منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـفتاوى الـشرعية > قسم فتاوى العقيدة

تنبيهات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-21-2011, 12:24 AM
ام عبد الله ام عبد الله غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 129
افتراضي هل يعذر من أشرك في أسماء الله وصفاته بجهل منه او تأويل ؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم، شيخنا الفاضل ضياء الدين القدسي، وجزاكم الله خيرا



قرأت في أحد المنتديات ، سؤالا لسائل يسأل ويقول:

اقتباس:
هل الشرك فى الاسماء والصفات يعذر فيه ؟!
نقول انه لاعذر بالجهل او التاويل فى الشرك الاكبر وان من لم يحقق التوحيد فهو مشرك لا محالة ونعلم ان التوحيد ثلاثة انواع -ولا مشاحة فى الاصطلاح-ربوبية والوهية واسماء وصفات والشرك فى الربوبية والالوهية معلوم ماهيته لدى الجميع وسؤالى هو ما ماهية الشرك فى الاسماء والصفات الذى لا عذر فيه لا بجهل ولا تاويل واذا قلنا بانه اما بالتعطيل او الاثبات والاثبات اما ان يكون باثبات صفات الخالق للمخلوق او باثبات صفات المخلوق للخالق فمعلوم ان الفرق المبتدعة قد وقعت فى اشياء من ذلك ومع ذلك فحكمهم معروف عند العلماء حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية(كنت اقول للجهمية النفاة انا لو قلت بقولكم لكفرت لانى اعلم ان قولكم كفر وانتم عندى لا تكفرون لانكم جهال)وقال ايضا ابن القيم فى النونية فى شأن الجهمية(فالوقف فيهم لست بالذى بالكفر انعتهم ولا الايمان)واذا ثبت هذا فى حق الجهمية وهم من هم كان فيمن دونهم اثبت واوجه وذلك كله يشير الى ان العلماء يعذرون فى الاسماء والصفات بالجهل والتاويل مع انه من التوحيد والوقوع فيه شرك اكبر لا نعذر فيه لا بجهل ولا تاويل
افيدونا افادكم الله


فما هو ردكم شيخنا الفاضل على هذه الشبهة، وفقكم الله لكل خير، ونصر بكم دينه



والحمد لله رب العالمين
__________________

من مواضيع ام عبد الله

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-23-2011, 05:46 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الشرك في الأسماء والصفات لا يعذر صاحبه بجهل أو تأويل وهو إشراك مع الله سبحانه وتعالى غيره في الصفات والأسماء التي لا يتصور الله بدونها . يعني إعطاء مع الله غيره وصف أو اسم لا يوصف ولا يسمى به إلا الله . ومثل هذا الشرك لم تقع فيه الفرق الإسلامية على اختلاف عقيدتها في الصفات والأسماء التي نتجت عن الجهل أو التأويل .

قولك : " واذا قلنا بانه اما بالتعطيل او الاثبات والاثبات اما ان يكون باثبات صفات الخالق للمخلوق او باثبات صفات المخلوق للخالق فمعلوم ان الفرق المبتدعة قد وقعت فى اشياء من ذلك ومع ذلك فحكمهم معروف عند العلماء

أقول ( ضياء الدين ) : التعطيل في اللغة : مأخوذ من العطل ، الذي هو الخلو والفراغ والترك ، ومنه قوله تعالى: [وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ] (الحج: 45)، أي: أهملها أهلها، وتركوا وردها .
وفي الاصطلاح : هو إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات ، أو إنكار بعضه .
فإن كان المعطل قد أنكر صفة من صفات الله أو اسماً من أسمائه التي لا يتصور الله بدونها فهو كافر منكر لله ملحد خارج من الملة يدخل في قوله تعالى : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (الأعراف : 180)
جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية : " وقال ابن جريج عن مجاهد {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال اشتقوا اللات من الله ، والعزى من العزيز ، وقال قتادة يلحدون يشركون في أسمائه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب: وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد ، والميل والجور والانحراف ، ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر. "
وجاء في تفسير الطبري لهذه الآية : " وأما قوله: وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ فإنه يعنـي به الـمشركين. وكان إلـحادهم فـي أسماء الله أنهم عدلوا بها عما هي علـيه, فسموا بها آلهتهم وأوثانهم, وزادوا فـيها ونقصوا منها, فسموا بعضها اللات اشتقاقا منهم لها من اسم الله الذي هو الله, وسموا بعضها العزّى اشتقاقا لها من اسم الله الذي هو العزيز.
واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله يُـلْـحِدُونَ فقال بعضهم: يكذّبون.
ذكر من قال ذلك.
12064ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ قال: الإلـحاد: التكذيب.
وقال آخرون: معنى ذلك: يشركون. ذكر من قال ذلك.
12065ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا أبو ثور, عن معمر, عن قتادة: يُـلْـحِدُونَ قال: يشركون. " اهـ
ولا يوصف أحد بأنه مشرك في الصفات والأسماء إلا إن أعطى أحداً مع الله إحدى هذه الصفات أو الأسماء التي لا يتصور الله بدونها . ولا يعذر هنا بجهل أو تأويل . أما إن كان ما عطله من الصفات والأسماء ، من الصفات والأسماء التي لا تُعرف إلا بالشرع والتي ليس لها علاقة بأصل الدين فهذا معذور بجهله وتأويله .
أما من يُثبت أو يعطي صفات الخالق للمخلوق فهو مشرك بالله غير موحد ولا يعذر بجهل أو تأويل ، وكذلك من يصف الخالق بصفات المخلوق فهو كافر خارج من الملة من المشبهة الذين لا ينزهون الله عن النقائص . وهو داخل في قوله تعالى :" وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ " (الأنعام : 100)
قال العلامة نعيم بن حمّاد شيخ الإمام البخاري ( من شبه الله بخلقه كفر ومن جحد ماوصف الله به نفسه كفر وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه ولا تمثيل )( كتاب العلو للذهبي)

قولك : "معلوم ان الفرق المبتدعة قد وقعت فى اشياء من ذلك ومع ذلك فحكمهم معروف عند العلماء "

أقول ( ضياء الدين ) : لم تقع الفرق المبتدعة التي عدت من الفرق الإسلامية بشرك الصفات . ومن يظن أنها وقعت بشرك الصفات فقد افترى عليها بدون علم . والفِرق التي وقعت بشرك الصفات لم تُعد من الفرق الإسلامية .

قولك : " حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية (كنت اقول للجهمية النفاة انا لو قلت بقولكم لكفرت لانى اعلم ان قولكم كفر وانتم عندى لا تكفرون لانكم جهال) وقال ايضا ابن القيم فى النونية فى شأن الجهمية ( فالوقف فيهم لست بالذى بالكفر انعتهم ولا الايمان) واذا ثبت هذا فى حق الجهمية وهم من هم كان فيمن دونهم اثبت واوجه"

أقول ( ضياء الدين ) : من كفر الجهمية من العلماء لم يكفرهم لأنهم وقعوا في شرك الصفات والأسماء ، وإنما كفرهم في إنكار ما ثبت بالشرع من أسماء الله وصفاته لتوفر شروط التكفير وانتفاء موانعه عنده فيهم ، ويمكن أن يقال : أنه حكم بكفر أقوالهم وكفَّر أعيانهم إن توفرت شروط تكفير المعين منهم وانتفت موانع تكفيره . ومن لم يكفرهم كان بسبب عدم توفر شروط التكفير وعدم انتفاء موانعه فيهم عنده . ومن كُفِّر من الجهمية ومن لم يُكفر ليس فيهم من وقع في شرك الصفات والأسماء . فالجهمية تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1-الغالية أو الجهمية المحضة : وهم الذين ينفون أسماء الله وصفاته .
2-المعتزلة: الذين يثبتون الأسماء في الجملة ؛ لكنهم ينفون الصفات.
3- الصفاتية : الذين يثبتون الأسماء والصفات في الجملة ؛ لكن فيهم نوع تجهم ؛ حيث يؤولون الصفات الخبريةوغيرها.
فلا يوجد في أنواع الجهمية ولا في أنواع الطوائف الإسلامية من يشرك في الصفات والأسماء . لأن من يشرك في الصفات والأسماء لم يحقق أصل الدين . ومن لم يحقق أصل الدين لا يختلف مسلمان في عدم إسلامه .

وقال : ( وإذا كان كذلك فالجهمية الذين كان باطن أمرهم السلب والتعطيل لما نبغوا لم يكونوا يظهرون للناس إلا ما هو أقل إنكارا عليهم فاظهروا القول بان القرآن مخلوق واظهروا القول بأن الله لا يرى وكانت مسألة القرآن عندهم أقوى ولهذا افسدوا من أفسدوه من ولاة الأمور في إمارة أبي العباس الملقب بالمأمون وأخيه أبي إسحاق المعتصم والواثق جعلوا هذه المسألة مسألة يمتحنون بهاالناس وأظهروا أن مقصودهم إنما هو توحيد الله وحده لأنه هو الخالق وكل ما سواه مخلوق وأن من جعل شيئا ليس هو الله تعالى وقال أنه غير مخلوق فقد أشرك وقال بقول النصارى أو نحو ذلك فصار كثير ممن لم يعرف حقيقة أمرهم يظن أن هذا من الدين ومن تمام التوحيد فضلوا وأضلوا وكانوا يتظاهرون بأن الله لا يرى لكن لم يجعلوا هذه المسألة المحنة لأنه لا يظهر فيها من شبهة التوحيد للعامة ما يظهر في أن كل ما سوى الله مخلوق، وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقهم وان المقصودبقولهم أن القرآن مخلوق أن الله لا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول وبهذا تتعطل سائر الصفات من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءت به الكتب الإلهية وفيه أيضا قدحفي نفس الرسالة فان الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله فإذا قدح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحا في رسالة المرسلين فعلموا أن في أن باطن ما جاؤوا به قدح عظيم في كثيرمن أصلي الإسلام شهادة أن لا اله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله .
لكن كثيراًمن الناس لا يعلمون ذلك كما أن كثيراً من الناس لا يعلم باطن حال القرامطة لأنهم إنما يظهرون موالاة آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن كل مؤمن يجب عليه أن يواليهم وإن اظهروا شيئا من التشيع الباطل الذي يوافقهم عليه الشيعة الذين ليسوازنادقة ولا منافقين ولكن فيهم جهل وهوى تلبس عليهم فيه بعض الحق كما أن هؤلاءالجهمية وافقهم من العلماء والأمراء في بعض ما يظهرونه من لم يكن من الزنادقةالمنافقين لكن كان فيهم جهل وهوى لهم فأخبر الله أن المنافقين لا يزيدون المؤمنين إلا خبالا وأنهم يوضعون خلالهم أي يبتغون بينهم ويطلبون لهم الفتنة قال الله تعالى: "وفيكم سماعون لهم " فاخبر أن في المؤمنين من يستجيب للمنافقين ويقبل منهم فإذا كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان استجابة بعض المؤمنين لبعض المنافقين فيمابعده أولى و لهذا استجاب لهؤلاء الزنادقة المنافقين طوائف من المؤمنين في بعض مادعوهم إليه حتى أقاموا الفتنة وهذا موجود في الزنادقة الجهمية والزنادقة الرافضةوالزنادقة الجامعة للأمرين وأعظمهم القرامطة والمتفلسفة ونحوهم ." (بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية)
وقال : ( فالإمام أحمد رضي الله عنه ترحم عليهم (يعني: الجهمية) واستغفر لهم ؛ لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم ) ( المسائل الماردينية ص 69.)
وقال : ( وحقيقة الأمر أنهم أصابهم في ألفاظ العموم في كلام الأئمة ما أصاب الأولين في ألفاظ العموم في نصوص الشارع ، كلما رأوهم قالوا من قال كذا فهو كافر اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكل من قاله ولم يتدبروا أن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين وان تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمدوعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه. فإن الإمام أحمد مثلاً قد باشر الجهميةالذين دعوه إلى خلق القرآن ونفي الصفات وامتحنوه وسائر علماء وقته وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات وقطع الأرزاق وردالشهادة وترك تخليصهم من أيدي العدو بحيث كان كثيراً منأولى الأمر إذ ذاك من الجهميةمن الولاة والقضاةوغيرهم يكفرون كل من لم يكن جهميا موافقالهم على نفي الصفات مثل القول بخلق القرآن ويحكمون فيه بحكمهم في الكافر فلا يولونه ولاية ولا يفتكونه من عدو ولا يعطونه شيئا من بيت المال ولا يقبلون له شهادةولا فتيا ولا رواية ويمتحنون الناس عند الولاية والشهادة والافتكاك من الأسر وغير ذلك فمن أقر بخلق القرآن حكموا له بالإيمان ومن لم يقر به لم يحكموا له بحكم أهل الإيمان ومن كان داعيا إلى غير التجهم قتلوه أو ضربوه وحبسوه ومعلوم إن هذا من أغلظ التجهم فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها وإثابة قائلهاوعقوبة تاركها أعظم من مجردالدعاء إليها والعقوبة بالقتل لقائلها أعظم من العقوبةبالضرب ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم وحللهم ممافعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهميةالذين كانوا يقولون القرآن مخلوق وان الله لا يرى في الآخرة وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوماً معينين ؛ فأما أن يذكرعنه في المسألة روايتان ففيه نظر ؛ أو يحمل الأمر على التفصيل ؛ فيقال : من كفره بعينه ؛ فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه ، ومن لم يكفره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه هذه؛ مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم" اهـ (مجموع الفتاوى 12/479- 489)
وقال : " ولكن المقصود هناأن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين ،ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك، ولم يفهموا غور قولهم ؛ فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقاً حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي ، وربما رجحت التكفير والتخليد في النار ، وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام ؛ بل لايختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل ولا يكفر من يفضل علياً على عثمان ؛ بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم ، وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته ؛ لأن مناقضة أقوالهم لماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة ، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق ، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم ، وأنه يدور على التعطيل ، وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط ، والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ،ومع هذا ؛ فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك ، ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسيرلم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق وغير ذلك . ولا يولون متولياً ولايعطون رزقاً من بيت المال إلا لمن يقول ذلك ، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم، واستغفر لهم لعلمه بأنهم لمن يبين لهم أنهم مكذبون للرسول ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطئوا وقلدوا من قال لهم ذلك"اهـ(مجموع الفتاوى23/348-349 )
وقال : "وأما تعيين الفرق الهالكة فأقدم من بلغنا أنه تكلم في تضليلهم: يوسف بن أسباط ثم عبد الله بن المبارك ، وهما إمامان جليلان من أجلاء أئمة المسلمين قالا: أصول البدع أربعة : الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة. فقيل لابن المبارك: والجهمية ؟ فأجاب : بأن أولئك ليسوا من أمة محمد . وكان يقول : إنا لنحكي كلام اليهودوالنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية . وهذا الذي قاله اتبعه عليه طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم ؛ قالوا : إن الجهمية كفار فلا يدخلون في الاثنتين والسبعين فرقة ؛ كما لا يدخل فيهم : المنافقون الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام ،وهم الزنادقة. وقال آخرون من أصحاب أحمد وغيرهم : بل الجهمية داخلون في الاثنتين والسبعين فرقة، وجعلوا أصول البدع خمسة ... " اهـ
)مجموع الفتاوى 3/350-351)
وقال : " فنقول: المشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية وهم المعطلة لصفات الرحمن ؛ فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب ،وحقيقة قولهم جحود الصانع ؛ ففيه جحود الرب وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله ،ولهذا قال عبد الله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية ، وقال غير واحد من الأئمة : إنهم أكفر من اليهود والنصارى ولهذا كفروا من يقول : إن القرآن مخلوق ، وإن الله لا يرى في الآخرة ، وإنالله ليس على العرش ، وإن الله ليس له علم ولا قدرة ولا رحمة ولا غضب ، ونحو ذلك من صفاته. " اهـ (مجموع الفتاوى 12/479 )
وعن الإمام أحمد ؛ أنه سأله عن حكم صلاة الجمعة أيام كان يصلي الجمع خلف الجهمية فقال : " أنا أعيد ، ومتى ماصليت خلف أحد ممن يقول القرآن مخلوق ؛ فأعد" اهـ (مسائل أبي داود ص 43)
وقال البربهاري : "وإن كان إمامك يوم الجمعةجهمياً ، وهو سلطان ؛ فصل خلفه ، وأعد صلاتك " اهـ (شرح السنةص 49)

قولك : وذلك كله يشير الى ان العلماء يعذرون فى الاسماء والصفات بالجهل والتاويل مع انه من التوحيد والوقوع فيه شرك اكبر لا نعذر فيه لا بجهل ولا تاويل .

أقول ( ضياء الدين ) : ليس الجهل أو التأويل في الصفات والأسماء التي لا تعرف إلا بالشرع ناقض لأصل الدين يوقع في الشرك الأكبر . وإنما الجهل والتأويل في الصفات التي لا يمكن أن يتصور الله من دونها هو الذي ينقص أصل الدين ويمنع من معرفة الله .
العلماء يعذرون بالجهل والتأويل في الصفات والأسماء التي لا تعرف إلا بالشرع ، أما الصفات التي لا يمكن تصور الله سبحانه وتعالى من دونها فلا يَعذر أحدٌ من الموحدين بالجهل فيها ولا بالتأويل فضلا أن يعذر علماءُ الموحدين بذلك.
ونتحدى كل من يقول بالعذر بالجهل والتأويل في أصل الدين والشرك الأكبر أن يأتي لنا بقول عالم واحد معتبر يعذر بالجهل أو التأويل بما يتعلق في الصفات التي لا يتصور الله من دونها . وكذلك نتحدى أن يأتوا بقول عالم واحد عذر بالجهل أو التأويل من أشرك في الصفات والأسماء .

كتبه : ضياء الدين القدسي




رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-18-2015, 08:54 PM
mouslim mouslim غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 10
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما حكم من سمّى ابنه باسم من أسماء الله الخاصة كالرحمن ولكنه لم يعطه نفس صفة الرحمة، أو سماه "الخالق" ولم يعتقد أنه يخلق مع الله، فهل يكون مشركا ولا يعذر بالجهل سواء كان يعيش بين المسلمين أو كان حديث عهد بإسلام؟ وهل هناك فرق بين من علِم أن هذا الاسم خاص ومع ذلك سمى به ابنه دون إعطائه نفس الصفة ، وبين من لم يعلم وسمى؟
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-15-2015, 11:13 PM
mowahid faris mowahid faris غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 4
افتراضي

جزاكم الله خير وبارك الله فيكم وجعله الله في ميزان حسناتكم يا شيخ
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-22-2015, 10:15 PM
mouslim mouslim غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 10
افتراضي

هل من إجابة يا فضيلة الشيخ
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-11-2017, 06:44 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
اسم الرحمن والخالق والباري وما شابه لا يطلق إلا على الله فمن سمى ابنه بمثل هذه الأسماء وهو يعرف معناها يكفر لأنه وصف ابنه بصفة لا تكون إلا لله . وكونه لا يعتقد معنى هذا الاسم بابنه ليس عذراً له .
كتبه : ضياء الدين القدسي
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-06-2017, 06:24 PM
موحد توحيد موحد توحيد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 7
افتراضي أسئلة إلى الشيخ ضياء الدين القدسي

قال الشيخ ضياء الدين القدسي : ( العلماء يعذرون بالجهل والتأويل في الصفات والأسماء التي لا تعرف إلا بالشرع ، أما الصفات التي لا يمكن تصور الله سبحانه وتعالى من دونها فلا يَعذر أحدٌ من الموحدين بالجهل فيها ولا بالتأويل فضلا أن يعذر علماءُ الموحدين بذلك. ).

سؤالي :
- ماهي هذه الصفات التي لا يمكن تصور الله سبحانه وتعالى من دونها ؟
- كم عددها ؟
- وماهو الدليل من الكتاب والسنة على هذا التفريق ؟
- هل كون هذه الصفات تعرف بالعقل دليل على أن جاهلها مشرك ؟
- ماهي علة كفر من جهل إحدى هذه الصفات ؟
- هل من يجهل صفة القدرة يكون بالضرورة ينسب العجز لله تعالى ؟
أرجو أن يكون جواب الشيخ مفصلا ، أي: يجبني عن أسئلتي الستة كل على حدة .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 AM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى