منتدى دعوة الحق  

العودة   منتدى دعوة الحق > الأقسام الرئيسية > الـحوارات الـعلمية > الحوار مع رؤوس وأئمة المخالفين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 11-27-2017, 03:41 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

الرد على مشاركة رقم #59 :

تقول :


[-- أقول : بل هذه الأدلة وغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك . --]

هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .

أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !

ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :

أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .

فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .

لقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به ، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه »

فلماذا لم يحدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المسألة ويوجبها علينا ؟؟

وقال : « ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه خيراً لهم ، وينهاهم عن شر ما يعلمه شراً لهم »

فلماذا لم ينهنا عن هذه المسألة .. ولم يذكر فيها وعيداً واحداً .

لاحظ أننا نتكلم عن التصريح ، وليس عن الاستنباط .

أنت تستنبط من هذه الأدلة أن تكفير المشركين من أصل الدين .. مع أن مسائل أصل الدين لا يُمكن أن تُترك للاستنباط ، بل وجب التصريح بها ، والتصريح بأن الممتنع عنه لا يدخل الإسلام أو أنه كافر .

فهل هناك من صرّح بذلك ؟؟

أريد تصريحاً وليس استنباطاً .

أمامك أقوال المفسرين جميعاً .. هات لي قول واحد من المفسرين الذين فسروا هذه الآيات التي أتيت بها .. هل قال أحدهم بمثل قولك ؟؟


هذا كل ما عندي في الرد على هذه المشاركة .. وباقي المسائل تكررت أجوبتها كثيراً في كلامي .

كل ما أرى عندك هو استنباطات عقلية .. هل من يفعل كذا يكون كذا ، وهل ذلك كذلك .. وما إلى ذلك .

وأنا أسألك :

وهل هناك تصريح شرعي بهذه المسألة الاصولية التي لا يدخل الإسلام أحد إلا إن حققها ؟

تقول لي لغة العرب .

أقول لك تفضل .. هات من أقوال السلف جميعهم من قبل أئمة الدعوة النجدية ، من قال بمثل ما تقول .

هل خفيت عليهم هذه المسائل الأصولية ، التي لا يتحقق توحيد الله بدونها ، ولم تظهر إلا في هذا الزمان ؟؟ سبحان الله !!

أمامك كتب التوحيد التي ألفها السلف ، كالتوحيد لابن خزيمة ، والتوحيد لابن منده ، وشرح أصول أهل السنة للالكائي ، وشرح العقيدة الطحاوية ، والواسطية ، والإبانة لابن بطة .. وغيرها كثير من كتب السلف .

هات من فهم من هذه الأدلة أن دخول الإسلام لا يتحقق إلا بتكفير المشركين .

كل من وقفنا على قوله قال : من لا يكفرهم فقد ردّ النصوص الشرعية ، وكذّب بالقرآن .. ولم يقل أحد إنه شرط من شروط الشهادتين .

===========================

ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :

- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .

فيقول :

إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .

فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟


رد مع اقتباس
  #62  
قديم 11-27-2017, 03:53 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 60 :


قولك : تقول :
) أقول : بل هذه الأدلة ِوغيرها كثير تثبت أن المشرك الذي يعبد غير الله ليس في دين الله ، وأن هذه الحقيقة هي أول حقيقة أثبتها كل الأنبياء عندما دعوا أقوامهم لدخول دين التوحيد ، دين الله الخالص من كل شرك . –)

قولك : هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .
أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !
ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :
أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .
فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .
لقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به ، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه فلماذا لم يحدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المسألة ويوجبها علينا ؟؟
وقال : « ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه خيراً لهم ، وينهاهم عن شر ما يعلمه شراً لهم »
فلماذا لم ينهنا عن هذه المسألة .. ولم يذكر فيها وعيداً واحداً .
لاحظ أننا نتكلم عن التصريح ، وليس عن الاستنباط .


أقول : يا أبا شعيب سأحسن الظن بك وأقول لك : اقرأ الآيات والأحاديث التي ذكرتها لك بتمعن وتجرد وستجد جواباً وافياً كافياً لما نتحدث عنه .
الله سبحانه وتعالى يقول لنا وبشكل واضح : هذه هي الشروط التي يتحقق فيها دخول دين التوحيد ويصبح من يحققها موحداً . ورسوله عليه الصلاة والسلام بينها لنا قولاً وعملا .
أيصح بعد هذا البيان الوافي الشافي الذي يفهمه كل عاقل بالغ أن نقول : يا ربنا نعم أنت بينت لنا شروط دخول دين التوحيد أتم بيان وكذلك بين لنا ذلك رسولك الحبيب ولا ننكر ذلك ، ولكنك لم تبين لنا حكم من لا يحققها ، لهذا فنحن سوف نحكم على من لم يحقق هذه الشروط بالتوحيد والإسلام ما دام عنده بعض مظاهر التوحيد والإسلام ويدعي أنه في دينك ، وكذلك سنحكم على من حكم عليه بالتوحيد والإسلام بأنه مسلم قد حقق شروط دخول الإسلام ما دام ترك الشرك وحكم على ما يقوم به هذا الشخص من عبادة للطاغوت بأنه باطل .
أيقول هذا الكلام من فهم لماذا وضعت هذه الشروط ، وشرطت على العبد حتى يدخل الإسلام ؟
لو حدث هذا مع البشر لحكم على من قال هذا الكلام بالجنون أو التحايل على الشروط .
أبعد أن توضع شروط دخول دين التوحيد ويبين كيف يكون العبد موحداً ، يُحتاج لبيان حكم من لا يحقق هذه الشروط .؟
فهذه الشروط وضعت لتحقيق شيئاً معيناً ، فمن يفهم هذا الكلام يفهم أن من لا يحققها لم يملك تحقيق هذا الشيء المعين . ولا يحتاج بعد ذلك ، للقول بأن من لم يحقق هذه الشروط لم يملك تحقيق المطلوب .
فكيف وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة تبين أن من لم يحقق هذه الشروط ليس في دين الله وليس موحداً ؟ وليس هذا وحسب بل وأثناء الخطاب الأول وبعده حكم على من لم يحقق هذه الشروط بأنه في نار جهنم ؟
ثم جاءت الآيات تباعاً وبكثرة تبين أن من لم يحقق هذه الشروط ويعبد غير الله في أي شيء كان صغيراً كان أم كبيراً سيبطل جميع عمله ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيكون مصيره النار خالداً فيها أبدا ما لم يتب من شركه .
أبعد هذا البيان يقال : لا يوجد دليل واحد يدل على أن الحكم بالشرك وعدم دخول دين التوحيد على من عبد الطاغوت ، شرط لدخول دين التوحيد ؟
متى سيحكم الموحد على عين من عبد الطاغوت بأنه ليس في دين الله ؟
حسب عقيدة أبي شعيب : حتى يتعلم شروط التكفير وموانعه .
وما دام لم يتعلمها لا يضر توحيده ، حكمه على من عبد الطاغوت بالإسلام والتوحيد . وحتى لو تعلمها لا يجوز له تكفير من يحكم بالإسلام والتوحيد على عابد الطاغوت حتى يفهمه الحكم ، فإذا لم يستطع إفهامه الحكم وحكم عليه بالكفر فهو من الخوارج الضالة التي تكفر المسلمين .
وأي حكم هذا الذي سيُفهمه إياه ؟! سيفهمه حكم أن من فعل الشرك الأكبر وعبد الطاغوت ليس في دين الله ولو كان من عمل التوحيد والإسلام بمقدار عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا لم يفهم هذا فهو معذور بجهله ، ويحكم عليه بالتوحيد والإسلام وأنه من العلماء التقاة المجاهدين حتى ولو ظل يحكم على عابد الطاغوت بالتوحيد والإسلام ويسميهم بالمجاهدين .


قولك : هذه مسألة شرعية ظاهرة .. أظهرها الأنبياء لجلائها بل ولاعتراف أصحابها بذلك .


أقول : ما معنى هذا الكلام ؟ تقر هنا بأن الحكم على من عبد غير الله بأنه مشرك ، وتقول أنها مسألة شرعية أظهرها الأنبياء لجلائها ولاعتراف أصحابها بذلك . ثم بعد ذلك : تصر على عذر من يحكم بإسلام من عبد الطاغوت ؟
ثم من قال لك أن أصحابها كانوا مقرين بأنهم مشركون على غير دين الله ؟
هل تقصد مشركي العرب ؟ وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدع غير مشركي العرب ؟ ألم يدعُ النصارى واليهود ؟ هل كان النصارى واليهود مقرين أنهم يعبدون غير الله وأنهم على غير دين التوحيد ؟!
حتى مشركي العرب مع اعترافهم بشركهم كانوا يعتقدون أنهم في دين الله على دين إبراهيم ، ويصفون أتباع رسولنا صلى الله عليه وسلم بأنهم صبئوا .


قولك : أنت جئت بأدلة تبيّن فقط أنه من يعبد غير الله فهو مشرك .. وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !

أقول : الأدلة التي جئتك بها لا تبين فقط أن من يعبد غير الله مشرك .
بل تبين أيضاً أنه ليس في دين الله . وتبين أيضاً أن من فعل الشرك لم يدخل الإسلام ودين التوحيد . وتبين أيضاً أن الشرط الأول لدخول دين الله ترك الشرك بجميع أنواعه وأشكاله . وتبين أيضاً أن من يعبد الطاغوت ليس في دين الله ولم يحقق شروط دخوله .
وتبين أيضاً أن العبد لا يدخل دين الله حتى يكفر بالطاغوت ، أي يترك عبادته ويحكم عليه بالكفر ويحكم على عابديه بالشرك وعدم دخول دين الله.
أبعد هذا البيان والصراحة ، تريد دليلاً يقول : لا يدخل العبد الإسلام حتى يحكم على المشرك وعابد الطاغوت بعدم دخوله الإسلام وإذا لم يحكم بذلك لا يملك دخول الإسلام ، ومن يعذره بجهله أيضاً لا يملك دخول الإسلام حتى ولو ترك الشرك ؟
من يريد دليلاً على ذلك ويدعي أن هذه الآيات ليس دليلاً صريحاً على ذلك كله ، فإنه مع الأسف لم يفهم هذه الآيات الفهم الصحيح .
ثم ما معنى أن هذه الآيات تبين فقط أن من يعبد غير الله فهو مشرك .؟
وهل كان أحد قبل رسول الله يقول عكس ذلك ؟
حتى العرب أنفسهم كانوا مقرين في ذلك .
إذن حسب كلامك فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بجديد . فلماذا اعترضوا عليه وآذوه , وآذوا أتباعه ؟ ولماذا لم يقبل عمه وهو على فراش الموت أن يتلفظ بشهادة التوحيد . ما دامت شهادة التوحيد تبين فقط أن من يعبد غير الله فهو مشرك ؟
ثم تقول : " وكأننا نخالفك في ذلك ، سبحان الله !"

أقول : ومن هو الذي يخالف في ذلك على وجه الأرض ؟ حتى كل من دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالفوه في ذلك .
مسألتنا ومسألة الرسل كلهم ليست تسمية من يعبد غير الله أنه مشرك . مسألتنا هي :هل هو في دين الله أم لا بشركه هذا . هل شركه هذا يبطل كل توحيده وعمله مهما كان ؟ هل بشركه هذا يملك دخول دين التوحيد . ؟ وهل من حكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعرف أنه يعبد غير الله ، عرف ما هو دين الله وما هو التوحيد ؟
ما بُعث الرسل كلهم إلا لبيان هذه المسائل من أول يوم . لبيان من هو في دين الله ومن هو في دين الطاغوت . لم يأتوا ليبينوا أن من عبد غير الله فهو مشرك وفقط . لأن هذا يعرفه كل الناس من لغتهم . والذي لم يعرفه مشركي العرب وكان يعرفه أهل الكتاب : هو أنهم ما داموا يعبدون غير الله فهم ليسوا في دين الله بل في دين الطاغوت .
وكذلك جاؤوا ليبينوا شرك وحكم من يدعي أنه على التوحيد وفي دين الله وهو يفعل الشرك جهلاً .


قولك : ما طلبته منك هو أمر واحد لا أكثر :
أريد دليلاً صريحاً يجعل فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - التكفير من أصل الدين .. ويقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره .
فإن لم تجد .. فمن أقوال الصحابة أو التابعين أو أي من مشايخ الإسلام حتى ما قبل عصر أئمة الدعوة النجدية .




أقول : يا ألله سبحانك !
أليس بيان شروط دخول الدين هو نفسه بيان لحكم من لا يحقق هذه الشروط ؟
من الفرق بين القول :" من لا يكفر المشرك فهو كافر ، ولا يدخل الإسلام حتى يكفره ."
والقول : من لم يحقق هذه الشروط فهو ليس في دين الله . ؟
هل المشرك حقق شروط دخول الدين ؟ الجواب : لا
فما حكمه حسب شروط ربنا ؟ الجواب : لم يدخل الدين .
هذه الأمور يجب أن يعرفها كل من حقق دخول الدين .
فهل يعرف كيفية دخول دين التوحيد من يحكم على من عبد الطاغوت بأنه في دين الله .
وهل يملك دخول دين الله من يحكم على من عبد الطاغوت بأنه في دين الله ، وقد علم أن الله سبحانه وتعالى اشترط عليه لدخول دين الله ترك الشرك وعبادة الطاغوت ؟


قولك : أنت تستنبط من هذه الأدلة أن تكفير المشركين من أصل الدين .. مع أن مسائل أصل الدين لا يُمكن أن تُترك للاستنباط ، بل وجب التصريح بها ، والتصريح بأن الممتنع عنه لا يدخل الإسلام أو أنه كافر .
فهل هناك من صرّح بذلك ؟؟
أريد تصريحاً وليس استنباطاً .

أمامك أقوال المفسرين جميعاً .. هات لي قول واحد من المفسرين الذين فسروا هذه الآيات التي أتيت بها .. هل قال أحدهم بمثل قولك ؟؟
هذا كل ما عندي في الرد على هذه المشاركة .. وباقي المسائل تكررت أجوبتها كثيراً في كلامي .
كل ما أرى عندك هو استنباطات عقلية .. هل من يفعل كذا يكون كذا ، وهل ذلك كذلك .. وما إلى ذلك .


أقول : لو قرأتَ وفهمتَ الآيات والأحاديث التي نقلتُها لك لعلمت علم اليقين أن هذه الأدلة صريحة جداً على أن من عبد غير الله ليس في دين الله وليس موحداً ، وأن هذه الحقيقة يجب أن يعلمها كل عاقل بالغ أراد دخول الإسلام . ومن خالفها ولم يعمل بها ، إما أن يكون لا يعرفها ، أو مع علمه بها وضع مقايس جديدة لدخول الإسلام . وكلاهما لا يحكم عليه بالإسلام ودخول دينه.
ربنا يشترط شيئاً وهو يشترط شيئاً أخر ، ثم بعد هذه الصراحة والوضوح تريد منا حكماً صريحاً على كفره . ولم يكتف هذا الذي لم تكفره وعذرته بالجهل بأن يشترط شروطاً جديدة لدخول دين الله ، بل يتهم من طبق شروط الله المحكمة في كتابه بأنه خوارج مارقة تكفر المسلمين الموحدين .


قولك :وأنا أسألك :وهل هناك تصريح شرعي بهذه المسألة الاصولية التي لا يدخل الإسلام أحد إلا إن حققها ؟
تقول لي لغة العرب .
أقول لك تفضل .. هات من أقوال السلف جميعهم من قبل أئمة الدعوة النجدية ، من قال بمثل ما تقول .
هل خفيت عليهم هذه المسائل الأصولية ، التي لا يتحقق توحيد الله بدونها ، ولم تظهر إلا في هذا الزمان ؟؟ سبحان الله !!
أمامك كتب التوحيد التي ألفها السلف ، كالتوحيد لابن خزيمة ، والتوحيد لابن منده ، وشرح أصول أهل السنة للالكائي ، وشرح العقيدة الطحاوية ، والواسطية ، والإبانة لابن بطة .. وغيرها كثير من كتب السلف .
هات من فهم من هذه الأدلة أن دخول الإسلام لا يتحقق إلا بتكفيرالمشركين.


أقول : كل الأدلة التي نقلتها لك وغيرها كثير دليل واضح على مسألتنا ، ولقد بينت لك ذلك . وهذه المسألة يجب أن يعرفها أبسط موحد عرف كيف يدخل الإسلام .
وبيان الله ورسوله الواضح الجلي لكيفية دخول الإسلام ، والذي يفهمه أبسط إنسان يفهم الخطاب ، دليل كافي لمن أراد الحق في هذه المسألة .
والرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح كان يطبق هذه المسائل عملياً . والعلماء لا يوضحوا الواضح الجلي ، بل يكتفون بذكره . فقولهم بأن العبد لا يدخل دين التوحيد إلا بالكفر بالطاغوت ، كافياً لبيان هذه المسألة لمن يفهم الخطاب .
أقرأ تفسير الآيات التي ذكرتها لك في كتب التفسير .
اقرأ شرح علماء الحديث للأحاديث التي ذكرتها لك .
ثم حتى لو لم يكن هناك كلام للمفسرين ولا لعلماء الحديث ، فكلام الله واضح جلي لمن فهم لغة العرب . وهو الحجة على الناس جميعاً .
فيكفوا في هذه المسألة قوله تعالى لمن يفهمه :" فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "


قولك : كل من وقفنا على قوله قال : من لا يكفرهم فقد ردّ النصوص الشرعية ، وكذّب بالقرآن .. ولم يقل أحد إنه شرط من شروط الشهادتين .



أقول : يا رجل ، هذا الكلام قيل في شرح قاعدة : " من لم يكفر الكافر أو شك في كفره فهو كافر "
هذه القاعدة للمسلمين . وليست موضوعنا . نحن نتحدث عن الحد الأدنى لدخول الدين وهذه القاعدة تتحدث عمّا بعد ذلك .
نحن نبحث في ، هل من يدعي الإسلام اليوم دخل دين التوحيد أم لم يدخله ؟ وهل من حكم بإسلامهم مع معرفته بعبادتهم للطاغوت دخل دين التوحيد أم لا .



قولك : ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :
- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .
فيقول :إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .
فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟




أقول : إذا حكم على المشرك الجاهل الذي يعبد غير الله بالشرك وعدم دخوله دين التوحيد في الدنيا ، وعامله معاملة غير المسلم في الدنيا ، ثم بعد ذلك قال هذا الكلام ، لا نحكم عليه بالكفر وإنما نسأله ما هو دليلك على هذا الكلام .
فإذا قال لنا : قوله تعالى : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين . وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة .
وتبقى مسألة قوله يدخله الجنة . فنسأله لماذا حكمت عليه بأنه سوف يدخله الجنة ؟ فإذا أتى لنا بحديث امتحان أهل الفترات . فنقول له كلامك سليم وعليه أكثر علماء المسلمين .
ولكن إذا قال مع فعله للشرك وعبادته غير الله نحكم عليه بالإسلام والتوحيد لجهله ولأنه يصلي ويصوم ويزكي ويفعل كثير من أفعال التوحيد والإسلام . فمن حكم بهذا الحكم لم يفهم أصل الدين وكيفية دخول الدين ، ولم يفهم التوحيد وما يناقضه ، وإذا كان يفهم هذه الأمور نظرياً وطبق عكسها في أرض الواقع فهو أكفر من الجاهل . لأنه بذلك وضع شروطاً لدخول الإسلام تخالف شروط الله الثابتة البينة في كتابه عن علم بشروط الله سبحانه وتعالى .

رد مع اقتباس
  #63  
قديم 12-04-2017, 02:37 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :

بسم الله الرحمن الرحيم

أما كلامك السابق .. فأترك المتابع ليحكم فيه .. تكلمت بما فيه الكفاية .

وما بقي لي سوى تعقيب على قولك :


[-- أقول : إذا حكم على المشرك الجاهل الذي يعبد غير الله بالشرك وعدم دخوله دين التوحيد في الدنيا ، وعامله معاملة غير المسلم في الدنيا ، ثم بعد ذلك قال هذا الكلام ، لا نحكم عليه بالكفر وإنما نسأله ما هو دليلك على هذا الكلام .
فإذا قال لنا : قوله تعالى : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين . وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة .
وتبقى مسألة قوله يدخله الجنة . فنسأله لماذا حكمت عليه بأنه سوف يدخله الجنة ؟ فإذا أتى لنا بحديث امتحان أهل الفترات . فنقول له كلامك سليم وعليه أكثر علماء المسلمين .
ولكن إذا قال مع فعله للشرك وعبادته غير الله نحكم عليه بالإسلام والتوحيد لجهله ولأنه يصلي ويصوم ويزكي ويفعل كثير من أفعال التوحيد والإسلام . فمن حكم بهذا الحكم لم يفهم أصل الدين وكيفية دخول الدين ، ولم يفهم التوحيد وما يناقضه ، وإذا كان يفهم هذه الأمور نظرياً وطبق عكسها في أرض الواقع فهو أكفر من الجاهل . لأنه بذلك وضع شروطاً لدخول الإسلام تخالف شروط الله الثابتة البينة في كتابه عن علم بشروط الله سبحانه وتعالى . --]


هذا التعقيب ورد على كلام لي قد سألتك فيه ما يلي :

[-- ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :

- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .

فيقول :

إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .

فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟ --]

وأنت تقول :


[-- ثم بعد ذلك قال هذا الكلام .. (إلى أن قلت) .. فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين --]

يعني ما أفهمه من كلامك هو :

أن من يقول إن الله يُثيبه على أعماله التي أخلص فيها لله وحده ، من صلاة وصيام وزكاة وما إلى ذلك .. ولا ينتقض هذا الثواب بالشرك لأنه جاهل ولم تقم عليه الحجة .. فهذا عندك هو القول الراجح ؟

على الأقل .. ما يثبت من كلامك هو أنك تقول هو غير كافر .. وهذا ما يهمني الآن .

الآن أود أن أسألك :

العمل الصالح الذي أخلص المرء فيه لله تعالى ، وقبله الله منه ( والله لا يقبل إلا من المتقين ، كما قال : { إنما يتقبل الله من المتقين } ) ، ورضي عنه ( أي عن العمل ) فأثاب صاحبه عليه .. هل تسمي هذا العمل إيماناً ؟ .. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ؟

فإن كان هذا إيماناً مقبولاً عند الله ، هل تسميه توحيداً ؟

رد مع اقتباس
  #64  
قديم 12-04-2017, 02:43 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على المشاركة رقم 62


قولك أما كلامك السابق .. فأترك المتابع ليحكم فيه . تكلمت بما فيه الكفاية .



أقول : نعم نترك المتابع ليحكم فيه . والهداية بيد الله سبحانه ، فالله سبحانه وتعالى يقول : "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "

قولك : وما بقي لي سوى تعقيب على قولك :
(أقول : إذا حكم على المشرك الجاهل الذي يعبد غير الله بالشرك وعدم دخوله دين التوحيد في الدنيا ، وعامله معاملة غير المسلم في الدنيا ، ثم بعد ذلك قال هذا الكلام ، لا نحكم عليه بالكفر وإنما نسأله ما هو دليلك على هذا الكلام .
فإذا قال لنا : قوله تعالى : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين . وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة .
وتبقى مسألة قوله يدخله الجنة . فنسأله لماذا حكمت عليه بأنه سوف يدخله الجنة ؟ فإذا أتى لنا بحديث امتحان أهل الفترات . فنقول له كلامك سليم وعليه أكثر علماء المسلمين .
ولكن إذا قال مع فعله للشرك وعبادته غير الله نحكم عليه بالإسلام والتوحيد لجهله ولأنه يصلي ويصوم ويزكي ويفعل كثير من أفعال التوحيد والإسلام . فمن حكم بهذا الحكم لم يفهم أصل الدين وكيفية دخول الدين ، ولم يفهم التوحيد وما يناقضه ، وإذا كان يفهم هذه الأمور نظرياً وطبق عكسها في أرض الواقع فهو أكفر من الجاهل . لأنه بذلك وضع شروطاً لدخول الإسلام تخالف شروط الله الثابتة البينة في كتابه عن علم بشروط الله سبحانه وتعالى . --]
هذا التعقيب ورد على كلام لي قد سألتك فيه ما يلي :
) ولقد سألتك من قبل أسئلة أعيد صياغتها هنا :
- ما حكم من يقول : إن المشرك الجاهل الذي لم تُقم عليه الحجة يقبل الله منه أعماله التي أخلصها لوجهه ، ويثيبه عليها في الآخرة ، ولا يدخل النار ما دام أن الحجة لم تقم عليه .. بل سيدخل الجنة .
فيقول :
إن الله يقبل له صلاته ، وصيامه ، وحجه ، ودعاءه ، وزكاته ، وسائر العبادات التي أداها خالصاً لله تعالى .. ولا يُحبط عمله لأنه جاهل ، وإن حبوط العمل مقرون بإقامة الحجة ، أي بعد بلوغ الرسالة .
فهل هذا كافر ؟ أم ماذا ؟ --]
وأنت تقول :
(ثم بعد ذلك قال هذا الكلام .. (إلى أن قلت) .. فلا نكفره بل هذا هو القول الأرجح في الدين --]
يعني ما أفهمه من كلامك هو :
أن من يقول إن الله يُثيبه على أعماله التي أخلص فيها لله وحده ، من صلاة وصيام وزكاة وما إلى ذلك .. ولا ينتقض هذا الثواب بالشرك لأنه جاهل ولم تقم عليه الحجة .. فهذا عندك هو القول الراجح ؟




أقول : الظاهر أنك لم تقرأ كلامي جيداً . أنا قلت بالحرف الواحد :" وحتى لو لم يصل ولم يصم ولم يعبد الله في حياته ، حكمه هكذا. إذا لم تقم عليه الحجة . وهذا حكم أهل الفترة "
ليست الأعمال هي المهمة : المهم هو أن الله سبحانه وتعالى حسب ما بين لنا في كتابه الكريم أنه لا يعذب أحداً في الدنيا والآخرة لارتكابه الشرك الأكبر حتى تقام عليه الحجة بإرسال الرسل حيث قال : " " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
أما أعمال الظلم فلا شك أنه سوف يحاسبه عليها في الدنيا أو الآخرة ، وكذلك أعمال الخير فسوف يكافئه عليها إما في الدنيا وإما في الآخرة . فالله سبحانه وتعالى يقول " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
حتى المشرك الذي أقيمت عليه الحجة سيستفيد من أعماله الخيرية في الدنيا أو في الآخرة وذلك بتخفيف عذابه ، كما هو الحال مع عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكما أن الجنة درجات كذلك النار درجات . فعذاب الكافر المشرك الذي يظلم الناس ويؤذي المسلمين ليس كعذاب المشرك المسالم الذي يساعد الناس ويفعل الخير .
فمسألة إحباط الأعمال هي أنه لا يستفيد منها في دخول الجنة مع الشرك .
فالذي لم تقم عليه الحجة يعمل له امتحان حسب الحديث الصحيح فإذا نجح في هذا الإمتحان يدخل الجنة ويستفيد من أعماله الصالحة برفع درجته في الجنة . وإذا كان قد ظلم أحداً في الدنيا فإنه لا شك سيحاسب على ذلك . أما إذا لم ينجح بالامتحان فسوف يدخل النار وسوف يستفيد من أعماله بأن يخف عنه العذاب . فقد قال تعالى :" وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "
وهذا كله لا يغير حكمه في الدنيا . فمن عبد غير الله وأشرك معه غيره فهو مشرك بعينه غير موحد بعينه قبل الحجة وبعدها . ولا يعذر بالجهل ولا بالتأويل .
والذي يترك الشرك ويوحد الله ويتوب التوبة النصوح ويعمل العمل الصالح فإن الله سبحانه سيبدل سيئاته التي كان يفعلها في شركه حسنات . فكيف الحال بحسناته .
قال تعالى : " إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا "



قول : على الأقل .. ما يثبت من كلامك هو أنك تقول هو غير كافر .. وهذا ما يهمني الآن .



أقول : نعم لا يكفر ولم يكفره أحد .


قولك : الآن أود أن أسألك :
العمل الصالح الذي أخلص المرء فيه لله تعالى ، وقبله الله منه ( والله لا يقبل إلا من المتقين ، كما قال : { إنما يتقبل الله من المتقين } ) ، ورضي عنه ( أي عن العمل ) فأثاب صاحبه عليه .. هل تسمي هذا العمل إيماناً ؟ .. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ؟
فإن كان هذا إيماناً مقبولاً عند الله ، هل تسميه توحيداً ؟


أقول : هذا ليس إيماناً ولا توحيداً ، هذا عمل صالح من أعمال الإيمان والإسلام .. ولا يسمى توحيداً وأيماناً بمعنى أن فاعلها مؤمن موحد وهو يشرك بالله . فلا يقال لمن أشرك بالله وعبد الطاغوت ، هذا بصلاته مؤمن موحد وبصيامه مؤمن موحد وبشركه مشرك . ثم بعد ذلك للحكم عليه ننظر بالترجيح . لأن من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله لا ينظر لباقي أعماله هل هي على التوحيد أم لا . فهذا لا يهم ولا يؤثر بالحكم عليه شيئا . فإذا وقت نجاسة في إناء ، للحكم على الماء بالطهارة أو النجاسة لا ينظر هل الماء الذي كان في الإناء ماء زمزم أم مياه مجاري . فمن عبد غير الله لا يسمى موحداً بعينه ولو عمل كل أعمال التوحيد والإيمان . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف . وإلا لحكمنا على كل من يعمل عملاً من أعمال الإيمان والإسلام بالتوحيد والإسلام . فمن يُمط الأذى عن الطريق سيصبح موحداُ مؤمناً مع شركه بالله .
ولا يعني إعطاء مكافئة لفاعل العمل الصالح أنه إيمان وتوحيد . فقد يعمل العمل الصالح لأنه صالح ويكافئ على ذلك .
فقد قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
وكما قلت سابقاً أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات ، فهل سنقول أنها كانت إيماناً وتوحيداً ؟
وقد سمى الله كل عمل يوافق شريعته أعمال صالحات .
قال تعالى : " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا "
وكذلك قال تعالى : " وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ "
والله سبحانه يرضى عن كل عمل خير . ويكافئ عليه . وليس معنى هذا ، الحكم على فاعله بأنه موحد مؤمن .
أما الآية التي استشهدت بها وهي : "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ "
فإنك لم تستشهد بها في محلها . فوصف " المتقين " فيها لا يعني الموحدين أو المؤمنين . وإنما يعني : أن الله سبحانه وتعالى يقبل القرابين ممن اتق الله في فعله ذلك . أنظر لسباق الآية .
قال تعالى : "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " أي القربان ممن اتق الله في فعله ذلك ،وليس معنى " المتقين " الموحدين والمؤمنين.
ولا تعني هذه الآية أن من لم يتقبل منه القربان غير مؤمن ولا موحد ؟

رد مع اقتباس
  #65  
قديم 12-14-2017, 10:29 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم

تقول :


[-- هذا ليس إيماناً ولا توحيداً ، هذا عمل صالح من أعمال الإيمان والإسلام .. ولا يسمى توحيداً وأيماناً بمعنى أن فاعلها مؤمن موحد وهو يشرك بالله --]

يعني نحن عندنا رجل يقول : لا إله إلا الله في الدعاء .. فلا يدعو إلا الله ، ويعتقد بقلبه أنه لا يستحق أحد الدعاء إلا الله ..

فهل هذا وحّد الله - تعالى - بقلبه وفعله في هذا الفعل ؟ .. لا أظن أن أحداً سيخالف في ذلك .

وأنت تقول إنه عمل من أعمال الإيمان والإسلام .. هذا مع أنه يعمل الكفر والشرك في مواضع أخرى .. إلا أنك قلت إن عمله (الذي على الجوارح) هو من أعمال الإيمان .

فما تقول في قلبه إذن ؟

هل تحقق في قلبه في هذا الفعل إيمان أيضاً ؟ .. مع كونه يعتقد الشرك في مواضع أخرى ؟

إن قلت لي لا .. قلت لك : فما معنى أن يعتقد أنه لا يستحق أحد هذا العمل إلا الله ؟ .. هل تسمي هذا من أعمال الإيمان القلبية ؟

فإن كنت تسميه كذلك .. فما بقي من معنى الإيمان إلا ذلك ؟

ثم لو جاء رجل وقال .. عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه .. أليس هذا إثبات للإيمان في هذا الموضع ؟

والمعلوم أن الإيمان هو إخلاص العبادة لله وحده .. فمن أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في فعل ما .. فهذا هو حقيقة الإيمان .

فهذا الرجل مع إخلاصه لله تعالى في هذا الموضع ، ومع متابعته للرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع .. هو على دين المسلمين في هذا الأمر .

فالعمل الصالح المقبول عند الله هو ما اتفق فيه الإخلاص والمتابعة .. كما هو معلوم .

فمن أتانا وقال : فلان عمله من دين الإسلام .. واعتقاده وإخلاصه في هذا العمل من دين الإسلام .. فهو على المعتقد والعمل الصحيح الذي يرضاه الله تعالى في هذا الشأن .. فهل في كلامه ما يسوء ؟

وهل مثل هذا نقول عنه إنه لا يعرف حقيقة التوحيد ؟ أو حقيقة الإخلاص ؟؟


--------------

[-- فلا يقال لمن أشرك بالله وعبد الطاغوت ، هذا بصلاته مؤمن موحد وبصيامه مؤمن موحد وبشركه مشرك . ثم بعد ذلك للحكم عليه ننظر بالترجيح . لأن من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله لا ينظر لباقي أعماله هل هي على التوحيد أم لا . فهذا لا يهم ولا يؤثر بالحكم عليه شيئا --]


كانت علّة تكفيرك لمن يعذر المشركين بالجهل أنه لا يعرف التوحيد ..

وهذا الرجل الذي تكفّره لهذه العلّة عندما قام بتجزئة المسائل .. جزأها إلى إيمان وكفر .. وتوحيد وشرك ..

فحكم على ما أخلص فيه المرء لله ، وعبد الله فيه .. بالتوحيد .. بل وبقبول الله تعالى لها ، ومثوبته عليه .

وحكم على ما أشرك بالله فيه .. بالشرك ، وحبوط عمله فيه .

فكيف لمن لا يعرف التوحيد أن يفرّق بين التوحيد والشرك ؟؟ .. سبحان الله .

ولا يبقى إلا حكم التغليب والإظهار .. فهل هذا من أصل الدين أيضاً ؟ .. وما وجه إدخاله في أصل الدين ؟؟

--------------


[-- فإذا وقت نجاسة في إناء ، للحكم على الماء بالطهارة أو النجاسة لا ينظر هل الماء الذي كان في الإناء ماء زمزم أم مياه مجاري --]

ولو وقعت النجاسة في الطعام ؟ ألا يكون موضعها فقط هو موضع النجاسة ، ويكون باقي الطعام طاهراً طيباً ؟

--------------

[-- فمن عبد غير الله لا يسمى موحداً بعينه ولو عمل كل أعمال التوحيد والإيمان . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف . وإلا لحكمنا على كل من يعمل عملاً من أعمال الإيمان والإسلام بالتوحيد والإسلام . فمن يُمط الأذى عن الطريق سيصبح موحداُ مؤمناً مع شركه بالله . --]


من أماط الأذى عن الطريق ابتغاء مرضاة الله ، ورجاء له وحده ، لا يُشرك به شيئاً في هذا الفعل ، فأخلص لله الدين به .. فقد تحقق لديه الإيمان في قلبه وفعله في هذا الأمر .. إلا أن عمله غير مقبول عند الله لحبوط ثوابه بالشرك .

أما قولك فيمن عبد غير الله .. فهو لا يُسمى موحداً بفعله هذا .. بل هو مشرك بهذا الفعل .

كما نقول : من عصى الله فهو عاص .. ومن قال : من عصى الله فهو طائع .. لا يشك مسلم في كفره .

ومع هذا ، يُمكن أن يُسمى من يعصي الله تعالى طائعاً .. إن غلب عليه فعل الطاعة .

لكن ما يميّز الشرك والكفر عن غيرهما من المعاصي .. أنهما يُحبطان ثواب الإيمان .. في حين أن المعاصي تُنقص ثوابه .

أما تسمية من وقع في الشرك الأكبر في مسألة ما مشركاً ، دون اعتبار لما معه من كثير توحيد وإيمان .. وزعمك أن هذا يعلمه كل موحّد .. فهذه دعوى تفتقر إلى دليل لا أكثر .. ولم يقل أحد من علماء الإسلام المعتبرين بذلك (أي أن هذا يعلمه كل موحد) .. ويكفيني ذلك .. وقد تكلمنا في ذلك كثيراً بما يغني عن الإعادة هنا .

--------------


[-- ولا يعني إعطاء مكافئة لفاعل العمل الصالح أنه إيمان وتوحيد . فقد يعمل العمل الصالح لأنه صالح ويكافئ على ذلك .
فقد قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " --]


قل لي .. هل من يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة .. هل يثيبه الله عليه ؟؟ وهل يكافئه على ذلك ؟؟

أم أن الله تعالى يتركه وشركه ، ولا يؤجره على ذلك بشيء ؟

أما الآية التي استدللت بها ، فهي على نقيض كلامك .

فإن الآية تتحدث عمّن يعمل من أجل الدنيا .. وحديثنا هو عمّن يعمل من أجل الله تعالى .. أخلص هذا العمل لله وحده ، وعبده به وحده .. واعتقد أنه لا يستحق العبادة بهذا العمل إلا الله .

فكلامنا ليس فيمن يعبد الدنيا ، ويبتغي بعمله وجه الدنيا .. فهذا مشرك لا يثيبه الله تعالى على عمله إلا في الدنيا .. بأن ييسر له أمر دنيا ويفتح له أبواب الدنيا ، فيغل فيها ويزيد ضلالاً .

يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (*) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [هود : 15- 16]

وقال أيضاً : { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } [يونس : 7]


أما كلامنا فهو فيمن ابتغى مرضاة الله بهذا الفعل ، وابتغى الدار الآخرة .

قال تعالى : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب : 29]

قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى : 20]

--------------


[-- وكما قلت سابقاً أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات ، فهل سنقول أنها كانت إيماناً وتوحيداً ؟ --]

هل يعني كلامك هذا أن من عبد الشيطان طوال عمره ، وبجميع أفعاله .. لا يعلم إلهاً له إلا الشيطان ، ثم تاب .. صارت عبادته للشيطان مثل من وحّد لله تعالى طوال عمره بأكثر أفعاله وعباداته (لكنه أشرك في مسألة أو اثنتين) ؟

أما قول الله تعالى : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان : 70] .. الذي تستدل به على مذهبك في هذه المسألة ، فهو استدلال في غير محله .

فإن التوبة من الذنب هي عمل صالح ، يثيبه الله عليه .. فيجعل الله تعالى مكان هذا الذنب الذي عمله ، أجر التوبة .. لا أن نفس العمل ينقلب صالحاً .. أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة .

يقول ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 10/308-309]:




فما يأتي به التائب من معرفة الحق ومحبته والعمل به ، ومن بغض الباطل واجتنابه ، هو من الأمور التي يحبها الله تعالى ويرضاها ، ومحبة الله كذلك بحسب ما يأتي به العبد من محابه . فكل من كان أعظم فعلاً لمحبوب الحق ، كان الحق أعظم محبة له ؛ وانتقاله من مكروه الحق إلى محبوبه ، مع قوة بغض ما كان عليه من الباطل ، وقوة حب ما انتقل إليه من حب الحق ؛ فوجب زيادة محبة الحق له ومودته إياه ؛ بل يبدل الله سيئاته حسنات ، لأنه بدل صفاته المذمومة بالمحمودة فيبدل الله سيئاته حسنات . فإن الجزاء من جنس العمل . وحينئذ فإذا كان إتيان التائب بما يحبه الحق أعظم من إتيان غيره ، كانت محبة الحق له أعظم . وإذا كان فعله لما يوده الله منه أعظم من فعله له قبل التوبة ، كانت مودة الله له بعد التوبة أعظم من مودته له قبل التوبة




هذا هو السبب في تبديل السيئات حسنات .. لا أن السيئة تتبدل إلى حسنة بنفس درجتها .. فيكون من فعل السيئة .. أجره مثل من فعل الحسنة .

فالحسنات التي يُثبتها الله تعالى هي ما نتج عن التوبة والمحبة لله والانكسار بين يديه .. فهي حسنات التوبة ، لا أن المعاصي قد آجره الله عليها .


------------

[-- والله سبحانه يرضى عن كل عمل خير . ويكافئ عليه . وليس معنى هذا ، الحكم على فاعله بأنه موحد مؤمن . --]


هل يرضى الله عن أعمال الخير التي صُرفت في عبادة الشيطان والأصنام ؟

كأن يقول فلان : أنا أميط الأذى عن الطريق طاعة وعبادة لبوذا .

فهل هذا عمل صالح يرضى الله عنه ؟


------------

[-- فإنك لم تستشهد بها في محلها . فوصف " المتقين " فيها لا يعني الموحدين أو المؤمنين . وإنما يعني : أن الله سبحانه وتعالى يقبل القرابين ممن اتق الله في فعله ذلك . أنظر لسباق الآية . --]


يعني يمكننا أن نصف رجلاً بأنه متق لله في فعله هذا ؟ مع كونه لا يتقيه في سائر أفعاله ؟

فنقول : هو متق لله في فعله هذا ، وفاسق في أفعال أخرى ؟

رد مع اقتباس
  #66  
قديم 12-14-2017, 10:42 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 64


قولك : تقول هذا ليس إيماناً ولا توحيداً ، هذا عمل صالح من أعمال الإيمان والإسلام .. ولا يسمى توحيداً وأيماناً بمعنى أن فاعلها مؤمن موحد وهو يشرك بالله (
يعني نحن عندنا رجل يقول : لا إله إلا الله في الدعاء .. فلا يدعو إلا الله ، ويعتقد بقلبه أنه لا يستحق أحد الدعاء إلا الله ..
فهل هذا وحّد الله - تعالى - بقلبه وفعله في هذا الفعل ؟ .. لا أظن أن أحداً سيخالف في ذلك .
وأنت تقول إنه عمل من أعمال الإيمان والإسلام .. هذا مع أنه يعمل الكفر والشرك في مواضع أخرى .. إلا أنك قلت إن عمله (الذي على الجوارح) هو من أعمال الإيمان .
فما تقول في قلبه إذن ؟




أقول :هذا الرجل الذي دعا الله وحده ، وحد الله في الدعاء ، ولا يقال : لأنه وحد الله في الدعاء فهو موحد وفي دين الله مع فعله للشرك .
ولا يقال أيضاً للحكم على عينه وبأي دين هو : هذا لأنه وحد الله في الدعاء والسجود والصوم فهو موحد في الدعاء وموحد في السجود وموحد في الصوم ومشرك بالله في التحاكم والتشريع ، وللحكم على عينه ننظر للترجيح .
الموحد يعرف أن من أشرك بالله الشرك الأكبر بأي مسألة كانت بسيطة كانت أم كبيرة ، ليس في دين الله بعينه ، فهو مشرك بالله بعينه ، مهما وحد الله بباقي عمله . لأن الموحد ما أصبح موحداً وفي دين الله إلا بتركه للشرك.
وكلمة مشرك معناها : يعبد الله ويعبد غيره . يعني يعبد الله وحده في بعض الأعمال ويعبد غيره في بعض الأعمال .
يعني حسب تعبيرك : يوحد الله في بعض الأعمال ويشرك بالله في أحد الأعمال .
والذي لا يعبد الله البتة ويعبد غيره لا يقال عنه بأنه مشرك . بل هو ملحد .
دين الله هو الدين الخالص من الشرك ، ولا يملك أحد دخوله بدون أن يخلص من الشرك بسيطه وكبيره . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف مهما كان مستواه العقلي . لأنه بهذه الحقيقة دخل دين التوحيد .
قال تعالى : "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ "


قولك : هل تحقق في قلبه في هذا الفعل إيمان أيضاً ؟ .. مع كونه يعتقد الشرك في مواضع أخرى ؟
إن قلت لي لا .. قلت لك : فما معنى أن يعتقد أنه لا يستحق أحد هذا العمل إلا الله ؟ .. هل تسمي هذا من أعمال الإيمان القلبية ؟
فإن كنت تسميه كذلك .. فما بقي من معنى الإيمان إلا ذلك ؟




أقول : أنت تسأل وتجيب على كيفك .
نحن يا أبا شعيب نتكلم عن كيفية دخول العبد للإسلام ، لدين التوحيد . والله سبحانه وتعالى بين ذلك أتم بيان . فمن كان في قلبه ذرة من شرك أكبر لا يملك دخول دين الله ، وكذلك من كان في عمله أي شي من الشرك الأكبر لا يملك دخول دين الله . هكذا يجب أن يفهم دين الله ، وهكذا يجب أن يفهم التوحيد .
وأنت نفسك قلت :" يجب عليه حتى يدخل دين الله أن يترك الشرك قلباً وقالباً . " فتذكر كلامك جيداً
أما أن ننظر لهذه المسألة كعملية حسابية ، نحسب فيها كم عنده من التوحيد وكم عنده من الشرك ثم بعد ذلك نرجح ما هو حكمه ، فهذه لم يقل بها أحد يعرف ما هو التوحيد ، ومن هو في دين التوحيد .
نعم من دعا الله مخلصاً له الدين ، قلبه وحد الله في هذه المسألة ، وكذلك من صلى لله وحده ، قلبه وحد الله في الصلاة ، ومن صام لله وحده ، قلبه وحد الله في الصوم . ولكن مع كل هذا إذا ثبت أنه أشرك بالله بأي مسألة كانت ، يحكم عليه بأنه مشرك ليس في دين الله بعينه ، وليس في عمله فقط . وبعد هذا الحكم وقبله لا ينظر هل في قلبه بعض التوحيد أم لا . ولا يبحث أصلاً في مثل هذه المسائل مع وجود الشرك الأكبر . ولو كان الأمر كذلك لما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل من أشرك بالله بالشرك بدون أن يقيم كم عنده من توحيد . وقد قلت لك سابقاً لا يوجد على وجه الأرض من لا يوجد عنده من أعمال الإسلام والتوحيد والإيمان شيء.
فهل حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة أو أحد التابعين أو من تبعهم بإحسان ، قبل أن يحكم على عين من أشرك بالله الشرك الأكبر ، بدأ يقيم ما عنده من توحيد ؟



قولك : ثم لو جاء رجل وقال .. عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه .. أليس هذا إثبات للإيمان في هذا الموضع ؟



أقول : لا يقول موحد لمن عرف عنه فعل الشرك الأكبر ، عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه مقبول عند الله .
لأنه يعرف أنه لا يجوز أن يحكم على أي شيء بدون دليل شرعي . فما هو الدليل الشرعي الذي استند إليه في الحكم على العمل بالقبول عند الله مع الشرك الأكبر .
الموحد الذي لا يعرف حكم حبوط الأعمال بالشرك لا يحكم بقبولها بل يسأل عنها الشرع كما فعلت عائشة رضي الله عنها .
ولو فرضنا جدلاً أن أحد الموحدين الجهلة بحكم حبوط عمل المشرك ، قال بقبول عمل المشرك الذي فعله لله ، فإنه لا يقصد البتة أن يحكم على عينه بالتوحيد ، وكذلك لا يقصد بهذا القول أن يدخل في عملية حسابية ترجيحية ليحكم بعدها على عين من فعل الشرك .


قولك : والمعلوم أن الإيمان هو إخلاص العبادة لله وحده .. فمن أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في فعل ما .. فهذا هو حقيقة الإيمان



أقول : الإيمان المقبول عند الله هو إخلاص جميع العبادة له . ولا يقال أن الإيمان المقبول عند الله هو إخلاص القلب في بعض الأعمال مع وجود شرك وعدم إخلاص في بعض الأعمال . فهذا يسمى إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض . كما قال تعالى : " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
لهذا من الخطأ الجسيم أن يقال لمن عُرف عنه أنه أشرك بالله الشرك الأكبر : هذا أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في الصلاة .. فهذا هو حقيقة الإيمان .
نعم ممكن أن نقول وهذه حقيقة الإيمان في الصلاة . ولكن يجب أن لا نقف في حكم من أشرك بالله عند هذا الحكم ، بل يجب أن نقول عقب هذا الكلام ولكنه ليس مؤمناً ولا موحداً لأنه أشرك بالله الشرك الأكبر .
حقيقة الإيمان ودين التوحيد بالشكل العام :هو الإخلاص لله في جميع أنواع العبادة .
قال تعالى : " أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ "
وقال تعالى : " قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ . قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ "
فصبغة الله هي دينه الخالص من كل أنواع الشرك . وصبغة الله صافية لا تقبل معها أي نوع آخر من الأصباغ . لأنها إذا دخلها أي نوع آخر من الصبغات مهما كانت الكمية صغيره ، فقد زال عنها الصفاء وأصبحت مغشوشة . ولا يبحث بعد ذلك بكمية الغش التي فيها .



قولك : فهذا الرجل مع إخلاصه لله تعالى في هذا الموضع ، ومع متابعته للرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع .. هو على دين المسلمين في هذا الأمر .



أقول : لا ، ليس في دين المسلمين بعينه من أشرك بالله وعبد غيره .
ومن أشرك بالله وعبد غيره فهو مشرك بعينه خارج من دين التوحيد .
ولا يقال بعد ذلك هو في هذا العمل على دين الله وفي هذا العمل على غير دين الله . وكأننا في سوق خضار نقيم سحارة فواكه ، فنقول : هذه الحبة جيدة وهذه الحبة مخمجه ( خربانه ) . لنحكم في النهاية على السحارة .
هل هكذا يقم الشخص في دين الله ؟ هل هكذا يعرف المسلم من غير المسلم في دين الله ؟


قولك : فالعمل الصالح المقبول عند الله هو ما اتفق فيه الإخلاص والمتابعة .. كما هو معلوم .
فمن أتانا وقال : فلان عمله من دين الإسلام .. واعتقاده وإخلاصه في هذا العمل من دين الإسلام .. فهو على المعتقد والعمل الصحيح الذي يرضاه الله تعالى في هذا الشأن .. فهل في كلامه ما يسوء ؟




أقول : نعم في كلامه ما يسوء إذا أراد بذلك تقيم أعمال المشرك للحكم عليه في أي دين هو . بل هو من التلبيس الواضح والتحايل على الأحكام .


قولك : وهل مثل هذا نقول عنه إنه لا يعرف حقيقة التوحيد ؟ أو حقيقة الإخلاص ؟؟



أقول : بل لمثل هذا نقول : اتق الله يا رجل ، وكفاك تلبيساً وجهلاً.
ولو كنت تعرف ما هو التوحيد وما حكم الشرك ، لما دخلت في عملية حسابية لتقيم ما عند المشرك من شرك وإخلاص وتوحيد لتحكم على شخصه بعد ذلك
.

قولك : قلت : ( فلا يقال لمن أشرك بالله وعبد الطاغوت ، هذا بصلاته مؤمن موحد وبصيامه مؤمن موحد وبشركه مشرك . ثم بعد ذلك للحكم عليه ننظر بالترجيح . لأن من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله لا ينظر لباقي أعماله هل هي على التوحيد أم لا . فهذا لا يهم ولا يؤثر بالحكم عليه شيئا )
كانت علّة تكفيرك لمن يعذر المشركين بالجهل أنه لا يعرف التوحيد ..
وهذا الرجل الذي تكفّره لهذه العلّة عندما قام بتجزئة المسائل .. جزأها إلى إيمان وكفر .. وتوحيد وشرك ، فحكم على ما أخلص فيه المرء لله ، وعبد الله فيه .. بالتوحيد .. بل وبقبول الله تعالى لها ، ومثوبته عليه .
وحكم على ما أشرك بالله فيه .. بالشرك ، وحبوط عمله فيه .
فكيف لمن لا يعرف التوحيد أن يفرّق بين التوحيد والشرك ؟؟ .. سبحان الله .


أقول : لو عرفت السبب لبطل عجبك .
لو عرف هذا التوحيد وحكم الشرك ، لعرف أن من أشرك بالله ، حكمه أنه مشرك بعينه ، وليس في دين الله بعينه . ولا يدخل معه بمثل هذه العملية الحسابية للحكم على عينه .
لو عرف التوحيد وحكم الشرك ، لما تردد بالحكم على عين من أشرك بالله بأنه ليس موحد وليس في دين الله . كونه تردد بالحكم وبدأ بعملية حسابية يستعرض بها أعمال التوحيد والشرك عنده للحكم على عينه ، لأكبر دليل على أنه لا يعرف التوحيد ولا حكم الشرك .
فالتوحيد الذي يعرفه هذا ، هو التوحيد الذي لا يبطله الشرك .
والشرك الذي يعرفه هذا ، هو الشرك الذي يمكن أن يجتمع مع الموحد ويبقى موحداً .
وكل ما يعرفه عن التوحيد : أن يكون العمل خالصاً لله .
وكل ما يعرفه عن الشرك : أن لا يكون العمل خالصاً لله . وهذا ما كان يعرفه مشركي العرب ، وما يعرفه كل المشركين على الإطلاق .
فمشركي العرب كانوا يعرفون أنهم على الشرك ، ولكنهم كانوا لا يعرفون حكمه .
وأهل الكتاب كانوا لا يعرفون أنهم على الشرك ولكنهم كانوا يعرفون حكمه.
وحُكم عليهم كلهم بأنهم لا يعرفون التوحيد .
فهذا حاله كمشركي العرب ، يعرف الشرك ولكنه لا يعرف حكم الشرك وحكم المشرك ، هل هو في دين الله بعينه أم خارجه .
ومن لا يكفرهم ، ممن وقع في الشرك جهلاً ، حالهم كحال أهل الكتاب لا يعرفون أنهم واقعين في الشرك . ويحسبون أنهم في دين الله . فلا هو ولا من لم يكفرهم عرف التوحيد .
أعرفت السبب الآن يا أبا شعيب - هداك الله - لماذا حكمتُ عليه بأنه لا يعرف التوحيد ؟
فمن لا يعرف حكم الشرك لا يعرف دين التوحيد وكيفية دخوله .



قولك : أقول ولا يبقى إلا حكم التغليب والإظهار .. فهل هذا من أصل الدين أيضاً ؟ .. وما وجه إدخاله في أصل الدين ؟؟



أقول : ماذا تقصد في سؤالك هذا ؟
وما المقصود من حكم التغليب والإظهار ؟
من عرف أن شخصاً ما قد فعل الشرك الأكبر ولم يحكم على عينه بأنه مشرك خارج دين الله ، ويدخل في عملية حسابية يقيم فيها توحيده وشركه للحكم عليه ، فهذا لم يفهم التوحيد وحكم الشرك ولم يفهم كيفية دخول دين التوحيد . ولقد أثبت لك لماذا .


قولك : قلت : ( فإذا وقت نجاسة في إناء ، للحكم على الماء بالطهارة أو النجاسة لا ينظر هل الماء الذي كان في الإناء ماء زمزم أم مياه مجاري(--
ولو وقعت النجاسة في الطعام ؟ ألا يكون موضعها فقط هو موضع النجاسة ، ويكون باقي الطعام طاهراً طيباً ؟




أقول : أنا ضربت لك مثالا ً لمن ينجس كله عند مخالطته أي نجاسة ، ولم اضرب مثالاً لمن يتنجس بعضه .
فالشرك الكبر مهما كان بسيطاً ، إذا دخل القلب خرج منه التوحيد . وأصبح الشخص مشركاً بعينه .
والثابت من أصل الدين ، عدم إمكانية أن يكون الشخص في دين الله وهو يعبد غير الله .
والظاهر أنك يا أبا شعيب تعتقد أن الشرك الأكبر لا يُنجِّس إلا العمل نفسه ، أما الشخص كله فلا ينجس ( بمعنى يصبح مشركاً بعينه ) ، لهذا سألتني عن الطعام الجامد .
اعلم يا أبا شعيب أن صبغة الله ليست من الجوامد كالطعام ، فأي شيء من الشرك الأكبر يغيرها ويفسدها كلها .


قولك : قلت : ( فمن عبد غير الله لا يسمى موحداً بعينه ولو عمل كل أعمال التوحيد والإيمان . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف . وإلا لحكمنا على كل من يعمل عملاً من أعمال الإيمان والإسلام بالتوحيد والإسلام . فمن يُمط الأذى عن الطريق سيصبح موحداُ مؤمناً مع شركه بالله ) .
من أماط الأذى عن الطريق ابتغاء مرضاة الله ، ورجاء له وحده ، لا يُشرك به شيئاً في هذا الفعل ، فأخلص لله الدين به .. فقد تحقق لديه الإيمان في قلبه وفعله في هذا الأمر .. إلا أن عمله غير مقبول عند الله لحبوط ثوابه بالشرك .
أما قولك فيمن عبد غير الله .. فهو لا يُسمى موحداً بفعله هذا .. بل هو مشرك بهذا الفعل .
كما نقول : من عصى الله فهو عاص .. ومن قال : من عصى الله فهو طائع .. لا يشك مسلم في كفره .
ومع هذا ، يُمكن أن يُسمى من يعصي الله تعالى طائعاً .. إن غلب عليه فعل الطاعة .
لكن ما يميّز الشرك والكفر عن غيرهما من المعاصي .. أنهما يُحبطان ثواب الإيمان .. في حين أن المعاصي تُنقص ثوابه .




أقول : وهذه هي المشكلة . قياس الشرك الأكبر على المعاصي .
فهل عندك الشرك الأكبر يخرج من الملة بغض النظر عن باقي الأفعال؟
إذا قلت نعم : فلماذا هذه الحسبة والترجيح في الأعمال؟
أما إن قلت أن الشرك ألأكبر لا يبطل إلا العمل نفسه ، وهذا هو الظاهر من كلامك ، لأنك شبهت الشرك الأكبر بالمعاصي ، وبدأت ترجح في الأفعال . فالمشكلة عندك إذن هي في حكم الشرك الأكبر .
لهذا يجب أن نبحث في هذه المسألة على حده .
هل الشرك الأكبر يبطل العمل نفسه أم جميع الأعمال ؟
هل الشرك الأكبر يخرج من الدين أم يجب أن ننظر لباقي الأعمال .؟



قولك : أما تسمية من وقع في الشرك الأكبر في مسألة ما مشركاً ، دون اعتبار لما معه من كثير توحيد وإيمان .. وزعمك أن هذا يعلمه كل موحّد .. فهذه دعوى تفتقر إلى دليل لا أكثر .. ولم يقل أحد من علماء الإسلام المعتبرين بذلك (أي أن هذا يعلمه كل موحد) .. ويكفيني ذلك .. وقد تكلمنا في ذلك كثيراً بما يغني عن الإعادة هنا .



أقول : يا سبحان الله .
أنت نفسك أقررت بأن الشخص حتى يدخل الإسلام يجب عليه ترك الشرك قلباً وقالباً ، وقلت أنه من أصل الدين .
وهنا تطالبني بالدليل الذي يبين : أن كل موحد دخل الدين يجب عليه معرفة أن من لم يترك الشرك لم يدخل في الدين . ؟!!!



قولك : قلت : ( ولا يعني إعطاء مكافئة لفاعل العمل الصالح أنه إيمان وتوحيد . فقد يعمل العمل الصالح لأنه صالح ويكافئ على ذلك .
فقد قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
قل لي .. هل من يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة .. هل يثيبه الله عليه ؟؟ وهل يكافئه على ذلك ؟؟
أم أن الله تعالى يتركه وشركه ، ولا يؤجره على ذلك بشيء ؟




أقول : لا يقال يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة . فعبادة الشيطان عمل غير صالح . لهذا لا يقال يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة . وكيف سيعبد الشيطان بالأعمال الصالحة ؟ يتصدق لأجل الشيطان ؟ أصبح هذا العمل ليس صالحاً ولا يسمى عملاً صالحاً ، بل هو شرك بالله وعمل باطل . فكيف يوصف بأنه عمل باطل وضلال وشرك وفي نفس الوقت يوصف بأنه عمل صالح .؟!!


قولك : أما الآية التي استدللت بها ، فهي على نقيض كلامك .
فإن الآية تتحدث عمّن يعمل من أجل الدنيا .. وحديثنا هو عمّن يعمل من أجل الله تعالى .. أخلص هذا العمل لله وحده ، وعبده به وحده .. واعتقد أنه لا يستحق العبادة بهذا العمل إلا الله .
فكلامنا ليس فيمن يعبد الدنيا ، ويبتغي بعمله وجه الدنيا .. فهذا مشرك لا يثيبه الله تعالى على عمله إلا في الدنيا .. بأن ييسر له أمر دنيا ويفتح له أبواب الدنيا ، فيغل فيها ويزيد ضلالاً .
يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (*) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [هود : 15- 16]
وقال أيضاً : { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } [يونس : 7]
أما كلامنا فهو فيمن ابتغى مرضاة الله بهذا الفعل ، وابتغى الدار الآخرة .
قال تعالى : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب : 29]
قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى : 20]




أقول : فإذا كان من أراد الدنيا في عمله فسوف يكافئ في الدنيا . فكيف من أراد الله بعمله .؟ فلا بد أن يكافئ على ذلك إما في الدنيا وإما في الآخرة ، فإن كان مشركاً وأراد الله أن يكافئه في الآخرة فسوف يخفف عنه عذاب النار كما حدث مع عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يستفيد من هذا العمل الذي وحد الله فيه لدخول الجنة بشيء ، لأنه أشرك بالله . وهذا هو معنى حبوط العمل .
هذا ، ولا يعني أن كل من يعمل للدنيا يعبد الدنيا . فقد يكون يتصدق ليقال أنه جواد ، هذا أيضاً عمله للدنيا ، ولكن لم يعبد الدنيا .
فالآية ليست دليل ضدي . لأني استشهدت بها على أن الله لا يبخس الناس شيئا . فمن عمل الخير في الدنيا لأجل الشهرة أو حمية أو لأجل مساعدة الضعيف فسوف يكافئ في الدنيا ولكن عمله في الآخرة محبط . سوف لا يستفيد منه شيئاً لدخول الجنة . وهذا هو معنى حبوط العمل .
فإذا كان من يعمل الخير للدنيا ولغير وجه الله يكافئ فكيف بمن يعمل الخير لله ؟ وهذا وجه الاستدلال بهذه الآية . فكيف هي نقيض كلامي . ؟



قولك : قلت : )وكما قلت سابقاً أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات ، فهل سنقول أنها كانت إيماناً وتوحيداً ؟ (
هل يعني كلامك هذا أن من عبد الشيطان طوال عمره ، وبجميع أفعاله .. لا يعلم إلهاً له إلا الشيطان ، ثم تاب .. صارت عبادته للشيطان مثل من وحّد لله تعالى طوال عمره بأكثر أفعاله وعباداته (لكنه أشرك في مسألة أو اثنتين) ؟




أقول : لا ليس معنى كلامي هذا . دقق بكلامي في سياقه هداك الله .



قولك :
أما قول الله تعالى : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان : 70] .. الذي تستدل به على مذهبك في هذه المسألة ، فهو استدلال في غير محله .
فإن التوبة من الذنب هي عمل صالح ، يثيبه الله عليه .. فيجعل الله تعالى مكان هذا الذنب الذي عمله ، أجر التوبة .. لا أن نفس العمل ينقلب صالحاً . أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة .
يقول ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 10/308-309]:
" فما يأتي به التائب من معرفة الحق ومحبته والعمل به ، ومن بغض الباطل واجتنابه ، هو من الأمور التي يحبها الله تعالى ويرضاها ، ومحبة الله كذلك بحسب ما يأتي به العبد من محابه . فكل من كان أعظم فعلاً لمحبوب الحق ، كان الحق أعظم محبة له ؛ وانتقاله من مكروه الحق إلى محبوبه ، مع قوة بغض ما كان عليه من الباطل ، وقوة حب ما انتقل إليه من حب الحق ؛ فوجب زيادة محبة الحق له ومودته إياه ؛ بل يبدل الله سيئاته حسنات ، لأنه بدل صفاته المذمومة بالمحمودة فيبدل الله سيئاته حسنات . فإن الجزاء من جنس العمل . وحينئذ فإذا كان إتيان التائب بما يحبه الحق أعظم من إتيان غيره ، كانت محبة الحق له أعظم . وإذا كان فعله لما يوده الله منه أعظم من فعله له قبل التوبة ، كانت مودة الله له بعد التوبة أعظم من مودته له قبل التوبة "أهـ

هذا هو السبب في تبديل السيئات حسنات .. لا أن السيئة تتبدل إلى حسنة بنفس درجتها .. فيكون من فعل السيئة .. أجره مثل من فعل الحسنة .
فالحسنات التي يُثبتها الله تعالى هي ما نتج عن التوبة والمحبة لله والانكسار بين يديه .. فهي حسنات التوبة ، لا أن المعاصي قد آجره الله عليها .




أقول : أولا ً : أنا لم أقل :" أن نفس العمل ينقلب صالحاً . أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة ".
فهذا تقويل لي لم أقله .
فما قلته هو : " أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات "
قال ابن كثير في تفسير آية ( الفرقان 70 ) التي استشهدت بها :
" في معنى قوله {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قولان (أحدهما) أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الاَية, قال: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات, فرغب الله بهم عن ذلك, فحولهم إلى الحسنات, فأبدلهم مكان السيئات الحسنات, وروي عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان ينشد عند هذه الاَية:
بدلن بعد حرهِ خريفا وبعد طول النفس الوجيفا
يعني تغيرت تلك الأحوال إلى غيرها, وقال عطاء بن أبي رباح: هذا في الدنيا, يكون الرجل على هيئة قبيحة ثم يبدله الله بها خيراً. وقال سعيد بن جبير: أبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الرحمن, وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين, وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات. وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح, وأبدلهم بالشرك إخلاصاً, وأبدلهم بالفجور إحصاناً, وبالكفر إسلاماً, وهذا قول أبي العالية وقتادة وجماعة آخرين.
(والقول الثاني) أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات, وما ذلك إلا لأنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر , فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار , فيوم القيامة وإن وجده مكتوباً عليه, فإنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته, كما ثبتت السنة بذلك, وصحت به الاَثار المروية عن السلف رضي الله عنهم, وهذا سياق الحديث. قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار, وآخر أهل الجنة دخولاً إلى الجنة, يؤتى برجل فيقول نحوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها, قال: فيقال له: عملت يوم كذا, كذا وكذا, وعملت يوم كذا, كذا وكذا, فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئاً, فيقال: فإن لك بكل سيئة حسنة, فيقول: يا رب عملت أشياء لا أراها ههنا» قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه " انفرد بإخراجه مسلم.
.. .. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة وعارم, قالا: حدثنا ثابت يعني ابن يزيد أبو زيد, حدثنا عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال: يعطى الرجل يوم القيامة صحيفته فيقرأ أعلاها, فإذا سيئاته, فإذا كاد يسوء ظنه نظر في أسفلها فإذا حسناته, ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات." أهـ
أقول : فليس ما قاله ابن تيمية في الآية هو القول الوحيد فيها وإنما هو قول من الأقوال .



قولك : قلت : )والله سبحانه يرضى عن كل عمل خير . ويكافئ عليه . وليس معنى هذا ، الحكم على فاعله بأنه موحد مؤمن (
هل يرضى الله عن أعمال الخير التي صُرفت في عبادة الشيطان والأصنام ؟
كأن يقول فلان : أنا أميط الأذى عن الطريق طاعة وعبادة لبوذا .
فهل هذا عمل صالح يرضى الله عنه ؟




أقول : لقد قلت لك أن العمل الذي يصرف للشيطان أو للطاغوت ليس عملاً صالحاً ولا يرضى عنه الله . وإنما قصد من أماطة الأذى عن الطريق، رفع الضرر عن عباد الله ، وليس طاعة لله . فهذا هو العمل الذي يسمى عملاً خيراً . وليس من عبد الطاغوت بعمله . فمثل هذا يسمى عمله باطل ورجس . أما أعمال الخير الذي قصدتها هي الأعمال التي تعمل لأجل مساعدة الخلق . يعني النية في العمل هي مساعدة عباد الله وليس لأجل الله . يعني بتعبير آخر : عمل الخير لأجل الخير .


قولك : قلت فإنك لم تستشهد بها في محلها . فوصف " المتقين " فيها لا يعني الموحدين أو المؤمنين . وإنما يعني : أن الله سبحانه وتعالى يقبل القرابين ممن اتق الله في فعله ذلك . أنظر لسباق الآية . )
يعني يمكننا أن نصف رجلاً بأنه متق لله في فعله هذا ؟ مع كونه لا يتقيه في سائر أفعاله ؟
فنقول : هو متق لله في فعله هذا ، وفاسق في أفعال أخرى ؟




أقول : نعم نستطيع أن نسميه متق لله في فعله ، ولكن لا يعني ذلك أنه من المتقين أو الموحدين أو المؤمنين وهو يفعل الشرك . بل يوصف بأنه مشرك غير موحد بعينه ولو اتق الله في جميع أفعاله .

رد مع اقتباس
  #67  
قديم 12-23-2017, 10:54 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

تتمة الرد على المشاركة رقم 31


قولك : لقد تم الجواب عن أكثر هذه المسائل المطروحة .. ثم إنك لو أخطأت فهمي في موضع ، فقد بيّنت ذلك في موضع آخر .. وتحقق لديك العلم أنني لا أكفّر من يعذر المشركين المنتسبين للإسلام بالجهل ، إن هو حكم عليهم بالإسلام لما عندهم من توحيد وإيمان .. وخالفنا في إنزال حكم الشرك عليه لتأويل عرض له .
هذا هو معتقدي الذي بيّنته في أكثر من موضع .. ولا حاجة لي لتكراره في جميع المقامات .



أقول : الحقيقة يا أبا شعيب أنا لم أر أي جواب لأسئلتي السابقة في كلامك. ولم تبينه في أي موضع . وأنا لم أخطأ فهمك .
ثم تقول هنا : " وتحقق لديك العلم أنني لا أكفّر من يعذر المشركين المنتسبين للإسلام بالجهل ، إن هو حكم عليهم بالإسلام لما عندهم من توحيد وإيمان .. وخالفنا في إنزال حكم الشرك عليه لتأويل عرض له ."
أقول : نعم تحقق لدي العلم على أنك لا تكفر من يعذر المشركين المنتسبين لإسلام بالجهل . ولكن مسألتنا ليست هي هذه ، بل هي : ما وصفتهم بالمسلمين ومن عذرهم بالجهل ، كيف تحقق أسلامهم أولاً قبل أن نبحث في تكفيرهم .
ما أقوله أنا : أن هؤلاء لم يدخلوا الإسلام بعد ، لأنهم لم يحققوا الكفر بالطاغوت بعد . فأثبت لي أولاً ، كيف حققوا هؤلاء ، وأنت ، الكفر بالطاغوت ؟ ثم نبحث بعدها كيفية الحكم عليهم بالخروج من الإسلام .
فأنت مضطرب في كيفية الكفر بالطاغوت . فمرة ، تشترط للكفر بالطاغوت ، الحكم على المشرك بأنه ليس في دين الله ، ومرة لا تشترط ذلك ، بل تقول يكفي أن يعتقد أن المشرك فعله باطل وهو على باطل بعمله. ولم تشترط للكفر بالطاغوت إخراج الطاغوت ومن يعبده من الدين. مع أنك اشترطت لدخول الدين ترك جميع أنواع الشرك ، وقلت : "من ترك الشرك يعرف أن من لم يتركه ليس في دين الله . "
ولقد بينت لك بالأدلة الشرعية : أن الكفر بالطاغوت : يقتضي تكفير الطاغوت وتكفير من يعبده . وتكفير من لا يكفرهما مع علمه بحالهما .
ولا يكفي الحكم على الطاغوت ومن يعبده ، بأنهم على باطل وأن فعلهم باطل ، مع عدم فهم أنهم ليسوا في دين الله ، أو مع عدم فهم أنهم غير موحدين بأشخاصهم وذواتهم .لأن هذا يقتضي الحكم بإسلامهم وتوحيدهم كأشخاص .



قولك : أما كلامك وتفسيرك للشرك ومقتضياته وكيفية اجتنابه .. فأريد دليلاً واحداً صريحاً في ذلك .. يجعل هذه المسائل التي تذكرها من أصل الكفر بالطاغوت ، وأن من لا يحققه فهو كافر وغير معذور بالجهل .
رجاء .. لا نريد مقررات عقلية .. نريد دليلاً من القرآن والسنة .. فنحن لسنا بمستوى ذكائك ونباهتك حتى نستنبط هذه الأحكام الأصولية التي لا يتحقق للمرء إسلام إلا بها ، ولم يذكرها الله - تعالى - في كتابه ، ولا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة من بعده ، ولا الأئمة الأربعة وتلامذتهم ، وهي شرط عظيم من شروط التوحيد !
تفضل أرنا الدليل من القرآن والسنة أن الكفر بالطاغوت من أعظم شروطه : تكفير المشركين . وأن من لا يكفرهم فهو عابد للطاغوت ، شأنه شأن المشركين.



أقول : المسألة بسيطة جداً يا أبا شعيب . ولا تحتاج لكثير من النباهة والذكاء لفهمها . فكل عاقل بالغ يستطيع أن يدركها مهما كان مستواه ألذكائي . لأنها فرض على كل عاقل بالغ . والله سبحانه وتعالى يقول :" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا "
الله سبحانه وتعالى يبعث الرسل عندما يعم الشرك . يبعثهم لدعوة الناس لترك الشرك وعبادة الله وحده لدخول دين الله والحصول على الجنة ، وإلا فمصيرهم النار خالدين فيها أبدا . وكان كل رسول يخاطب قومه باللغة التي يفهمونها .
قال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (إبراهيم : 4)
لهذا كانوا يفهمون ما يريده منهم أتم الفهم .
فمنهم من يستجيب له ويؤمن به ويدخل دينه وهم القليل ، والأكثر يكذبونه ويصرون على عدم ترك الشرك وترك دينهم . فينزل الله بهم عذابه .
قال تعالى :" لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " (الأعراف :59)
وقال تعالى : " قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " (الأعراف : 70)
وقال تعالى : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ " (النمل :45)
وقال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " (النحل : 36)
وكان كل رسول يبين لهم حكم من يشرك بالله ومصير من لا يطيعه ويترك الشرك ويعبد الله وحده .
قال تعالى : " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" (المائدة : 72)
وقال تعالى : " وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ " (هود : 50)
وقال تعالى : " وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " (العنكبوت : 16)
وقال تعالى : " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ " (العنكبوت : 36)
فهذه دعوة الرسل ، كل الرسل من أول يوم : الدعوة إلى اجتناب عبادة الطاغوت وإخلاص العبادة لله وحده . وإنذار من لا يترك الشرك ويعبد الله وحده بالعذاب في الدنيا والآخرة . وكان كل من يدخل في دين الرسل يعرف هذه الحقيقة أتم معرفة عند دخوله لهذا الدين . فقد كان يعرف من أول يوم يدخل فيه الدين ، ما عليه فعله نحو ربه ونحو رسوله ونحو الطواغيت ومن يعبدهم . وهذه المعرفة كانت يقينية وأكيدة لا لبس فيه ولا تميع ولا غموض ولا شك . يعرف أنه بتركه عبادة الطاغوت وعبادته لله وحده وتصديق رسوله وإتباعه ، قد دخل دين الله ، وأن من لم يترك عبادة الطاغوت ويصدق رسول الله ويتبعه لم يدخل دين الله ، ولو كان عنده من مظاهر التوحيد والإسلام ما عنده .
انظر لقوله تعالى : " فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ "
من أول يوم أصبحوا فريقين يختصمين . كافر ومسلم أو قل موحد ومشرك .
فأن نقول بعد هذا : يكفي لدخول الإسلام وتحقيق أصل الدين أن يعرف أنه كان على باطل وتركه ، وأن من يشرك بالله على باطل في فعله ، ثم لا يعرف بأي دين هو ولا بأي دين من يعبد غير الله ، فهذا تميع وتعتيم وتعقيد لدعوة الرسل ، واتهام رسل الله بعدم الوضوح في التبليغ والاكتفاء بالعموميات التي لا تصلح للتطبيق العملي .
بل أن نتركه هكذا لأصعب وأعقد وأحير عليه من أن يفهم أنه في دين الله بتركه عبادة غيره وعبادته لله وحده ، وإيمانه أن من لم يترك عبادة غير الله ، ليس في دين الله ، ولا يسمى موحداً مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام . لأن عبدة الطاغوت ، كانت لا تخلوا أعمالهم من أعمال يوحدون الله بها وأعمال توافق شرع الله .
دعوة الرسل كانت واضحة من أول يوم : الدعوة لترك عبادة الطاغوت وعبادة الله وحده . ومن يجيب هذه الدعوة يعرف معرفة يقينية أنه إذا ترك عبادة غير الله وعبد الله وحده فقد دخل في دين الرسول ، دين الله ، ومن لم يترك عبادة غير الله ، لم يدخل دين الرسول ، دين الله . ومعرفته هذه لا تحتاج لدليل آخر سوى الدليل الذي يبين الله فيه كيف يدخل العبد في دين الله .
ومن البديهي الذي تعرفه أبسط العقول ، أن الدعوة لترك عبادة الطاغوت لدخول الإسلام تقتضي معرفة أن الطاغوت وعابديه ليسوا في دين الله .
جرب واسأل أي عجوز عاقلة وقل لها : حتى تدخلي الإسلام يجب أن تتركي عبادة الطاغوت . فإذا أقرت بذلك . اسألها : ما هو حكم الطاغوت ومن يعبده ؟ فسوف لا تترد بتكفيره أو على الأقل بالقول : ليس في دين الله لا هو ولا عابديه . هذا هو الفهم البسيط للكفر بالطاغوت ، والذي يفهمه كل عاقل بالغ ، شُرط عليه لدخول الإسلام ترك عبادته .
ولو قلتَ له يكفيك لدخول الإسلام أن تعتقد أنه باطل وأنه على باطل . لقال لك فوراً : ما معنى هذا ؟ هل أعتبره في ديني أم لا ؟ هل أعتبر من يعبده في ديني أم لا ؟
يسأل هذه الأسئلة ولا بد ، لأنه يريد منك أن تفهمه كيف يتصرف في الناحية العلمية . ولا يريد أموراً نظرية غير محدده تحيره ولا يعرف في أي دين هو ولا مخالفه بأي دين .
وهذا هو معنى قوله تعالى : " " فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ "
هل بعد هذا الشرح والتوضيح : يستطيع أحد أن يقول لا يوجد دليل واحد على ما تقولونه سوى التقريرات العقلية . ؟
ألا يكفي في هذه المسألة معرفة كيفية دعوة الرسل لأقوامهم ؟
ألا يكفي قوله تعالى : "فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ؟
ألا يكفي قول رسوله صلى الله عليه وسلم : " " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله " ( مسلم )
كيف وأن هناك أدلة كثيرة غيرها . ؟
ثم بعد هذا يقال : يكفي العبد لدخوله للإسلام أن يعتقد أنه على حق بتركه عبادة الطاغوت وأن الطاغوت وعابديه على باطل بعبادتهم غير الله . ولا يشترط به أن يعرف بأي دين هو ولا بأي دين الطاغوت وعابديه .
نسأل من يقول هذا الكلام : ما هو دليلكم على أن هذا هو الحد الأدنى لدخول الإسلام ؟ هل عندكم آية أو حديث يبين ذلك ؟
وأنا هنا أتحداك أن تأت بآية واحدة أو حديث واحد تنص على أن دخول الإسلام يكفي فيه أن يعتقد من دخله أنه على حق وأن الطاغوت وعابديه على باطل في فعلهم . ولا يشترط معرفته بأي دين هو ولا بأي دين الطاغوت وعابديه .
وهل دعوة الرسل كانت عبارة عن بيان من هو على حق ومن هو على باطل فقط ؟ دون بيان حكم ومصير من هو على الباطل ومن هو على الحق . ؟ ودون بيان حكم من يعبد غير الله ومصيره وبأي دين هو ؟


قولك : فرضت عليه هذه الأشياء لأنها جاء فيها الدليل الشرعي الصريح الواضح .. وليس لي أن أتكلم بغير دليل .

أقول : هذا الجواب لا يصلح جواباً لما سألتك عنه لهذا أعيد الكلام مرة أخرى لعلك تجد جواباً عليه مناسبا .
قلت لك :" تفرض على من يريد أن يدخل الإسلام أشياء ولا تفرض عليه أن يعتقد أو يعرف حكم من يخالفها ويأتي بعكسها .
فمن عرف أنه يجب عليه ترك الشرك حتى يصبح مسلما ، يعرف أن من لم يتركه لم يدخل الإسلام . فإذا ترك الشرك وحكم على من لم يتركه بالإسلام لم يعرف أن تركه للشرك شرط صحة لدخوله الإسلام .
ومن حكم على من ترك الشرك بعدم دخوله للإسلام فقد حكم عليه بالشرك والكفر ، وأن كنت تخاف من كلمة كافر . فقل مشرك أو قل غير مسلم أو ليس في دين الإسلام . فلا داعي إذن أن نقحم مسألة أن تكفير المشرك الشرك الأكبر حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية يعوز من تصدى له إلى أدلة قطعية من القرآن والسنة . ويحتاج لإقامة حجة . أما إن كنت تقصد من التكفير ، تكفير من ثبت إسلامه بيقين؟ فنعم. فهذا هو الذي يحتاج لإثبات خروج صاحبه من تحقق شروط وانتفاء موانع .
وكذلك إن كنت تقصد التكفير المعذب عليه ؟ فنعم . فهذا هو من يحتاج لإقامة حجة لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فإذا عرفنا هذا نعرف المقصود من كلام العلماء بأنهم لا يكفرون من عبد غير الله حتى يقيموا عليه الحجة . فليس مقصودهم أننا لا نحكم على من عبد غير الله بالكفر ونحكم عليه بالإسلام حتى نقيم عليه الحجة . لأن من عبد غير الله ليس موحداً ولا مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت ."
ثم تقول هنا : " فرضت عليه هذه الأشياء لأنها جاء فيها الدليل الشرعي الصريح الواضح ."
أين هو الدليل الشرعي الصريح الواضح الذي يبين : أن دخول الإسلام يكفي فيه فقط أن يعتقد من دخله أنه على حق وأن الطاغوت وعابديه على باطل في فعلهم . ولا يشترط معرفته بأي دين هو ولا بأي دين مخالفه .



تقول : وليس لي أن أتكلم بغير دليل .



أقول : وهل لك أي دليل على الحد الأدنى الذي حددته لدخول الدين ؟
وهل لك أي دليل على عذر من يحكم بإسلام وتوحيد من يعبد غير الله ؟


قولك : أما أنت تفرض عليه أشياء لم يأت بها دليل واحد يجعلها من شروط الشهادتين ، بل ولا دليل واحد يجعلها من الفرائض في دين الله ! وغاية ما ذكره العلماء من دليل في ذلك هو : التصديق بالنصوص الشرعية .. لا أكثر ولا أقل .



أقول : ما شرطّه على من أراد دخول الإسلام ، شرطه رب العزة عليه بشكل واضح لا لبس فيه . وكل دعوة الأنبياء توضح ذلك . ولقد بينت لك سابقاً بعض الأدلة عليه . فالأدلة عليه كثيرة جداً في كتاب الله ذكرت لك بعضها . أما ما تقوله أنت فأتحداك مرة أخرى هنا ، أن تأت بدليل واحد عليه .


قولك : ثم إنني تكلمت عن المسائل الجزئية والمسائل الكلية ، ومسألة اعتقاد أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد (كحكم عام) وبين الخلاف في تنزيل هذا الحكم ، لاعتبارات شرعية ظنها صاحبها عذراً في من وقع في الشرك . فراجع كلامي في المسألة ، فإن في ذلك غنية عن التكرار .



أقول : يا رجل ما علاقة ما نتكلم به في المسائل الجزئية والكلية ؟
نحن نتكلم عن الشروط التي يجب أن تتوفر في العبد حتى يدخل الإسلام .
ما علاقة هذه المسألة بالمسائل الجزئية والكلية ؟ وما علاقتها في الحكم العام والخاص ومسألة تنزيلها على المعين .
وما هو دليلك من كتاب الله أن الحكم على من عبد غير الله بالشرك حكماً عاما وليس حكماً خاصاً ؟
وهل كان من يدخل الإسلام في زمن الرسل يَحكم على المشرك الذي عبد غير الله بالشرك ، كحكم عام ، ثم بعد ذلك يتعلم كيف ينزله على الخاص ، وقد لا يتعلم ويظل حكمه حكماً عاماً ؟
من أين أتيت بهذه الاصطلاحات من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ " حكم عام ، حكم خاص ، مسائل جزئية ، مسائل كلية ، تنزيل الحكم على المعين ، اعتبارات شرعية ظنها صاحبها عذراً شرعياً "
هذه كلها وضعها العلماء في المسلم الذي يرتكب كفراً .
يا رجل لا تنس أننا نتحدث عن الشرك الأكبر عمن عبد غير الله ، عمن عبد الطاغوت . هل في حكم هذا يوجد حكم عام ، وحكم خاص ؟ مسائل جزئية ومسائل كلية ؟ عذر بالجهل ؟
وهل حَكم الله في القرآن بالشرك على من عبد الطاغوت حكماً عاماً ، لا يمكن تطبيقه على الشخص المعين الذي تحققت فيه عبادة الطاغوت ، إلا حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع ؟
وما هي هذه الموانع والشروط التي يجب تحققها للحكم بالشرك على عين من عبد الطاغوت ؟ وأين هي في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ( لا تنس أننا نتكلم عن العاقل البالغ المخير )


قولك : يا أخي ، هدانا الله وإياك .. دليل واحد فقط صريح ، ويحل كل الإشكال ، وأسلّم لك في المسألة برمتها ، ولا تحتاج بعد ذلك إلى كل هذا الحوار .
أين هو ؟




أقول : راجع كلامي فلقد أتيتك بأكثر من دليل . والقرآن الكريم مليء بالأدلة على ما أقوله . ولا يتطلب منك إلا التجرد والابتعاد عن الشبهات .



قولك : ذكرت أنه يعتقد أنه لم يحقق التوحيد في المسائل التي خالف فيها فقط .. وتكلمت عن المسائل الكلية والجزئية ، وذكرت أنه يكفيه أن يعتقد أنه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل .



أقول : أولا ً أسأل الله أن يكون اتضح لك التناقض في كلامك . لأنني هنا أراك لم تحسن الجواب على ما سألتك عنه . ولم تحسن إخراج نفسك من التناقض . لأنك لم تفسر لي بعد ، لماذا هذا التناقض والحكم بمقايس مزدوجة .
ثم انظر لكلامك هنا : " يعتقد أنه لم يحقق التوحيد في المسائل التي خالف فيها فقط .."
لاحظ كيف تحدد المخالفة للتوحيد . بالفعل فقط . وكأن التوحيد يتجزأ في الشخص الواحد . يعني نفس الشخص مشرك وموحد . عبدٌ لله وعبدٌ للطاغوت ، في دين الله وفي نفس الوقت في دين الطاغوت . إن هذا الكلام لا يرضاه الطاغوت نفسه فكيف يرضاه الله سبحانه وتعالى ؟
ثم هل في مسائل الشرك الأكبر وعبادة الطاغوت مسائل كلية وجزئية ؟
من أين لك هذا ؟ هل عندك أي دليل يثبت هذا الكلام ؟



قولك : وذكرت أنه يكفيه أن يعتقد أنه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل .


أقول : أريد دليلاً واحداً يدل على أن المرء يكفيه لدخول الإسلام اعتقاد أن الطاغوت وعابديه على ضلال وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل فقط وفي حدود الفعل فقط . وأن باقي حالهم ليس كذلك . بل في أفعالهم التي من الإسلام على التوحيد والإسلام .
ثم ائت لي بدليل كيف نحكم في هذه الحالة على أشخاصهم وذواتهم ؟
ومتى هذا الشخص يفرض عليه أن يحكم على ذواتهم وأعيانهم حتى يبق على الإسلام ؟



قولك : إذا هو فهم من كلامي هذا ، ودخل الإسلام وهو لم يكفر بالطاغوت .. فهو كافر ، ولا يعذره أن يفهم هذا من كلامي .
فما شأن هذا في مسألتنا وهي :
ولا أدري ما وجه استدلالك أصلاً ..




أقول : لا يُفهم من كلامك إلا ما فهم هو . لأنك قلت بالحرف الواحد " أن الكفر بالطاغوت : هو اعتقاد أن الطاغوت وعابديه لم يحققوا التوحيد في المسائل التي خالفوا فيها فقط . " وقلت : "يكفي الشخص ليحقق الكفر بالطاغوت أن يعتقد أن الطاغوت وعابديه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل وبحدود هذا الفعل . "
أما عن قولك : " ما شأن هذا الكلام في مسألتنا وما وجه الإستدلال . "
فأقول : نحن نتكلم عن الحد الأدنى الذي يجب أن يتحقق في المرء ليحقق الكفر بالطاغوت . الشرط الأول لدخول الإسلام . أليست هذه مسألتنا .
فمرة تقول : " لا اعذره ولا أحكم له بدخول الإسلام إذا لم يترك عبادة الطاغوت ويفهم أن الكفر بالطاغوت يكفي فيه اعتقاد أن الطاغوت وعابديه في فعلهم وبحدود فعلهم على ضلال . "
ومرة تقول : " يكفيه ليحقق الكفر بالطاغوت : أن يعتقد أنه وعابديه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل وبحدود هذا الفعل "
في الأول اشترطت أن يترك الشرك . ليحقق دخول دين الله .
وفي الثاني لم تشترط عليه أن يعرف أن الشخص لا يدخل الإسلام حتى يترك الشرك .
تشترط على نفس الشخص معرفة شي ولا تشترط عليه معرفة نقيضه .
أليس هذا تناقضاً صارخاً ؟ ومقايس مزدوجة ؟ أليست الأشياء بأضدادها تعرف . ؟



قولك : ما رأيك فيمن يقول : أنا لا أشترط عليك حتى تبقى مسلماً أن تصلي لله صلاة واحدة .. بل يكفيك اعتقاد وجوبها وإثم من يتركها ..
ما رأيك حينها لو ترك الصلاة وهو عالم بوجوبها ، ويظن أن تاركها يأثم ولا يكفر حتى يستحل ؟ هل هو كافر أم مسلم ؟ .. !!
قس هذا على ذاك ..




أقول : لا أدري ما علاقة هذا المثال بما قلته لك .
ومع ذلك سأجيبك : شخص لا يشترط للبقاء في الإسلام صلاة صلاة واحده .
فهذا الشخص إذا لم يشترط هذا بداية وكان يعتقد فرضية الصلاة ، فهو لا يعتقد أن المسلم حتى يبق مسلماً يجب عليه أن يصلي لله . يعني معنى كلامه هذا : أنك تستطيع أن تبق مسلماً حتى لو لم تصلّ لله صلاة واحدة ، ويكفيك أن تعتقد وجوبها وإثم من يتركها .
فمثل هذا الشخص لا يعتقد أن تارك الصلاة كافر . بل يعتقد أنه آثم .
فلو ترك الصلاة وهو معتقداً وجوبها لا يكفر بل يأثم .

نضرب مثالاً للحالة التي نتحدث عنها مشابهاً لهذا المثال الذي ضربته .
شخص قال : أنا لا أشترط عليك حتى تبق مسلماً أن تعتقد أن من لم يترك الشرك وعبادة الطاغوت ليس موحدا وليس في دين الله ، بل لك أن تعتقد أنه موحد وفي دين الله . ويكفيك اعتقاد وجوب ترك الشرك وإثم من لا يتركه.
ألا يعني أن الذي شرط مثل هذا الشرط لا يعتقد أن الشرك مبطل للتوحيد ، ولا يعتقد أن عبادة الطاغوت مبطلة للتوحيد ؟ لا شك أنه يعني ذلك .
ثم لو لم يترك الشرك وظل يعبد الطاغوت وهو عالم بوجوب ترك عبادته ، ويظن أن فاعل الشرك وعابد الطاغوت لا يكفر حتى يستحل . هل هو كافر أم مسلم ؟ .. !!
لا شك أنه كافر مشرك ومن يشك في كفره وشركه كافر مثله . لأن مثل هذا لم يكفر بالطاغوت بل عبده ، ولا ينفعه اعتقاد أن عبادته باطلة وإثم.
بل حتى لو ترك الشرك وعبادة الطاغوت وهو لا يعتقد أن عبادة الطاغوت مبطلة للتوحيد ، لا يعد ممن كفر بالطاغوت ، لأنه يجب عليه قبل دخول الإسلام أن يعتقد أن الإسلام لا يتحقق ولا يمكن الدخول فيه ، بدون الكفر بالطاغوت وترك جميع أنواع الشرك .
فهناك فرق بين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام ، وبين من يعتقد أن شرط الكفر بالطاغوت شرط كمال لا يبطل الإسلام بعدم تحققه .
فالأول ( الذي يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام) هو من حقق الكفر بالطاغوت الذي شرطه الله لدخول الإسلام .
وهناك فرق بين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام ، وبين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت واجب من الواجبات التي من لم يفعلها غير مستحل ، لا يخرج من الإسلام كحال الصلاة أو أي واجب من الواجبات والفروض والتي يشترط فيه الاستحلال لتكفير فاعله . أو كحال أي حرام ممن حرمه الله والتي يشترط فيه الاستحلال لتكفير فاعله.



قولك : وأيضاً هنا يبدو لي أنك لم تفهم كلامي وتتهمني بالباطل .. أين تراني جوّزت الحكم بالإسلام على من لا يترك الشرك ؟ هات لي نص واحد من كلامي يُفهم منه هذا !!



أقول: أعوذ بالله أن اتهم أحداً بالباطل .
أما عن قولك أنني لم افهم كلامك فإليك كلامك فسره لنا :
ألم تقل :

" يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام.
ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم ."
" فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .
وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .
فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً ."
" أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر "
" بلى ، من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .
أما من لا يكفّره فهو معذور بالتأويل أو الجهل .."


أقول: ألا يدل هذا الكلام على حكمك بإسلام من لم يخرج فاعل الشرك من ألإسلام ؟
حسب اعتقادك هذا فإن الحكم بالإسلام على المشرك العابد الطاغوت لا يتعارض مع عقيدة التوحيد . بل حسب عقيدتك لا يأثم ما دام جاهلاً أو متأولاً ، من حكم بالإسلام على المشرك عابد الطاغوت وهو يعلم أنه يعبد الطاغوت.
مع أنني عندما سألتك : " ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟ "
فاجبت : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً ففاعل الشرك مشرك ..هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد"
أنت لم تحكم بالإسلام على من لم يترك الشرك ، ولكنك أجزت دخول الإسلام لمن حكم على فاعل الشرك بالإسلام .
فما حكمك وما هو وصفك ؟
حُكم الله الثابت ، والذي يُفهم من كلمة التوحيد ، أن من لم يترك الشرك لا يدخل الإسلام .
مثال :
سعيد : يعبد غير الله .
خالد ، حتى يدخل الإسلام حكم على سعيد بعدم دخوله الإسلام لأنه لم يترك الشرك . ولأنه عبد الطاغوت .
علي ، أراد دخول الإسلام ولكنه حكم على سعيد بالإسلام مع علمه أنه لم يترك الشرك.
خالد ، عندما دخل الإسلام حكم على سعيد بأنه لم يدخل الإسلام لعبادته الطاغوت ولكنه في نفس الوقت حكم بدخول الإسلام على علي مع أنه يعرف أنه حكم بالإسلام على سعيد وهو يعرف أنه لم يترك الشرك .
فما حكم خالد وما وصفه .
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام المشرك ؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام من يعبد الطاغوت ؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام من في دين الطاغوت؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن لم يفهم كلمة التوحيد أو لمن لم يطبقها في أرض الواقع وطبق ما يناقضها .
ألا يقال عنه أنه ربما فهمها ولكنه أعتقد في نفس الوقت إسلام من لم يفهمها ؟ أو فهمها وأعتقد إسلام من عمل بعكسها . ؟
أليس في تساهل خالد مع علي والحكم عليه بالإسلام مع أنه يحكم على عابد الطاغوت بالإسلام ، سينتج فكراً يعتبر أن شرط ترك الشرك لدخول الإسلام مسألة خلافية بين المسلمين وليس من أصل الدين ، وأنه يمكن أن يكون الشخص عابداً للطاغوت وموحداً في نفس الوقت؟



قولك : أما أني لم أشترط في صحة دخول الإسلام اعتقاد كفر الطاغوت .. فقلت إنه يكفي أن يعتقد أنه على ضلال .. أذكر ذلك هنا لتوثيق الكلام .



أقول : أنت هنا تكتفي لدخول الإسلام أن يعتقد أن الطاغوت على ضلال .
ولا تشترط عليه أن يعتقد كفر الطاغوت أو أن الطاغوت ليس في دين الله وأن عابديه ليسوا في دين الله .
هل لك أن تأتيني بدليل واحد على كلامك ؟
ألا يدل كلامك هذا أنه يمكن أن يصبح العبد مسلماً وهو يعتقد إسلام الطاغوت وعابديه . ؟



قولك : أما اعتقاد شرك من يعبد الطاغوت .. فإنني تكلمت عن المسائل الجزئية والكلية ، فراجعها .. وتكلمت في أن الحد الأدنى من الاعتقاد ليدخل الإسلام هو أن يعتقد أن من أشرك بالله على باطل وضلال وعلى غير الإسلام في هذا الأمر .



أقول : وأنت تأكد أيضاً هنا أن العبد يمكن له دخول الإسلام وهو يعتقد أن فاعل الشرك في دين الله ، ويكفيه أن يعتقد أنه على ضلال في عمله ، كأي فاعل للمعصية ؟
هل لك أن تأتين بدليل واحد على ذلك ، أو بقول عالم من علماء القرون الثلاثة المفضلة ؟
أما مسألة : المسائل الجزئية والكلية ، فمن أين جئت بها ؟ وما هو دليلك عليها من الكتاب والسنة ؟ وما علاقتها بموضوعنا ، الحد الأدنى لدخول الإسلام ؟ وهل مثل هذه التعبيرات كان يعرفها عوام المسلمين ؟
وهل سيظل العبد الذي دخل الإسلام يحكم على الطاغوت وعابديه بالإسلام حتى يتعلم المسائل الجزئية والكلية ؟



قولك : نعم ، لم تنصفني عندما قلت أنني متناقض ، لأنه لا وجه للتناقض البتة .



أقول : دقق بكلامك مرة أخرى بعد تبيني لوجه التناقض فيه ، وستجدني لم أظلمك عندما وصفت كلامك بالمتناقض . وليس هذا هو التناقض الوحيد في كلامك . فدقق هداك الله . ولا تعتبر المسألة تقليل من قيمتك كإنسان . وإنما أنا أتكلم عن كلامك .


قولك : ترك الشرك قلباً وقالباً لا يلزم قطعاً تكفير فاعله .. فإنه يتركه لأنه باطل وحرام وضلال .. ولا يسميه شركاً لجهله .. فقد دخل الإسلام بذلك . ويسمي أهله ضالين مبطلين ، ولا يكفرهم لجهله ..



أقول : إذا كان ترك الشرك قلباً وقالباً لا يلزم قطعاً معرفة أن فاعله ليس في دين التوحيد ، فلماذا شرطنا عليه تركه ليدخل الإسلام ؟
إذا كان الشرك كباقي أعمال الباطل ، فقط باطل وفاعله على باطل في فعله ، لماذا اشترطنا لمن أراد دخول الإسلام تركه ولم نشترط عليه لدخول الإسلام ترك باقي أعمال الباطل . ؟
هل لو كان زانياً أو سارقاً نشترط عليه لدخول الإسلام أن يترك هذه الأفعال وبدون تركها لا نعده مسلماً قد دخل الإسلام ؟
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو الناس لشهادة التوحيد ، وأول شهادة التوحيد هو النفي . نفي الآلة الباطلة التي تعبد مع الله .
فهل من فهم كلمة الشهادة لا يفهم أن الإله الباطل الذي يدعو الناس لعبادته أو يرضى بعبادة الناس له ، ليس في دين الله ؟ حتى يحتاج بعد ذلك لعلم زائد نفهمه به هذا الحكم ؟ وقد لا يفهمه لعدم فهمه المسائل الجزئية والكلية . أو لعدم فهمه كيفية تنزيل الأحكام على الأعيان . ويظل يحكم عليه أنه في دين الله .
ثم كيف لا يسمي الشرك شركاً وهو من لغته ؟
العرب كانت تعرف معنى كلمة شرك ومعنى كلمة كفر من لغتها ، ولا تحتاج لعلم زائد لفهمها . لهذا عندما يخاطب العربي بترك الشرك يعرف ما هو المخاطب بتركه ، ولا يخلطه بالأمور الباطلة والضلال عنده .
ولو طلبنا منه في البداية أن يترك الباطل والضلال ، لسألنا أي باطل وأي ضلال ؟ لأن أعمال الضلال والباطل كثيرة في لغته . بل هو يعرف أنه على شرك ولكنه لا يعرف أن هذا الشرك باطل وضلال ، بل يظنه حق وعدل يحبه الله ويرضى عنه ، ومما يقربه إلى الله .
ولو خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول يوم بترك الضلال والباطل لقال نعم صدقت يجب أن يترك الباطل والضلال .


قولك : فهل هو ترك الشرك وأبغضه واعتقد بطلانه ؟ .. الجواب نعم .
هل كفّر أصحابه ؟ .. الجواب لا .
هل لزم من تركه للشرك تكفير أصحابه ؟ .. الجواب لا .



أقول : حسب كلامك هو لم يترك الشرك هو ترك الباطل والحرام والضلال. لأنك قلت " فإنه يتركه لأنه باطل وحرام وضلال .. ولا يسميه شركاً لجهله . فقد دخل الإسلام بذلك ."
يعني من البداية لم يخاطب بترك الشرك لأنه يجهله ( حسب ما قلتَ ) بل خوطب بترك الباطل والحرام والضلال . لهذا تركه لأنه باطل ولأنه حرام ولأنه ضلال .
فيا عجبي : رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي لأناس يعرفون معنى كلمة الشرك والكفر ، فلا يخاطبهم بترك ما يعرفونه ويخاطبهم بترك الباطل والضلال والحرام حتى يدخلوا دين التوحيد . وبدون أن يبين لهم ما هو الضلال والباطل والحرام وما درجته ، ولماذا طلب منهم تركه . وما حكم فاعله . ومع هذا يهددهم بالعذاب الشديد الأبدي إذا لم يتركوه .
ألا يفهموا من هذا الخطاب أن المسألة ليست مسألة دخول دين وخروج منه وإنما دعوة الرسول هي دعوة لترك الباطل والضلال والحرام بدون الحكم على من لم يتركها بأنه خارج الدين ، فقط يحكم عليه أنه على ضلال وباطل . ؟
ألا يدل هذا الكلام أن دعوة الرسل لم تكن من اليوم الأول تبين من هو في دين الله ومن هو خارجه .؟
هذا الشخص حسب كلامك ترك الشرك وهو لا يعرف أنه شرك فقط يعرف أنه باطل وضلال وحرام . يعني هذا الشخص لم يكن عربي ولا يعرف العربية .
ويعني هذا الكلام أنه طولب بترك شي لا يعرف حدوده وأوصافه واسمه ليدخل دين الله . أليس هذا قمة التعجيز الذي ينزه الله ورسله عنه ؟
هل هذا هو البيان المبين الذي أمِر الرسل به ؟
حسب كلامك ، يجب على هذا الشخص أن يحكم على كل من على باطل وضلال وحرام أنه لا يستطيع دخول دين الله .
لأننا شرطنا عليه ترك الباطل والضلال والحرام حتى يدخل دين التوحيد ، سيفهم منه ولا بد ، أن كل من لا يتركه لا يحق له دخول هذا الدين .



تقول : " هل لزم من تركه للشرك تكفير أصحابه ؟ .. الجواب لا ".



أقول : إذا كان الشرط عليه لدخول دين التوحيد ترك الشرك ، فيجب أن يعرف ولا بد أن من لم يتركه لا يستطع دخول هذا الدين . هذا أمر بديهي لا يختلف فيه عاقلان .
وأنت نفسك عندما سألتك : " ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها (يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟ "
فأجبت : بلى "..



قولك : وأعيد وأكرر ، اربط كلامي كله ببعض .. لا تغفل عن المسائل المطروحة في هذا الشأن ، كالمسائل الكلية والجزئية ، ومسألة الأعذار الشرعية ، وشروط التكفير وموانعه ، وما إلى ذلك .



أقول : أعود وأذكر أن مسألتنا الحد الأدنى لدخول الدين . نحن نتحدث عن الشرط الأول لدخول الدين . وبدون تحقق هذا الشرط لا يملك أحد أن يدخل الدين . وهذه الحقيقة يعرفها كل من يريد دخول الدين بلغته ، وإذا لم يكن يعرفها ، يجب علينا أن نبينها له قبل أن يدخل الدين . وبدون معرفتها لا يملك دخول هذا الدين .
فما علاقة هذه المسألة بالمسائل الكلية والجزئية ومسائل الأعذار الشرعية وشروط التكفير وموانعه .؟
هل جاءت هذه الأمور والمسائل في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
ما جاء في كتاب الله هو أن العبد لا يدخل دين الإسلام إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله . وما جاء في كتاب الله أن من يعبد غير الله ليس في دين الله ، وما جاء في كتاب الله أن الدين الخالص لله هو الدين الخالي من جميع أنواع الشرك . وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم : أن من لا يكفر بما يعبد من دون الله فهو حلال الدم والمال .



قولك : اللام هنا للتعليل وليست للمصاحبة .. هل توضحت الصورة الآن ؟
ولا أدري ما وجه اعتراضك عليّ في ذلك ، أهو مجرد الاعتراض لا أكثر ؟




أقول : لو قلت نكفره لفعله ، ونتبرأ منه لفعله ، وسكت لكنت سوف أفهمك أنك تتبرأ من ذاته لأجل فعله . ولكن لكونك أضفت بعدها :" أما ذاته وشخصه فلا " جعلني أفهم منك أنك تحكم على الشخص بحدود فعله وليس على شخصه ككل . لذلك سألتك هذه الأسئلة .
هل وضح لك سبب اعتراضي ؟
وليكن في علمك أنني لست غاوي اعتراضك ، بل بالعكس أتمنى أن يظهر الحق على لسانك . ولكن ما الحيلة وأنت تقع في كثير من التناقضات . وكلامك غير واضح في أكثر المرات .
ولذلك أسألك هنا :
هل من فعل الشرك عندك كافر بعينه ؟ بمعنى يظل مشركاً خارجاً من الملة حتى يتوب من هذا الشرك ؟
هل لا تعذره بالجهل . بمعنى أنك تحكم على عينه بالشرك دون قيام حجة ؟
لو تجبني على هذه الأسئلة بأسرع ما يمكن .



قولك : وحتى تتوضح الصورة أكثر .. هل تبغض فلاناً الكافر لأنه أمريكي أو أفريقي ، أو أبيض أو أسود ، أو طويل أو قصير ؟؟ أم تبغضه من أجل ما فعل من شرك وكفر ، فلزم البراءة منه ومن فعله بسبب ما فعله ؟



أقول : يا رجل ، عندما يقال فلان كافر أو مشرك . يفهم من هذا الكلام أننا نحكم على الشخص لأجل فعله ، ولا يفهم أننا نحكم عليه لأجل جنسيته أو لونه أو طول أو قصر قامته .
لهذا لا يقال بعدها" لفعله " ، " وفي فعله " ، " وفي حدود فعله ". لأن هذا الكلام يفهم منه أننا نحكم عليه بالشرك والكفر أثناء فعله ، وبعد أن ينتهي من فعله يصبح مسلماً موحداً يعني حسب فهمك يرجع لأصله الإسلام . وأظن هذا هو ما تقصده لأنك كنت تستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزني الزاني وهو مؤمن "
أنظر لكلامك السابق : " يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام.
ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم ."
" فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .
وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .
فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً ."
" أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر "

لهذا أقول : لو توضح ما هي عقيدتك في هذا الخصوص حتى نفهمك جيداً.




قولك : أما ما يثبت هذا ، فهو قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]
أي نوع من البراءة حصلت هنا ؟؟ هل هي براءة الدين أم براءة الذات ؟
فإن قلت براءة الدين ، فهل يعني هذا أنه لم يكن متبرئاً منه من قبل وهو على كفره ؟
وإن قلت براءة الذات ، فهذا يعني أنها ليست من أصل الدين ، بل ولا يأثم تاركها إن اجتهد وأخطأ .




أقول : لقد وضحت لك هذه المسألة سابقاً وبينت خطأك فيها ، فأرجع له .

يتبع

رد مع اقتباس
  #68  
قديم 01-04-2018, 12:53 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:

بسم الله الرحمن الرحيم

التتمة الأخيرة للرد على المشاركة رقم 31




قولك : حكمه أنه كافر .



أقول : لماذا لا تقول : هذا طاغوت . أو إله باطل ؟ ولا يحكم عليه بالإسلام.
أم أنك تقول كافر ، حتى بعد ذلك لا تحكم على من لا يكفره بعدم دخول الإسلام حتى تقام عليه الحجة ووو ؟
فما حكم من لا يعرف حكم من يطلب أو يَقبل أن يُصرف له حق من حقوق الله الخاصة بالله ؟
وبعبارة أوضح : ما حكم من لا يعرف حكم من طلب من الناس عبادته أو رضي بعبادة ؟
وبعبارة أكثر وضوحاً : ما حكم من حكم بإسلام من طلب من الناس عبادته أو رضي بعبادة الناس له ؟




قولك : من خالف اللغة والعقل لا يكفر .. هذا ما عنيته بتقريري أن هذه المسألة مقررة لغة وعقلاً .



أقول : يعني أنت كنت تقصد من قولك " بأن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. لغة وعقلاً". فقط ولكن ليس شرعاً ؟
وأن الحكم على من لم يترك الشرك أو فاعل الشرك ، بالشرك ليس حكم الشرع ، وأنه فقط حكم العقل واللغة ؟
سبحان الله ! مع العلم أنني سألتك عن الحكم الشرعي حيث قلت لك :
" ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟ "
فاجبت : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً ففاعل الشرك مشرك ..هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد"



قولك : ثم نعم ، إن لم يتركها يُحكم عليه بأنه مشرك .



أقول : لو توضح . هل تقصد هنا بأنه مشرك . يعني الحكم على عينه ؟ يعني سيظل حكمه كشخص ، مشرك حتى يترك الشرك .؟
يعني هل لا يحكم عليه بأنه في دين الإسلام والتوحيد حتى يترك هذا الشرك .؟
أم أنك تقصد من كلمة "مشرك "، مشرك أثناء عمله ، ولكن عندما ينتهي من عمله حتى ولو لم يتب من شركه سيظل حكمه حسب الأصل ، موحد مسلم في دين الله معذور بالجهل لفعله الشرك ؟




قولك : وأنت تعلم ولا بد أن تنزيل الأحكام الشرعية ليس حاله كتنزيل الأحكام اللغوية أو العقلية .



أقول : أنا ما أعلمه من دين الله ، أن الذي يثبت عليه فعل الشرك الأكبر بدون أي إكراه يحكم بشركه كشخص ولا يعذر بجهله .
وكذلك ما أعلمه من دين الله أن من يعبد غير الله لا يملك أن يدخل في دين الله بعينه وشخصه .
وما أعلمه من دين الله ، أن العبد حتى يستطيع أن يدخل الإسلام لا بد له أن يعرف أولاً أنه بدون تركه لجميع أنواع الشرك لا يستطيع دخول دين التوحيد .



قولك :
فمن زنى جاهلاً بالحكم ، يُسمى لغة زانياً ، ولا يُسمى شرعاً كذلك
فمن اختلط عليه الأمران ، وقال لا أسميه زانياً ما دام جاهلاً .. فهذا خالف العقل واللغة .. ولكنه لم يخالف الشرع .




أقول : لا يوجد فعل في اللغة اسمه زنا ، الزنا هو وصف شرعي .
أما أساس الفعل فهو الوطء .
فالوطء إما أن يكون حلالا ً وإما أن يكون حراماً يعني زنا . وهذا يحدده الشرع فقط . وليست اللغة والعقل . لهذا من جهل هذا الحكم يمكن أن يعذر بذلك .
فكل من وطء واطئ ، أما حكمه الشرعي فهو حسب الشرع .
أما الشرك فيختلف عن الزنا .
فعل الشرك معروف باللغة . فكل من عبد غير الله معه فهو مشرك . وهذا الوصف يعرفه العرب من لغتهم . ولكن كانوا لا يعرفون حكمه ، أما النصارى واليهود فكانوا يعرفون حكمه ولكنهم كانوا لا يعرفون بعض أنواع الشرك التي وقعوا فيها . وجاء الإسلام ليوضح كل هذه الأمور ، ليوضح لمشركي العرب أنهم بشركهم لا يمكن أن يكونوا في دين الله ، ويوضح لأهل الكتاب شركهم الذي جهلوه ، حتى يتركوه ليدخلوا دين الله .



قولك : لو أننا أبغضنا الكافر لذاته المجردة ، لما أحببناه البتة حتى لو أسلم .. لأن ذاته هي هي ، لم تتغير ! وهذا الذي تقول به هو عين مبدأ القومية البغيضة .. فهل أنت من دعاة القومية بقولك هذا ؟؟



أقول : ومن قال لك أن تبغضه لذاته المجردة أو لجنسه أو للغته ؟
نحن نتحدث عن بغض الكافر وبغض المشرك . ولا نتحدث عن بغض الإنسان أو بغض الأسمر أو بغض الأبيض ، أو بغض القصير وبغض الطويل أو بغض من يتحدث بلغة ما .
نحن نتحدث عن بغض ذاته لفعله الشرك والكفر . فما دام لم يترك الشرك والكفر ويتوب منهما فيجب أن يبغض بعينه وشخصه ، وأن يتبرأ منه لشخصه التي فعل بها الشرك والكفر . ولولا الفاعل ما وجد الفعل . فكيف نبغض الفعل ولا نبغض الفاعل لذاته وهو أساس وجود الفعل ؟
وكيف فهمت قولي هذا أنه عين مبدأ القومية البغيضة .؟؟؟!!!!



قولك : لكننا نبغض الكافر لكفره .. فما دام كافراً فإننا نبغضه ونتبرأ منه لأنه يفعل الشرك والكفر .. ولكنه إن تاب وأسلم : أحببناه وواليناه ، لا فرق بين أبيض ولا أسود ، ولا عربي ولا أعجمي.



أقول : وهذا ما أقول به وأطالبك به . فأثبت على كلامك هذا . لأني سوف أذكرك فيه .
إذن ، فأنت تتبرأ من الكافر وتبغضه ما دام لم يتب من الشرك والكفر .؟
وكذلك تحكم على شخصه بالكفر والشرك وعدم دخول الإسلام ما دام لم يتب من كفره وشركه . ؟
وهل تعتبر هذا التبرؤ والبغض وعدم الحكم بدخول الإسلام من أصل الدين؟
يعني ما حكم من يحكم بإسلام المشرك ولم يتبرأ منه ولم يبغضه وهو يعلم أنه لا يزال على شركه ؟



قولك : هذه الآية حجة عليك لا لك .. اقرأ قوله تعالى جيداً ( من حاد الله ورسوله ) .. أي أن العبرة في بغض الكافر هي بكفره ومحاداته لله ورسوله ..
مفهوم الآية مفهوم علة لا مفهوم لقب .. فتنبه لذلك .




أقول : كيف صارت هذه الآية حجة علي ؟
وهل الذي عبد غير الله لم يحاد الله ورسوله ؟


قولك : أولاً : الطاغوت في هذه الآية هو الشيطان .. وهذا بدليل الآية نفسها لو أنك أكملتها ، فإن الله تعالى يقول بعدها : { فقاتلوا أولياء الشيطان } .. وهذا بإجماع المفسرين .



أقول : يعني هل تقصد إذا كان الطاغوت هو الشيطان فيجب تكفيره . أما إن لم يكن الشيطان فلا يجب تكفيره ؟
ثم أليس الطواغيت كلهم شياطين ؟
روى البخاري عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن الطاغوت هو الشيطان ، ونقل ابن كثير هذه الرواية في تفسيره ثم قال : " وهو قول قوي جداً فإنه يشمل كل ما كان عليه أهل الجاهلية من عبادة الأصنام والتحاكم إليها والاستنصار بها ، قال مجاهد : " الشيطان في صورة إنسان فهم يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم " .



قولك : ثانياً : طيب ، الطاغوت كافر .. ثم ماذا ؟؟ كيف تستنبط من هذه الآية أن تكفير الطاغوت من أصل الدين ولا يُعذر فيه أحد بتأويل أو جهل ؟؟



أقول : يعني أنت تقر بأن كل طاغوت كافر ؟ أليس كذلك ؟
وتقر أن هذه الآية دليل واضح محكم على أن الطاغوت كافر وأن عابديه كفار.
يا أبا شعيب ، القرآن يفسر بعضه بعضا.
عندما يشترط الله سبحانه الكفر بالطاغوت لدخول الإسلام . لا بد أن يدخل في معنى الكفر بالطاغوت تكفيره أو إخراجه من الدين هو وعابديه .
ما دليلي على هذا ؟
أقول لك : وصف الطاغوت ومعناه اللغوي . وفهم الصحابة لكلمة الطاغوت . ثم قول المفسرين وعلماء الدين في معنى الطاغوت وحكمه وحكم عابديه . ثم تأكيداً لذلك ودليل عليه هذا النص الصريح .
وأنت تقول مع هذا :" ليس من أصل الدين معرفة أن الطاغوت وعابديه ليسوا في دين الله . "
ولقد طالبتك بالدليل على كلامك هذا أكثر من مرة ، ولم تأت لحد الآن بأي دليل ، ولن تأت ، وأنا أتحداك في هذا .



قولك : وهل أصل الدين يُستنبط ولا دليل صريح عليه ؟؟
غاية ما يُمكن أن يُستدل بهذه الآية عليه أن هذه مسألة شرعية حالها كحال باقي المسائل التي تُستنبط من الكتاب والسنة .




أقول : كل الأدلة التي ذكرتها لك صريحة على أن الطاغوت وعابديه ليسوا في دين الله . وكذلك صريحة بأن من لم يعرف ذلك ويطبقه في أرض الواقع لا يملك دخول الدين . وكذلك صريحة بأن الكفر بالطاغوت يقتضي اعتقاد أنه وعابديه ليسوا في دين الله .
أما وأنك مع كل هذه الأدلة التي ذكرتها لك ، وما زلت تقول : "لا دليل صريح على ذلك ." فماذا أملك لك غير الدعاء . ؟!
وحتى لو فرضنا أنها مسألة شرعية . أليست مسألة شرعية واضحة محكمة ؟ لا يسع المسلم أن يخالفها بجهل أو تأويل ، والقرآن وكلام الرسول صلى الله عليهم وسلم ، وكلام الصحابة والمفسرين بين أيدينا ؟



قولك : كحكم عام ، يجب أن يعتقد أن عابد الطاغوت كافر ومشرك ، فيقول : من عبد غير الله فهو مشرك .. فيعلق الحكم بالفعل ، فيكون حكماً بمقتضى الفعل المجرد عن أي اعتبار .. ولكن عند تنزيل الحكم يحصل الاختلاف .
وقد تكلمنا عن الأحكام العامة والأحكام الخاصة وما يعتريها من اعتبارات بما يغنيني عن الإعادة .




أقول : ما هو دليلك من كتاب الله على أنه يجب أن يعتقد أن عابد الطاغوت كافر ومشرك كحكم عام ، فيقول : من عبد غير الله فهو مشرك . فيعلق الحكم بالفعل ، فيكون حكماً بمقتضى الفعل المجرد عن أي اعتبار؟
وما معنى هذه التعابير ، " حكم عام " " يعلق الحكم بالفعل " " فيكون حكماً بمقتضى الفعل المجرد عن أي اعتبار " ؟
وأين أدلتها من الكتاب والسنة ؟
ولا تنس أننا نتحدث عن الشرك الأكبر . نتحدث عن حكم الطاغوت وحكم عابديه .
فهل حكم الصحابة رضوان الله عليهم على الطاغوت وفاعل الشرك الأكبر حكماً عام فقط ، أم أنهم حكموا على ذاته وشخصه ؟
ومن منهم علق الحكم بالفعل المجرد عن أي اعتبار ؟
ومن مِن الصحابة أو من علماء القرون الثلاثة الأولى لم يحكم على عين الطاغوت وعابديه بالشرك والخروج من الدين ؟
ثم من مِن الصحابة أو التابعين أو علماء القرون الثلاثة عندما تحدث عن الطاغوت وعابديه استعمل هذه العبارات التي تستعملها أنت هنا ؟



قولك : هل مخالف الضرورات العقلية واللغوية كافر ؟



أقول : يعني هل فاعل الشرك مشرك فقط من الضرورات اللغوية والعقلية التي لا يماري فيها أحد ، ولكن من الناحية الشرعية فاعل الشرك مسلم موحد ، وهذه لا يماري فيها مسلم ؟!!


قولك : لو جاءني رجل وقال : فلان يشرب الماء ، ولكن لا أسميه شارباً للماء .. هل أقول عنه كافر أم أحمق ؟



أقول :ماذا سيسميه ؟ شارباً للعسل ؟ أم آكلاً للماء ؟ أم سيقول : لا أدري لم يأتني العلم بعد ؟ أم سيقول : هو بفعله وبحدود فعله شارباً للماء أما بذاته وبشخصه فلا . وحتى أحكم على ذاته وشخصه يجب أن أقيم عليه الحجة وأحقق شروط وموانع الشرب .؟
يا أبا شعيب نحن لا نتكلم عن حمقى أو غير مكلفين . نحن نتكلم عمّن وصفتهم علماء أتقياء مجاهدين . فإذا كان فاعل الشرك مشرك لغة وعقلاً وشرعاً ، فبأي دليل شرعي جعلوه موحداً مسلماً ؟



قولك : نحن لا نتكلم عن حكم المشرك عابد غير الله ، بل نتكلم عن حكم تكفيره وعلاقته بأصل الدين .. فلا تلزمني بالجواب عن أسئلتك هنا وأنت تعلم يقيناً أجوبتي فيها .



أقول : وعن ماذا أتكلم أنا يا أبا شعيب ؟
أليس هذه الآيات والأحاديث تدل على أن من معنى شهادة التوحيد الحكم على المشرك بعدم دخول الإسلام ؟
أليس هذه الآيات تبين كيفية الإيمان بالطاغوت الذي أمرنا الله بالكفر به عند دخولنا الإسلام ؟
فإذا كان حكم الشرك والمشرك ثابت من أول خطاب للناس فكيف نعذر بالجهل من حكم عليه بالإسلام والتوحيد ؟ ثم بعد ذلك نقول لا يوجد دليل صريح يدل على أن إخراج المشرك من الدين من أصل الدين ؟



قولك : أما تفسيرك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : هي براءة من الشرك .. وجعلك ذلك دليلاً على أن تكفير المشركين هو من أصل البراءة من الشرك ، فهذا لا يسلم لك .. خاصة وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يصرّح بذلك .
الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن هذه الآية براءة من الشرك لتضمنها البراءة منه في قوله تعالى : { لا أعبد ما تعبدون .. الآيات } .. فهو بيان لما تضمنته من أكثر الأحكام .




أقول : الرسول صلى الله عليه وسلم صرح وبشكل واضح أن هذه الصورة براءة من الشرك . فحسب هذا التصريح يجب أن نفهم ما معنى البراءة من الشرك . فمن يريد أن يتعلم كيفية البراءة من الشرك ينظر لهذه الآية . ولا يأت بمقاييس من عقله وهواه ليبين كيفية البراءة من الشرك .
فالآية دليل واضح على أن من البراءة من الشرك تكفير المشرك وإخراجه من الدين . وهكذا فهمها الصحابة وهكذا فسرها المفسرون .
فكيف بعد هذا تقول : ليست دليلاً على أن تكفير المشركين وإخراجهم من الدين هو من أصل البراءة من الشرك . ؟
فهي دليل على ماذا إذن والرسول صلى الله عليه وسلم يصفها بأنها براءة من الشرك ؟ وقد تكرر فيها وصف المشرك بالكافر وأنه ليس في دين الله.
ولقد أثبت لك أن مشركي العرب كانوا لا يحبون أن يوصفوا بأنهم كفار ، مع قبولهم وصف مشركين .
اذكر لي ما هي الأحكام التي تفهم من هذه الآية ؟



قولك : ثم هنا نكتة بديعة ، وهي أن هذه الآية تشمل كل كافر ، كما قال ابن كثير : ( قوله : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } شمل كل كافر على وجه الأرض ، ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفارُ قريش (



أقول : وهل لو شملت كل الكفار - وهذا هو الصحيح - فماذا سيغير من الحكم ؟


قولك : فهذا يلزمك قطعاً أن تكفر من أخطأ في تكفير أي كافر ترى كفره .. لأنه لم يتبرأ من كفره وشركه ، كما تقول .



أقول : سبحان الله ! وكيف سيلزمني أن أكَفِّر كل من أخطأ في التكفير ؟
أنا إذا ثبت عندي أن تارك الصلاة كافر ، فسوف أحكم عليه بالكفر وأخرجه من الدين ، وأعامله معاملة الكفار ، ولو كنت حاكماً لحكمت بقتله ردة . ولا يعني ذلك أن أكفر وأبرأ ممن لا يكفره ما دام يستند على دليل شرعي معتبر في ذلك .
أما لو قال : أن تارك الصلاة ثبت عندي كفره وخروجه من الدين ومع هذا سأحكم عليه بالإسلام فهذا يكفر ويخرج من الدين .
ثم نحن لا نتكلم عن مواضيع الخلاف بين العلماء ، نحن نتكلم عن الكفر بالطاغوت ، نحن نتكلم عن حكم من عبد غير الله . فهل يشك مسلم موحد في كفر من عبد الطاغوت وعبد غير الله ؟
اسأل كل من يدعي الإسلام اليوم ، ما حكم من يعبد غير الله ؟ ستجد الجواب منهم بدون تردد . مشرك غير مسلم .
اسألهم ما حكم من يشرك بالله ؟ ستجد الجواب منهم بدون تردد : مشرك غير مسلم . حتى يأت لهم علماء الطواغيت ويقولون لهم : حذاري من هذه الأحكام . من كفر مسلماً فقد كفر . أتركوا مسألة التكفير لنا ، فهناك أحكام عامة وأحكام خاصة ، هناك تحقيق شروط وانتفاء موانع ، وهذه لا تفهمونها . وما عليكم فهمه هو : أن كل من يتوجه للقبلة فهو مسلم مهما فعل من الشرك الأكبر ، فليس كل من وقع في الشرك وقع الشرك عليه ، لأنه ممكن أن يكون جاهلاً ، أتركوه لنا وانجوا بدينكم ، لأن وبال تكفير المسلم كبير ، سيؤدي لكفركم أنتم . وما عليكم هو أن تعتقدوا أن فعله باطل وأنه على باطل بفعله ، أما شخصه وعينه فلا . لأنه يبقى مسلماً موحداً وأخوكم في الدين له حق الولاء والنصرة والحب .



قولك : ليتك تأملت كلامي جيداً قبل أن تحكم بهذا .. فأنا قلت : :" أما قول إبراهيم - عليه السلام - في البراءة .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم .



أقول : قولك " براءة منهم في فعلهم " ثم بعد ذلك في كلامك السابق تقول " أما أشخاصهم وذواتهم فلا " يعطي انطباع بأنك لا تتبرأ من ذواتهم . لماذا لا تقول نتبرأ منه فقط ؟ أو تقول : نتبرأ منهم حتى يتركوا الشرك والكفر كما قال إبراهيم عليه السلام ومن معه : " حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ "
لماذا تستعمل العبارات غير الواضحة . " فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم ."
الكل يعرف أن تكفير الشخص أو الحكم عليه بالشرك والبراءة منه ناتجة عن فعله ، وليس للونه وجنسه وطوله ووزنه .


قولك : ألا ترى أنني لم أنف البراءة منهم ؟ .. لكنني عللت البراءة منهم بشركهم وكفرهم .
فنحن نبرأ من الكافرين في كفرهم وشركهم .. فنتمايز عنهم ، ونبغضهم ، ونقاتلهم .. لماذا ؟؟ لأنهم يشركون بالله ويكفرون به .. وهذا هو ما تدل عليه الآية في سورة الممتحنة إذ يقول الله تعالى : { حتى تؤمنوا بالله وحده } .. أي إن سبب براءتنا منهم هو : كفرهم بالله .




أقول : كل عاقل بالغ يعرف أن سبب التكفير والحكم بالشرك والبراءة من المشرك والكافر هو عمله وليس جنسه أو لونه أو طوله أو وزنه وو ، فلا داعي لذكر العلة مع الحكم . لأن هذا يُشعر أن وراء ذلك شيئا .

قولك : اعذرني من كلمتي التي سأقولها ، لكنني لا أعني بها انتقاصاً من شأنك ، إنما أقول ذلك رحمة بي وبك .
الظاهر أنه يصعب عليك فهم بعض الكلام العربي الذي أقوله ، ربما لكونك غير عربي (لا أعلم حقيقة) .. وأعيد وأكرر أنني لا أتقصد بذلك انتقاصاً من شأنك ، ولا حطاً من قدرك ، إنما لبيان علة الخلل في فهمك لكلامي .
لقد قلتُ أنا : نتبرأ من الكافرين لشركهم وكفرهم لا لذواتهم وأشخاصهم .. فاستعملت لام التعليل .
وأحياناً أقول : نبرأ منهم في كفرهم وشركهم ، لا في ذواتهم .. والمعنيان سيان .
وأنت تأتي وتقول أنني قلت نتبرأ من فعلهم وليس من ذواتهم .. والفرق بين العبارتين واضح وضوح الشمس لمن يفهم كلام العرب ، والله المستعان .




أقول : هل شعرت من كلامي معك أنني غير عربي ، سبحان الله !
دعك من هذه الأساليب يا أبا شعيب .
هل تريد أن نحول الحوار لدرس عربي حتى تعرف أنني عربي أم غير عربي ؟ وحتى نرى من هو الذي يصعب عليه فهم التعبير العربي ؟
أريد منك أن تفسر لي لماذا زدت في كلامك " أما ذواتهم وأشخاصهم فلا " هل أحد يفهم من كلامك أو من كلام العلماء " نتبرأ منهم " يعني نتبرأ منهم لأنهم سود أو بيض أو لأنهم طوال أو قصار ، أو لأنهم عجم ؟
ما معنى حرف ( في ) لغة " نبرأ منهم في كفرهم وشركهم " ؟ هل معنى حرف ( في ) هنا لأجل ؟ ما معنى حرف ( في ) هنا يا أبا شعيب . ؟ هل حرف (في ) للتعليل ؟
نعم يفهم من كلامك عندما تقول " نتبرأ من الكافرين لشركهم وكفرهم " أن المقصود لأجل كفرهم وشركهم . اللام هنا للتعليل ، وهذا يفهمه كل من له أدنى فهم باللغة . ولكن المشكلة هو ما تضيفه بعد ذلك من كلام " لا لذواتهم وأشخاصهم " " أما ذواتهم وأشخاصهم فلا " " في كفرهم وشركهم ، لا في ذواتهم "
ألا يوجد فرق يا أبا شعيب بين قول : " نبرأ منهم في كفرهم وشركهم "
وبين " نتبرأ من الكافرين لشركهم وكفرهم " ؟
ثم أنت بعد ذلك ألم تضرب مثالاً : فاعل الزنا ؟ " لا يزني الزاني وهو مؤمن " أليس معنى ذلك "أنه أثناء فعله للزنا ليس مؤمنا " أم أنه حتى يتوب من الزنا يظل غير مؤمن ؟
وأقرأ كلامك السابق :
" يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام.
ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم ."
" فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .
وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .
فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً ."
" أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر "




قولك : وحتى يسهل عليك تحرير مذهبي ، أقول :
نحن نتبرأ من الكافرين من ذواتهم ، وليس في ذواتهم ..
نتبرأ منهم في كفرهم ، ونتبرأ من كفرهم .
هل وضح كلامي الآن ؟




أقول : انظر بالله عليك كيف قلت : " نحن نتبرأ من الكافرين من ذواتهم ، وليس في ذواتهم " لم تستعمل حرف " في " واستعملت حرف " من "
لماذا ؟ ما معنى " في ذواتهم " وما معنى " في كفرهم " ؟
لماذا استعملت " في " عندما قلت " في كفرهم " ولم تستعمل " في " عندما قلت " وليس في ذواتهم " ؟
هل في اللغة معنى " لكفرهم " نفس معنى " في كفرهم "
ممكن أن تشرح لي الفرق حسب اللغة ؟
وهل تقصد من " في كفرهم " يعني ما داموا على كفرهم ولم يتوبوا منه نتبرأ من ذواتهم وأشخاصهم ؟ فإذا كنت تقصد هذا المعنى فلماذا قلت بعدها " أما ذواتهم وأشخاصهم فلا "
ثم هنا تقول : "نحن نتبرأ من الكافرين من ذواتهم " وقبل ذلك قلت : " أما ذواتهم وأشخاصهم فلا "


قولك : هذه البراءة التي عنيتها هي البراءة الكليّة التي تقتضي قطع جميع الأواصر بين المسلم والكافر .. فهذه لا تتحقق حتى يظهر الكافر عداوته لدين الله تعالى .
وإلا ، فإن الكافر المسالم الذي لا يُعادي المسلمين ، أمر الله تعالى ببره والإحسان إليه ووصله لمن كان قريباً له .
كما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أسماء بنت أبي بكر بأن تصل أمها ، فهي لم تقطع جميع الأواصر معها .




أقول : ومن قال لك أن البراءة الكاملة هي قطع جميع الأواصر بين المسلم والكافر ؟
لا يجب قطع جميع الأواصر بين المسلم والكافر حتى ولو كان محارباً للإسلام .
فالبراءة الكاملة لا تعني قطع جميع الأواصر بين المسلم والكافر . فحتى لو كان أبوك محارباً للإسلام لا يمنع ذلك دعاءك له وهو حي . ولا يمنع ذلك بره وإطاعته بغير معصية . فهل الدعاء له ليس من الأواصل ؟
وقد قال تعالى : " فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ "
هل كان قبل أن يموت على الكفر ليس عدواً لله ؟ نعم كان عدواً لله . ومع ذلك كان يدعوا له قبل أن يموت . أليس هذا نوعاً من الوصل . فلما مات على الكفر منع من الدعاء له . وهذا هو معنى قوله تعالى " تبرأ منه " أي لم يدع له .
ولقد بينت لك خطأ استشهادك بهذه الآية سابقاً .



قولك : وأنت نفسك تقول إنه يوجد موالاة جائزة للكفار .. والولاء قطعاً نقيض البراء .



أقول : ليس كل مولاة نقيض البراءة المطلوبة نحو المشرك لتحقيق التوحيد . فالبراءة لها عدة معاني . وليس الموالاة الجائزة بين المسلمين والكفار تناقض البراءة منهم أو نقيض البراءة منهم .
وأكبر مثال على ذلك الدعاء للكافر . الدعاء للكافر في حياته جائزة حتى لو كان محارباً ، أما الدعاء له بعد موته على الكفر فهي غير جائزة وسماها الله سبحانه وتعالى براءة منه . إذن ليس هي البراءة المطلوبة لتحقيق التوحيد . ونحن نتحدث عن البراءة المطلوبة لتحقيق التوحيد . وهي المقصودة من قوله تعالى : ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي )
وكذلك قوله تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (


قولك : ويدل على أنني عنيت هذا المعنى ، أنه أتى بعد ذكري للبراءة منهم في كفرهم وشركهم..
فقلت : أما قول إبراهيم - عليه السلام - في البراءة .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم .
قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]
وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54]
وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]
وتعني أيضاً : براءة من ذواتهم وأشخاصهم بعد إقامة الحجة عليهم وإظهارهم العداوة لدين الله .. من جنس قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114
وجعلتُ هذه البراءة من جنس قوله تعالى في إبراهيم ، ومن جنس قوله في نوح ، عليهما السلام .
وعندما أجعل هذه البراءة من ذلك الجنس ، فهي تعني براءة كليّة تنقطع بها جميع الأواصر .




أقول : لقد أثبت لك أنه لا يوجد براءة كلية تقطع جميع الأواصل بين المسلم والكافر . واستشهادك بآية ( التوبة : 114 ) استشهاد خاطئ ولقد أثبت لك ذلك .
ثم لماذا هذا اللف والدوران .؟ لماذا لا تقول : نتبرأ من ذواتهم لأفعالهم . وتترك القول : " نتبرأ منهم في أفعالهم . " والقول " .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم "
لماذا لا تقول : " بريء منهم لشركهم وكفرهم ، وتبقى هذه البراءة من ذواتهم وأشخاصهم حتى يتوبوا من شركهم وكفرهم .
لماذا تركز على "الفعل " والكل يعرف أنه ما حكم عليهم بالكفر والشرك إلا لفعلهم الشرك والكفر . ؟ وما تبرأ من ذواتهم إلا لفعلهم الشرك والكفر.
لماذا تترك الكلام الواضح الذي لا يخالفك فيه أحد وتلجأ لاستعمال كلمات محتملة ؟ وتستعمل مصطلحات لم يستعملها العلماء ؟
ثم لماذا تأت بآيات يذكر فيها البراءة من العمل ، وبعدها تقول : " وتعني أيضاً : براءة من ذواتهم وأشخاصهم بعد إقامة الحجة عليهم وإظهارهم العداوة لدين الله .." وتأتي بعدها بآية ( التوبة :114 ) والتي ليست لها علاقة بإقامة الحجة من قريب ولا من بعيد . ؟



قولك : الحجة التي يكون بعدها إظهار العداوة والبغضاء والقتال ، وليست حجة إلحاق اسم الكفر والشرك بهم .



أقول : وهل هناك حجتين نقيمهما ، حجة لإلحاق اسم الشرك وحجة لإظهار العداوة والبغضاء والقتال ؟
ثم ما هي هذه الحجة التي يكون بعدها إظهار العداوة والبغضاء والقتال ؟
وما هي الحجة التي نقيمها لإلحاق اسم الشرك على عين المشرك ؟


قولك : المقصود أنه لم يتبرأ منه البراءة التامة التي تنقطع بها جميع الأواصر حتى وقت المفاصلة . فعندما بان واتضح أنه كافر ومات على الكفر ، فهنا تمت البراءة التامة ، فلم يجعله الله تعالى من أهله .



أقول : ومن قال لك أن المقصود من البراءة ، قطع جميع الأواصل ؟
أليس زيارة قبر الكافر بعد مماته من الأواصل ؟ وقد أذن الله لرسوله صلى الله عليه زيارة قبر أمه ولم يأذن له بالدعاء لها . ألا يعد ذلك من الأواصل؟ فكيف تقول : " فإذا مات تمت البراءة التامة ."
والدعاء له بعد موته ، لا تعني أنه لم يتبرأ منه البراءة المطلوبة كمشرك .
ثم حرمة الدعاء له بعد موته ليست لها علاقة بإقامة الحجة كما فهمتها أنت . فالحجة لم تقم على أبَوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يُؤذن له بالدعاء والاستغفار لهما . وقامت على والد إبراهيم عليه السلام قبل موته وليس بموته قامت .
فعدم الاستغفار لمن مات على الشرك حكم شرعي يعرف بالدليل الشرعي ولا يكفر من لم يعرفه واستغفر للمشرك الميت حتى تقام عليه الحجة ويستحل .
ولا يقال أن من استغفر للمشرك فقد والاه . لأن الاستغفار للمشرك جائز في حياته . والتحريم فقط بعد أن يموت على الشرك .


قولك : كما قلت : البراءة منهم هي في شركهم وكفرهم .. فما داموا كفاراً نحن نتبرأ منهم .



أقول : أنت هنا تقول : " فما داموا كفاراً نحن نتبرأ منهم " . ألا يدل هذا الكلام على أنهم ما داموا لم يتبرؤوا من الكفر والشرك فأنت تتبرأ من أعيانهم . يعني بعبارة أخرى ما داموا لم يتوبوا من الكفر أو الشرك فأنت تتبرأ من أعيانهم . أليس كذلك ؟


قولك : والبراءة المقصودة هنا هي : بغضهم لفعلهم .. وتركهم ومفاصلتهم .. والمجاهرة بذلك .



أقول : أنت هنا تقر أيضاً بأنهم ما داموا لم يتوبوا من الكفر والشرك يجب تركهم ومفاصلتهم .. والمجاهرة بذلك . أليس كذلك ؟
والظاهر من كلامك أنك تقصد بقولك " تركهم ومفاصلتهم " يعني ترك أعيانهم ومفاصلة أعيانهم ما داموا لم يتوبوا من الكفر والشرك . أليس كذلك ؟


قولك : ولا يوجد دليل واحد يبيّن أن التكفير أصل في البراءة من الكفر .. هل تجد ذلك في أيّ دليل شرعي واحد ؟؟ بحيث يكون من لا يكفر المشرك موالياً لشركه ؟؟



أقول : إذا كنت تقصد التسمية بالكافر ، فقد قلت لك سابقاً أنها ليست ضرورية ( كتسمية ) لدخول الدين بداية .
ولم أقل أن من لا يكفر المشرك فقد والاه لشركه .
وإنما مَن حكم على المشرك بالإسلام لا بد له أن يواليه كمسلم موحد ولا يجوز أن يتبرأ من شخصه وعينه .



قولك : ونحن نرى أن العلماء اختلفوا في تكفير بعض الكافرين ، ولم يعن هذا أن من امتنع عن التكفير غير متبرئ من كفر الكافر ..



أقول : المسلمون لم يختلفوا في تكفير بعض الكافرين . وإنما اختلفوا في تكفير المسلم الذي فعل الكفر . وهناك فرق كبير من الجملتين .
فالذي لم يكفر المسلم الذي فعل الكفر لم يكفره لأنه لم يثبت عنده أن الكفر وقع عليه . أو لم يكفره لأنه لم ير عمله كفراً .
ولا يقال أيضاً أن المسلمين اختلفوا في تكفير المشرك الذي عبد غير الله .
وإنما اختلفوا في فهم فعله هل هو شرك أكبر أم لا ، فمن فهم من فعله أنه شرك أكبر لم يتردد في إخراجه من الدين .
ويجب التنبيه هنا أن خلافهم لم يكن في الشرك الأكبر ، وإنما كان في الشرك الأصغر . فمن العلماء ما حكم على بعضه بأنه شرك أكبر فأخرج من الدين فاعله ، ومنهم من حكم عليه بأنه شرك أصغر ومعصية من المعاصي فلم يخرج فاعله من الدين . ومثال ذلك : طلب الدعاء من الميت.
فطلب الدعاء من الميت ليس شركاً أكبراً ، ولكن بعض علماء نجد عدوه من الشرك الأكبر وأخرجوا فاعله من الإسلام .

رد مع اقتباس
  #69  
قديم 01-16-2018, 01:58 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم ،

هذه على عجالة ..


تقول :

[-- ما معنى حرف ( في ) لغة " نبرأ منهم في كفرهم وشركهم " ؟ هل معنى حرف ( في ) هنا لأجل ؟ ما معنى حرف ( في ) هنا يا أبا شعيب . ؟ هل حرف (في ) للتعليل ؟ --]

جاء في [جواهر الأدب في معرفة كلام العرب – 228] عند معاني الحرف "في" :
(الثالثة : للسببية ، كقوله تعالى : { فذلكن الذي لمتنني فيه } .. وكقوله - صلى الله عليه وسلم - : "إن امرأة من بني إسرائيل دخلت النار في هرة" .. أي بسببها .) اهـ

والحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
  #70  
قديم 01-16-2018, 02:00 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 68


قولك : هذه على عجالة ..تقول :

(ما معنى حرف ( في ) لغة " نبرأ منهم في كفرهم وشركهم " ؟ هل معنى حرف ( في ) هنا لأجل ؟ ما معنى حرف ( في ) هنا يا أبا شعيب . ؟ هل حرف (في ) للتعليل ؟ )

جاء في [جواهر الأدب في معرفة كلام العرب – 228] عند معاني الحرف "في" :
(الثالثة : للسببية ، كقوله تعالى : { فذلكن الذي لمتنني فيه } .. وكقوله - صلى الله عليه وسلم - : "إن امرأة من بني إسرائيل دخلت النار في هرة" .. أي بسببها .) اهـ




أقول : هل أنت يا أبا شعيب عندما قلت " نتبرأ منهم في كفرهم " كنت تقصد ما داموا لم يتوبوا من كفرهم فالبراءة من أشخاصهم وذواتهم دائمة. ؟
وهل قولك " نكفرهم في شركهم وفي كفرهم " كنت تقصد نحكم عليهم بالكفر والشرك بسبب كفرهم وشركهم ونظل نحكم على أشخاصهم وذواتهم وأعيانهم هذا الحكم حتى يتوبوا من كفرهم وشركهم ؟

رد مع اقتباس
  #71  
قديم 01-16-2018, 02:03 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب
بسم الله الرحمن الرحيم ،

الرد على مشاركة رقم #70


[-- أقول : هل أنت يا أبا شعيب عندما قلت " نتبرأ منهم في كفرهم " كنت تقصد ما داموا لم يتوبوا من كفرهم فالبراءة من أشخاصهم وذواتهم دائمة. ؟
وهل قولك " نكفرهم في شركهم وفي كفرهم " كنت تقصد نحكم عليهم بالكفر والشرك بسبب كفرهم وشركهم ونظل نحكم على أشخاصهم وذواتهم وأعيانهم هذا الحكم حتى يتوبوا من كفرهم وشركهم ؟ --]


انظر أخي الكريم ، هداني الله وإياك ،

يبدو لي أن الخلفية العلمية والتأصيل الشرعي الذي عندي ، يختلف عن الذي عندك .. لذلك عندما أتكلم في مسألة كالولاء والبراء ، أتكلم معك باعتبار أن أصولنا فيها واحدة ، فأبني على ذلك أنك ستفهم كلامي بمجرد تذكيري لك به ، وإذ بي أرى بعدها أننا نختلف كذلك في أصول المسائل ، وهذا ما يدفعك إلى السؤال عنها .

لذلك أرى أن علينا التكلم في جذور هذه المسألة وتصحيحها ، ثم نتكلم عمّا ينبني عليها .

أما جواب سؤالك في الأعلى فهو : نعم .. فهمك لظاهر كلامي صحيح .. ولكن المشكلة ليست في ذلك .. إذ أن المفاهيم التي أطرحها مخالفة لما يقوم في فهمك عند قراءة كلامي ؛ وهذا ما سأوليه اهتماماً في هذه المشاركة ، حتى نأتي على مواضع الخلاف ، بإذن الله .

وستتوضح لك هذه المسألة جلياً بعد ضبط مسألة ترك الصلاة ، فاسمح لي من فضلك .

أنت تقول في مشاركة رقم #67 :


[-- أقول : سبحان الله ! وكيف سيلزمني أن أكَفِّر كل من أخطأ في التكفير ؟
أنا إذا ثبت عندي أن تارك الصلاة كافر ، فسوف أحكم عليه بالكفر وأخرجه من الدين ، وأعامله معاملة الكفار ، ولو كنت حاكماً لحكمت بقتله ردة . ولا يعني ذلك أن أكفر وأبرأ ممن لا يكفره ما دام يستند على دليل شرعي معتبر في ذلك .
أما لو قال : أن تارك الصلاة ثبت عندي كفره وخروجه من الدين ومع هذا سأحكم عليه بالإسلام فهذا يكفر ويخرج من الدين . --]


أقول لك :

يلزمك تكفيره لأنه بحسب كلامك : لا يتبرأ من دينه الذي هو كفر .. فهو على غير دين الإسلام في معتقدك .. ومن يواليه يجب أن يكون مثله في الحكم .. أي : على غير دين الإسلام .

ثانياً :

ترك الصلاة شرك أكبر بنص كتاب الله - سبحانه وتعالى - إذ قال : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } [الأنعام : 1]

وقال : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } [الفرقان : 43]

فكل من كفر بالله تعالى وخرج من الدين هو : مشرك ، ويعبد غير الله تعالى .

قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده ، فلا بد أن يكون عابدا لغيره . يعبد غيره فيكون مشركا . وليس في بني آدم قسم ثالث . بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام ) .

وبطبيعة الحال .. لا يُسمى تارك الصلاة عند من يكفره موحداً ولا مؤمناً .. فإذن هو كافر ومشرك .


وبنص حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق تارك الصلاة : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) .. وقوله في حديث آخر : (( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )) .. وقوله في حديث آخر : (( ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك )) .. وأيضاً : (( بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة فإذا تركها فقد أشرك )) .

وهذه الأحاديث محمولة على الشرك الأكبر عند من يرى كفر تارك الصلاة .

فعليه :

أنا عندي تارك الصلاة كسلاً العالم بوجوبها : كافر مشرك ، يعبد هواه من دون الله ، وهو على غير دين الإسلام .
وعندي أن من يواليه ويحبه : كافر ومشرك ، مثله في الحكم .

ولا يمكن لأحد التفريق بينه وبين المتولي له .. فهما في الحكم سيان .

ولكن ما معنى هذا الحكم ؟

معناه : أن من يحبه لأنه يترك الصلاة .. ويعينه على ترك الصلاة .. ويجعله مسلماً لأنه تارك الصلاة .. فهذا متول له وكافر مثله .

أما من يقول : إن ترك الصلاة ليس من دين الله ، وفلان على ضلال في نطاق هذا الأمر ، وباقي أفعاله من إيمان وتوحيد هي من دين الإسلام ، وهو على الحق فيها .. فهذا لا يكفر ما دام مجتهداً .

هل فهمت معنى كلامي الآن في الولاء والبراء ؟

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 01-16-2018, 02:13 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على مشاركة رقم 71:


قولك : ( أقول : هل أنت يا أبا شعيب عندما قلت " نتبرأ منهم في كفرهم " كنت تقصد ما داموا لم يتوبوا من كفرهم فالبراءة من أشخاصهم وذواتهم دائمة. ؟
وهل قولك " نكفرهم في شركهم وفي كفرهم " كنت تقصد نحكم عليهم بالكفر والشرك بسبب كفرهم وشركهم ونظل نحكم على أشخاصهم وذواتهم وأعيانهم هذا الحكم حتى يتوبوا من كفرهم وشركهم ؟)
انظر أخي الكريم ، هداني الله وإياك ، يبدو لي أن الخلفية العلمية والتأصيل الشرعي الذي عندي ، يختلف عن الذي عندك .. لذلك عندما أتكلم في مسألة كالولاء والبراء ، أتكلم معك باعتبار أن أصولنا فيها واحدة ، فأبني على ذلك أنك ستفهم كلامي بمجرد تذكيري لك به ، وإذ بي أرى بعدها أننا نختلف كذلك في أصول المسائل ، وهذا ما يدفعك إلى السؤال عنها .
لذلك أرى أن علينا التكلم في جذور هذه المسألة وتصحيحها ، ثم نتكلم عمّا ينبني عليها .



أقول : لا شك أن الخلفية العلمية والتأصيل الشرعي الذي عندك يختلف عن الذي عندي .
فنحن حتى ولو اتفقنا في تعريف أصل الدين اختلفنا في معناه .
فأنت تقول أن معنى الكفر بالطاغوت : هو اعتقاد أنه على باطل في فعله ، وأن من يعبده على باطل في فعله ، وليس معناها اعتقاد أنه كشخص معين ليس في دين الله هو ومن يعبده .
وأنا أفهم من الكفر بالطاغوت : هو الاعتقاد أنه ليس في دين الله هو ومن اتبعه وكذلك من لم يعتقد ذلك ليس في دين الله هو الآخر .
هذا خلافنا الأول .
ولحل هذا الخلاف وغيره يجب الرجوع لكتاب الله وسنة رسوله . لهذا أطالبك بان تثبت ما قلته في معنى الكفر بالطاغوت من القرآن والسنة . لأنك لم تأت بدليل واحد لحد الآن يثبت ما ذهبت إليه ، ولقد جئتك بأكثر من دليل يثبت ما فهمته أنا من الكفر بالطاغوت .

أما الخلاف الثاني فهو في مسألة الولاء والبراء ومعناهما وأحكامهما .
لهذا هنا حتى نفهم بعضنا البعض أريد أن أسالك بعض الأسئلة :
1-ما هو الولاء والبراء الذي من أصل الدين ؟
2-ما معنى الولاء والبراء في قول إبراهيم عليه السلام والذين معه " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ."
وهل هو المطلوب في أصل الدين ؟
3-وما معنى قوله تعالى : " بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "( التوبة :1)
4-وما معنى قوله تعالى : " فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ "


قولك : أما جواب سؤالك في الأعلى فهو : نعم .. فهمك لظاهر كلامي صحيح .. ولكن المشكلة ليست في ذلك .. إذ أن المفاهيم التي أطرحها مخالفة لما يقوم في فهمك عند قراءة كلامي ؛ وهذا ما سأوليه اهتماماً في هذه المشاركة ، حتى نأتي على مواضع الخلاف ، بإذن الله .
وستتوضح لك هذه المسألة جلياً بعد ضبط مسألة ترك الصلاة ، فاسمح لي من فضلك .




أقول : إذا أستطيع أن أقول أن عقيدتك هي :
من فعل الشرك فهو مشرك غير مسلم ولا موحد حتى يترك الشرك ويتوب منه . ( طبعاً الحكم على عين الشخص .)
ومن فعل الشرك تتبرأ من ذواتهم وأشخاصهم ما داموا لم يتركوا الشرك ويتوبوا منه .
أريد منك يا أبا شعيب أن تأكد هذا الفهم .
وهل فهمت هذا من فهمك لأصل الدين .؟


قولك : أنت تقول في مشاركة رقم #67 :
) أقول : سبحان الله ! وكيف سيلزمني أن أكَفِّر كل من أخطأ في التكفير ؟
أنا إذا ثبت عندي أن تارك الصلاة كافر ، فسوف أحكم عليه بالكفر وأخرجه من الدين ، وأعامله معاملة الكفار ، ولو كنت حاكماً لحكمت بقتله ردة . ولا يعني ذلك أن أكفر وأبرأ ممن لا يكفره ما دام يستند على دليل شرعي معتبر في ذلك .
أما لو قال : أن تارك الصلاة ثبت عندي كفره وخروجه من الدين ومع هذا سأحكم عليه بالإسلام فهذا يكفر ويخرج من الدين(
أقول لك : يلزمك تكفيره لأنه بحسب كلامك : لا يتبرأ من دينه الذي هو كفر .. فهو على غير دين الإسلام في معتقدك .. ومن يواليه يجب أن يكون مثله في الحكم .. أي : على غير دين الإسلام .




أقول : سبحان الله ! كيف يَلزمني تكفير من لا يكفره ؟ !!
كيف لا يتبرأ من دينه الذي هو كفر ؟
هو لا يعتقد أنه كفر ، فكيف ألزمه أن يتبرأ ممن يعتقد أنه مسلم موحد وأن عمله ليس بكفر . وهو يستند بذلك لدليل شرعي معتبر . ؟
ثم من قال لك يا أبا شعيب أن كل من يواليه يجب أن يكون مثله في الحكم؟
من أين جئت بهذا الفهم ؟
ثم تارك الصلاة ليس دينه ترك الصلاة . بل هو يعتقد فرضيتها . ومن كَفَّره لم يُكفره لأن دينه ترك الصلاة بل لأنه ترك الصلاة . فهناك فرق كبير.
نعم هو على غير الإسلام في معتقدي الذي استند فيه لأدلة شرعية فهمت منها أن تارك الصلاة كسلاً ليس مسلماً . وكذلك في معتقدي أيضاً أن من لا يكفره لا يكفر ما دام يستند لأدلة شرعية معتبره . فهذا خلاف فقهي اجتهادي يحصل بين المسلمين ، كأي خلاف في المسائل الفقهية . وليس له علاقة بأصل الدين . فمثلاً : أنا ممكن أن اعتقد أن نزول الدم لا ينقض الوضوء وغيري من المسلمين يعتقد أنه ينقض الوضوء ، فإذا لم أجدد وضوئي وصليت بعد أن نزل مني دم فصلاتي جائزة ، أما من يعتقد أن نزول الدم ينقض الوضوء ، فإذا صلى بعد أن نزل منه الدم بدون أن يتوضأً فصلاته باطلة . ولا يجب عليه أن يعتقد أن صلاتي باطله . وهكذا في باقي الأحكام الفقهية .
حكم المرتد حكم فقهي ، لهذا فهو موجود في كتب الفقه ، وهناك خلاف كثير في أحكامه بين العلماء . وكل عالم ملزم بأن يعمل حسب ما يعتقده هو . ولا يحق له أن يلزم غيره بما يعتقد ما دام غيره عنده دليل ، ويسع المسلمين الخلاف فيه .



قولك : ثانياً : ترك الصلاة شرك أكبر بنص كتاب الله - سبحانه وتعالى - إذ قال : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } [الأنعام : 1(
وقال : { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } [الفرقان : 43]
فكل من كفر بالله تعالى وخرج من الدين هو : مشرك ، ويعبد غير الله تعالى




أقول : كيف فهمت أن ترك الصلاة شرك أكبر بنص كتاب الله ؟
كيف فهمت من هذه الأدلة أن ترك الصلاة شرك أكبر ؟
لا يوجد حتى ذكر الصلاة في هذه الآيات .
وأتحداك أن تأتي بنص واحد صريح لا يخالفه نص آخر أن ترك الصلاة كسلاً شرك أكبر .




تقول : " فكل من كفر بالله تعالى وخرج من الدين هو : مشرك ، ويعبد غير الله تعالى "



أقول : ليس من ترك الصلاة كسلاً كفر بالله . لأن ليس كل كافر قد كفر بالله . فقد يكون كفر بالرسالة . أو بأي شيء آخر غير الله .
ثم تارك الصلاة كسلاً ما هو الشرك الأكبر الذي فعله ؟ هل عبد غير الله ؟


قولك : " قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده ، فلا بد أن يكون عابدا لغيره . يعبد غيره فيكون مشركا . وليس في بني آدم قسم ثالث . بل إما موحد ، أو مشرك ، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل : النصارى ومن أشبههم من الضلال ، المنتسبين إلى الإسلام ( .
وبطبيعة الحال .. لا يُسمى تارك الصلاة عند من يكفره موحداً ولا مؤمناً .. فإذن هو كافر ومشرك




أقول : دعك الآن من كلام العلماء حتى لا يتشعب الموضوع . لأن شرح كلام العلماء سيتطلب مني وقتاً كبيراً ، وسوف يشعب الموضوع .
ومع هذا فأقول مختصراً . كلام ابن تيمية هذا ليس دليلاً لك على أن تارك الصلاة كسلاً قد عبد غير الله وأشرك الشرك الأكبر . هذه واحدة .
والثانية : انتبه لقوله " ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده " هو يقول : من لم يعبد الله وحده ، يعني أنه يعبد معه غيره . ولا يقال لكل كافر ، أنه لم يعبد الله وحده . فهناك من الكفرة من لا يعبد إلا الله . وانتبه لتأكيده بقوله " يعبد غيره فيكون مشركا "
أما قوله : " ليس في بني آدم قسم ثالث . بل إما موحد ، أو مشرك " فإن كان يقصد من كلمة مشرك ، كافر، يعني استعمل الخاص بمعنى العام فهذا صحيح ، وأرجح أنه قصد هذا ، أما إن كان يقصد المشرك الذي يعبد غير الله ، فكلامه غير صحيح . لأن الله سبحانه يقول : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) ( التغابن : 2)
قال الحافظ بن حجر العسقلاني في تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء : 48). " والشرك الأكبر المعاصي والمراد به في هذه الآية الكفر، لأن من جحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مثلا كان كافرا ولو لم يجعل مع الله إلها آخر، والمغفرة منتفية عنه بلا خوف " (فتح الباري، ج 1 ص 71.).
انظر كيف فسر ابن حجر كلمة الشرك بأنها الكفر .
فليس كل كافر مشرك ولكن كل مشرك كافر ، فبينهما عموم وخصوص مثل الإسلام والإيمان .
فبين الكفر والشرك عموما وخصوصا مطلقا، فكل مشرك شركا أكبر كافر، وليس كل كافر مشركاً. لأن الكفر خصال كثيرة ( كفر تكذيب ، كفر استكبار وإباء مع التصديق ،وكفر إعراض ، وكفر شك ، وكفر نفاق ) بينما الشرك خصلة واحدة، وهي الإشراك مع الله غيره سبحانه وتعالى، أو المساواة بين الله عز وجل وبين بعض مخلوقاته، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وهنا أطرح سؤالاً على من لا يفرق بين الكفر والشرك : موحد نصراني لم يفعل الشرك ولكن لم يؤمن بسيدنا محمد بسبب التلبيسات والمعلومات الخاطئة التي وصلته هل هو مشرك ؟ أم كافر بمحمد ؟

ثم أنظر كيف يعرف ابن تيمية الكفر : " والكفر (تارة) يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به ، وهو من هذا الباب يشترك فيه كل ما أخبر به. (تارة) بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به ، والأصل في ذلك هو الإخبار بالله وبأسمائه ، ولهذا كان جحد ما يتعلق بهذا الباب أعظم من جحد غيره. وإن كان الرسول أخبر بكليهما ثم مجرد تصديقه في الخبر والعلم بثبوت ما أخبر به، إذا لم يكن معه طاعة لأمره، لا باطنا ولا ظاهرا ولا محبة لله ولا تعظيما له لم يكن ذلك إيماناً " (ابن تيمية، الفتاوى، ج 7 ص 534.).

وأطلب منك مرة أخرى يا أبا شعيب أن لا تستشهد بكلام العلماء إلا لتفسير أدلة القرآن أو السنة التي تطرحها حتى لا نغوص بشرح كلام العلماء .


قولك : وبنص حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق تارك الصلاة : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) .. وقوله في حديث آخر : (( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )) .. وقوله في حديث آخر : (( ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك )) .. وأيضاً : (( بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة فإذا تركها فقد أشرك ))
وهذه الأحاديث محمولة على الشرك الأكبر عند من يرى كفر تارك الصلاة
فعليه :
أنا عندي تارك الصلاة كسلاً العالم بوجوبها : كافر مشرك ، يعبد هواه من دون الله ، وهو على غير دين الإسلام .
وعندي أن من يواليه ويحبه : كافر ومشرك ، مثله في الحكم .
ولا يمكن لأحد التفريق بينه وبين المتولي له .. فهما في الحكم سيان .
ولكن ما معنى هذا الحكم ؟
معناه : أن من يحبه لأنه يترك الصلاة .. ويعينه على ترك الصلاة .. ويجعله مسلماً لأنه تارك الصلاة .. فهذا متول له وكافر مثله .
أما من يقول : إن ترك الصلاة ليس من دين الله ، وفلان على ضلال في نطاق هذا الأمر ، وباقي أفعاله من إيمان وتوحيد هي من دين الإسلام ، وهو على الحق فيها .. فهذا لا يكفر ما دام مجتهداً .
هل فهمت معنى كلامي الآن في الولاء والبراء ؟




أقول : لو فرضنا أن تارك الصلاة كسلاً مشرك ، لا يعني ذلك أن من يحكم عليه بالإسلام استناداً لأدلة شرعية أنه لم يكفر المشرك ووالاه مع شركه. فالقول : " أن من يوالي ويحب تارك الصلاة : كافر ومشرك ، مثله في الحكم "
كلام غير صحيح . لأن حكم تارك الصلاة مختلف فيه .
ثم حتى يوافق مثالك ما نتكلم عنهم يجب أن تقول : من أعتقد أن ترك الصلاة كسلاً كفر وشرك ، ولكنه لم يكفر تارك الصلاة كسلا ، واعتقد أنه على باطل في حدود فعله ، ولم يحكم عليه بالكفر كشخص معين لأجل أن عنده بعض أفعال التوحيد والإسلام . فما حكمه ؟
أفهم من كلامك أن معنى الولاء والبراء عندك هو : أن من يحب المشرك لأنه أشرك بالله ، أو يعينه على شركه ، ويجعله مسلماً لأنه يشرك بالله فهو الذي تولاه وهو الكافر مثله .
أما أن يحكم على من عبد غير الله ، بالإسلام والتوحيد مع إعتقاده أن عمله ضلال وهو على ضلال في نطاق شركه . فلا يكفر ولا يعد قد والى المشرك والكافر الولاء المكفر . لأنه مجتهد .
هل فهمت الآن كلامك . ؟
إذا كانت هذه عقيدتك في الولاء والبراء والحكم على عابد غير الله ،ومن لا يكفره ، فأطلب منك أن تأتي بدليل واحد عليها .

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 02-03-2018, 03:55 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي


أبو شعيب :

بسم الله الرحمن الرحيم ،

أنا أحضّر ردّاً على مشاركتك الأخيرة ، لكنني أود أن أستوضح إشكالاً وقعت فيه من كلامك .


تقول في مشاركة رقم #67 :

[-- أقول : الرسول صلى الله عليه وسلم صرح وبشكل واضح أن هذه الصورة براءة من الشرك . فحسب هذا التصريح يجب أن نفهم ما معنى البراءة من الشرك . فمن يريد أن يتعلم كيفية البراءة من الشرك ينظر لهذه الآية . ولا يأت بمقاييس من عقله وهواه ليبين كيفية البراءة من الشرك .
فالآية دليل واضح على أن من البراءة من الشرك تكفير المشرك وإخراجه من الدين . وهكذا فهمها الصحابة وهكذا فسرها المفسرون .
فكيف بعد هذا تقول : ليست دليلاً على أن تكفير المشركين وإخراجهم من الدين هو من أصل البراءة من الشرك . ؟
فهي دليل على ماذا إذن والرسول صلى الله عليه وسلم يصفها بأنها براءة من الشرك ؟ وقد تكرر فيها وصف المشرك بالكافر وأنه ليس في دين الله.
ولقد أثبت لك أن مشركي العرب كانوا لا يحبون أن يوصفوا بأنهم كفار ، مع قبولهم وصف مشركين .
اذكر لي ما هي الأحكام التي تفهم من هذه الآية ؟ --]


أنت استدللت بسورة الكافرون على أن البراءة من الشرك لا تتم إلا بتكفير المشرك ، ومن لا يكفره فهو مثله .

ثم تقول في مشاركتك الأخيرة رقم #72:

[-- أقول : لو فرضنا أن تارك الصلاة كسلاً مشرك ، لا يعني ذلك أن من يحكم عليه بالإسلام استناداً لأدلة شرعية أنه لم يكفر المشرك ووالاه مع شركه. --]

طيب .. دعني أفهم كلامك .

- حتى تتحقق البراءة من الشرك ، يجب على المرء تكفير المشرك .. وإلا فهو لم يتبرأ من الشرك .
- ترك الصلاة شرك أكبر (في افتراضنا الآن) .. ومع هذا من اجتهد ولم يكفّر تارك الصلاة (المشرك) ، فهذا يصحّ أن يُقال فيه إنه تبرأ من الشرك (الذي هو ترك الصلاة) .. حتى لو لم يكفّر فاعله .

سؤالي الآن :

نحن كفّرنا تارك الصلاة (المشرك) .. وتحقق لدينا البراءة من الشرك بنص سورة الكافرون .

وهؤلاء لم يكفروا تارك الصلاة (المشرك) .. ومع هذا تحقق لديهم البراءة من الشرك .. وسورة الكافرون - بحسب استدلالك - توجب تكفير المشرك حتى تتحقق البراءة من الشرك ، ومن لا يفعل ذلك فهو لم يتبرأ من الشرك .

فهل هؤلاء لم يتبرأوا من شرك تارك الصلاة إذ لم يكفروه اجتهاداً منهم ؟ .. يعني نقول في حقهم : هم لم يتبرأوا من الشرك اجتهاداً ، وعلى ذلك فهم معذورون ؟

أم نقول : إنهم متبرئون من شرك تارك الصلاة ، حتى وإن لم يكفروه ؟

رد مع اقتباس
  #74  
قديم 02-03-2018, 04:16 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

تكملة الرد على مشاركة رقم 49



تقول :( أقول : لماذا كفرته يا أبا شعيب ؟
فقد أجاز الله أن تجتمع الطاعة والمعصية في قلب الإنسان ولا يكون كافراً . )
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يجتمع الشح والإيمان في جوف رجل مسلم ) .
ماذا تفهم من هذا الحديث ؟




أقول : هذا الحديث لا يفهم منه إستحالة إجتماع الشح والإيمان في جوف الرجل المسلم . ولا يفهم منه أيضاً أن وجود الشح يزيل الإيمان . بل المقصود من الحديث ذم الشح والحض على تركه ، لأنه ينقص من الإيمان الكامل كأي معصية من المعاصي .
يجب هنا التذكير بأمر مهم وهو : حتى نفهم أي حديث لا بد أن نجمع جميع الأحاديث والآيات في هذا الموضوع لنخرج بحكم بعد ذلك .



قولك : هل يجوز لك أن تقول : يجوز في الإسلام اجتماع الشح والإيمان في جوف رجل مسلم ؟



أقول : لا يمنع من اجتماع الشح مع الإيمان في جوف رجل مسلم ، الحكم عليه بالتوحيد والإيمان.
ولكن وجود الشرك الأكبر في جوف رجل مسلم يمنع الحكم عليه بالتوحيد والإسلام .


قولك : ما رأيك لو سألتك : هل يُجيز الله - تعالى - أن يجمع الناس المعاصي مع الطاعات ؟؟ ما سيكون جوابك ؟؟
لا بد أن تقول لا .. لأن الله - عز وجل - لا يُجيز اقتراف المعاصي
.



أقول : يجيز الله الحكم بالتوحيد والإسلام على من يجمع المعاصي مع الطاعات . ولكنه لا يجيز الحكم بالتوحيد والإسلام على من يجمع الشرك الأكبر مع الطاعات .
فنحن لا نتكلم عن إجازة الفعل أو عدم إجازته . نحن نتكلم عن إمكانية وجوده في قلب المسلم الموحد ويظل مع هذا موحداً .
فللمعاصي هذه الإمكانية أما الشرك الأكبر فلا .
انتبه يا أبا شعيب -هداك الله- عندما تقيس المسائل ، دقق في الأمر . ولا تقيس مع الفارق .

قولك : يعني بتعبير أوضح أقول : لو جاءك رجل وقال : هل يجوز لي شرعاً أن أعصي الله وأطيعه ؟ .. ماذا سيكون جوابك ؟
هل ستقول له : لا يجوز لك ، ولكن ذلك لا ينقض إيمانك حتى تستحل ؟؟ .. أم ستقول له يجوز لك أن تعصي الله وتطيعه ؟؟




أقول : أقول له : لا يجوز لك أن تفعل المعصية ، ولكن لا يزيل الله عنك صفة موحد ومسلم إذا عصيته وأطعته ما لم تستحل المعصية . ولكن يزيل عنك صفة موحد ومسلم ، إذا أشركت به وعبدت غيره ، ولو كان عندك من أعمال التوحيد والإسلام ما عندك .

قولك : تقول :[-- ويجوز أيضاً من الناحية العقلية أن تجتمع المعصية والطاعة في قلب رجل واحد . فالطاعة في أمر والمعصية في أمر آخر ليسا نقيضين. --]
جميل جداً .. يعني أنت تقول إن العقل يقرر أن المعصية في نفس الأمر نقيض الطاعة .. صح ؟
أما في المسائل المختلفة ، فيجوز عقلاً أن يعصي الله في أمر ، ويطيعه في أمر آخر ، صح ؟؟ مع أن المعصية نقيض الطاعة .




أقول : كيف نستطيع أن نقول : يطيعه ويعصيه في نفس المسألة ؟ فهذا محال عقلاً وشرعاً . شخص يقول لك إذهب للبيت : فكيف تذهب ولا تذهب في نفس الوقت ؟
أما المسائل المختلفة فيجوز ذلك عقلاً ما لم تكن تنقض بعضها بعضاً . فاجتماع الشرك الأكبر والتوحيد في قلب رجل واحد لا يجوز لا عقلاً ولا شرعاً . لأن صفة الموحد هي الصفة التي يكون الشخص فيها خالياً من جميع أنواع الشرك الأكبر . مثل نظيف ووسخ ، مثل طاهر ونجس .
فقد ينجس الشخص في جزء بسيط من جسمه يؤدي ذلك للحكم بنجاسة جسمه كله . فمثلاً : لو نجس قدمه فقط . لا يقال : نقول أن قدمه نجسه في حدود قدمه ، أما باقي جسمه فهو طاهر . ولأن طهارته أكثر من نجاسته فبدنه طاهر وصلاته جائزة . ( طبعاً أنا هنا أتحدث عن الطهارة الواجبة للصلاة .)
فإذا قلنا لمن حكم عليه بأنه طاهر أنت أجزت طهارة هذا الشخص مع وجود نجاسة مغلظة فيه . فيقول : لا . أنا لم أحكم على قدمه بالطهارة مع وجود النجاسة فيها ، ولو حكمت على قدمه بالطهارة وهي فيها نجاسة فقد سميت النجاسة طهارة ، هنا أكفر ، أما ما دمت اسمي النجاسة نجاسة بحدودها ولا أحبها فلماذا تكفروني . ؟
هل هذا الذي يتكلم بهذا الكلام فهم لماذا حكمنا على جسمه كله بالنجاسة؟!
هل فهم كيف ينجس ويطهر البدن للصلاة ؟ !


قولك : الآن أود أن أسألك سؤالاً ..
ما رأيك فيمن يقول عن رجل يعصي الله : هذا الرجل مطيع وتقي ؟
هل تكفّره ؟
ماذا لو قال لك : أنا لم أحكم عليه بالطاعة والتقوى لمعصيته ، وإنما حكمت عليه لأن عنده جبال عظيمة من أعمال البر ، وعنده من التقوى والعمل الصالح ما تغمر هذه المعاصي ، فغلب عليه حكم الطاعة على حكم المعصية .
هل في كلامه شيئ حينها ؟




أقول : قبل أن نحكم عليه نسأله لماذا حكمت عليه أنه مطيع وتقي ؟
فإن قال : لأنه يفعل هذا العمل ( يقصد فعل المعصية ) .
نسأله : هل تعرف أن هذا العمل قد حرمه الله ؟ فإذا قال لا . بل أنا اعرف أن الله يحبه ويرضى عنه ، لهذا حكمت على فاعله بأنه مطيع وتقي .
هذا نعرفه الحكم . ولا نحكم بكفره .
أما إن قال أعرف ذلك . فهذا يكفر لأنه وصف عمل المعصية بالطاعة والتقى.
أما إن قال : نعم هو عاصي في هذا العمل ، وأنا لم احكم عليه استناداً لهذا العمل بل هو في عمله هذا عاص وعلى غير الحق ، ولكن لأنه لم يستحل هذا العمل ولم يفعل الشرك الأكبر ، وملتزم بالتوحيد والفرائض ،وله أعمال خيرة كثيرة ، حكمت عليه حسب هذه الأفعال أنه مطيع لله وتقي .
فهذا لا نقول له إلا شيئاً واحداً . أنت لم ترتكب خطأً ولكن الأفضل أن لا تصفه وهو يفعل المعاصي بأنه مطيع وتقي ، حتى لا يظن السامع أنك وصفته لأنه يفعل هذا الفعل – فعل المعصية - .


قولك : لقد قال أبو حنيفة - رحمه الله - فيما اشتهر عنه : من سمّى الظالم عادلاً فهو كافر .



أقول : كلام أبو حنيفة - رحمه الله – حق ولا يخالفه فيه أحد . لأن وصف الظلم بالعدل كفر .

قولك : لكن ما رأيك لو سماه عادلاً لكثير العدل الذي يعمله ، مع إقراره أن فيه بعض ظلم ، لكنه مغمور في بحار عدله ؟
هل سينطبق عليه كلام أبي حنيفة ؟




أقول : لا ، لا ينطبق عليه قول أبي حنيفة رحمه الله . ولكن عندما يصفه بأنه عادل يجب أن ينبه السامع على أنه يفعل بعض الظلم ، حتى لا يظن السامع أنه يصفه بكل أعماله .

قولك : وما رأيك لو سمى الزاني القاتل الظالم السارق الفاجر : تقيّاً أو مطيعاً؟
هل يشك أحد حينها في كفره ؟
وعقلك الآن يقرر اجتماع النقيضين (الطاعة والمعصية) في قلب رجل .. ولكن بشرط اختلاف المسائل .




أقول : إذا سماه لأفعاله هذه يكفر . أما إذا سماه لتوحيده وأعمال الخير والتقى التي عنده لا يكفر ، ولكن ينبه التنبيه الذي ذكرته سابقاً .
ولا يقال : حتى لو سماه لتوحيده وأعمال الخير والتقى عنده تقي مطيع ، يكفر ، لأن هذا الشخص يكثر فيه أعمال المعاصي .


قولك : تقول :
[-- وممكن أن نقول من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية : يجوز أن يجتمع الشرك الأصغر مع التوحيد في قلب رجل واحد . --]
ليس من الناحية الشرعية .. اضبط اللفظ ، هداك الله .
الصواب أن تقول : يجوز أن يجتمع في الحكم الشرعي على الناس الشرك الأصغر والتوحيد .. لا في الشرع نفسه .
كيف يعني في الحكم الشرعي على الناس ؟
يعني : عند إطلاق الأحكام الشرعية على الناس ، يجوز أن نقول : فلان مسلم ، مع ما يعمله من معاصي تنقص إيمانه .. ولكن لا يجوز لك شرعاً أن تقول : يجوز أن يجمع الرجل بين المعصية والإيمان .. فهذا تجويز لفعل المعصية في الشرع ..
فأرجو أن تضبط الألفاظ ، فهذا أمر مهم .. لأن هذا الجواز محصور فقط في مسائل الأسماء والأحكام الشرعية التي يحكم بها المرء على الناس ، فلا يرتاع أحد ويرتهب من قولنا : فلان يجيز اجتماع الشرك مع التوحيد .. فهو بمثل سوء فهم قولنا : فلان يجيز اجتماع الطاعة مع المعصية .




أقول : أنا قلت : " وممكن أن نقول من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية : يجوز أن يجتمع الشرك الأصغر مع التوحيد في قلب رجل واحد . "
فالجائز هو اجتماعهما في قلب الموحد ، بمعنى يمكن أن يجتمعا في قلب الموحد ويظل موحداً . ولا أقصد تجويز فعل الشرك الأصغر أو المعصية . معاذ الله . فنحن نتحدث عن جواز وعدم جواز اجتماع الأعمال في القلب الواحد . ولا نتحدث عن جواز هذه الأفعال أو عدم جوازها من الناحية الشرعية .
وأنا لم أقل : يجوز أن يجمع الرجل بين المعصية والإيمان ..
أنا قلت يجوز اجتماع المعصية والإيمان في قلب رجل واحد . فالجائز هو إجتماعهما بمعنى لا يلغي بعضهما البعض . ولم أتحدث عن أحكامهما .
فلقد وصفت العمل بالمعصية والشرك الأصغر .
وهناك فرق كبير بين القول : بجواز اجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد ، وبين القول بجواز اجتماع المعصية مع التوحيد في قلب رجل واحد .
فأنت عندما قلت بجواز اجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لم أفهم من كلامك أنك تجيز الشرك الأكبر وإنما فهمت من كلامك أنك تجيز اجتماعهما في القلب الواحد ، أي لا تعتقد تناقضهما ، ولا تعتقد أن الشرك إذا دخل القلب يخرج التوحيد . لهذا قلت لك يجوز اجتماع المعصية أو الشرك الأصغر مع التوحيد في القلب الواحد أما من غير الممكن لا شرعاً ولا عقلاً ولا لغة إجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لأن الشرك الأكبر نقيض التوحيد وناقضه . أما المعصية فليست نقيض التوحيد وناقضه ما لم تستحل .



قولك : تقول :[-- ولكن لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية العقلية ، يجوز أن يجتمع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لأنهما ضدان ، والضد مع ضده لا يجتمع ، كما أن النهار مع الليل لا يجتمع . فإذا حضر أحدهما ذهب الآخر . --]
منذ قليل أجزت عقلاً اجتماع النقيضين : الطاعة والمعصية .. ولكن مع اختلاف المسائل .
والآن تقول لا يجوز عقلاً اجتماع النقيضين ؟؟




أقول : أنا لم أجز اجتماع النقيضين . الطاعة والمعصية في نفس العمل نقيضين ولا يعقل اجتماعهما ، أما المعصية في أمر والطاعة في أمر فليسا نقيضين لهذا يمكن اجتماعهما في قلب رجل واحد . أما الشرك والتوحيد فلا يمكن عقلا ولا شرعاً أن يجتمعا في قلب رجل واحد . يعني بمعنى لا يمكن أن يحكم على الشخص بأنه موحد ومشرك في نفس الوقت . ولا يعني هذا أنه لا يمكن أن يكون عند هذا المشرك بعض التوحيد والإيمان . فنحن لا نحكم على أعماله عملاً عملاً نحن نحكم على شخصه ككل متكامل .

قولك : هل يجوز عقلاً أن يوحد رجل الله في مسائل ، ويشرك به في مسائل أخرى ؟
الجواب : نعم .. وهو ما وقع من كفار قريش .. وهذا ما بيّنه القرآن .. إذ قال:{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
ذكر أن عندهم إيمان .. وعندهم شرك .
وقال : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]
ذكر أنه يُخلصون في الدعاء .. والإخلاص نقيض الشرك .
فيجوز عقلاً اجتماع التوحيد في مسائل ، والشرك في مسائل أخرى .
فعند التجزئة والمخالفة في المسائل ، يجوز عقلاً لنا أن نفرّق بين هذا وهذا .. ولا ينكر ذلك إلا معاند مكابر .
وأنت نفسك قررت هذا عندما جمعت النقيضين : الطاعة والمعصية .. بشرط اختلاف المسائل .
أما شرعاً .. فلا يمكن اجتماع الشرك الأكبر والتوحيد .. لماذا ؟؟ لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد .




أقول : نحن يا أبا شعيب لا نتحدث عن الأفعال كل فعل على حده . نحن نتكلم عن حكم الشخص كشخص متكامل .
فنقول : يمكن شرعاً وعقلاً : أن يكون الشخص عاصي وموحد في نفس الوقت . ولكن لا يمكن لا لغة ولا شرعاً ولا عقلاً أن يكون مشرك الشرك الأكبر وموحد في نفس الوقت . فحكمنا هذا على الشخص ككل متكامل وليس على أفعاله فعلا ً فعلاً .
فالعقل الذي يفهم من اللغة أن المشرك هو من يعبد غير الله مع الله ، ويعرف أن الموحد هو الذي لا يعبد غير الله . لا يتردد في الحكم على شخص وعين من عبد غير الله بأنه مشرك غير موحد .
وهل حدث أن أحداً من الصحابة أو العلماء قبل أن يحكم على عين فاعل الشرك الأكبر بالشرك ، بدأ يقيم أفعاله ؟


قولك : أما شرعاً .. فلا يمكن اجتماع الشرك الأكبر والتوحيد .. لماذا ؟؟ لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد .



أقول : لا ، ليس لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد لا يمكن شرعاً اجتماعه مع التوحيد .
نقض وإحباط الثواب شيءٌ آخر جاء الحكم به لاحقاً . ولكن في لغة العرب ، أن من عبد غير الله لا يسمى موحداً . لهذا مشركي العرب كانوا لا يسمون أنفسهم موحدين . كما هو حال النصارى واليهود الذين جهلوا وقوعهم بالشرك الأكبر . فالشرك الأكبر ناقض للتوحيد لغة وشرعاً . وكذلك من عبد غير الله لا يسمى موحداً بل يسمى مشركاً لغة وشرعاً . وهذا الحكم كان يفهمه كل عاقل بالغ يفهم معنى كلمة الشرك وكلمة التوحيد . وليس لحبوط الأعمال أي تأثير على هذا الحكم .
ولو سمِعنا أحد من مشركي العرب في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم نقول عن شخص يعبد غير الله : نعم هذا مشرك في شركه وبحدود شركه ولكنه كشخص معين حكمه موحد ، لأن عنده من أفعال التوحيد الشيء الكثير ، لسخر منا وأيقن أننا لا نعرف معنى كلمة مشرك أو موحد .



قولك : [-- أقول : يا أبا شعيب . نحن نتحدث عن الإجازة الشرعية والعقلية لإمكانية تواجد الشرك والتوحيد في قلب رجل واحد .
فالتوحيد والشرك في قلب رجل واحد لا يجتمعان ، هذا من الناحية الشرعية والعقلية . فالتوحيد نقيض الشرك لغة وشرعاً ، والضد لا يجتمع مع ضده عقلا وشرعاً . --]
والمعصية نقيض الطاعة ، هذا لغة وعقلاً وشرعاً .. فكيف ساغ لك أن تجمع بينهما عقلاً وهما نقيضان ؟




أقول : المعصية والطاعة نقيضان في نفس الفعل وليس في نفس الشخص . وأنا لم أجمع بينهما في نفس الفعل ، بل جمعت بينهما في نفس الشخص . وهناك فرق كبير بين الحالتين .
فليس كلامنا عن اجتماع الشرك والتوحيد في نفس الفعل ، فنحن لا نتحدث عن هذا ، نحن نتحدث عن إمكانية اجتماعهما في الشخص الواحد ، وليس في عمل من أعماله .


قولك :
ستقول لي : جزّات الإيمان وجعلته مسائل .. وعند التجزيء تتقرر هذه المسألة عقلاً وشرعاً .



أقول : أنا لم أجزأ الإيمان وأجعله مسائل . فنحن لا نحكم على الأفعال ، كل فعل على حده ، نحن نحكم على إمكانية اجتماعها في الشخص الواحد . فلا تجزئة في الحكم على الشخص . أنت الذي جزأت الشخص بأفعاله ، وبدأت ترجح في أفعاله للحكم على شخصه .


فأقول لك : وعند تجزئة الإيمان أيضاً ، يصحّ عقلا أن يشرك المرء في بعض أجزائه ، ويوحّد في أجزائه الأخرى .



أقول : أنا لم أجزء الإيمان . ومن قال لك أن الشخص لا يجوز أن يوصف أنه عنده بعض أفعال التوحيد وعنده بعض أفعال الشرك . فنحن لا نتحدث عن وصف أفعاله كل فعل على حده ، نحن نتحدث عن حكمه ككل متكامل ، كشخص متكامل . فنقول : الشخص الذي عبد غير الله غير موحد . هذا لغة وشرعاً .
ونقول : الشخص الذي عصى الله ولم يستحل المعصية ولم يشرك بالله ولم ينقض توحيده بأي عمل من الأعمال موحد عاصي . وهذا أيضاً في الشرع واللغة . فالعرب لم تكن تسمي من سرق مشركا . بل كانت تسمي من عبد غير الله مشركا . ولم تقل هو مشرك في حدود فعله فقط . بل تحكم على شخصه وعينه بأنه مشرك في حال عبد غير الله ولو في عمل واحد .


قولك :
مثاله : رجل لا يذبح إلا لله ، ولا يسجد إلا لله ، ولا يدعو إلا الله .. ولكنه يشرك بالله في التحاكم .
هل يجوز هذا عقلاً ؟ .. الجواب قطعاً يجوز ، إلا عند من غاب عقله .




أقول : يجوز عقلاً ولغة وشرعاً إن أردنا أن نحكم على أفعاله أن نقول : وحد الله في الذبح ووحد الله في السجود ووحد الله في الدعاء وأشرك بالله في التحاكم .
ولكن عندما نريد أن نحكم على شخصه وعينه ، لا يجوز ولا يصح لا لغة ولا عقلا ً ولا شرعاً ، إلا أن نحكم عليه بأنه مشرك غير موحد . ومن يحكم على عين من فعل الشرك الأكبر-وهو يعرف أنه فعل الشرك الأكبر - بالتوحيد ، لا يعرف التوحيد ولا يعرف الشرك الأكبر وحكمه لغة وشرعاً .


قولك : أقول [-- وكذلك من الناحية العقلية لا يجوز أن يتواجد التوحيد والشرك في قلب رجل واحد إذا كانا نقيضين . إلا إذا فُهم أن التوحيد ليس نقيضاً للشرك . ففي هذه الحالة يمكن أن يجتمعا في قلب رجل واحد . ومن فهم أن الشرك ليس نقيضا للتوحيد ، فلم يفهم التوحيد ولم يفهم الشرك في دين الله . --]

بيّنت هذه المسألة في الأعلى .. وأختصر وأقول :
لا يجوز عقلاً اجتماع المعصية والطاعة في نفس الأمر .. لأنهما نقيضان .. ويجوز ذلك عقلاً إن تم تجزئة الإيمان إلى مسائل ، فنقول : عصى الله في مسائل .. وأطاعه في مسائل أخرى .
وكذلك عند الحديث عن التوحيد والشرك .. لا يصح عقلاً أن نقول : يجتمع التوحيد والشرك في قلب رجل .. ولكن عند تجزئة المسائل ، نقول : يجوز عقلاً أن يوحد رجل الله في مسائل ، ويشرك به في مسائل .
أما الشرع فيقول : إن الشرك ناقض لثواب التوحيد .




أقول : يا أبا شعيب نحن ليس خلافنا في الحكم على الأفعال كل فعل على حده، نحن نتحدث عن حكم الشخص المعين . فالشخص المعين إذا فعل الشرك الأكبر لا يحكم على عينه إلا بأنه مشرك ، ولا توصف عينه إلا بأنها مشركة .
هذا الحكم كان يفهمه كل من يفهم اللغة العربية قبل مجيء الإسلام . ولا يوجد في لغة العرب وصف لشخص معين بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت. إلا إذا كان الحديث عن أفعاله ، أما حكمه كشخص فإما موحد وإما مشرك ، إما موجود وإما غير موجود . ونحن لا نتحدث عن وصف الأفعال كل فعل على حده ، نحن نتحدث عن حكم الشخص كشخص معين .



قولك :
وهناك الكثير من المسائل المكررة التي ذكرتها أنت في ردّك ، سأعرض عنها
.. اللهم إلا إن كانت هناك مسألة غفلتُ عنها ولم أذكر لها جواباً ، فنبهني إليها .. واعلم أنني لم أتعمد إغفالها .




أقول : سأراجع المسائل وأخبرك .



قولك : تقول :[-- والثانية : اللفظ في الآية هو " يؤمن " والإيمان هو التصديق والتصديق لا ينافي الشرك . وليس نقيضه . فقد يؤمن أن الله خالق الكون ويعبد معه غيره ليتقرب إليه . كحال المشركين الذين وصفتهم هذه الآية . --]
وهل عبادة غير الله لا تتناقض مع التصديق بأن الله خالق الكون ؟
انظر إلى هذه الآية : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } [الزخرف : 87]
فيها دليل على أن عبادة غير الله تنقض إقرارهم وتصديقهم بوحدانية الله في الخلق .




أقول : لا شك أن الشرك الأكبر ينافي الإيمان الصحيح . ولكن ممكن أن يكون الشخص مؤمناً بوجود الله وفي نفس الوقت يشرك به ، ويعتقد أنه بفعله هذا يتقرب إلى الله . فهذا لا يخالف اللغة ولكنه يخالف الشرع . على كلٍ هم نفسهم كانوا يسمون أنفسهم مشركين مع أنهم كانوا يؤمنون بالله وبأنه خالقهم وخالق الكون ورازقهم وو ، بل كانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله. المهم لم يصف أحدهم من يفعل ذلك بأنه موحد .


قولك : ولقد قلت :[-- ممكن أن نفهم من هذه الآية أنه قد يجتمع إيمان ببعض الأمور وشرك بالله . --]
وهل يمكن اجتماع الإيمان بجميع الأمور وشرك بالله ؟؟




أقول : لا يمكن أن يجتمع الإيمان بأن الله هو المستحق وحده للعبادة مع الشرك بالله . لا لغة ولا شرعاً . فلو كان مشركي العرب يؤمنون أن الله هو وحده المستحق للعبادة لما عبدوا الأصنام . ولما اعترضوا على دعوتهم لتوحيد العبادة .

قولك :
ما دام عندك إن الإيمان هنا هو التصديق الذي لا ينقضه الشرك .. فقل لي إذن : هل يمكن أن يصدّق المرء بجميع أمور الوحدانية ، وهو في نفس الوقت مشرك ، ونقول : إن تصديقه الكامل لا ينقضه الشرك ؟



أقول : لا ، لا يمكن أن يصدق بجميع أمور الوحدانية وهو في نفس الوقت مشرك بالله إلا إذا كان لا يعرف معنى الشرك والتوحيد . فلا يمكن أن يجتمع الإيمان بأن الله هو المستحق وحده للعبادة مع الشرك بالله . لا لغة ولا شرعاً.


قولك : تقول :[-- والثانية : أن الآية تصفهم أنهم إذا ركبوا في الفلك دعوا الله وحده وأخلصوا له الدين في الدعاء ، وإذا صعدوا للبر ، يشركون به في الدعاء وفي غيره . ولم يصفهم بأنهم في البر موحدون ومشركون . مع أنهم في الفلك كانوا يوحدون الله في الدعاء ، وكانوا في البر يفعلون بعض مظاهر التوحيد والإسلام ولكنهم عندما أشركوا في الدعاء أو في غيره وصفهم بأنهم مشركون. ولم يصفهم بأنهم في فعلهم مشركون ولأن عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام ، ويوحدون الله في الدعاء في الفلك ، لم يحكم على ذواتهم بالتوحيد والإسلام --]

الآية واضحة ، يقول الله تعالى : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]
ذكر الله تعالى أنهم أخلصوا لله في الدعاء في البحر .. فهل دخلوا الإسلام بذلك في تلك اللحظة ؟؟
أليس الإخلاص نقيض الشرك ؟؟ .. فكيف يقول الله تعالى إنهم أخلصوا في الدعاء وهم في تلك اللحظة ما زالوا مشركين ؟؟
هذا يبين لك أنه يُمكن عقلاً اجتماع الإخلاص في بعض الأمور مع الشرك في أمور أخرى ..




أقول : ألآية تصفهم بأنهم أخلصوا لله في الدعاء . ولا يوجد في الآية أنهم بهذا أصبحوا موحدين .
ولا يوجد تعارض بأن يقال أن هذا الشخص مشرك ولكنه أخلص لله في الدعاء . وإنما التعارض أن يقال هذا عبد غير الله ولكنه موحد .

أقول : أما وصفهم .. فدعك منه الآن .. ليس هذا كلامنا .. لأن التوصيف هذا الذي تقوله إنما يُستقى من أدلة القرآن والسنة .. لا من مجرّد لا إله إلا الله ..

أقول : نحن ، ما يهمنا وصفهم كأشخاص وليس وصف أفعالهم . ما يهمنا حكمهم كأشخاص وليس حكم أفعالهم فحكم أفعالهم متفقون عليه .
أما قولك أن الحكم على عين من عبد غير الله بأنه مشرك بعينه يستقى من أدلة القرآن والسنة فقط ، فهذا غير صحيح . فمشركي العرب أنفسهم كانوا يعرفون من لغتهم أن من فعل الشرك مشرك بعينه . ولم يصفوا أحداً بأنه موحد بمجرد أنه وحد الله في عمل ما ، وهم يعرفون عنه أنه عبد غير الله .




قولك : وقد تقرر عقلاً عند التفريق في المسائل جواز أن يوحد إنسان الله في بعض المسائل ، ويشرك به في مسائل أخرى ..



أقول : أذكر مرة أخرى أن مسألتنا الحكم على الأعيان وليس على الأفعال . ولا أحد يخالفك أن الشخص قد يكون عنده بعض أفعال التوحيد وبعض أفعال الشرك ، أي يوحد الله في بعض أفعاله ويشرك به في بعض أفعاله . ومعظم من على وجه الأرض حالهم هكذا .
وخلافنا هو في وصف عين من عبد غير الله بأنه موحد . فهذا الوصف لا تقبله اللغة ولا يقبله العقل ولا الشرع .


قولك : نعم ، هو في دين الله اسمه مشرك وكافر .. ولا ثواب لتوحيده .. لكن هذه المسائل تعرف فقط بالأدلة الشرعية ، لا من مجرد لا إله إلا الله .



أقول : بل تعرف أيضاً من اللغة . قبل أن يبعث رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه .
ثم إذا كانت كلمة " لا إله إلا الله " لا يعرف منها حكم من يعبد غير الله ، فما هو الحكم الذي يعرف منها ؟
وماذا فَهم العرب من هذه الكلمة حتى يحاربوا من يتلفظ بها ؟
ولماذا امتنع عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها وهو على فراش الموت ؟
وهنا أسألك مجارياً لك فيما تقول : ما هي هذه الأدلة التي تبين أن من يعبد غير الله اسمه مشرك . ؟


قولك : لا إله إلا الله تثبت أنه مشرك في حدود فعله ، وأن توحيده في هذا
الفعل انتقض .. أما انتقاض جميع الإيمان فلا يثبته إلا الدليل الشرعي .




أقول : كيف تُثبت أنه مشرك في حدود فعله فقط ؟!!!!!!
وكيف تثبت أن توحيده في هذا الفعل قد انتقض ؟ !!!!!!
دلني بالله عليك كيف فهمت هذا الفهم من كلمة التوحيد ؟
ويا حبذا لو تركز على هذا الأمر .
لأني أتحداك أن تأتي بدليل واحد من اللغة أو من الشرع يثبت فهمك هذا لكلمة التوحيد.

يتبع

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أبوشعيب, مسلم 1, التوحيد, التكفير, اصل الدين, ضياء الدين القدسى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:50 AM


جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر إدارة المنتدى