عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 08-04-2012, 07:45 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
تكملة 1 للرد الثالث على ما جاء في " كتاب التوحيد " للمسعري
مسألة التحاكم للطاغوت
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : وإذا حكم له بمثل تلك الزيادة الربوية وجب عليه رفضها ، وإبلاغ القاضي بذلك ، وعدم استلامها ولا حيازتها. فالمؤمن في كل تلك الأحوال إنما يتحاكم إلى شرع الله ، لا إلى الطاغوت ، ولو وجد قاضياً شرعياً، لا يحكم إلا بالشرع وقد تم تنصيبه تنصيباً صحيحاً، لما ترافع إلا إليه.
فالمطالب بحقه الشرعي في رأس المال ، مثلاً ، المترافع بموجب الضرورة إلى ذي سلطان أو قاضي كافر أو قاضي يحكم بنظام كفر ، أو قاضي لم يعين بطريقة شرعية صحيحة لم يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله ، وهو بذلك مسلم مؤمن.

أقول ( ضياء الدين ) : يا رجل ، كيف وبالرغم أن القاضي الكافر قد حكم له بالزيادة الربوية ومع ذلك تقول : " فالمؤمن في كل تلك الأحوال إنما يتحاكم إلى شرع الله ، لا إلى الطاغوت ؟
هل رَفْض المتحاكم الزيادة الربوية وإبلاغ القاضي بذلك يجعل حكم القاضي الكافر حكماً بما شرع الله بالرغم من أنه حكم بالزيادة الربوية ، ويجعل من تحاكم إليه قد تحاكم إلى شرع الله ؟!
هل هذا الكلام يقوله من يفهم ما يقول يا من طلب العلم كما ينبغي ؟!
أم أنك تستخف بعقول من يسمعك ؟
حسب هذا الكلام أصبح لا يهم ما سيحكم به القاضي الكافر هل وافق شرع الله أم لم يوافق ، هل حكم باسم الله أو باسم غيره . المهم نية وقصد من تحاكم إليه ، فإن كان الذي تحاكم إليه يريد حقه فقط فهو بذلك قد تحاكم إلى شرع الله وإلى ما أنزل الله ولم يتحاكم للطاغوت ، بغض النظر عن عقيدة ودين وقانون ومرجعية من تحاكم إليه ، فكل هذا لا يهم عند الأستاذ المسعري هداه الله .
ثم قولك : " ولو وجد قاضياً شرعياً ، لا يحكم إلا بالشرع وقد تم تنصيبه تنصيباً صحيحاً ، لما ترافع إلا إليه."
هذا من أعجب وأغرب ما سمعت .
فإن كان التحاكم بنية أخذ الحق للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله هو تحاكم لشرع الله وقانون الله ولما أنزل الله ، وليس تحاكماً للطاغوت كما تقول يا أستاذ ، يا من تعلمت العلم كما ينبغي ، فلا فرق إذن في هذه الحالة بين التحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله وبين قاضي مسلم يحكم بشرع الله وباسم الله . فكلاهما عندك تحاكم لما أنزل الله وتحاكم لشرع الله . فلا داعي إذن أن تقول : " ولو وجد قاضياً شرعياً ، لا يحكم إلا بالشرع وقد تم تنصيبه تنصيباً صحيحاً ، لما ترافع إلا إليه."
وهنا أسال : ما حكمه إن تحاكم لأخذ حقه لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله مع وجود قاضي شرعي يحكم بشرع الله ، ما دام التحاكم لكليهما تحاكم لشرع الله ولما أنزل الله كما تقول ؟

قولك : أما من زعم أن ذلك الترافع تحاكم إلى الطاغوت فهو لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة ؛ فاستحقاق رأس المال للدائن على المدين تتفق فيه أكثر الشرائع ، إن لم يكن جميعها. فمن رد ذلك إلى أمر الله ونهيه فهو المسلم المؤمن ، ومن رده إلى عرف ، أو عقل ، أو مصلحة ، أو أمر برلمان أو مرسوم ملكي فهو مشرك كافر . فالقضية قضية اعتقاد في مرجعية معينة والرد إليها . أي أن القضية هي :
أولاً : قضية اعتقاد المتحاكم ومرجعيته ،
وثانياً : قضية نص النظام ومحتواه ، في المقام الأول وليست شخصية من يطبقه ، أو إحسان هذا للتطبيق من عدمه ،
فالطاغوت ليس شخصاً معيناً ، وإنما هو اعتقاد معين ، ينبثق منه نظام معين ، أو هو كيان معنوي ، قد يمثله أشخاص أو مؤسسات أو دول .
فليست القضية إذاً هي سداد رأس المال أو عدمه ، أو من له سلطة الحكم أو صلاحية تنفيذ ذلك الحكم . وهكذا في كافة المسائل والقضايا.

أقول ( ضياء الدين ) : يا رجل عن أي جوهر وأي عمق ودقة تتحدث . المسألة واضحة لكل موحد لأنها من الركن الأول لدخول الدين . فلا داعي لفلسفة الأمور واستخفاف بعقل القارئ .
وهل لو اتفقت كل الشرائع على حكم ، هل يعني أن حكم هذه الشرائع هو حكم الله وأن التحاكم له تحاكم لشرع الله حتى ولو حُكم به بغير اسم الله ؟!
أنت تُقر وتعترف أن رد الحكم لغير الله شرك وكفر ، فكيف وبأي دليل وعقل ومنطق وعلم تحكم على من تحاكم للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله بمجرد أنه أراد أن يأخذ حقه ، بأنه قد رد الحكم لله وتحاكم لما أنزل الله ولشرع الله ولم يتحاكم للطاغوت ، مع أنك نفسك تصفه بأنه تحاكم للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله ؟ أليس هذا تناقض عجيب ؟!
هل هذه هي الدقة والعمق الذي تقصد ؟!
هل هذا هو طلب العلم كما ينبغي ؟
بل هي والله من تزين الشيطان وإضلاله الضلال البعيد لك ولمن يقول بقولك .
اعلم أن من تحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير اسم الله فقد تحاكم للطاغوت ، هذا ما نصت عليه آية ( النساء : 60 ) المحكمة ولا يُفهم منها غير ذلك . فإن كان من تحاكم له يحكم باسم العرف فقد رد الحكم لمن يحكم بالعرف ولم يردها لله ولا لشرعه . وإن كان من تحاكم له يحكم باسم العقل فقد رد الحكم لمن يحكم بالعقل ولم يردها لله ولا لشرعه . وإن كان من تحاكم له يحكم باسم المصلحة فقد رد الحكم لمن يحكم بالمصلحة ولم يردها لله ولا لشرعه . وإن كان من تحاكم له يحكم باسم البرلمان فقد رد الحكم للبرلمان ولم يردها لله ولا لشرعه . وإن كان من تحاكم له يحكم باسم مرسوم ملكي فقد رد الحكم للملك ولم يردها لله ولا لشرعه . فالقضية ليست قضية اعتقاد كما تقول بل قضية عمل ظاهر يُحكم بحسبه في الدنيا . وإلا على حسب قولك لا يَكفر المسلم ولا يسمى متحاكماً للطاغوت في كل مكان وزمان إن تحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله ، إن أراد المسلم أن يأخذ حقه فقط ، لأنه على حسب قولك لا يكون بهذا قد تحاكم للطاغوت بل يكون قد تحاكم لما أنزل الله .
وبحسب عقيدتك هذه علينا أن نفهم آية (النساء : 60 ) كما يلي : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ )
" يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ " يعني يريدون أن يتحاكموا للطاغوت لأجل أن يأخذوا أكثر من حقهم وليس لأجل أن يأخذوا حقهم فقط ، ولو كانوا عندما تحاكموا للطاغوت ( القاضي الذي يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله ) ينوون ويقصدون أخذ حققهم فقط لكانوا متحاكمين لما أنزل الله ولشرع الله وغير متحاكمين للطاغوت ، لأن القضية قضية اعتقاد في مرجعية معينة والرد إليها . فهم بما أنهم لا يعتقدون بمرجعية الطاغوت ويريدون أن يأخذوا حقهم فقط ، فتحاكمهم للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله لا يعد تحاكماً للطاغوت بل تحاكماً لما أنزل الله ولشرع الله . أما إن اعتقدوا بمرجعية الطاغوت فقد تحاكموا لغير ما أنزل الله ولم يكفروا بالطاغوت ، وفي هذه الحالة فقط يكونون قد ضلوا ضلالاً بعيداً .
أقول ( ضياء الدين ) : سبحان ربي ! هذا والله فهم لآيات الله عقيم وبهتان عظيم وتحريف لمحكم آيات القرآن كبير . وتزيين من الشيطان الرجيم .

قولك : " فاستحقاق رأس المال للدائن على المدين تتفق فيه أكثر الشرائع ، إن لم يكن جميعها. فمن رد ذلك إلى أمر الله ونهيه فهو المسلم المؤمن ، ومن رده إلى عرف ، أو عقل ، أو مصلحة ، أو أمر برلمان أو مرسوم ملكي فهو مشرك كافر. فالقضية قضية اعتقاد في مرجعية معينة والرد إليها . "

أقول ( ضياء الدين ) : هل من تحاكم لقاضي كافر يحكم بالعرف وباسم العرف رد الأمر لله ولحكمه أم للعرف ولمن يحكم به ؟
هل من تحاكم لقاضي كافر يحكم بالعقل وباسم العقل رد الأمر لله ولحكمه أم لحكم العقل ولمن يحكم به ؟
هل من تحاكم لقاضي كافر يحكم بالمصلحة وباسم المصلحة رد الأمر لله ولحكمه أم للمصلحة ولمن يحكم بها ؟
هل من تحاكم لقاضي كافر يحكم باسم البرلمان وحسب قوانين البرلمان رد الأمر لله أم لقوانين البرلمان ولمن يحكم بها ؟
هل من تحاكم لقاضي كافر يحكم باسم الملك وبمرسوم الملك رد الأمر لله ولحكمه أم للملك ولمن يحكم بمراسيمه ؟
الطاغوت يقول لك إن أردت أن تُرجع حقك فعليك أن تتحاكم لي ولقوانيني ، وأنت تراجعه للتحاكم له وتقول له : أريد أن تحكم بيني وبين خصمي . ثم إن قلتُ لك : أنت بهذا قد تحاكمت إلى الطاغوت وقوانينه ، تقول لي : لا ، أنا لم أتحاكم للطاغوت بل تحاكمت لشرع الله لأن القانون الذي سيحكم به الطاغوت يتوافق مع شرع الله .
أقول : هذا والله استخفاف بعقول العقلاء ومن يفهمون الكلام بالشكل الصحيح .
هذا من خداع النفس .
هذا من تزين الشيطان .
هذا من إضلال الشيطان البعيد .
هذا مِثل تغير اسم الخمر والربا والزنا والفواحش لاستحلاله .
هذا كمن يزني بإمرة غيره ويقول أنا لم أجامع إمرأة غيري بل جامعت إمرأتي لأن هذه المرأة تشبهها .
يا رجل أنت الظاهر لم تقرأ ما يكتبه المشتكي عندما يريد أن يتحاكم للطاغوت .
فاتق الله ولا تخدع نفس ومن أجر عقله لك من أتباعك .
التحاكم لشرع الله هو أن يكون التحاكم لمن يحكم بشرع الله الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن يحكم به بإسم الله لا باسم غيره .وليس التحاكم لشرع الله وقانون الله هو التحاكم لما يشابه أو يوافق شرع الله ولمن يحكم به بغير اسم الله . فالتوافق والتشابه لا تعني أن الأمر هو نفسه بل تعني أنه ليس هو بل متوافق معه ومتشابه .
وعندما يقول الله سبحانه : " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا . . " ( المائدة : 48 )
يعني بقوله : " بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ " أي بالكتاب الذي أنزلناه عليك بالحق وليس بما يشابهه أو بما يوافقه من قوانين الكفار .
وكذلك عندما يقول الله سبحانه : " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ " (المائدة : 49)
لا يفهم من قوله تعالى " بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ " بما يوافق ويشابه ما أنزل الله .
وكذلك عندما يقول الله سبحانه : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا " (النساء : 61)
لا يُفهم من قوله تعالى : " تَعَالَوْاإِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ " تعالوا إلى ما يوافق ويشابه ما أنزل الله ولو حكم به باسم غير الله .
ولا يفهم من قوله تعالى " وَإِلَى الرَّسُولِ " تعالوا لمن يحكم بما يشابه ويوافق قول الرسول حتى ولو حكم به باسم غير الله .

قولك : أي أن القضية هي :
أولاً : قضية اعتقاد المتحاكم ومرجعيته ،

أقول ( ضياء الدين ) : ماذا تقصد بقولك أنها قضية اعتقاد ومرجعية ؟
وما علاقة الاعتقاد بفعل التحاكم الظاهر المضبوط المعروف معناه وكيف يكون وبأي صيغة ولفظ يكون ؟!
فمن فَعل فِعل التحاكم لا يُوصف إلا أنه تحاكم . بغض النظر عن اعتقاده ورضاه أو عدمه ، فهذه لها أحكام أخرى سواء فعل فِعل التحاكم أو لم يفعله .
نعم هي قضية لمن مرجعية الحكم ، فإن كانت لمن يحكم باسم الله وبشرعه فهي التحاكم لله ولشرعه ، وإن كانت لمن يحكم باسم غير الله وشرع غير الله ، فهي التحاكم للطاغوت بغض النظر عن مدى موافقة حكمه لحكم الشرع أو عدم موافقته . وقد أقررت بذلك أنت نفسك عندما قلت : " في حين أن القاضي أو المتنفذ الذي يحكم له بحقه أو ينفذ له ذلك الحق ويستحصله له لأن ذلك هو نص القانون الذي سنه البرلمان صاحب السيادة ، أو الملك صاحب الحق «الإلاهي»، أو هو العرف المتوارث الساري الذي قبله الناس على تطاول القرون ، والناس هم مصدر السلطات ، هو بذلك المعتقد مشرك كافر ، وهو من أهل النار يوم القيامة إن كانت بلغته رسالة الله ، وقامت عليه الحجة ، بغض النظر عن موافقة حكمه في تلك المسألة العينية لحكم الله ورسوله مصادفة ، أو عدم موافقته .

اقول ( ضياء الدين ) : فإن كان ما حكم به وباسمه القاضي الكافر ، هو ما نص عليه القانون الذي سنه البرلمان أو الملك صاحب الحق «الإلاهي»، أو هو العرف المتوارث الساري الذي قبله الناس على تطاول القرون حسب قولك وليس ما نص عليه الله وما سنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، فكيف تصف من تحاكم إليه قد تحاكم لما أنزل الله وشرع الله ولم يتحاكم للطاغوت مع أنك حكمت على من حكم به لأنه حكم به أنه مشرك كافر .؟؟
أما مسألة الاعتقاد فهي قد تكون قبل فعل التحاكم ، فمن اعتقد جواز التحاكم لمن يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله فهو مشرك كافر بهذا الاعتقاد حتى ولو تحاكم لشرع الله ولم يتحاكم لغيره . فإن تحاكم مع هذا الاعتقاد لمن يحكم بغير شرع الله فقد أضاف لكفر الاعتقاد كفر العمل المخرج من الملة .

قولك : وثانياً : قضية نص النظام ومحتواه ، في المقام الأول وليست شخصية من يطبقه ، أو إحسان هذا للتطبيق من عدمه ،

أقول ( ضياء الدين ) : وما هي علاقة النص الذي سيحكم به القاضي الكافر الذي يحكم بغير ما أنزل الله وباسم غير الله ، في فعل التحاكم له ؟
من أين لك وعلى أي دليل تستند بأن التحاكم للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله ، وباسم غير الله ، للحكم على من تحاكم إليه أنه تحاكم إلى الطاغوت أو إلى شرع الله ، يعتمد على النص الذي يحكم به القاضي الكافر ومدى مخالفته وموافقته لشرع الله ؟
لا شك أن شخص المتحاكم له وشكله غير مهم ، المهم باسم من يحكم وبأي شرع يحكم .
فمن تحاكم لمن يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله فقد تحاكم للطاغوت مهما كان قصده ومهما كانت عقيدته ومهما شابه ووافق حكم من يحكم بما أنزل الله وباسم غير الله ، حكم الشرع . هذا ما يفهم من آية ( النساء : 60 ) المحكمة . ومن يدعي غير ذلك فعليه الإثبات ولن يستطع .

قولك : فالطاغوت ليس شخصاً معيناً ، وإنما هو اعتقاد معين ، ينبثق منه نظام معين ، أو هو كيان معنوي ، قد يمثله أشخاص أو مؤسسات أو دول .

أقول ( ضياء الدين ) : الطاغوت كما عرفه ابن القيم تعريفاً مانعاً جامعاً قال : " الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع ، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله ، أو يعبدونه من دون الله ، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله ، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها ، رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت ، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى الطاغوت ، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته " ( أعلام الموقعين : 1/50.)
وقال ابن القيم ايضاً : ( إن من تحاكم ، أو حاكم ، إلى غير ما جاء به الرسول ، فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليه) اهـ
ولم يقل أحد من علماء السلف ولا علماء الخلف أن الطاغوت هو اعتقاد معين ...
فلم تَرد كلمة ( اعتقاد ) في كلام السلف الصالح البتة .

قولك : فليست القضية إذاً هي سداد رأس المال أو عدمه ، أو من له سلطة الحكم أو صلاحية تنفيذ ذلك الحكم . وهكذا في كافة المسائل والقضايا.

أقول ( ضياء الدين ) : نعم القضية ليست سداد رأس المال أو عدمه وليست كذلك قضية الحصول على الحق أو أكثر منه . ولكنها قضية ، باسم من يُحكم وبأي قانون يُحكم . فمن تحاكم لمن يَحكم بغير شرع الله وباسم غير الله ، فقد تحاكم للطاغوت مهما كانت نيته وقصده .

يتبع إن شاء الله
[/align]

رد مع اقتباس