ مَالًا، وَلَا أَشَدَّ عَيْشًا مِنَّا، فَسَلْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ بِمَا بَعَثَكَ بِهِ فَلْيُسَيِّرْ عَنَّا هَذِهِ الْجِبَالَ الَّتِي قَدْ ضَيَّقَتْ عَلَيْنَا، وَلَيَبْسُطْ لَنَا بِلَادَنَا، وَلْيُجْرِ فِيهَا أَنْهَارًا كَأَنْهَارِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَلْيَبْعَثْ لنا من مضى من آبَائِنَا، وَليكن فِيمَا يُبْعَثُ لَنَا مِنْهُمْ قُصَّيُّ بْنُ كِلَابٍ، فَإِنَّهُ كَانَ شَيْخًا صَدُوقًا فَنَسْأَلَهُمْ عَمَّا تَقُولُ: أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ؟ فَإِنْ فَعَلْتَ مَا سَأَلْنَاكَ وَصَدَّقُوكَ، صَدَّقْنَاكَ وَعَرَفْنَا بِهِ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ بَعَثَكَ رَسُولًا كَمَا تَقُولُ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: (مَا بِهَذَا بُعِثْتُ، إِنَّمَا جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِمَا بَعَثَنِي بِهِ، فَقَدْ بَلَّغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). قَالُوا: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَنَا هَذَا فَخُذْ لِنَفْسِكَ، فَسَلْ رَبَّكَ أَنْ يَبْعَثَ لَنَا مَلَكًا يُصَدِّقُكَ بِمَا تَقُولُ، وَيُرَاجِعُنَا عَنْكَ، وَتَسْأَلُهُ فَيَجْعَلُ لَنَا جِنَانًا وَكُنُوزًا وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَيُغْنِيكَ عَمَّا نَرَاكَ تَبْتَغِي، فَإِنَّكَ تَقُومُ فِي الْأَسْوَاقِ وتلتمس المعاش كَمَا نَلْتَمِسُهُ، حَتَّى نَعْرِفَ فَضْلَ مَنْزِلَتِكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ كُنْتَ رَسُولًا كَمَا تَزْعُمُ. فَقَالَ لَهُمْ: (مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، مَا أَنَا بِالَّذِي يَسْأَلُ رَبَّهُ هَذَا، وَمَا بُعِثْتُ إِلَيْكُمْ بِهَذَا، وَلَكِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَإِنْ تَقْبَلُوا مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ). قَالُوا: فَأَسْقِطِ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ أَنَّ رَبَّكَ إِنْ شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلَ. فَقَالَ: (ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ بِكُمْ ذَلِكَ). فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا عَلِمَ رَبُّكَ أَنَّا سَنَجْلِسُ مَعَكَ وَنَسْأَلُكَ عَمَّا سألناك عَنهُ، ونطلب مِنْكَ مَا نَطْلُبُ، فَيَتَقَدَّمُ إِلَيْكَ وَيُعْلِمُكَ مَا تُرَاجِعُنَا بِهِ وَيُخْبِرُكَ مَا هُوَ صَانِعٌ فِي ذَلِكَ بِنَا إِذَا لَمْ نَقْبَلْ مِنْكَ مَا جِئْتَنَا بِهِ. فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يُعَلِّمُكَ هَذَا رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهُ الرَّحْمَنُ، وَإِنَّا وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِالرَّحْمَنِ أَبَدًا، فَقَدْ أَعْذَرْنَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَمَا وَاللَّهِ لَا نَتْرُكُكَ وَمَا فَعَلْتَ بِنَا حَتَّى نُهْلِكَكَ أَوْ تُهْلِكَنَا. وَقَالَ قَائِلُهُمْ: نَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ وَهِيَ بَنَاتُ اللَّهِ وَقَالَ قَائِلُهُمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا.
فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْهُمْ وَقَامَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُميَّة ابْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمَّتِهِ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عَرَضَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ مَا عرضوا فَلم تقبله، ثُمَّ سَأَلُوكَ لِأَنْفُسِهِمْ أُمُورًا لِيَعْرِفُوا بِهَا مَنْزِلَتَكَ مِنَ اللَّهِ فَلَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ أَنْ تعجل مَا تخوفهم بِهِ من الْعَذَاب، فو الله لَا أَو من لَكَ أَبَدًا حَتَّى تَتَّخِذَ إِلَى السَّمَاءِ سُلَّمًا، ثمَّ ترقى مِنْهُ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى تَأْتِيَهَا، وَتَأْتِيَ مَعَكَ بِنُسْخَةٍ مَنْشُورَةٍ، وَمَعَكَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ لَكَ أَنَّكَ كَمَا تَقُولُ. وَايْمُ اللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَظَنَنْتُ أَنِّي لَا أُصَدِّقُكَ.
ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِلَى أَهْلِهِ حَزِينًا أَسِفًا لِمَا فَاتَهُ مِمَّا طَمِعَ فِيهِ مِنْ قَوْمِهِ حِينَ دَعَوْهُ، وَلِمَا رَأَى مِنْ مُبَاعَدَتِهِمْ إِيَّاهُ.
وَهَذَا الْمَجْلِسُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد، وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ]، انتهى نص الإمام ابن كثير، وجدير بنا أن نتأمل تعقيبه: (وَهَذَا الْمَجْلِسُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد، وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ).

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-21-2012, 03:47 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

ــ وتجده أيضاً في تفسير ابن كثير [ت سلامة (5/118)]: [قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قَدِمَ مُنْذُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَرَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَأَبَا البَخْتَري أَخَا بَنِي أَسَدٍ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَزَمَعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَام وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أمية، وأمية ابن خَلَفٍ، وَالْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ، ونُبَيها ومُنَبِّها ابْنَيِ الْحَجَّاجِ السَّهْمَيَّين، اجْتَمَعُوا، أَوْ: مَنِ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ، بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عِنْدَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ابْعَثُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَكَلِّمُوهُ وَخَاصِمُوهُ حَتَّى تُعْذَرُوا فِيه؛...إلخ، إلخ].
ــ وتجده أيضاً في سيرة ابن هشام [ت طه عبد الرؤوف سعد (1/262)] بدون إسناد: [اجْتَمَعَ عتبةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وشَيْبة بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو سُفيان بن حرب، والنَّضْر بن الحارث، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَأَبُو البَخْتَري بْنُ هِشَامٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ المطَّلب بْنِ أَسَدٍ، وزَمَعة بْنُ الْأَسْوَدِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، ونُبَيْه ومُنبَّه أنبأنا الْحَجَّاجِ السَّهْمِيَّانِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، أَوْ مَنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ. قَالَ: اجْتَمِعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عِنْدَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: ابْعَثُوا إلَى مُحَمَّدٍ فَكَلِّمُوهُ وَخَاصِمُوهُ حَتَّى تُعذروا فِيهِ؛...إلخ، إلخ].
ليس في الإسناد من يحتاج إلى أن يتكلم فيه إلا شيخ ابن إسحاق: محمد بن أبي محمد؛ فقد جاء في تهذيب التهذيب (ج9/ص384/ت711): [(د - أبي داود) محمد بن أبي محمد الأنصاري مولى زيد بن ثابت مدني روى عن سعيد بن جبير وعكرمة وعنه محمد بن إسحاق ذكره بن حبان في الثقات قلت وقال الذهبي لا يعرف]؛ ثم قال في تقريب التهذيب (ج1/ص505/ت6276): [محمد بن أبي محمد الأنصاري مولى زيد بن ثابت مدني مجهول من السادسة تفرد عنه بن إسحاق (د)]؛ قلت: وربما كان من الخامسة، لأن ابن إسحاق عدَّه من أهل العلم، وذكر أنه قدم عليهم من مصر فسمع منه قبل بضع وأربعين سنة. وإخراج أبي داود له في سننه، وثناء ابن إسحاق عليه بقوله (من أهل العلم)، كما جاء في طرق أخرى، يبطل قول الذهبي: (لا يعرف)، وقول الحافظ: (مجهول). والظاهر أن الرجل رحالة: فهو مدني الأصل، نزل بمصر حيناً ثم قدم منها فسمع منه ابن إسحاق، ولعله نزل حيناً من الدهر في بلاد أخرى كاليمن والشام مثلاً، ومن كان هكذا حاله من كثرة التغرب، وعدم الاستقرار تقل تلاميذه، وتقل الرواية عنه.
ولكن جاء أيضاً في تهذيب التهذيب (ج9/ص384/ت711): [(تمييز) محمد بن أبي محمد المدني عن أبيه عن أبي هريرة بحديث حجوا قبل أن لا تحجوا وعنه عبد الرزاق قال أبو حاتم مجهول وذكره العقيلي في الضعفاء وساق حديثه من طريق عبد الرزاق عن عبد الله بن بحير بن ريسان عنه وقال لا يتابع عليه وذكره البخاري من طريق عبد الرزاق أيضا عن عبد الله بن عيسى الجَنَدي عنه بهذا السند في قوله تعالى اخسؤوا فيها ولا تكلمون قال يغلق عليهم فلا يسمع لهم الا مثل طنين الطست]؛ ثم قال في تقريب التهذيب (ج1/ص505/ت6277): [محمد بن أبي محمد المدني شيخ لعبد الرزاق مجهول من السابعة (تمييز)]؛ قلت: هذا خطأ، وإنما هو شيخ لشيوخ عبد الرزاق، فيكون من السادسة أو الخامسة، كالسابق تماماً، وهذا يقوي كونه نفس الرجل، فمن البعيد جداً أن لا يوجد في طول العالم الإسلامي وعرضه في القرون الثلاثة أو الأربعة الأولى إلا هذان من نفس البلد ونفس الطبقة!
نعم: هناك ذكر لمحمد بن أبي محمد في المنفردات والوحدان (ج1/ص169/ت661) فيمن تفرد عنهم يعلى بن عطاء، من غير ذكر لنسب أو بلد، أو أي معلومة أخرى إطلاقاً، والظاهر أنه التالي:
حيث جاء في تهذيب التهذيب (ج9/ص384/ت711): [(تمييز) محمد بن أبي محمد عن عوف بن مالك وعنه يعلى بن عطاء ذكره البخاري وتبعه أبو حاتم وزاد مجهول قلت وهو أقدم من شيخ بن إسحاق وأفاد الخطيب في الموضح عن أبي نعيم أنه محمد بن كعب الغوطي الذي روى عنه موسى بن عبيدة الربذي]؛ قلت: حكم الحافظ بأنه أقدم من شيخ ابن إسحاق لا مستند له، لأن ابن إسحاق (المتوفي 151 هـ) سمع من شيخه حوالي 105 هـ، ولعله، أي: محمد بن أبي محمد شيخ كبير آنذاك، فما الذي يمنع أن يكون قد سمع منه يعلى بن عطاء (المتوفي 120 هـ) آنذاك، أو قبل ذاك، قبل نزوله، أي نزول يعلى بن عطاء، بواسط؟! وقول أبي نعيم "أنه محمد بن كعب الغوطي الذي روى عنه موسى بن عبيدة الربذي"، إن ثبت وصح، يقوي هذا لأن موسى بن عبيدة الربذي مدني أيضاً، يبقى أمر مشكل واحد، وهو هذه النسبة: (الغوطي)، إن لم تكن تصحيفاً، حيث أنها لا تكاد توجد إلا في قلة من الرجال، من المتأخرين، نسبة إلى غوطة دمشق. جاء في الأنساب للسمعاني (10/94/2936): [(الغُوطى): بضم الغين المعجمة والواو وفي آخرها الطاء المهملة، هذه النسبة إلى غوطة دمشق، وهي من جنان الدنيا، رأيتها فصادفتها كما وصفت، منها أبو على الحسن بن على بن روح بن عوانة الدمشقيّ الغوطي الكفر بطناني، يروى عن هشام بن خالد الأزرق، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ الأصبهاني].
لذلك نستخير الله ونقول أن كل المذكورين في الروايات باسم: محمد بن أبي محمد، إنما هم رجل مدني واحد، كثير التغرب وعدم الاستقرار، فقلت تلاميذه والرواية عنه؛ روى عن: عوف بن مالك؛ وعن أبيه عن أبي هريرة؛ وعن عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس؛ روى عنه: الثقات: يعلى بن عطاء، ومحمد بن إسحاق، وعبد الله بن بحير بن ريسان؛ وكذلك: عبد الله بن عيسى الجَنَدي، وربما موسى بن عبيدة الربذي؛ فهو معروف، وهو صدوق لا بأس به في الرواية، من الرابعة أو الخامسة، والله أعلم وأحكم.

أما مجادلة الحصين الخزاعي، والد عمران بن حصين، رضي الله عنهما، قلم أجد نص الأستاذ ضياء الدين القدسي بعد طول بحث، ولكني وجدت التالي:
* ما جاء في سنن الترمذي [ت شاكر (5/519/3483)]: [حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لِأَبِي: «يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ اليَوْمَ إِلَهًا»؟ قَالَ أَبِي: سَبْعَةً: سِتَّةً فِي الأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ»؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ». قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِيَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي»]؛ ثم قال أبو عيسى: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ».
ــ وهو في الدعاء للطبراني (ص:412/1393)؛ وفي المعجم الكبير للطبراني (18/174/396)؛ وكذلك في المعجم الأوسط (2/280/1985): [حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْقَطِرَانِيُّ، قَالَ: حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حدثنا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لِأَبِي: «كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟» قَالَ: سَبْعَةً، سِتٌّ فِي الْأَرْضِ، وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ قَالَ: «فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟» قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا حُصَيْنُ، أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ». قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ، أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي. قَالَ: فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي»]؛ ثم قال الطبراني: (لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ إِلَّا أَبُو مُعَاوِيَةَ)، قلت: رحمك الله، بل قد رواه أبو عوانة أيضاً، وسيأتي، إن شاء الله.
ــ وفي مسند البزار البحر الزخار (9/53/3579 - 3580): [حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدثنا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ،؛ وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حدثنا أَبُو خَالِدٍ، قَالَ: حدثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَاللَّفْظُ، لِشَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لِأَبِي: (يَا حُصَيْنٍ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ قَالَ: سَبْعَةً سِتَّةٌ فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: " فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ» فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي الَّذِي وَعَدْتَنِي، قَالَ: «قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي»]، ثم قال البزار: (وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، إِلَّا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبَوهُ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِهِ، فَقَالَ رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِحُصَيْنٍ: وَأَحْسَبُ أَنَّ حَدِيثَ عِمْرَانَ أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِأَبِيهِ أَصَوْبُ).
ــ وفي مسند الروياني (1/105/85): [حدثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، أخبرنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، به]
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/721/1184): [أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرَّوْيَانِيُّ به]
ــ وفي معجم ابن الأعرابي (3/904/1895): [حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، حدثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، به]
ــ وفي أحاديث من أمالي أبي بكر ابن دوست - مخطوط (ن) (ص:7/17): [حدثنا أبو بكر محمد بن يوسف بن محمد العلاف إملاء قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثني جدي قال حدثنا أبو معاوية به].
ــ وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (2/836/2192): [حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيمَا، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بَدِينَا، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ [ص:837] مَنِيعٍ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، به]؛ ثم قال أبو نعيم: (وَرَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم)
ــ وفي خلق أفعال العباد للبخاري (ص:43) تعليقاً: [وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لِأَبِي: «كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟» قَالَ: سَبْعَةٌ، سِتَّةٌ فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «فأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَلِرَهْبَتِكَ؟» قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ يَنْفَعَانِكَ»، فَلَمَّا أَسْلَمَ الْحُصَيْنُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي»]
ــ وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/1، وابن أبي عاصم (2355)، والطبراني 4/(3551) و18/(186) و(396)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 423 - 424 من طريق شبيب بن شيبة، عن الحسن البصري، عن عمران، وبعضهم يختصره.

* وتجد رواية أبي عوانة في الحجة في بيان المحجة [لقوام السنة إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشي الطليحي التيمي الأصبهاني، أبي القاسم، (المتوفى: 535هـ)، (2/114/64)]: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ، أخبرنا أَبُو الْقَاسِم البوسبخي، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، حدثنا شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَى حُصَيْنٌ الْخُزَاعِيَّ رَسُولَ الله، صلى الله عليه وسلم، - فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، -: (يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا)، قَالَ: سَبْعَةً؛ سِتَّةٌ فِي الأَرْضِ. وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ. قَالَ: (فَأَيُّهُمْ تُعِدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟)، قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: يَا حُصَيْنُ أَسْلِمْ، فَإِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ. قَالَ: فَذَهَبَ. يَعْنِي فَأَسْلَمَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، - فَقَالَ: يَا رَسُول الله عَلمنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللتين وَعَدْتَنِي. قَالَ: (قُلِ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي)].
وقال الألباني: (ضعيف)، فلم يوفق، لا سيما إذا لاحظنا ما جاء في العلل الكبير للترمذي [ترتيب علل الترمذي الكبير (ص:364/677)] بعد أن ساق الحديث بعينه: [سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَرَوَى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَحَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي هَذَا أَشْبَهُ عِنْدِي وَأَصَحُّ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. رَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، شَيْئًا مِنْ هَذَا]، فكيف يحكم الألباني بضعف الحديث؟!
وربما قيل أنه قصد ضعف هذا الإسناد فقط، وخانته العبارة، فنقول: وحتى هذه ليست بمسلمة لأن سماع الحسن من عمران بن حصين ثابت، لا يعقل غير ذلك، وإن كثرت المزاعم بخلاف ذلك، كما هو مبسوط في الدراسة القيمة المعنونة بـ(المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس) للشريف حاتم بن عارف العوني.
وأما شبيب بن شيبة فهو من فضلاء الناس ونبلائهم وفصحائهم، من أهل الصدق، وإن لم يكن متقناً في الحديث كما قال الحافظ في التقريب (ج1/ص263/ت2740): [شبيب بن شيبة بن عبد الله التميمي المنقري أبو معمر البصري الخطيب البليغ اخباري صدوق يهم في الحديث من السابعة مات في حدود السبعين ت]
ــ وجاء في تهذيب التهذيب (ج4/ص270/ت535): [(ت – الترمذي): شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، واسمه سنان بن شمر بن سنان بن خالد بن منقر التميمي المنقري الأهتمي أبو معمر البصري الخطيب روى عن أبيه وابن عمه خالد بن صفوان بن الأهتم والحسن وابن سيرن وعطاء ومحمد بن المنكدر وهشام بن عروة وغيرهم وعنه إبناه عبد الرحيم وعبد الصمد والأصمعي ووكيع وعيسى بن يونس وأبو معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد وجبارة بن مغلس ومسلم بن إبراهيم ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم قال الدوري عن بن معين ليس بثقة وقال أبو زرعة وأبو حاتم ليس بالقوي وقال أبو داود ليس بشيء وقال النسائي والدارقطني والبرقاني ضعيف وقال صالح بن محمد البغدادي صالح الحديث وقال الساجي صدوق يهم؛ وقال بن المبارك خذوا عنه فإنه أشرف من أن يكذب وقال بن عدي إنما قيل له الخطيب لفصاحته وكان ينادم خلقاء بني أمية وله أحاديث غير ما ذكرت وأرجو أنه لا يتعمد الكذب بل لعله يهم في بعض الشيء وقال الأصمعي كان شبيب رجلا شريفا يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم له في الترمذي حديث واحد في تعليم والد عمران بن حصين حين أسلم اللهم ألهمني رشدي وأعوذ بك من شر نفسي وقال حسن غريب قلت وقال بن حبان كان من فصحاء الناس ودهاتهم في زمانه وكان يهم في الأخبار ويخطئ إذا روى غير الأشعار لا يحتج بما انفرد به من الأخبار ولا يشتغل بما لا يتابع عليه من الآثار وكان يقال هو أعقل من بالبصرة وقال الدارقطني أيضا متروك وقال الصريفيني توفي في حدود السبعين ومائة]؛ قلت: الساجي إمام أهل البصرة في الجرح والتعديل بعد وفاة الأئمة علي بن المديني وعمرو بن علي الفلاس الصيرفي، وهو مشهور بالتعنت والشدة، فإذا قال عن راوية بصري: (صدوق يهم)، فاقبض عليها بيد من حديد.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-21-2012, 03:48 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

ــ وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق لابن عساكر (73/120/9951): [شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم ابن سميّ بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس ابن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، أبو معمر التميمي المنقري الأهتمي البصري الخطيب؛ حدث عن: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومعاوية بن قرّة، وعلي بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وهشام بن عروة، وعمر بن عبد الله بن أبي حسين، ومحمد بن المنكدر، وخالد بن صفوان بن الأهتم. سمع منه: وكيع، والأصمعي وعيسى بن يونس، وهاشم بن القاسم أبو النّضر، وهشام بن عبيد الله الرازي، وموسى بن إسماعيل التبوذكي، ومسلم بن إبراهيم، وأبو بدر شجاع بن الوليد، ومنصور بن سلمة الخزاعي، وجبارة بن المغلّس، ومعلى بن منصور، وعبد الله بن صالح العجلي. وقدم دمشق مع المنصور، وسيأتي ذكر قدومه في ترجمة يزيد بن حاتم المهلبي، وكان من فصحاء أهل البصرة، وخطبائهم، وولّاه المهدي الري. أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأ أبو سعد الجنزروذي، أخبرنا أبو أحمد الحسين ابن علي بن محمد بن يحيى التميمي إملاء، أنبأ أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم، حدثنا شبيب بن شيبة. (ح) وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي (ح) وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت: أخبرنا إبراهيم بن منصور، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا سريج، حدثنا أبو معاوية، عن شبيب بن شيبة، عن الحسن، عن عمران بن حصين أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لأبيه حصين: «كم تعبد اليوم إلها؟» قال: سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: «أيهم تعدّ لرغبتك ورهبتك» قال: الذي في السماء، قال: «يا حصين، إن أسلمت علّمتك كلمتين» فأسلم حصين، فجاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وفي حديث الفرائضي: فأتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: علّمني الكلمتين، قال: «قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من، وفي حديث أبي يعلى: وقني شر نفسي». رواه الروياني، عن الصنعاني، عن خلف بن الوليد، عن أبي معاوية]
وله ترجمة طويلة حسنة في تاريخ بغداد (ج9/ص274/ت4836) فيها شعر وطرائف، فارجع إليها.

* وجاء في مسند أحمد [ط الرسالة (33/197/19992)] بإسناد صحيح على شرط الشيخين: [حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ حُصَيْنًا، أَوْ حَصِينًا أَتَى رَسُولَ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ؛ كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ، وَأَنْتَ تَنْحَرُهُمْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ؛ فَقَالَ لَهُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ؟ قَالَ: (قُلِ اللهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ أَمْرِي). قَالَ: فَانْطَلَقَ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُكَ فَقُلْتَ لِي: (قُلِ اللهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ أَمْرِي). فَمَا أَقُولُ الْآنَ؟ قَالَ: (قُلِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَخْطَأْتُ وَمَا عَمَدْتُ، وَمَا عَلِمْتُ وَمَا جَهِلْتُ)]؛ قلت: حسين: هو ابن محمد بن بهرام المرّوذي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، ومنصور: هو ابن المعتمر؛ وإبهام الذي حدَّث ربعياً لا يضر، فقد علمنا يقيناً أنه عمران.
ــ وهو في الدعاء للطبراني (ص:412/1394) بحذف واختصار: [حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَنْبَأَ شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ حُصَيْنًا، أَتَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ خَيْرًا لِقَوْمِكَ مِنْكَ، كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ، وَأَنْتَ تَنْحَرُهُمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ؟ قَالَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ أَمْرِي]
ــ وأخرجه الطبراني في "الكبير" 4/(3551) و18/(599) من طريقْ عبد الله ابن رجاء، عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي، بهذا الإسناد. وقال فيه: عن عمران أو عن رجل. ولم يسق لفظه في الموضع الأول. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/267 - 268، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (994)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2525)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1480) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن منصور بن المعتمر، به.
وأخرجه الطبراني 4/(3551) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن ربعي، قال: حدثت أن الحصين أبا عمران... ولم يسق لفظه.
ــ وأخرجه عبد بن حميد (476)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2354)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (993)، وابن حبان (899)، والحاكم 1/510 من طريق إسرائيل بن يونس، والنسائي (993 م) من طريق عمرو بن أبي قيس، والطحاوي في "شرح المشكل" (2526) من طريق يحيى ابن يعلى التيمي، ثلاثتهم عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن عمران، عن أبيه، به. فجعلوه من مسند حصين والد عمران. وهذا إسناد صحيح أيضاً.
قلت: متن حديث الترمذي، على ما في إسناده من مقال، أكثر استقامة، وأقرب إلى تسلسل الأحداث المعقول على الرغم من كون إسناد حديث ربعي بن حراش غاية في الصحة، من أصح أحاديث الدنيا. فمن المحال الممتنع أن يسأل حصين النبي، صلى الله عليه وسلم، عن شيء أصلا قبل إسلامه. أما الدعاء الثاني: (قُلِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَخْطَأْتُ وَمَا عَمَدْتُ، وَمَا عَلِمْتُ وَمَا جَهِلْتُ)، فلعله جاء بعد إسلامه وتعلمه الدعاء الأول مستزيداً، فزاده النبي، صلى الله عليه وسلم، هذا الدعاء الأخير؛ وتفرد ربعي بهذا الدعاء الثاني.
ولعلنا نلاحظ أن ربعي، أو غيره من رجال الإسناد، لم يعيروا كبير اهتمام لما دار بين حصين والنبي، صلى الله عليه وسلم، من حوار، ربما كان طويلاً، واكتفوا بجملتين: (يَا مُحَمَّدُ لَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ؛ كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ، وَأَنْتَ تَنْحَرُهُمْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ).
فهذه القصة أنموذج حي، وبرهان قاطع جلي، على أن صحة الإسناد لا تقتضي، بالضرورة، سلامة المتن وصحته؛ وهي كذلك درس قاسي لمن اعتاد ترك تتبع الطرق والألفاظ.

* وجاء الدعاء فقط من طرق أخرى، فقد أخرج الطبراني في معجمه الكبير (ج18/ص186/ح439): [حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ، حدثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أخبرنا خَالِدٌ، عَنِ الْفَضْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: (يَا عِمْرَانُ قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أَمْرِي، وَأَسْتَجِيرُكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي)]؛ وهو بعينه في معجمه الأوسط (ج8/ص33/ح7875)؛
ــ وهو في تاريخ بغداد وذيوله [ط العلمية (ج14/ص293/ت7592)] خلال ترجمة (يعقوب بْن مُحَمَّد بْن الحارث، اللخمي: من أهل الأنبار. حَدَّث عَن وهب بْن بقيَّة الواسطي. رَوَى عَنْهُ الطبراني) من طريق ثانية مع زيادة في غاية الأهمية: [أَخْبَرَنَا ابْنُ شهريار، أخبرنا سليمان بن أحمد الطّبراني، حدثنا يعقوب بن محمّد ابن الحارث اللّخميّ الأنباريّ، حدثنا وهب بن بقية الواسطيّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْفَضْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: «يَا عِمْرَانُ» قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ: «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لأَرْشَدِ أُمُورِي، وأستجير بك مِنْ شَرِّ نَفْسِي». قَالَ سُلَيْمَانُ: (لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَعِيدٍ إِلا الْفَضْلُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ)]؛ وبعينه في تاريخ بغداد [ت بشار (16/426/7544)]؛ فالإسناد صحيح إذاً.
ــ وأخرج الطبراني في معجمه الكبير (ج18/ص115/ح223): [حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا خليفة بن خياط حدثنا يحيى بن أيوب الخاقاني عن الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن عمران قال: قال رجل يا رسول الله إني أسلمت فما تأمرني قال قل اللهم إني أستهديك أمري وأعوذ بك من شر نفسي]
*ولكن أخرج الإمام بن خزيمة [وهو: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ)] في كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/277): [حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ، قَالَ: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طَلِيقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ قُرَيْشًا جَاءَتْ إِلَى الْحُصَيْنِ، وَكَانَتْ تُعَظِّمُهُ، فَقَالُوا لَهُ: كَلِّمْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا وَيَسِبُّهُمْ، فَجَاءُوا مَعَهُ حَتَّى جَلَسُوا قَرِيبًا مِنْ بَابِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَدَخَلَ الْحُصَيْنُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ»، وَعِمْرَانُ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِدُونَ، فَقَالَ حُصَيْنٌ: مَا هَذَا الَّذِي يَبْلُغْنَا عَنْكَ، إِنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ، وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزًا فَقَالَ: «يَا حُصَيْنُ، إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ، يَا حُصَيْنُ، كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ الْيَوْمَ؟» قَالَ: سَبْعَةً فِي الْأَرْضِ، وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «فَإِذَا أَصَابَكَ الضُّرُّ مَنْ تَدْعُو؟» قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ مَنْ تَدْعُو؟ " قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «فَيَسْتَجِيبُ لَكَ وَحْدَهُ، وَتُشْرِكُهُمْ مَعَهُ؟» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ]
ــ وهو في إثبات صفة العلو - ابن قدامة (ص:75/5): [أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ) أَنْبَأَ (أَبُو الْفَضْلِ) أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَ أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحْمُدِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ أَنْبَأَ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ (بْنِ زِيَادٍ) الديرعاقولي حدثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، حدثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طَلِيقٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ إِلَى الْحُصَيْنِ أبي عِمْرَانَ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا، فَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُكَلِّمَهُ وَتَعِظَهُ، فَمَشَوْا مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَجَلَسُوا وَدَخَلَ حُصَيْنٌ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ، فَأَوْسَعُوا لَهُ، وَعِمْرَانُ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مُتَوَافِرُونَ، فَقَالَ حُصَيْنٌ: مَا هَذَا الَّذِي يَبْلُغُنَا عَنْكَ أَنَّكَ تَشْتِمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ، وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزًا. فَقَالَ: (إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)، يَا حُصَيْنُ كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ الْيَوْمَ؟ قَالَ: سَبْعَةً فِي الأَرْضِ وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَإِذَا أَصَابَكَ الضِّيقُ فَمَنْ تَدْعُو؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ فَمَنْ تَدْعُو؟ قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَيَسْتَجِيبُ لَكَ وَحْدَهُ وَتُشْرِكُهُمْ مَعَهُ؟! قَالَ: أَمَا (رَضِيتَهُ) أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، أَوَ تَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: لَا وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ مِثْلَهُ. فَقَالَ: يَا حُصَيْنُ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قَالَ: إِنَّ لِي قَوْمًا (وَعَشِيرَةً) فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟ قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لأَرْشَدِ أَمْرِي، وَأَسْتَجِيرُكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، عَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَانْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا يَنْفَعُنِي، فَقَالَهَا، فَلَمْ يَقُمْ حَتَّى أَسْلَمَ، فَوَثَبَ عِمْرَانُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: مِمَّا صَنَعَ عِمْرَانُ، دَخَلَ حُصَيْنٌ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى نَاحِيَتِهِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَضَى حَقَّهُ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ رِقَّةٌ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ حُصَيْنٌ قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: قُومُوا فَشَيِّعُوهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ سُدَّةِ الْبَابِ نَظَرَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَتْ: صَبَأَ وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ]؛ قلت: آخر القصة منكر عجيب، ويشبه أن يكون مكذوباً، فلا عجب أن دلَّسه جمهور الأئمة، كابن خزيمة، وقد مضى، والذهبي وسيأتي، مكتفين بقولهم: (وَذَكَرَ الْحَدِيثَ)، أو كلاماً نحو هذا.
ــ وأخرجه الإمام الذهبي في العلو للعلي الغفار (ص:24/43): [أَخْبَرَنَا الْقَاضِي تَاج الدّين بن عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ ببعلبك أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سنة إِحْدَى عشر وسِتمِائَة أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْحَاجِبُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ الْقَطَّانُ حَدثنَا عبد الْكَرِيم الديرعاقولي حَدثنَا رَجَاء بن مرجا الْبَصْرِيّ حَدثنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طُلَيْقٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ إِلَى حُصَيْنٍ وَالِدِ عِمْرَانَ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا فَنُحِبُّ أَنْ تُكَلِّمَهُ وَتَعِظَهُ فَمَشَوْا مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسُوا وَدَخَلَ حُصَيْنٌ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ؛ فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي يبلغنَا عَنْكَ إِنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزًا؛ فَقَالَ إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ إِلَهًا الْيَوْمَ قَالَ سَبْعَةً فِي الأَرْضِ وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ فَإِذَا أَصَابَكَ الضِّيقُ فَمَنْ تَدْعُو قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ فَمَنْ تَدْعُو قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ؛ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ]
ــ وأيضا في العلو للعلي الغفار (ص:25/44): [فَقَرَأْتُ عَلَى أسْحَاق الْأَسدي أَنبأَنَا ابْن خَلِيل أَنبأَنَا عبد الْخَالِق ابْن عبد الْوَهَّاب أخبرنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُؤَذِّنُ أَخْبَرَنَا أَحْمد بن مَنْصُور المغربي أخبرنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة أخبرنَا جدي أَبُو بكر حَدثنَا رَجَاء بن مُحَمَّد حَدثنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طُلَيْقٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوًا مِمَّا تَقَدَّمَ بِطُولِه]ِ
ــ وفي العلو للعلي الغفار (ص:25/45): [أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ البعلي أخبرنَا الْبَهَاء عبد الرَّحْمَن حضورا أخبرنَا نَصْرُ بْنُ فَتْيَانَ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن الْمُهْتَدي بِاللَّه حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف العلاف حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف حَدثنَا مُحَمَّد بن علاف الْبَغَوِيّ حَدثنَا جدي حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ به]
ــ وفي العرش للذهبي (2/76): [ورواه خالد بن طليق، عن أبيه، أتم من هذا فيما: أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام ببعلبك، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة إحدى عشر وستمائة، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا ابن شاذان، أخبرنا أبو سهل القطان أخبرنا عبد الكريم الديرعاقولي، حدثنا رجاء بن محمد البصري، حدثنا عمران بن خالد بن طليق، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده قال: "اختلفت قريش إلى حصين، والد عمران فقالوا: إن هذا الرجل يذكر آلهتنا، فنحب أن تكلمه، وتعظه، فمشوا معه إلى قريب من باب النبي، صلى الله عليه وسلم، فجلسوا، ودخل حصين، فلما رآه النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (أوسعوا للشيخ)، فقال: "ما هذا الذي يبلغنا عنك أنك تشتم آلهتنا، وتذكرهم؟ وقد كان أبوك جفنة وخبزاً" فقال: (إن أبي وأباك في النار: يا حصين، كم تعبد إلهاً اليوم؟)، قال: "ستة في الأرض، وإله في السماء" قال: (فإذا أصابك الضيق بمن تدعو؟)، قال: "الذي في السماء"؛ وذكر باقي الحديث، وإسلامه. أخرجه إمام الأئمة ابن خزيمة في التوحيد له بهذا الإسناد، وطليق هو ابن محمد بن عمران بن حصين]
قلت: عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طَلِيقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الخزاعي، مجمع على ضعفه كما هو في لسان الميزان (ج4/ص345/ت997 - 998): [قال أبو حاتم ضعيف وقال بن حبان لا يجوز الاحتجاج به. قلت روى عنه معلى بن هلال وبشر بن معاذ العقدي وجماعة وقد روى عنه غير واحد عن ثابت عن أنس عن سلمان رضي الله عنه مرفوعا من دخل على أخيه المسلم فألقى له وسادة اكراما له لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما وهذا خبر ساقط انتهى وقال أحمد متروك الحديث؛ وعن أبائه حديث النظر إلى علي عبادة رواه يعقوب الفسوي وهذا باطل في نقدي انتهى وقال العلائي الحكم عليه بالبطلان فيه بعيد ولكنه كما قال الخطيب غريب قلت وخالد ضعفه الدارقطني كما تقدم]؛ وأبوه خَالِدِ بْنِ طَلِيقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الخزاعي، ابتلي بالعجب بالنفس عجباً فاحشاً يخشى أن يوجب تفسيقه وإسقاط عدالته، فقد جاء في لسان الميزان (ج2/ص379/ت1568): [خالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين الخزاعي عن أبيه قال الدارقطني ليس بالقوي انتهى وقال بن أبي حاتم كان قاضي البصرة روى عن الحسن وأبيه طليق وعنه ابنه عمران وسهل بن هاشم ولم يذكر فيه جرحا وقال الساجي صدوق يهم والذي أتى منه روايته غير الثقات وذكره بن حبان في الثقات وقال بن النديم في الفهرست كان إخباريا وانه من النسابين. وكان معجبا تياها ولاه المهدي قضاء البصرة وبلغ من تيهه انه كان إذا أقيمت الصلاة صلى في موضعه فربما قام وحده فقال له مرة انسان استوف الصف فقال بل يستوفى الصف بي؛ قلت: اف على هذا التيه. وقال بن الجوزي في المنظم ولاه المهدي قضاء البصرة بعد عزل العنبري فلم يحمد ولايته واستعفى أهل البصرة منه]، فنسأل الله العافية، ونعوذ به من الخذلان: فكيف يؤتمن مثل هذا أن لا يزيد في الحديث مناقب لآبائه وأجداده؟! وأسارع فأقول أن ابن حبان ما ذكره في الثقات قط، وإنما ذكر خالد بن طليق الشامي الذي يروى عن يزيد بن خمير اليزني عن عبد الرحمن بن شبل روى عنه الزبيدي كما هو في الثقات (ج2/ص379/ت1568).
قلت: والروايات أعلاه تثبت أن حصين، والد عمران، كان قد أسلم، وتثبت بطلان الرواية التي تزعم أنه مات مشركاً. فقد أخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2356)، واللفظ له، والبزار في "مسنده" (3580)، والطحاوي في "شرح المشكل" (2527)، والطبراني في "الكبير" 4/(3552) و(3553) و18/(548) و(549) من طريق داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن بن ربيعة مولى الهاشميين، عن عمران: [أن أباه حصيناً أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلاً يَقرِي الضيف، ويصل الرَّحِم، مات قبلك، وهو أبوك؟ قال: إن أبي وأباك وأنت في النار، فمات حصين مشركاَ]. ثم قال ابن أبي عاصم: (المتقدم. (يعني حديث أنه أسلم) أحسن من هذا)؛ وقال الطبراني: (الصحيح أنه أسلم). والعباس بن عبد الرحمن مولى الهاشميين هذا مجهول لا يعرف، تفرد بالرواية عنه داود بن أبي هند، فالظاهر أن البلاء منه.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 07-21-2012, 03:49 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

هذا كله فيما يتعلق بالمثال الأول للأستاذ ضياء القدسي فيما يتعلق بالإسناد ولفظ الخبر، ولم نجد اللفظ الذي ذكره منسوباً إلى البيهقي، ولا الإسناد الذي حسنه (هو، أو البيهقي، أو صاحب الكتاب الذي اقتبس كلام البيهقي)؛ فهذا دليل أول على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.

وحتى لو سلمنا باللفظ، كما ذكره، وبصحة الخبر، كما زعمه، فهو حجة عليه لا له؛ لأن الخبر، والأخبار الأخرى المشابهة، هي قصص جدال ولجاجة قوم معاندين، وليس هو مناظرة بأصولها المعلومة. ولعلك تتأمل كلام ابن كثير: (وَهَذَا الْمَجْلِسُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد، وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ).
فالأستاذ ضياء القدسي لا يميز بين اللجاج والمجادلة من جانب والمناظرة من جانب آخر. فهذا دليل ثاني على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.

ومن حقنا نطبق المثال الأول كما ذكره بحذافيره، على حالنا فنقول: نحن لم نأت إليك، بل أنت الذي إلينا جئت مجادلاً فحالك كحال حصين الخزاعي، فمن حقنا أن نلوذ بالصمت، كما فعل سيدي أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العدناني، رسول الله، وخاتم النبيين، حتى تفرغ من كلامك وجدالك ولجاجك، ثم نقول: إقرأ كتابنا (كتاب التوحيد) قراءة هضم واستيعاب ونقد؛ فإن فعلت: أفدناك، بإذن الله، فوائد أخرى تنفع في الدنيا والآخرة. فهذا دليل ثالث على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.

أما المثال الثاني: فقد اقتبسه من مصدر ثانوي، كعادته، من غير ذكر المصدر، وهو مع ذلك ناقص. ولو أنه رجع إلى المكتبة الإلكترونية الشاملة لما احتاج إلا إلى بضع دقائق للقص واللزق، وسويعات لمراجعة أقوال الأئمة في إسناد القصة وثبوتها. فهذا دليل رابع على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.

وإليك القصة بأحرفها كما ورت في تاريخ بغداد [ت بشار (5/233/2095)] خلال ترجمة (أَحْمَد بْن أَبِي دَؤاد بْن حريز، أَبُو عَبْد اللَّه الْقَاضِي الإيادي): [أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الفرج بْن عَلِيّ البزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن ماسي، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بْن شُعَيْب الشاشي، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يوسف الشاشي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن مَنَّه، قَالَ: سَمِعْتُ طَاهِر بْن خلف، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بْن الواثق الَّذِي يقال لَهُ المهتدى بالله، يَقُولُ: كَانَ أَبِي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس، فأتى بشيخ مخضوب مقيد، فَقَالَ أَبِي: ائذنوا لأبي عَبْد اللَّه وأصحابه يَعْنِي: ابْن أَبِي دؤاد، قَالَ: فأدخل الشيخ فِي مصلاه، قَالَ: السلام عليك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ لا سلم اللَّه عليك، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بئس ما أدبك مؤدبك، قَالَ اللَّه تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، والله ما حييتني بها ولا بأحسن منها، فَقَالَ ابن أَبِي دؤاد: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الرجل متكلم.
فَقَالَ لَهُ كلمه، فَقَالَ: يا شيخ، ما تقول فِي القرآن، قَالَ الشيخ: لم تنصفني، يَعْنِي: (ولي السؤال)، فَقَالَ لَهُ: سل، فَقَالَ لَهُ الشيخ: ما نقول فِي القرآن؟ فَقَالَ: مخلوق، فَقَالَ: هَذَا شيء علمه النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، أم شيء لم يعلموه، فَقَالَ: شيء لم يعلموه، فَقَالَ سبحان اللَّه: شيء لم يعلمه النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، ولا أَبُو بَكْر، ولا عُمَر، ولا عُثْمَان، ولا عَلِيّ، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ قَالَ: فخجل، فَقَالَ: أقلني والمسألة بحالها، قَالَ: نعم، قَالَ: ما تقول فِي القرآن، فَقَالَ: مخلوق، فَقَالَ: هَذَا شيء علمه النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، أم لم يعلموه؟ فَقَالَ: علموه، ولم يدعوا الناس إليه، قَالَ: أفلا وسعك ما وسعهم، قَالَ: ثم قام أَبِي فدخل مجلس الخلوة واستلقى على قفاه ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يَقُولُ: هَذَا شيء لم يعلمه النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، ولا أَبُو بَكْر، ولا عُمَر، ولا عُثْمَان، ولا عَلِيّ، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ سبحان اللَّه! شيء علمه النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، ولم يدعوا الناس إليه؟ أفلا وسعك ما وسعهم؟ ثم دعا عمارا الحاجب، فأمر أن يرفع عَنْهُ القيود ويعطيه أربع مائة دينار ويأذن لَهُ فِي الرجوع، وسقط من عينه ابْن أَبِي دؤاد. ولم يمتحن بعد ذلك أحدا]
قلت: هذه قصة لا تثبت، فيها رواة مجاهيل لا يعرفون كما قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء [ط الرسالة (11/313 - 316)]: [هَذِهِ قِصَّةٌ مَلِيْحَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيْقِهَا مَنْ يُجهَلُ، وَلَهَا شَاهدٌ]؛ ثم ساق الشاهد، وهو وإن لم يكن في موضوعنا إلا أنه مفيد جداً لمن أصيب بهوس (التكفير) لمن قال بـ(خلق القرآن):
ــ فقد جاء في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (11/313): [وبإِسْنَادِنَا إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرْنَا ابْنُ رَزْقُوَيْه، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنْدِي الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُمْتَنِعِ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَضَرتُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَجَلَسَ لِينظُرَ فِي أُمورِ المَظْلُوْمِيْنَ، فَنَظَرتُ فِي القَصصِ تُقرَأُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرهَا، فَيَأمرُ بِالتَّوقيعِ فِيْهَا، وَتُحَرَّرُ، وَتُدفعُ إِلَى صَاحِبهَا، فَيَسرُّنِي ذَلِكَ، فَجَعَلتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَفَطِنَ، وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَغَضضْتُ عَنْهُ، حَتَّى كَانَ ذَلِكَ مِنِّي وَمِنْهُ مِرَاراً، فَقَالَ: يَا صَالِحُ. قُلْتُ: لَبَّيكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَوَثَبْتُ. فَقَالَ: فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ تُرِيْدُ أَنْ تَقُولَه؟! قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: عُدْ إِلَى مَوْضِعِكَ. فَلَمَّا قَامَ، خَلاَ بِي، وَقَالَ: يَا صَالِحُ، تَقُوْلُ لِي مَا دَارَ فِي نَفْسِكَ أَوِ أَقُوْلُ أَنَا؟ قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، مَا تَأْمرُ؟ قَالَ: أَقُوْلُ: إِنَّه دَارَ فِي نَفْسِكَ أَنَّكَ اسْتحسنْتَ مَا رَأَيْتَ مِنَّا. فَقُلْتَ: أَيُّ خَلِيْفَةٍ خَلِيفتُنَا إِنْ لَمْ يَكُنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ. فَوَرَدَ عَلَيَّ أَمْرٌ عَظِيْمٌ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا نَفْسُ، هَلْ تَمُوتِينَ قَبْلَ أَجَلِكِ؟ فَقُلْتُ: مَا دَارَ فِي نَفْسِي إِلاَّ مَا قُلْتَ.
فَأَطرَقَ مَلِيّاً، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ! اسْمعْ، فَوَ اللهِ لَتَسْمَعنَّ الحَقَّ. فَسُرِّيَ عَنِّي، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، وَمَنْ أَوْلَى بِقَولِ الحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ خَلِيْفَةُ رَبِّ العَالِمِيْنَ. قَالَ: مَا زِلْتُ أَقُوْلُ: إِنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ صَدْراً مِنْ أَيَّامِ الوَاثِقِ – (قُلْتُ: كَانَ صَغِيْراً أَيَّامَ الوَاثِقِ، وَالحِكَايَةُ فَمُنْكَرَةٌ).ثُمَّ قَالَ: حَتَّى أَقدَمَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ عَلَيْنَا شَيْخاً مِنْ أَذَنَةَ، فَأُدخلَ عَلَى الوَاثِقِ مُقيَّداً، فَرَأَيْتُهُ اسْتَحيَا مِنْهُ، وَرَقَّ لَهُ، وَقَرَّبَه، فَسَلَّمَ، وَدَعَا، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، نَاظِرِ ابْنَ أَبِي دُوَادَ. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، نَصَّبُوا ابْنَ أَبِي دُوَادَ، وَيَضعُفُ عَنِ المُنَاظَرَةِ. فَغَضِبَ الوَاثِقُ، وَقَالَ: أَيَضعُفُ عَنْ مُنَاظرتِكَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَائْذَنْ لِي فِي مُنَاظرتِهِ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ. قَالَ: أَفْعَلُ. فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا أَحْمَدُ، أَخْبِرْنِي عَنْ مَقَالتِكَ هَذِهِ، هِيَ مَقَالَةٌ وَاجبَةٌ دَاخلَةٌ فِي عَقْدِ الدِّينِ، فَلاَ يَكُوْنُ الدِّينُ كَامِلاً حَتَّى تُقَالَ فِيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، - حِيْنَ بُعثَ، هَلْ سَتَرَ شَيْئاً مِمَّا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مِنْ أَمرِ دِينِهِم؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَدَعَا الأُمَّةَ إِلَى مَقَالتِكَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ، فَالتفتَ الشَّيْخُ إِلَى الوَاثِقِ، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَاحِدَةٌ. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ الشَّيْخُ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ اللهِ حِيْنَ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلِيْكُمْ نِعْمَتِي} (المَائدَةُ؛ 5: 3)، هَلْ كَانَ الصَّادِقُ فِي إِكمَالِ دِينِهِ، أَوْ أَنْتَ الصَّادِقُ فِي نُقصَانِهِ حَتَّى يُقَالَ بِمَقَالتِكَ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ، فَقَالَ: أَجِبْ، فَلَمْ يُجِبْ. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اثْنَتَانِ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، أَخْبِرْنِي عَنْ مَقَالتِكَ، أَعَلِمَهَا رَسُوْلُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، أَمْ لاَ؟ قَالَ: عَلِمَهَا. قَالَ: فَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا؟ فَسَكَتَ. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، ثَلاَثٌ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْمَدُ، فَاتَّسعَ لِرَسُوْلِ اللهِ أَنْ يَعلَمَهَا وَأَمسَكَ عَنْهَا كَمَا زَعمتَ، وَلَمْ يُطَالبْ أُمَّتَهُ بِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَاتَّسعَ ذَلِكَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَعرضَ الشَّيْخُ، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، قَدْ قَدَّمْتُ أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنِ المُنَاظَرَةِ، إِنْ لَمْ يَتَّسعْ لَنَا الإِمسَاكُ عَنْهَا، فَلاَ وَسَّعَ اللهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَّسعْ لَهُ مَا اتَّسَعَ لَهُم. فَقَالَ الوَاثِقُ: نَعَمْ، اقطَعُوا قَيْدَ الشَّيْخِ. فَلَمَّا قُطعَ، ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى القَيدِ ليَأْخُذَهُ، فَجَاذَبَهُ الحَدَّادُ عَلَيْهِ. فَقَالَ الوَاثِق: لِمَ أَخَذْتَهُ؟ قَالَ: لأَنِّي نَوَيتُ أَن أُوصِيَ أَنْ يُجعلَ فِي كَفَنِي حَتَّى أُخَاصِمَ بِهِ هَذَا الظَالِمَ غَداً. وَبَكَى، فَبَكَى الوَاثِقُ وَبَكَيْنَا، ثُمَّ سَألَهُ الوَاثِقُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ، فَقَالَ: لَقَدْ جَعَلتُكَ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ إِكرَاماً لِرَسُوْلِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، لِكَونِكَ مِنْ أَهْلِهِ. فَقَالَ لَهُ: أَقِمْ قِبَلَنَا فَنَنْتَفِعْ بِكَ، وَتَنْتَفِعْ بِنَا. قَالَ: إِنَّ رَدَّكَ إِيَّايَ إِلَى مَوْضِعِي أَنفعُ لَكَ، أَصِيرُ إِلَى أَهْلِي وَوَلَدِي، فَأَكُفَّ دُعَاءَهُم عَلَيْكَ، فَقَدْ خَلَّفتُهُم عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: فَتَقبلُ مِنَّا صِلَةً؟ قَالَ: لاَ تَحِلُّ لِي، أَنَا عَنْهَا غَنِيٌّ. قَالَ المُهْتَدِي: فَرَجَعتُ عَنْ هَذِهِ المَقَالَةِ، وَأَظنُّ أَنَّ أَبِي رَجَعَ عَنْهَا مُنْذُ ذَلِكَ الوَقْتِ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ الحَافِظُ: هَذَا الأَذَنِيُّ هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الأَذْرَمِيُّ]؛ انتهى كلام الإمام الذهبي في سير الأعلام، ولعلك تلاحظ دقة الإمام في جملته المعترضة: (قُلْتُ: كَانَ صَغِيْراً أَيَّامَ الوَاثِقِ، وَالحِكَايَةُ فَمُنْكَرَةٌ)، فالحكاية منكرة، وإن كانت ممتعة لطيفة؛ وقد صاغها راويها – أو مخترعها - مراعياً بعض أصول المناظرة، ومن أهمها وجود مسألة معلومة محددة، حتى لا تنقلب المناظرة جدلاً إلى لا نهاية.
والحق أنه لم يثبت على نحو يقيني أن الواثق توقَّف عن امتحان الناس، كيف وهو ترك جثمان الإمام الشهيد المظلوم معلقاً مصلوباً عند أحد أبواب بغداد إلى وفاته؟!
فالسابق هو إذاً النص في تاريخ بغداد بعينه؛ لاحظ النص: (قَالَ الشيخ: لم تنصفني، يَعْنِي: (وَلِيَ السؤال)، فَقَالَ لَهُ: سل) مما يدل على أن الطرفين يعرفان أن للمناظرة أصولاً وقواعد: من له الحق أن يبدأ، وكيف تكون الإجابة،... إلخ؛ خلافاً لنص المحرَّف، الذي أورده الأستاذ ضياء القدسي: (قال الشيخ:‏ ‏ أنا أسألك قبل. ‏فقال له: سـَلْ) الذي لا يظهر منه ذلك إطلاقاً.
قال الأستاذ ضياء القدسي: [أين ومتى سألتك هل تقول أو لا تقول بقاعدة: "الأصل في الأشياء، والأفعال، والأقوال الإباحة"؟ أنا أعلم أنك تقول بهذه القاعدة، وليس أنت ولا ابن حزم فقط يقولان بهذه القاعدة يا أستاذ كما تظن متفاخراً. فهذه قاعدة قال بها قبل ابن حزم أكثر علماء الحنفية وأكثر علماء الحنابلة وبعض الشافعية وأبو الفرج المالكي من المالكية. فكيف تقول أنه لم يسبقك إليها إلا ابن حزم؟ أما عن قولك بأنك أصلت لهذه القاعدة على نحو لم يسبقك أحد إليه فسيأتي إن شاء الله الرد على هذا الكلام في مكانه]
وذلك رداً على قولنا: [وإلا لعلم، مثلاً، علم يقين أننا نقول: (أن الأصل في الأشياء، والأفعال، والأقوال الإباحة)، وقد أصلنا ذلك – بحمد الله – على نحو لم نسبق إليه، إلا من الإمام الفقيه الحافظ الحجة أبي محمد علي بن حزم في أجزاء جوهرية منه]
نص قولنا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وهو (وقد أصلنا ذلك – بحمد الله – على نحو لم نسبق إليه، إلا من الإمام الفقيه الحافظ الحجة أبي محمد علي بن حزم في أجزاء جوهرية منه)، فالكلام عن (التأصيل الجوهري) الذي من الله علينا به، ولا فخر أو تباهي، فلم يسبقنا إليه، أو إلى بعضه، سوى الإمام الفحل أبو محمد علي بن حزم؛ أما جمهور الفقهاء الذين قالوا بها، وهم أكثر بكثير ممن ذكر، فلم يأت منهم تأصيل معتبر، اللهم إلا الجملة أو الجملتان، في أسطر قلية. وأكثرهم إنما يراها تنطبق فقط على (الأشياء) أو (المنافع)، وليس على الأقوال والأفعال، وإلا لما غرقوا في مستنقع الأقيسة الفاسدة، والآراء المنتنة.
فالأستاذ ضياء القدسي، فيما يظهر، لا يستطيع قراءة النصوص العربية الواضحة، وهذا برهان خامس على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.

أما ذكرنا للقاعدة فلأن ذكره ضروري في الرد على كلامه هو، الذي هو هراء محض: (ما حكم من لم يبحث عن دليل في المباحات وبحث عن دليل التحريم فقط. وقال الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل على حرمتها؟ هل مثل هذا الشخص لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله في الإتباع؟)
نقول: (هراء محض) لأن من قال بأن الأصل في الأشياء (وسنتساهل ها هنا معتبرين أن لفظة الأشياء تشمل الأعيان، والأفعال والأقوال) الإباحة، وسنفترض أنه أصل ذلك تأصيلاً قاطعاً للعذر، تقوم به الحجة، كما فعلنا نحن، بحمد الله؛ من قال بالقاعدة المذكورة لا يتصور أن (يبحث عن دليل الإباحة لذلك الشيء المخصوص) لأن الدليل قد قام وفق القاعدة العامة، وانتهى الأمر، وفرغ من المسألة؛ مع أنه كثيراً ما نجد أدلة مخصوصة على إباحة أشياء معينة، وهذا مزيد بيان من فضل الله ونعمته، ولو لم يأت لكفتنا القاعدة العامة، تماماً كفرضية الصلاة والزكاة جاءت بها آيات وأحاديث كثيرة، ولو لم تأت إلا واحدة لكفت ووفت، كما هو الحال بالنسبة للصيام والحج، وهما كذلك من أركان الإسلام، ورؤوس فرائض الدين، إنما فرض كل منهما بآية واحدة فقط.

لذلك فإن الواجب على المفتي إذا سئل عن دليل معين لإباحة شيء معين أن يعلم السائل أن هذا النوع من السؤال خطأ، وإنما يكون السؤال عن حرمة شيء معين، أو وجوبه، أو كراهيته، أو استحبابه. فلا حاجة لي مثلاً أن أذكر دليلاً معيناً على جواز كشف المرأة لوجهها، وعلى من زعم خلاف ذلك (أي من زعم أنه حرام أو مكروه، او حتى من زعم أنه مستحب أو واجب، كمن زعم حرمة النقاب، أو أن النقاب بدعة تركية، مثلاً) أن يأتي بدليله.
ولا تناقض بين هذا، مع قولنا: (حتى الإتباع في «المباحات» يحتاج إلى دليل، لأن الإباحة حكم شرعي تكليفي)، كذا في الطبعة القديمة، وقد أصلحناها هكذا: (حتى الإتباع في «الإباحة» يحتاج إلى دليل، لأن الإباحة حكم شرعي تكليفي)؛ وقد جاء الشرع، ولله الحمد، بالدليل العام وفق قاعدتنا المذكورة آنفاً، ولأن ذلك في مقام الرد على من زعم أن الأصل في الأشياء (معتبرين أن لفظة الأشياء تشمل الأعيان، والأفعال والأقوال) قبل ورود الشرع: الإباحة؛ وهو باطل لأنها لا حكم لها أصلاً قبل ورود الشرع.
فتخليط الأستاذ ضياء القدسي في هذه المسألة دليل سادس على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي!

| فصل: مسألة (التبني):
ثم أضاف الأستاذ ضياء القدسي بحثاً عن (التبني)، صال فيه وجال، مسيئاً لفهم كلامنا كعادته. يقول الأستاذ ضياء القدسي: [لا يمكن أن يفهم من كلام الأستاذ المسعري أن الذي يكفر بعد نزول القرآن هو الذي يعتقد «التبني» بمعنى «الاصطفاء» لأن من يعتقد أن الله اصطفى عيسى عليه السلام وجميع الأنبياء لا يكفر حتى بعد نزول القرآن. ولا يوجد في القرآن الكريم آية تمنع استعمال كلمة ابن بمعنى الاصطفاء حتى نحكم على من ينكرها بالكفر؟؟!
بل جاء في القرآن الكريم أن اليهود والنصارى ادعوا أنهم أبناء الله، قال تعالى عنهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}، (المائدة: 18). أقول: لا يفهم من إدعائهم أنهم أبناء الله، أنهم أبناؤه على الحقيقة، لأنه لا أحد من اليهود والنصارى يعتقد ذلك، ولكنهم قصدوا [أصفياؤه]، لهذا لم يُكذَّبوا على أنهم ادعوا البنوة الحقيقية لله ولم يكفروا لهذا القول، لأنهم لم يكونوا يدعون أنهم أبناء الله على الحقيقة. وإنما كُذبوا على أنهم أصفياء الله وأحباؤه، بقوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}، فالحبيب لا يعذب حبيبه ولا صفيه] انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي.
قلت: بل توجد آيات مكية كثيرة تنكر على من نسب إلى الله الولد، وعلى الذين خرقوا له بنين وبنات بغير علم،... إلخ. والتبني نوع مخصوص من الاصطفاء، وليس هو عين الاصطفاء، وكان المتبنى يحمل اسم متبنيه، وينتسب إليه، ويتوارثان، كابن الصلب تماماً، حتى نسخ هذا في السنة الخامسة للهجرة، أو بعدها بنزول الآيات الشهيرة في سورة الأحزاب.
ومن أوضح ذلك قوله، جل جلاله، وسما مقامه: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، (التوبة؛ 9: 29 - 31). فأنكر عليهم ذات التسمية: (ابن الله)، وجعلها مضاهاة لقول الكفار السابقين، فهي من أقوال الكفار، ومن جرأتهم وقلة أدبهم الخبيثة في الكلام عن الله، وأن كل ذك إفك وافتراء، لذلك قال: {قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، ولم يزد، ولم يذكر شركاً أو كفراً؛ ثم شدَّد النكير، وصعَّد التصنيف، فعقب بما هو كفر وشرك متيقن، ألا وهو اتخاذ الأحبار والرهبان والمسيح بن مريم (أرباباً) من دون الله، وحتى لا تبقى شبه في معنى الربوبية ها هنا، وأنها متلازمة مع الألوهية، قال: {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وفي هذا أيضاً بيان جلي أنهم خالفوا ما أمروا به من التوحيد.
ولعلنا نلاحظ أنه، جل جلاله، وسما مقامه، لم يكرر ذكر عزير، كما فعل بالنسبة للمسيح بن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته، مما يشعر بأن مقولة اليهود: (عزير ابن الله)، وإن تطابقت في اللفظ مع مقولة النصارى، إلا أنها لا تعبر عن نفس المعتقد: فمقولة اليهود: إفك وافتراء، ومضاهاة لقول الكفار السابقين، فقط والله أعلم، أما مقولة النصارى فهي كذلك، وزيادة: تعبر عن اعتقاد معين جعل المسيح بن مريم إلاهاً ورباً من دون الله.
فلعلنا إذاً نستخير الله ونقول:
أولاً: أن معتقد اليهود، أو بعض فرق اليهود، في عزير إنما هو بنوة (التبني)فقط، وليس بنوة (الصلب) أي الانتماء إلى (العنصر، أو الجوهر أو النسب الإلاهي)؛
ثانياً: أن القول ببنوة (التبني) إنما هو بدعة ابتدعوها، مضاهاة لقول الكفار السابقين، وما أمروا بها قط؛ كما أنه ليس في نص القرآن ما يشعر بأنهم أمروا بتركها قبل نزول القرآن؛
ثالثاً: أن القول ببنوة (التبني)، وإن كان مضاهاة لقول الكفار السابقين، قبل نزول القرآن، ليس من أقوال الكفر، وإن كان في أصله ومنشئه من أقوال الكفار، فليست كل أقوال الكفار كفراً (ولا العكس: فليس كل من قال بمقولة كفر أصبح بعينه كافراً!).
أما بعد نزول القرآن، لما سبق ذكره، ولقوله، تباركت أسماؤه: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}، (الزمر؛ 39: 4).
وقد قلنا في كتاب التوحيد بعد هذه الآية مباشرة ما نصه: [فهذا تقدير امتناع لامتناع من أوضح ما يكون: فلو فرض المحال، جدلاً، أن الله يشتهي الولد، ويريد أن يتخذ ولداً، تعالى وتقدس عن تلك الشهوات والإرادات، لما كان في الإمكان أكثر من أن «التبني»، أي أن «يصطفي» من مخلوقاته ما يشاء اصطفاءً خاصاً، فقط لا غير. أما ولد للصلب فمحال، وأما تبني كائنا إلاهيا آخر فيصبح ولداً متبنىً فمحال أيضاً، إذا ما ثم إلا كائن إلاهي واحد، فقط لا غير، من غير زيادة ولا نقصان، هو الله العزيز الحكيم. وهذا هو قولنا الذي سلف، حرفاً بحرف، فالحمد لله الذي أنزل الذكر، قرآناً وسنة، شفاءً لما في الصدور، وهدىً ورحمة لقوم يوقنون.
وهذا الهدى والنور الذي أنزله الله على خاتمة أنبياء الله، محمد بن عبد الله، عليه وعلى آله صلوات وتسليمات وتبريكات من الله، يبين أيضاً أن الله، جل جلاله، لا يشتهي الولد أصلاً، ولا يريده، ومن ثم فهو لا «يتبنى» مطلقاً، قلا يجوز أن يوصف إنسان من البشر في الأرض، أو ملك من ملائكة السماء، أو أي مخلوق آخر، بأنه «ابن» الله، أو «بنت» الله. لذلك فإن القول بأن المسيح عيسى بن مريم، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته، ابن الله، حتى بمعنى «التبني» هذا، باطل، ومن قال به بعد نزول القرآن فهو كافر لأنه مكذب لله تعالى]، انتهى النص المنقول.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 07-21-2012, 03:50 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

ومع ذلك فإني شاكر ومقدر للأستاذ ضياء القدسي إثارة هذه القضية لأن نقاشها أوضح أن مقولتنا: (من قال به بعد نزول القرآن فهو كافر لأنه مكذب لله تعالى)، وإن كانت صحيحة راجحة، إن شاء الله، بمجموع الأدلة آنفة الذكر، إلا أنها ليست قطعية، لعدم سلامة كل دليل بمفرده من المعارضة، وإمكانية التأويل، وسنذكر هذا التفصيل والاحتياط في كتاب التوحيد، إن شاء الله.
والعجيب أن هذه البلورة، وهذا التصحيح، على العكس تماماً ما يريده الأستاذ ضياء القدسي، كما يبدو من كلامه، حيث قال: [يفهم من كلامك أيضاً: أن القول بأن المسيح عيسى عليه السلام، هو ابن الله، بمعنى «التبني» قول باطل ولكن لا يكفر قائله إلا بعد نزول القرآن. وعلة الحكم بكفره أنه مكذب لما جاء في القرآن. يعني لا يكفر حتى تقام عليه الحجة من القرآن. فمن لم تصله الآية التي تبين بأن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) وينكرها فهو ليس بكافر ولا بمشرك عند الأستاذ المسعري.
فلا النصراني قبل الرسالة المحمدية الذي يعتقد أن عيسى عليه السلام هو ابن الله بمعنى (التبني) مشرك كافر بهذا الاعتقاد، ولا بعد الرسالة المحمدية من لم تصله الآية التي في القرآن التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) مشرك كافر عند الأستاذ المسعري، لأنه لم يكذب ما وصله من كتاب الله ولم تُقَم عليه الحجة بذلك. فما دام لم يصل لأحد الآية من كتاب الله التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) فمعتقد ذلك ليس بكافر ولا مشرك وإن كان اعتقاده باطل. هذه عقيدة الأستاذ المسعري حسب هذا الكلام]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي.
فأقول: نعم، هذا هو الحق المبين الذي ندين الله به؛ ونصيحتي للأستاذ ضياء القدسي أن يتقي الله في المسلمين خاصة، وفي بني آدم عامة، وأن ينخلع من لوثة الغلو والتكفير؛ وأن يعلم علم يقين أن الله، جل وعز، قادر بمفرده على الحكم بإدخال الناس النار، أو إجارتهم منها، ويعلم تماماً كيف يملؤها، ولن يحتاج إلى رأي المسعري أو رأي الأستاذ ضياء القدسي!!!

وقبيل ذلك بقليل قال الأستاذ ضياء القدسي: [3 - قولك: "غير أن طوائف من النصارى، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل، قد قالوا بذلك قديماً. وهم بذلك مخطؤون، إلا أنهم ليسوا مشركين". أقول (ضياء الدين): كيف عرفت يا أستاذ أن أتباع آريوس وأغلب اليهود المتنصرين الأوائل الموحدين قد قالوا بأن عيسى عليه السلام ابن الله بمعنى «التبني»؟! فهذه أمور غيبية فهل جاء في ذلك خبر صحيح عن الله أو عن رسوله، صلى الله عليه وسلم،؟!! وأنت القائل في كتابك: "ومن قبل بدعوى، حتى ولو كانت صحيحة في ذاتها، بغير برهان، فهو متقول بغير دليل، وهو من ثم كاذب، حتى ولو كانت المقولة في ذاتها صادقة، لأن من لم يأت بالبرهان كاذب: (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!): أي إن كنت صادقاً فأرني برهانك، وإلا فأنت كاذب، لأنه ليس ثمة إلا: صادق أو كاذب، لا ثالث لهما!" اهـ]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي.
أقول: أحوال المتنصرين الأوائل، وفرقهم، وأقوالهم المكتوبة، وردود خصومهم عليهم كتابة، وفرق اليهود والوثنيين المعاصرين لهم، وما دار بينهم من صراع، معلوم، في الجملة، من التاريخ بالتواتر. فلم يكن القوم ملائكة يطيرون في السماء، ولا من قبيل إبليس الذين يروننا ولا نراهم، بل بشر عاشوا على الأرض، وتركوا كتباً وآثاراً، ونحن لا نحتاج إلى خبر صحيح عن الله أو عن رسوله، صلى الله عليه وسلم، يخبرنا عنهم، وحسبنا قوله، جل جلاله، وسما مقامه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، (يوسف؛ 12: 109)؛ وقال أيضاً: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ (غافر؛ 40: 82)؛ وقد فعل الناس، وفعلنا ذلك، ولخصناه في فقرة قصيرة، وليس كتابنا كتاب تأريخ لأقوال فرق النصارى حتى يلزمنا التأصيل والبرهنة المفصلة.
فليست أحوالهم (أمور غيبية)، كما أفحش الأستاذ ضياء القدسي: فبدلاً من أن يعترف بجهله، ويسأل عن المستندات والمراجع، جعل القضية (غيبية)، ولا نستبعد أن يجعلها بعد مدة من أمور (العقيدة)، ثم ينطلق مسلسل التبديع والتكفير بعد ذلك.
وحسب الأستاذ ضياء القدسي أن يبحث في جوجل تحت لفظة (آريوس، أريوس، الأريوسية)؛
وكذلك بالإنجليزية تحت مفاتيح البحث: (Arius; Arians; Arianism; Semi - Arianism)؛ ولو فعل، لوجد الكثير، ولنطلق منه إلى الأكثر، إذا كان مهتماً بهذه القضايا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولعلنا نضع الأستاذ ضياء القدسي على أول الطريق، طريق البحث والتنقيب، وطلب العلم كما ينبغي، بتقديم بعض النصوص في الملحق مرتبة حسب تاريخ وفاة قائليها، وكلهم من أهل الإسلام، بل من أئمة أهل الإسلام، ابتداءً بأبي محمد علي بن حزم، رضي الله عنه (المتوفى: 452 هـ)، حاشا غريغوريوس (واسمه في الولادة يوحنا) ابن أهرون (أو هارون) بن توما الملطي، أبو الفرج المعروف بابن العبري (المتوفى: 685 هـ)؛ واختتمنا بنقل مقال جيد للدكتور سفر بن عبد الرحمن، وإن كنا نعيب عليه خلط أحكام الصور والتماثيل، بقضايا التوحيد والشرك، ولا عجب فهو لا يستطيع فكاكاً من هوس الدعوة الوهابية!
فعجز الأستاذ ضياء القدسي في التعامل مع هذه البديهيات دليل سابع على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي!

ثم أماط الأستاذ ضياء القدسي اللثام، وأظهر مقصده الحقيقي من كل هذا الجدل الطويل العريض، فقال بعد أن ساق كلامنا عن توحيد الذات، الذي هو رأس التوحيد: [حسب هذا الكلام: الاعتقاد بأن الله لم يتولد منه شيء داخل في توحيد الذات الذي هو رأس التوحيد. والذي هو ثابت بالضرورة وبالبراهين العقلية والفطرية القاطعة، قبل ورود الشرع. ومع ذلك يعذر الأستاذ المسعري من نقض هذا التوحيد بقوله في كتابه: "وحتى من قال بـ «البنوة» الحقيقية، وهي مقول شرك وكفر بذاتها، كثير منهم قد يكون معذوراً بجهل أو تأويل، أو بعض موانع التكفير المعروفة". فمثل هذا عند الأستاذ المسعري معذور بالجهل والتأويل ويعتبره من الموحدين حتى تقام عليه الحجة من كتاب الله. فإن أقيمت عليه الحجة من القرآن الكريم وأنكر ذلك فعندها فقط يصبح كافراً مشركاً. يعني أن من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً عند الأستاذ المسعري.
4 - عند الأستاذ المسعري من يقول بـ «البنوة» الحقيقية أي ينسب لله ولداً «حقيقياً»، أي من طبيعة أو عنصر إلهي، مساوياً لأبيه في الجوهر، كما فعل المثلثون، يعذر بالجهل أو التأويل، ويبقى موحداً، ولكن قوله قول شرك وكفر، ولكنه لا يكفر ولا يحكم عليه بالشرك وإن اعتقد ذلك حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم ويرد ذلك.
أقول (ضياء الدين): هل يختلف رأس التوحيد (توحيد الذات) الذي جاء به عيسى عليه السلام عن رأس التوحيد (توحيد الذات) الذي جاء به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى نظل نعذر معتقد «البنوة» الحقيقية بالجهل والتأويل حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم؟
فما دمتَ تعذر بالجهل والتأويل من اعتقد «البنوة» الحقيقية لله، أي نسب لله ولداً «حقيقياً» فلا بد لك أن تعذر بالجهل والتأويل من لم يجزم بأن الله سبحانه وتعالى هو الحي القيوم، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، وهو وحده واجب الوجود، الغنى بذاته، الأزلي القديم، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور، لأن كل هذه داخلة أيضاً في توحيد الذات مثلها مثل مسألة أن الذات الإلهية لا يتولد منه شيء.
فهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله حي قيوم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله بكل شيء عليم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله الغنى بذاته، الأزلي القديم، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور، معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!
إن قلت غير معذور فلمَ فرقت بين هذا ومسألة اعتقاد «البنوة» الحقيقية بعيسى عليه السلام؟!
وإن قلتَ: معذور بالجهل والتأويل ويبقى موحداً معذوراً بجهله وتأويله ولا يحكم عليه بالشرك والكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية، فقد حكمت بإسلام من لم يحقق رأس التوحيد، وبهذا خالفت محكم آيات كتاب الله]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي، وإن كان بعض التسطير والتسويد من عندنا.

قلت: حسبنا هذه الجملة القصيرة لبيان الخلل الجوهري في تفكير الأستاذ ضياء القدسي: (يعني أن من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً عند الأستاذ المسعريوبرهان على أنه صاحب هوى، أعماه الهوى عن رؤية ما لا يقل وضوحاً عن الشمس في رابعة النهار: فوالله، الذي لا إله إلا هو، ما قلنا قط أن (من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً)، ومن المحال الممتنع أن يكون مثل هذا مسلماً موحداً؛ وإنما قلنا فقط أن من قال بمقولة كفر، أو عمل عملاً من أعمال الكفر، وإن جرت عليه أحكام الكفار في الدنيا في الأنكحة والذبائح والدفن والمواريث والعقوبات، كما هو مفصل في كتب الفقه، ليس هو بالضرورة (الكافر) المستحق للعقوبة الأخروية، كما هو في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ}، (البقرة؛ 2: 161 - 162)؛ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}، (آل عمران؛ 3: 91)؛ وغيرها كثير.

ولم يترك الله، جل جلاله وسما مقامه، هذا الأمر من غير بيان، حتى نحتاج إلى مزاعم المسعري، أو وساوس الأستاذ ضياء القدسي، فأبان ذلك لنا، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)}، (الأحزاب؛ 33: 64 - 68)، فهؤلاء جاءهم رسول فعصوه،
ــ وقوله: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}، (الملك؛ 67: 6 - 11)؛ ومعلوم أن قوله جلَّ وعلا: {كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ} يعم جميع الأفواج الملقين في النار. قال أبو حيان في «البحر المحيط» في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها ما نصه: «وكلما» تدل على عموم أزمان الإلقاء فتعم الملقين. ومن ذلك قوله جلَّ وعلا: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}، (الزمر؛ 39: 71)، وقوله في هذه الآية: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} عام لجميع الكفار؛ وقد تقرر في الأصول: أن الموصولات كـ(الذي) و(التي) وفروعهما من صيغ العموم. لعمومها في كل ما تشمله صلاتها. قال في مراقي السعود في صيغ العموم:
صيغة كل أو الجميع وقد تلا الذي التي الفروع
فهؤلاء كلهم جاءتهم النذر فكذبوها، وقامت عليهم الحجة، واعترفوا بذنبهم، وفرغ من أمرهم؛
ــ وأيضاً قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ؛ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ؟! فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}، (فاطر؛ 35: 37)، عام أيضاً في جميع أهل النار. كما تقدم قريباً.
ــ وقال، جل جلاله وسما مقامه، أيضاً: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)}، (غافر؛ 40: 49 - 50)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن جميع أهل النار أنذرتهم الرسل في الدنيا.
ــ وقال، جل جلاله وسما مقامه، أيضاً: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)}، (محمد؛ 47: 8 - 9)، ومن المحال الممتنع أن يكره الإنسان شيئاً لم يبلغه ولم يعرفه.

ولم يغب عنا أن جماعة أخرى ممن ينتسبون إلى العلم قد ذهبت إلى أن كل من مات على الكفر فهو في النار ولو لم يأته نذير، واستدلوا بظواهر آيات من كتاب الله، وبأحاديث عن النَّبي، صلى الله عليه وسلم،. فمن الآيات التي استدلوا بها:
ــ قوله تعالى: {وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}، طبعا بعد بتر الآية، عياذاً بالله، وإخراجها من سياقها: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}، (النساء؛ 4: 18)؛
ــ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، وإليك تمام السياق: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162)}، (البقرة؛ 2: 159 - 162)؛
ــ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}، وإليك تمام السياق الذي بتره هؤلاء، بترهم الله: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (88) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91)}، (آل عمران؛ 3: 85 - 91)؛

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فهرس مؤلفات الشيخ ضياء الدين القدسي حفظه الله ..(متجدد) أنصار التوحيد الكتب 0 04-02-2011 02:48 AM


الساعة الآن 02:00 PM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى