عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 06-13-2012, 12:37 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب على سؤال الأخ الغريب .
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين :
نعم من العلماء من حرم نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي ومن ضمن ما استدلوا به هذا الحديث . ومن العلماء من خالفهم في ذلك ولم يعمم هذه الرواية على كل النساء بل جعلها خاصة بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد نزول آية الحجاب ، ومنهم من ضعف هذا الحديث ولم يأخذ به وأخذ بأحاديث أخرى استدل بها على جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي من غير شهوة ولا مخافة فتنة . وإليك تفصيل ذلك مع الأدلة :
العلماء متفقون على أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر بشهوة إلى وجه الرجل الأجنبي . أما حكم النظر إلى وجه الرجل الأجنبي بغير شهوة ولا مخافة فتنة ، فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال :
القول الأول: التحريم . وهو مذهب الشافعية في الصحيح عندهم ، والحنابلة في رواية ثالثة ، ورأي عند المالكية.
بعض أدلة أصحاب هذا القول :
1- قوله تعالى: " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .. " ( النور : 31 )
وجه الدلالة : قالوا : ظاهر الآية أن المنع يشمل النظر بشهوة أو بغير شهوة ، والأصل في النصوص العامة أن تبقى على عمومها ، فلا تخصَّصُ إلا بدليل شرعي ، إما نصٌّ ، أو إجماع ، أو قياس صحيح ، ولم يوجد واحد من هذه الثلاثة بالنسبة لعموم الآية .
2- سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة ، فقال: " لاَ تُتْبِعْ النَّظَرَ النَّظَرَ فَإِنَّ الأُولَى لَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ الأَخِيرَةُ " رواه أحمد بسند صحيح .
قالوا : النساء والرجال في أحكام الشرع سواء ما لم يأتِ التخصيص.
والآية والحديث صريحان في المنع من النظر إلا لضرورة أو نظرة الفجأة ، وهذا ليس خاص بالرجال .

3- عن نبهان مولى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّسَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجِبا مِنْهُ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا ؟ فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ؛ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ ؟ " . ( رواه أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن حبان. )
قال النووي رحمه الله : وهذا الحديث حديثٌ حسن رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، قال الترمذي : هو حديث حسن ولا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة .أ.هـ.
قال ابن حجر في الفتح في موضع : " وهو حديث مختلف في صحته ."
وقال في موضع آخر : " وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوى ؛ وأكثر ما عُلل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة ، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته .

وقال العيني : وهو حديث صحَّحه الأئمة بإسناد قوى .
ومِمَّن صحَّحه : التركماني في الجوهر النقي ، والشوكاني في نيل الأوطار.
4- ثبت عن عائشة رضي الله عنها : " أنها احتجبت من أعمى فقيل لها إنه لا ينظر إليكِ فقالت : لكني أنظر إليه . " رواه ابن سعد في الطبقات ، وصحَّحه ابن عبد البر ، وقد أخرجه الإمام مالك في إحدى موطآته كما عزاه الحافظ إليه في التلخيص الحبير .

القول الثاني : جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي خارج ما بين سرته وركبته بغير شهوة ولا خشية فتنة ، وهذا قول جمهور الحنفية ورواية عن الشافعي وأحمد .

بعض أدلة القائلين بهذا القول :
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان‏ ‏الحبش ‏يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏وأنا أنظر فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف فاقدروا قدر ‏الجارية ‏الحديثة السن تسمع اللهو .‏ " ( متفق عليه‏.) ‏
2- حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه أنه صلى اللّه عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال : "إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده " .

3- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول خلع كان في الإسلام امرأة ثابت بن قيس الأنصاري وهى حبيبة بنت سهل - أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدا ، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة ( أي : عدة رجال) فإذا هو أشدهم سواداً ، وأقصرهـم قامةً ، وأقبحهـم وجهاً ، قال صلى الله عليه وسلم : " أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ " قالت: نعم ، وإن شاء زدته ، ففرق بينهما . " ذكرها ابن حجر في الفتح ، والقرطبي في التفسير ، والطبري ، وابن كثير ، والربيع في مسنده ، وأحمد ، والطبراني في الكبير .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُنكر عليها نظرها إلى الرجال فهذا يدل على جواز النظر ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، كما هو معلوم .

4- قالت عائشة رضي الله عنها : " لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قَتلُ ابنِ حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يُعرف فيه الحزن ، وأنا أنظر من صائرِ البابِ ( شقِّ الباب) فأتاه رجل فقال ... الحديث " ( متفق عليه )
وجه الدلالة : قال الإمام ابن حجر رحمه الله : " في هذا الحديث من الفوائد أيضا: جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار ، وجواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب ."
5- استدلوا بحديث الفضل بن العباس على جواز النظر وذلك للرواية الصحيحة الثابتة التي فيها " فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه " ففيها "وتنظر إليه " ومع ذلك ثبت إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للفضل ولم يثبت إنكاره عليها .
6- قال الإمام ابن حجر رحمه الله : " ويقوي الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال ، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء ، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين ، وبهذا احتج الغزالي على الجواز فقال : لسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط وإن لم تكن فتنة فلا ، إذ لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات ، فلو استووا لأمر الرجال بالتنقب أو منعن من الخروج . أ.هـ.
القول الثالث : التحريم خاص بأمهات المؤمنين والجواز لبقية النساء .


كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس