عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 08-29-2012, 11:51 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

سألتك : " يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول . "
فأجبتَ : " يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) .
ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .
نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .
وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]
فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .
أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .
ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
يعني عندهم بعض إيمان (وهو حق) وعندهم بعض شرك (وهو باطل) .
فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر .
هذا ، والله أعلم "


أقول : الآن وضح قصدك من قولك " بفعله لم يكن على دين الله ." " بفعله كان عابداً للشيطان "
فأنت هنا وبشكل واضح لا تحكم على عين الشخص وإنما تحكم على فعله . أما الشخص عندك فيظل مسلماًً موحداًً ولو فعل الشرك الأكبر حتى تقام عليه الحجة .
وإليك الدليل من كلامك حتى لا تقول قولتني ما لم أقل : قلتًَ : " أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . "
وضربتَ مثالاً : " رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت ."
فرغم أنه تحاكم إلى الطاغوت ، لم تكفره كشخص معين وحكمت عليه بالتوحيد والإسلام لكونه لا يدعو إلا الله ، مع أنه ثابت عندك أنه تحاكم للطاغوت وأشرك بالله العظيم ، فلم تكفره كشخص حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك حكمه كشخص معين .
إذن أنت عقيدتك عدم تكفير المعين الذي فعل الشرك الأكبر ، وتحكم عليه بالإسلام ما دام يفعل أي فعل من أفعال الإسلام ، حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك كفره وشركه كشخص معين .
وقولك : " يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) ." والمثال الذي ضربته وقولك بعد المثال .
لأكبر دليل على أنك لم تحكم على الفاعل بداية بالشرك والخروج من دين التوحيد حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك غلبة شركه على توحيده . ولو حكمت بداية على الفاعل لما شرطت لتكفيره إقامة الحجة عليه لترجيح الغالب عليه .
هذه عقيدتك واضحة جلية من كلامك .
فلماذا تقول أنك تكفر من فعل الشرك الأكبر ولا تعذره بالجهل .؟
وما معنى قولك : " إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد "
أليس أنت باشتراطك قيام الحجة للحكم بالشرك على المعين الذي فعل الشرك الأكبر ، ماريت وخالفت العقل واللغة ، حسب قولك أنت نفسك ؟؟

قولك : ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .
نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .
وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]
فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .


أقول : سبحان الله : كيف عند الترجيح ؟ هل يبقى ترجيح بين عمل وعمل بعد فعل الشرك الأكبر ؟
تقول :"وعند الترجيح " وبعد ذلك تأتي بالآية الكريمة التي تبطل الترجيح .
يا رجل لا يقال في من تحاكم للطاغوت : " هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان "
بل يقال فيه ، لتحاكمه للطاغوت كما قال رب العباد : ليس مسلماً ولا مؤمناً ، بل إدعائه الإيمان مجرد زعم كاذب ، لأنه لو آمن بالله وحده لما آمن بالطاغوت بتحاكمه له .
فمن أعتقد أن الإسلام يجيز له التحاكم للطاغوت لم يدخل دين التوحيد ولم يحقق الشرط الأول لدخوله ، وهو الكفر بالطاغوت ، فكيف بعد ذلك ينظر بالترجيح بين عمله الشركي هذا - الذي ينقض أساس كلمة التوحيد ـ وأعماله التي تتفق مع الإسلام والتوحيد ؟
اقرأ قوله تعالى هذا وتدبر : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا "

قولك : " فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله ."

أقول : هل تقصد من هذا الكلام أن معرفة أن الشرك الأكبر ينقض التوحيد من أساسه لا تعرف إلا بالنص الشرعي لهذا تحتاج لإقامة حجة ؟

قولك : " أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .
ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] "


أقول : ثبت من كلامك هذا ، أنك لا تحكم على المعين بالشرك ونقض التوحيد ، مهما فعل من شرك أكبر ، حتى تقيم عليه الحجة ويترجح عندك شركه على ما عنده من أعمال تتفق مع دين الإسلام .
وأن الجاهل الذي لا يعرف الترجيح في أحكام الكفر إذا ظل يحكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعلم أنه يفعل الشرك الأكبر ويحسنه ويدعو له ، لا يضره ذلك في توحيده ودينه شيئا .
أليس هذا الكلام يناقض كل ما قلته وشرطه في حق من يريد دخول الإسلام ؟
ألم تقل : " أن العبد لا يدخل الإسلام ولا يسمى موحداً : حتى يترك الشرك قلباً وقالباًَ ."
ألم تقل " وحكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم ."
ألم تقل "وأنا قلت من قبل إنه لا يدخل المرء في الإسلام حتى يوحد الله في عبادته ويترك الشرك "
وعندما سألتك عن من يريد دخول الإسلام : أليس المفروض به على الأقل أن يقول أنا الآن موحد ومن لا يعتقد اعتقادي ليس بموحد .
فقلتِ : بلى .

أما استشهادك على كلامك بأن المعين لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وأنه يمكن أن يجتمع في المسلم توحيد وشرك بالله بقوله تعالى :
" { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] "

فأقول : هذه الآية الكريمة دليل عليك وليس دليل لك .
فهذه الآية وصف لمشركي العرب . أنظر سباق وسياق الآية :
قال تعالى :" وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) "
جاء في تفسير ابن كثير : وقوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال ابن عباس: من إِيمانهم أنهم إِذا قيل لهم: من خلق السموات, ومن خلق الأرض, ومن خلق الجبال ؟ قالوا: الله, وهم مشركون به. وكذا قال مجاهد وعطاء وعكرمة والشعبي وقتادة والضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم, وفي الصحيحين: أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك, تملكه وما ملك. وفي صحيح مسلم أنهم كانوا إِذا قالوا: لبيك لا شريك لك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد قد» أي حسب حسب , لا تزيدوا على هذا. وقال الله تعالى: {إِن الشرك لظلم عظيم} وهذا هو الشرك الأعظم يعبد مع الله غيره, كما في الصحيحين عن ابن مسعود قلت: يا رسول الله, أي الذنب أعظم ؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك».أهـ
وجاء في تفسير القرطبي
قوله تعالى: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" نزلت في قوم أقروا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها، وهم يعبدون الأوثان؛ قاله الحسن، ومجاهد وعامر الشعبي وأكثر المفسرين. وقال عكرمة هو قوله: "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" [الزخرف: 87] ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أندادا." اهـ
وجاء في تفسير الطبري
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَهُمْ مّشْرِكُونَ }.
يقول تعالـى ذكره: وما يقر أكثر هؤلاء الذين وصف عزّ وجلّ صفتهم بقوله: وكأيّنْ مِنْ آيَةٍ فِـي السّمَواتِ والأرْضِ يَـمْرّونَ عَلَـيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ بـالله, أنه خالقه ورازقه وخالق كلّ شيء, إلا وهم به مشركون فـي عبـادتهم الأوثان والأصنام, واتـخاذهم من دونه أربـابـا, وزعمهم أنه له ولدا, تعالـى الله عما يقولون.وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك . " اهـ
فهذه الآية الكريمة لا يفهم منها البتة أنه يمكن أن يجتمع في العبد ، توحيد وشرك أكبر ويظل موحداً مسلماً .
فهي تتحدث عن تصديق المشركين ببعض الأمور الإيمانية مع فعلهم الشرك الأكبر ،ولا تصفهم بالمسلمين الموحدين لأنهم يعتقدون بعض أفعال الإيمان .
فهي وصف لحال من حُكم على أشخاصهم وذواتهم بالشرك . مع وجود بعض مظاهر الإيمان والتوحيد عندهم . فهذه الآية دليل عليك لا لك . فهي تثبت أن الإيمان مع الشرك الأكبر لا ينفع . ولا يرفع اسم المشرك عنه ، ولو كان عنده من التوحيد والإيمان ما عنده . أما أنت ومن حكمت عليه بالإسلام فهمتموها عكس مفهومها . فهمتموها أن من كان عنده بعض مظاهر الإيمان والتوحيد وشرك أكبر ، لا يحكم على ذاته وشخصه بالشرك والكفر حتى تقام عليه الحجة وينظر في الترجيح بين إيمانه وشركه . ومن لا يستطع الترجيح يظل يُحكم عليه بالتوحيد والإسلام مهما طال حكمه بالإسلام على من فعل الشرك الأكبر وحسنه ودعا إليه ما دام عنده شيء من مظاهر التوحيد والإسلام .
ثم تدبر بعد هذه الآية ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
" وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " لا أنا ولا من أراد أن يكون من أتباعي نشرك بالله شيئاً ، فنحن لسنا من هؤلاء المشركين ولا هؤلاء المشركين منا . ونحن على بصيرة من ديننا ونعلم الموحد من المشرك . وندعو إلى توحيد الله وعدم الإشراك به شيئا .
هذا هو وصف أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .

قولك :" فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر ."

أقول : يعني من أعتقد بالناس أنهم إذا كان فيهم شي من الإسلام والإيمان وعلم أنهم يفعلون الشرك الأكبر ويحسنونه ويدعون إليه ، ولم يحكم عليهم بالشرك والكفر ، وحكم عليهم بالإسلام ، لعدم قدرته على الترجيح في الأحكام ، لا يكفر ويبقى على الإسلام والتوحيد . ؟؟!!
يعني لو حكم على مشركي العرب واليهود والنصارى وكل الطوائف الكافرة والمشركة ، بالإسلام والتوحيد ، لأن عندهم بعض شعائر الإيمان والتوحيد ، لا يكفر ما دام لا يستطيع أن يرجح بين الأحكام .؟؟!!
أيقول هذا الكلام من فهم أن دخول الإسلام لا يتحقق بدون ترك الشرك الأكبر .؟
أيقول بهذا الكلام من فهم كيف يدخل العبد الإسلام ويحقق أصل الدين وكلمة التوحيد . ؟
أيحكم بهذا الحكم من عرف كيف يدخل الإسلام ويحقق التوحيد وأصل الدين ؟
هذا الشخص لم يجهل كيفية الترجيح كما تقول أنت ، هذا الشخص يجهل معنى شهادة التوحيد وكيف تتحقق في العبد ، ويجهل كيف يدخل العبد الإسلام .
فما دام حقاً دخل الإسلام وعرف كيف تتحقق شهادة التوحيد وكيف يدخل بدين الإسلام ، فلا بد له أن يعرف حكم من عبد غير الله . ولا يترد لحظة واحدة في حكم من عبد غير الله بمجرد عرف عنه أنه مع شركه ، يفعل بعض مظاهر الإيمان والتوحيد .

قولك : يعني ما أفهمه من كل كلامك هو التالي :
أن الحكم بشرك المشرك هو من أصول الدين العظيمة التي لا يوجد دليل شرعي واحد يحضّ عليها صراحة ، ولا دليل شرعي واحد صريح يبيّن كفر من يخطئ فيه أو يجهله ، حتى لو اعتقد أن فعلهم باطل وضلال .
فخلاصة الكلام هنا هو : أن هذه مسألة استنباطية ، تُفهم من مجموع الأدلة ، ولا فيها نص صريح واضح يُكفّر من يجهل هذا الحكم .
وسنتكلم عن هذه المسألة ببعض إسهاب عند الحديث عن معنى تكفير المشرك - إن شاء الله - ، وأدنى ما يلزم المرء أن يعرفه من هذه المسألة حتى يدخل الإسلام .


أقول : مع الأسف : أنت لم تفهم كلامي .
ليس الحكم بخروج المشرك من دين التوحيد هو من أصول الدين العظيمة وحسب . بل الحكم بأن المشرك ، غير موحد ، هو من معنى كلمة شهادة التوحيد ومن أساس أصل الدين ، ولا يعرف التوحيد من لا يعرف هذا الحكم .
فلا يعرف التوحيد من لا يعرف أن من أشرك بالله الشرك الأكبر غير موحد ، بل هو مشرك .
فأي توحيد هذا الذي يعرفه وآمن به ، وهو يجهل أن التوحيد لا يجتمع مع الشرك الأكبر في قلب رجل واحد ؟
لا نقول له بداية ، يجب أن تعرف أن المشرك اسمه كافر ، أو يجب عليك أن تحكم عليه بالكفر ، وإذا لم تعرف هذا ، أو لم تحكم عليه بالكفر ، كفرناك ، كما فهمته أنت من كلامنا .
ما قلناه ونقوله وندين الله به : أن من دخل الإسلام بالشكل الصحيح ، وفهم شهادة التوحيد واعتقدها ، يجب أن يكون عارفا بأن من أشرك بالله الشرك الأكبر ، ليس موحداً بشخصه وعينه ، وليس بفعله فقط ، لأنه فهم من كلمة الشهادة أنه لا يحققها كشخص معين حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر كثيره ويسيره .
مثال بسيط يوضح المسألة :
إذا كان من المعلوم عند الشخص أنه لا يستطيع دخول الجامعة حتى ينهي الثانوية أو حتى يتعلم القرآءة والكتابة .
فسألناه عن شخص لا يعرف القراءة والكتابة ، أو لم يدرس إلا إلى المرحلة الابتدائية ، هل تحكم عليه أنه طالب جامعة لأنه يحمل بعض كتب الجامعة ؟
فقال - وهو يعلم أنه لا يعرف القراءة والكتابة أو يعرف أنه لم يصل إلا للمرحلة الابتدائية - نعم ما دام يحمل كتب الجامعة فهو طالب جامعي .
فقلنا له كلامك خطأ لأن هذا الشخص لا يعرف القراءة والكتابة أو لم ينه إلا المرحلة الإبتدائية وأنت تعرف ذلك ، فكيف حكمت عليه أنه طالب جامعي ؟
فقال لنا : لأنه لا يوجد نص صريح في قوانين الجامعة ينص ، أن من لم يعرف القراءة والكتابة ليس طالب جامعة .
فلو عرف هذا الشخص كيف يدخل الشخص الجامعة وما هي صفات الطالب الجامعي لما حكم بأنه طالب جامعي ،على من رآه يحمل كتب الجامعة وهو يعرف أنه لا يعرف القراءة والكتابة .

هذا والأدلة على أن المشرك غير موحد ولا مسلم كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله.
وهذه الأدلة صريحة في بيان أن من يشرك بالله فقد نقض التوحيد من أصله . ومن نقض التوحيد من أصله لا يعد مسلماً ولا موحداً .
والمسألة التي نتحدث عنها ، هي أن من فعل الشرك الأكبر ليس موحدا ولا مسلماً وأن العبد لا يدخل الإسلام بدون تركه جميع أنواع الشرك الأكبر ، وأن هذا يجب أن يعرفه كل مكلف عند دخوله الإسلام ، وبدون معرفته لا يستطيع دخول الإسلام . هذه المسألة أدلتها كثيرة جداً في كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم . وليس الحكم فيها استنباطي فقط كما فهمت أنت يا أبا شعيب ، بل الأدلة عليها صريحة يفهمها كل عاقل بالغ .
وسيأتي بيانها بالتفصيل في محلها .

قولك : يعني بيّنه الله - تعالى - لنا ، ولم يذكر حكم من يخالف فيه ؟؟

أقول : سبحان الله ! كيف يكون بيَّنه بياناً وافياًً شافيا ولم يذكر حكم من يخالفه ؟ عدم ذكر حكم مخالفه يتعارض مع مفهوم أنه بينه بياناً شافياً .
عندما يبين كيفية دخول الإسلام ألا يعني ذلك بيان من لم يدخل الإسلام ؟
إذا بين من هو الموحد ألا يعني ذلك بيان من هو غير الموحد ؟
إذا اشترط الله لتحقيق التوحيد ودخول الإسلام الكفر بالطاغوت ألا يعني هذا أن من لم يكفر بالطاغوت لم يحقق التوحيد وليس موحداً ولا مسلماً ؟
أم يحتاج للحكم عليه بأنه ليس موحدا ولا مسلماً دليل آخر يقول : " من لم يكفر بالطاغوت ليس موحداً ولا مسلماً بل مشركا ، ومن يحكم بإسلامه لم يفهم التوحيد"
وبدون هذا الدليل بهذا النص ، يعني عدم وجود في دين الله ، حكم من لا يكفر بالطاغوت ومن لا يكفره . ؟؟
ألا يوجد في قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ."
وقوله تعالى ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (
وقوله تعالى : " ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
ألا يوجد مَن هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟
إذا قلتَ لا يوجد ، فتحتاج لقراءتها وفهمها مرة أخرى . وإذا عجزت عن ذلك فسوف أبينها لك وغيرها المرة القادمة .
ألا يوجد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا لله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله " من هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟
ألا يوجد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) ( متفق عليه )
وفي قوله صلى الله عليه وسلم ( من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار ) (رواه مسلم). من هو المشرك وما هو حكمه ؟ ومن هو المسلم الموحد وحكمه ؟

قولك : لقد ذكر الله حكم من يحبه .. وحكم من يبغضه
وذكر حكم الصادق في إيمانه .. والكاذب في إيمانه
وذكر حكم المناقد له .. والشارد عن طاعته
وذكر حكم الولاء والبراء
وذكر حكم التحاكم إلى الطاغوت
وذكر حكم نطق كلمة الكفر
لماذا لم يذكر حكم من لا يكفر المشركين ؟؟ كأن يقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر . (المقصود بالتكفير هنا إخراجه من الدين) ؟
في حين ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن من يكفر المسلم فهو كافر ..
لماذا ؟؟


أقول : لقد قلت لك سابقاً ، أنه ليس المهم من البداية ، أن تحكم على المشرك بالكفر ، بل المهم هو أن لا تعتبره كشخص على دين الله ، ولا تعده من الموحدين . وهذا هو المطلوب من كل من دخل الدين وحقق كلمة التوحيد ، وبدون معرفته حكم المشرك الذي يعبد غير الله لا يعد ممَّن عرف كيفية دخول التوحيد والإسلام . وقد أقررت أنت بذلك سابقا .
فأنت هنا بشرطك أن يأت بدليل ينص على " من لا يكفر المشرك فهو كافر "
وإذا لم يأت بمثل هذا النص فلم يأت بدليل على أن : من يحكم على المشرك بالتوحيد والإسلام وهو يعرف أنه يعبد غير الله ، فقد نقض توحيده . كمن يشترط لتحريم الخمر أن يأت بدليل يقول : "حرمت عليكم الخمر " مع أن صيغة تحريم الخمر بالقرآن أشد وأوضح من هذه الصيغة .

قولك : لماذا لم يذكر حكم من لا يكفر المشركين ؟؟ كأن يقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر . (المقصود بالتكفير هنا إخراجه من الدين) ؟

أقول : يا رجل ، من يعرف كيف يدخل الدين يعرف أن من لم يحقق شرط دخوله للدين لم يدخل الدين . وقد أقررت أنت بذلك عندما سألتك : وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
أجبتَ : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة( .
فسألتك : ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟
فقلتَ : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً.
ففاعل الشرك مشرك . هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد.
وعندما سألتك :فما حكم إذن من لم يفعل ذلك ، فلم يترك الشرك وعبد مع الله غيره وهو يدعي الإسلام ؟ هل نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله ؟
قلتََ : حكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .
ولا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك .
ثم بعد هذا الكلام وغيره تطلب أن يذكر دليل يقول : " من لا يكفر المشرك فهو كافر . "
يا رجل من لا يكفر المشرك لم يدخل الإسلام بداية .

قولك : " في حين ذكر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن من يكفر المسلم فهو كافر "..لماذا ؟؟

أقول : لقد ذكر ما هو أوضح منها وأبين .
مثلا ً : ذكر كيفية تحقق شروط دخول التوحيد ، ومن حقق هذه الشروط يعرف أن من لم يحققها لم يدخل الإسلام ، ومن فهم هذا عند دخوله التوحيد ، لا يحكم بأي حال ، بالتوحيد على من لم يحقق هذه الشروط ، وإلا فإنه لم يفهم كيفية تحقيقها . ومن لم يفهم كيفية تحقيقها لم يحققها .
أما عن حديث تكفير المسلم ، فسيأتي بيانه في محله إن شاء الله.

قولك : لو كانت هذه المسألة من أصل الدين ، ومن خالف فيها كفر ، لورد على الأقل نص صريح واحد يفيد تكفير من خالف فيه .

أقول : معرفة أن من يعبد غير الله ليس موحدا ولا مسلما ، من مفهوم كلمة التوحيد ، ومن لم يفهم هذا الحكم لم يفهم كلمة التوحيد ، ومن لم يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها ، ومن لم يعتقدها ليس بموحد ولا مسلم .
والنصوص على كيفية دخول التوحيد وتحقيقه كثيرة جداً .

قولك : ألا ترى كيف اختلفت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في مسألة تكفير المشركين ، وكلهم لا يجدون دليلاً صريحاً يفصل في الحكم ؟ فكيف تركنا الله - تعالى - دون بيان صريح في هذه المسألة (لو كانت مما لا يصح الإيمان إلا به) ؟

أقول : لم تختلف أمة الإسلام في مسألة تكفير المشرك الذي عبد غير الله . ولا يوجد مسلم موحد على وجه الأرض حقق التوحيد بحق ، يحكم بإسلام وتوحيد من عرف عنه أنه عبد غير الله وحسن الشرك ودعا له .
واختلاف علماء الأمة كان في فهم بعض الأفعال ، وليس في حكم الفاعل . هل الفعل عبادة لغير الله أم لا . وكان اختلافهم في الأفعال التي تحتمل ، وليس في الأفعال الواضحة الجلية التي تدل على عبادة غير الله . ومن فهم أن الفعل عبادة لغير الله لم يتردد في الحكم على فاعله بالشرك وإخراجه من الإسلام .

قولك : فكيف تركنا الله - تعالى - دون بيان صريح في هذه المسألة (لو كانت مما لا يصح الإيمان إلا به) ؟؟

أقول : لم يتركنا الله سبحانه بدون بيان صريح في هذه المسألة ، وقد بينها لنا أتم بيان ، يفهمه كل عاقل بالغ متجرد لم تطغى على عقله شبهات الشياطين .
وأول ما بينته الرسل هي هذه المسألة ، بينته بالقول والعمل .

قولك : سنرى كيف اشترط الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كل من يريد دخول الإسلام أن يكفّر قومه .

أقول : وهل تقول أن من كان يدخل دين الإسلام كان لا يعرف حكم من يعبد غير الله وأنه كان لا يعرف أنه غير موحد بل مشرك ؟

قولك : ولعلك تأتي أيضاً بأقوال العلماء ، قبل أئمة الدعوة النجدية ، يفيد في هذه المسألة ، وهي أنه من لا يكفر المشركين فلا يصح إسلامه حتى لو كان جاهلاً .
سننتظر ذلك في موضعه بعد انتهائنا من ضبط هذه المسألة ، إن شاء الله .


أقول : أنا سوف لا استشهد إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة . ولن استشهد لا بقول أئمة الدعوة النجدية ولا بغيرهم ممن قبلهم ولا بعدهم من العلماء .
مع احترامي الشديد لكل علماء المسلمين .

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس