عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 08-03-2012, 02:37 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
الرد الثالث على ما جاء في " كتاب التوحيد " للمسعري
مسألة التحاكم للطاغوت
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الأستاذ المسعري يتخبط ويتناقض في مسألة التحاكم تخبطاً وتناقضاً كبيراً ، وإليكم إثبات ذلك من كلامه :
قال الأستاذ المسعري : " قلت: صدق الإمام ، إلا أن الآية لم تكتف بذم من تحاكم إلى الطاغوت ، بل صنفت عملهم هذا على أنه:
1- إيمان بالطاغوت ، مع أنهم قد أمرو بالكفر به ورفضه ومقته. فالتحاكم إلى شئ هو «إيمان» بذلك الشئ ، لا محالة . وهذا الإيمان » المذكور ها هنا هو مقابل « الكفر » ونقيضه . لذلك فإن التحاكم إلى الله ورسوله هو من أصل « الإيمان »، وعدمه هو «الكفر»، المناقض للإسلام كل المناقضة ، المخرج من الملة ، وليس هو مجرد فسوق أو عصيان ، فحسب ، كما أسلفنا،
(2) أن مراد الشيطان من تزيين ذلك لهم ليس هو مجرد إيقاعهم في ذنب، أو استنقاص من حسنات ، ولكنه يريد لهم ( الضلال البعيد ) ، والضلال البعيد لا يكون إلا بالكفر ،والخروج من الإسلام ، المحبط للعمل كله ، أوله وآخره ، عياذاً بالله تعالى.
وهذا أيضاً ما ذهب إليه ابن القيم حيث يقول : ( إن من تحاكم ، أو حاكم ، إلى غير ما جاء به الرسول ، فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليه)، انتهى كلام ابن القيم.
وقد أمرنا سبحانه باجتناب الطاغوت ، قال سبحانه: ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ، وأنابوا إلى الله ، لهم البشرى ، فبشر عباد ) ( الزمر ؛ 42:17)، فالاحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بهجرها واجتنابها ، وجعل ذلك الاجتناب مقدمة وسابقة للإنابة إلى الله.

أقول ( ضياء الدين ) : يفهم من هذا الكلام ما يلي :
1- أن التحاكم للطاغوت إيمان به وكفر بالله مخرج من ملة الإسلام .
2- أن من تحاكم إلى شئ فقد آمن به لا محالة ، وهذا الإيمان مقابل «الكفر» ونقيضه.
3- الاحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بهجرها واجتنابها ، وجعل ذلك الاجتناب مقدمة وسابقة للإنابة إلى الله.
4- من تحاكم ، أو حاكم ، إلى غير ما جاء به الرسول ، فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليه .

أقول ( ضياء الدين ) : هذا كلام كله حق وندين الله به ولا نحكم بإسلام وتوحيد من لا يؤمن به ويخالفه باعتقاد أو عمل أو قول ، لأن ذلك هو الشرك الصريح الذي يناقض التوحيد ، ولكن إنظروا كيف يخالفه الأستاذ المسعري في التطبيق العملي على نفسه وعلى من يعتبرهم مسلمين مؤمنين . قال الأستاذ المسعري :

بقيت قضية مهمة تقلق مضاجع المؤمنين في زمننا هذا الذي تحولت فيه الدنيا بأسرها إلى دار كفر ، تسود فيها أنظمة الكفر ، ولا يحكم فيها بما أنزل الله
( اللهم في بعض المسائل الجزئية مثل ما يسمُّونه بـ«الأحوال الشخصية»، وفي التحاكم الاختياري بين الورعين من المؤمنين)، ألا وهي الترافع والتخاصم إلى محاكم وأنظمة تقوم أساساً على الكفر ، وإلى قضاة لم يتم تعيينهم بطريقة شرعية ، لا سيما إذا كان أطراف النزاع في بلد أكثر أهلها من الكفار الأصليين كبريطانيا مثلاً .
من الواضح أن الإشكالية هنا في التحاكم بمعني القضاء والتنفيذ . أما الفتيا، أي طلب حكم الله في المسألة على وجه غير ملزم فلا يتصور إلا بالرجوع إلى ما أنزل الله ، أي إلى كتاب الله وسنة رسوله . وكذلك التشريع ، أي سن اللوائح والأنظمة والقوانين، فلا يتصور إلا من ذي سلطان ، أو مشارك في السلطان. ولا يجوز لذي السلطان المسلم إلا أن يسن ما تم استنباطه بطريقة صحيحة من الكتاب والسنة لا غير ، ولا يجوز له غير ذلك إن كان متفرداً بالسلطان . كما لا يجوز له أن يقبل السلطان مشروطاً بأن يحكم بغير ما أنزل الله ، ولا بحال من الأحوال . والمسلم لا يجوز له أن يشارك مختاراً في حكم الكفر بحال من الأحوال ، كما سنبرهن عليه في كتابنا: (الحاكمية ، وسيادة الشرع ) بما لا مزيد عليه ، إن شاء الله ، جل وعز .
فالإشكالية إذاً هي : ماذا يفعل الفرد المسلم ، الذي يعيش في دار الكفر ، أي تحت سلطان الكفر ، أو تحت حكم الكفار ، إذا ادعى عليه مدعي وطلبه إلى القضاء ، أو كان له حق على أحد ولم يستطع الوصول إليه بصلح أو تحكيم اختياري أو شفاعة أو وساطة خير ، أو أصابته مظلمة من السلطة الحاكمة نفسها، أو من جهة أخرى ، وعجز عن دفعها بشتى الوسائل ولم يبقى إلا التظلم إلى القضاء المختص أو إلى جهة إدارية أعلى . فما ذا يكون العمل حينئذ ؟!
الحق الذي تدل عليه الأدلة أعلاه أنه يجوز له ذلك بشرط أن لا يطالب بحق أو يدفع مطالبة أو ظلم إلا فيما وافق شرع الله، كما يعلمه هو يقيناً إما باجتهاده واستنباطه هو ، أو إتباعاً لغيره من المجتهدين وفق الدليل ، أو تقليداً لمن يثق به من أهل الاجتهاد والفتيا. هذا ينطبق على الشكل والموضوع ، فليس أحدهما أولى من الآخر بلزومية التحاكم إلى ما أنزل له فيه . فلا يجوز له ، مثلاً ، الدفع في قضية من القضايا بسقوط الحق فيها بالتقادم ، أو بفوات المدة الزمنية المحددة في نظام الكفر للترافع بها ، حتى ولو كان في ذلك تسهيلاً وتسريعاً للترافع ، لأن كل ذلك لا يجوز في شرع الله ، فلا سقوط حقوق بالتقادم ، ولا أمد زمني في الترافع .
وإذا كان له دين على أحد لم يجز له إلا أن يطالب إلا برأس ماله من مقتدر مليء ، من غير زيادة ربوية قد ينص نظام الكفر على استحقاقه لها، كما هو حال الأغلبية الساحقة من الأنظمة الكفرية تعتبر الربا حقاً مشروعاً. ولا يجوز له حتى المطالبة بتلك الزيادة الربوية ، على وجه المناورة و«التكتيك»، لتخويف الخصم ودفعه إلى التسليم برأس المال ، وسرعة دفعه ، في مقابل «التنازل» عن ذلك الربا ، مثلاً . وإذا حكم له بمثل تلك الزيادة الربوية وجب عليه رفضها ، وإبلاغ القاضي بذلك ، وعدم استلامها ولا حيازتها. فالمؤمن في كل تلك الأحوال إنما يتحاكم إلى شرع الله ، لا إلى الطاغوت ، ولو وجد قاضياً شرعياً، لا يحكم إلا بالشرع وقد تم تنصيبه تنصيباً صحيحاً، لما ترافع إلا إليه.
فالمطالب يحقه الشرعي في رأس المال ، مثلاً ، المترافع بموجب الضرورة إلى ذي سلطان أو قاضي كافر أو قاضي يحكم بنظام كفر ، أو قاضي لم يعين بطريقة شرعية صحيحة لم يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله ، وهو بذلك مسلم مؤمن.
في حين أن القاضي أو المتنفذ الذي يحكم له بحقه أو ينفذ له ذلك الحق ويستحصله له لأن ذلك هو نص القانون الذي سنه البرلمان صاحب السيادة ، أو الملك صاحب الحق «الإلاهي»، أو هو العرف المتوارث الساري الذي قبله الناس على تطاول القرون، والناس هم مصدر السلطات، هو بذلك المعتقد مشرك كافر ، وهو من أهل النار يوم القيامة إن كانت بلغته رسالة الله ، وقامت عليه الحجة ، بغض النظر عن موافقة حكمه في تلك المسألة العينية لحكم الله ورسوله مصادفة ، أو عدم موافقته.
أما من زعم أن ذلك الترافع تحاكم إلى الطاغوت فهو لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة ؛ فاستحقاق رأس المال للدائن على المدين تتفق فيه أكثر الشرائع ، إن لم يكن جميعها. فمن رد ذلك إلى أمر الله ونهيه فهو المسلم المؤمن ، ومن رده إلى عرف، أو عقل ، أو مصلحة ، أو أمر برلمان أو مرسوم ملكي فهو مشرك كافر . فالقضية قضية اعتقاد في مرجعية معينة والرد إليها ، أي أن القضية هي :
أولاً: قضية اعتقاد المتحاكم ومرجعيته ،
وثانياً: قضية نص النظام ومحتواه ، في المقام الأول وليست شخصية من يطبقه ، أو إحسان هذا للتطبيق من عدمه ،
فالطاغوت ليس شخصاً معيناً ، وإنما هو اعتقاد معين ، ينبثق منه نظام معين ، أو هو كيان معنوي ، قد يمثله أشخاص أو مؤسسات أو دول.
فليست القضية إذاً هي سداد رأس المال أو عدمه ، أو من له سلطة الحكم أو صلاحية تنفيذ ذلك الحكم. وهكذا في كافة المسائل والقضايا.
ومما يدل على بطلان قول هؤلاء أنهم عموماً يميزون بين الترافع إلى المحاكم ، والرجوع إلى الشرطة والجهات التنفيذية ، فيحرمون الأول ، وربما كفروا بسببه ، ولا يرون بأساً بالثاني.
والظاهر أنهم فهموا التحاكم على أنه التقاضي أو الترافع إلى المحاكم فحسب ، وهذا كذلك باطل كنا بيناه أعلاه ، وهو تخصيص بدون مخصص . نعم هناك فروق بين عمل القاضي وعمل الجهات التنفيذية ، ولكن التحاكم هو التحاكم ، وهو الرد إلى مرجعية معينة : إلى الله ورسوله عند أهل الإسلام ، وإلى غيرهما أو إليهما بالشراكة مع غيرهما عند أهل الكفر ، ولا ثالث لهما. لا يؤثر في جوهر ذلك أن ما يقوم به القاضي يختلف عما يقوم به الشرطي ، وهذان يختلفان ضرورة عن المفتي والمشرع ، لأن البحث ليس في خصوصيات أعمالهم ، وحدود صلاحيات كل واحد منهم ، ولكن البحث هو في: الرد إلى الله ورسوله وحدهما فيكون إسلاماً وإيماناً وتوحيداً ، أم إلى غيرهما منفرداً أو معهما فيكون كفراً وشركاً.
ويزداد هذا وضوحاً بما جاء في مرافعة جعفر بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، المشهورة أمام النجاشي ، رضي الله عنه: ( ثم يذكر قصة جعفر بن أبي طالب مع النجاشي وسف نأتي لها إن شاء الله )

قولك : " بقيت قضية مهمة تقلق مضاجع المؤمنين في زمننا هذا الذي تحولت فيه الدنيا بأسرها إلى دار كفر ، تسود فيها أنظمة الكفر ، ولا يحكم فيها بما أنزل الله

أقول ( ضياء الدين ) : يصف الأستاذ المسعري ديار اليوم بأنها ديار كفر تسود فيها أنظمة الكفر ، ولا يُحكم فيها بما أنزل الله .
حسب هذا الكلام واستناداً لما قرره الأستاذ المسعري سابقاً : أن من تحاكم إلى مَن يحكم بهذه القوانين فقد تحاكم لنظام كفري لا يحكم بما أنزل الله . فحسب كلام المسعري ، من تحاكم إلى مَن يحكم بهذه القوانين فهو مؤمن بهذا النظام وقوانينه لا محالة
وبما أن الأستاذ المسعري وصف هذه الأنظمة بأنها لا تحكم بما أنزل الله فهذا يعني حسب ما قرره الأستاذ نفسه ، أن من تحاكم إليها تحاكم للطاغوت .

وبما أن الاستاذ المسعري وصف هذه الأنظمة بأنها لا تحكم بما أنزل الله فهذا يعني أنها تحكم بشريعة الطاغوت ، لأنه إما شريعة الله وإما شريعة الطاغوت ولا ثالث لهما ، فحسب كلام الاستاذ المسعري من تحاكم لقاضٍ كافر يحكم بمثل هذه الشريعة فقد عبد غير الله ولم يجتنب الطاغوت .
ومع كل هذا أنظروا كيف يخالف هذه الحقائق عندما يأتي للتطبيق العملي ، يقول الأستاذ المسعري هداه الله : " الحق الذي تدل عليه الأدلة أعلاه أنه يجوز له ذلك ( يعني التحاكم لقاضي كافر يحكم بغير ما أنزل وبشريعة غير شريعة الله ) بشرط أن لا يطالب بحق أو يدفع مطالبة أو ظلم إلا فيما وافق شرع الله ، كما يعلمه هو يقيناً إما باجتهاده واستنباطه هو ، أو إتباعاً لغيره من المجتهدين وفق الدليل ، أو تقليداً لمن يثق به من أهل الاجتهاد والفتيا."

أقول ( ضياء الدين ) : هل بعد هذا التناقض تناقض ؟!
وهل بعد هذا التلبيس والتدليس والتحريف لمسألة التحاكم تحريف وتلبيس وتدليس؟!

قولك : " بقيت قضية مهمة تقلق مضاجع المؤمنين في زمننا هذا الذي تحولت فيه الدنيا بأسرها إلى دار كفر ، تسود فيها أنظمة الكفر ، ولا يحكم فيها بما أنزل الله ( اللهم في بعض المسائل الجزئية مثل ما يسمُّونه بـ«الأحوال الشخصية»، وفي التحاكم الاختياري بين الورعين من المؤمنين)، ألا وهي الترافع والتخاصم إلى محاكم وأنظمة تقوم أساساً على الكفر ........."
وقولك :" فالإشكالية إذاً هي : ماذا يفعل الفرد المسلم ، الذي يعيش في دار الكفر ، أي تحت سلطان الكفر ، أو تحت حكم الكفار ، إذا ادعى عليه مدعي وطلبه إلى القضاء ، أو كان له حق على أحد ولم يستطع الوصول إليه بصلح أو تحكيم اختياري أو شفاعة أو وساطة خير ، أو أصابته مظلمة من السلطة الحاكمة نفسها، أو من جهة أخرى ، وعجز عن دفعها بشتى الوسائل ولم يبقى إلا التظلم إلى القضاء المختص أو إلى جهة إدارية أعلى . فما ذا يكون العمل حينئذ ؟!
الحق الذي تدل عليه الأدلة أعلاه أنه يجوز له ذلك بشرط أن لا يطالب بحق أو يدفع مطالبة أو ظلم إلا فيما وافق شرع الله ، كما يعلمه هو يقيناً إما باجتهاده واستنباطه هو ، أو إتباعاً لغيره من المجتهدين وفق الدليل ، أو تقليداً لمن يثق به من أهل الاجتهاد والفتيا. "
وقولك : " فالمطالب بحقه الشرعي في رأس المال ، مثلاً ، المترافع بموجب الضرورة إلى ذي سلطان أو قاضي كافر أو قاضي يحكم بنظام كفر ، أو قاضي لم يعين بطريقة شرعية صحيحة لم يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله ، وهو بذلك مسلم مؤمن.

أقول ( ضياء الدين ) : يُفهم من هذا الكلام أنك يا أستاذ هداك الله ، تجيز للمسلم المضطر الذي يعيش في دار الكفر إن أراد أن يحصل على حقه ، تُجيز له التحاكم إلى القاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله وبإسم غير الله ، وليس فقط تجيز له ذلك بل تعتبره في هذه الحالة قد تحاكم لشرع الله لا لشرع الطاغوت ، لأن القاضي الكافر سوف يحكم له بما يشابه حكم الله وأنه لم يطالب إلا بحقه فقط .
فحسب عقيدتك التي تصرح فيها وبشكل واضح أن المسلم الذي يعيش في دار الكفر إن علم يقيناً باجتهاده واستنباطه هو ، أو إتباعاً لغيره من المجتهدين وفق الدليل ، أو تقليداً لمن يثق به من أهل الاجتهاد والفتيا ، أن له حق على آخر فيجوز له في هذه الحالة أن يتحاكم للقاضي الكافر الذي يحكم بغير شرع الله وبإسم غير الله ، بشرط أن لا يطالب إلا بحقه الشرعي ، فإن طالب بحقه الشرعي فهو في هذه الحالة لا يعد متحاكماً للطاغوت بل هو متحاكماً إلى ما أنزل الله وإلى شرع الله . وليس هذا وحسب بل تتجرَّأ على شرع الله ودينه وتقول : أن من يزعم أن ذلك الترافع ( التحاكم ) تحاكم إلى الطاغوت فهو لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة .
فقد قلت بالحرف الواحد : " فالمطالب بحقه الشرعي في رأس المال ، مثلاً ، المترافع بموجب الضرورة إلى ذي سلطان أو قاضي كافر أو قاضي يحكم بنظام كفر ، أو قاضي لم يعين بطريقة شرعية صحيحة لم يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله ، وهو بذلك مسلم مؤمن. "

أقول ( ضياء الدين ) : يُفهم من هذا الكلام : أن المتحاكم للطاغوت عند الأستاذ المسعري ، هو فقط من يتحاكم لما يخالف شرع الله أو هو من تحاكم للقاضي الكافر ليأخذ أكثر من حقه .
أمَّا مَن يتحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير الله ليأخذ حقه فقط دون زيادة ، فهو قد تحاكم إلى ما أنزل الله وإلى شرع الله ولم يتحاكم للطاغوت وهو بذلك مسلم مؤمن .
وبهذا أصبح عند الأستاذ المسعري تعريفان للتحاكم تعريف للتحاكم بشكل عام وهو : طلب الحكم من أي نوع كان ، من نوع : الفتيا ، أو القضاء ، أو التنفيذ ، أو التشريع . وتعريف للتحاكم للطاغوت وهو : التحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وبغير اسم الله لأجل الحصول على حق الغير أو لأجل الحصول على أكثر من حقه الشرعي .
وكذلك أصبح عند الأستاذ المسعري تعريفان للتحاكم لما أنزل الله :
التعريف الأول : التحاكم إلى قاضي مسلم يحكم بشرع الله وباسم الله .
التعريف الثاني : التحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير اسم الله لأجل الحصول على حق مشروع .
أقول ( ضياء الدين ) : أليس هذا تناقض عجيب مُعيب ؟!
بل هو افتراء على شرع الله وتلبيس وتحريف للركن الأول للتوحيد .
وبالرغم من هذه الحقيقة البينة ، والتناقض العجيب المخالف لعقيدة الموحدين أتباع خاتم النبيين عليه أفضل الصلاة والتسليم ، يقول الأستاذ المسعري وبدون خوف من الله ولقائه مستخفاً بعقول أتباعه : أن من زعم أن التحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وباسم غير اسم الله لأجل الحصول على حق مشروع قد تحاكم إلى الطاغوت فهو مخطئ لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة .
أقول للأستاذ المسعري : هداك الله ، ألم تقل أنت نفسك : " فالتحاكم إلى شئ هو « إيمان » بذلك الشئ ، لا محالة . وهذا الإيمان » المذكور ها هنا هو مقابل « الكفر » ونقيضه . لذلك فإن التحاكم إلى الله ورسوله هو من أصل «الإيمان»، وعدمه هو «الكفر»، المناقض للإسلام كل المناقضة ، المخرج من الملة " ؟
ثم وصفت أنت نفسك من جعلت فعله تحاكماً لما أنزل الله ، أنه لم يبق له إلا الترافع والتخاصم إلى محاكم وأنظمة تقوم أساساً على الكفر .
ووصفت المرجع الذي تحاكم إليه أنه لا يحكم بما أنزل الله .
يعني حسب كلامك هذا ، الفعل الذي فعله من حكمت بإسلامه وإيمانه هو التخاصم والتحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله . يعني حسب كلامك السابق بما أنه تحاكم لمن لا يحكم بما أنزل الله يعني أنه آمن بهذا الحُكم والحَكم لا محالة . وقد وصف الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه أن من حكم بغير شرع الله بأنه طاغوت ، ومن تحاكم إليه فقد آمن بالطاغوت وكفر بالله العظيم . فيكون هذا الذي وصفته بأنه مسلم مؤمن قد تحاكم إلى الطاغوت ولكنك حرَّفت المسألة الواضحة البينة واستخففت قومك وأتباعك وجعلتها تحاكم لما أنزل الله فأطاعوك في ذلك .
قل لي بالله عليك ، بأي شرع وأي منطق وأي لغة أصبح من تحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وبغير اسم الله قد تحاكم لما أنزل الله .؟
وكيف أصبح من تحاكم لأخذ حقه لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله وبغير اسم الله قد تحاكم إلى شرع الله ورسوله ؟
سأبسط لك كلامك لعل وعسى يُدرك أتباعك ومقلديك ولعلك تدرك أنت أيضاً التناقض العجيب المعيب الذي وقعت به لترقع لنفسك ما وقعت به من شرك وتحاكم للطاغوت ولتدافع عمَّن تحاكم لمحاكم الطاغوت اليوم ممن تعتبرهم مسلمين موحدين وتعتبر من يُكفرهم قد أصيب بهوس التكفير .
تابع معي هداك الله :
مُسلم ، لأخذ حقه الشرعي تحاكم لقاضي كافر يحكم بغير شرع الله = مسلم تحاكم لما أنزل الله ولشرع الله ورسوله .
يعني : غير شرع الله = شرع الله ورسوله
قل لي بالله عليك بأي شرع وأي منطق وأي عقل تستقيم هذه المعادلة ؟!
فنتيجة هذه المعادلة : ما حَكم به هذا القاضي الكافر ليعطي به حق المسلم له ، هو شرع الله وما أنزله على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام وليس هو شرع الطاغوت. يعني كل ما يشابه ويوافق شرع الله من دستور الكفر وقوانينه هو شرع الله وما أنزله على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام . ومَن يحكم به بغض النظر باسم مَن يحكم ، فقد حكم بما أنزل الله وحكم بشرع الله ، ومن رده فقد رد شرع الله ، ولا يجوز بناء على ذلك أن يُوصف من حكم به بأنه طاغوت وأن من تحاكم إليه قد تحاكم للطاغوت ، ومن لا يدرك ذلك فهو لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة .
يعني لو كانت كل قوانين هذا القاضي الكافر توافق شرع الله بغض النظر ممن جاءت ومَن وضعها وباسم من يحكم بها ، فهذا القاضي الكافر يجب أن يوصف بأنه يحكم بما أنزل الله وبشرع الله ، ولا يجوز أن نصفه بأنه طاغوت يحكم بغير ما أنزل الله وبغير شرع الله حتى ولو قال القاضي الكافر نفسه أنه لم يحكم بما أنزل الله ولم يحكم بشرع الله وباسم الله ، فهو كاذب يجب عدم تصديقه ، ومن لا يدرك ذلك فهو عند المسعري لم ينظر إلى المسألة في جوهرها بعمق ودقة . وليس هذا وحسب بل حسب الأستاذ المسعري أن هذا هو الحق الذي تدل عليه الأدلة .
فحسب عقيدة الأستاذ المسعري ، كل ما شابه ووافق شرع الله من شرع الطاغوت فهو شرع الله وشرع رسوله صلى الله عليه وسلم . وهذا والله من تزين الشيطان وإضلاله الضلال البعيد . ونسي الأستاذ المسعري ما قاله سابقاً : " في حين أن القاضي أو المتنفذ الذي يحكم له بحقه أو ينفذ له ذلك الحق ويستحصله له لأن ذلك هو نص القانون الذي سنه البرلمان صاحب السيادة ، أو الملك صاحب الحق «الإلاهي »، أو هو العرف المتوارث الساري الذي قبله الناس على تطاول القرون ، والناس هم مصدر السلطات ، هو بذلك المعتقد مشرك كافر ، وهو من أهل النار يوم القيامة إن كانت بلغته رسالة الله ، وقامت عليه الحجة ، بغض النظر عن موافقة حكمه في تلك المسألة العينية لحكم الله ورسوله مصادفة ، أو عدم موافقته.

أقول ( ضياء الدين ) : فكيف أصبح يا أستاذ المسعري هداك الله ، نص القانون الذي سنه البرلمان صاحب السيادة ، أو الملك صاحب الحق « الإلاهي »، أو العرف المتوارث الساري الذي قبله الناس على تطاول القرون ، شرع الله وشرع محمد صلى الله عليه وسلم . ؟!

يتبع إن شاء الله
[/align]

رد مع اقتباس