#10
|
|||
|
|||
مسلم1 :
قولك : ولديّ سؤالان آخران : 1- ما تعريف أصل الدين عندك ؟ أو بالأحرى : ما أدنى ما يدخل المرء به في الإسلام ؟ وهل لك أن تستدل بالأدلة الشرعية على المسائل التي ستدرجها في تعريفك مما زاد عن تعريفي أو خالفه ؟ أقول : اتفقنا أن مصطلح أصل الدين مصطلح غير موجود في القرآن والسنة . ثم اتفقنا على تعريفه والمقصود منه ، ولم نتحدث في مفهومه ، وهذا هو المهم . فإذا اتفقنا على فهمه انتهى الخلاف بيننا بإذن الله . أصل الدين هو : الكفر بالطاغوت والإيمان بالله . قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة : 256) وكذلك يدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله ) رواه مسلم ولقد اتفقنا أن بدون تحقيق هذين الشرطين لا يتحقق أصل الدين ولا يدخل العبد الإسلام . والكفر بالطاغوت والإيمان بالله هو معنى الشهادة . لا إله = الكفر بالطاغوت إلا الله = الإيمان بالله . لهذا لو قلنا أن أصل الدين هو شهادة التوحيد لما أخطأنا . فما بقي علينا هو : أن نفهم الآيات والأحاديث التي اتفقنا عليها والتي تبين أصل الدين وكيفية دخول العبد للإسلام ، لنعرف كيفية تحقق أصل الدين في الواقع . والمشكلة تكمن في فهم الشرط الأول وهو : الكفر بالطاغوت . أو الكفر بما يعبد من دون الله . فما معنى الكفر بالطاغوت ؟ وكيف يتحقق في أرض الواقع ؟ وما معنى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به . ؟ فبدون معرفة معنى الطاغوت وبدون معرفة كيفية الكفر به ، لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام . أو قل لا يتحقق الشرط الأول لتحقق أصل الدين . وهذا هو الذي يجب أن نركز عليه في حوارنا بعد الآن . ولا يُعقل ولا يليق بعدل الله وحكمته وكماله أن يشترط لدخولنا الإسلام ، شرطاً في كتابه ولا يوضحه في كتابه أتم توضيح . وكذلك ما دام القرآن حجة على الخلق فلا بد أن يكون بيان هذه الشروط فيه واضحاً بينا يفهمه كل عاقل بالغ يفهم لغة العرب التي نزل بها القرآن . فقد قال تعالى : " وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ " لهذا من أراد أن يعرف هذه الشروط ، فما عليه إلا أن يبحث في القرآن الكريم ويفهمه باللغة التي نزل بها . قولك: 2-- لو قلنا إن تكفير المشركين من أصل الدين ، فهل أسلمة الموحدين من أصل الدين كذلك ؟ وإن كان كذلك ، فلماذا جاء الوعيد الشديد في أحاديث متنوعة تنهى عن تكفير المسلم بغير وجه حق ، مع أنه مسألة بدهية عقلية تُفهم من منطوق الشهادتين ، كما يُفهم منها تكفير المشركين (بحسب ادعاء مخالفنا) ، ولم يجئ وعيد واحد في من امتنع عن تكفير المشركين ؟ هذا ، وهي مسألة أصولية عظيمة (عند مخالفنا) حدث الاختلاف فيها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وليس لدى أحدهم دليل من قرآن أو سنة يُفصل به في الخلاف ! أقول : أولاً : تعبير حكم " أسلمة الموحدين " خطأ ، كتعبير حكم " تكفير المشركين " وإنما يقال : حكم " تكفير الموحدين " وحكم " أسلمة المشركين " لأن الموحد مسلم ، والمشرك كافر أو قل : غير مسلم . بعد هذا التوضيح أقول : من كفَّر الموحد لتوحيده أو لإسلامه لم يحقق أصل الدين . وكذلك من حكم بتوحيد أو إسلام من عبد غير الله لم يحقق أصل الدين . وهذا هو من مفهوم الشهادة . والأدلة على ذلك كثير في كتاب الله وسنة نبيه . مثال الأول : من قال : هذا لأنه لا يعبد إلا الله كافر . أو قال : هذا لأنه يصلي ، كافر ( وهو يعرف أن الصلاة أمر الله ) فمن يقل هذا الكلام لا شك أنه لم يفهم أصل الدين ولا التوحيد . أما من كفَّر الموحد لأمر فهم منه أنه ينقض الإسلام مستنداً إلى بعض النصوص التي لم يفهمها جيداً – كالخوارج مثلا – لا يقال أنه نقض أصل الدين . لأنه لم يكفره لتوحيده أو لإسلامه . بل كفَّره لما يعتقده من أمر الله . فهذا إما أن يكون مجتهداً مخطأً أو مسلماً عاصياً . ومثال الثاني : حكم بإسلام وتوحيد من تحاكم لغير شرع الله مختاراً ، أو حكم بإسلام وتوحيد من أقسم على كتاب الله أن يحترم قوانين الطاغوت ، أو حكم بإسلام من أعطى حق التشريع من دون الله لغير الله . قولك : فأنت الآن تفهم هذه المسألة بعقلك ، ونحن لا نفهمها بعقولنا القاصرة الضعيفة .. ونقول لك بكل إخلاص وصدق : لو أن لديك دليلاً واحداً صريحاً من القرآن والسنة نتبعه ولا نضلّ من بعده ، فهاته ؛ ونحن نسلّم أمرنا إلى الله في هذه المسألة ونتبع الحقّ الذي أنزل ، ولا نماري أو نجادل فيه . أقول : ما نتكلم فيه موجود في كتاب الله ومبين أتم بيان ، يفهمه كل عاقل بالغ يفهم لغة العرب . وليست المسألة مسألة عقلية بحت . نعم العقل السليم الخالي من الشبهات يدركها جيداً ، ولكن ليس الدليل الوحيد عليها هو العقل السليم فقط . فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مليئة بالأدلة عليها . ولا يحتاج من العبد لمعرفتها سوى معرفة اللغة العربية التي نزل فيها القرآن الكريم مع الإخلاص والتجرد والبعد عن الشبهات . قولك : أليس هذا من نسبة الشريعة إلى النقص والخلل ؟ أن تترك مسألة أصولية لا يصح الإيمان إلا بها دون دليل شرعي واحد يبيّنها ويُتحاكم إليه عند النزاع ؟ وجزاكم الله خيراً أقول : نعم . لو لم يبينها الله في كتابه والتي هو الحجة على خلقه ، أتم بيان ، لكان هذا نقص في الشريعة وخلل . وليس هذا وحسب ، بل أن يوضع شرط لدخول الإسلام ، ثم لا يبين أتم البيان ، فهذا ينافي الكمال والحكمة والعدل . وحاشا لله أن يوصف به . وأخير وليس آخر أقول : هل تقبل يا أبا شعيب أن نستعمل كلمة كافر إذا قصدنا منها : غير المسلم ، أو غير الموحد ، أو ليس على ملة الإسلام .؟
__________________
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أبوشعيب, مسلم 1, التوحيد, التكفير, اصل الدين, ضياء الدين القدسى |
|
|