منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـحوارات الـعلمية > الحوار مع رؤوس وأئمة المخالفين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-22-2012, 08:00 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي حوار في تعريف أصل الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذا حوار قيم في تعريف أصل الدين كان جرى بين الاخ (مسلم1)وهو احد تلاميذ الشيخ ضياء الدين ، وبين (أبوشعيب) احد المنظرين لتنظيم القاعدة .
جرى الحوار سنة 2009 م في منتديات الحقائق والمنتدى معطل من فترة ، وقد أحببت نشره هنا لما فيه من فوائد جمة في كشف زيف كثير من شبهات القوم في مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين.


ملاحظة :سيكون كلام الأخ مسلم1 باللون الازرق وكلام أبو شعيب باللون البني
وقد تخلل الحوار بعض المداخلات من اعضاء منتدى الحقائق ستكون إن شاء الله باللون الأسود

وأيضا إن شاء الله سأقوم بنقل المشاركات كما كانت في الاصل على منتدى الحقائق محافظا على رقم كل مشاركة لأنه كثيرا ما يورد أحد المتناظرين رقم مشاركة مخالفه ليرد عليها .
================================================== ========================

أبوشعيب :
هذا الموضوع مخصص فقط للحوار في هذه المسألة ، وهي : ( تعريف أصل الدين الذي لا يكون المرء مسلماً إلا به ، وما موقع التكفير منه )

فأقول مستعيناً بالله ، باختصار غير مخلّ :

لقد بيّن الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أصل الدين أتم بيان ، ولم يتركونا لعقولنا لاستنباط مسائل أصولية فيه دون أن يأتيا على ذكرها كشرط لا يتم الإيمان إلا به .

وأصل الدين الذي ذكره الله - تعالى - في كتابه ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، يَظهر من منطوق شهادة لا إله إلا الله ؛ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله - عز وجل - .

فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة .

أما مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين ، فلا دليل واحد يجعلها من أصل الدين ، ولم يُذكر هذا عن السلف الصالح ولا عن الأئمة الأربعة ، ولا من أتى بعدهم ، ولم تظهر هذه المسألة إلا في عهد الدعوة النجدية ، وأول من أظهرها هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ، اجتهاداً خاطئاً من لدنه ، ولو أنه اتبع في ذلك من سبقه لكان خيراً وأحسن تأويلاً . وحتى هو بنفسه لم يعن بإظهارها ما عناه مخالفنا من كون الخلاف فيه ينقض أصل الدين .

فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً .

هذا باختصار شديد ، ولو أن الأخ مسلم1 احتاج التفصيل في بعض النقاط المذكورة ، فليطلب ذلك وسأفصل له - إن شاء الله - . وإنما اختصرت الكلام إذ ظننت أنني لم أخلّ بالمعنى لاشتهار الأدلة على كل كلمة ذكرتها .

هذا ، والله أعلم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-22-2012, 08:06 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

قولك : "لقد بيّن الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أصل الدين أتم بيان ، ولم يتركونا لعقولنا لاستنباط مسائل أصولية فيه دون أن يأتيا على ذكرها كشرط لا يتم الإيمان إلا به" .
أقول : نعم . بين الله أصل الدين أتم بيان في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أطلب منك أن تأتي بدليل واحد واضح من القرآن الكريم والسنة الصحيحة لا يخالفك فيه أحد يبين أصل الدين . حتى نفهمه على ضوء هذا الدليل . ويكون لنا كأساس نبني عليه .
قولك : " وأصل الدين الذي ذكره الله - تعالى - في كتابه ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، يَظهر من منطوق شهادة لا إله إلا الله ؛ ومعناها : لا معبود بحق إلا الله - عز وجل - ."
أقول : هل كلمة أصل الدين وردت في القرآن أو السنة ؟
ما رأيك لو نبحث لتبسيط المسألة موضوع : كيف يدخل العبد الإسلام وكيف يعد من الموحدين ؟
هل يوجد في القرآن الكريم ما يبين كيف يدخل العبد الإسلام ؟
لا شك أن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله . ولكن هذه الكلمة لا يعرف معناها كثير من الناس فشرحها أصعب من شرح كلمة الشهادة . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟
ومن هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ؟

قولك : " فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة "
أقول : لماذا يؤمر العبد أن يوحد الله في عبادته ؟ويأمر أن لا يشرك به شيئا في أي من العبادات ؟
وإذا لم يعرف العبد كيف يوحد الله كيف نتصرف معه ؟ هل نقول له تلفظ الشهادة ستصبح مسلماً وبعد ذلك سنعلمك كيف توحد الله ، أم نعلمه كيف يوحد الله ثم نأمره بتحقيق ذلك في الواقع ؟
وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
وإذا لم ينبذ عبادة ما سواه ماذا سنحكم عليه ؟ هل سنقول له لا عليك أنت ما زلت مسلماً ، ولكن الأفضل لك أن تنبذ عبادة ما سوى الله . لأنه عمل سيئ لا يرضاه الله . فأعمل جاهداً على أن تنبذه لأنك من الموحدين المسلمين .
وهل نأمره بعبادة الله وحده دون أن نعلمه ما هي العبادة ؟
وإذا لم نعلمه ما هي العبادة وأقر بأنه سوف لا يعبد إلا الله ، وهو لا يعرف معنى العبادة ، هل إقراره هذا صحيح ومقبول ؟
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟
أريد منك يا أبا شعيب لو تكرمت أن تجبني على هذه الأسئلة مع الدليل من القرآن والسنة .

قولك : أما مسألة التكفير وموقعها من أصل الدين ، فلا دليل واحد يجعلها من أصل الدين ، ولم يُذكر هذا عن السلف الصالح ولا عن الأئمة الأربعة ، ولا من أتى بعدهم ، ولم تظهر هذه المسألة إلا في عهد الدعوة النجدية ، وأول من أظهرها هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - ، اجتهاداً خاطئاً من لدنه ، ولو أنه اتبع في ذلك من سبقه لكان خيراً وأحسن تأويلاً . وحتى هو بنفسه لم يعن بإظهارها ما عناه مخالفنا من كون الخلاف فيه ينقض أصل الدين .
أقول : ماذا تقصد بمسألة التكفير التي تقول أنه لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين ؟
هل تقصد تسمية المشرك مشركاً ؟ أم تقصد شيئاً آخر ؟
أنت تقر هنا بأن محمد عبد الوهاب هو أول من أقر مسألة التكفير التي لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين كما تقول ، وتعتبر هذا من الاجتهادات الخاطئة ؟
هل محمد بن عبد الوهاب جعلها من أصل الدين وبدون دليل ؟

قولك : " فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً ."
أقول : هل تقصد أن الحكم على المشركين بالكفر ليس داخلاُ في أصل الدين ولا يطالب به من دخل الدين ابتداءً . ؟ وهل الحكم عليه بأنه غير موحد وغير مسلم داخل في أصل الدين أم لا ؟
ما هو إذن الحكم الذي سيحكمه الموحد الذي دخل الدين على من ليس مثله ؟
أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .
أو أن يقول أنا الآن مسلم ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ؟ هل هذا يحتاج أيضا لأدلة قطعية من القرآن والسنة ؟
مثال عملي : شخص يريد أن يدخل الإسلام . علمناه التوحيد الذي لم يكن عليه قبل أن يتعلمه ويقر به . لو سَألنا : ماذا كان حكمي قبل أن أدخل التوحيد والإسلام . ؟ هل سنقول له دعك الآن من حكمك فهذا ستتعلمه لاحقاً لأنه من الأحكام الشرعية ويحتاج لأدلة قطعية من القرآن والسنة ، فأنت غير مكلف بمعرفتها الآن وهذه الأدلة قد لا تستطيع فهمها وقد لا تفهمها طول حياتك ، ليس مهماً ، المهم أن تعتقد أنك كنت على ضلال وأن فعلك كان فعلاً باطلاً لا يرضي الله ، ويجب عليك أن تبغض ما كنت تفعله من الشرك ، وتبغض فاعله لفعله . بدون أن تحكم عليه كفرد معين بالكفر أو الشرك ، ونحذرك أن تحكم بعقلك أنك لم تكن موحداً وكنت من المشركين الكافرين ، لأن مثل هذه الأحكام لا تعرف إلا بالأدلة القطعية من القرآن والسنة . وأنت الآن غير ملزم بتعلمها .
هل هذا ما تقوله يا أبا شعيب ؟
معذرة ، أسألك حتى لا أقوّلك ما لم تقله ، وحتى لا أفهمك خطأ . فلا تنزعج من كثرة أسئلتي .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-22-2012, 08:18 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
اقتباس:
أقول : نعم . بين الله أصل الدين أتم بيان في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أطلب منك أن تأتي بدليل واحد واضح من القرآن الكريم والسنة الصحيحة لا يخالفك فيه أحد يبين أصل الدين . حتى نفهمه على ضوء هذا الدليل . ويكون لنا كأساس نبني عليه .

الأدلة مستفيضة وكثيرة جداً ، ولكن ما دمت تريد دليلاً واحداً ، فهذا هو :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من قال لا إلـه إلا الله‏‎ ‎وكفر بما يُعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله »

اقتباس:
أقول : هل كلمة أصل الدين وردت في القرآن أو السنة ؟
ما رأيك لو نبحث لتبسيط المسألة موضوع : كيف يدخل العبد الإسلام وكيف يعد من الموحدين ؟
هل يوجد في القرآن الكريم ما يبين كيف يدخل العبد الإسلام ؟
لا شك أن معنى لا إله إلا الله : لا معبود بحق إلا الله . ولكن هذه الكلمة لا يعرف معناها كثير من الناس فشرحها أصعب من شرح كلمة الشهادة . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟
ومن هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ؟


لا ، لم ترد في القرآن والسنة حسبما أعلم .. ولكنه مما اصطلح عليه المسلمون لتسهيل المعاني وإيضاحها ، ولا مشاحة في الاصطلاح لو كان صحيحاً .

نعم ، يوجد في القرآن الكريم ما يبيّن كيف يدخل العبد في الإسلام . كقوله - تعالى - : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]

وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ } [المؤمنون : 23]

وقوله : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72]

والآيات في ذلك كثيرة .

أما قولك : لا يعرف معناها كثير من الناس . فماذا تقصد بذلك ؟

أتقصد أنهم أعاجم لا يعرفون معنى " لا إله إلا الله " في لغة العرب ؟

أم تقصد أنهم لا يعرفون معنى العبادة مع إقرارهم أن فعلهم لو كان عبادة فإنهم لا يصرفونه إلا الله ؟ فأجازوا بذلك عبادة غير الله ، مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله ؟

أم أنهم لا يعلمون كيف يعبدون الله ، مع إقرارهم أنه هو المستحق للعبادة لا غيره ؟ كما وقع لزيد بن عمرو بن نفيل إذ كان يقول : ( اللهم لو اني أعلم أحب الوجوه اليك لعبدتك به ، ولكني لاأعلم ؛ ثم يسجد على راحلته ) ؟

ثم ما وجه الصعوبة في فهم هذه الكلمة لمن فهم منطوقها لغة ؟ هل لك أن تبيّن لنا ؟

وأنا أقول لك : من فهم معنى لا إله إلا الله لغة ، ثم صدّق بها وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين .

أما من لا يفهم معناها لغة ، فهذا أعجمي ، أو أحمق ؛ يستلزم ذلك إفهامه معنى تلك الكلمة في لغة العرب .

أما قولك من هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ، فلا أظن أن هذا يفيد في المسائل العقدية .. سواء أكان أول من استعمله زيد أو عمرو ، ما يؤثر ذلك في دين الناس ؟ هل يقوم به أي حكم شرعي ؟

والعبرة في هذا المصطلح ( أي : أصل الدين ) هو بصحته وموافقته للأدلة الشرعية ، لا بأول من استعمله .

==================

اقتباس:
أقول : لماذا يؤمر العبد أن يوحد الله في عبادته ؟ويأمر أن لا يشرك به شيئا في أي من العبادات ؟

لأن هذا أمر الله - تعالى - أولاً ، قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ }

وثانياً : هو حق الله - تعالى - على الناس . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً »‏

وأخيراً ، هذا من موجبات العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وبين الرازق والمرزوق ، وبين المنان والممنون ، وبين المالك والمملوك .. وما إلى ذلك .. قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة : 21]

وقال أيضاً : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56]

-------------

اقتباس:
وإذا لم يعرف العبد كيف يوحد الله كيف نتصرف معه ؟ هل نقول له تلفظ الشهادة ستصبح مسلماً وبعد ذلك سنعلمك كيف توحد الله ، أم نعلمه كيف يوحد الله ثم نأمره بتحقيق ذلك في الواقع ؟

كيف لا يعرف كيف يوحد الله ؟ إما أنه لم يفهم مدلول " لا إله إلا الله " لغةً لأعجميته ، أو أنه لا يعرف معنى العبادة ، فيصرف لغير الله عبادة يظنها ليست بعبادة ..

فأيهما تعني ؟

فإن قلت لا يفهم معناها لغة ، أقول : نشرح له ما تعني هذه الكلمة في العربية ، فإن فهمها وصدّق بهذا المعنى وآمن به ، فقد دخل الإسلام وصار موحداً .

وإن قلت لا يفهم معنى العبادة ، فهذا أيضاً متعلق باللغة .. إن لم يفهم معناها لغة لم يفهم معناها شرعاً .

فإما أن تتكلم معي عن أعجمي لا يفقه قولاً ، أو عن عربيّ يفهم معاني الألفاظ .. ما رأيك ؟

-------------

اقتباس:
وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟

يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة) .

-------------

اقتباس:
وإذا لم ينبذ عبادة ما سواه ماذا سنحكم عليه ؟ هل سنقول له لا عليك أنت ما زلت مسلماً ، ولكن الأفضل لك أن تنبذ عبادة ما سوى الله . لأنه عمل سيئ لا يرضاه الله . فأعمل جاهداً على أن تنبذه لأنك من الموحدين المسلمين .

نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؛ فإن كان شركاً أكبر ، ولم يوجد ما يُعذر به من موانع التكفير ، فقد حقّ عليه الخروج من الإسلام .. وإن كان أصغر ، فهو موحّد ناقص التوحيد .

-------------

اقتباس:
وهل نأمره بعبادة الله وحده دون أن نعلمه ما هي العبادة ؟

نعلمه معنى العبادة لغة ، ولو شئت لأفضت عليه بالأدلة الشرعية والعقلية حتى يفهم .

فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم .

-------------

اقتباس:
وإذا لم نعلمه ما هي العبادة وأقر بأنه سوف لا يعبد إلا الله ، وهو لا يعرف معنى العبادة ، هل إقراره هذا صحيح ومقبول ؟

كيف يقر بأنه لن يعبد إلا الله .. ثم هو لا يفهم معنى كلامه هو ؟؟

هل هو أعجمي لا يفهم العربية ؟ أو أحمق لا يفهم معنى الألفاظ ؟ يقول لن أعبد إلا الله ، وهو لا يفهم معنى العبادة ؟؟

كمن يقول : لن أشرب إلا الماء ، وهو لا يعرف معنى الشرب !!

ما هذا التناقض ؟

-------------

اقتباس:
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟

أقول له : أنت مجنون أو مختل عقلياً .

-------------

اقتباس:
أقول : ماذا تقصد بمسألة التكفير التي تقول أنه لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين ؟
هل تقصد تسمية المشرك مشركاً ؟ أم تقصد شيئاً آخر ؟


يعني لا يوجد دليل شرعي واحد ينص على أن قولنا فلان كافر أو مشرك هو شرط لدخول الإسلام .

اقتباس:
أنت تقر هنا بأن محمد عبد الوهاب هو أول من أقر مسألة التكفير التي لا دليل واحد عليها يجعلها من أصل الدين كما تقول ، وتعتبر هذا من الاجتهادات الخاطئة ؟
هل محمد بن عبد الوهاب جعلها من أصل الدين وبدون دليل ؟


جعلها من أصل الدين بناء على قاعدة فقهية نص عليها العلماء وهي : من لا يكفر الكافر فهو كافر .. وقد بنوا هذه القاعدة الفقهية على قاعدة شرعية تنص على أن من ردّ حكماً شرعياً أقرّه الله في كتابه ، أو رسوله في سنته ، فهو كافر .

ومن هذا المنطلق جعل الشيخ محمد - رحمه الله - هذه القاعدة من أصل الدين الذي لا يمكن أن يدخل المرء الإسلام بدونه .. فأخطأ فهم مبنى هذه القاعدة أولاً ، ثم بنى على هذا الفهم الخاطئ خطأ آخر ، فأدرجها في أصل الدين .

أما هل عنده دليل ؟ كل مخطئ ومصيب من هذه الأمة عنده دليل ، ولا أظن أن الكلام عن الدعوة النجدية وأدلتها ، والاعتبار في منهجها في فهم النصوص وما إلى ذلك ، لا أظن أنه سيفيد طرحنا هنا ، بل سيشتته ويخرجه عن محوره الذي فتحنى هذا الحوار من أجله .

أما إن كنت أن تقوم مقام الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وتثبت أن التكفير من أصل الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به ، وأنه يلزم أجهل خلق الله فضلاً عن ذوي الفهم ليدخلوا الإسلام ، فلك ذلك .. واعرض لنا أدلتك حتى نناقشها .

=================

اقتباس:
قول : هل تقصد أن الحكم على المشركين بالكفر ليس داخلاُ في أصل الدين ولا يطالب به من دخل الدين ابتداءً . ؟ وهل الحكم عليه بأنه غير موحد وغير مسلم داخل في أصل الدين أم لا ؟

يكفي أن يسميهم ضالين ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام : 74]

أو يسميهم فاسقين ، كما قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة : 25]

أو مبطلين ، كما قال تعالى : { وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } [الجاثية : 27]

يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام .

ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم .

فعلى المسلم أن يعتقد أن الواقع في الشرك : على باطل وضلال وفسق ، لا يرضاه الله ، وهو متبع للشيطان في ذلك ، وعلى سخط من الله .. فإن اعتقد ذلك ، فهو مسلم . وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .

اقتباس:
ما هو إذن الحكم الذي سيحكمه الموحد الذي دخل الدين على من ليس مثله ؟

يحكم عليه أنه ليس على دينه فيما يفعله من باطل .

كأن يقول : فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان ..

كما يقول أيضاً للفاسق : فلان بفسقه على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان .

اقتباس:
أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .

بلى .. مع عدم إغفال أن المشركين أنفسهم لديهم بعض جوانب التوحيد التي لا تنفعهم وانتقضت بسبب تلبسهم بالشرك .. قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]

اقتباس:
أو أن يقول أنا الآن مسلم ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ؟ هل هذا يحتاج أيضا لأدلة قطعية من القرآن والسنة ؟

قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان .

فقول المرء : من لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ، معناه : كل اعتقاد خالف معتقدي فهو غير الإسلام .. أي باطل .

قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62]

وقال أيضاً : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

أما طلبي للأدلة القطعية ، فهو في تكفير من لا يقول عن بعض المشركين : مشركين ، بل يسميهم ضالين أو مبطلين أو فاسقين ، بسبب جهله للحكم الشرعي ، أو غبائه ، أو تأويله .. ما الدليل من القرآن والسنة على تكفير مثل هذا ؟؟ أم لا دليل عندكم سوى العقل ؟

اقتباس:
مثال عملي : شخص يريد أن يدخل الإسلام . علمناه التوحيد الذي لم يكن عليه قبل أن يتعلمه ويقر به . لو سَألنا : ماذا كان حكمي قبل أن أدخل التوحيد والإسلام . ؟ هل سنقول له دعك الآن من حكمك فهذا ستتعلمه لاحقاً لأنه من الأحكام الشرعية ويحتاج لأدلة قطعية من القرآن والسنة ، فأنت غير مكلف بمعرفتها الآن وهذه الأدلة قد لا تستطيع فهمها وقد لا تفهمها طول حياتك ، ليس مهماً ، المهم أن تعتقد أنك كنت على ضلال وأن فعلك كان فعلاً باطلاً لا يرضي الله ، ويجب عليك أن تبغض ما كنت تفعله من الشرك ، وتبغض فاعله لفعله . بدون أن تحكم عليه كفرد معين بالكفر أو الشرك ، ونحذرك أن تحكم بعقلك أنك لم تكن موحداً وكنت من المشركين الكافرين ، لأن مثل هذه الأحكام لا تعرف إلا بالأدلة القطعية من القرآن والسنة . وأنت الآن غير ملزم بتعلمها .
هل هذا ما تقوله يا أبا شعيب ؟


مثالك ليس عملياً ولا وجه له .

فإنه لو سألنا عن حكمه الشرعي عندما كان كافراً ، فلا وجه لأن نقول له دعك الآن من هذا .. بل جوابه هو كجواب من سأل عن أية مسألة شرعية ، سنقول له : كنت كافراً مشركاً ، ثم منّ الله عليك بالإسلام .

ستقول لي كيف عرفت أنا هذا الحكم ؟ سأقول لك : من الكتاب والسنة .. سمى الله مثله كافرين مشركين ، ونحن أسميناه كذلك .

ستقول لي : وهل يلزمه أن يعتقد أنه كان يُسمى عند الله تعالى كافراً مشركاً ؟؟ أقول لك لا يلزمه ذلك ، بل يلزمه فقط أن يعتقد أنه كان مبطلاً فاسقاً متبعاً للشيطان ، على غير دين الله تعالى بأفعاله الشركية تلك .. أما مجرد التسمية فإن المكلّف غير مطالب بها ليدخل الإسلام .

=====================
=====================

الآن جاء دوري لأسألك :

1- لقد بيّن الله - عز وجل - ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالحون - رضي الله عنهم - ، التوحيد أتم بيان ، ولم يتركوا شاردة ولا واردة ، لا دقيقة ولا جليلة ، لا صغيرة ولا كبيرة ، من مسائل التوحيد ، إلا وذكروها وبينوها أتم بيان ، وأحسن تفصيل .

لماذا لا نجد نصّاً واحداً في القرآن والسنة ومن أقوال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر لمسألة تكفير المشركين وأنها من أصل الدين الذي لا يدخل المرء في الإسلام حتى يأتي به ويضبطه ولا يخطئ فيه ؟؟

لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - مسائل بدهية في التوحيد ، كمسائل الحب والبغض والولاء والبراء والإخلاص واليقين وما إلى ذلك ، ولم يتركنا لعقولنا لتقرير هذه المسائل ، بل بيّنها في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بأدلة واضحة صريحة بيّنة ، مع أن هذه المسائل تقررها عقول أغبى الناس ، ولكنه لم يتركهم دون بيان في هذه المسائل العظام ، إمعاناً في إقامة الحجة ، وحتى لا يختلف من بعدهم .. ولم يأت ذكر مسألة التكفير هذه في أي نصّ شرعي يجعله من أصول الإيمان والاعتقاد !!

يعني باختصار ، ما أفهمه من كلامك هو : أن الله - تعالى - أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي الذي لم يظهر كشرط من شروط الإيمان إلا في القرن الثاني عشر الهجري !! وطوال هذه القرون كانت هذه المسألة خافية على الجميع ، لا تُذكر في كتب الفقه بالتفصيل والتقعيد الذي تقولون به .

لاحظ أننا نتكلم عن مسألة أصولية لا فرعية ، هي من شروط الشهادتين ، من لا يأتي بها فهو كافر .

----------

2- رجل مسلم تقرر عنده أن الله - تعالى - حرّم السرقة ، ثم هو رأى سارقاً يسرق ، فقال : لا أسميه سارقاً حتى أقيم عليه الحجة في أن السرقة حرام ، لظنه أن الاسم لا يلحق الفاعل حتى تقام عليه الحجة في جميع المسائل .. مع كونه يُسمى سارقاً لغة وعقلاً ، حتى لو كان جاهلاً بالحكم الشرعي .

سؤالي هو : هل مثل هذا الذي خالف ضرورة اللغة والعقل كافر ؟

أرجو أن تجيب على قدر السؤال .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-22-2012, 08:57 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
ولديّ سؤالان آخران :

1- ما تعريف أصل الدين عندك ؟ أو بالأحرى : ما أدنى ما يدخل المرء به في الإسلام ؟ وهل لك أن تستدل بالأدلة الشرعية على المسائل التي ستدرجها في تعريفك مما زاد عن تعريفي أو خالفه ؟

3- لو قلنا إن تكفير المشركين من أصل الدين ، فهل أسلمة الموحدين من أصل الدين كذلك ؟ وإن كان كذلك ، فلماذا جاء الوعيد الشديد في أحاديث متنوعة تنهى عن تكفير المسلم بغير وجه حق ، مع أنه مسألة بدهية عقلية تُفهم من منطوق الشهادتين ، كما يُفهم منها تكفير المشركين (بحسب ادعاء مخالفنا) ، ولم يجئ وعيد واحد في من امتنع عن تكفير المشركين ؟ هذا ، وهي مسألة أصولية عظيمة (عند مخالفنا) حدث الاختلاف فيها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وليس لدى أحدهم دليل من قرآن أو سنة يُفصل به في الخلاف !

فأنت الآن تفهم هذه المسألة بعقلك ، ونحن لا نفهمها بعقولنا القاصرة الضعيفة .. ونقول لك بكل إخلاص وصدق : لو أن لديك دليلاً واحداً صريحاً من القرآن والسنة نتبعه ولا نضلّ من بعده ، فهاته ؛ ونحن نسلّم أمرنا إلى الله في هذه المسألة ونتبع الحقّ الذي أنزل ، ولا نماري أو نجادل فيه .

أليس هذا من نسبة الشريعة إلى النقص والخلل ؟ أن تترك مسألة أصولية لا يصح الإيمان إلا بها دون دليل شرعي واحد يبيّنها ويُتحاكم إليه عند النزاع ؟

وجزاكم الله خيراً

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-22-2012, 09:10 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : الأدلة مستفيضة وكثيرة جداً ، ولكن ما دمت تريد دليلاً واحداً ، فهذا هو :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من قال لا إلـه إلا الله‏‎ ‎وكفر بما يُعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه وحسابه على الله .

أقول : نعم جيد . وهذا الدليل من أوضح الأدلة على كيفية دخول العبد للإسلام ، ولنجعله أساساً في حوارنا . وأسأل الله أن لا نختلف في معناه ومفهومه وتطبيقه على الواقع . وإذا كان هذا ما تعنيه من قولك أصل الدين فأنا لا أخالفك في هذا .

قولك : لا ، لم ترد في القرآن والسنة حسبما أعلم .. ولكنه مما اصطلح عليه المسلمون لتسهيل المعاني وإيضاحها ، ولا مشاحة في الاصطلاح لو كان صحيحاً .
أقول : نعم لم يرد ذكره في الكتاب ولا في السنة . فمن هو من علماء المسلمين الذي استعمل هذا الاصطلاح ؟ وهل بين ما هو المقصود منه ؟
وهل بين أن له أركان ولوازم ، وبين هذه الأركان واللوازم ؟
وبين أحكام هذه الأركان واللوازم ؟
أم تُركت لنا لنعينها نحن حسب أفهامنا واجتهاداتنا . ؟

قولك : نعم ، يوجد في القرآن الكريم ما يبيّن كيف يدخل العبد في الإسلام . كقوله - تعالى - : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]
وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ } [المؤمنون : 23
وقوله : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72] والآيات في ذلك كثيرة .

أقول : نعم ما قلته صحيح . وأضيف عليه آية أخرى واضحة بينة في هذا الخصوص وهي قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " (البقرة : 256)
لنجعل هذه الآيات أساساً لحوارنا . ما دمنا اتفقنا عليها .
وما دام الله سبحانه وتعالى حدد لنا في القرآن الكريم كيف يدخل العبد الإسلام ، فلا حاجة لنا لكلام غيره . ويجب علينا أن نرد ما يخالفه .

قولك : أما قولك : لا يعرف معناها كثير من الناس . فماذا تقصد بذلك ؟
أقول : أنا لم أعنِ كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " وإنما عنيت كلمة " لا معبود بحق إلا الله " فهذه الكلمة تحتاج لعلم زائد لفهمها ، حتى مؤسس حزب التحرير تقي الدين النبهاني والذي يعتبره أتباعه مجتهد مطلق ، أخطأ في استعمالها فقال : " لا معبود إلا الله " ولم يضف كلمة " حق " مع أنها مهمة جداَ ويتغير المعنى من دونها . لهذا أردت أن يكون كلامنا بما هو واضح وبسيط حتى لا نشعب المسألة.
فطلبت منك أن نبحث معنى " كلمة التوحيد " من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فقط ، فهذا كاف واف لمن أراد الحق .
لهذا سألتك : . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟

قولك : أتقصد أنهم أعاجم لا يعرفون معنى " لا إله إلا الله " في لغة العرب ؟
أقول : لا شك أن كثيراً ممن يدعي الإسلام اليوم لا يعرف معنى كلمة التوحيد كما يريدها الله . وسيظهر هذا في حوارنا . عندما ندخل في بيان معناها .
وكذلك لا شك أن كثيراً ممن ينتسب للإسلام اليوم لا يعرف معنى العبادة ولا يعرف ما هو الشرك . وسيظهر هذا في حوارنا أيضاً .
وليس فقط الأعاجم هو من لا يعرف معنى كلمة التوحيد والعبادة والشرك ، بل كثير ممن يدعي أنه من العرب ويتسمى باسم قبائل العرب لا يعرف ذلك أيضاً . بل قد نجد من الأعاجم من يفهم كلمة التوحيد والعبادة والشرك أكثر ممن يدعي العروبة .

قولك : " أم تقصد أنهم لا يعرفون معنى العبادة مع إقرارهم أن فعلهم لو كان عبادة فإنهم لا يصرفونه إلا الله ؟ فأجازوا بذلك عبادة غير الله ، مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله ؟ "
أقول : لم اقصد ذلك من كلامي ولكنك ما دمت سألت سأجيبك : نعم . الكثير منهم لا يعرف معنى العبادة ولا الشرك . ولو عرف معنى العبادة لما صرفها لغير الله جهلا . ولو عرف الشرك ما وقع فيه وما كان اعتقده . نعم أجازوا عبادة غير الله مع اعتقادهم أنهم لا يعبدون إلا الله . وهذا هو حال أهل الكتاب والكثير من المنتسبين للإسلام .

قولك : أم أنهم لا يعلمون كيف يعبدون الله ، مع إقرارهم أنه هو المستحق للعبادة لا غيره ؟ كما وقع لزيد بن عمرو بن نفيل إذ كان يقول : ( اللهم لو اني أعلم أحب الوجوه اليك لعبدتك به ، ولكني لا أعلم ؛ ثم يسجد على راحلته ) ؟
أقول : لا ليس هذا ما قصدته أيضا ً . ولكنك ما دمت سألت سأجيبك : ليس موضوعنا عن كيفية عبادة الله ، بل عن كيفية الابتعاد عن عبادة غير الله . فزيد بن عمرو بن نوفل كان يعرف كيفية عبادة غير الله ، لهذا كان يتجنب عبادة غير الله وكان يحكم على المشركين في زمنه أنهم غير موحدين وليس على دين إبراهيم لأنهم يعبدون غير الله . وما كان يجهله هو كيفية عبادة الله بالشكل الصحيح ، لأن هذا يحتاج لرسول .

قولك : ثم ما وجه الصعوبة في فهم هذه الكلمة لمن فهم منطوقها لغة ؟ هل لك أن تبيّن لنا ؟
أقول : لا يوجد صعوبة في فهم معنى كلمة التوحيد لمن أراد فهمها . لأن الله سبحانه وتعالى بينها أفضل بيان وأوضحه في كتابه الكريم وبينها رسوله عليه الصلاة والسلام أيضاً . وفرض على كل مكلف معرفتها والإيمان والعمل بها . ومن يفهم اللغة العربية يستطيع فهمها كما يريدها الله ، لهذا فهمها عرب قريش عندما خوطبوا بها . وهذا هو سبب رفضهم لها .

قولك : وأنا أقول لك : من فهم معنى لا إله إلا الله لغة ، ثم صدّق بها وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين .
أقول : ماذا تقصد من قولك " وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين ." ؟
هل تقصد آمن بها كما فهما هو وليس كما هو معناها الحقيقي ؟ أم تقصد بعد أن فهمها كما تقضيه اللغة العربية ؟

قولك : أما من لا يفهم معناها لغة ، فهذا أعجمي ، أو أحمق ؛ يستلزم ذلك إفهامه معنى تلك الكلمة في لغة العرب .
أقول : لا . ليس من لا يفهم معناها أعجمي أو أحمق فقط ، بل قد يكون يدعي العروبة والمشيخة والعلم بالدين ولا يعرف معناها . وسيظهر ذلك في حوارنا .
سؤالي لك هنا : ما حكم من نطق وأقر بها وهو لا يعرف معناها ؟
أو ما حكم من نطق وأقر بها وهو يفعل ما ينقضها ويهدمها ؟
وماذا تقصد من لزوم إفهامه معناها ؟ هل ليكتمل إسلامه أم ليتحقق ؟

قولك : أما قولك من هو أول من استعمل هذا المعنى لكلمة الشهادة ، فلا أظن أن هذا يفيد في المسائل العقدية .. سواء أكان أول من استعمله زيد أو عمرو ، ما يؤثر ذلك في دين الناس ؟ هل يقوم به أي حكم شرعي ؟
والعبرة في هذا المصطلح ( أي : أصل الدين ) هو بصحته وموافقته للأدلة الشرعية ، لا بأول من استعمله .

أقول : لمعرفة معنى أي مصطلح وضعه العلماء ، غير موجود في القرآن والسنة ، لا بد من معرفة من وضع المصطلح وما قصد من هذا المصطلح ، حتى نستطيع استعماله بالشكل الصحيح فلا نُدخل فيه ما ليس منه ولا نخرج منه ما هو منه . وحتى لا نضع له أركاناً ولوازم حسب أفهامنا وأهوائنا ونلزم بها غيرنا .
ولا يخفى على المطلع على أفكار الطوائف التي تدعي الإسلام ما سببه عدم فهم مصطلح " العقيدة " من أخطاء . فمصطلح العقيدة مصطلح غير موجود في القرآن والسنة وكلام الصحابة. وضعه العلماء لتبسيط شرح بعض المسائل . فنتج عن عدم فهمه أمور كثيرة تخالف التوحيد والدين .

قولك : لأن هذا أمر الله - تعالى - أولاً ،قال تعالى :{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ }
وثانياً : هو حق الله - تعالى - على الناس . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً »‏
وأخيراً ، هذا من موجبات العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وبين الرازق والمرزوق ، وبين المنان والممنون ، وبين المالك والمملوك .. وما إلى ذلك .. قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة : 21]
وقال أيضاً : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56]

أقول : أليس إذن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئا هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله .. ؟
لهذا بعد أن قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " قال : " ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟
هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟ والله سبحانه وتعالى يحكم على من أشرك به شيئاً أنه ليس في دين الله القيم . ؟

قولك : كيف لا يعرف كيف يوحد الله ؟ إما أنه لم يفهم مدلول " لا إله إلا الله " لغةً لأعجميته ، أو أنه لا يعرف معنى العبادة ، فيصرف لغير الله عبادة يظنها ليست بعبادة ..
فأيهما تعني ؟
فإن قلت لا يفهم معناها لغة ، أقول : نشرح له ما تعني هذه الكلمة في العربية ، فإن فهمها وصدّق بهذا المعنى وآمن به ، فقد دخل الإسلام وصار موحداً .
وإن قلت لا يفهم معنى العبادة ، فهذا أيضاً متعلق باللغة .. إن لم يفهم معناها لغة لم يفهم معناها شرعاً

أقول : أنا اقصد من لا يعرف معنى كلمة التوحيد سواء كان أعجمياً أو عربياً ، ويعتقد الشرك الأكبر ويظن أنه يحسن صنعاً . هل مثل هذا نحكم عليه بالإسلام بمجرد تلفظه كلمة التوحيد ثم نعلمه معنى كلمة التوحيد أم لا نحكم بإسلامه حتى ولو ادعى ذلك حتى نعلمه كلمة التوحيد ويقر بهذا المعنى ؟
حسب ما فهمته من جوابك أننا لا نحكم عليه بدخوله الإسلام وبأنه من أهل التوحيد ولو ادعى ذلك وظن أنه على دين الإسلام ودين التوحيد ، حتى يفهم معنى كلمة التوحيد ويصدق ويقر ويؤمن بهذا المعنى . هل ما فهمته من كلامك صحيح ؟

قولك : فإما أن تتكلم معي عن أعجمي لا يفقه قولاً ، أو عن عربيّ يفهم معاني الألفاظ .. ما رأيك ؟
أقول : يا أبا شعيب ليس كل من يدعي أنه عربي اليوم يفهم لغة العرب . وما أظن أن هذا يخفى عليك .

قولك : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة) .
أقول : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟

قولك : نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؛ فإن كان شركاً أكبر ، ولم يوجد ما يُعذر به من موانع التكفير ، فقد حقّ عليه الخروج من الإسلام .. وإن كان أصغر ، فهو موحّد ناقص التوحيد
أقول : عندما يطلق لفظ شرك ومشرك بدون أن يخصص يقصد به الشرك الأكبر . لهذا لا داعي لتحديد أي الشرك أقصد من كلامي إلا إذا حددت أنه الشرك الأصغر .
تقول : " نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ." كيف يعني نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؟!
هل تقصد أنه أصبح مشركاً بهذا الفعل ؟
أم تقصد أنه في فعله هذا مشرك ولكن حكم الإسلام عنه لم يرفع حتى نقيم عليه الحجة ونتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟ ( أنتبه نحن لا نتحدث عن المكره )
إذا كنت تقصد هذا المعنى فما هو دليلك عليه من الكتاب والسنة . ؟
ثم ما هي هذه الأعذار التي تمنع من الحكم بمشرك غير موحد غير مسلم على من فعل الشرك الأكبر مختاراً قاصداً لفعله ؟
ومن أين جئت بتعبير أن من فعل الشرك الأكبر ، يحكم عليه بأنه مشرك في فعله ولا يخرج من الإسلام حتى تقام عليه الحجة ويتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟
هل عندك دليل من كتاب الله وسنته على ذلك ؟
وهل ما تقوله ينطبق على أناس معينين أم على كل الناس ؟ وإذا فرقت فما هو الدليل ؟

قولك : نعلمه معنى العبادة لغة ، ولو شئت لأفضت عليه بالأدلة الشرعية والعقلية حتى يفهم .
فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم .

أقول : أنا لا أسألك عن رغبتي ورغبتك ، أسالك عن ما هو الضروري فعله حتى نحكم عليه بدخوله الإسلام .
فإذا لم تعلمه معنى العبادة لغة أو لم يعرفها لغة وعبد غير الله جهلاً وادعى أنه يعبد الله وحده وأنه من الموحدين وعلى دين الإسلام فهل نقبل منه هذا الإدعاء ؟
نحن لا نتحدث يا أبا شعيب عن كفار قريش الذي نزل القرآن بلغتهم ، نحن نتحدث عن الناس اليوم عربهم وعجمهم .

قولك : كيف يقر بأنه لن يعبد إلا الله .. ثم هو لا يفهم معنى كلامه هو ؟؟
هل هو أعجمي لا يفهم العربية ؟ أو أحمق لا يفهم معنى الألفاظ ؟ يقول لن أعبد إلا الله ، وهو لا يفهم معنى العبادة ؟؟
كمن يقول : لن أشرب إلا الماء ، وهو لا يعرف معنى الشرب !!
ما هذا التناقض ؟

أقول : مثل هؤلاء كانوا موجودين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثر الناس في زمننا منهم .
ألم يدع اليهود والنصارى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم وحدوا الله في العبادة وهم واقعين في الشرك الأكبر ؟ هل مثل هؤلاء يفهم معنى العبادة ومعنى الشرك .؟
ألا يقول النصارى : أب ، ابن ، روح القدس ، إله واحد .
ألم يتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وهم مع ذلك يقولون أنهم على دين التوحيد ؟
وأمثالهم كثير في زمننا ممن يدعي الإسلام والتوحيد .
بل نجد ما هو محسوب من علماء المسلمين أو علامة عصره من يفتي بفعل الشرك الأكبر تقرباً إلى الله وهو يعتقد أنه واجب شرعي .
ألم يُفتِ القرضاوي علامة عصره ، وعبد الخالق الكويتي إمام السلفية في الكويت وغيرهم كثير ممن يوصفون بعلماء الأمة بوجوب دخول البرلمانات الشركية وجواز القَسم على القرآن لاحترام قوانين الطاغوت ؟ هل مثل هؤلاء يفهم معنى التوحيد والعبادة والكفر بالطاغوت ؟ ناهيك عن أتباعهم .
يا أبا شعيب : إذا رأينا من يشرب الماء وهو يقول أنا لا أشرب الماء فماذا نحكم عليه ؟
نقول : إما أنه لا يعرف معنى الشرب أو كاذب .
ومن يقل لن أشرب إلا الماء وهو يشرب الوسكي ماذا نحكم عليه ؟
نقول : إما أنه لا يعرف معنى الشرب أو لم يعرف معنى الماء واعتقد أن الوسكي ماءً . والقول بأنه لم يعرف معنى الماء أقرب للحقيقة .
وكذلك من رأيناه يعبد غير الله وهو مع ذلك يقول أنا لا أعبد غير الله ، نحكم عليه إما بأنه لا يعرف معنى العبادة أو أنه كاذب مخادع . وكلاهما لا يحكم بإسلامه وتوحيده .

قولك : أقول له : أنت مجنون أو مختل عقلياً .
أقول : يا سبحان الله !
ألم تقل يا أبا شعيب : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً ."
أنت هنا تقول يكفيه أن يعتقد ذلك وتحكم عليه بأنه مسلم جاهل .
ثم بعد سؤالي عن نفس الحالة ولكن بمثال آخر ، حكمت عليه أنه مجنون مختل عقلياً .
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .
وعندما سألتك عمن أعلن إسلامه وانتمى لدين الإسلام ولكنه داوم على شركه معتقداً بطلان هذا الشرك وأبغض نفسه لفعلها هذا الشرك ، لأنه ظن كما قلتَ أنت : أن نبذ الشرك ، والكفر بكل ما يعبد من دون الله يعني : أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . قلت عنه أنه مجنون أو مختل عقلياً .
وضح هداك الله ما الفرق فلعله غاب عني شيئاً ، لأني أرى تناقضاً في كلامك .

قولك : يعني لا يوجد دليل شرعي واحد ينص على أن قولنا فلان كافر أو مشرك هو شرط لدخول الإسلام .
أقول : وماذا يعني عندك الكفر بالطاغوت ، والكفر بما يعبد من دون الله ، وقول إبراهيم عليه السلام " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ " ؟

قولك : " جعلها من أصل الدين بناء على قاعدة فقهية نص عليها العلماء وهي : من لا يكفر الكافر فهو كافر .. وقد بنوا هذه القاعدة الفقهية على قاعدة شرعية تنص على أن من ردّ حكماً شرعياً أقرّه الله في كتابه ، أو رسوله في سنته ، فهو كافر .
ومن هذا المنطلق جعل الشيخ محمد - رحمه الله - هذه القاعدة من أصل الدين الذي لا يمكن أن يدخل المرء الإسلام بدونه .. فأخطأ فهم مبنى هذه القاعدة أولاً ، ثم بنى على هذا الفهم الخاطئ خطأ آخر ، فأدرجها في أصل الدين ."

أقول : أين يوجد يا أبا شعيب في كلام محمد بن عبد الوهاب أنه بعد ذكره أن تكفير المشرك من أصل الدين استدل على ذلك بقاعدة " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟
ألا يدل كلامك هذا على أن محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد لم يفهموا أصل الدين لأنهم أدخلوا فيه ما ليس منه .؟
وألا يدل أيضاً أنهم لم يفهموا تطبيقات قاعدة " " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟

قولك : أما هل عنده دليل ؟ كل مخطئ ومصيب من هذه الأمة عنده دليل ، ولا أظن أن الكلام عن الدعوة النجدية وأدلتها ، والاعتبار في منهجها في فهم النصوص وما إلى ذلك ، لا أظن أنه سيفيد طرحنا هنا ، بل سيشتته ويخرجه عن محوره الذي فتحنى هذا الحوار من أجله .
أقول : أنا اقصد من الدليل هنا قرآن أو سنة ، لأننا نتحدث عن أصل الدين ، أو عن ما هو القدر الأدنى الذي يجب تحققه حتى يدخل العبد الإسلام . فمثل هذا الموضوع لا يقبل فيه إلا دليل قطعي الدلالة قطعي الثبوت .
هذا ، ولست أنا من ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة النجدية . وأنا لا أطلب منك أن نناقش منهج محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد فهذا ليس مكانه هنا . وإنما سألتك لأستوضح . وطلبت منك أن تثبت إدعاءك بحقهم دون أن نشتت الموضوع .

قولك : " أما إن كنت أن تقوم مقام الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وتثبت أن التكفير من أصل الدين الذي لا يتم الإيمان إلا به ، وأنه يلزم أجهل خلق الله فضلاً عن ذوي الفهم ليدخلوا الإسلام ، فلك ذلك .. واعرض لنا أدلتك حتى نناقشها "
أقول : أنا لا أقوم مقام أحد . أنا أقوم مقام ديني وسأبينه لك مع أدلته من الكتاب والسنة فقط . وأعتقد أن ما قلتَه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد غير صحيح ، لهذا دعوتك لإثباته بدليل واحد فقط ، ولا أظنك تستطيع . وبعد أن استوضح منك عقيدتك ، سأخبرك بأدلة عقيدتي من الكتاب والسنة وبأدلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الكتاب والسنة . ونناقش هذه الأدلة هنا . بدون أن ندخل بتفرعات تشتت الموضوع .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-22-2012, 09:29 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : يكفي أن يسميهم ضالين ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام : 74]
أو يسميهم فاسقين ، كما قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة : 25]
أو مبطلين ، كما قال تعالى : { وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } [الجاثية : 27]
يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام .

أقول : هل يكفي أيضاً أن نصفهم بأنهم مخطئين مثلا ؟!!
كما قال تعالى عن فرعون وهامان وجنودهما . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "
وإذا وصفناهم بأنهم ضالين أو فاسقين أو مبطلين فما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال ؟
وهل وصفنا للمشركين مع الله بأنهم في ضلال مبين كوصف إخوة يوسف لأبيهم أنه في ضلال مبين ؟
قال تعالى : إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "
ثم أليس التضليل والتفسيق أحكام شرعية ؟
لماذا فرقت بينها وبين التكفير مع أنها كلها أحكام شرعية ؟
ماذا تفهم من قوله تعالى : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " ؟
هل البراءة منهم تعني البراءة من فعلهم فقط مع أن اللفظ في الآية واضح جداً " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ "؟ وهل في لغة العرب ما يدل على ذلك ؟ ألا يوجد فرق باللغة العربية بين لفظ " منكم " ومن فعلكم " ؟ لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخطا خالد ابن الوليد : " إني أبرأ من خالد " وقال : " إني أبرا مما فعل خالد " ؟
وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟
وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟ وفيه لفظ : " بكم " ألا يوجد فرق في اللغة بين " كفرنا بكم " وبين " كفرنا بأفعالكم "
يا رجل بالله عليك بأي لغة تفهم آيات الله ؟
قولك : ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم .
فعلى المسلم أن يعتقد أن الواقع في الشرك : على باطل وضلال وفسق ، لا يرضاه الله ، وهو متبع للشيطان في ذلك ، وعلى سخط من الله .. فإن اعتقد ذلك ، فهو مسلم . وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .

أقول : الحكم على الأفعال من الناحية الشرعية هو كالحكم على الأشخاص يحتاج لدليل شرعي . فلماذا شرطت في الثانية الدليل الشرعي ولم تشترط في الأولى .؟
وما يمنع من دخل التوحيد أن يحكم على شخص وعين من لا يعتقد اعتقاده أنه غير موحد . ؟
وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد .
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟
قولك : وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .
أقول : ها أنت تحكم بكفره إذا اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون جهلاً .
فهو ظن أن فعلهم لا يغضب الله بل يرضاه ، فلماذا هذا تكفره ولا تقيم عليه الحجة ولا تتحقق من شروط وموانع التكفير فيه مع أنه جاهل . ؟
وكذلك حال من يدعي الإسلام مع فعله الشرك الأكبر ( كدخول البلمانات الشركية أو التحاكم لغير شرع الله ) يعتقد صلاح فعله وأنه بفعله دخول البرلمانات الشركية من المصلحين المجاهدين . فلماذا لا تحكم عليه بالكفر والشرك وتعذره بجهله وتأويله أو تعذر من يعذره .؟
تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .
قولك : يحكم عليه أنه ليس على دينه فيما يفعله من باطل .
أقول : يعني لو لم يفعل أي شيء من الباطل سيحكم عليه أنه على دينه أم ماذا سيحكم ؟
أنت يا أبا شعيب هنا جعلت كل الأحكام على الأفعال ؟ فما الدليل على ذلك من القرآن والسنة ؟
ألا يوجد عندك أحكام على الأشخاص المعينين ؟
مثال : لو لم يدعوا غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟
قولك : كأن يقول : فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان ..
أقول : يعني يقول فلان بدعائه غير الله على غير دين الإسلام ، ولكن إذا سئل هل تكفره على هذا بعينه ، يجب عليه أن يقول لا أكفره حتى أقيم عليه الحجة وأتحقق من شروط وموانع التكفير . وهذا يحتاج لقضاء .
أسالك : ما هذه الحجة التي ستقيمها عليه ؟ وما هذه الشروط التي ستتحقق منها ؟
هل ستفهمه أن دعاء غير الله شرك ؟ بماذا ستفهمه ذلك أليس بآيات الله وسنة رسوله ؟
أليس آيات الله وسنة رسوله متيسرة له ليطلع عليها ؟
وإذا فهَّمته ذلك ورفض ما قلته له ، فماذا تحكم عليه ؟ وماذا تحكم على من حكم عليه بالإسلام رغم ذلك ؟

طيب إذا كان يكفي أن نقول فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ولكن لا يجوز تكفيره حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع . ما دام الأمر هكذا فلنا إذاً أن نقول عن مشركي العرب بعبادتهم الأصنام ليسوا على دين الإسلام ولكن لا نحكم عليهم بالشرك أو الكفر حتى نقيم عليهم الحجة وتتحقق فيهم شروط وتنتفي موانع . وكذلك القول في النصارى واليهود والمجوس والدروز والعلوين والهندوز والبوذين ووو
قولك : " كما يقول أيضاً للفاسق : فلان بفسقه على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان "
أقول : ألا يدل كلامك هذا أنك سويت بين الشرك الأكبر والمعصية ؟ وقد فرق الله بينهما في محكم كتابه .
" فلان بشركه على غير دين الإسلام " مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "
قولك : بلى .. مع عدم إغفال أن المشركين أنفسهم لديهم بعض جوانب التوحيد التي لا تنفعهم وانتقضت بسبب تلبسهم بالشرك .. قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
أقول : هل قولك : بلى ، هنا إقرار بأنه إذا لم يقل ذلك لا يصح توحيده أم ماذا ؟
ثم أنت هنا تحكم على من عنده جانب من جوانب التوحيد بالشرك وانتقاض توحيده ، حكم على التعيين لأنه تلبس بالشرك ، ولا تعذره بالجهل ، ولا تشترط أقامة الحجة عليه أو تحقق شروط وانتفاء موانع التكفير بينما تشترط كل هذا فيمن انتسب للإسلام . لماذا ؟ هل عندك دليل واحد على التفريق ؟

قولك : قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان .
أقول : ما دليلك على أن الحكم بمقتضى الاعتقاد راجع على الفعل وليس على الفاعل ؟
ومتى ترجع الأحكام على الفاعل ؟ أم أنها لا ترجع أبداً عندك ؟

قولك : فقول المرء : من لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ، معناه : كل اعتقاد خالف معتقدي فهو غير الإسلام .. أي باطل .
أقول : كيف فهمت من قول " ليس بمسلم " يعني الحكم على الفعل وليس على الشخص ؟
إذن ستفهم من كل آية أو حديث ذُكر فيها ليس مسلم أو كافر ، يعني الحكم على الفعل ، يعني الفعل هو الذي على غير الإسلام ، أما فاعل هذا الفعل فلا يقال أنه على غير الإسلام بعينه .
هل هكذا تفهم عبارات اللغة العربية ؟ فمتى وكيف سنفهم أن لفظ ليس بمسلم أو كافر أو مشرك تعني الشخص المعين وليس العمل فقط ؟

قولك : قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62]
وقال أيضاً : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

أقول: أتفهم من قول الباطل والضلال في الآيات هو الحكم على الفعل فقط ولا علاقة لها بالشخص المعين ؟
إذن كلمة الحق في الآيات لا تعني الذات الإلاهية وإنما فُعلها . مع أن لفظ الآية هو :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ "
هذا وكلمة " على باطل " وصف للمعين وليس وصف للفعل . نقول فلان على باطل .
وهكذا حكمنا على فعل الشرك وفاعله نقول عن الفعل شرك وعن الفاعل " على شرك " يعني مشرك . فكل من هو على الشرك ، مشرك ، كما أن كل من هو على التوحيد موحد .
ولا يقال أن قولنا "على الشرك " نقصد به الفعل وليس الفاعل ، أو قولنا " مشرك " نقصد به العمل وليس الشخص ذاته . فهذا لا يستقيم بلغة العرب .
وكذلك لا يقال أن قولنا "على التوحيد " نقصد به الفعل وليس الفاعل .
وكذلك قولنا " على الإسلام " لا يقال نقصد به الفعل وليس الفاعل . فكل ما على الإسلام مسلم وكل ما على غير الإسلام كافر خارج من الملة
وهذه الألفاظ لا تستعمل للحكم على الفعل في لغة العرب بل للحكم على الفاعل ووصفه .

قولك : أما طلبي للأدلة القطعية ، فهو في تكفير من لا يقول عن بعض المشركين : مشركين ، بل يسميهم ضالين أو مبطلين أو فاسقين ، بسبب جهله للحكم الشرعي ، أو غبائه ، أو تأويله .. ما الدليل من القرآن والسنة على تكفير مثل هذا ؟؟ أم لا دليل عندكم سوى العقل ؟
أقول : الأدلة على ذلك من القرآن والسنة كثيرة وليس العقل وحده هو الدليل .وسنأتي على هذه المسألة لاحقا بإذن الله بعدما نعرف ما حكم من تلبس بالشرك الأكبر ونتفق على مفهوم بعض الألفاظ والاصطلاحات .

قولك : مثالك ليس عملياً ولا وجه له .
أقول : لماذا ليس عملياً ولا وجه له ؟
قولك : فإنه لو سألنا عن حكمه الشرعي عندما كان كافراً ، فلا وجه لأن نقول له دعك الآن من هذا .. بل جوابه هو كجواب من سأل عن أية مسألة شرعية ، سنقول له : كنت كافراً مشركاً ، ثم منّ الله عليك بالإسلام .
أقول : لو لم نقل له ذلك وقلنا له كما هو في المثال ما حكمنا ؟
لو سأل هذا السؤال لشخص دخل الإسلام من جديد وأجابه نفس الجواب فماذا حكمه ؟

قولك : ستقول لي كيف عرفت أنا هذا الحكم ؟ سأقول لك : من الكتاب والسنة .. سمى الله مثله كافرين مشركين ، ونحن أسميناه كذلك .
أقول : وهل الآيات والآحاديث التي تسمي من كان مثله ، مشرك أو غير مسلم أو غير موحد ليس لها علاقة بأصل الدين وكيفية دخول الإسلام ؟
ألم يفهم مشركي قريش من أول كلمة دعاهم إليها رسول الله أنهم ليسوا على دين الله ؟

تقول : ستقول لي : وهل يلزمه أن يعتقد أنه كان يُسمى عند الله تعالى كافراً مشركاً ؟؟
أقول لك لا يلزمه ذلك ، بل يلزمه فقط أن يعتقد أنه كان مبطلاً فاسقاً متبعاً للشيطان ، على غير دين الله تعالى بأفعاله الشركية تلك .. أما مجرد التسمية فإن المكلّف غير مطالب بها ليدخل الإسلام .

أقول : يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول .

تقول : الآن جاء دوري لأسألك :

1- لقد بيّن الله - عز وجل - ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالحون - رضي الله عنهم - ، التوحيد أتم بيان ، ولم يتركوا شاردة ولا واردة ، لا دقيقة ولا جليلة ، لا صغيرة ولا كبيرة ، من مسائل التوحيد ، إلا وذكروها وبينوها أتم بيان ، وأحسن تفصيل .

لماذا لا نجد نصّاً واحداً في القرآن والسنة ومن أقوال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر لمسألة تكفير المشركين وأنها من أصل الدين الذي لا يدخل المرء في الإسلام حتى يأتي به ويضبطه ولا يخطئ فيه ؟؟

أقول : ليس السلف الصالح وحدهم هم الذين بينوا لنا التوحيد أتم بيان بل القرآن الكريم والسنة الصحيحة أيضا بينت لنا التوحيد أتم بيان وأحسن تفصيل . والقرآن كله في التوحيد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى في مكة ثلاثة عشرة سنه يدعو للتوحيد فقط ثم في المدينة عندما نزلت الشرائع أيضا كان يبين التوحيد مع الشرائع عشرة سنين حتى توفاه الله .
وبيان التوحيد يقتضي بيان الشرك لأن النقيض يعرف بنقيضه أو الضد يعرفه بضده . فبقدر ما يبين التوحيد بقدر ما يبين الشرك . فلا يقال أنه لا يوجد في القرآن أو السنة بيان للشرك والمشرك .
ولا يقال لا نجد في كتاب الله وسنة رسوله وكلام السلف الصالح دليلاً واحداً على تكفير المشركين وأنها من أصل الدين بل الأدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة وفي كلام السلف الصالح . فكل أية أو حديث يبين التوحيد وحكمه هو دليل بحد ذاته على بيان الشرك وحكمه . لأنه كما قلنا تعرف الأمور بأضدادها .
فمن عرف التوحيد عرف الشرك ومن عرف الموحد عرف المشرك . ومن لم يعرف الشرك لم يعرف التوحيد ، ومن لم يعرف حكم الشرك لا يعرف حكم التوحيد . ومن لم يعرف كيف يدخل العبد الإسلام لا يستطيع أن يدخل الإسلام ، ومن عرف كيف يدخل العبد الإسلام يعرف من لم يدخل الإسلام بعد ..
فلا يقال موحد ومشرك ، لأنهما لا يجتمعان ، لا يجتمع في قلب رجل واحد شرك أكبر وتوحيد . هذا يعرفه كل من يعرف التوحيد ويعرف الشرك . ويكفي من أصل الدين أن يعرف من وحد الله ، أنه من فعل الشرك الأكبر ليس بموحد بل مشرك ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يسميه كافر . المهم أن لا يسميه مسلم ويسميه مشرك غير موحد ولا يدخله بدين الإسلام والتوحيد ، هذا هو الحد الأدنى المطلوب في هذه النقطة . ولا يقال حكم تكفير المشركين . لأن كلمة " مشرك " وصف وحكم للشخص المعين وليس للفعل . الفعل هو الشرك ، لهذا ممكن أن يقال : " ما حكم من فعل الشرك " ويقال :" ما حكم أسلمة المشرك " ولا يقال : ما حكم تكفير المشرك ؟ إلا إذا قصد من التكفير شيء آخر غير حكم المشرك . كان يقصد الكفر المعذب عليه . لأن كلمة " المشرك " وصف وحكم على الشخص المعين .
هذا والأدلة على حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر كثيرة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة . منها :
قال تعالى : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (الزمر : 65)
وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48)
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " (المائدة : 72)

قولك : لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - مسائل بدهية في التوحيد ، كمسائل الحب والبغض والولاء والبراء والإخلاص واليقين وما إلى ذلك ، ولم يتركنا لعقولنا لتقرير هذه المسائل ، بل بيّنها في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بأدلة واضحة صريحة بيّنة ، مع أن هذه المسائل تقررها عقول أغبى الناس ، ولكنه لم يتركهم دون بيان في هذه المسائل العظام ، إمعاناً في إقامة الحجة ، وحتى لا يختلف من بعدهم .. ولم يأت ذكر مسألة التكفير هذه في أي نصّ شرعي يجعله من أصول الإيمان والاعتقاد !
أقول : لم يتركنا الله سبحانه وتعالى بدون بيان واف لهذه المسائل العظام ، بل بينها بأوضح وأصرح بيان كما بين التوحيد . ونحن نتحدث عن حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر . ولا نتحدث عن حكم المشرك لأن كلمة مشرك حكم على الشخص ، والفعل هو الشرك . وكل من يفهم اللغة العربية يعرف أن من فعل الشرك مشرك ، فالشرك فعل ، والمشرك اسم الفاعل . ولا يوجد فعل بدون فاعل .والمشرك ليس موحد . ومن ليس موحد ليس مسلم .
ولا يشترط لمن أراد دخول الدين أن يَعرف أن المشرك كافر أو غير كافر .بالمعنى اللغوي للكفر أو الكفر المعذب عليه .يكفيه أن يعرف أنه مشرك وغير موحد ، وأنه ليس على دين الله . وهذا سيعرفه ولا بد إن عرف التوحيد وعرف دين الله . أما معرفته ماذا يترتب عليه أن يفعل حيال هذا المشرك . فأقول : الأفعال التي يجب فعلها تجاه المشرك منها ما هو من أصل الدين يجب أن يعرفها قبل أو مع دخوله للدين ومنها ما سيعرفها بعد دخوله الدين ، فمثلا : يجب أن يعرف أن المشرك ليس موحداً ولا مسلماً ، وأنه ليس في دين محمد صلى الله وسلم . ولا يقال يجب فقط أن يعرف أنه على باطل وضلال بفعله ، فهذا لا يقوله من يعرف لغة العرب .
ومن الأمور التي سيعرفها بحق المشرك بعد دخوله الإسلام مثل : عدم تزويجه أو الزواج منه ، عدم أكل ذبيحته .

قولك : يعني باختصار ، ما أفهمه من كلامك هو : أن الله - تعالى - أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي الذي لم يظهر كشرط من شروط الإيمان إلا في القرن الثاني عشر الهجري !! وطوال هذه القرون كانت هذه المسألة خافية على الجميع ، لا تُذكر في كتب الفقه بالتفصيل والتقعيد الذي تقولون به .
لاحظ أننا نتكلم عن مسألة أصولية لا فرعية ، هي من شروط الشهادتين ، من لا يأتي بها فهو كافر .

أقول : من أين فهمت من كلامي أنني أقول : أن الله أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي ؟
يا رجل لا تقولني ما لم أقله ولا تفهم من كلامي ما يحلو لك ؟ فأنا أسألك حتى عن الواضح من كلامك حتى لا أقولك ما لم تقل وحتى لا ألزمك بلازم قولك حتى تلتزمه .
ثم من قال لك أن الحكم على المشرك بأنه ليس على دين الله وأنه غير مسلم أو غير موحد كشرط لدخول الإسلام ، لم يظهر إلا في القرن الثاني عشر الهجري وأنه كان خافياً على الجميع قبل هذا .؟
أقول لك : إنَّ هذا كان ظاهراً وموجوداً من أول يوم دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوحيد . والقرآن والسنة مليئان بالأدلة على ذلك . وسيأتي بيانها أكثر لاحقاً بعون الله .

قولك : رجل مسلم تقرر عنده أن الله - تعالى - حرّم السرقة ، ثم هو رأى سارقاً يسرق ، فقال : لا أسميه سارقاً حتى أقيم عليه الحجة في أن السرقة حرام ، لظنه أن الاسم لا يلحق الفاعل حتى تقام عليه الحجة في جميع المسائل .. مع كونه يُسمى سارقاً لغة وعقلاً ، حتى لو كان جاهلاً بالحكم الشرعي .
سؤالي هو : هل مثل هذا الذي خالف ضرورة اللغة والعقل كافر ؟
أرجو أن تجيب على قدر السؤال .

أقول : لا ليس كافراً ولا عاصياً . لأن حكم فعل السرقة وحكم فاعله لا يُعرفا إلا بالشرع .
فهو رأى فعلاً وهو أخذ مال الغير.ولا بد له أن يقول هذا أخذ لمال الغير وفاعله آخذ لمال الغير . لأن أخذ مال الغير ممكن أن يكون سرقة وممكن أن يكون غنيمة . وممكن أن يكون عملاً مشروعاً . ويكفيه أن يصف الفعل والفاعل . والشرع بعد ذلك يحدد هل هذا الأخذ سرقة أم غنيمة أم حق له أخذه . أما إذا حكم على الفعل من الناحية الشرعية بأنه سرقة فلا بد أن يحكم على الفاعل بأنه سارق . لأن الفعل سرقة ، اسم الفاعل له سارق . أما إن قال ثبت أنه سرق ولكن حتى أعطيه حكم السارق لا بد لي أن أقيم عليه الحجة بحرمة السرقة .
وهذا كان حال الجارية التي زنت في زمن عمر ابن الخطاب وهي لا تعرف ما هو الزنا وما حكمه ، ولكنها أقرت بالفعل وهو الوطء أو الجماع بدون تردد . فلم يحكم عليها بالزنا ولا وصفت بأنها زانية .
مثال آخر : رأى رجل يجامع امرأة .هل يستطيع أن يحكم على هذا الفعل بأنه زنا وأن فاعله زاني ؟ لا طبعاً . يجب أن يتحرى حكم الفعل عند الله فإذا كان حكم الفعل زنا يجب عليه أن يحكم على فاعله أنه زاني . ولا يقول من يفهم اللغة العربية هذا الفعل زنا ولكن لا إسمي فاعله زاني . فهذا إنكار للحكم الشرعي للفعل .
لكنه لو رأى رجلاً يعبد غير الله مختاراً فيجب عليه أن يصفه بأنه شرك ويصف فاعله بأنه مشرك إن كان يعرف ما هو الشرك والمشرك . أما إن قال : هذا فَعل الشرك الأكبر ولكنه موحد ، أو هو مشرك ولكنه باقٍ في دين الله ، أو قال : هو مشرك ولكنه يبقى مسلماً موحداً حتى نقيم عليه الحجة أو تتحقق فيه شروط وتنتفي موانع . فهو لا يعرف التوحيد ولا الموحد ولا يعرف كيف يدخل العبد الإسلام .
هذا وله إن رأى شخصاً يفعل فعلاً يشابه الشرك ولكنه غير متأكد من أنه شرك ، له في هذه الحالة أن لا يحكم على الفاعل بأنه مشرك حتى يتأكد أن فعله شرك أكبر .فمثلاً وجد شخصاً يسجد نحو صنم ، فلم يحكم عليه بأنه مشرك يعبد الصنم لأنه جعل احتمالا أن يكون الشخص أعمى لم ير الصنم وهو يصلي لله لا للصنم . فيجوز في هذه الحالة أن يتوقف فيه حتى يتبين مِن حاله .
أما إن ثبت عنده أنه يفعل الشرك مختاراً فلا يجوز أن يتوقف في الحكم عليه بأنه مشرك غير موحد
فإذا حكم عليه بالإسلام أو التوحيد مع تيقنه أنه فعل الشرك الأكبر مختاراً فهذا لم يعرف الإسلام ولم يعرف التوحيد .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-23-2012, 08:27 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

يعني نتفق إذن على أن أصل الدين هو ما جاء به الحديث الذي أوردتُه أنا ، إذن لن نختلف في هذا المصطلح إن شاء الله .

أما طلبك العجيب - مع احترامي - لذكر أول العلماء الذين قالوا بذلك .. فأظن أولاً أننا اتفقنا أن نترك كلام العلماء جانباً في هذه المرحلة ، وثانياً لا أدري ما يهم ذلك في ديننا أن نعرف أول العلماء أو آخر العلماء !! هل إذا جهلنا أول العلماء أثمنا أو كفرنا ؟ وأما كون أول العلماء هذا تركنا لاجتهادنا ، فهو ليس إلهاً ولا رسولاً حتى لا ننسب إليه النقص والخلل .. فأرجو أن تتكلم عن نصوص القرآن والسنة التي أكمل الله بها الدين .

لا يعني هذا أنني لا أستطيع الجواب ، إنما أنت تتكلم عن مصطلح ، ثم تسأل عن أول من أتى به .. مع اتفاقنا على معنى هذا المصطلح وهو : ما لا يدخل المرء الإسلام إلا به . فما يفيد الآن في ديننا أن نعلم أول من قال به ؟

اقتباس:
أقول : أنا لم أعنِ كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " وإنما عنيت كلمة " لا معبود بحق إلا الله " فهذه الكلمة تحتاج لعلم زائد لفهمها ، حتى مؤسس حزب التحرير تقي الدين النبهاني والذي يعتبره أتباعه مجتهد مطلق ، أخطأ في استعمالها فقال : " لا معبود إلا الله " ولم يضف كلمة " حق " مع أنها مهمة جداَ ويتغير المعنى من دونها . لهذا أردت أن يكون كلامنا بما هو واضح وبسيط حتى لا نشعب المسألة.
فطلبت منك أن نبحث معنى " كلمة التوحيد " من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فقط ، فهذا كاف واف لمن أراد الحق .
لهذا سألتك : . ألا يوجد في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة شرح لمعنى لا إله إلا الله بشكل أبسط من هذا المعنى ؟


في لغة العرب ، حرف "لا" إما أن ينفي الوجود أو ينفي الصحّة . فإن ثبت وجود معبودات غير الله ، فدلّ ذلك على أنها تنفي الصحّة عن غير الله تعالى .

أما من يقول : لا معبود إلا الله .. فإن عنى بذلك ما يعنيه حرف "لا" في لغة العرب من نفي الصحة ، مع إقراره بوجود آلهة باطلة تعبد من دون الله ، فلا يضيره ذلك إن كان يعني التفسير الحرفي لهذه الكلمة وهو يعني تمام ما تعنيه .

نعم ، يوجد شرح واف كامل لهذه الكلمة في نصوص كثيرة ، وقد ذكرتُ بعضها .

كقوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأعراف : 59]

وقوله : { حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج : 31]

وقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]

وأخيراً : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72]

فكانت الأنبياء جميعها - عليها السلام - تأمر بعبادة الله وتنهى عن الشرك به ، وهو معنى : لا إله إلا الله .. أي : لا تعبدوا إلا الله .

----------------------

اقتباس:
أقول : ماذا تقصد من قولك " وآمن حسبما تحقق لديه من العلم بمنطوقها ، فقد حقق أصل الدين ." ؟
هل تقصد آمن بها كما فهما هو وليس كما هو معناها الحقيقي ؟ أم تقصد بعد أن فهمها كما تقضيه اللغة العربية ؟


كما تعنيه العربية الصحيحة

----------------------

اقتباس:
سؤالي لك هنا : ما حكم من نطق وأقر بها وهو لا يعرف معناها ؟
أو ما حكم من نطق وأقر بها وهو يفعل ما ينقضها ويهدمها ؟
وماذا تقصد من لزوم إفهامه معناها ؟ هل ليكتمل إسلامه أم ليتحقق ؟


حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .

أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر .

بل ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها كما جاءت به .. وهو باختصار شديد : عبادة الله وحده ، ونبذ عبادة كل ما سواه .

----------------------

اقتباس:
أقول : لمعرفة معنى أي مصطلح وضعه العلماء ، غير موجود في القرآن والسنة ، لا بد من معرفة من وضع المصطلح وما قصد من هذا المصطلح ، حتى نستطيع استعماله بالشكل الصحيح فلا نُدخل فيه ما ليس منه ولا نخرج منه ما هو منه . وحتى لا نضع له أركاناً ولوازم حسب أفهامنا وأهوائنا ونلزم بها غيرنا .
ولا يخفى على المطلع على أفكار الطوائف التي تدعي الإسلام ما سببه عدم فهم مصطلح " العقيدة " من أخطاء . فمصطلح العقيدة مصطلح غير موجود في القرآن والسنة وكلام الصحابة. وضعه العلماء لتبسيط شرح بعض المسائل . فنتج عن عدم فهمه أمور كثيرة تخالف التوحيد والدين .


أظنك قد كفيتني المؤنة إذ قلت :

اقتباس:
أقول : نعم جيد . وهذا الدليل من أوضح الأدلة على كيفية دخول العبد للإسلام ، ولنجعله أساساً في حوارنا . وأسأل الله أن لا نختلف في معناه ومفهومه وتطبيقه على الواقع . وإذا كان هذا ما تعنيه من قولك أصل الدين فأنا لا أخالفك في هذا .

فإن كنت تتفق معي على معنى هذا المصطلح ، وأنه ما جاء به هذا الحديث ، فما لزوم كل ما ذكرتَه أنت من معرفة أول قائل به ، وما يعني به ، وما إلى ذلك ؟؟

اتفقت معي على معنى أصل الدين ، وانتهينا .. فلا أرى لزوماً لكل ذلك إلا تشتيت الحوار .

----------------------

اقتباس:
أقول : أليس إذن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئا هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله .. ؟
لهذا بعد أن قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " قال : " ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟
هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟ والله سبحانه وتعالى يحكم على من أشرك به شيئاً أنه ليس في دين الله القيم . ؟


جواب سؤالك الأول : بلى .

وحكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .

ولا ، لا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك .

----------------------

اقتباس:
أقول : أنا اقصد من لا يعرف معنى كلمة التوحيد سواء كان أعجمياً أو عربياً ، ويعتقد الشرك الأكبر ويظن أنه يحسن صنعاً . هل مثل هذا نحكم عليه بالإسلام بمجرد تلفظه كلمة التوحيد ثم نعلمه معنى كلمة التوحيد أم لا نحكم بإسلامه حتى ولو ادعى ذلك حتى نعلمه كلمة التوحيد ويقر بهذا المعنى ؟
حسب ما فهمته من جوابك أننا لا نحكم عليه بدخوله الإسلام وبأنه من أهل التوحيد ولو ادعى ذلك وظن أنه على دين الإسلام ودين التوحيد ، حتى يفهم معنى كلمة التوحيد ويصدق ويقر ويؤمن بهذا المعنى . هل ما فهمته من كلامك صحيح ؟


لو تلفظ بكلمة التوحيد ، فالحكم الظاهر عليه أنه مسلم .. لكن الحكم الباطن هو كافر إن لم يكن يعلم معناها .

أما إن أظهر لنا جهلاً بتوحيد الله وأنه هو المستحق الأوحد للعبادة ، فهذا لا يُحكم بإسلامه ، بل حكمه الظاهر والباطن سواء .

وإن فهمت كلامي وفق ما قلته آنفاً في جوابي هذا ، فنعم ، فهمك لكلامي صحيح .

----------------------

اقتباس:
أقول : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟

بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .

ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد .

ومتى يكفر من لا يقرّ بذلك ؟

الجواب : إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله ، ثم قال : فلان بفعله لهذا الشرك موحّد .. فيجعل التوحيد هو عين الشرك .. فهذا كافر .

كما يكفر من يقول : فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع .. فهذا أيضاً كافر ، لمساواته بين الصلاح والفجور .

----------------------

اقتباس:
تقول : " نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ." كيف يعني نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؟!
هل تقصد أنه أصبح مشركاً بهذا الفعل ؟
أم تقصد أنه في فعله هذا مشرك ولكن حكم الإسلام عنه لم يرفع حتى نقيم عليه الحجة ونتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟ ( أنتبه نحن لا نتحدث عن المكره )
إذا كنت تقصد هذا المعنى فما هو دليلك عليه من الكتاب والسنة . ؟
ثم ما هي هذه الأعذار التي تمنع من الحكم بمشرك غير موحد غير مسلم على من فعل الشرك الأكبر مختاراً قاصداً لفعله ؟
ومن أين جئت بتعبير أن من فعل الشرك الأكبر ، يحكم عليه بأنه مشرك في فعله ولا يخرج من الإسلام حتى تقام عليه الحجة ويتحقق من شروط التكفير وموانعه ؟
هل عندك دليل من كتاب الله وسنته على ذلك ؟
وهل ما تقوله ينطبق على أناس معينين أم على كل الناس ؟ وإذا فرقت فما هو الدليل ؟


المقصود أنه مشرك في المسألة التي أشرك فيها ، ولا يعني هذا ضرورة أنه مشرك في باقي المسائل .

مثاله :

رجل موحد لله تعالى في الدعاء ، ولكنه مشرك في الحكم .

نعم ، إن توحيده لله في الدعاء لا ينفعه ولا وزن له عند الله إن أشرك ولو في مسألة واحدة ، لكن عند التوصيف نقول : موحّد لله في الدعاء ، مشرك به في الحكم .. وعند إطلاق الحكم نقول : مشرك كافر خارج عن الإسلام .

كقوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } [البقرة : 85] فذكر أن عندهم بعض إيمان بالكتاب .. مع أن هذا لا ينفعهم حتى يؤمنوا به جميعاً .

وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] فذكر أن عندهم إيمان ، لكنه لا ينفعهم إذا خالطه الشرك .

وقوله : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65] .. أي أنهم وحّدوا الله في الدعاء عند الكرب ، ولم يكونوا بهذا التوحيد مؤمنين لبقاء اعتقادهم في الأصنام .. لكن الشاهد فيه أنهم وحّدوه في الدعاء والعبادة في تلك اللحظة ، ولكن لم يرتفع وصف الشرك عنهم فيها .

أما قولي في الشرك الأكبر ، فلا تهتم .. فأنا أقول لا يُعذر في الشرك الأكبر أحد إلا المكره أو المنتفي قصده . ومن يفعل الشرك الأكبر جاهلاً فهو كافر ، خارج عن الإسلام .

----------------------

اقتباس:
فإذا لم تعلمه معنى العبادة لغة أو لم يعرفها لغة وعبد غير الله جهلاً وادعى أنه يعبد الله وحده وأنه من الموحدين وعلى دين الإسلام فهل نقبل منه هذا الإدعاء ؟

لا .

----------------------

اقتباس:
ألم يدع اليهود والنصارى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم وحدوا الله في العبادة وهم واقعين في الشرك الأكبر ؟ هل مثل هؤلاء يفهم معنى العبادة ومعنى الشرك .؟
ألا يقول النصارى : أب ، ابن ، روح القدس ، إله واحد .
ألم يتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وهم مع ذلك يقولون أنهم على دين التوحيد ؟


نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك ، ولكنهم جحدوا الحق وأبوا أن يلتزموا به ، وكان ادعاؤهم للتوحيد إنما هو للجدال بالباطل والتلبيس على الناس .. فهؤلاء هم اليهود ، الذين عرفوا الحق وكفروا به .

بلى ، يقول النصارى ذلك ، وهم أنفسهم يقولون : نحن نعبد المسيح الذي هو ابن الله !! وهم أنفسهم يقرون أنهم يدعون المسيح عند الشدائد ، ويعبدونه ، لانه - كما يقولون - في يده مقاليد السماوات والأرض .

فأرادوا الجمع بين المتناقضات الصارخة التناقض ، فغيّبوا عقولهم ، فقالوا : نحن نعبد غير الله ، ولكننا نقر أنه لا إله إلا الله .. تقول لي كيف ؟ أقول لك : النصارى أنفسهم لا يعلمون كيف .

فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل .

وهذا هو الدليل :

عن زيد بن حارثة - رضي الله عنه - قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة ، ومعنا شاة قد ذبحناها وأصلحناها ، فجعلناها في سفرة . فلقيه زيد بن عمرو بن نفيل ، فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية . فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : يا زيد - يعني ابن عمرو - ما لي أرى قومك قد شنفوا لك ؟ قال : والله يا محمد ، إن ذلك لغير ترة لي فيهم ، ولكن خرجت أطلب هذا الدين حتى أقدم على أحبار خيبر ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي . فخرجت حتى أقدم على أحبار الشام فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا الدين الذي أبتغي .. الأثر .

----------------------

اقتباس:
أقول : يا سبحان الله !
ألم تقل يا أبا شعيب : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً ."
أنت هنا تقول يكفيه أن يعتقد ذلك وتحكم عليه بأنه مسلم جاهل .
ثم بعد سؤالي عن نفس الحالة ولكن بمثال آخر ، حكمت عليه أنه مجنون مختل عقلياً .
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .
وعندما سألتك عمن أعلن إسلامه وانتمى لدين الإسلام ولكنه داوم على شركه معتقداً بطلان هذا الشرك وأبغض نفسه لفعلها هذا الشرك ، لأنه ظن كما قلتَ أنت : أن نبذ الشرك ، والكفر بكل ما يعبد من دون الله يعني : أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . قلت عنه أنه مجنون أو مختل عقلياً .
وضح هداك الله ما الفرق فلعله غاب عني شيئاً ، لأني أرى تناقضاً في كلامك
.

هداني الله وإياك .. ألم أقل من قبل إن نبذ الشرك يعني : تركه قلباً وقالباً ؟

ثم انظر في أي مقام قلت تلك الكلمة ، أي : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً "

قلتها في معرض كلامي عن التكفير .. يعني نحن نتكلم عن مسلم موحّد ، وقد ذكرت قبل هذه الكلمة قولي :

اقتباس:
فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة

وعندما أتيت على مسألة التكفير ، قلت :

اقتباس:
فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية (أي : ممن دخل الإسلام) ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً .

يعني : من حقق التوحيد ، يكفيه من التكفير ذلك !!

فأين التناقض في كلامي ؟؟ وأنت الذي تقول :

اقتباس:
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟

وأنا قلت من قبل إنه لا يدخل المرء في الإسلام حتى يوحد الله في عبادته ويترك الشرك !!

أين التناقض ؟

أنت تفسر كلامي وتقول :

اقتباس:
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .

مع أنك سألتني قبل هذا وقلت :

اقتباس:
وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟

وقد أجبتك جواباً واضحاً مختصراً ، فقلت :

اقتباس:
يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة)

فكيف تتهمني بعد كل هذا أنني فسرت نبذ الشرك بالاعتقاد لبطلان الشرك فقط ؟؟ أليس هذا من الحيف والضيم ؟

الإنصاف عزيز يا أخي ، جعلنا الله وإياك من المنصفين .

اقتباس:
وضح هداك الله ما الفرق فلعله غاب عني شيئاً ، لأني أرى تناقضاً في كلامك .

أرجو أن تكون المسألة قد توضحت لك الآن .

----------------------

اقتباس:
أقول : وماذا يعني عندك الكفر بالطاغوت ، والكفر بما يعبد من دون الله ، وقول إبراهيم عليه السلام " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ " ؟

الكفر بالطاغوت بيّنه الله تعالى في موضع آخر إذ قال : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } [الزمر : 17]

معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .

أما قول إبراهيم - عليه السلام - في البراءة .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم .

قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]

وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54]

وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]

وتعني أيضاً : براءة من ذواتهم وأشخاصهم بعد إقامة الحجة عليهم وإظهارهم العداوة لدين الله .. من جنس قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]

وقوله تعالى : { قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [هود : 46]

أما قوله : كفرنا بكم .. فهو يعني : كفرنا بشرككم وكفركم .

قال الطبري في تفسيره :

وقوله : { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } : يقول - جلّ ثناؤه - مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة : كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا ، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا على كفركم بالله ، وعبادتكم ما سواه ، ولا صلح بيننا ولا هوادة ، حتى تؤمنوا بالله وحده ، يقول : حتى تصدّقوا بالله وحده ، فتوحدوه ، وتفردوه بالعبادة
وبنحو ذلك قال المفسرون ، كابن كثير وغيره .

----------------------

اقتباس:
أقول : أين يوجد يا أبا شعيب في كلام محمد بن عبد الوهاب أنه بعد ذكره أن تكفير المشرك من أصل الدين استدل على ذلك بقاعدة " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟
ألا يدل كلامك هذا على أن محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد لم يفهموا أصل الدين لأنهم أدخلوا فيه ما ليس منه .؟
وألا يدل أيضاً أنهم لم يفهموا تطبيقات قاعدة " " من لا يكفر الكافر فهو كافر " ؟


هل لنا أن نرجئ الحوار في ذلك حتى ننتهي من ضبط أصل الدين ؟ لأن هذا سيشعب الحوار ويدخلنا في متاهات لن نخرج منها .

وما كان ذكري للشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وخطئه في إدراج تكفير الكافر في أصل الدين ، إلا عارضاً .. ولم يكن ركيزة من ركائز الحوار .. فانتبه لذلك ، هداني الله وإياك .

وقد اتفقنا - حتى هذه اللحظة - أن نترك قول العلماء جانباً ، فلنلتزم بذلك .

----------------------

اقتباس:
أقول : أنا لا أقوم مقام أحد . أنا أقوم مقام ديني وسأبينه لك مع أدلته من الكتاب والسنة فقط . وأعتقد أن ما قلتَه عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجد غير صحيح ، لهذا دعوتك لإثباته بدليل واحد فقط ، ولا أظنك تستطيع . وبعد أن استوضح منك عقيدتك ، سأخبرك بأدلة عقيدتي من الكتاب والسنة وبأدلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الكتاب والسنة . ونناقش هذه الأدلة هنا . بدون أن ندخل بتفرعات تشتت الموضوع .

طيب ، ما دمت تعتقد أن كلامي فيهم غير صحيح ، فلك ذلك .. فهذا لا يؤثر في مسألتنا .

ما نريده في هذا الموضوع هو الحديث عن أصل الدين وضبطه بأدلة القرآن والسنة .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-23-2012, 11:30 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
بسم
الله الرحمن الرحيم ،

اقتباس:
أقول : هل يكفي أيضاً أن نصفهم بأنهم مخطئين مثلا ؟!!
كما قال تعالى عن فرعون وهامان وجنودهما . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "


هناك فرق لغة بين مخطئ وخاطئ .. فالمخطئ من قصد الحق ولم يوفق إليه ، والخاطئ من تعمد الخطأ .

على أيّة حال ، إن كان يقصد بذلك أنهم على غير الحق وعلى ضلال فيما وقعوا فيه من خطأ ، فيكفيه ذلك أيضاً .. فإن ما ينبغي له هو أن يبيّن أنهم على باطل . سواء سمى ذلك الباطل خطأ أو ضلالاً أو غيره .

اقتباس:
وإذا وصفناهم بأنهم ضالين أو فاسقين أو مبطلين فما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال ؟
وهل وصفنا للمشركين مع الله بأنهم في ضلال مبين كوصف إخوة يوسف لأبيهم أنه في ضلال مبين ؟
قال تعالى : إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "


وصفنا للمشركين بالضلال هو في أمر عبادتهم ودينهم ، وهذا يدلّ على بغض المرء لما هم عليه من كفر وشرك .. أما وصف إخوة يوسف لأبيهم فهو في المسألة التي ذكروها ، وهي تفضيله ليوسف عليهم .

أما ما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال .. فهذا يُعلم بالدليل الشرعي ، لا من مفهوم لا إله إلا الله .

اقتباس:
ثم أليس التضليل والتفسيق أحكام شرعية ؟
لماذا فرقت بينها وبين التكفير مع أنها كلها أحكام شرعية ؟


مقصودي بالتضليل والتفسيق هو بيان أنهم على غير الحق ، وأنهم بفعلهم الباطل على الباطل ، وقد ذكرت ذلك في أكثر من موضع .. ولم أعن به حكماً شرعياً يترتب عليه ما حدده الشارع فيهم .

أما تفريقي بينها وبين التكفير .. فهذا عجب !

هل لك أن تبيّن لي أين حدث ذلك ؟ .. وكيف هذا وأنا غاية ما قلت إنه لا يلزمه التكفير - لو كان جاهلاً - حتى يدخل الإسلام ، بل يكتفي ببيان أنهم على الباطل ، سواء كان هذا البيان بالتفسيق أو التضليل بله التكفير .. فكلها كلمات غايتها واحدة ، وهي : بيان الباطل .

اقتباس:
ماذا تفهم من قوله تعالى : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " ؟
هل البراءة منهم تعني البراءة من فعلهم فقط مع أن اللفظ في الآية واضح جداً " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ "؟ وهل في لغة العرب ما يدل على ذلك ؟ ألا يوجد فرق باللغة العربية بين لفظ " منكم " ومن فعلكم " ؟ لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخطا خالد ابن الوليد : " إني أبرأ من خالد " وقال : " إني أبرا مما فعل خالد " ؟


ذكرت أنها براءتان .. براءة منهم لفعلهم الشرك . تقول لي كيف يبرأ منهم في فعلهم ؟ أقول لك : كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « أنا بريء من كل مسلم يعيش بين ظهراني المشركين » .. فهذه البراءة مبناها وداعيها الإقامة بين المشركين .. فهو يتبرأ منهم لفعلهم ، مع موالته لإيمانهم .

وقوله أيضاً : « من أمن رجلاً على دمه ، فقتله ؛ فأنا بريء من القاتل ، وإن كان المقتول كافراً »

هذا معنى البراءة منهم في فعلهم .

فالمسلم حتى يكون مسلماً حقاً يجب أن يتبرأ من الكفار في كفرهم .. وإن والاهم في غير ذلك ، فحاله يترجح بين فسق وعصيان ، وقد يرتفع إن كان جهلاً أو اجتهاداً مسوغاً .

وبراءة من أشخاصهم بعد إقامة الحجة ، وهي ما ذكره الله - تعالى - : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]

معناه ، أنه لم يتبرأ منه قبل ذلك .. أي : لم يتبرأ من شخصه ، مع تبرؤه من كفر أبيه .

فهذه الآية المذكورة جمعت بين البراءتين ..

أما لماذا لم يتبرأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من
شخص خالد ، مع تبرؤه من فعله .. فلأنه لم تقم عليه الحجة ، ولم يكن هناك داع من التبرؤ من شخصه حينئذ .

اقتباس:
وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟
وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟ وفيه لفظ : " بكم " ألا يوجد فرق في اللغة بين " كفرنا بكم " وبين " كفرنا بأفعالكم "
يا رجل بالله عليك بأي لغة تفهم آيات الله ؟


أفهمه باللغة العربية التي يفهمها المفسرون .. وليست لغتك العربية أنت .

جاء عند ابن كثير :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } أي : بدينكم وطريقكم
وجاء عند الطبري :

كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا
وجاء عند القرطبي :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } : أي : بما آمنتم به من الأوثان
وعند ابن عطية ، الذي تفسيره من أصح التفاسير وأحسنها ، كما قال ابن تيمية :

وقوله : { كفرنا بكم } أي كذبناكم في أقوالكم ، ولم نؤمن بشيء منها
وعند البغوي الذي أثنى على تفسيره ابن القيم :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } جحدنا وأنكرنا دينكم
فإن كان هؤلاء المفسرون لا يعرفون ما تعرف أنت من أسرار العربية ، فقد فسد دين الله إذن .

ثم أود أن أسألك سؤالاً أرجو أن لا تتهرب منه .

ما معنى قولنا : كفر فلان بالله ؟ .. هل يعني : أنه قال عن الله كافر ؟

وما معنى قولنا : كفر فلان بالنبي ؟ .. هل يعني : أنه قال عن النبي كافر ؟

كقوله تعالى : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ
كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة : 84]

-------------------------

اقتباس:
أقول : الحكم على الأفعال من الناحية الشرعية هو كالحكم على الأشخاص يحتاج لدليل شرعي . فلماذا شرطت في الثانية الدليل الشرعي ولم تشترط في الأولى .؟
وما يمنع من دخل التوحيد أن يحكم على شخص وعين من لا يعتقد اعتقاده أنه غير موحد . ؟
وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد .
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟


لقد ذكرت أن أدنى العلم الشرعي أن يعتقد المرء أن هذا الفعل الشركي باطل وضلال ، وأن صاحبه
بهذا الفعل مبطل وضال ومتبع للشيطان وعلى سخط من الله بفعله .

وأين تراني اشترطت الدليل الشرعي في الحكم على الشخص
في فعله بمقتضى ضرورة العقل ؟

فلو جاء رجل جاهل وقال : فلان بباطله محق ، فهو كافر .. لأن جعل فعله للباطل حقّاً ، وهذا مفهوم في الضرورة العقلية ، ولا يماري فيه أحد .

لكن لو جاء وقال : فلان ببطاله مبطل ، وبحقه محق ، فهذا لا يخالف الضرورة العقلية ولا الشرعية .. فإنه يُمكن أن يجتمع في الإنسان حق وباطل ، وعند
الترجيح بينهما لتنزيل الحكم الشرعي العام الذي يطاله ، يحتاج إلى فضلة زائدة من العلم الشرعي عن أصل الدين ، وهي : شروط التكفير وموانعه ، وهو من جنس ما يسمى عند الأصوليين : تحقيق المناط .

- أما قولك : ما يمنع من دخل التوحيد .. إلخ .

فجوابه : لا يمنعه إلا عجزه عن الترجيح بين الحق والباطل إن اجتمعا في شخص ما ، مع إقراره أن هذا الشخص مبطل بفعله الباطل ، محق بفعله الحق .

- أما قولك : وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟

بل يعرف ذلك في المسائل التي خالف فيها من لم يدخله .

- تقول : ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .

نعم ، يعرف كل هذا في المسائل التي خالف فيها المخالف .

فيقول عن بعض التوحيد الذي عند المشرك : هذا من دين الله .. ويقول عن بعض الشرك الذي عنده : هذا من دين الشيطان .

وتبقى مسألة الترجيح .. هل فعله في دين الله شرك أكبر أم أصغر ؟ وإن كان أكبر ، هل يعذر الله مثل هذا في جهله لبعض التوحيد أم لا يعذر ؟ وهل هو من جنس طاعة الله في مسائل وطاعة الشيطان في أخرى ؟

هذه كلها مسائل تفتقر إلى النصوص الشرعية لبيانها وإيضاحها .

وباقي كلامك أجوبته في الأعلى ، إلا إن غفلت عن شيء فنبّهني عليه .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ها أنت تحكم بكفره إذا اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون جهلاً .
فهو ظن أن فعلهم لا يغضب الله بل يرضاه ، فلماذا هذا تكفره ولا تقيم عليه الحجة ولا تتحقق من شروط وموانع التكفير فيه مع أنه جاهل . ؟
وكذلك حال من يدعي الإسلام مع فعله الشرك الأكبر ( كدخول البلمانات الشركية أو التحاكم لغير شرع الله ) يعتقد صلاح فعله وأنه بفعله دخول البرلمانات الشركية من المصلحين المجاهدين . فلماذا لا تحكم عليه بالكفر والشرك وتعذره بجهله وتأويله أو تعذر من يعذره .؟
تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .


كلامنا عن من لا يكفّر هؤلاء .. أما جواب ما سبق فأقول : لا يُعذر أحد في استحسان الشرك ومحبته .. لأنه لم ينبذه بقلبه .. وقد ذكرت من قبل إن نبذ الشرك يكون بنبذه قلباً وقالباً .

أما قولك : تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل

فجوابه : أما الأول فإنه استحسن الكفر والشرك وصوّبه ، وهذا مناقض لمعنى لا إله إلا الله ، والتي تفيد : نبذ عبادة غير الله تعالى ، واعتقاد بطلانها .

أما الثاني .. فإنه مقر بأن هذا الفعل باطل ولا يرضاه الله ، وأن صاحبه في هذا الفعل مبطل ، فما وجه نقضه لـ لا إله إلا الله ؟؟

هل استحسن الشرك واستصوبه ؟ .. الجواب : لا .

هل قال عن صاحبه إنه على حق في فعل الشرك ؟ .. الجواب : لا .

فكيف يكفر هذا إذن ؟

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني لو لم يفعل أي شيء من الباطل سيحكم عليه أنه على دينه أم ماذا سيحكم ؟
أنت يا أبا شعيب هنا جعلت كل الأحكام على الأفعال ؟ فما الدليل على ذلك من القرآن والسنة ؟
ألا يوجد عندك أحكام على الأشخاص المعينين ؟
مثال : لو لم يدعوا غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟


سؤالك الأول لا معنى له .. فإنه إن لم يفعل شيئاً من الباطل ، فهو إذن على الحق . إذن هو مسلم .

ثم أين جعلتُ كل الأحكام على الأفعال ؟ لعلك تعني : كل الأحكام
في الأفعال وبـالأفعال .. لأن هذا هو عين ما أقوله .

أما دليلي من القرآن والسنة .. فالأدلة متظاهرة متظافرة يعلمها الجميع ، وأنت لا تخالفني في الاستدلال بها .

كقوله تعالى : { قل يا أيها الكافرون } .. سماهم كافرين
لكفرهم وليس لأي اعتبار آخر .

بل يوجد أحكام في أشخاص معينين ، وهم ممن ترجح فيهم الحكم الشرعي بعد تحقيق المناط فيهم .

أما مثالك الذي ضربته ، فهذا كافر إن سمع بالإسلام ورفض الدخول فيه .

أما من دخل دين الإسلام ، فيحكم عليه أنه على غير دين الإسلام ، وهو على باطل وضلال لا يرضاه الله ، وسالك لسبيل سخط الله .

ونعم ، يجب أن يعتقد أنه على غير دينه ( أي شريعة الإسلام ) ، لأنه رفضها ورفض الدخول فيها ، بل وقد أظهر ذلك وجاهر به .

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني يقول فلان بدعائه غير الله على غير دين الإسلام ، ولكن إذا سئل هل تكفره على هذا بعينه ، يجب عليه أن يقول لا أكفره حتى أقيم عليه الحجة وأتحقق من شروط وموانع التكفير . وهذا يحتاج لقضاء .
أسالك : ما هذه الحجة التي ستقيمها عليه ؟ وما هذه الشروط التي ستتحقق منها ؟
هل ستفهمه أن دعاء غير الله شرك ؟ بماذا ستفهمه ذلك أليس بآيات الله وسنة رسوله ؟
أليس آيات الله وسنة رسوله متيسرة له ليطلع عليها ؟
وإذا فهَّمته ذلك ورفض ما قلته له ، فماذا تحكم عليه ؟ وماذا تحكم على من حكم عليه بالإسلام رغم ذلك ؟


هل تتكلم عن معتقدي فيمن يدعو غير الله تعالى ؟ .. لقد قلت إنه مشرك دون إقامة حجة .

أم تتكلم عن حكم من لا يكفره ، مع إقراره أنه بشركه هذا على غير دين الإسلام ؟

فإن كنت تعني هذه ، فهذا لا يكفر حتى يُبيّن له بالدليل من القرآن والسنة
بالتفصيل على أن الشرك الأكبر ، وإن كان يسيراً ، فإنه لا يعذر صاحبه بالجهل أو التأويل ، وهو ينقض أصل الدين من أساسه ، فيغلب على وصف صاحبه الشرك والكفر ، فلا يُسمى مسلماً .

فإن
فهم الحجة وعاند وكابر ، عندها هو كافر .

وحال هذه المسألة كحال أي مسألة شرعية أخرى .

أما مسألة إقامة الحجة ، وهل يكفي وجود كتاب الله بينهم حتى يحق عليهم وصف الكفر الذي يستلزم القتال والمنابذة والجهر بالبراءة ، فهذه مسألة يصح فيها الاجتهاد ويُعذر فيها بالتأويل والعلم .. كمن يظن أن إقامة الحجة تعني فهم الحجة ، ولا علاقة لها بالقضية المطروحة للنقاش ، وهي : تعريف أصل الدين وبيان موقع التكفير منه .

أما حكم من حكم عليه بالإسلام على الرغم من ذلك .. فهو إن خالف في معنى إقامة الحجة ، فيجب شرحها له .. وإن خالف في شروط وموانع التكفير ، فيجب إفهامها له .. فإن تحقق عنده العلم والفهم في كل ذلك ، ثم عاند وكابر ، فهو كافر .. حاله كحال أي مسألة شرعية أخرى ..

كمن يقول : إن فلان شارب الخمر غير آثم لأنه جاهل .. هذا مع كونه يعيش بين المسلمين .

فمثل هذا لا يكفر ابتداء حتى تقام عليه الحجة وتبيّن له بياناً واضحاً لا شك فيه ولا لبس .

-------------------------

اقتباس:
طيب إذا كان يكفي أن نقول فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ولكن لا يجوز تكفيره حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع . ما دام الأمر هكذا فلنا إذاً أن نقول عن مشركي العرب بعبادتهم الأصنام ليسوا على دين الإسلام ولكن لا نحكم عليهم بالشرك أو الكفر حتى نقيم عليهم الحجة وتتحقق فيهم شروط وتنتفي موانع . وكذلك القول في النصارى واليهود والمجوس والدروز والعلوين والهندوز والبوذين ووو

مشركو العرب في
أكثر دينهم على غير الإسلام ، فغلب عليهم حكم الشرك والكفر ، وقد خالفوا في مسائل كليّة أصولية ، هي نواقض صريحة واضحة لكلمة الشهادتين .

كيف يعني مسائل كليّة أصولية ؟ سنفهم ذلك بالرجوع إلى حقيقة معتقدهم ..

- فكانوا يعتقدون أن الأصنام بنات الله .
- وكانوا يعتقدون أن الله - عز وجل - أسير لهنّ ، خائف منهن ، محتاج إليهن ، خاضع لحكمهن . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
- وكانوا يعظمونها ويذكرونها كثيراً ، أكثر مما يفعلون مع الله .
- وكانوا يصرحون بعبادتهم لها ، وبأنها لهم آلهة .

فأكثر مسائل العبادة عندهم يصرفونها لغير الله ، وعبادة الله وحده طارئة على معتقدهم في أحوال قليلة ، كما ذكر الله - تعالى - : {
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]

فصار الأصل عندهم الشرك .. والطارئ عليهم التوحيد .

فمن قال بعدما عرف حالهم : إن الأصل فيهم التوحيد ، وأن أكثر دينهم هو توحيد الله .. فهذا لا شك في كفره . لأنه يرى أن أكثر دينهم الكفر والشرك ، ثم يقول إنه التوحيد .

أما من قال : هم في أكثر دينهم على غير الإسلام .. ولم يحققوا من كلمة التوحيد شيئاً إلا النزر اليسير ، بل ويقر أنهم مشركون في أكثر دينهم (لأنهم أنفسهم يقولون إنهم يعبدون غير الله) .. فهذا إقرار منه بكفرهم ، وإن لم يصرّح بذلك .

فلو قال : أكثر دينهم باطل ، وهم يعبدون غير الله كما صرّحوا ، ثم بعد ذلك قال : ومع ذلك فهم مسلمون .
فهذا تناقض واضح في مسألة شرعية واضحة ، فإما أن يكون مجنوناً ، أو يكون كافراً مسهزئاً بالدين ..

فإن كان عاقلاً فهو كافر لمخالفته لمسألة شرعية واضحة لا يخالف فيها أحد من المسلمين .

أما إن جاء ببدعة وقال : نعم ، هم على باطل وضلال في أكثر دينهم ، ولا أسميهم مسلمين .. لكن لا أكفرهم لأن التكفير يجب أن يقول به القاضي .

فسألته : يعني هم عندك مسلمون ؟ .. وقال : لا .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتُدحض بدعته تلك .

أما إن قال هم مسلمون ، فهو كافر .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ألا يدل كلامك هذا أنك سويت بين الشرك الأكبر والمعصية ؟ وقد فرق الله بينهما في محكم كتابه .
" فلان بشركه على غير دين الإسلام " مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "


المشابهة التي ذكرتها أنا ليست كليّة ، بل في وجه من الوجوه .. وليست كل مشابهة كليّة ، حتى في لغة العرب .

وهذا الوجه الذي أقمت فيه المشابهة هو : بيان أن هذا الفعل ببطلانه على غير دين الإسلام .

لذلك قال الله تعالى : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

جعل جميع ما خالف الحق من الضلال .. أما تفصيل ذلك فله مقام آخر .

فالمعاصي بمختلف درجاتها تندرج تشترك بعلة واحدة وهي : مخالفة الحق ، أو الضلال ، أو الفسق ، أو غير ذلك .. وكلها تنبثق من أصل واحد وهو : الباطل .

لذلك تارة يُسمى الكافرون : ضالين .. أو فاسقين .. أو ظالمين .. أو خاطئين .. أو مبطلين .. أو غير ذلك .

فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .

وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .

فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً .

فلا أرى وجهاً للمساواة بين الكفر والمعصية في كلامي ،
والجميع يتفق أن المعاصي كلها ، وبكافة درجاتها ، من غير دين الله ، بل هي من دين الشيطان .

-------------------------

اقتباس:
أقول : هل قولك : بلى ، هنا إقرار بأنه إذا لم يقل ذلك لا يصح توحيده أم ماذا ؟
ثم أنت هنا تحكم على من عنده جانب من جوانب التوحيد بالشرك وانتقاض توحيده ، حكم على التعيين لأنه تلبس بالشرك ، ولا تعذره بالجهل ، ولا تشترط أقامة الحجة عليه أو تحقق شروط وانتفاء موانع التكفير بينما تشترط كل هذا فيمن انتسب للإسلام . لماذا ؟ هل عندك دليل واحد على التفريق ؟


نعم ، إن لم يقل ذلك لا يصح توحيده . وقد ذكرت لك الفرق بين الحكم على الفاعل بفعله وفي فعله ، وبين الترجيح بين المتناقضات . كالترجيح بين الإيمان والكفر إن اجتمعا في إنسان ما .

فمن خالف في الترجيح لجهله وغبائه ، مع اعتقاده بطلان ما هو عليه هذا الشخص ، فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتفصّل له إلى أن يفهمها .

أما من تلبس بالشرك الأكبر وهو منتسب للإسلام ، فهو غير معذور بالجهل . وقد كررت ذلك في أكثر من موضع .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ما دليلك على أن الحكم بمقتضى الاعتقاد راجع على الفعل وليس على الفاعل ؟
ومتى ترجع الأحكام على الفاعل ؟ أم أنها لا ترجع أبداً عندك ؟


لأن الحكم على الفاعل إنما هو أساساً حكم عل الفعل ، أليس كذلك ؟؟ ولولا الفعل لما كان هناك فاعل . ولولا الحكم على الفعل لما حكمنا على الفاعل .

فالفعل هو الأصل في الحكم .

ثم اقرأ كلامي جيداً ، فأنا قلت :

اقتباس:
قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان

انتبه جيداً لكلامي .. فأنا قلت إن
الحكم على الناس (يعني الفاعل) يكون بمقتضى الفعل (يعني الحكم على الفعل)

فالأصل حينئذ هو الحكم على الفعل ..
ويتبعه بعدها الحكم على الفاعل بمقتضى حكمنا على الفعل .

وليس هذا مني إنكار على الحكم على الفاعل .. بل هو تفريق بين الأصل والفرع .

ستقول لي : وهل يفترقان في بعض الأحوال ؟

أقول لك : نعم ، قد يتخلف الحكم على الفاعل مع بقاء الحكم على الفعل .. وهذه مسألة أظنك تعلمها ولا حاجة لشرحها .

-------------------------

اقتباس:
أقول : كيف فهمت من قول " ليس بمسلم " يعني الحكم على الفعل وليس على الشخص ؟
إذن ستفهم من كل آية أو حديث ذُكر فيها ليس مسلم أو كافر ، يعني الحكم على الفعل ، يعني الفعل هو الذي على غير الإسلام ، أما فاعل هذا الفعل فلا يقال أنه على غير الإسلام بعينه .
هل هكذا تفهم عبارات اللغة العربية ؟ فمتى وكيف سنفهم أن لفظ ليس بمسلم أو كافر أو مشرك تعني الشخص المعين وليس العمل فقط ؟


جواب ذلك في جواب كلامك السابق ، فراجعه .

-------------------------

اقتباس:
أقول: أتفهم من قول الباطل والضلال في الآيات هو الحكم على الفعل فقط ولا علاقة لها بالشخص المعين ؟
إذن كلمة الحق في الآيات لا تعني الذات الإلاهية وإنما فُعلها . مع أن لفظ الآية هو :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ "
هذا وكلمة " على باطل " وصف للمعين وليس وصف للفعل . نقول فلان على باطل .
وهكذا حكمنا على فعل الشرك وفاعله نقول عن الفعل شرك وعن الفاعل " على شرك " يعني مشرك . فكل من هو على الشرك ، مشرك ، كما أن كل من هو على التوحيد موحد .
ولا يقال أن قولنا "على الشرك " نقصد به الفعل وليس الفاعل ، أو قولنا " مشرك " نقصد به العمل وليس الشخص ذاته . فهذا لا يستقيم بلغة العرب .
وكذلك لا يقال أن قولنا "على التوحيد " نقصد به الفعل وليس الفاعل .
وكذلك قولنا " على الإسلام " لا يقال نقصد به الفعل وليس الفاعل . فكل ما على الإسلام مسلم وكل ما على غير الإسلام كافر خارج من الملة
وهذه الألفاظ لا تستعمل للحكم على الفعل في لغة العرب بل للحكم على الفاعل ووصفه .


جوابي عن هذا قد تقرر فيما سبق ، في بيان الفرق بين الحكم على الفعل والفاعل أولاً .. وثانياً : في بيان أن كل باطل هو ليس من الإسلام ، وأن فاعله في فعله الباطل على غير الإسلام .

-------------------------

اقتباس:
أقول : لو لم نقل له ذلك وقلنا له كما هو في المثال ما حكمنا ؟
لو سأل هذا السؤال لشخص دخل الإسلام من جديد وأجابه نفس الجواب فماذا حكمه ؟


لو قلنا له ما ذكرته أنت في المثال ، فهو بحسب حال الشخص .

فإن كان من دين آخر لا ينتسب إلى الإسلام ، كما لو كان بوذياً أو يهودياً أو نصرانياً .. فإن عدم بيان حكمه عندما كان كافراً هو من التلبيس عليه ، وهو خلاف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يجهر بتكفير المشركين .

ستسأل : هل قولنا له في هذه الحال : ما عليك من معرفة الحكم .. هل هو كفر ؟

فأقول لك : لا ، ليس كفراً إن كان القصد منه أنه ليس شرطاً لدخوله في الإسلام .. واكتفينا منه في هذه المرلحة أن يعتقد أنهم على ضلال وفساد دين .

أما إن كان ممن ينتسب إلى الإسلام ، ويقوم بالكثير من شعائره ، فقولنا له ذلك قد يكون صحيحاً في
تلك المرحلة ، مع التشديد على أنه كان في ضلال وباطل .

-------------------------

اقتباس:
أقول : وهل الآيات والآحاديث التي تسمي من كان مثله ، مشرك أو غير مسلم أو غير موحد ليس لها علاقة بأصل الدين وكيفية دخول الإسلام ؟
ألم يفهم مشركي قريش من أول كلمة دعاهم إليها رسول الله أنهم ليسوا على دين الله ؟


نعم ، ليس لها علاقة .. بل هي أحكام شرعية لا أكثر ، ذكرها الله في كتابه ، ومن جهلها لا يكفر حتى تقام عليه الحجة .

أما كفار قريش ففهموا ذلك
لأنه كان يدعوهم إلى خلاف معتقدهم . فهم كانوا يرونه على غير دينهم ، ويعبد غير إلههم .

وهذا هو ما يطالب به كل من يريد الإسلام ، أن يعلم أن الإسلام مخالف للباطل الذي هو عليه ، وأنه في معتقده الباطل وفعله على غير دين الله تعالى .

وإلا ، فإنه لا ينكر أحد أن كفار قريش كان عندهم بعض الإيمان وبعض التوحيد .. فهم في معتقداتهم تلك على دين إبراهيم ، وفي شركهم وكفرهم على دين الشيطان ، وقد غلب شركهم وكفرهم توحيدهم ، فظهر عليهم الحكم الشرعي وتسموا بالكافرين .

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول .


يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) .

ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .

نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .

وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]

فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .

أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .

ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]

يعني عندهم بعض إيمان (وهو حق) وعندهم بعض شرك (وهو باطل) .

فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر .

هذا ، والله أعلم

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-23-2012, 11:35 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

اقتباس:
أقول : ليس السلف الصالح وحدهم هم الذين بينوا لنا التوحيد أتم بيان بل القرآن الكريم والسنة الصحيحة أيضا بينت لنا التوحيد أتم بيان وأحسن تفصيل . والقرآن كله في التوحيد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى في مكة ثلاثة عشرة سنه يدعو للتوحيد فقط ثم في المدينة عندما نزلت الشرائع أيضا كان يبين التوحيد مع الشرائع عشرة سنين حتى توفاه الله .
وبيان التوحيد يقتضي بيان الشرك لأن النقيض يعرف بنقيضه أو الضد يعرفه بضده . فبقدر ما يبين التوحيد بقدر ما يبين الشرك . فلا يقال أنه لا يوجد في القرآن أو السنة بيان للشرك والمشرك .
ولا يقال لا نجد في كتاب الله وسنة رسوله وكلام السلف الصالح دليلاً واحداً على تكفير المشركين وأنها من أصل الدين بل الأدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة وفي كلام السلف الصالح . فكل أية أو حديث يبين التوحيد وحكمه هو دليل بحد ذاته على بيان الشرك وحكمه . لأنه كما قلنا تعرف الأمور بأضدادها .
فمن عرف التوحيد عرف الشرك ومن عرف الموحد عرف المشرك . ومن لم يعرف الشرك لم يعرف التوحيد ، ومن لم يعرف حكم الشرك لا يعرف حكم التوحيد . ومن لم يعرف كيف يدخل العبد الإسلام لا يستطيع أن يدخل الإسلام ، ومن عرف كيف يدخل العبد الإسلام يعرف من لم يدخل الإسلام بعد ..
فلا يقال موحد ومشرك ، لأنهما لا يجتمعان ، لا يجتمع في قلب رجل واحد شرك أكبر وتوحيد . هذا يعرفه كل من يعرف التوحيد ويعرف الشرك . ويكفي من أصل الدين أن يعرف من وحد الله ، أنه من فعل الشرك الأكبر ليس بموحد بل مشرك ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يسميه كافر . المهم أن لا يسميه مسلم ويسميه مشرك غير موحد ولا يدخله بدين الإسلام والتوحيد ، هذا هو الحد الأدنى المطلوب في هذه النقطة . ولا يقال حكم تكفير المشركين . لأن كلمة " مشرك " وصف وحكم للشخص المعين وليس للفعل . الفعل هو الشرك ، لهذا ممكن أن يقال : " ما حكم من فعل الشرك " ويقال :" ما حكم أسلمة المشرك " ولا يقال : ما حكم تكفير المشرك ؟ إلا إذا قصد من التكفير شيء آخر غير حكم المشرك . كان يقصد الكفر المعذب عليه . لأن كلمة " المشرك " وصف وحكم على الشخص المعين .
هذا والأدلة على حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر كثيرة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة . منها :
قال تعالى : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (الزمر : 65)
وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48)
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " (المائدة : 72)


يعني ما أفهمه من كل كلامك هو التالي :

أن الحكم بشرك المشرك هو من أصول الدين العظيمة التي لا يوجد دليل شرعي واحد يحضّ عليها صراحة ، ولا دليل شرعي واحد صريح يبيّن كفر من يخطئ فيه أو يجهله ، حتى لو اعتقد أن فعلهم باطل وضلال .

فخلاصة الكلام هنا هو : أن هذه مسألة استنباطية ، تُفهم من مجموع الأدلة ، ولا فيها نص صريح واضح يُكفّر من يجهل هذا الحكم .

وسنتكلم عن هذه المسألة ببعض إسهاب عند الحديث عن معنى تكفير المشرك - إن شاء الله - ، وأدنى ما يلزم المرء أن يعرفه من هذه المسألة حتى يدخل الإسلام .

-----------------

اقتباس:
أقول : لم يتركنا الله سبحانه وتعالى بدون بيان واف لهذه المسائل العظام ، بل بينها بأوضح وأصرح بيان كما بين التوحيد . ونحن نتحدث عن حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر . ولا نتحدث عن حكم المشرك لأن كلمة مشرك حكم على الشخص ، والفعل هو الشرك . وكل من يفهم اللغة العربية يعرف أن من فعل الشرك مشرك ، فالشرك فعل ، والمشرك اسم الفاعل . ولا يوجد فعل بدون فاعل .والمشرك ليس موحد . ومن ليس موحد ليس مسلم .
ولا يشترط لمن أراد دخول الدين أن يَعرف أن المشرك كافر أو غير كافر .بالمعنى اللغوي للكفر أو الكفر المعذب عليه .يكفيه أن يعرف أنه مشرك وغير موحد ، وأنه ليس على دين الله . وهذا سيعرفه ولا بد إن عرف التوحيد وعرف دين الله . أما معرفته ماذا يترتب عليه أن يفعل حيال هذا المشرك . فأقول : الأفعال التي يجب فعلها تجاه المشرك منها ما هو من أصل الدين يجب أن يعرفها قبل أو مع دخوله للدين ومنها ما سيعرفها بعد دخوله الدين ، فمثلا : يجب أن يعرف أن المشرك ليس موحداً ولا مسلماً ، وأنه ليس في دين محمد صلى الله وسلم . ولا يقال يجب فقط أن يعرف أنه على باطل وضلال بفعله ، فهذا لا يقوله من يعرف لغة العرب .
ومن الأمور التي سيعرفها بحق المشرك بعد دخوله الإسلام مثل : عدم تزويجه أو الزواج منه ، عدم أكل ذبيحته .


يعني بيّنه الله - تعالى - لنا ، ولم يذكر حكم من يخالف فيه ؟؟

لقد ذكر الله حكم من يحبه .. وحكم من يبغضه
وذكر حكم الصادق في إيمانه .. والكاذب في إيمانه
وذكر حكم المناقد له .. والشارد عن طاعته
وذكر حكم الولاء والبراء
وذكر حكم التحاكم إلى الطاغوت
وذكر حكم نطق كلمة الكفر

لماذا لم يذكر حكم من لا يكفر المشركين ؟؟ كأن يقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر . (المقصود بالتكفير هنا إخراجه من الدين) ؟

في حين ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن من يكفر المسلم فهو كافر ..

لماذا ؟؟

لو كانت هذه المسألة من أصل الدين ، ومن خالف فيها كفر ، لورد على الأقل نص صريح واحد يفيد تكفير من خالف فيه .

ألا ترى كيف اختلفت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في مسألة تكفير المشركين ، وكلهم لا يجدون دليلاً صريحاً يفصل في الحكم ؟ فكيف تركنا الله - تعالى - دون بيان صريح في هذه المسألة (لو كانت مما لا يصح الإيمان إلا به) ؟؟

--------------------------

اقتباس:
أقول : من أين فهمت من كلامي أنني أقول : أن الله أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي ؟
يا رجل لا تقولني ما لم أقله ولا تفهم من كلامي ما يحلو لك ؟ فأنا أسألك حتى عن الواضح من كلامك حتى لا أقولك ما لم تقل وحتى لا ألزمك بلازم قولك حتى تلتزمه .
ثم من قال لك أن الحكم على المشرك بأنه ليس على دين الله وأنه غير مسلم أو غير موحد كشرط لدخول الإسلام ، لم يظهر إلا في القرن الثاني عشر الهجري وأنه كان خافياً على الجميع قبل هذا .؟
أقول لك : إنَّ هذا كان ظاهراً وموجوداً من أول يوم دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوحيد . والقرآن والسنة مليئان بالأدلة على ذلك . وسيأتي بيانها أكثر لاحقاً بعون الله .


سنرى كيف اشترط الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كل من يريد دخول الإسلام أن يكفّر قومه .

ولعلك تأتي أيضاً بأقوال العلماء ، قبل أئمة الدعوة النجدية ، يفيد في هذه المسألة ، وهي أنه من لا يكفر المشركين فلا يصح إسلامه حتى لو كان جاهلاً .

سننتظر ذلك في موضعه بعد انتهائنا من ضبط هذه المسألة ، إن شاء الله .

--------------------------

اقتباس:
فإذا حكم عليه بالإسلام أو التوحيد مع تيقنه أنه فعل الشرك الأكبر مختاراً فهذا لم يعرف الإسلام ولم يعرف التوحيد

سنتكلم عن ذلك فيما بعد ، إن شاء الله تعالى .

وأرجو أن تجيب عن أسئلتي في مشاركة رقم 4

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-23-2012, 11:39 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : ولديّ سؤالان آخران :
1- ما تعريف أصل الدين عندك ؟ أو بالأحرى : ما أدنى ما يدخل المرء به في الإسلام ؟ وهل لك أن تستدل بالأدلة الشرعية على المسائل التي ستدرجها في تعريفك مما زاد عن تعريفي أو خالفه ؟

أقول : اتفقنا أن مصطلح أصل الدين مصطلح غير موجود في القرآن والسنة . ثم اتفقنا على تعريفه والمقصود منه ، ولم نتحدث في مفهومه ، وهذا هو المهم . فإذا اتفقنا على فهمه انتهى الخلاف بيننا بإذن الله .
أصل الدين هو : الكفر بالطاغوت والإيمان بالله .
قال تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة : 256)
وكذلك يدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله ) رواه مسلم
ولقد اتفقنا أن بدون تحقيق هذين الشرطين لا يتحقق أصل الدين ولا يدخل العبد الإسلام .
والكفر بالطاغوت والإيمان بالله هو معنى الشهادة .
لا إله = الكفر بالطاغوت
إلا الله = الإيمان بالله .
لهذا لو قلنا أن أصل الدين هو شهادة التوحيد لما أخطأنا .
فما بقي علينا هو : أن نفهم الآيات والأحاديث التي اتفقنا عليها والتي تبين أصل الدين وكيفية دخول العبد للإسلام ، لنعرف كيفية تحقق أصل الدين في الواقع .
والمشكلة تكمن في فهم الشرط الأول وهو : الكفر بالطاغوت . أو الكفر بما يعبد من دون الله .
فما معنى الكفر بالطاغوت ؟ وكيف يتحقق في أرض الواقع ؟
وما معنى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به . ؟
فبدون معرفة معنى الطاغوت وبدون معرفة كيفية الكفر به ، لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام . أو قل لا يتحقق الشرط الأول لتحقق أصل الدين .
وهذا هو الذي يجب أن نركز عليه في حوارنا بعد الآن .
ولا يُعقل ولا يليق بعدل الله وحكمته وكماله أن يشترط لدخولنا الإسلام ، شرطاً في كتابه ولا يوضحه في كتابه أتم توضيح .
وكذلك ما دام القرآن حجة على الخلق فلا بد أن يكون بيان هذه الشروط فيه واضحاً بينا يفهمه كل عاقل بالغ يفهم لغة العرب التي نزل بها القرآن .
فقد قال تعالى : " وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ "
لهذا من أراد أن يعرف هذه الشروط ، فما عليه إلا أن يبحث في القرآن الكريم ويفهمه باللغة التي نزل بها .

قولك: 2-- لو قلنا إن تكفير المشركين من أصل الدين ، فهل أسلمة الموحدين من أصل الدين كذلك ؟ وإن كان كذلك ، فلماذا جاء الوعيد الشديد في أحاديث متنوعة تنهى عن تكفير المسلم بغير وجه حق ، مع أنه مسألة بدهية عقلية تُفهم من منطوق الشهادتين ، كما يُفهم منها تكفير المشركين (بحسب ادعاء مخالفنا) ، ولم يجئ وعيد واحد في من امتنع عن تكفير المشركين ؟ هذا ، وهي مسألة أصولية عظيمة (عند مخالفنا) حدث الاختلاف فيها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وليس لدى أحدهم دليل من قرآن أو سنة يُفصل به في الخلاف !
أقول : أولاً : تعبير حكم " أسلمة الموحدين " خطأ ، كتعبير حكم " تكفير المشركين "
وإنما يقال : حكم " تكفير الموحدين " وحكم " أسلمة المشركين "
لأن الموحد مسلم ، والمشرك كافر أو قل : غير مسلم .
بعد هذا التوضيح أقول : من كفَّر الموحد لتوحيده أو لإسلامه لم يحقق أصل الدين . وكذلك من حكم بتوحيد أو إسلام من عبد غير الله لم يحقق أصل الدين . وهذا هو من مفهوم الشهادة . والأدلة على ذلك كثير في كتاب الله وسنة نبيه .
مثال الأول : من قال : هذا لأنه لا يعبد إلا الله كافر . أو قال : هذا لأنه يصلي ، كافر ( وهو يعرف أن الصلاة أمر الله ) فمن يقل هذا الكلام لا شك أنه لم يفهم أصل الدين ولا التوحيد .
أما من كفَّر الموحد لأمر فهم منه أنه ينقض الإسلام مستنداً إلى بعض النصوص التي لم يفهمها جيداً – كالخوارج مثلا – لا يقال أنه نقض أصل الدين . لأنه لم يكفره لتوحيده أو لإسلامه . بل كفَّره لما يعتقده من أمر الله . فهذا إما أن يكون مجتهداً مخطأً أو مسلماً عاصياً .
ومثال الثاني : حكم بإسلام وتوحيد من تحاكم لغير شرع الله مختاراً ، أو حكم بإسلام وتوحيد من أقسم على كتاب الله أن يحترم قوانين الطاغوت ، أو حكم بإسلام من أعطى حق التشريع من دون الله لغير الله .

قولك : فأنت الآن تفهم هذه المسألة بعقلك ، ونحن لا نفهمها بعقولنا القاصرة الضعيفة .. ونقول لك بكل إخلاص وصدق : لو أن لديك دليلاً واحداً صريحاً من القرآن والسنة نتبعه ولا نضلّ من بعده ، فهاته ؛ ونحن نسلّم أمرنا إلى الله في هذه المسألة ونتبع الحقّ الذي أنزل ، ولا نماري أو نجادل فيه .
أقول : ما نتكلم فيه موجود في كتاب الله ومبين أتم بيان ، يفهمه كل عاقل بالغ يفهم لغة العرب . وليست المسألة مسألة عقلية بحت . نعم العقل السليم الخالي من الشبهات يدركها جيداً ، ولكن ليس الدليل الوحيد عليها هو العقل السليم فقط . فالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مليئة بالأدلة عليها . ولا يحتاج من العبد لمعرفتها سوى معرفة اللغة العربية التي نزل فيها القرآن الكريم مع الإخلاص والتجرد والبعد عن الشبهات .

قولك : أليس هذا من نسبة الشريعة إلى النقص والخلل ؟ أن تترك مسألة أصولية لا يصح الإيمان إلا بها دون دليل شرعي واحد يبيّنها ويُتحاكم إليه عند النزاع ؟ وجزاكم الله خيراً
أقول : نعم . لو لم يبينها الله في كتابه والتي هو الحجة على خلقه ، أتم بيان ، لكان هذا نقص في الشريعة وخلل . وليس هذا وحسب ، بل أن يوضع شرط لدخول الإسلام ، ثم لا يبين أتم البيان ، فهذا ينافي الكمال والحكمة والعدل . وحاشا لله أن يوصف به .

وأخير وليس آخر أقول : هل تقبل يا أبا شعيب أن نستعمل كلمة كافر إذا قصدنا منها : غير المسلم ، أو غير الموحد ، أو ليس على ملة الإسلام .؟

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 01-23-2012, 11:43 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

اقتباس:
وكذلك ما دام القرآن حجة على الخلق فلا بد أن يكون بيان هذه الشروط فيه واضحاً بينا يفهمه كل عاقل بالغ يفهم لغة العرب التي نزل بها القرآن .

صحيح ، ويجب أن يكون في القرآن بيان أن هذا الأمر شرط في التوحيد ، من لا يأتي به فهو كافر .

اقتباس:
أقول : أولاً : تعبير حكم " أسلمة الموحدين " خطأ ، كتعبير حكم " تكفير المشركين "
وإنما يقال : حكم " تكفير الموحدين " وحكم " أسلمة المشركين "
لأن الموحد مسلم ، والمشرك كافر أو قل : غير مسلم .


يعني العلماء الذين ذكروا تعبير "تكفير المشركين" أو "تكفير الكافر" هم على خطأ ؟

والمقصود بهذا التعبير الذي ذكرته هو : تسمية الموحد : مسلم ، من قبل الحاكم . فهو موحد في الحقيقة وعند الله ، ويبقى أمر التسمية موكلاً للناس ، فمنهم من اتبع الحق وسماهم كما سماهم الله ، ومنهم من ضلّ عن ذلك .

فالكفار يسمون الموحدين ضالين ، قال تعالى : { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ } [المطففين : 32]

والمسلمون يسمون مثلهم : مسلمين .. استجابة لأمر الله .

فسؤالي المطروح هنا هو : ما حكم تسميتنا للمسلم الموحد : مسلم ؟

هل هو من أصل الدين أم فروعه ؟

وهل من خالف فيه كفر ؟

أظن أن كلامي مفهوم ولا خطأ فيه . ولا أدري ما وجه تخطئتك له ، أهو مجرد الاعتراض ؟

لكن ما علينا .. ليست هذه مسألتنا الآن ، فقد ذكرت فيما بعد ذلك ما قد يفي فيها .

اقتباس:
مثال الأول : من قال : هذا لأنه لا يعبد إلا الله كافر . أو قال : هذا لأنه يصلي ، كافر ( وهو يعرف أن الصلاة أمر الله ) فمن يقل هذا الكلام لا شك أنه لم يفهم أصل الدين ولا التوحيد .
أما من كفَّر الموحد لأمر فهم منه أنه ينقض الإسلام مستنداً إلى بعض النصوص التي لم يفهمها جيداً – كالخوارج مثلا – لا يقال أنه نقض أصل الدين . لأنه لم يكفره لتوحيده أو لإسلامه . بل كفَّره لما يعتقده من أمر الله . فهذا إما أن يكون مجتهداً مخطأً أو مسلماً عاصياً .


جميل .. يعني من كفّر الموحد لغير توحيده ، فهذا يترجح حكمه بين الخطأ أو العصيان . مع أن الأدلة في السنة كثيرة على تكفير من كفّر المسلم ، وأظنك تعلمها جيداً .

اقتباس:
ومثال الثاني : حكم بإسلام وتوحيد من تحاكم لغير شرع الله مختاراً ، أو حكم بإسلام وتوحيد من أقسم على كتاب الله أن يحترم قوانين الطاغوت ، أو حكم بإسلام من أعطى حق التشريع من دون الله لغير الله .

لماذا لم تقل في هذا مثلما قلت في الأولى ؟؟ لماذا لم تقل : حكم بإسلام المشرك لشركه ؟ بمعنى أنه يجعل الشرك توحيداً ؟؟

لماذا اشترطت في تكفير المسلم أن يكفره لإسلامه حتى يكفر ، ولم تشترط ذلك في أسلمة الكافر ؟

وهل عندك دليل في التفريق بين الاثنين ؟

نحن عندنا أدلة من السنة صريحة على تكفير من كفّر المسلم .. ولا دليلاً واحداً صريحاً في تكفير من لم يكفّر المشرك .

لكن أيضاً ما علينا من ذلك ..

سؤالي لك في هذا المقام هو : لماذا فرّقت بين الحالين ؟

رجل قال : فلان مسلم لأنني أراه ينطق بالشهادتين ، ويصوم ، ويصلي ، ويعبد الله .. إلا أن فعله في دخول البرلمان أو تحاكمه إلى الطاغوت باطل وحرام ، ولا يرضي الله تعالى ، وأنا لا أرضاه .

فما وجه تكفير مثل هذا ؟؟ هل هو حكم بإسلامه من أجل كفره ؟؟ أم من أجل ما معه من بعض إيمان وإسلام ؟؟

اقتباس:
أقول : نعم . لو لم يبينها الله في كتابه والتي هو الحجة على خلقه ، أتم بيان ، لكان هذا نقص في الشريعة وخلل . وليس هذا وحسب ، بل أن يوضع شرط لدخول الإسلام ، ثم لا يبين أتم البيان ، فهذا ينافي الكمال والحكمة والعدل . وحاشا لله أن يوصف به .

جميل ، وأتفق معك في ذلك .

اقتباس:
وأخير وليس آخر أقول : هل تقبل يا أبا شعيب أن نستعمل كلمة كافر إذا قصدنا منها : غير المسلم ، أو غير الموحد ، أو ليس على ملة الإسلام .؟

نعم .. هذا ما قصدته بكلمة كافر منذ البداية .. لكن حتى لا يتهم بعضنا بعضاً بالمراوغة ، فأتفق معك على ذلك .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01-23-2012, 11:53 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
قولك : يعني نتفق إذن على أن أصل الدين هو ما جاء به الحديث الذي أوردتُه أنا ، إذن لن نختلف في هذا المصطلح إن شاء الله
أقول : نعم نتفق على ما جاء بالحديث ، ولا أظننا نختلف في معنى المصطلح ، والخلاف في مفهوم أركان أصل الدين . والمشكلة تكمن في فهم الشرط الأول وهو : الكفر بالطاغوت . أو الكفر بما يعبد من دون الله .
فما معنى الكفر بالطاغوت ؟ وكيف يتحقق في أرض الواقع ؟
وما معنى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به . ؟
فبدون معرفة معنى الطاغوت وبدون معرفة كيفية الكفر به ، لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام . أو قل لا يتحقق الشرط الأول لتحقق أصل الدين .
وهذا هو الذي يجب أن نركز عليه في حوارنا بعد الآن .
قولك : " أما طلبك العجيب - مع احترامي - لذكر أول العلماء الذين قالوا بذلك .. فأظن أولاً أننا اتفقنا أن نترك كلام العلماء جانباً في هذه المرحلة ، وثانياً لا أدري ما يهم ذلك في ديننا أن نعرف أول العلماء أو آخر العلماء !! هل إذا جهلنا أول العلماء أثمنا أو كفرنا ؟ وأما كون أول العلماء هذا تركنا لاجتهادنا ، فهو ليس إلهاً ولا رسولاً حتى لا ننسب إليه النقص والخلل .. فأرجو أن تتكلم عن نصوص القرآن والسنة التي أكمل الله بها الدين .
لا يعني هذا أنني لا أستطيع الجواب ، إنما أنت تتكلم عن مصطلح ، ثم تسأل عن أول من أتى به .. مع اتفاقنا على معنى هذا المصطلح وهو : ما لا يدخل المرء الإسلام إلا به . فما يفيد الآن في ديننا أن نعلم أول من قال به ؟

أقول : أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .
قولك : " في لغة العرب ، حرف "لا" إما أن ينفي الوجود أو ينفي الصحّة . فإن ثبت وجود معبودات غير الله ، فدلّ ذلك على أنها تنفي الصحّة عن غير الله تعالى .
أما من يقول : لا معبود إلا الله .. فإن عنى بذلك ما يعنيه حرف "لا" في لغة العرب من نفي الصحة ، مع إقراره بوجود آلهة باطلة تعبد من دون الله ، فلا يضيره ذلك إن كان يعني التفسير الحرفي لهذه الكلمة وهو يعني تمام ما تعنيه .

أقول : معنى : لا معبود بحق إلا الله . أي : لا أحد يستحق العبادة إلا الله جل وعلا. فهناك معبودات غير الله عز وجل كثيرة ، ولكنها معبودات باطلة يجب ردها والكفر بها وتكفيرها إن كانت راضية وتكفير عابديها وتكفير من لا يكفرهم .
والدليل على ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " من قال لا إله إلا لله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله"
ولنركز على معنى كلمة " لا إله إلا الله " فهي التي تهمنا ونفسرها بأسلوب سهل يفهمها المكلف . حتى إذا قبلها يقبلها عن علم ومعرفة حتى يستفيد من قولها . و " لا إله إلا الله " هي أصل الدين ، ومعناها يبين ما هو الحد الأدنى لدخول الدين لأن دخول الدين يكون بها .
كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " تتكون من أربع كلمات: (لا) ثم (إله) ثم (إلا) ثم (الله)
(لا) حرف نفي الجنس ، وهي من أخوات إنَّ ، أو تعمل عمل إنَّ كما قال ابن مالك :
عَمَلَ إنَّ اجْعَلْ لِلا فِي نَكِـرَة
ويكون اسمها نكرة ، وهو هنا " إله " فـ "إله " اسم (لا) وهو نكره . الإله فعال بمعنى مفعول مألوه يعني معبود ؛ لأن الإلهة بمعنى العبادة ، والألوهة بمعنى العبودية، وأصلها من أَلَهَ يَأْلَهُ، إِلَهَةً، وألوهة ؛ إذا عبد مع الحب والخوف والرجاء.
فمعنى (لا إله) لا معبود . وهذا الذي يقتضيه لسان العرب، وكذلك هو الذي جاء في القرآن الكريم ، قال تعالى : ï´؟الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَï´¾[هود:1-2]
وقال تعالى : ï´؟وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُï´¾[المؤمنون:23] فقوله (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) أتى بعد أمرهم بعبادة الله جل وعلا وحده دون ما سواه .
فتفسير الإله بالمعبود ، موافق للقرآن وموافق للغة العرب .
الكلمة الثالثة التي تتكون منها شهادة التوحيد هي (إلا) و(إلا) عند بعض العلماء اللغة أداة استثناء، وعند بعضهم أداة حصر .
وخبر (لا) محذوف تقديره (حق ) لأن في لغة العرب لا النافية للجنس يحذف خبرها إذا كان واضحا معلوماً. قال ابن مالك في الألفية في آخر باب لا النافية للجنس :
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الخَبَر إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَــر
فلا يحذف خبر لا النافية للجنس إلا إذا كان واضحاً . ولا يجوز تقدير خبر (لا) بـ ( موجود ) أي " لا إله موجود إلا الله " لأن المشركين كانوا يعتقدون أن هناك آلهة كثيرة موجودة ، ولو فهموا من شهادة التوحيد أن معناها " " لا إله موجود إلا الله " لما اعترضوا قائلين كما أخبر الله عنهم : ï´؟أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًاï´¾ ولقالوا للرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم لكلمة التوحيد : هذه الآلهة موجودة ، فكلمتك هذه ليست بصحيحة.
إذن فالصحيح أن خبر (لا) المحذوف هو ( حق ) لأنه واضح معلوم ولأنه زبدة ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام بُعث لتوحيد الله جل وعلا بالعبادة ولإبطال عبادة غيره ، وليبين أنه لا معبود بحق إلا الله وأن كل معبود سوى الله جل وعلا فعبادته باطلة وظلم وطغيان وتعدي على حق الله .
إذن هنا حُذِف الخبر لأنه معلوم ، فصار تقديره لا إله حق - أو لا إله بحق- إلا الله ، وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى قال ï´؟ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُï´¾[لقمان:30]
ولقد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال : " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي "
الكفر بالطاغوت = لا إله
ويؤمن بالله -= إلا الله
هذا وسيأتي كيفية تطبيق هذه الكلمة على الواقع وعلاقتها بالموضوع الذي نتكلم عنه .

قولك : نعم ، يوجد شرح واف كامل لهذه الكلمة في نصوص كثيرة ، وقد ذكرتُ بعضها .
كقوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأعراف : 59]
وقوله : { حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج : 31]
وقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]
وأخيراً : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72]
فكانت الأنبياء جميعها - عليها السلام - تأمر بعبادة الله وتنهى عن الشرك به ، وهو معنى : لا إله إلا الله .. أي : لا تعبدوا إلا الله .

أقول : إذن مسألتنا حدث فيها تقدم . عرفنا أين نبحث عن مبتغانا ولم يبق إلا أن نفهم ما نجده. ولا داعي لتشتيت وتشعيب الموضوع والبحث عنه في أماكن أخرى .

قولك : حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .
أقول : هل تحكم عليه بالإسلام ظاهراً مع معرفتك أنه نطق بها وهو لا يعرف معناها؟

قولك : أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر .
أقول : أنت تقر هنا أنه إذا فعل ما ينقضها يصبح كافراً .
أليس من فعل الشرك الأكبر قد نقضها ؟ وأنت تحكم عليه بالكفر ولا تعذره بالجهل . فلماذا ما زلت تحكم على من لا يكفره بالإسلام ؟
هل من لا يكفره فهم أصل الدين كما فهمته أنت ؟
هل قولك :" أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر ." وجهة نظر لك ؟
أم اجتهاد منك لا تلزم غيرك به ؟
أم أنه مفهوم للشهادة لا يسع أحد أن يخالفه ؟

قولك : " بل ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها كما جاءت به .. وهو باختصار شديد : عبادة الله وحده ، ونبذ عبادة كل ما سواه .
أقول : هنا تقول : لا يتحقق إسلامه حتى يفهم معناها ، وقبلها تقول : حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .
فهل تقصد لا يتحقق إسلامه في الباطن حتى يفهم معناها ولكن يتحقق إسلامه في الظاهر ويعامل معاملة المسلمين مع معرفتنا الأكيدة أنه قالها وهو لا يعرف معناها. ؟
وهل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أنت قلتَ : " ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها "
ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟
هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟

قولك : فإن كنت تتفق معي على معنى هذا المصطلح ، وأنه ما جاء به هذا الحديث ، فما لزوم كل ما ذكرتَه أنت من معرفة أول قائل به ، وما يعني به ، وما إلى ذلك؟؟
اتفقت معي على معنى أصل الدين ، وانتهينا .. فلا أرى لزوماً لكل ذلك إلا تشتيت الحوار .

أقول : لقد ذكرت لك سبب سؤالي وأكرره هنا .
أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .

ق
ولك : جواب سؤالك الأول : بلى .
وحكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .

أقول : إذن أنت تقر أن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئاً ، هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله ..
وتحكم على من أشرك بالله أنه مشرك غير مسلم .
فهل إقرارك وحكمك هذا هو من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد الذي يجب أن يُفهم منها ، وأن من لا يفهمها هكذا كما فهمته أنت هنا لا يفهم هذه الكلمة ؟

قولك : ولا ، لا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك
أقول : حكمك هذا هل فهمته من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد ؟

قولك : لو تلفظ بكلمة التوحيد ، فالحكم الظاهر عليه أنه مسلم .. لكن الحكم الباطن هو كافر إن لم يكن يعلم معناها .
أما إن أظهر لنا جهلاً بتوحيد الله وأنه هو المستحق الأوحد للعبادة ، فهذا لا يُحكم بإسلامه ، بل حكمه الظاهر والباطن سواء .
وإن فهمت كلامي وفق ما قلته آنفاً في جوابي هذا ، فنعم ، فهمك لكلامي صحيح .

أقول : أسألك هنا :
هل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أو هل يعرف معناها من عبد غير الله معه معتقداً أن هذا مشروع في دين الإسلام ؟
لا شك أنك ستجيب بلا .
فأسألك : وهل جوابك " بلا " كان نتيجة فهمك لأصل الدين وهو من معناه أم من خارج أصل الدين ؟
يعني هل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من لم يفهم معنى الشهادة لا يملك اعتقادها؟
وهل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من تلفظ بالشهادة بدون معرفة معناها لا يدخل الإسلام ؟
وهل الذي يعتقد أن مجرد التلفظ بالشهادة بدون أن يعرف معناها تدخله الدين الإسلامي ، فتلفظ بها بدون معرفة معناها يدخل الدين ؟
وهل الذي يقول يكفي لدخول الإسلام ظاهراً مجرد التلفظ بكلمة الشهادة حتى ولو لم يعرف معناها يفهم كيفية دخول الدين ؟

قولك : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد .

أقول : جيد . أنت تقر هنا أن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .
أثبت على هذا ، هداك الله ، فسوف نرجع له .

قولك : ومتى يكفر من لا يقرّ بذلك ؟
الجواب : إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله ، ثم قال : فلان بفعله لهذا الشرك موحّد .. فيجعل التوحيد هو عين الشرك .. فهذا كافر .
كما يكفر من يقول : فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع .. فهذا أيضاً كافر ، لمساواته بين الصلاح والفجور .

أقول : ماذا تقصد من قولك "إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله" ؟
وإن لم يتحقق عنده أن الفعل شرك أكبر وكان شرك أكبر ، هل يعذر بجهله لأنه لم يكفر فاعله ؟
مثلاً : لم يعرف أن إعطاء حق التشريع لغير الله شرك ، أو لم يعرف أن إعطاء حق التحريم والتحليل لغير الله شرك ، فلم يكفر من أعطى هذا الحق لغير الله هل نعتبر هذا الشخص مسلماً حقق أصل الدين وفهم كيف يدخل العبد الإسلام ؟
وحتى يدخل العبد الإسلام ما هي الأفعال التي يجب أن تتحقق عنده أنها من الشرك الأكبر ؟ وخصوصاً ونحن نشترط عليه ترك الشرك ؟
فقد يسألنا ما هو الشرك الذي يجب أن أتركه لأدخل دين الله فماذا سنجيبه ؟
يعني إن لم يعرف أن التحاكم لغير شريعة الله شرك بالله وفعله أو لم يكفر فاعله بل حكم عليه بالتوحيد فما هو حكمه ؟
أو إن أعتقد أن الحلف على كتاب الله للإخلاص للطاغوت إذا كان بنية خدمة الإسلام والمسلمين جائز في شرع الله وليس شركاً وفعله أو لم يكفر من فعله فما حكمه ؟
أو إن اعتقد أن التشريع مع الله أو دونه جائز في شرع الله وليس شركاً ، وفعله . أو لم يكفر فاعله ، فما حكمه ؟

قلتَ : إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله ، ثم قال : فلان بفعله لهذا الشرك موحّد .. فيجعل التوحيد هو عين الشرك .. فهذا كافر .
أقول : فما حكم من يقول إنني أعلم أن هذا الفعل الشرك الأكبر ولكن لا أكفر فاعله لأنه ربما يكون جاهلاً أو متأولاًٍ . وسأبقى أحكم عليه بالإسلام والتوحيد مهما فعل من شرك أكبر ما دام ينتسب للإسلام ، حتى وإن أقمت عليه الحجة فما دام لم يفهمها فهو معذور عند الله وعندي ويبقى حكمه مسلماً ما دام ينتمي للإسلام ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر ولكن لا أكفره كشخص وإنما أكفر الفعل . أما الشخص فما دام ينتسب للإسلام لا أكفره ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر وأكفره في حال فعله للشرك ولا أحكم عليه بالتوحيد ما دام متلبساً بالفعل ويعمله ، أما بعد أن ينتهي من فعله للشرك أحكم عليه حسب الأصل بالإسلام والتوحيد ؟ يعني وهو يسجد للصنم أكفره وعندما يفرغ من سجوده للصنم يرجع لأصله مسلماً موحداً ؟
وما حكم من يقول : ما دام هو عضو في البرلمانات الشركية أكفره وعندما تنتهي مدة عضويته ويخرج من البرلمان يرجع مسلماً كما كان قبل دخوله للبرلمان ؟

قولك : كما يكفر من يقول : فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع .. فهذا أيضاً كافر ، لمساواته بين الصلاح والفجور .
أقول : ما حكم من لا يُكفر من يقول : فلان بفعله للزنا وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع ؟
وما حكم من يقول : أن دخول البرلمانات الشركية واجب شرعاً وجهاد في سبيل الله وانتخاب مشرعين لها مخلصين لأوطانهم مستحب وواجب شرعاً ، وهو الطريق الوحيد لإقامة شرع الله في الأرض . ؟
أليس هذا القول أعظم من القول بأن فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله صالح ورع ؟

قولك : المقصود أنه مشرك في المسألة التي أشرك فيها ، ولا يعني هذا ضرورة أنه مشرك في باقي المسائل .
أقول : أنا لم أسألك عن حكمه في بقيت المسائل . أنا سألتك عن حكمه كشخص إذا فعل أي نوع من أنواع الشرك الأكبر ؟ وما دمت وضحت الأمر بعدها وكفرته وأخرجته من الإسلام فلا مشكلة .

قولك : مثاله :رجل موحد لله تعالى في الدعاء ، ولكنه مشرك في الحكم .
نعم ، إن توحيده لله في الدعاء لا ينفعه ولا وزن له عند الله إن أشرك ولو في مسألة واحدة ، لكن عند التوصيف نقول : موحّد لله في الدعاء ، مشرك به في الحكم .. وعند إطلاق الحكم نقول : مشرك كافر خارج عن الإسلام .
كقوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } [البقرة : 85] فذكر أن عندهم بعض إيمان بالكتاب .. مع أن هذا لا ينفعهم حتى يؤمنوا به جميعاً .
وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] فذكر أن عندهم إيمان ، لكنه لا ينفعهم إذا خالطه الشرك .
وقوله : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65] .. أي أنهم وحّدوا الله في الدعاء عند الكرب ، ولم يكونوا بهذا التوحيد مؤمنين لبقاء اعتقادهم في الأصنام .. لكن الشاهد فيه أنهم وحّدوه في الدعاء والعبادة في تلك اللحظة ، ولكن لم يرتفع وصف الشرك عنهم فيها .

أقول : هل حكمك هذا مبني على فهمك لأصل الدين أم فقط على ما قدمته من أدلة ؟
قولك : أما قولي في الشرك الأكبر ، فلا تهتم .. فأنا أقول لا يُعذر في الشرك الأكبر أحد إلا المكره أو المنتفي قصده . ومن يفعل الشرك الأكبر جاهلاً فهو كافر ، خارج عن الإسلام .
أقول : هل عقيدتك هذه فهمتها من فهمك لأصل الدين أم فقط من الآيات التي ليس لها علاقة بشرح معنى أصل الدين ؟

قولك : لا.
أقول : ماذا تقصد بجوابك لا ؟ هل أفهم منه : أنك لا تقبل إسلامه وتحكم عليه بأنه لم يدخل الإسلام ؟ أم ماذا ؟

قولك : نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك ، ولكنهم جحدوا الحق وأبوا أن يلتزموا به ، وكان ادعاؤهم للتوحيد إنما هو للجدال بالباطل والتلبيس على الناس .. فهؤلاء هم اليهود ، الذين عرفوا الحق وكفروا به .
أقول : اسمح لي أن أقول لك إجابتك هذه غير صحيحة .
ما قلته أنت هنا فقط ينطبق على بعض أحبار اليهود . أما عوام اليهود والنصارى فكانوا لا يعرفون معنى العبادة ولا معنى الشرك ، وليس كل كفرهم كان جحوداً للحق ، ولم يكونوا كلهم يجادلون في الباطل للتلبيس على الناس . وليس كل اليهود عرفوا الحق وكفروا به .
والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أكثرهم لا يعرفون أن هذا الفعل شرك ، ولو سألتهم : أنت بعملك هذا اتخذت الأحبار أو الرهبان أرباباً من دون الله لقال لك لا نحن لم نعبدهم . وهذا ما حدث مع عدي بن حاتم عندما سمع أية " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله .. "
ولو طلبوا منهم أن يصلوا لهم أو يسجدوا لهم لرموهم بالنعال . وهذا حال أكثر من ينتسب للإسلام اليوم ، لو طلب منهم الحكام الذين يطيعونهم في التحليل والتحريم أن يصلوا لهم أو يصوموا لهم لقاموا ضدهم ولم يترددوا في تكفيرهم .
هذا ومن يعرف حال اليهود والنصارى اليوم عن قرب يعرف أن معظمهم جهلة توحيد ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً كما هو الحال في كثير ممن ينتسب للإسلام .

قولك : بلى ، يقول النصارى ذلك ، وهم أنفسهم يقولون : نحن نعبد المسيح الذي هو ابن الله !! وهم أنفسهم يقرون أنهم يدعون المسيح عند الشدائد ، ويعبدونه ، لانه - كما يقولون - في يده مقاليد السماوات والأرض .
فأرادوا الجمع بين المتناقضات الصارخة التناقض ، فغيّبوا عقولهم ، فقالوا : نحن نعبد غير الله ، ولكننا نقر أنه لا إله إلا الله .. تقول لي كيف ؟ أقول لك : النصارى أنفسهم لا يعلمون كيف
فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل .

أقول : ألا يدل ذلك أنهم لا يعرفون معنى العبادة لغة ولا شرعاً . ولا يعرفون الشرك بجميع أنواعه وأشكاله ، وكل ما يعرفونه بعض أنواع الشرك التي لا تضر حكام اليوم . ثم هم لم يريدوا أن يجمعوا بين المتناقضات بل إنهم يعتقدون أنها حقائق وليس متناقضات حتى لو لم يفهموها .
وينطبق عليهم وعلى أمثالهم من المنتسبون للإسلام قوله تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "
ثم ها أنت نفسك هنا تقر أنهم لا يعرفون حقيقة معنى العبادة لغة .
ألم تقل :" فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل" .
أنت هنا تقر أنهم لا يعلمون حقيقة معنى العبادة لغة . وقلتَ سابقاً : "نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك "
أيهما نعتمد من كلامك ؟ ألا يوجد تناقض هنا ؟

قولك : عن زيد بن حارثة - رضي الله عنه - قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة ، ومعنا شاة قد ذبحناها وأصلحناها ، فجعلناها في سفرة . فلقيه زيد بن عمرو بن نفيل ، فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية . فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : يا زيد - يعني ابن عمرو - ما لي أرى قومك قد شنفوا لك ؟ قال : والله يا محمد ، إن ذلك لغير ترة لي فيهم ، ولكن خرجت أطلب هذا الدين حتى أقدم على أحبار خيبر ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي . فخرجت حتى أقدم على أحبار الشام فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا الدين الذي أبتغي .. الأثر .
أقول : مشركي العرب كانوا يعرفون معنى العبادة ويعرفون أنهم يشركون بالله ويعترفون بذلك . ويعرفون معنى الإله لأنها من لغتهم وهم أساتذة اللغة .
ويعرفون أنهم يعبدون مع الله ألهة أخرى ، ولكنهم يظنون أن هذا لا يخالف دين إبراهيم عليه السلام بل كانوا يعتقدون أنه دين إبراهيم . أمَّا أهل الكتاب فأكثرهم كان لا يعرف العبادة ولا جميع أنواع الشرك ويظن نفسه على التوحيد وأنه مسلم في دين الله . ووفد نجران لدليل واضح على هذا . الم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم للإسلام والتوحيد : " لقدأسلمنا قبلك " مع أنهم كانوا على الشرك .؟


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 01-24-2012, 12:07 AM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : هداني الله وإياك .. ألم أقل من قبل إن نبذ الشرك يعني : تركه قلباً وقالباً ؟
أقول : نعم قلتَ أن نبذ الشرك يعني : تركه قلباً وقالباً . وقولك هذا بعد أن سألتك عن كيفية نبذ الشرك . ولكنك لم تشترط على من نبذ الشرك أن يعتقد أن من لم ينبذه مشرك كافر . وهذا هو وجه التناقض .

قولك : ثم انظر في أي مقام قلت تلك الكلمة ، أي : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً "
قلتها في معرض كلامي عن التكفير .. يعني نحن نتكلم عن مسلم موحّد ،

أقول : يا أبا شعيب : لم نكن نتكلم عن المسلم الموحد . أنا لم أسألك عن المسلم الموحد ، أنا سألتك كيف يحقق العبد الإسلام . كنا نتكلم عن الحد الأدنى للكفر بالطاغوت . كنا نتكلم عن كيفية الكفر بالطاغوت التي يجب أن يحققها العبد الذي يريد أن يدخل الإسلام .
أنا سألتك عن المطلوب اعتقاده من الذي يريد أن يدخل الإسلام ، في من لم يفعل مثله ، ليحقق الكفر بالطاغوت : فأجبتني :
" يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً "
ألم تقلها في معرض كلامك عن الحد ألأدنى المطلوب من العبد ليحقق الكفر بالطاغوت ؟
وكان يجب عليك أن تضيف إلى ما قلته : ويجب أن يعتقد بمخالفه ، أنه بعدم تركه عبادة الله مشرك كافر غير مسلم ، لأنه يعلم أنه يجب عليه أن يترك عبادة الطاغوت حتى يدخل دين الإسلام أو حتى يعد من المسلمين .
فعلى حسب كلامك الأول : يكفي للكفر بالطاغوت : أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . فأخرجت منه تكفير الطاغوت ، واعتقاد أن من عبده ليس مسلماًٍ ولا موحداً بل مشركاً بالله مؤمنا بالطاغوت .
لهذا سألتك عن من فهم من كلامك أن الكفر بالطاغوت يتحقق إن اعتقد أن فعله باطل وضلال لا يرضاه الله وأبغض الفعل وأبغض فاعله لفعله للشرك .
فكان جوابك : أنه مجنون مختل عقلياً .
نعم اشترط على من يريد دخول الإسلام أن يترك الشرك قلباً وقالباً . ولكنك لم تشترط له حتى يحقق الكفر بالطاغوت : أن يعتقد أن من لم يترك الشرك قلباً وقالباً ليس بمسلم ولا موحد بل مشرك بالله مؤمن بالطاغوت . واكتفيت منه بأن يعتقد في المخالف : أن فعله باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك .
هل وضح تناقضك . وخطأ جوابك بمقدار الحد الأدنى للكفر بالطاغوت . ؟
وهذا الخطأ أيضا وقعت فيه أكثر من مرة في كلامك وسوف أبينه لك في محله .
فأثبت على قولك : أن العبد لا يدخل الإسلام ولا يسمى موحداً : حتى يترك الشرك قلباً وقالباًَ . فهذا كلام صحيح ولكنك لم تفرض على من فهمه والتزم به أن يطبقه على المخالف .
فمثلا : لا تشترط لمن ترك الشرك قلباً وقالباً أن يعتقد أن من لم يتركه قلباً وقالباً مشرك كافر لم يدخل الإسلام .
مع أن ترك الشرك قلباً وقالباً من معنى الكفر بالطاغوت . وأنت تقر بذلك .
ولو فهمت ما معنى هذا الشرط لفرضت على من يحققه أن يعرف حكم من لا يحققه. ولحكمت على من لا يشرطه ، ويَعد من فعل الشرك الأكبر موحداً مسلما ويعذره بالجهل أو التأويل ، بأنه لم يفهم بعد كيفية الكفر بالطاغوت ، ولم يفهم أن فعل الشرك الأكبر هو إيمان بالطاغوت يناقض الكفر بالطاغوت . فمن آمن بالطاغوت لم يكفر به وبالتالي لم يحقق الشرط الأول لدخوله الإسلام ، فكيف نحكم عليه بدخوله الإسلام ثم بعد ذلك نبحث هل بشركه هذا تحققت الشروط وانتفت الموانع لخروجه من الدين .؟ فهو لم يدخل الدين بعد . فلو كنا نعرف كيف يتحقق دخول دين الإسلام ، لما حكمنا على من اعتقد الشرك الأكبر جهلاً بالإسلام وبدأنا نبحث عن تحقق شروط وانتفاء موانع لتكفيره .

قولك : وقد ذكرت قبل هذه الكلمة قولي فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة .
أقول : نعم ذكرتَ أنه يؤمر بتوحيد الله وينبذ عبادة ما سواه ويعتقد بطلانها ، ولكنك لم تذكر وأن يعتقد أن من وحد الله ولم ينبذ عبادة ما سواه ويعتقد بطلانها لم يدخل الإسلام وأنه ليس مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت .
تفرض على من يريد أن يدخل الإسلام أشياء ولا تفرض عليه أن يعتقد أو يعرف حكم من يخالفها ويأتي بعكسها .
فمن عرف أنه يجب عليه ترك الشرك حتى يصبح مسلما ، يعرف أن من لم يتركه لم يدخل الإسلام . فإذا ترك الشرك وحكم على من لم يتركه بالإسلام لم يعرف أن تركه للشرك شرط صحة لدخوله الإسلام .
ومن حكم على من ترك الشرك بعدم دخوله للإسلام فقد حكم عليه بالشرك والكفر ، وأن كنت تخاف من كلمة كافر . فقل مشرك أو قل غير مسلم أو ليس في دين الإسلام . فلا داعي إذن أن نقحم مسألة أن تكفير المشرك الشرك الأكبر حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية يعوز من تصدى له إلى أدلة قطعية من القرآن والسنة . ويحتاج لإقامة حجة . أما إن كنت تقصد من التكفير ، تكفير من ثبت إسلامه بيقين؟ فنعم. فهذا هو الذي يحتاج لإثبات خروج صاحبه من تحقق شروط وانتفاء موانع .
وكذلك إن كنت تقصد التكفير المعذب عليه ؟ فنعم . فهذا هو من يحتاج لإقامة حجة لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فإذا عرفنا هذا نعرف المقصود من كلام العلماء بأنهم لا يكفرون من عبد غير الله حتى يقيموا عليه الحجة . فليس مقصودهم أننا لا نحكم على من عبد غير الله بالكفر ونحكم عليه بالإسلام حتى نقيم عليه الحجة . لأن من عبد غير الله ليس موحداً ولا مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت .

قولك : وعندما أتيت على مسألة التكفير ، قلت : فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية (أي : ممن دخل الإسلام) ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً .
قولك : يعني : من حقق التوحيد ، يكفيه من التكفير ذلك !!
فأين التناقض في كلامي ؟؟

أقول : نحن لم نكن نتكلم على من دخل الإسلام يقينا ماذا يجب عليه في مسألة التكفير . فهذه مسألة أخرى ليست موضوع بحثنا هنا . نحن كنا نتكلم عن ما يجب على من يريد أن يدخل الإسلام ويحقق أصل الدين أن يعتقده في المخالف له .
موضوع بحثنا الحد الأدنى الذي يجب أن يتوفر في من يريد أن يدخل الإسلام .
التناقض أنك لم تفرض ولم تشترط على من وصفته أنه حقق التوحيد أن يعتقد بمن لم يحققه أنه لم يحققه وأنه غير مسلم وأنه لم يكفر بالطاغوت حتى يحقق التوحيد .
فأنت مع أنك فسرت الكفر بالطاغوت أنه ترك عبادته لم تشترط على الشخص حتى يحقق التوحيد أن يعتقد أن من لم يترك عبادته لم يحقق التوحيد . ثم تقول نحن نتكلم عن الذي حقق التوحيد ودخل في دين الإسلام ماذا يجب عليه في مسألة التكفير . كيف حقق التوحيد وهو لا يعرف أن من لم يحققه ليس مسلما ولا موحدا .
كيف حقق التوحيد وهو يحكم على من لم يحققه وعبد الطاغوت أنه مسلم واشترط لتكفيره قيام الحجة .؟ أسأل الله العظيم أن يتضح لك التناقض في كلامك .

قولك : وأنت الذي تقول :
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟
وأنا قلت من قبل إنه لا يدخل المرء في الإسلام حتى يوحد الله في عبادته ويترك الشرك !! أين التناقض ؟

أقول : ما دمت لم تفرض عليه حتى يكفر بالطاغوت أن يعتقد كفر الطاغوت وكفر من يعبده لأنه لم يترك عبادته . وأن يعتقد أن من لم يترك عبادته فليس مسلماً موحداً ، فهو سيفهم من كلامك هذا أنه لا يُشترط به حتى يدخل دين الإسلام أن يترك عبادة الطاغوت وأن يعتقد بأن الطاغوت كافر وأن من لم يترك عبادته ليس مسلماً ، فطبق ذلك على نفسه ، وظن أن الحد الأدنى للكفر بالطاغوت هو اعتقاد أن الطاغوت ضال مضل وأن من يعبده ضال مضل ويبغضهم لفعلهم فقط وليس لذواتهم . فما دام لم يفهم أن الطاغوت كافر بل مسلماً ما دام يدعي الإسلام وأن عابد الطاغوت ليس كافراً وانه مسلم ما دام يدعي انتمائه للإسلام ، فسوف يعتقد أنه لو لم يترك عبادة الطاغوت ويحكم بكفره وكفر من يعبده وحكم بإسلامهم لا يمنع هذا دخوله لدين الإسلام شيئاً .
فإن قلت له : يجب عليك حتى تدخل الإسلام أن تترك عبادة الطاغوت ؟
فسوف يقول لك لماذا تشترط هذا علي ، ولا تشترطه على من تحكم عليهم بالإسلام وهم لم يتركوا عبادة الطاغوت ولم يتركوا الشرك .؟

قولك : أنت تفسر كلامي وتقول :
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .
مع أنك سألتني قبل هذا وقلت : وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
وقد أجبتك جواباً واضحاً مختصراً ، فقلت : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة)
فكيف تتهمني بعد كل هذا أنني فسرت نبذ الشرك بالاعتقاد لبطلان الشرك فقط ؟؟ أليس هذا من الحيف والضيم ؟
الإنصاف عزيز يا أخي ، جعلنا الله وإياك من المنصفين .

أقول : أنا لم اتهمك أنك فسرت نبذ الشرك بأنه اعتقاد لبطلان الشرك فقط . دقق في كلامي هداك الله .
أنا فقط حكمت على كلامك بالتناقض ، فأنت مع أنك فسرت نبذ الشرك الذي شرطته لدخول الإسلام ، بأنه تركه قلباً وقالباً ، جوزت الحكم بالإسلام على من لم يتركه قلباً وقالباً. ولم تشترط في صحة دخول الإسلام أن يعتقد من يريد دخول الإسلام كفر الطاغوت وشرك من يعبد الطاغوت . بل اكتفيت منه باعتقاد بطلان عملهم وتضليلهم لفعلهم ويبغضهم لفعلهم فقط وليس لذواتهم .
فهل لم أنصفك عندما قلتُ أنك متناقض .

قولك : الكفر بالطاغوت بيّنه الله تعالى في موضع آخر إذ قال : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } [الزمر : 17]
معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .

أقول : كيف بغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه . ؟
لماذا فسرت بغض فاعلها بأنه ليس بغض الفاعل لذاته أو لشخصه بل بغض لأنه فعل الفعل .؟ أليس من فعل الشرك مشرك بذاته وشخصه ؟
هل يفهم من لغة العرب أن المقصود من بغض المشرك هو بغضه لفعله فقط أما ذاته فلا تُبغض ولا يتبرأ منها ، بل تظل تُحب وتوالى ؟
وهل بغض الطاغوت والبراءة منه تعني بغض عمله والبراءة من عمله ، أما شخصه فهو حبيبنا وأخونا بالله وولي أمرنا . ؟
ألا يفهم من هذا الكلام أن من فعل الشرك الأكبر يجب أن نقول له لا تفهمنا خطأ نحن بريئون من عملك فقط ونبغضه أما أنت كشخص فأخونا في الله ولك منا كل الولاء والمحبة . ؟

قولك : معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .
أنت فسرت الكفر بالطاغوت هنا فقلت : معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .

أقول : نفهم من كلامك هذا : أن معنى الكفر بالطاغوت الذي يجب أن يعلمه الذي سيدخل في الإسلام ويلتزم به عمليا هو :
- إعتقاد بطلان عبادته .
- تركها .
- بغضها .
- بغض من يفعلها لأنه يفعلها لا لذاته أو لشخصه .
أليس تعريفك هذا للكفر بالطاغوت ناقص . ؟
لنفترض أن تعريفك للطاغوت ليس ناقصاً ونحلله .
- لماذا يعتقد بطلان عبادة الطاغوت ؟ لأنها صرفت في غير محلها .
فما حكم من يطلب أو يقبل أن يُصرف له حق من حقوق الله الخاصة بالله ؟
أليس قد ادعى الألوهية .؟ وهل من يدعي الألوهية مسلم ؟
- لماذا يتركها ؟ لأنها شرك ، وعبادة لغير الله . فإذا لم يتركها ؟ ألا يحكم عليه بأنه مشرك بعينه ؟ ولقد قررت أنت نفسك " بأن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. لغة وعقلاً . "
- لماذا يبغضها ؟ لأنها شرك وليس لأنها معصية كباقي المعاصي . ولا يرضى عنها الله . لأنها من أعظم الظلم .
ولماذا لم تدخل بغض المشرك لذاته أيضا مع فعله ؟ أليس من فعل الشرك مشرك ، أليس من لم يترك الشرك كافر قد حاد الله ؟ لماذا أذن لا يبغض لذاته مع عمله ؟
ألم يقل الله سبحانه وتعالى : ) لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ ...(

والآن نأتي للنقوصات في تعريفك للكفر بالطاغوت :
- أين نصيب الطاغوت من هذا ؟
- ألا يجب أن يعتقد كفر الطاغوت ؟
قال تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ "
إذا كان من يقاتل في سبيله كفاراً فماذا سيكون حاله هو ؟
- ألا يجب أيضاً أن يعتقد شرك عابد الطاغوت وأنه غير مسلم .؟
وقد قلتَ سابقاً :" الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. لغة وعقلاً "
ففاعل الشرك مشرك .. هذه من الضرورات اللغوية والعقلية التي لا يماري فيها أحد .
لماذا لا تطبق ما قلته سابقاً هنا ؟
لماذا لم تقل والحكم على عابده بأنه مشرك لأنه فعل الشرك ؟ أليس هذا حسب قولك أنها من الضرورات اللغوية والعقلية التي لا يماري فيها أحد .
وما دام حكمه مشرك فيجب أن يبغض لذاته ولفعله . ليس فقط لفعله .
قال تعالى : ) لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ ...(
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت ، عدم التحاكم وعدم إرادة التحاكم إليه .؟
قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا "
متى أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ؟ أليس عندما أرادوا دخول الإسلام ؟
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم الإيمان به . ؟
قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ"
وصفة الإيمان به : تكون بصرف أي من أنواع النسك له أو إعطائه حق الحكم والتشريع ، أو طاعته في التحليل والتحريم .أو والتحاكم وإرادة التحاكم إليه .
قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
وقال تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم القتال في سبيله . ؟
قال تعالى : قال تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ "
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم موالاته والبراءة منه ومن معبوديه .
قال تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
قال تعالى :  إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 
وروى أبو داود وغيره بسند صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه : « أقرأ قل يا أيها الكافرون  ، ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك ».
فهذا الحديث الشريف يدل على أن البراءة من الشرك معناها : الاعتقاد والتصريح عند القدرة ، لمن يعبد غير الله بأنهم كفَّار لا يعبدون ما يعبدون ، ولا هم يعبدون ما يعبد هم وأن دينهم غير دينهم . هذا هو معنى البراءة من الشرك بتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهكذا يجب أن نفهم قوله تعالى : ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي )
وكذلك قوله تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )
قولك : أما قول إبراهيم - عليه السلام - في البراءة .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم .
قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]
وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54]
وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]

أقول :إذا حكمنا عليهم بأنهم مشركون كفار فيجب أيضاً أن نتبرأ من ذواتهم .
وقوله تعالى : " إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ " ليس فقط من فعلهم بل من ذواتهم وأشخاصهم أيضا ً .
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية :
" يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه} أي وأتباعه الذين آمنوا معه {إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم} أي تبرأنا منكم {ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم} أي بدينكم وطريقكم {وبدا بيننا وبينكم, العداوة والبغضاء أبداً} يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الاَن بيننا وبينكم, مادمتم على كفركم فنحن أبداً نتبرأ منكم ونبغضكم {حتى تؤمنوا بالله وحده} أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد"
انظر كيف يفسر ابن كثير قوله تعالى " إنا برآء منكم " أي تبرأنا منكم ، (نتبرأ منكم ونبغضكم ) . ولم يقل من عملكم فقط أما ذواتكم وأشخاصكم فلا نتبرأ منها .

وجاء في تفسير الطبري :
وقوله : " إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرآءُ مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ " يقول: حين قالوا لقومهم الذين كفروا بالله ، وعبدوا الطاغوت: أيها القوم إنا برآء منكم ، ومن الذين تعبدون من دون الله من الاَلهة والأنداد.
وقوله: كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ العَدَوَاةُ والبَغْضَاءُ أبَدا حتى تُؤمِنُوا باللّهِ وَحْدَهُ يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة: كفرنا بكم ، أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم وما تعبدون من دون الله أن تكون حقا, وظهر بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا على كفركم بالله, وعبادتكم ما سواه, ولا صلح بيننا ولا هوادة, حتى تؤمنوا بالله وحده, يقول: حتى تصدّقوا بالله وحده, فتوحدوه, وتفردوه بالعبادة."اهـ
أقول : هل فسر الإمام الطبري " إنا برآء منكم " إنا برآء من أعمالكم ، أما ذواتكم وأشخاصكم ، فلا ؟
ثم هل البراءة مما يعبدونه من طواغيت هو البراءة من فعلهم ، أما ذواتهم وأشخاصهم فلا ؟
ألا يدل تفسير الطبري لهذه الآية أنهم كفَّروا مخاطبهم ممن يعبد غير الله ؟
ثم هم وصفوهم في نهاية الآية أنهم لم يؤمنوا بالله وحده . أليس هذا حكماً على أشخاصهم وذواتهم ؟

وجاء في تفسير القرطبي : "كفرنا بكم" أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل: أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق . "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم "حتى تؤمنوا بالله وحده" فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة "أهـ
أقول : انظر كيف وصفهم بأنهم ليسوا على حق ثم قال " ما دمتم على كفركم " ثم
بين أنهم لم يؤمنوا بالله وحده . أي مشركين كفره .
هل في كلام القرطبي : أن المقصود من قوله تعالى : " كفرنا بكم " أي كفرنا بما أمنتم به ولم نكفر بكم وبذواتكم ، أو كفرنا بأفعالكم وأنكرنا أن تكونوا على الحق بفعلكم أما ذواتكم فلم نكفر بها ولم نكذبها . وعندما تنتهوا من أفعالكم فأنتم وذواتكم على حق .؟
أقول لك يا أبا شعيب أتحداك أن تأتي بتفسير واحد معتبر يقول قولك : يقول : معنى :" كفرنا بكم " أي كفرنا بأفعالكم وأعمالكم أما ذواتكم فلا . أو يفسر قوله تعالى " برآء منكم " أي برآء من أفعالكم وليس من ذواتكم وأشخاصكم .
هذا ولا يقصد البتة من فسر قوله تعالى " كفرنا بكم " كفرنا بأعمالكم وأفعالكم . فقط كفرنا بأعمالكم وأفعالكم ولم نكفر ونتبرأ من أشخاصكم .
والدليل على ذلك سياق كلامهم .
والعداوة والبغضاء ممن ستكون يا أبا شعيب ؟

قولك : قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]
أقول : استشهادك بهذه الآية على أن البراءة منهم المقصود منها البراءة من أعمالهم فقط أما ذواتهم وأشخاصهم ، فلا ، استشهاد غير موفق .
لنقرأ سباق هذه الآية .
قال تعالى : " بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ " (يونس :39-41)
أقول : ألم يصفهم بالظالمين ، ألم يصفهم بالمفسدين . هل من وصفه هكذا ،ويكذب بما جاء به الرسول ، يُتبرأ فقط من عمله ولا يتبرأ من ذاته وشخصه ؟
ثم انظر لتفسير ابن كثير لهذه الآية : يقول ابن كثير :
" يقول تعالى لنبيه وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم ( فقل لي عملي ولكم عملكم ) كقوله تعالى ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) إلى آخرها وقال إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين ( إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله ) الآية " أهـ
أقول : انتبه لقوله : " هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم "
ثم انتبه بعد ذلك بأي ألآيات شبهها . بـسورة ( الكافرون ) وبـقول إبراهيم عليه السلام وأتباعه لقومهم .
ألا يدل كلام ابن كثير هذا على خطأ ما جئتَ به ، وأن البراءة من المشركين تكون من عملهم وذواتهم وليس من عملهم فقط ؟
وهل أحد من المفسرين اشترط البراءة من ذواتهم وأشخاصهم قيام الحجة عليهم ؟
قولك : وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54)
أقول : استشهادك بهذه الآية على أن البراءة منهم المقصود منها البراءة من أعمالهم فقط أما ذواتهم وأشخاصهم ، فلا ، استشهاد غير موفق . بل هو دليل عليك لا لك . لنقرأ سباق وسياق الآيات .
قال تعالى: "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ . قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ . إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ " (هود :52- 55)
أقول : ليس البراءة في الآية البراءة من أعمالهم بل البراءة من معبوداتهم
انظر تفسير ابن كثير لهذه الآية : قال ابن كثير :
" {قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه} يقول: إني بريء من جميع الأنداد والأصنام " أهـ
ثم انظر كيف يصفهم بأنهم مجرمون وأنهم ليسوا بمؤمنين لنبيهم .

قولك : " وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]
أقول :وهذه الآية أيضا ليست دليلاً لك على قولك .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : " يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له, ومخبراً أن من أشرك به عذبه. ثم قال تعالى آمراً لرسوله صلى الله عليه وسلمأن ينذر عشيرته الأقربين, أي الأدنين إليه, وأنه لا يخلص أحداً منهم إلا إيمانه بربه عز وجل, وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين, ومن عصاه من خلق الله كائناً من كان فليتبرأ منه, ولهذا قال تعالى: {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} "
أقول : وحتى لو افترضنا أن كل المفسرين فسر قوله تعالى " إنا برآء منكم " يعني
برآء من أعمالكم ، لا يعني ذلك أن معناها أن لا نتبرأ من ذواتهم وأشخاصكم .
فكيف وأن في النص وفي كلام المفسرين ما يدل على أنهم تبرؤا من ذواتهم وأشخاصهم.؟
وأنا أعيد هنا وأكرر أتحداك يا أبا شعيب أن تأتي بقول مفسر واحد قال في تفسير هذه الآية : أن المقصود البراءة من أفعالهم وليس من ذواتهم وأشخاصهم كما قلت أنت .

قولك : وتعني أيضاً : براءة من ذواتهم وأشخاصهم بعد إقامة الحجة عليهم وإظهارهم العداوة لدين الله .. من جنس قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]
وقوله تعالى : { قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [هود : 46]

أقول : لماذا شرطت إقامة الحجة عليهم للبراءة من ذواتهم وأنت تحكم عليهم بأنهم كفار مشركين ولا تعذرهم بجهلهم ؟
ثم ما هذه الحجة التي تريد أن تقيمها عليهم ؟ ولماذا تريد أن تقيمها ؟ وأنت حكمت عليهم بالشرك والكفر ولم تعذرهم بالجهل ولم تشترط إقامة الحجة عليهم بهذا .
إقامة الحجة لأجل الحكم على الفاعل ولأجل أن لا يكون له عذر عند الله ، فما دمت حكمت على الفاعل فيجب عليك أن تتبرأ منه لذاته .
أما استشهادك بإبراهيم عليه السلام وأبيه فأقول : المسألة كانت في الاستغفار له بعد مماته . والمقصود من قوله : " تبرأ منه " أي ترك الدعاء له والأسغفار له بعد موته . وليس لها علاقة بإقامة الحجة أو عدمها . فليس المقصود منها أنه كان لا يتبرأ من ذاته وشخصه ولما أقام عليه الحجة ورفض ، تبرأ من ذاته بعدما كان قد تبرأ من فعله .
واقرأ الآية التي قبلها ستعرف عن أي شي تتحدث .
قال تعالى : " مَا كَانَ لِلنّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوَاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوَاْ أُوْلِي قُرْبَىَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاّ عَن مّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ أَنّهُ عَدُوّ للّهِ تَبَرّأَ مِنْهُ إِنّ إِبْرَاهِيمَ لأوّاهٌ حَلِيمٌ "
جاء في تفسير القرطبي :
" فنزلت: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه". والمعنى: لا حجة لكم أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم الخليل عليه السلام لأبيه فإن ذلك لم يكن إلا عن عدة. وقال ابن عباس: كان أبو إبراهيم وعد إبراهيم الخليل أن يؤمن بالله ويخلع الأنداد فلما مات على الكفر علم أنه عدو الله فترك الدعاء له "
وجاء في تفسير ابن كثير : " وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الاَية, أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عز وجل عن ذلك, فقال «إن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه» فأنزل الله {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة عدها إياه} الاَية .
وقال قتادة في الاَية: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: قالوا: يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم أفلا نستغفر لهم ؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم «بلى والله إني لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه» فأنزل الله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} حتى بلغ قوله {الجحيم} ثم عذر الله تعالى إبراهيم عليه السلام, فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الاَية .
قال ابن عباس: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, وفي رواية لما مات تبين له أنه عدو لله, وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم رحمهم الله

وجاء في تفسير الطبري :" يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين إمنوا به أن يستغفروا, يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين, ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى, ذوي قرابة لهم. مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُمْ أنّهُمْ أصحَابُ الجَحِيمِ يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك, فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.." أهـ
أما أية ( هود 46 ) التي استشهدت بها على قولك ، فلا أدري ما وجه الاستدلال بها ، وما علاقتها بإقامة الحجة أو عدمها . ألم يكن نوح عليه السلام قد أقام على ابنه الحجة قبل سؤاله الله أن ينقذ ابنه ؟. وهل بسؤاله الله أن لا يهلك ابنه بالطوفان يدل على عدم تبره من شخصه ؟

قولك : قولك : أما قوله : كفرنا بكم .. فهو يعني : كفرنا بشرككم وكفركم .
قال الطبري في تفسيره : وقوله : { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } : يقول - جلّ ثناؤه - مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة : كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا ، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا على كفركم بالله ، وعبادتكم ما سواه ، ولا صلح بيننا ولا هوادة ، حتى تؤمنوا بالله وحده ، يقول : حتى تصدّقوا بالله وحده ، فتوحدوه ، وتفردوه بالعبادة
وبنحو ذلك قال المفسرون ، كابن كثير وغيره ."

أقول : وحتى لو افترضنا أن كل المفسرين فسر قوله تعالى " كفرنا بكم " يعني
يعني : كفرنا بشرككم وكفركم ، لا يعني ذلك أن معناها أن لا نتبرأ من ذواتهم وأشخاصكم .
فكيف وأن في النص وفي كلام المفسرين ما يدل على أنهم تبرؤا من ذواتهم وأشخاصهم.؟
وهل جحودهم لما يعبدون من دون الله ، رداً للعمل فقط ؟ أم رداً للمعبود أيضاً ؟
وأنظر إلى تفسير القرطبي : "كفرنا بكم" أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل: أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق . "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم "حتى تؤمنوا بالله وحده" فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة "أهـ

قولك : هل لنا أن نرجئ الحوار في ذلك حتى ننتهي من ضبط أصل الدين ؟ لأن هذا سيشعب الحوار ويدخلنا في متاهات لن نخرج منها .
وما كان ذكري للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وخطئه في إدراج تكفير الكافر في أصل الدين ، إلا عارضاً .. ولم يكن ركيزة من ركائز الحوار .. فانتبه لذلك ، هداني الله وإياك .
وقد اتفقنا - حتى هذه اللحظة - أن نترك قول العلماء جانباً ، فلنلتزم بذلك .

أقول : لك ذلك ، ولو لم تذكره ما سألتك عنه .وأنا أيضا سألتك سؤال عارض وليس في نيتي الدخول في الموضوع الآن وإنما لأذكر أن كلامك هذا يدل على أن محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجحد لم يفهموا كلمة أصل الدين لأنهم أدخلوا فيه ما ليس منه .

قولك : طيب ، ما دمت تعتقد أن كلامي فيهم غير صحيح ، فلك ذلك .. فهذا لا يؤثر في مسألتنا .
ما نريده في هذا الموضوع هو الحديث عن أصل الدين وضبطه بأدلة القرآن والسنة

أقول : وكلامي هذا كلام عارض لأنك ذكرتهم . فلا بد أن أقول ما أعرفه عنهم .

للموضوع تتمة

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 06-11-2012, 11:32 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبو شامة :
بداية أعتذر للأخوان من مشاركتي في هذا الحوار الذي لا أريد أكثر من قرأته والإستفادة من المسائل التي تعرض فيه .. ولكن أستوقفي بعض الكلام الذي أرى أنه يحتاج إلى توضيح .
فقد قال الأخ المحاور ( مسلم 1 ) في معرضه كلامه عن مشركي العرب : (
أقول : مشركي العرب كانوا يعرفون معنى العبادة ويعرفون أنهم يشركون بالله ويعترفون بذلك . ويعرفون معنى الإله لأنها من لغتهم وهم أساتذة اللغة .ويعرفون أنهم يعبدون مع الله ألهة أخرى ، ولكنهم يظنون أن هذا لا يخالف دين إبراهيم عليه السلام بل كانوا يعتقدون أنه دين إبراهيم . أمَّا أهل الكتاب فأكثرهم كان لا يعرف العبادة ولا جميع أنواع الشرك ويظن نفسه على التوحيد وأنه مسلم في دين الله . ووفد نجران لدليل واضح على هذا . الم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم للإسلام والتوحيد : " لقدأسلمنا قبلك " مع أنهم كانوا على الشرك . ؟ ) إهــ
أقـول وبالله التوفيق : كون كفار العرب كانوا يعرفون معنى العبادة ابتداء دون شرح وتوضيح هل يوجد دليل على هذا الكلام لأننا نقول هنا أن (
عدي بن حاتم رضي الله عنه الذي كان عربي قح من قبيلة طيء التي تُعتبر من القبائل التي يُستدل بلهجتها على قواعد اللغة فما تكلمت به طيء خرج عن الشذوذ ومع كونه طائياً إلاَّ أنَّه لم يعرف أن طاعة الأحبار والرهبان " وهم علماء أهل الكتاب " في معصية الله تعتبر من العبادة لغير الله ، فقد ثبت أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلوا قوله تعالى في حق أهل الكتاب : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " [ التوبة: 31 ] ، وكان عدي نصرانياً ، فقال يا رسول الله : لسنا نعبدهم، قال : أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ قال بلى قال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم ) ، إهـ .
فهل هذا الحديث يدل على خطأ قول الأخ المحاور ( مسلم 1 ) في كون كفار العرب كانوا يعرفون معنى العبادة من مجرد اللفظ دون شرح وتوضيح ؟؟ !!
وجزاكم الله خيراً ... وأعتذر مرة أخرى عن مشاركتي في حواركم وسوف تكون هذه هي المرة الاولى والاخيرة .
والسلام عليكم .

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-11-2012, 11:46 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

قولك :هناك فرق لغة بين مخطئ وخاطئ .. فالمخطئ من قصد الحق ولم يوفق إليه ، والخاطئ من تعمد الخطأ .
على أيّة حال ، إن كان يقصد بذلك أنهم على غير الحق وعلى ضلال فيما وقعوا فيه من خطأ ، فيكفيه ذلك أيضاً .. فإن ما ينبغي له هو أن يبيّن أنهم على باطل . سواء سمى ذلك الباطل خطأ أو ضلالاً أو غيره .
أقول : يعني يستطيع أن يقول لهم أي شي يبين فيه أنهم على باطل وكفى ، بدون أن يعرف ما هي درجة هذا الباطل .
مع كل شي يخالف الشريعة يسمى باطلاً . وكل شي خالف الصواب فهو باطل . وكل معصية باطل .
فما هي درجة الباطل الذي يجب أن يصفه به ؟ أم أن درجته وحكمه الشرعي غير مهم .؟
ولماذا كل هذا التعقيد وعدم الوضوح . فأنت اشترطت عليه ليدخل الإسلام أن يترك الشرك ، فمن الطبيعي والمنطقي والبديهي إذا علم ذلك أن يعلم أن من لم يترك الشرك لم يدخل الإسلام . فاقل ما فيه أن يصفه بأنه غير مسلم . وهذا أسهل عليه من أي شي آخر لا يعرف ما درجته وحدوده في الشرع .


قولك : وصفنا للمشركين بالضلال هو في أمر عبادتهم ودينهم ، وهذا يدلّ على بغض المرء لما هم عليه من كفر وشرك .. أما وصف إخوة يوسف لأبيهم فهو في المسألة التي ذكروها ، وهي تفضيله ليوسف عليهم .
أقول : فإذا ظن أن وصفهم بالضلال كوصف أخوة يوسف لأبيهم بالضلال ، هل فهم ما هي درجة وصفهم بالضلال الذي وصفهم به بدون أدنى تفكير في حدوده ودرجته في الشرع ؟
ألا يجب عليه أن يعرف درجة هذا الضلال الذي وصفهم به ؟

قولك : أما ما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال .. فهذا يُعلم بالدليل الشرعي ، لا من مفهوم لا إله إلا الله .
أقول : يعني هل يفسقهم ويضللهم وهو لا يعرف درجة ضلالهم وفسقهم مع أنه يراهم يعبدون غير الله . ؟ وحتى يفهم هذه الدرجة يحتاج لدليل شرعي زائد عن علمه عند دخوله الإسلام .؟
بما أنه لا يعلم درجة فسقهم وضلالهم فقد يساوي عملهم بأي ضلال وأي فسق في لغة العرب .

قولك : مقصودي بالتضليل والتفسيق هو بيان أنهم على غير الحق ، وأنهم بفعلهم الباطل على الباطل ، وقد ذكرت ذلك في أكثر من موضع .. ولم أعن به حكماً شرعياً يترتب عليه ما حدده الشارع فيهم .
أقول : وهل أصبح التفسيق والتضليل على حسب مقصودك أو مقصود غيرك ؟
ثم كيف تريده أن يحكم على شي أنه غير حق وباطل دون دليل شرعي وبدون أن يعرف ما درجة بطلانه وعدم أحقيته .؟

قولك : أما تفريقي بينها وبين التكفير .. فهذا عجب !
هل لك أن تبيّن لي أين حدث ذلك ؟ .. وكيف هذا وأنا غاية ما قلت إنه لا يلزمه التكفير - لو كان جاهلاً - حتى يدخل الإسلام ، بل يكتفي ببيان أنهم على الباطل ، سواء كان هذا البيان بالتفسيق أو التضليل بله التكفير .. فكلها كلمات غايتها واحدة ، وهي : بيان الباطل .

أقول : لم أفهم لماذا تعجبت . فأنت ألزمته لدخوله الإسلام بالحكم بالتضليل والتفسيق أو الحكم بالباطل بدون الحاجة لدليل شرعي مع أنها أحكام شرعية ، وعذرت من لم يكفره واشترط لتكفيره الدليل الشرعي وإقامة الحجة والتحقق من شروط وانتفاء موانع . أليس هذا تفريق بين التضليل والتفسيق والتكفير ؟
هل يجيز لك الشرع أن تصف أي عمل بالفسق والضلال وكونه باطل أو غير باطل بدون دليل شرعي ؟
هل تعذر بالجهل أو التأويل من لم يحكم بالباطل أو الفسق أو التضليل على من عبد غير الله .
هل تحكم بإسلام من سألته عن حكم من عبد غير الله فقال لك لا أعرف ؟
فسألته هل هو على الحق أم على الباطل ؟ فقال لك لا أعرف لأنني لا استطيع أن أقيم عليه الحجة ، والحكم عليه يحتاج لتحقق شروط وانتفاء موانع وهذه تحتاج لعلم زائد لا اعرفه ، تحتاج لقضاء . ؟
هل يعرف التوحيد من لا يعرف الشرك الأكبر ؟

قولك : سواء كان هذا البيان بالتفسيق أو التضليل بله التكفير .. فكلها كلمات غايتها واحدة ، وهي : بيان الباطل .
أقول : يا ألله ، ما هذا الكلام ؟
يعني لا فرق عندك بين كل هذه الأوصاف ( تفسيق ، تضليل ، تكفير ) ما دامت الغاية منها بيان الباطل ، وأي باطل مهما كانت درجته ؟
عجيب كلامك هذا يا أبا شعيب .!!!
هل كلامك هذا يستقيم من الناحية الشرعية ؟ إطلاق أحكام وأوصاف بدون ضوابط ، وبدون مراعاة لمعانيها في اللغة أو في الشرع . والمهم عندك هو القصد من قولها .

قولك : ذكرت أنها براءتان .. براءة منهم لفعلهم الشرك . تقول لي كيف يبرأ منهم في فعلهم ؟ أقول لك : كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « أنا بريء من كل مسلم يعيش بين ظهراني المشركين » .. فهذه البراءة مبناها وداعيها الإقامة بين المشركين .. فهو يتبرأ منهم لفعلهم ، مع موالته لإيمانهم .\
وقوله أيضاً : « من أمن رجلاً على دمه ، فقتله ؛ فأنا بريء من القاتل ، وإن كان المقتول كافراً »
هذا معنى البراءة منهم في فعلهم .

أقول : أنا لا أخالف يا أبا شعيب أن هناك براءة من الفعل وبراءة من الفاعل . أما ما أخالفك فيه هو أنك جعلت البراءة ممن فَعل الشرك الأكبر وعبد غير الله ، براءة من فعله فقط ، وليس من ذاته وشخصه أيضاً حتى تقام عليه الحجة . ولم تأت بدليل واحد على ذلك .
ثم كيف تُشبه البراءة في الآية بالبراءة في الحديث . البراءة في الآية براءة من الشرك والمشرك . أما في الحديث فهي براءة من المعصية وفاعلها . لأن العيش بين ظهراني المشركين ليس شركاً .
فالبراءة من فاعل الشرك الأكبر تختلف عن البراءة من المسلم الذي فعل المعصية . فالأولى براءة من الفعل والفاعل معناً والثانية براءة من الفعل فقط . والأدلة على ذلك كثيرة منها تفسير المفسرين لقوله تعالى " إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ " وقد مر معنا . وكذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في فعل خالد رضي الله عنه .
وإذا جاء قول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبرأ فيه من عامل فعل ما ، ولم يكن هذا الفعل شركاً أكبراً أو كفراً أكبراً فالمقصود من هذه البراءة هي البراءة من الفعل وليس الفاعل . كقوله صلى الله عليه وسلم " من أمن رجلاً على دمه ، فقتله ؛ فأنا بريء من القاتل ، وإن كان المقتول كافراً "

قولك : " فالمسلم حتى يكون مسلماً حقاً يجب أن يتبرأ من الكفار في كفرهم .. وإن والاهم في غير ذلك ، فحاله يترجح بين فسق وعصيان ، وقد يرتفع إن كان جهلاً أو اجتهاداً مسوغاً ."
أقول : البراءة من الشرك الأكبر هي براءة من الفعل والفاعل ، ولا يشترط للبراءة من الفاعل أن تقام عليه الحجة لأن ذلك لا دليل عليه .
أما مسألة موالاة الكافر : فهناك موالاة مكفرة وموالاة حرام وموالاة جائزة وقد فصلها العلماء مع أدلتها . ومنهم من فرق بين التولي والمولاة فعد الأولى كفراً لأنها تناقض البراءة منهم ولم يعد الثانية كفراً لأنها لا تنافي البراءة منهم .

قولك : وبراءة من أشخاصهم بعد إقامة الحجة ، وهي ما ذكره الله - تعالى - : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]
معناه ، أنه لم يتبرأ منه قبل ذلك .. أي : لم يتبرأ من شخصه ، مع تبرؤه من كفر أبيه .
فهذه الآية المذكورة جمعت بين البراءتين .

أقول : تقسيم البراءة بالنسبة لمن عبد غير الله إلى براءتين ، براءة من الفعل قبل إقامة الحجة وبراءة من الشخص بعد قيام الحجة تقسيم باطل لا دليل عليه . فالبراءة ممن عبد غير الله تكون براءة واحدة ، وهي براءة من فعله وشخصه معاً قبل إقامة الحجة وبعدها . والمقصود هنا من البراءة ، البراءة من الدين ومن هو على هذا الدين . وذلك بأن نعده كافراً على غير ديننا ولا نعطيه حق المسلم الخاص به كمسلم . أما أن نعطيه حقه الذي أعطاه الله له مع أنه كافر ، فهذا لا يعارض البراءة المطلوبة فيه .
فمن عبد غير الله عمله شرك وهو مشرك ، ولا يقال عمله شرك أما هو فليس مشرك بل مسلم جاهل . فوصفه بأنه مشرك كافر هو براءة من فعله وشخصه . فمن دان بغير دين الله يتبرؤ من دينه وشخصه قبل قيام الحجة وبعدها ما دام على هذا الدين.
وسورة الكافرون لأوضح دليل على ذلك .
روى أبو داود وغيره بسند صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه : « أقرأ قل يا أيها الكافرون  ، ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك».
وقد جاء في الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن سورة الكافرون تعدل ربع القرآن "
وجاء في تفسير القرطبي : " وقال ابن عباس: ليس في القرآن أشد غيظا لإبليس منها؛ لأنها توحيد وبراءة من الشرك."
انتبه لقوله: " توحيد ".
وليس المقصود من أنها براءة من الشرك يعني من فعل الشرك وليس من شخص فاعله .
لأن بدايتها : " قل يا أيها الكافرون "
فمع أنها براءة من المشركين كأشخاص وبراءة من شركهم ومن معبوداتهم ، وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها براءة من الشرك . فهذا يدل على أن البراءة من الشرك تقتضي البراءة من المشرك كشخص والبراءة من معبوداته إن كانوا راضين بهذه العبادة .
جاء في تفسير القرطبي :
" إذ كان الرسول عليه السلام يعتمدهم في ناديهم، فيقول لهم: "ياأيها الكافرون". وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر ، ويدخلوا في جملة أهله إلا وهو محروس ممنوع من أن تنبسط عليه منهم يد ، أو تقع به من جهتهم أذية. "
انتبه لقوله :" وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر، ويدخلوا في جملة أهله "
وجاء في تفسير القرطبي : "- وقيل: إن معنى الآيات وتقديرها: قل يا أيها الكافرون لا أعبد الأصنام التي تعبدونها، ولا أنتم عابدون الله عز وجل الذي أعبده؛ لإشراككم به، واتخاذكم الأصنام، فإن زعمتم أنكم تعبدونه، فأنتم كاذبون؛ لأنكم تعبدونه مشركين. فأنا لا أعبد ما عبدتم، أي مثل عبادتكم؛ "فما" مصدرية. وكذلك "ولا أنتم عابدون ما أعبد" مصدرية أيضا؛ معناه ولا أنتم عابدون مثل عبادتي، التي هي توحيد " أهـ
فيجب أن لا يفهم من كلام العلماء عندما يقولون : " براءة من شركهم " أن المقصود البراءة من العمل وحسب وليس البراءة من الفاعل كشخص .ولا يستدل على أن البراءة من عملهم وليس من ذواتهم وأشخاصهم بقوله تعالى : " ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) فهذا في مقام التهديد . وليس معناها أني أبرء من عملكم ولا أبرء من أشخاصكم . فالتبرؤ دائماً يكون من الشرك والمشرك .
ثم إن البراءة وعدم البراءة يفهم ما المقصود منها من سياق النص .
فمثلا : يقول الله سبحانه وتعالى :" بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
فهل يصح أن نفهمها أن البراءة بشكل عام تكون فقط لمن عاهد من المشركين وأن من لم يعاهد لم يتبرأ منهم ؟ طبعاً لا لأن البراءة هنا هي البراءة من العهد الذي أعطوا إياه . أما المشركين كمشركين فالبراءة منهم موجودة دائما ما داموا مشركين غير موحدين . وما داموا على غير دين الإسلام .
فليس كل براءة عكسها التولي وليس كل موالاة عكسها البراءة .

قولك : معناه ، أنه لم يتبرأ منه قبل ذلك .. أي : لم يتبرأ من شخصه ، مع تبرؤه من كفر أبيه .
فهذه الآية المذكورة جمعت بين البراءتين .

أقول : هذا الكلام غير صحيح . لأن البراءة المقصودة في الآية هو عدم الاستغفار له بعد موته وليس البراءة منه كمشرك بالله . ولقد اثبت ذلك سابقاً فليرجع له .
ثم هل يقال أن من يستغفر لأبيه المشرك وهو حي لم يتبرأ منه كمشرك ؟
مع العلم أن الاستغفار للمشرك في حياته جائز شرعاً .
ثم أنت هنا تشترط البراءة من شخص المشرك بإقامة الحجة عليه .
فهل بعد أن نقيم الحجة على المشرك إذا استغفرنا له قبل مماته نكون لم نتبرأ من شخصه .؟

قولك : " أما لماذا لم يتبرأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من شخص خالد ، مع تبرؤه من فعله .. فلأنه لم تقم عليه الحجة ، ولم يكن هناك داع من التبرؤ من شخصه حينئذ ."
أقول : أي حجة لم تقم على خالد يا رجل ؟
حُكم خالد رضي الله عنه كان صحيحاً في الظاهر . والخطأ الذي وقع فيه خالد هو تسرعه في الحكم ، ولكن له عذره . والذي تبرأ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو عمله لأنه أدى لتقتيل المسلمين . فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديَّاتهم من بيت المال وليس من مال خالد رضي الله عنه . ولو كان عمله خطأ لكان خالد هو من دفع الدية . لأن المخطئ هو الذي يدفع الدية وليس بيت المال .

سألتك : وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟

وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟
فلم تجب عليه .

قولك : أفهمه باللغة العربية التي يفهمها المفسرون .. وليست لغتك العربية أنت .
أقول : ألفاظ اللغة العربية لا تفهم بلغتي ولا لغتك وإنما بلغة العرب أصحاب اللغة ، ونحن في فهمنا لها يجب أن نرجع لهم لا لأفهامنا . فهم الحَكم في ذلك عند الاختلاف .
لهذا اسمح لي أن أقول لك : أنت لم تفهمها بلغة المفسرين . وسأبين لك ذلك .

قولك : جاء عند ابن كثير : { كَفَرْنَا بِكُمْ } أي : بدينكم وطريقكم .
وجاء عند الطبري : كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا
وجاء عند القرطبي : { كَفَرْنَا بِكُمْ } : أي : بما آمنتم به من الأوثان
وعند ابن عطية ، الذي تفسيره من أصح التفاسير وأحسنها ، كما قال ابن تيمية :
وقوله : { كفرنا بكم } أي كذبناكم في أقوالكم ، ولم نؤمن بشيء منها .
وعند البغوي الذي أثنى على تفسيره ابن القيم : "كَفَرْنَا بِكُمْ } جحدنا وأنكرنا دينكم

أقول : لا يعني كلام ابن كثير ولا غيره : "أي بدينكم وطريقكم ." بدينكم وطريقكم فقط ، وليس بأشخاصكم وذواتكم ، بمعنى لا نكفركم كأشخاص بل نكفر دينكم وطريقتكم ؟ وهو نفسه يقول في تفسير هذه الآية : " مادمتم على كفركم فنحن أبداً نتبرأ منكم ونبغضكم {حتى تؤمنوا بالله وحده} أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد"
وكذلك لا يعني قول الإمام الطبري : كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا " أنه لم يتبرأ من أشخاصهم وذواتهم . ولا يكفرهم لذواتهم وأشخاصهم بالرغم من أنهم يعبدون غير الله .
وكذلك قول القرطبي : " بما آمنتم به من الأوثان " لا يدل على عدم البراءة منهم كأشخاص وتكفيرهم لعبادتهم غير الله .
هل في كلام القرطبي : أن المقصود من قوله تعالى : " كفرنا بكم " أي كفرنا بما أمنتم به ولم نكفر بكم وبأشخاصكم ، أو كفرنا بأفعالكم وأنكرنا أن تكونوا على الحق بفعلكم أما ذواتكم فلم نكفرها ولم نكذبها . وعندما تفرغوا من أفعالكم فأنتم كأشخاص على الإسلام والحق .؟
أقول لك يا أبا شعيب أتحداك أن تأتي بتفسير واحد معتبر يقول قولك : يقول : معنى :" كفرنا بكم " أي كفرنا بأفعالكم وأعمالكم أما ذواتكم وأشخاصكم فلا . أو يفسر قوله تعالى " برآء منكم " أي برآء من أفعالكم وليس من ذواتكم وأشخاصكم .
فليس رد الفعل دائماً يقتضي عدم رد الفاعل . فإذا نص على رد الفعل لا يفهم منه أنه لم يرد الفاعل إلا بقرينة أو دليل آخر هذا في الأفعال بشكل عام . أما والحال في عبادة غير الله فرد الفعل دائما يقتضي رد الفاعل المختار .

قولك : فإن كان هؤلاء المفسرون لا يعرفون ما تعرف أنت من أسرار العربية ، فقد فسد دين الله إذن .
أقول : ومن قال لك أنني أعرف أسرار اللغة العربية أكثر من هؤلاء المفسرين ؟ بل نحن نتعلم أسرار اللغة منهم . ولكن المشكلة في عدم الدقة في فهم كلامهم وتحميله ما لا يحتمله .

قولك : ثم أود أن أسألك سؤالاً أرجو أن لا تتهرب من .
أقول : لمذا وضعت احتمال أنني سأتهرب من الإجابة ؟
هل تهربت في حواري معك من الإجابة على أي سؤال سألتني إياه ؟

قولك : ما معنى قولنا : كفر فلان بالله ؟ .. هل يعني : أنه قال عن الله كافر ؟
أقول : ومن قال لك أن معنى " كفر فلان بالله " أنه قال عنه أنه كافر ؟
كفر بالله يعني جحده ورده ورد أمره . وليس فقط رد أمره وفعله . بل يدخل فيها رد ذاته وصفاته
وهناك فرق بين كفر بالله وبين كفر بما يعبد من دون الله ، فكفر بما يعبد من دون الله : تعني : رد عبادة غير الله ، والحكم عليها وعلى فاعلها بالشرك . على عمله وشخصه وليس على عمله فقط . حتى ولو لم يفعلها وأعتقد أنها جائزة يكفر بشخصه وذاته .

قولك : وما معنى قولنا : كفر فلان بالنبي ؟ .. هل يعني : أنه قال عن النبي كافر ؟
كقوله تعالى : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة : 84]

أقول : نعم داخل في معناها أنه كفَّره . فقد كانوا يقولون عنه أنه صبأ ، وأنه ليس على ملة إبراهيم .
فمعناها : أنه جحده وأنكره ورده ورد أمره وكفره وأخرجه من دينه .
فعندما نقول : " كفر فلان بمسيلمة الذي أدعى النبوة ." فمعناها : أنه جحده وأنكره ورده ورد أمره وكفره وأخرجه من دينه . لأنه رد وكذب أمر الله وافترى عليه .

قولك : لقد ذكرت أن أدنى العلم الشرعي أن يعتقد المرء أن هذا الفعل الشركي باطل وضلال ، وأن صاحبه بهذا الفعل مبطل وضال ومتبع للشيطان وعلى سخط من الله بفعله .
وأين تراني اشترطت الدليل الشرعي في الحكم على الشخص في فعله بمقتضى ضرورة العقل ؟.

أقول : عندما سألتك عن أدنى شي يجب أن يعتقده الذي يريد أن يدخل الإسلام في مخالفه ، قلتَ لي :" أن يعتقد المرء أن هذا الفعل الشركي باطل وضلال ، وأن صاحبه بهذا الفعل مبطل وضال ومتبع للشيطان وعلى سخط من الله بفعله ."
ولم تشترط تكفيره كشرط لدخول الإسلام إلا بدليل شرعي . فقلت لك لماذا لم تشترط في الأوصاف التي شرطها الدليل الشرعي واشترطه في التكفير كحد أدنى لدخول الإسلام . مع أن الأوصاف التي شرطها في حق المخالف كحد أدنا لدخول الإسلام أيضا ألفاظاً شرعية تحتاج لإثباتها دليلا شرعيا . فأين الدليل الشرعي التي استندت عليه في شرط مثل هذا الشرط كحد أدنى لدخول الإسلام ؟

قولك : فلو جاء رجل جاهل وقال : فلان بباطله محق ، فهو كافر .. لأن جعل فعله للباطل حقّاً ، وهذا مفهوم في الضرورة العقلية ، ولا يماري فيه أحد .
أقول : تقر هنا بكفر من حكم على من فعل الباطل بأنه محق بباطله وتقول أن هذا مفهوم من الضرورة العقلية ، ولا يماري فيه أحد . ولا تقر بكفر من لم يكفر من وصف الشرك بأنه مرضاة لله وجهاد فيه سبيل الله إذا كانت الغاية منه خدمة الإسلام والمسلمين . مع أن فاعل هذا الشرك يقر بداية بأن الفعل بحد ذاته كفر وشرك ولكن يجيز فعله لخدمة الإسلام والمسلمين ويصفه بأنه جهاد في سبيل الله . أليست هذه معاير مزدوجة ما أنزل الله بها من سلطان .
أليس من وصف فاعل الشرك الأكبر بأنه مجاهد في سبيل الله لأن غايته خدمة الإسلام والمسلمين قد جعل فعله للباطل حقاً ؟ ولا تنس أن هذا الباطل ليس أي باطل بل هو الشرك الأكبر . فما حكمه وما حكم من لا يكفره .
أيحتاج لتكفير مثل هذا تحقق شروط وانتفاء موانع ؟
مثال عملي : الإخوان المسلون يعرفون أن الديمقراطية حكم الشعب للشعب ويعرفون أن هذا الفعل كفر ، ويعرفون أن تولي الوزارة التي تحكم بغير شرع الله كفر وقد كتبوا بذلك كتباً يقرون بذلك ، مثل كتاب" حكم دخول البلمانات والوزارات" لعمر الأشقر
فهو في بداية الكتاب يقرر أن الفعل بحد ذاته الأصل فيه أنه كفر وشرك . ثم بعد ذلك يأتي بالأدلة على جواز فعله ، فيفتري على نبي الله يوسف عليه السلام . ومن ضمن الأدلة التي ساقها مصلحة الدعوة ، وأنه الطريق الوحيد المتوفر لإقامة شرع الله .
أليس هذا الشخص وجماعته فعلت الشرك الأكبر مع إقرارهم بأنه شرك وكفر ووصفته أنه جهاد في سبيل الله مادامت النية خالصة لله ؟ أي قالت فلان بفعلة هذا الشرك والكفر محق ومجاهد في سبيل الله لأنه يريد خدمة الإسلام والمسلمين .
فما حكم هذه الجماعة وما حكم من لا يكفرها ويعذرها بالجهل والتأويل ؟

قولك : لكن لو جاء وقال : فلان ببطاله مبطل ، وبحقه محق ، فهذا لا يخالف الضرورة العقلية ولا الشرعية .. فإنه يُمكن أن يجتمع في الإنسان حق وباطل ، وعند الترجيح بينهما لتنزيل الحكم الشرعي العام الذي يطاله ، يحتاج إلى فضلة زائدة من العلم الشرعي عن أصل الدين ، وهي : شروط التكفير وموانعه ، وهو من جنس ما يسمى عند الأصوليين : تحقيق المناط .
أقول : ومن قال لك أن من يقول فلان ببطاله مبطل ، وبحقه محق ، خالف الضرورة العقلية والشرعية ؟
ما أقوله هو : أن من قال : " أن فلان بشركه مشرك ، ولكنه بذاته وشخصه ليس مشركا ، بل هو قد يكون لباقي أفعاله مسلماً موحدا لا يجوز تكفيره . " قد خالف الضرورات العقلية والشرعية . ً
وكذلك من قال عمن عبد غير الله " إن فلان بشركه مشرك ، ولكنه بذاته وشخصه ليس مشركا . وللحكم على ذاته وشخصه بأنه مشرك يحتاج للنظر لباقي أعماله ويحتاج للبحث في تحقق شروط وانتفاء موانع ، وهذا يحتاج لعلم زائد وقضاء ." أقول : من قال هذا الكلام لا يعرف التوحيد وكيف يتحقق ، ولا يعرف أن الشرك الأكبر يبطل جميع الأعمال ، ولا يعرف أن الشرك والتوحيد لا يجتمعان في قلب رجل واحد. ولم يعرف أن من عبد غير الله مشرك بعمله وشخصه ، وأن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل لغة وعقلاً وأن فاعل الشرك مشرك بشخصه وذاته . وأذكرك هنا بما قلته أنت سابقاً حيث قلتُ لك أثبت عليه فهو حق ، وسوف نرجع له.
وهو قولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد ."
أم تراك سترجع عن هذا الكلام ؟
يا أبا شعيب نحن نتحدث عن فعل يبطل جميع الأفعال ، فلماذا الحاجة للنظر لبقية الأفعال والتقيم على أساسها ؟ أليس الشرك الأكبر يحبط الأعمال كلها ؟ أليس باطل الشرك يلغي جميع أفعال الحق . ؟
وما الداعي للقول : " فإنه يُمكن أن يجتمع في الإنسان حق وباطل " .؟
فما دام ثبت عندنا وقوعه بالشرك الأكبر وأنه عبد غير الله فما الحاجة بعدها لتقيم باقي أفعاله .
مثال : اشترطنا في الامتحان ، أن يجاب إجابة صحية على السؤال الأول ، وإن لم تكون الإجابة صحيحة على السؤال الأول ستلغى الإجابات عن بقية الأسئلة ولا ينظر لها حتى ولو كانت صحيحة .
فعندما قيمنا جواب السؤال الأول ووجدنا الإجابة غير صحيحة فلماذا نقول : حتى يقيم الشخص لا بد أن ننظر لباقي الإجابات ؟
أليس هذا يعني أننا لم نفهم الشرط الذي وضِع بداية ؟ أو أننا لا نعترف به . ؟
أو أن لنا غاية نفسية لإنجاح هذا الطالب على حساب الشروط التي وضعت ؟
فما الحاجة للنظر لباقي أعمال من عبد غير الله للحكم عليه . أليس بعبادته غير الله ولو في مسألة واحدة يحبط عمله ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الم يقل سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم مع أن أعماله من خير الأعمال ألم يقل له : " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "

قولك : - أما قولك : ما يمنع من دخل التوحيد .. إلخ .
فجوابه : لا يمنعه إلا عجزه عن الترجيح بين الحق والباطل إن اجتمعا في شخص ما ، مع إقراره أن هذا الشخص مبطل بفعله الباطل ، محق بفعله الحق .

أقول : وهل بعد فعل الشرك الأكبر حق يبحث عنه ؟ وهل بقي بعد الشرك الأكبر حق وباطل لينظر في الترجيح بينهما وعلى أساس ذلك يحكم ؟
يا أبا شعيب أذكرك مرة أخرى أننا نتحدث عن الشرك الأكبر الذي يحبط جميع الأعمال . وليس عن أي عمل باطل .
قال تعالى : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا "

قولك - أما قولك : وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
بل يعرف ذلك في المسائل التي خالف فيها من لم يدخله .

أقول : طيب . إذن حسب قولك أنت ، يجب أن يعرف أن من لم يترك الشرك لم يدخل الإسلام .
ألم تشترط بمن يريد أن يدخل الإسلام أن يترك الشرك كحد أدنى لدخوله الإسلام وبدون ذلك لا يدخل الإسلام بداية ؟
فبناء على هذا الكلام يجب على الأقل أن لا يحكم بإسلام من لم يترك الشرك الأكبر . فإذا حكم بإسلام من لم يترك الشرك الأكبر ، فإنه لم يعرف لماذا اشترط عليه أن يترك الشرك الأكبر عند إرادة دخول الإسلام .
ولم يعرف أن الشرك الأكبر ينقض الإسلام ويبطله . فهل مثل هذا حقق دخول الإسلام ؟

قولك : - تقول : ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
نعم ، يعرف كل هذا في المسائل التي خالف فيها المخالف .
أقول : أليس المسائل التي خالفه فيها هي الشرك والتوحيد ؟
فإذا أحسن الحكم على نفسه بأنه مسلم موحد فإنه لا شك سيحسن الحكم على من خالفه بأنه ليس مسلماً ولا موحداً . ولا يحتاج لعلم زائد عن علمه كيف يدخل الإسلام . فإذا لم يحسن الحكم على مخالفه فإنه لا يدري على أي شيء هو . فكيف إذا حكم على مخالفه بالإسلام والتوحيد .؟


قولك : فيقول عن بعض التوحيد الذي عند المشرك : هذا من دين الله .. ويقول عن بعض الشرك الذي عنده : هذا من دين الشيطان .
أقول : يا رجل أيبقى توحيد بدخول الشرك ؟
ثم ومن منعه أن يقول عن بعض التوحيد الذي عند المشرك : هذا من دين الله ؟
ما يُمنع من قوله : هو أن يقول : هذا المشرك بما أنه عنده بعض التوحيد فهو موحد حتى ولو فعل الشرك الأكبر . لأن من يقول هذا الكلام لا يعرف التوحيد .
وأنت نفسك قلت : إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد
فمن دخل الإسلام وعرف التوحيد يعرف من أول لحظة : أن من عنده ذرة من الشرك الأكبر ليس موحداً بل مشركا . لأنه أمر بأن يترك جميع أنواع الشرك الأكبر حتى يَصِحُ دخوله الإسلام بداية .
ويعرف أيضا أن مع الشرك الأكبر لا ينفع أي عمل من أعمال الإسلام . فكل المشركين على وجه الأرض قاطبة عندهم أعمال من أعمال الإسلام .

قولك : وتبقى مسألة الترجيح .. هل فعله في دين الله شرك أكبر أم أصغر ؟ وإن كان أكبر ، هل يعذر الله مثل هذا في جهله لبعض التوحيد أم لا يعذر ؟ وهل هو من جنس طاعة الله في مسائل وطاعة الشيطان في أخرى ؟
هذه كلها مسائل تفتقر إلى النصوص الشرعية لبيانها وإيضاحها.

أقول : مسألة الترجيح بين أي شي وشي ؟
نحن نتحد عمن عبد غير الله . هل يبقى بعد هذا ترجيح بين عمل وعمل ؟
والله سبحانه يقول : " " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "
ويقول : " " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا "
نحن لا نتحدث يا أبا شعيب عن الشرك الأصغر أو المعاصي ، نحن نتحدث عن الشرك الأكبر الواضح الجلي الذي لا يختلف فيه اثنان موحدان . نحن نتحدث عن عبادة غير الله . نحن نتحدث عن اتخاذ أنداداً وآله مع الله . فما علاقة هذا بالشرك الأصغر وبالعذر بالجهل . وما علاقته بالمعاصي ؟
نحن نتحدث عن أحكام الدنيا . نتحدث عن حكم ووصف من عبد مع الله غيره واتخذ ألهة أخرى مع الله .
وأذكرك مرة أخرى بقولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد "
ثم هنا أسأل : من شاهد شخصاً ممن يدعي انتسابه للإسلام يعطي حق التحليل والتحريم لغير الله ، بأي مسائل سيبحث للترجيح ؟
وهل في ذلك شرك أصغر وأكبر ؟
وهل في مثل هذا عذر بالجهل أو التأويل ؟
وهل هذه المسألة يبحث فيها أنها من جنس المعاصي أم لا ؟

قولك : وباقي كلامك أجوبته في الأعلى ، إلا إن غفلت عن شيء فنبّهني عليه .
أقول نعم غفلت عن بعض الأسئلة وهي :
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد . ؟
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟

يتبع

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-11-2012, 11:51 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا جواب سريع ومختصر على استفسار أبي شامة
كلمة العبادة : كلمة عربية يعرفها أصحابها حق المعرفة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بلغتهم ونزل القرآن بلغتهم .
قال تعالى :" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "
وقال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا "
وقال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا "
وقال تعالى :" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ "
وقال تعالى : " وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ
وعندما كان يخاطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد كانوا يدركون ما يريده منهم أتم إدراك .وكان عندما يقرأ عليهم القرآن يفهمونه حق الفهم وهو الذي كان حجة عليهم .
قال تعالى :" إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ."
وقال تعالى : أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ . وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ . مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ "
مشركوا العرب كانوا يعرفون معنى العبادة وكانوا مدركين أنهم يعبدون آلهة مع الله لهذا لم ينكروا وصفهم بالمشركين بل ما كان يغيظهم وصفهم بالكفار . ودعوتهم لعبادة الله وحده .
قال تعالى عنهم : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى "
فهذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة أنهم كانوا يعرفون معنى العبادة ويقرون بعبادتهم آلهة مع الله .
فالثابت من كتاب الله أن القرآن نزل بلغتهم الذي يفهمونها ولو كان فيه كلمة واحدة غير عربية لاعترضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : " وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ "
وقال تعالى :" لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ "

قولك : عدي بن حاتم رضي الله عنه الذي كان عربي قح من قبيلة طيء التي تُعتبر من القبائل التي يُستدل بلهجتها على قواعد اللغة فما تكلمت به طيء خرج عن الشذوذ ومع كونه طائياً إلاَّ أنَّه لم يعرف أن طاعة الأحبار والرهبان " وهم علماء أهل الكتاب " في معصية الله تعتبر من العبادة لغير الله
أقول : نعم كان العرب يعرفون معنى كلمة العبادة وكلمة الإله ومعنى كلمة التوحيد من الناحية اللغوية بدون أن يشرحها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها من لغتهم وهم أسياد هذه اللغة . ولم يثبت أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد شرح لأحد منهم معنى العبادة إلا في حادثة واحدة وهي حادثة عدي بن حاتم رضي الله عنه . نعم ظاهر الحديث أن عدي بن حاتم رضي الله عنه كان لا يعرف أن طاعة الأحبار والرهبان في تحليل الحرام وتحريم الحلال عبادة لهم .ومع ذلك لم يعذر بجهله . ولا يعني هذا أن باقي العرب كانوا لا يعرفون ذلك . هذه واحدة .
والثانية : كون بعض أفرادهم قد لا يعرف بعض معاني بعض الألفاظ هذا لا يخرم الحقيقة الثابتة وهي أن القرآن نزل بلغتهم وأنهم كانوا يفهمون ما يخاطبون به ويطلب منهم . وأول ما كان يطلب منهم عبادة الله وحده لا شريك له .
وثالثاً : عدي بن حاتم رضي الله عنه لم يكن يجهل كل معاني العبادة . فما جهله هو هذه الصورة التي ذكرت في الحديث ، وقد يكون لها أسباباً جعلته يجهل أو يغفل عن هذه الصورة من معاني العبادة ، وهي كونه كان على دين النصارى .
فالنصارى لا يعتبرون هذه الصورة عبادة ، بعكس مشركي العرب فإنهم كانوا يقرون بعبادتهم لآلهة مع الله . فكون النصارى لا يعتبرون هذه الصورة من صور العبادة قد جعلت عدي بن حاتم يغفل عن هذا المعنى من أول وهلة ، فلما بينها له رسول الله أقر بها ولم يعترض بأن هذا المعنى غير موجود في لغة العرب .
وهذا يحدث في الناحية العملية كثير . فبعض الألفاظ لها معان لغوية ومعان شرعية تؤخذ من الدين . فقد يطغى المعنى الشرعي على المعنى اللغوي بحيث لا يخطر على البال عند لفظه إلا المعنى الشرعي . فمثلاً عندما يذكر لفظ صيام أول ما يفهم الناس من هذا اللفظ المعنى الشرعي له ولا يخطر على بالهم المعنى اللغوي إلا عند التذكير ، ولا يعني ذلك أن من يعرف اللغة العربية لا يعرف هذا المعني . وكذلك لفظ الحج والصلاة والزكاة . فالعربي عندما كان يسمع كلمة الصلاة أو الزكاة أو الصوم كان لا يخطر على باله إلا المعنى اللغوي لها . لهذا ربما أثر دين النصراني على عدي بن حاتم فأنساه بعض الأمور التي تدخل في معنى العبادة . وطغى المعنى الشرعي عند النصارى على المعنى اللغوي عنده . ففي شرع النصارى ذاك اليوم لا تعد هذه الصورة التي جهلها عدي بن حاتم من صور العبادة لغير الله .

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-06-2012, 11:39 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

اقتباس:
أقول : نعم نتفق على ما جاء بالحديث ، ولا أظننا نختلف في معنى المصطلح ، والخلاف في مفهوم أركان أصل الدين . والمشكلة تكمن في فهم الشرط الأول وهو : الكفر بالطاغوت . أو الكفر بما يعبد من دون الله .
فما معنى الكفر بالطاغوت ؟ وكيف يتحقق في أرض الواقع ؟
وما معنى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به . ؟
فبدون معرفة معنى الطاغوت وبدون معرفة كيفية الكفر به ، لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام . أو قل لا يتحقق الشرط الأول لتحقق أصل الدين .
وهذا هو الذي يجب أن نركز عليه في حوارنا بعد الآن .


بل أظننا نختلف أيضاً في الشطر الثاني من كلمة التوحيد ، وهو شطر الإثبات . لأنني أرى أن من يقول بوجوب تكفير المشركين حتى يحقق التوحيد ، فعليه قطعاً أن يرى بوجوب أسلمة الموحدين حتى يحقق التوحيد ، فهما مقترنان لا ينفكان ، ومن أسقط أحدهما من الاعتبار فقد وقع في تناقض .

والحوار سيشمل هذه الأمور كلها ، بإذن الله .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .


ما دمنا اتفقنا على معنى أصل الدين ، فلا يضيرنا أن نعرف أول من وضعه ، ولا الشروط التي وضعها لها .

اتفقنا أن أصل الدين (باصطلاحنا نحن) هو : الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام

فلا تدخلنا في متاهات وتشعبات تحرف الموضوع عن أصله .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : هل تحكم عليه بالإسلام ظاهراً مع معرفتك أنه نطق بها وهو لا يعرف معناها؟

إذا علمت أنه لا يعرف معناها حقاً ، فلن أحكم عليه بالإسلام .. بل هو كافر .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : أنت تقر هنا أنه إذا فعل ما ينقضها يصبح كافراً .
أليس من فعل الشرك الأكبر قد نقضها ؟ وأنت تحكم عليه بالكفر ولا تعذره بالجهل . فلماذا ما زلت تحكم على من لا يكفره بالإسلام ؟
هل من لا يكفره فهم أصل الدين كما فهمته أنت ؟
هل قولك :" أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر ." وجهة نظر لك ؟
أم اجتهاد منك لا تلزم غيرك به ؟
أم أنه مفهوم للشهادة لا يسع أحد أن يخالفه ؟


بلى ، من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .

أما من لا يكفّره فهو معذور بالتأويل أو الجهل ..

تقول لي الجهل بماذا ؟ .. أقول لك : الجهل بشروط وموانع التكفير أولاً ، وثانياً : الجهل بدلالة الفعل الشركي على الشرك ثانياً . (وسنتكلم في ذلك فيما بعد إن شاء الله) .

ثم أنا لا أرى أن تكفير المشرك من شروط الشهادتين ، ما دام المرء يرى أنه على باطل وضلال ، وعلى غير دين الإسلام بهذا الفعل الشركي .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : هنا تقول : لا يتحقق إسلامه حتى يفهم معناها ، وقبلها تقول : حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .
فهل تقصد لا يتحقق إسلامه في الباطن حتى يفهم معناها ولكن يتحقق إسلامه في الظاهر ويعامل معاملة المسلمين مع معرفتنا الأكيدة أنه قالها وهو لا يعرف معناها. ؟
وهل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أنت قلتَ : " ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها "
ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟
هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟


جواب أسئلتك الأولى هي فيما سبق من أجوبتي .

أما جواب سؤالك : ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟

هذا لا يخرج عن أمرين :

إما أنه لا يعرف كل معناها .. فيقولها وهو يعتقد ويقر بالآلهة من دون الله .. أو يكفر صراحة بدين الله .. ثم جاء هذا وحكم عليه بالإسلام بعد كل هذه الصراحة في الكفر ، فهذا كافر خارج من الإسلام ، لأنه ردّ النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف .

وإما أنه يدعي الإسلام ، ويعلم الكثير من معاني التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين ، فوقع في الشرك .. فجاء رجل وأبقاه على أصله (وهو الإسلام) .. وأعذره في الشرك بالجهل أو التأويل (والشرك هنا عارض) .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .

ثم في الحكم على من جهل التوحيد ، هو في حالين :

الأولى : أن يقول : هو في الظاهر مسلم ، في الباطن كافر ؛ فيحكم عليه بحكم المنافقين .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، ويبيّن له أن المنافق إن أظهر كفره فإنه يُحكم عليه بالكفر ظاهراً أيضاً .

الثانية : أن يكون مخالفة المشرك للتوحيد مخالفة جزئية لا كليّة . كأن يكون عنده الكثير من التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين (كالحكم أو التحاكم مثلاً) .. فأعذره صاحبنا بالجهل أو التأويل ، مع حكمه عليه بالإسلام لما معه من كثير من جوانب التوحيد .

ومثل ذلك وقع للعلماء في أمر الذي أوصى أهله أن يحرّقوه ، وظن أن الله - تعالى - لا يقدر عليه إن هو فعل ذلك .

فقد أعذره طائفة من العلماء بالجهل ، وعلى رأسهم ابن تيمية - رحمه الله - ، في حين لم يسغ لغيره إعذاره بالجهل ، كابن الجوزي وابن حجر .

وكان تعليل ابن تيمية - رحمه الله - في الحكم عليه بالإسلام هو المسائل الجزئية والمسائل الكلية .

قال : ( َهَذَا الرَّجُلُ كَانَ قَدْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ وَالْجَهْلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى إعَادَةِ ابْنِ آدَمَ بَعْدَمَا أُحْرِقَ وَذُرِيَ ، وَعَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْمَيِّتَ وَيَحْشُرُهُ إذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ . وَهَذَانِ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ : أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا الْمَيِّتَ وَيَجْزِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِ . وَمَعَ هَذَا ؛ فَلَمَّا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَمُؤْمِنًا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي الْجُمْلَةِ : وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ وَيُعَاقِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَقَدْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا - وَهُوَ خَوْفُهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ - ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ) .

وكذلك قوله عن عائشة - رضي الله عنها - : ( فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ؛ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ )

بغض النظر عن صحة تأويل ابن تيمية - رحمه الله - للحديث من بطلانه ، لكن الشاهد فيه أنه كان يرى الجهل ببعض قدرة الله ، والجهل ببعض علم الله ، لا يُخرج من الإسلام إن كان صاحبه جاهلاً .

فإن جاء رجل وقال مثل قول ابن تيمية - رحمه الله - في من وقع ببعض الشرك الأكبر .. فأنا لا أكفره ، ولا أراه يكفر حتى تُفصل له الحجة ويفهمها ، ثم يعاند ويكابر .

---------------------

أما قولك : هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟

لو أنه عرف الحق من التوحيد واتبعه ، وعرف الباطل من الشرك واجتنبه ، فقد حقق التوحيد ، وإن أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك .

فما دام عبد الله وحده ، واجتنب الشرك : فقد حقق توحيد الله - عز وجل - ، وهذا ما دلت عليه نصوص الشريعة الواضحة البيّنة ، مع أقوال العلماء من السلف الصالحين .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : لقد ذكرت لك سبب سؤالي وأكرره هنا .
أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .


المصطلح ليس حصراً على صاحبه ، بل هو قائم بما اصطلح عليه مستعمله .

أنا أستعمل مصطلح أصل الدين لبيان الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام . وأرجو أن نكتفي بذلك ، وحسبنا ما تكلمنا به في هذا الشأن .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : إذن أنت تقر أن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئاً ، هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله ..
وتحكم على من أشرك بالله أنه مشرك غير مسلم .
فهل إقرارك وحكمك هذا هو من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد الذي يجب أن يُفهم منها ، وأن من لا يفهمها هكذا كما فهمته أنت هنا لا يفهم هذه الكلمة ؟


نعم ، هو من المعاني الكثيرة التي تُفهم من كلمة التوحيد .. أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم .

وكذلك يُفهم منها أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ، كما قال الله : { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران : 32]

وكقوله : { إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً } [الجن : 23]

وكقوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب : 36]

ويفهم منها أيضاً أن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر .. قال تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الأعراف : 28]

ويفهم منها أيضاً أن الله يأمر بالعدل والإحسان .. قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل : 90]

ويفهم منها أنه لا تحاكم إلا لله .. قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [النساء : 65]

وأنه لا حكم إلا حكم الله .. قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [يوسف : 40]

وما إلى ذلك ..

-----------------------------

أما قولك : وأن من لا يفهمها هكذا كما فهمته أنت هنا لا يفهم هذه الكلمة ؟

من فهم عموم المسألة وقال : إن من أشرك بالله فهو كافر .. فقد اكتفى ، ويبقى عندئذ إنزال هذا الحكم على الواقع .

فمن أخطأ وقال : إن من فعل الشرك هو مشرك بفعله وفي فعله ، لكن يلزم أولاً قيام الحجة عليه حتى نخرجه من الإسلام .. فأخطأ في قياس الشرك على الكفر ، وغفل عن بعض المعاني المتعلقة بالمسألة ، وقصر فهمه عن تصور المسألة جيداً .. فهذا لا يكفر ولا يأثم حتى تقام عليه الحجة وتبيّن له .

أو قال : هو مشرك بفعله .. موحد بباقي ما عنده من توحيد .. ثم أخطأ في الترجيح فيما يغلب على الفاعل من حكم ، لاعتباره الجهل عذراً يمنع من ترجيح الشرك على التوحيد ، بسبب قياسه الفاسد للشرك على الكفر .. خاصة إن كان الشرك طارئاً على التوحيد عند المنتسب لللإسلام وليس أصلاً ، فهذا أيضاً لا يكفر .

نعم ، الرجل متناقض لخلله في ضبط المسألة .. ولكنه حقق أدنى المطلوب منه في فهم معنى كلمة التوحيد .

أما من قال : من أشرك بالله فهو مسلم .. هكذا كحكم عام ، فهذا كافر ، ولم يفهم حقيقة التوحيد . وهذه الكلمة فيها مساواة بين الشرك والإسلام .. كيف ؟

لأن هذه العبارة إنما حكمت بالإسلام على المرء لفعله الشرك .. فصار الشرك مستلزماً للإسلام عند قائلها ، فبذلك يكون كافراً .

وكذلك يجب التفريق بين أصل المعنى ، وما يتفرع عن هذا الأصل من معاني .

ولا ريب أن أصل المعنى هنا هو : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً .. وما يتفرع عن هذا الأصل من معاني قد ذكرت بعضها في الأعلى .

فأما من خالف في أصل هذه المعاني المنبثقة من الأصل ، كأن يقول : من يشرك بالله في عبادته فهو موحد .. أو يقول : من يعصي الله فهو مطيع .. فهذا لا شك في كفره وردته عن الدين .

وهذه المعاني المنبثقة تسمى : اللوازم .

وعند الأصوليين فإن انتفاء اللازم يفضي إلى انتفاء الملزوم .

أما من خالف في جزء من اللازم ، مع بقاء أصله عنده .. وهو قوله : إن المشرك بالله كافر .. فهذا يُمكن إعذاره بالجهل أو التأويل .

وأنت تعلم يقيناً أن المخالف في جزئيات الأحكام الأصولية يُمكن أن يُعتذر له بالتأويل أو الجهل ، كما وقع ممن استحل الخمر بالشام متأولين لبعض آيات القرآن ، مع إقرارهم بأصل المسألة وهي أن الخمر حرام .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : حكمك هذا هل فهمته من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد ؟

نعم ، كما فهمت المعاني الأخرى المنبثقة عن أصل معنى كلمة التوحيد ، وقد بيّنت ذلك في الأعلى .

وهذا الفهم الشامل تحقق عندي بالنظر إلى أدلة القرآن والسنة ، ومعرفتي بأن فعله هذا سماه الله شركاً أكبر ، فعندها علمت أنه لم يحقق أصل كلمة التوحيد ، وأنه جاهل بأصل معناها .. فلذلك أخرجته من الإسلام

-----------------------------

اقتباس:
أقول : أسألك هنا :
هل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أو هل يعرف معناها من عبد غير الله معه معتقداً أن هذا مشروع في دين الإسلام ؟
لا شك أنك ستجيب بلا .
فأسألك : وهل جوابك " بلا " كان نتيجة فهمك لأصل الدين وهو من معناه أم من خارج أصل الدين ؟
يعني هل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من لم يفهم معنى الشهادة لا يملك اعتقادها؟
وهل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من تلفظ بالشهادة بدون معرفة معناها لا يدخل الإسلام ؟
وهل الذي يعتقد أن مجرد التلفظ بالشهادة بدون أن يعرف معناها تدخله الدين الإسلامي ، فتلفظ بها بدون معرفة معناها يدخل الدين ؟
وهل الذي يقول يكفي لدخول الإسلام ظاهراً مجرد التلفظ بكلمة الشهادة حتى ولو لم يعرف معناها يفهم كيفية دخول الدين ؟


نعم ، هو نتيجة فهمي لأصل الدين وما يترتب عليه من أحكام ، مدّعماً بأدلة الشرع من الكتاب والسنة .

ونعم ، من يفهم أصل الدين يعلم أن من جهل معنى الشهادة فهو غير محقق لها ، وهذا من لازم فهم أصل الدين .

ومن تلفظ بالشهادة دون أن يعلم معناها ، فهو كافر ولا يدخل بذلك الإسلام .

أما من يقول يكفي لدخول الإسلام ظاهراً مجرد التلفظ بكلمة الشهادة ، فيكون حال صاحبه كالمنافقين ، يُحكم عليهم بالإسلام ظاهراً ، ويعامل معاملة المسلمين .. فكلامه صحيح لا غبار عليه .

ولعلك تعني : من يقول : يكفي لتحقيق الإيمان التلفظ بالشهادتين وإن جهل معناها ، بحيث يكون عند الله موحداً مؤمناً ، وهو لا يعلم من الله فضلاً عن التوحيد .. فقائل هذا من أكفر خلق الله .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : ماذا تقصد من قولك "إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله" ؟
وإن لم يتحقق عنده أن الفعل شرك أكبر وكان شرك أكبر ، هل يعذر بجهله لأنه لم يكفر فاعله ؟
مثلاً : لم يعرف أن إعطاء حق التشريع لغير الله شرك ، أو لم يعرف أن إعطاء حق التحريم والتحليل لغير الله شرك ، فلم يكفر من أعطى هذا الحق لغير الله هل نعتبر هذا الشخص مسلماً حقق أصل الدين وفهم كيف يدخل العبد الإسلام ؟
وحتى يدخل العبد الإسلام ما هي الأفعال التي يجب أن تتحقق عنده أنها من الشرك الأكبر ؟ وخصوصاً ونحن نشترط عليه ترك الشرك ؟
فقد يسألنا ما هو الشرك الذي يجب أن أتركه لأدخل دين الله فماذا سنجيبه ؟
يعني إن لم يعرف أن التحاكم لغير شريعة الله شرك بالله وفعله أو لم يكفر فاعله بل حكم عليه بالتوحيد فما هو حكمه ؟
أو إن أعتقد أن الحلف على كتاب الله للإخلاص للطاغوت إذا كان بنية خدمة الإسلام والمسلمين جائز في شرع الله وليس شركاً وفعله أو لم يكفر من فعله فما حكمه ؟
أو إن اعتقد أن التشريع مع الله أو دونه جائز في شرع الله وليس شركاً ، وفعله . أو لم يكفر فاعله ، فما حكمه ؟


إن لم يتحقق عنده أنه شرك أكبر بسبب جهله ، فهو معذور بالجهل ، بشرط أن يعتقد أن هذا الشرك باطل وحرام ولا يرضاه الله .

إذا لم يعرف أن إعطاء حق التشريع لغير الله هو شرك أكبر .. ولكنه معتقد أنه باطل وحرام ، ومن الاعتداء على حقوق الله ، ويعلم أن الله له وحده حق التشريع ، فهذا لا يكفر حتى يُعرّف وتقام عليه الحجة ويفهمها .

حتى يدخل العبد الإسلام ، يكفيه أن يعتقد أن الشرك باطل ولا يجوز فعله ولا يرضاه الله ، فيتركه وينبذه ، ويبغض من فعله بسبب أنه يفعله .

أما تسمية الأفعال بالشرك الأكبر أو الشرك الأصغر ، فهذه يعوزها الدليل الشرعي ، وليست هي موكلة للعقل .

أما سؤاله لنا عن كنه الشرك الذي يجب أن يتركه ليدخل الإسلام ، فهو كل عبادة ليست لله .. يجب تركها واعتقاد بطلانها .

وإن لم يعرف أن التحاكم لغير شريعة الله شرك ، ولكنه يعتقد بطلانه وحرمته .. فهو مسلم مخطئ .

وإن حكم على فاعله بالتوحيد مع اعتقاده بطلان فعله الشركي .. فهو مسلم مخطئ .

وإن اعتقد أن الحلف على كتاب الله للإخلاص للطاغوت ليس كفراً .. بل باطل .. فهذا يكفيه إن كان جاهلاً .

وإن اعتقد جواز التشريع مع الله ، فهو كافر .. أما إن اعتقد أن فاعله مبطل ، وعلى سخط من الله ، وفعله حرام .. فهو مسلم مخطئ .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : فما حكم من يقول إنني أعلم أن هذا الفعل الشرك الأكبر ولكن لا أكفر فاعله لأنه ربما يكون جاهلاً أو متأولاًٍ . وسأبقى أحكم عليه بالإسلام والتوحيد مهما فعل من شرك أكبر ما دام ينتسب للإسلام ، حتى وإن أقمت عليه الحجة فما دام لم يفهمها فهو معذور عند الله وعندي ويبقى حكمه مسلماً ما دام ينتمي للإسلام ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر ولكن لا أكفره كشخص وإنما أكفر الفعل . أما الشخص فما دام ينتسب للإسلام لا أكفره ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر وأكفره في حال فعله للشرك ولا أحكم عليه بالتوحيد ما دام متلبساً بالفعل ويعمله ، أما بعد أن ينتهي من فعله للشرك أحكم عليه حسب الأصل بالإسلام والتوحيد ؟ يعني وهو يسجد للصنم أكفره وعندما يفرغ من سجوده للصنم يرجع لأصله مسلماً موحداً ؟
وما حكم من يقول : ما دام هو عضو في البرلمانات الشركية أكفره وعندما تنتهي مدة عضويته ويخرج من البرلمان يرجع مسلماً كما كان قبل دخوله للبرلمان ؟


إن كان عنده مجرد الانتساب للإسلام مانعاً من التكفير ، فهو كافر .

أما من يعذر فاعل الشرك الأكبر بالجهل .. مع اعتقاده أن فعله باطل وشرك ، ويسميه مشركاً في فعله ، وموحداً بباقي أفعاله .. ثم أخطأ في الترجيح لاعتبار الجهل عذراً ، قياساً للشرك على الكفر ، فهذا مخطئ متأول ، لا يحل تكفيره .

أما خطؤه في معنى إقامة الحجة ، وظنه أن إقامة الحجة تعني فهم الحجة ، فهذا خطأ لا يحل تكفيره به .

إن لم يكفّر الفاعل لجهله بشروط التكفير وموانعه ، فيقول : الفعل كفر وشرك ، ولكنني لا أعلم شروط التكفير وموانعه ، وهذا لا يعلمه إلا العلماء ، فامتنع عن تكفير المشرك ، فهو معذور .

أما سؤالك الأخير .. فالظاهر أن من يحكم عليه بالإسلام عنده خطأ في التصور .. فهو - وإن كان حكمه باطلاً - لعله غابت عن باله بعض الاعتبارات فحكم بما ظهر له من اعتبارات أخرى ، فأخطأ .. فهذا لا يحل تكفيره حتى تقام عليه الحجة ويفهمها ثم يعاند ويستكبر .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : ما حكم من لا يُكفر من يقول : فلان بفعله للزنا وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع ؟
وما حكم من يقول : أن دخول البرلمانات الشركية واجب شرعاً وجهاد في سبيل الله وانتخاب مشرعين لها مخلصين لأوطانهم مستحب وواجب شرعاً ، وهو الطريق الوحيد لإقامة شرع الله في الأرض . ؟
أليس هذا القول أعظم من القول بأن فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله صالح ورع ؟


إن كان يرى قوله باطلاً وحراماً لجهله .. فهو لا يكفر حتى تقام عليه الحجة .

أما فتوى البرلمان ، فهي بلا ريب كفر ، إلا أن قائلها لا يكفر حتى يعلم واقع البرلمان وواقع الشرك فيه ، ثم يقر بكل ذلك دون جهل معتبر ، عندها هو كافر .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : هل حكمك هذا مبني على فهمك لأصل الدين أم فقط على ما قدمته من أدلة ؟

فهمي للمعاني المترتبة على أصل الدين ، إن صح التعبير ، وهو مدعوم بالأدلة الشرعية التي تبيّن ذلك .

-----------------------------

اقتباس:
ما قلته أنت هنا فقط ينطبق على بعض أحبار اليهود . أما عوام اليهود والنصارى فكانوا لا يعرفون معنى العبادة ولا معنى الشرك ، وليس كل كفرهم كان جحوداً للحق ، ولم يكونوا كلهم يجادلون في الباطل للتلبيس على الناس . وليس كل اليهود عرفوا الحق وكفروا به .
والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أكثرهم لا يعرفون أن هذا الفعل شرك ، ولو سألتهم : أنت بعملك هذا اتخذت الأحبار أو الرهبان أرباباً من دون الله لقال لك لا نحن لم نعبدهم . وهذا ما حدث مع عدي بن حاتم عندما سمع أية " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله .. "
ولو طلبوا منهم أن يصلوا لهم أو يسجدوا لهم لرموهم بالنعال . وهذا حال أكثر من ينتسب للإسلام اليوم ، لو طلب منهم الحكام الذين يطيعونهم في التحليل والتحريم أن يصلوا لهم أو يصوموا لهم لقاموا ضدهم ولم يترددوا في تكفيرهم .
هذا ومن يعرف حال اليهود والنصارى اليوم عن قرب يعرف أن معظمهم جهلة توحيد ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً كما هو الحال في كثير ممن ينتسب للإسلام .


سنتكلم عن مفهوم العبادة قريباً إن شاء الله ، ثم نرى إن كانوا حقاً يجهلون معنى العبادة أم لا .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : ألا يدل ذلك أنهم لا يعرفون معنى العبادة لغة ولا شرعاً . ولا يعرفون الشرك بجميع أنواعه وأشكاله ، وكل ما يعرفونه بعض أنواع الشرك التي لا تضر حكام اليوم . ثم هم لم يريدوا أن يجمعوا بين المتناقضات بل إنهم يعتقدون أنها حقائق وليس متناقضات حتى لو لم يفهموها .
وينطبق عليهم وعلى أمثالهم من المنتسبون للإسلام قوله تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "
ثم ها أنت نفسك هنا تقر أنهم لا يعرفون حقيقة معنى العبادة لغة .
ألم تقل :" فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل" .
أنت هنا تقر أنهم لا يعلمون حقيقة معنى العبادة لغة . وقلتَ سابقاً : "نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك "
أيهما نعتمد من كلامك ؟ ألا يوجد تناقض هنا ؟


لا يوجد تناقض البتة في كلامي .. وسبب وهمك في ذلك - كما يظهر لي - أنك لا تضبط معنى العبادة وفق المعاني التي أضبطها أنا ، فأنا ما زلت عند قوليّ الاثنين ، ولا أرى فيهما تناقضاً .. وسيبين ذلك عند حورانا في معنى العبادة ، إن شاء الله .

-----------------------------

اقتباس:
أقول : مشركي العرب كانوا يعرفون معنى العبادة ويعرفون أنهم يشركون بالله ويعترفون بذلك . ويعرفون معنى الإله لأنها من لغتهم وهم أساتذة اللغة .
ويعرفون أنهم يعبدون مع الله ألهة أخرى ، ولكنهم يظنون أن هذا لا يخالف دين إبراهيم عليه السلام بل كانوا يعتقدون أنه دين إبراهيم . أمَّا أهل الكتاب فأكثرهم كان لا يعرف العبادة ولا جميع أنواع الشرك ويظن نفسه على التوحيد وأنه مسلم في دين الله . ووفد نجران لدليل واضح على هذا . الم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم للإسلام والتوحيد : " لقدأسلمنا قبلك " مع أنهم كانوا على الشرك .؟


مشركو العرب كانوا يعلمون معنى العبادة جيداً ، في حين إن يهود العرب ونصاراهم لم يكونوا يعلمون معنى العبادة !! .. يعني ذلك أن المشركين كانوا عرباً وهؤلاء لم يكونوا كذلك ؟؟

طيب ، عندما قال الله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران : 64]

فهل كان يتكلم مع أناس لا يعلمون معنى العبادة لغة ؟؟ .. فإن قلت نعم ، فأنت تنسب الله تعالى إلى السفه ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

فإما أنهم كانوا يعلمون أنهم مشركون بأفعالهم ، فيصح خطابهم بهذه الآية ، أو لم يكونوا يعلمون ، ويظنون أنهم موحدون .. فلا يصح خطابهم بهذه الآية .

========================
========================
========================

على أية حال .. لم أشأ أن أدع سؤالاً واحداً من أسئلتك دون جواب ، حتى لا يتهمني البعض بالتهرب والتملص ، مع أنني أرى أننا انحرفنا كثيراً بهذه الأسئلة عن أصل الموضوع المطروح ، والذي كان يجب أن يكون نقاشاً مبنياً على أدلة القرآن والسنة ، وليس : أنت تسأل وأنا أجيب .

فما شأن البرلمان والحكم والتحاكم والتصورات وما إلى ذلك في مسألتنا هذه التي نحاورها ؟؟ لماذا كل هذه التفريعات والتشعيبات ، والموضوع أساساً لا يتحمل كل ذلك .

لذلك ، بصفتي موجهاً للحوار ، أرجو أن نرجئ هذه المسائل إلى ما بعد التأصيل الشرعي . فدعنا أولاً نتكلم بالعمومات المختصرات ، ونذكر الأدلة على ذلك من القرآن والسنة ، ثم التفريعات لها مقامها .

وكان داعيّ لجواب أسئلتك هو ادعاؤك أنك تسألني حتى تقف على حقيقة مذهبي ، فصبرت على ذلك ، وأظنني بيّنته بياناً وافياً ، والحمد لله .. وسأكتب بياناً مختصراً لمذهبي في ما تأخذه عليّ في هذه المسألة ، وأوضح رأيي فيها ، إن شاء الله .

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 07-06-2012, 11:40 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

هذا مختصر لما أدين لله تعالى به في المسائل التي سألني عنها الأخ مسلم1 في مشاركة رقم #12 .

فأقول مستعيناً بالله :

في مسألة الجهل بحقيقة لا إله إلا الله ، يجب أن يُعلم أنه كل من خالف مدلول ومقتضى هذه الكلمة فهو عنده جهل بحقيقة لا إله إلا الله .

من زنى أو رابى أو قتل أو سرق .. فإن عنده جهل ببعض جوانب لا إله إلا الله ، تجعله يفسق وينقص إيمانه .

ومن ترك الصلاة عمداً ، كسلاً منه ، مع العلم بوجوبها ؛ أو الزكاة عمداً ، بخلاً بماله ، مع العلم بوجوبها ؛ أو لبس الصليب مختاراً مع علمه بكنه الصليب ، أو قال القرآن مخلوق ، وغير ذلك من المكفرات ، فإنه يجهل حقيقة وأصل لا إله إلا الله .

فالعلم بـ " لا إله إلا الله " ليس قطعة واحدة كما يقول الخوارج .. بل هناك علم شامل ، ولا يحوزه إلا العلماء الربانيون الذين قال الله فيهم : { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران : 18]

وقال أيضاً : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [فاطر : 28]

فهل يُمكن لمن يعلم يقيناً أن الله يراه ، ويعلم مدى عظمة الله تعالى وجلالته وشديد بطشه وأليم عذابه ، هل يمكن لمن تحقق عنده هذا العلم تحققاً صحيحاً أن يزني أو يسرق أو يقترف أيّاً من المعاصي ؟؟

ومثل ذلك يُقال في الانقياد لأمر الله تعالى ، والذي هو شرط من شروط شهادة التوحيد .

================

في مسألة الجهل بكفر المشرك ، يجب أن يُعلم أن تحديد وصف الفعل بأنه شرك أكبر أو شرك أصغر ، أو كفر أكبر أو أصغر ، هذا راجع إلى الأدلة الشرعية ، لا إلى العقل .

لا يُمكن أن يأتي أحد باستحسانه وفهمه المجرد لكلمة التوحيد فيقول : هذا شرك أكبر .. أو هذا شرك أصغر ؛ أو هذا كفر أكبر أو هذا كفر أصغر ، بل ما يحدد ذلك هو الدليل الشرعي لا غير .

وغاية ما للعقل المجرّد من حكم في هذه المسائل هو معرفة الحق من الباطل . فأعلم أن هذا فعل لا يرضاه الله ، وهو مخالف لكلمة التوحيد ، فأجتنبه .. وأسمي أهله : مبطلين .

وأعلم أن الفعل الآخر مما يرضاه الله ، وهو مما تتضمنه كلمة التوحيد ، فأتبعه ، وأسمي أهله : محقين .

أما تفصيل ذلك ، فهو عائد إلى الأدلة الشرعية تفصل فيه وتحدد درجة هذا الحق أو درجة هذا الباطل .

ومن أبى ذلك : لزمه تكفير كل من خالف في الحكم بدلالة الأفعال .. فمن قال عن فعل إنه شرك أكبر يلزمه تكفير من قال إنه شرك أصغر بحجة أنه لا يعلم حقيقة التوحيد ، وهذا في جميع الأفعال .. وما أفضح تناقض من يجعل هذا في مسائل الإجماع دون مسائل الخلاف ، بعدما قرر بنفسه من قبل أن العقل هو ما يحدد كنه الشرك الأكبر من الأصغر .

ومن يرى أن فعلاً ما هو كفر أكبر (كترك الصلاة) ، يلزمه تكفير من لا يراه كفراً أكبر ، بحجة أنه لا يعلم حقيقة التوحيد ، ولا يعلم أن الانقياد شرط من شروط التوحيد ، بل أعظم شروطه .

================

في مسألة إعذار المشرك بالجهل ، يجب أن يُعلم أن الأعذار الشرعية إنما تثبت بالدليل الشرعي ، وليس للعقل مدخل فيه .

ولو كان للعقل مدخل ، لكان الإكراه أولى الأدلة بالإسقاط وعدم الاعتبار ، لأنه إيثار للنفس وسلامتها على دين الله (هكذا يفهمها العقل) .

ولو كان العقل يقرر الإكراه ، لكان الإكراه عذراً في جميع الأمم السالفة ، ولم يكن هو مما اختص الله به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

ولو كان كذلك ، لما جهله عمار بن ياسر - رضي الله عنه - عندما ظنّ أنه كفر بالله وهو تحت الإكراه .

وأخيراً ، لو كان كذلك ، لما صحّ تأثيم المكره على قتل النفس المحرمة . وهذا التأثيم هو بإجماع الأمة ، لم يخالف فيه أحد .

فمن جعل الجهل عذراً في مثل هذه المسائل ، قياساً له على الكفر الأكبر ، أو اتباعاً لبعض عمومات الأدلة التي لم يحسن فهمها جيداً ، مع اعتقاده أن هذا الفعل شرك وكفر ومناقض لكلمة التوحيد ، فهذا لا يمكن تكفيره بحال ، بل إن من فعل ذلك فقد جازف بدينه .

فإن قالوا : الجهل لا يمكن إقراره بالعقل .. قلت : وكذلك الإكراه .

================

في مسألة تصور المسائل ، قال العلماء : الحكم على الشيء فرع عن تصوره .. فلا ريب عندئذ أن من أخطأ في تصور مسألة ما ، ولم تجتمع عنده جميع جوانبها ، أو أخطأ في ضبطها وفق أدلة الشرع ، لا ريب أن مثل هذا يخطئ الحكم .

فكون الشافعية لا يكفرون لابس الصليب ، في حين إنه شرك أكبر ، وحيث يكفره جمهور العلماء ، لا يدفعنا ذلك إلى تكفيرهم بسبب خطئهم في تصور المسألة مما نجم عنه الخطأ في الحكم .


---

أما باقي مشاركات الأخ مسلم1 ، فسآتي عليها قريباً ، إن شاء الله تعالى .

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 07-06-2012, 11:41 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبو شامة :
أرى نفسي مُجبر على المشاركة مــرة أخرى رغـــم أنني قـــد قلت عــــن مشاركتي السابقة أنها الأولــى والاخيرة ، ولكن ما الحيلة والأمر يحتاج إلى توضيح .
فأقول وبالله التوفيق :
يقول الأخ المحاور ( مسلم 1 ) : ( ... أما مسألة موالاة الكافر : فهناك موالاة مكفرة وموالاة حرام
وموالاة جائزة وقد فصلها العلماء مع أدلتها . ومنهم من فرق بين التولي والمولاة فعد الأولى كفراً لأنها تناقض البراءة منهم ولم يعد الثانية كفراً لأنها لا تنافي البراءة منهم ) إهـــ
أقـول : من المقرر ان موالاة الكفار لم تكن في يوم من الأيام جائزة أبداً ولم يقل أحد أن موالاة الكفار قد يكون جائزة إلا أصحاب المدرسة العصرية المنحرفة وكان أول من قال بذلك هو الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ( العلاقات الدولية ) واستدل على هذا القول العجيب بالآية الكريمة : (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ... الآية في سورة الممتحنة ) ) .. وهذا الإستدلال باطل لأن البر والقسط لا يعني الموالاة بل يعني : العدل والإحسان إلى الغير بأي نوع من أنواع الإحسان .
وقد قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في تفسير هذه الآية : (
وهذه الآية رخصة في صلة الذين لم ينصبوا الحرب للمسلمين وجواز برهم وإن كانت الموالاة منقطعة منهم .. وأن تبروهم وتقسطوا إليهم أي تعاملوهم بالعدل فيما بينكم وبينهم ) إهــ
فالبر والإحسان بالصلة والصدقة والضيافة لا يلزم منها المحبة ولا المودة في جميع الأحوال .. فالكافر يجب بغضه على كل حال وليس موالاته أو محبته ، والله سبحانه وتعالى نهى عن موالاة أقرب الأقربين مثل الأب والأم والأبن والأخ إن استحبوا الكفر على الإيمان فليس بينهم وبين المؤمنين موالاة أبداً ولا تجوز موالاتهم في أي حال وكل وقت .
ولذلك الإمام البخاري رحمه الله قد بوب في صحيحه ( باب صلة الوالد المشرك ) ، ( باب صلة الأخ المشرك ) ولم يقول ( باب موالاة كذا وكذا ) لأن الموالاة منقطعة مع الكفار في كل حال . ولعلك تراجع في هذا الصدد كتاب ( أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية ) للشيخ علي العلياني .
هذه ملاحظتي على كلام الأخ المحاور ( مسلم 1 ) .
------------------------------------------
أما الأخ المحاور ( أبو شعيب )
فقـد لاحظت أنه أكثر من استعمال كلمة ( قياس الشرك على الكفر ) وهو وإن كان يقصد من ذلك بيان أمرهام للمخالف إلا إني أقول أن هذا قاعدة ( التفريق في باب العذر بين الشرك والكفر ) هي قاعدة خاطئة ليست منضبطة لأن هناك من أفعال الكفر التي تنقص أصل الدين مثل ( الإستهزاء أو سب الله ورسوله ومظاهرة المشركين و نفي علو الله وغيرها ) ولا يعذر فيها بالجهل ، ولكن يبدو أن الأخ أبو شعيب قد جرى في هذا الأمر على كلام أئمة الدعوة النجدية الذين وضعوا مثل هذه القواعد غير منضبطة في مصنفاتهم ، ثم أساء من جاء بعدهم استعمالها وصاروا يتعصبون لأقوال أئمة الدعوة النجدية وكأنهم معصومون من الخطأ مع أننا لو نظرنا إلى أحوال من هم أقدم أعلى كعب من أئمة الدعوة النجدية في العلم لأريناهم قد أخطأوا أخطاء جسيمة في باب ( الأسماء والاحكام ومسمى الكفر والإيمان ) ويكفي أن يرجع المنصف إلى موسوعة ( المعيار المعرب التي هي بمثابة موسوعة الدرر السنية ) حيث أحتوت على أقوال الفقهاء المالكية المغاربة على أختلاف أزمانهم ليرى بأم عينيه الاخطاء الخسيمة في هذه الأبواب بين إفراط أو تفريط ، فكيف بمن جاء بعدهم مثل أئمة الدعوة أو غيرهم .. والله المستعان .

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 07-06-2012, 11:41 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبو شعيب :

بارك الله فيك أخي .

عندما ذكرت كلمة "الكفر" فإنني عنيت بها : الجحود ، وهو ما لا يكفر صاحبه حتى تقام عليه الحجة . ولعلّ هذا بان من خلال السياق .

أما ما كان كفره في غير جحود ، كالاستهزاء بالدين أو موالاة الكافرين ، فلا إقامة للحجة فيه .

هذا ، والله أعلم .

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 07-06-2012, 11:41 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
ما قلته يا أبا شامه غير صحيح ولولا عدم رغبتي في تشتيت الحوار لأجبتك على ما قلته بالتفصيل .
لهذا اطلب من الإدارة أن تجعل الحوار بيني وبين ابي شعيب فقط حتى لا يتشعب الموضوع , ومن له أي تعليقات وأستفسارات على ما قيل فبعد أن ينتهي الحوار يفتح حوار آخر حول هذه المواضيع .

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 07-06-2012, 11:42 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
أبو شامة هذا هدفه من مداخلاته تشتيت الموضوع . والدليل على ذلك :
أن شيخه ابو شعيب عندما قال : " فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم ."
لم يعترض . وعندما ذكرت أنا هذا المعنى بسياق كلامي أعترض : قائلا أنها ستكون المداخلة الأولى والأخيرة فلما أجبته عنها بجواب لم يستطع الرد عليه ، أنتقل لمسألة أخرى غير أساسية في الموضوع لتشتيت الموضوع أيضا . جازاه الله بما يستحق .
واذكر في هذا السياق ما جاء في رسالة الحيدة والاعتذار لعبد العزيز الكناني مع المريسي
قال عبد العزيز الكناني: وكان خلف ظهري وأنا في مجلس أمير المؤمنين المأمون أناظر بشرا المريسي على ما سأذكره في هذا الكتاب رجل ممن يعرف بالكلام والنظر، فجعل كلما سكت بشر وانقطع يحرضه على الكلام، وإذا أردت أنا أن أتكلم لا يزال يهذي خلفي ويقرب رأسه من أذني ليسمعني ويدهشني ويقطعني بذلك عن حجتي، فشكوت إلى أمير المؤمنين ذلك فصاح به وباعده عني، فلما قلت لبشر: ما من شيء كان أو هو كائن مما يحتاج الناس إلى معرفته وعلمه إلا وقد ذكره الله عز وجل في كتابه عقله من عقله، وجهله من جهله، فإذا ذلك الرجل يضرب يده على فخذه ويقول: يا سبحان الله تزعم أن كل ما هو كائن مما يحتاج إليه قد ذكره الله ما أعظم هذا وكيف يعلم ما هو كائن فيذكره؟
قال عبد العزيز: فالتفت إليه فقلت له أنت جهمي قدري أيضا وأنت تهذي دائما

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 07-06-2012, 11:42 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشامة :
أنا قلت للإدارة أنه سوف أتوقف عن المشاركة حتى لا تجد ذريعة تتهرب بسببها من إكمال المناظرة مع الاخ أبو شعيب .. فلا تهرب من أكمال المناظرة .. أما على تعليق على مشاركتي الاولى فأنا أعرضت قصداً على تعليقك على كلامي السابق لأن الاخ أبو شعيب نقض كلامك في أخر مشاركة له فليتك تفهم ..
أما المشاركتي الثانية فكانت أعتراض عليك وعلى أبو شعيب فلا أعرف كيف خطر على بالك أنني أقصدك عمـداً !!!
على كل حال أنا أعتذر لك على المشاركة التي حصلت من شخصي ولن أكررها ورة أخرى .. وأكمل حوارك مع الأخ أبو شعيب هدانا الله وإياكم إلى كلمة سواء .

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 07-06-2012, 11:43 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

الحقائق (الإدارة):
اقتباس:
بسم الله الرحمن الرحيم
أبو شامة هذا هدفه من مداخلاته تشتيت الموضوع . والدليل على ذلك :
أن شيخه ابو شعيب عندما قال : " فإن المعنى اللغوي للعبادة هو أصل المعنى الشرعي لها . لذلك كان كفار قريش ، ذكيهم وغبيهم ، يفهم معنى " لا إله إلا الله " أتم الفهم ، دون الحاجة إلى التفصيل ، لأنهم يعرفون معنى الإله والعبادة في لغتهم ."

لم يعترض . وعندما ذكرت أنا هذا المعنى بسياق كلامي أعترض : قائلا أنها ستكون المداخلة الأولى والأخيرة فلما أجبته عنها بجواب لم يستطع الرد عليه ، أنتقل لمسألة أخرى غير أساسية في الموضوع لتشتيت الموضوع أيضا . جازاه الله بما يستحق .

واذكر في هذا السياق ما جاء في رسالة الحيدة والاعتذار لعبد العزيز الكناني مع المريسي

قال عبد العزيز الكناني: وكان خلف ظهري وأنا في مجلس أمير المؤمنين المأمون أناظر بشرا المريسي على ما سأذكره في هذا الكتاب رجل ممن يعرف بالكلام والنظر، فجعل كلما سكت بشر وانقطع يحرضه على الكلام، وإذا أردت أنا أن أتكلم لا يزال يهذي خلفي ويقرب رأسه من أذني ليسمعني ويدهشني ويقطعني بذلك عن حجتي، فشكوت إلى أمير المؤمنين ذلك فصاح به وباعده عني، فلما قلت لبشر: ما من شيء كان أو هو كائن مما يحتاج الناس إلى معرفته وعلمه إلا وقد ذكره الله عز وجل في كتابه عقله من عقله، وجهله من جهله، فإذا ذلك الرجل يضرب يده على فخذه ويقول: يا سبحان الله تزعم أن كل ما هو كائن مما يحتاج إليه قد ذكره الله ما أعظم هذا وكيف يعلم ما هو كائن فيذكره؟

قال عبد العزيز: فالتفت إليه فقلت له أنت جهمي قدري أيضا وأنت تهذي دائما

الاخ مسلم1 انت قلت
اقتباس:
لهذا اطلب من الإدارة أن تجعل الحوار بيني وبين ابي شعيب فقط حتى لا يتشعب الموضوع , ومن له أي تعليقات وأستفسارات على ما قيل فبعد أن ينتهي الحوار يفتح حوار آخر حول هذه المواضيع .
فقلت انا لك
لك ما طلبت يا أخ مسلم وهذا من حقك

فلماذا ترد هذا الرد على أبو شامة مع انك قلت (اطلب من الإدارة أن تجعل الحوار بيني وبين ابي شعيب فقط حتى لا يتشعب الموضوع) وقلنا لك هذا من حقك وكلمت الاخ أبو شامة أن يكون الحوار بينك وبين الشيخ أبو شعيب
فمن الطبيعي ان الاخ ابوشامة اذا رأى هذا الكلام عليه سيرد عليك ومن ثم ترد انت عليه ويتشتت الموضوع

فأقول لك اعرض عن هذا ولن يدخل احد الحوار بينك وبين أبو شعيب

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 07-06-2012, 11:43 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت ما كتبته لبيان وإثبات السبب في عدم رغبتي الإجابة على ابي شامة ، حتى لا يظن القارئ أن بيني وبين ابي شامة عداوة شخصية . وعندما كتبته لم أنتبه لإجابة المشرف فأعتبر أن كلامي هذا قبل جواب المشرف وأنته الامر .
أما عن مسألة أن ابأ شعيب قد نقض كلامي في أخر مشاركة له ، فسيأتي الجواب عليها لا تستعجل .
دعنا الآن نكمل الحوار على بركة الله ، وأنا لن أخرج منه ما دومت أ شعر أن المحاور يريد وجه الله ويلتزم بآداب وأخلاق الإسلام .

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 07-06-2012, 11:44 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

قولك : كلامنا عن من لا يكفّر هؤلاء .. أما جواب ما سبق فأقول : لا يُعذر أحد في استحسان الشرك ومحبته .. لأنه لم ينبذه بقلبه .. وقد ذكرت من قبل إن نبذ الشرك يكون بنبذه قلباً وقالباً .
أقول : وما حكم من لم يُكفر وعذر بالجهل أو التأويل من استحسن الشرك وأحبه وقال عنه جهاد في سبيل الله؟
قولك : أما قولك : تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .
فجوابه : أما الأول فإنه استحسن الكفر والشرك وصوّبه ، وهذا مناقض لمعنى لا إله إلا الله ، والتي تفيد : نبذ عبادة غير الله تعالى ، واعتقاد بطلانها .
أما الثاني .. فإنه مقر بأن هذا الفعل باطل ولا يرضاه الله ، وأن صاحبه في هذا الفعل مبطل ، فما وجه نقضه لـ لا إله إلا الله ؟؟
هل استحسن الشرك واستصوبه ؟ .. الجواب : لا .
هل قال عن صاحبه إنه على حق في فعل الشرك ؟ .. الجواب : لا .
فكيف يكفر هذا إذن ؟

أقول : يَكفُر لأنه لم يُكفر من نقض كلمة التوحيد وحكم عليه بالإسلام .
فمثل هذا لم يدخل الإسلام بعد لأنه لم يفهم التوحيد . ولو فهم التوحيد لعرف أن من لم يترك الشرك الأكبر ليس موحداً .
ألم تقر أنت أن من استحسن الكفر والشرك وصوّبه ، نقض معنى لا إله إلا الله ؟
فلماذا لا تكفر من لم يكفر من نقض كلمة التوحيد ؟
أم أن فعلهم هذا عندك أنت فقط ناقض لكلمة التوحيد أما عند غير ممكن أن يكون غير ناقض لكلمة التوحيد. ؟ ويبقى هذا الغير مسلماً موحداً معذوراً بالجهل أو التأويل ؟
فهل هذا الناقض يسع الاجتهاد والاختلاف فيه وأنت نفسك قلت سابقاً :
" فلو جاء رجل جاهل وقال : فلان بباطله محق ، فهو كافر .. لأن جعل فعله للباطل حقّاً ، وهذا مفهوم في الضرورة العقلية ، ولا يماري فيه أحد . "
فنحن نتحدث يا أبا شعيب عمن لم يكفر من اعتقد أن شركه وعبادته لغير الله ، حق وجهاد في سبيل الله .
هل يختلف في كفر من اعتقد أن شركه وعبادته لغير الله حق وجهاد في سبيل الله اثنان موحدان ؟
موضوعنا في تكفير من استحسن الكفر والشرك وصوبه . هل يشك في كفره من فهم معنى التوحيد ؟

سألتك : لو لم يدع غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟
فقلتَ : أما من دخل دين الإسلام ، فيحكم عليه أنه على غير دين الإسلام ، وهو على باطل وضلال لا يرضاه الله ، وسالك لسبيل سخط الله .
وقلتَ : ونعم ، يجب أن يعتقد أنه على غير دينه ( أي شريعة الإسلام ) ، لأنه رفضها ورفض الدخول فيها ، بل وقد أظهر ذلك وجاهر به .

أقول : هل هذا الحكم الذي حكمه عليه فهمه من أصل الدين أم من خارجه ؟
ولماذا لم يعذره بجهله وتأويله ؟
ثم هذا الذي أوجبت الحكم عليه بأنه ليس في دين الله ، لم يفعل الشرك .
فقط امتنع عن دخول دين محمد صلى الله عليه وسلم ظاناً أنه غير واجب عليه وأنه للعرب فقط وأن دينه يكفيه ، فلماذا حكمت بكفره ولم تعذره بالجهل والتأويل ؟
وهل الحكم عليه بالكفر وعدم عذرة بالجهل أو التأويل يفهم من أصل الدين أم من خارجه ؟

قولك : بل يوجد أحكام في أشخاص معينين ، وهم ممن ترجح فيهم الحكم الشرعي بعد تحقيق المناط فيهم .
أقول : لماذا تشترط للحكم على المعين ، فقط عند ترجيح الحكم الشرعي فيهم بعد تحقيق المناط فيهم ؟ هل عندك دليل على هذا ؟
يا أبا شعيب الحكم أيضاً على من فعل الشرك الأكبر كشخص معين يعتمد على فعله. فلماذا فرقت بدون دليل ؟ أليس سبب الحكم في الحالتين الفعل نفسه ؟
أين دليلك على ذلك ؟ هذا والدليل الذي استشهدت به عن حال إبراهيم عليه السلام مع أبيه وهو قوله تعالى : ( فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ) ليس دليلاً لك بل عليك وقد أثبت لك ذلك .
فلم يبق أمامك إلا أن ترجع أن قولك أو تأت بدليل يؤيد كلامك وتقسيماتك . ولا أظنك تستطيع أن تأت بدليل واحد على ذلك .
وأذكرك بقولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد ".
قولك : هل تتكلم عن معتقدي فيمن يدعو غير الله تعالى ؟ .. لقد قلت إنه مشرك دون إقامة حجة .
أقول : أنا أسألك عن حكم من لا يكفره كشخص معين ولكنه يقول فقط بشركه على غير دين الإسلام ولكنه كشخص ، لا ، بل هو مسلم موحد .
وأسألك أيضاً عن حكم من لا يكفره كشخص معين ولكنه يقول فقط بشركه على غير دين الإسلام وعندما ينتهي من شركه يرجع لدين الإسلام .

ثم أنت سابقاً عندما سألتك عن من فعل الشرك ، قلت :
"نحكم عليه بأنه مشرك في ذلك الفعل ؛ فإن كان شركاً أكبر ، ولم يوجد ما يُعذر به من موانع التكفير ، فقد حقّ عليه الخروج من الإسلام "
يعني هنا اشترطت لخروجه من دين الإسلام تحقق شروط وانتفاء موانع .
وهنا تقول أن عقيدتك أن من فعل الشرك مشرك دون إقامة حجة .
أيهما عقيدتك يا أبا شعيب ؟ قلها لنا واثبت عليها .
قولك : أم تتكلم عن حكم من لا يكفره ، مع إقراره أنه بشركه هذا على غير دين الإسلام ؟
أقول : ثم ما معنى لا أكفره ولكن أقر أنه بشركه هذا على غير دين الإسلام ؟
كيف على غير دين الإسلام ولا أكفره ؟ كيف يحكم بإسلام من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله ؟
مشرك فقط موحد مسلم .!!!
هل يستقيم هذا الكلام في ذهن من فهم التوحيد والشرك ؟
ألم تقل أنت : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد "
فسر لنا على ضوء كلامك هذا كيف يمكن أن يقال : بشركه هذا ليس على دين الإسلام ولكنه عير كافر ولا مشرك .
إذا كنت تقصد أن عمله هذا يخالف الإسلام كباقي المعاصي ولكنه هو كشخص لا يكفر ولا يخرج من الدين ؟ وهذا هو قصدك الذي فهم من كلامك وخصوصاً قولك : مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "
فهل لا يوجد فرق عندك بين مرتكب الشرك ومرتكب المعصية ؟
ما دام عندك الأمر هكذا فلماذا لم تقل : هذا الذي فعل الشرك قد عصى الله وخالف دينه ، لكنه لا يخرج من الدين حتى تقام عليه الحجة ويفهمها . كما هو الحال في باقي المعاصي .
قولك : فإن كنت تعني هذه ، فهذا لا يكفر حتى يُبيّن له بالدليل من القرآن والسنة بالتفصيل على أن الشرك الأكبر ، وإن كان يسيراً ، فإنه لا يعذر صاحبه بالجهل أو التأويل ، وهو ينقض أصل الدين من أساسه ، فيغلب على وصف صاحبه الشرك والكفر ، فلا يُسمى مسلماً .
أقول : يعني أنت تعتقد أنه يسعه أن يجهل أن الشرك الأكبر يبطل العمل ويخرج صاحبه من الإسلام ؟
فما معنى الشرك الذي يعرفه هذا ؟ شرك لا ينقض التوحيد ولا يبطله .
هل مثل هذا يعرف ما ينقض التوحيد ؟ ومن لا يعرف ما ينقض التوحيد هل يعرف التوحيد ؟
ومن لا يعرف أن الشرك الأكبر كثيره ويسيره ينقض التوحيد هل فهم التوحيد ؟
تعذر مثل هذا بالجهل ولا تعذر من فعل الشرك معتقداً أن فعله للشرك لا يخرجه من الدين ولا يبطل عمله ؟ أليس هذا ازدواج في المعاير ؟
فمن لا يعرف أن الشرك الأكبر يبطل العمل ويخرج من الدين ، معذور عندك حتى تقام عليه الحجة ويفهمها .
أما من فعل الشرك الأكبر ظاناًً أنه كبقية المعاصي لا يبطل العمل ولا يخرجه من الإسلام فهو غير معذور عندك . مع أن كلاهما لم يفهم التوحيد . أليس هذا تناقضاً أيضاً . ؟
ثم أليس من علم أن الشرك الأكبر يخرج من الإسلام ويبطل العمل وفعل شركاً أكبراً جاهلا أنه شرك ، أحق أن يعذر بالجهل من هؤلاء . ؟
وأحق بالعذر ممن يعتقد أن الشرك لا يبطل العمل ولا يخرج من الإسلام ؟
فأيهم أجهل بالتوحيد ؟
وكلهم يصح وينطبق عليهم وصف جاهل للتوحيد .
وما هو هذا التوحيد الذي يفهمه وهو يعتقد أن الشرك الأكبر لا يبطله ؟
وهل هناك فرق في الحكم بين من فعل مئة شرك وبين من فعل شركاً واحداً ؟
وسابقا قلتَ أن من يريد أن يدخل الإسلام يجب أن يترك الشرك ، وبدون ذلك لا يدخل الإسلام وأن هذا من مفهوم كلمة التوحيد .
فكيف أنت هنا تحكم بالإسلام على من حكم على من لم يترك الشرك بالإسلام ؟
وقد قلت سابقا حتى يدخل الدين لا بد أن يترك الشرك ، وهذا يفهمه كل من يريد أن يدخل الدين لأنه من مفهوم كلمة التوحيد . ؟ ألا ترى تناقضا في عقيدتك .
أليس من لم يعرف أن فاعل الشرك غير موحد لم يفهم التوحيد ؟
ولو فهمه لما حكم على من عبد غير الله بالإسلام والتوحيد ؟

والآن دقق معي يا أبا شعيب :
المعادلة الصحيحة هي :
1- سعيد : يريد دخول الإسلام . يجب عليه ترك جميع أنواع الشرك كثيره ويسيره والحكم على من لم يترك الشرك كثيره ويسيره أنه غير موحد ولا مسلم . وهذا يفهمه من كلمة التوحيد . وإذا لم يفهم هكذا لم يفهم التوحيد .
2- خالد : خالد يعبد غير الله . ويرتكب الشرك الأكبر . فهو مشرك . لأن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد .
3- وليد : ترك جميع أنواع الشرك الأكبر ولكنه لا يعرف أن الشرك الأكبر يحبط العمل ويخرج من الإسلام وأن الشرك الأكبر يخرج من التوحيد . لذلك يحكم بالإسلام والتوحيد على خالد مع أنه مقر أنه يفعل الشرك الأكبر .
4- زيد . يحكم على خالد بأنه مشرك كافر ولا يعذره بالجهل ولا بالتأويل . ولكنه يعذر ، وليداً ، ولا يكفره حتى يقيم عليه الحجة ويفهمها ، فإذا لم يفهمها يظل يحكم عليه بأنه مسلم جاهل متأول معذور عند الله . ومن يكفره فهو خارجي ضال مارق .
فما حكم وليد ؟ وما حكم زيد ؟
الجواب الصحيح :
أن وليدا لم يفهم التوحيد والشرك .
وأن زيداً عذر من لم يفهم التوحيد وحكم عليه بالإسلام .

سعيد حتى يدخل الإسلام وجب عليه بالإضافة لتركه أن يعتقد أن من يخالفه ولم يترك الشرك ليس موحداً ولا مسلماً وان هذا يفهمه من معنى الشهادة . وأنت أقررت بذلك . لهذا سعيد سوف لا يتردد في الحكم على خالد ووليد وزيد بالكفر أو بأنهم غير موحدين أو بأنهم لم يدخلوا الإسلام أو بأنهم ليسوا على دينه .
وهذا الحكم الذي حكم به سعيد واعتقده فهمه ولا بد من كلمة التوحيد قبل أن يدخل الإسلام .
وليد لم يفهم كلمة التوحيد ولو فهم التوحيد لما تردد بالحكم على خالدٍ بالكفر والشرك ولما حكم عليه بالإسلام وعذره بالشرك الأكبر ، لأن خالداً لم يحقق القدر الأدنى لدخول الإسلام لأنه لم يترك الشرك الأكبر .
زيد : لم يفهم التوحيد . لأنه عذر من لم يفهم التوحيد ، بالجهل أو التأويل . ولأنه أعتقد أنه يجوز لمن دخل الدين أن لا يكفر المشركين ويعذرهم بالجهل أو التأويل . واعتقد أن مثل هذه العقيدة يمكن أن تتواجد بالمسلم الموحد .
هذه هي المعادلة الصحيحة والفهم الصحيح لها .

الآن نأتي لما وقعت فيه من التناقض يا أبا شعيب :
أنت شرطت على سعيد لدخول الإسلام ولتحقيق الحد الأدنى لكلمة التوحيد أن يترك جميع أنواع الشرك الأكبر ويحكم على من لم يترك الشرك أنه لم يدخل الإسلام .
وهاك كلامك :
عندما سألتك : وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
أجبتَ : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة( .
فسألتك : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟
فقلتَ : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً.
ففاعل الشرك مشرك . هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد.

وعندما سألتك :فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟ هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟
قلتََ : حكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .
ولا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك .
وقلتَ في سياق كلامك : إن أظهر لنا جهلاً بتوحيد الله وأنه هو المستحق الأوحد للعبادة ، فهذا لا يُحكم بإسلامه ، بل حكمه الظاهر والباطن سواء .

وعندما سألتك عن من يريد دخول الإسلام : أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .
فقلتِ : بلى .

ثم مع كل هذا الكلام عندما يجيء الحكم على - وليد - : تعذره بالجهل والتأويل ولا تحكم عليه أنه لم يفهم التوحيد لأنه لم يكفر من فعل الشرك.
أليس هذا غاية التناقض والازدواجية في الأحكام ؟

الذي فهم التوحيد هو سعيد ، لأن من معنى شهادة التوحيد أن تترك الشرك الأكبر بجميع أنواعه وأشكاله وكثيره وبسيطه ، وفي المقابل أن تحكم على من لم يتركه بأنه ليس موحداً ولا على دين الإسلام .
لأن من يفهم التوحيد يعرف أن التوحيد والشرك الأكبر لا يجتمعان في قلب رجل واحد . لأنهما متضادان . والضد مع ضده لا يجتمع .
وهذا الفهم الصحيح للتوحيد لم يحققه وليد مع أنه ترك الشرك الأكبر . فهو لم يفهم التوحيد الذي ضده الشرك الأكبر . والتوحيد الذي فهمه واعتقده هو التوحيد الذي يجتمع مع الشرك الأكبر. وهذا التوحيد ليس هو توحيد الله .

ثم انظر ماذا قلتََ سابقا عندما قلتُ لك : ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
فقلت : نعم ، يعرف كل هذا في المسائل التي خالف فيها المخالف .

قولك : فإن فهم الحجة وعاند وكابر ، عندها هو كافر .
أقول : وإن لم يفهما يكفر أم لا ؟ ستقول لا يكفر . لأنك في أرض الواقع تحكم عليه بالإسلام بالرغم أنك أقمت عليه الحجة مرات ومرات .
فمتى سيفهم الحجة قادة ومشايخ المجاهدين حتى يكفروا فاعل الشرك الأكبر ؟

افهم من كلامك هذا أن إقامة الحجة عندك هو فهمها وليس بلوغها بلغة يفهما ؟
والله سبحانه يشترط بلوغها بلغة يفهما فقط وليس فهمها .
قال تعالى يقول :" وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ "
قال ابن كثير : " أي وهو نذير لكل من بلغه ..... وقال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة, في قوله تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ} إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله, فقد بلغه أمر الله} "
تقول العرب : بلغ الشيء وصل إليه . وبلغ فلان الماء وصل إليه سواء شرب منه أم لم يشرب ، فبلغه القرآن أي وصله .
فمن بلغه القرآن الكريم بلغة يفهمها أو تمكن من الوصول إلى القرآن وفهمه فقد بلغته الحجة الرسالية في التوحيد والشرك بلاغاً مبيناً مفصلاً لا يحتاج من أراد الحق إلى غيره.
فهم المعنى المراد من الحجة شرط في صحة إقامتها ، أما فهم الحجة كما يفهمها أهل الإيمان والقبول فليس شرطاً في إقامتها بعد بلوغها .

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أبوشعيب, مسلم 1, التوحيد, التكفير, اصل الدين, ضياء الدين القدسى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:04 PM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى