منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـفتاوى الـشرعية > قسم فتاوى العقيدة

تنبيهات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-27-2013, 05:58 AM
عبد الله الداغستاني عبد الله الداغستاني غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 2
افتراضي الحد الأدنى في عقيدة أهل السنة و الجماعة في الأسماء و الصفات

بسم الله و الحمدالله السلام عليكم ورحمة الله.
اولا احمد الله تعالى علي ان يمنحني الإتصال بكم و يمكنني ان ألقى عليكم السئالات في هذه الوقت وقت غربة و فتن،و إضافة إلى ذلك أنا مسجون في أحد السجن الروسي و هنا-والحمد لله-جماعة من الموحدين وانا إمامهم و أميرهم،عقيدتنا يوافق بعقيدتكم في أكثر المسائل تماما،ولكن أحيانا تعرض لنا فى بعض المسائل مشكلة،و نحتاج الي من يحل لنا هذه المشكلات من العلماء او الطلاب الربانيين. و نرجو ان تجيبوني و تساعدني ان تحلها.
و عندي سئال:هل يمكن ان يعرف الرجل كل صفات الله بفطرته و هل هو معذور في بعضها ولا يعذر في بعض و هل هناك فرق بينها،و كيف يمكن ان نفهم إجابة العلماء عن حديث الرجل الذى اوصي بتحريق نفسه;بانه رجل مؤمن بالله مقر به خائف له إلا أنه جهل صفة من صفات الله ،كما قال الإمام ابن قتيبة ابن تيمية ابن القيم ابن الوزير ابن أبي العز الحنفي.و كذلك ايضا ما قاله ابن تيمية عن حديث عائشة: فهذه عائشة ام المؤمنين سألت النبي صلى الله عليه و سلم هل يعلم الله كل ما يكتم الناس? فقال النبي صلى الله عليه و سلم:نعم ،وهذا يدل علي أنها لم تكن تعلم بذلك. وأخيرا أسأل أية الصفات يجب ان يعلم المرء لأن يدخل في دائرة الموحدين?
غارجو الإجابة من الشيخ ضياء الدين القدسي،و السلام عليكم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-03-2013, 04:08 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين :
بداية ، أسال الله العلي العظيم أن يفرج عنكم وعن جميع المسلمين إنه سميع مجيب . وأسأل الله أن تكون عقيدتنا ليست فقط متشابهة في معظم المسائل بل في كل المسائل الأساسية ، لأن عقيدة الإسلام الأساسية واحدة لا تحتمل النقص ولا الزيادة .
قولك : هل يمكن ان يعرف الرجل كل صفات الله بفطرته.
الجواب : لا يوجد مخلوق مهما كان ، ملك كان أو نبي أو غيره ، يعرف كل صفات الله وكل أسمائه . والدليل على ذلك .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أصاب عبدا قط هم ولا غم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك ، ابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضي في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحا " قالوا: يا رسول الله أفلا نتعلمهن قال : " بلى ، ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن " ( أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 391، 452، وابن حبان (انظر: موارد الطمآن ح 2372)، والحاكم في المستدرك 1/ 9 5 1، والطبراني في الكبير (ح 5352 1).
والشاهد من هذا الحديث قوله : " أو استأثرت به في علم الغيب عندك " فهو دليل على أن لله أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره .
قولك : وهل هو معذور في بعضها ولايعذر في بعض وهل هناك فرق بينها ..
الجواب : نعم . فهناك من الصفات لا يمكن أن يتصور الله من دونها ، فهذه لا يعذر أحد في جهلها . وهناك من الصفات ما لا يمكن معرفتها إلا عن طريق الرسول وهذه يعذر الجاهل فيها حتى تقام عليه الحجة .
قولك :وكيف يمكن أن نفهم إجابة العلماء عن حديث الرجل الذي أوصى بتحريق نفسه ; بأنه رجل مؤمن بالله مقر به خائف له إلا أنه جهل صفة من صفات الله ،كما قال الإمام ابن قتيبة ابن تيمية ابن القيم ابن الوزير ابن أبي العز الحنفي.
الجواب : حديث الذي أوصى بتحريق نفسه ، قال عنه العلماء أنه حديث مشكل . لهذا فسره العلماء بتفسيرات كثيرة ، كل على حسب فهمه واجتهاده وما هو معتمد عنده من القواعد . ولكن مع الأسف بعض الجهلة من الموحدين ممن لا يحسن فهم كلام العلماء واصطلاحاتهم ، لقلة علمهم وسوء فهمهم لكلام العلماء ، فهموا كلام بعض العلماء في شرح هذا الحديث خطأ واعتبروه شركاً وكفراً بالله ، فنفى صحة ما نقل عنهم وعده من الافتراء عليهم وتقويلهم ما لم يقولوه ، واعتبره مدسوس عليهم . ولم يكتف بذلك ، بل كَفَّر كل من قبل نسبة الكلام لهم ، لأنه اعتبره بقبوله نسبة هذه الأقوال لهم أنه يقول بما هو قد فهمه عنهم بفهمه الخاطئ . واعتبر عمله هذا ( تكفير الموحدين ) الذي زينه له الشيطان تنزيهاً لله وتطبيقاً لقواعد التوحيد . وبهذا نشأت فتنة بين بعض الموحدين بسبب الجهل والتعصب وسوء الفهم . ولو عرف هذا المفتون الجاهل كيفية فهم كلام العلماء وكيفية نسبة الكلام لهم وكيفية رده ، وعرف قواعد تكفير الموحدين وشروطه ، لعرف أن كلام العلماء لا ينفى عنهم ولا ينسب لهم جزافاً بحسب الأهواء والأفهام الخاطئة وبدون دليل ، ولعرف أن تكفير الموحدين ، الثابت تحقق التوحيد فيهم بالدليل القطعي ، أمر ليس بالهين ولا يجوز الإقدام عليه إلا بدليل يقيني قطعي وبعد سماع ما فهمه الموحد من قول العالم الذي أقر بنسبته له وقبله ، وكذلك لو عرف قواعد تكفير الموحدين لعلم أن لازم الكلام ليس بلازم .
ولو نظر هؤلاء الجهلة المتعالمين الذين ردوا كلام العلماء الثابت عنهم وبدؤوا يكفرون الموحدين الذين خالفوهم بالرأي والفهم لكلام العلماء ، لو نظر هؤلاء المفتونون لكلام العلماء في شرح الحديث قبل أن يردوه وفهموه الفهم الصحيح ، لوجدوا أن الكلام في شرح الحديث عن حكم الآخرة وليس عن حكم الدنيا ، وأن المسألة تخص هذا الشخص بعينه ، ولا يمكن القياس عليها في الدنيا ، وأن الله حكم عليه بحكم الآخرة وليس بحكم الدنيا لأنه أعرف بحاله . أما نحن فعلينا أن نحكم بالظاهر ، وحكم الظاهر المفروض علينا في الدنيا يختلف عن حكم الآخرة . فلنا الظاهر والله يتولى السرائر . فإن رأينا شخصاً فعل مثل فعله وقال مثل قوله وهو مكلف ، نحكم بكفره في الدنيا والله يتولى أمره في الآخرة . ولم يقل عالم من العلماء المعتبرين ما يخالف هذا .
قولك : وكذلك ايضا ما قاله ابن تيمية عن حديث عائشة : فهذه عائشة ام المؤمنين سألت النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم الله كلما يكتم الناس ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ،وهذايدل علي أنها لم تكن تعلم بذلك .
الجواب : حديث عائشة رضي الله عنه أجبت عليه في كتاب لا عذر بالجهل في الشرك الأكبر وها أنا أنقل لك الجواب .
استشهد أصحاب العذر بالجهل بحديث عائشة رضي الله عنها التالي :
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها : أَلا أُحَدّثُكُمْ عَنّي وَعَنْ رَسُولِ اللّهِ r قُلْنَا: بَلَىَ. قَالَ قَالَتْ : لَمّا كَانَتْ لَيْلَتِي الّتِي كَانَ النّبِيّ r فِيهَا عِنْدِي ، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَىَ فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ . فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْداً ، وَانْتَعَلَ رُوَيْداً ، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ. ثُمّ أَجَافَهُ (أي أغلقه) رُوَيْداً. فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْتُ ، وَتَقَنّعْتُ إِزَارِي. ثُمّ انْطَلَقْتُ عَلَىَ إِثْرِهِ. حَتّىَ جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ. ثُمّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرّاتٍ. ثُمّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ. فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ. فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ. فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ. فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ. فَلَيْسَ إِلا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ. فَقَالَ: "مَالَكِ ؟ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيةً " قَالَتْ: قُلْتُ: لا شَيْء. قَالَ: "لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنّي اللّطِيفُ الْخَبِيرُ " قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: "فَأَنْتِ السّوَادُ الّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي. ثُمّ قَالَ: " أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟" قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ نَعَمْ.( رواية أحمد " قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ قال: نَعَمْ " وهذه الرواية التي استشهدوا بها ) قَالَ: "فَإِنّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ. فَأَجَبْتُهُ. فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ. وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ. وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي. فَقَالَ: إِنّ رَبّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ". قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ ؟ يا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "قُولِي: السّلاَمُ عَلَىَ أَهْلِ الدّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللّهِ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ. وَإِنّا، إِنْ شَاءَ اللّهُ، بِكُمْ لَلاَحِقُونَ ". (رواه مسلم والنسائي وأحمد )
قال أصحاب العذر بالجهل :" فهذه عائشة أم المؤمنين سألت النبي r هل يعلم الله كل ما يكتم الناس ؟ فقال لها النبي r : نعم ، وهذا يدل على أنها لم تكن تعلم ذلك ، ولم تكن قبل معرفتها بأن الله عالم بكل شيءٍ يكتمه الناس كافرة ، وأن الإقرار بذلك بعد قيام الحجة من أصول الإيمان ، وإنكار علمه بكل شيء كإنكار قدرته على كل شيء " (أحمد فريد " العذر بالجهل ص46 نقله عن ابن تيمية عن الفتاوى الكبرى ج11ص409 )
أقول بعون الله : إن ما نقله أصحاب العذر بالجهل عن ابن تيمية من توجيه لهذا الحديث ظاهر الدس عليه ، لأن ابن تيمية من العلماء الأفذاذ ولا سيما بلغة القرآن الكريم والسنة النبوية ، واللغة العربية . فـ ( مهما ) التي ذكر أن ابن تيمية جعلها استفهامية ليست أداة استفهام على الإطلاق ، ولم تكن كذلك ولن تكون ، فهي من أدوات الشرط وتفيد التوكيد ، فهي مكونة من جزأين (ما) و (ما) الأولى شرطية والثانية تزاد للتوكيد . لهذا فما نسب إلى ابن تيمية ونقله عنه أصحاب العذر بالجهل حول هذا الحديث لا شك أنه مفترى ومدسوس عليه، دسه عليه مرتزقة الغرب في الكتب التي حققوها لعلماء السلف الصالح ، فابن تيمية لم يعاصر طبع مؤلفاته وإنما طبعها من يعلم الله حالهم وقصدهم فهم ليسوا مؤتمنين على ذكر ما كتبه ابن تيمية وغيره من علماء المسلمين ، بل الدس منهم محتمل وبشكل كبير .
فإنه لا يصح أن توضع علامة استفهام بعد قول عائشة رضي الله عنها :" مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ " بل لا بد أن توضع نقطة لانتهاء الجملة ، فيكتم هو فعل الشرط ، و ( يعلم ) هو جوابه . وإن كلمة ( نعم ) في رواية الإمام مسلم ليست من قول الرسول r وإنما هي من قول عائشة رضي الله عنها .
قال النووي في الشرح :" (قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ نَعَمْ) هكذا هو في الأصول وهو صحيح ،وكأنها لما قالت : مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ ، صدقت نفسها فقالت : نَعَمْ ." اهـ ( صحيح مسلم بشرح النووي ج7ص44)
إذاً فقول عائشة رضي الله عنها (نعم) تصديقاً لنفسها ، وتأكيداً لما علمته وآمنت به ، لأنها رأت الواقع يوافقه ويؤيده ، وقد جاء قولها في رواية النسائي دالاً على التأكيد والتحقيق بـ ( قد ) بعدها الفعل الماضي ، قالت : (مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ فقد علمه اللّهُ ، قال - أي الرسول _ " فَإِنّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ ولم يدخل علي وقد وضعت ثيابك .... " وأما قول الرسول r في الرواية التي أوردها أصحاب العذر بالجهل وهي رواية الأمام أحمد بن حنبل في المسند " نعم فإن جبريل عليه السلام أتاني حِينَ رَأَيْتِ ...... " بعد قول عائشة " مَهْمَا يَكْتُمِ النّاسُ يَعْلَمْهُ اللّهُ " فهي ليست جواباً لسؤال ، لأن عائشة لم تسأل ، وإنما هو أحد أمرين ، تصديق لخبر عائشة رضي الله عنها وتأكيد له ، وهذا ما تستخدم له ( نعم ) في الغالب ، وإما لابتداء كلامه r .
أقول : إن أي مؤمن بر تقي يرعى حرمات المؤمنين فضلاً عن أمهاتهم , فضلاً عن بيت النبوة , كل ناصح لدينه يأبى أن ينسب لعائشة بنت أبي بكر وحب رسول الله وسكنه أن تجهل أبسط معاني العقيدة , وهي أن الله يعلم السر وأخفى. خاب وخسر من نسب لها ذلك .
وأسأل من نسب لها ذلك : إذا كانت عائشة الصديقة أم المؤمنين التي نشأت في بيت العقيدة وتتلمذت على يد الداعية الأول من الصحابة أبا بكر - والدها -، ثم انتقلت إلى بيت النبوة ومهبط الوحي ثم كانت أقرب نساء النبي إلى نفسه , ثم كانت أحفظ نساء النبي للسنة ثم كانت أفقه نساء النبي وأمهات المؤمنين علماً وأفصحهن بياناً .
أقول : إذا كانت عائشة رضي الله عنها وهذه هي صفتها ومكانتها ، تجهل أن الله تعالى يعلم السر وأخفى , وهو ما يعرفه الطفل الحدث الذي لا يعرف كيف يتنزه من بوله بعد , فكيف الظن بمن دونها ؟ .
أريد أن أقول : أن من نسب هذا التصور والشك إلى عائشة رضي الله عنها فليعلم أنه قدح مباشر في بيان النبي صلىاللهعليهوسلم بحيث كان أهله يجهلون أبسط معاني دعوته - حاشا لله - بل الظن الصادق أن النبي بلغ فأتم البلاغ , وبين فأحكم البيان ، وظن الصدق بالصديقة يرفعها بمفاوز بعيدة أن نرميها بهذا الإفك وسوء الظن ، وكل عاقل منصف يعلم أن عائشة إما قالت هذا الكلام على سبيل التدبر والتأمل والتعجب من قدرة الله وإحاطة علمه , إظهاراً للخشية . وإما على وجه الاستنفار لحديث النبي صلىاللهعليهوسلمطلباً لمزيد علم وفقه , كقول العربي لصاحبه : " أغشيت عكاظ بالأمس " ؟ وهو يعلم أنه قد ذهب إليها ولكنه يستنفره ليحدثه عن تفاصيل ما حدث هناك .
وهل لو كانت عائشة والعياذ بالله تشك في هذه الصورة الدقيقة فَلِمَ لم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فإن قيل : هذا لجهلها .
فالجواب : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم أنكر على من هم حدثاء عهد بإسلام إنكاراً شديداً في حديث ذات أنواط وشبههم ببني إسرائيل في قولهم " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة " ، وأنكر على من قال له : ( ما شاء الله وشئت فقال : " أجعلتني لله نداً قل ما شاء الله وحده " ) وما كان آفتهم التي أوقعتهم في هذا إلا الجهل .
فلم لم ينكر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على عائشة ؟ وهي من تربت في بيت النبوة التي كان بيتها يتلى فيه آيات الكتاب والحكمة ،وهي مسلمة بفضل الله منذ العهد المكي وليست حديثة عهد بإسلام .
فالحديث ليس فيه أدنى لوم عليها مترتب على مقالتها التي صدقت فيها نفسها.
ومن المعلوم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة بلا خلاف بين العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : "ولا خلاف في أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ." اهـ (روضة الناظر وجنة المناظر ص96)
وقال الشوكاني في تأخير البيان عن وقت الحاجة : " اعلم أن كل ما يحتاج على البيان من مجمل وعام ومجاز ومشترك وفعل متردد ومطلق إذا تأخر بيانه فذلك على وجهين : الأول : أن يتأخر عن وقت الحاجة ، وهو : الوقت الذي إذا تأخر البيان عنه لم يتمكن المكلف من المعرفة لما تضمنه الخطاب وذلك في الواجبات الفورية ،لم يجز . لأن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع عند جميع القائلين بالمنع من تكليف مالا يطاق ، وأما من جوز التكليف بما لا يطاق فهو يقول : بجوازه فقط لا بوقوعه : فكان عدم الوقوع متفقاً عليه بين الطائفتين . ولهذا نقل أبو بكر الباقلاني : إجماع أرباب الشرائع على امتناعه .
قال ابن السمعاني : لا خلاف في امتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل ولا خلاف في جوازه إلى وقت الفعل . "اهـ (ارشاد الفحول ص173)
قلت : فهذا اتفاق العلماء على أنه : لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة أي: وقت امتثال التكليف الشرعي . وأما تأخير البيان في الواجبات التي ليست بفورية عن وقت الخطاب إلى وقت الفعل والامتثال فقد جوزه : كثير من العلماء فانتبه للفرق .
ومن المعلوم بيقين أن العقائد ، البيان يكون فيها على الفور لأنها واجبة الاعتقاد وشرط في الإيمان منذ اللحظة الأولى للدخول في هذا الدين ، وليس في الحديث الذي بين أيدينا لوماً من النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للسيدة عائشة على ما قالت ، فدل هذا بيقين أنها لم تقع في محذور شرعي. لأن عدم البيان في موضع البيان دليل على العدم .

كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما عقيدة أهل السنة والجماعة في عصمة الأنبياء . عبد الله الداغستاني قسم فتاوى العقيدة 1 03-03-2013 11:17 PM


الساعة الآن 09:54 PM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى