عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 07-25-2012, 01:51 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
الرد على الرد الثاني للأستاذ المسعري :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
يا أستاذ المسعري هداك الله : أنا سألتك أسئلة عما جاء في كتابك لأستوضح منك بعض الأمور حتى لا تقول لي فهمتَ كلامي خطأ ، ولكنك مع الأسف لم تجب على هذه الأسئلة الاستيضاحية لكلامك بحجة أنها لا تتفق مع شروط المناظرة في منتداكم والتي لم تأت بدليل شرعي عليها لحد الآن ، واتهمتني بالوسوسة والهوس . ولم أقف على هذا الاتهام الباطل الذي لا يستند إلا لهوى وغاية في النفس . مع علمي - بسبب طبيعة وظيفتي ودراستي للطب - أنني لو سألتك عن معنى الوسوسة والهوس من الناحية العلمية وكيف تُشخَّص وثُبْت علمياً ، لما استطعت الإجابة على ذلك . ولا أريد أن أضع تشخيصي العلمي لحالتك النفسية عند قراءتك الأسئلة حتى لا أشخصن المسائل وحتى لا أبتعد عن الهدف من حواري معك والذي هو بداية بيان الحق لك وإرشادك لطريق الهداية والحق أنت ومن تبعك من المقلدة المؤجرين عقولهم لك . وتجاوزت مسألة عدم جوابك على الأسئلة بعد ذكر مثالين يدلان على أن طرح الأسئلة أثناء الحوار على المخالف لاستيضاح كلامه ولبيان تناقضه في فكره لا تخالف قواعد المناظرة العلمية ، بل هي طريقة علمية ثابتة استعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده فطاحل العلماء في حواراتهم . ولكن للهروب من الجواب على الأسئلة جاء الإصرار على شرط الالتزام بقواعد المناظرة التي وضعت في منتداكم والتي لم يوضع لها أي دليل شرعي . فتجاوزت الأمر وبدأت ببيان ما في الكتاب من أخطاء عقدية لأنها الأهم من كل هذا . وتم كتابة ردين على ما جاء من أخطاء في الكتاب ، وانتظرت الرد حتى أتابع بقية الردود وبيان الأخطاء الشنيعة في العقيدة التي احتواها الكتاب . فجاء ردَّك بعد زمن طويل أدهشني ما فيه من كلام وتطويل وإسهاب مُمِل للقارئ لا حاجة له في بيان أمور ليست في صلب الموضوع ، وواضح أن الهدف من هذا الإسهاب والتطويل وكثرة النقولات هو عرض العضلات قبل دخول الصراع والقتال والمناطحة .
وكانت بداية ردك يا أستاذ المسعري أن قلتَ : " سررت جداً عندما ساق الأستاذ ضياء الدين القدسي روايته لقصة حصين بن عمران الخزاعي التي نسبها إلى البيهقي ، ونص على حسن إسنادها ، لأن المشهور هو قصة عتبة بن ربيعة المذكورة في أسباب النزول ، وكذلك مجادلة نفر من صناديد قريش له بألفاظ مشابهة. "
ثم بدأت تذكر قصة عتبة بن ربيعة بإسهاب بجميع رواياتها وبلغ ما كتبته عن هذه القصة أكثر من تسع صفحات وكأن الحوار بيننا يدور حولها والخلاف فيها وحول سندها وصحته ، مع أنني لم استشهد بها مطلقاً . فما الداعي لكل هذا الحشو وكثرة الكلام في غير موضعه ؟
ولولا عدم رغبتي بأن ينحرف الحوار لشخصت - كطبيب مختص - حالتك هذه وفعلتك.
ثم بعد أن أنهيتَ قصة عتبة بن ربيعة قلتَ : " أما مجادلة الحصين الخزاعي ، والد عمران بن حصين ، رضي الله عنهما ، قلم أجد نص الأستاذ ضياء الدين القدسي بعد طول بحث ، ولكني وجدت التالي: "
وبدأت تذكر الروايات لقصة الحصين الخزاعي بإسهاب مُمِل للقارئ بلغ أكثر من عشرة صفحات . بعدها قلت : " هذا كله فيما يتعلق بالمثال الأول للأستاذ ضياء القدسي فيما يتعلق بالإسناد ولفظ الخبر ، ولم نجد اللفظ الذي ذكره منسوباً إلى البيهقي ، ولا الإسناد الذي حسنه ( هو ، أو البيهقي ، أو صاحب الكتاب الذي اقتبس كلام البيهقي ) ؛فهذا دليل أول على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي . "

أقول ( ضياء الدين ) : عندما استشهدتُ بقصة الحصين الخزاعي ذكرت في بدايتها أن القصة رواها البيهقي وغيره بسند حسن ولكن كلمة ( وغيره ) سقطت ، فالقصة
رواها البيهقي وغيره بسند حسن لهذا يصح الاستشهاد بها . وكون البيهقي لم يذكر تفاصيلها مع ذكره القصة وذكر غيره تفاصيلها لا يعني أن أصل القصة غير موجودة عنده .
وأنت نفسك ذكرت بعض الروايات للقصة بالتفصيل الذي ذكرته أنا ومن هذه الروايات :
أخرج الإمام بن خزيمة (وهو: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ)] في كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/277): [حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ، قَالَ: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طَلِيقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ،عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ قُرَيْشًا جَاءَتْ إِلَى الْحُصَيْنِ، وَكَانَتْ تُعَظِّمُهُ،فَقَالُوا لَهُ: كَلِّمْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا وَيَسِبُّهُمْ ، فَجَاءُوا مَعَهُ حَتَّى جَلَسُوا قَرِيبًا مِنْ بَابِ النَّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم ، وَدَخَلَ الْحُصَيْنُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ»، وَعِمْرَانُ وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِدُونَ ، فَقَالَ حُصَيْنٌ : مَا هَذَا الَّذِي يَبْلُغْنَا عَنْكَ ، إِنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ ، وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزاً فَقَالَ : « يَا حُصَيْنُ ، إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ ، يَا حُصَيْنُ ، كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ الْيَوْمَ ؟ » قَالَ : سَبْعَةً فِي الْأَرْضِ ، وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : « فَإِذَا أَصَابَكَ الضُّرُّ مَنْ تَدْعُو ؟ » قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ ، قَالَ: فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ مَنْ تَدْعُو ؟ " قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : « فَيَسْتَجِيبُ لَكَ وَحْدَهُ ، وَتُشْرِكُهُمْ مَعَهُ ؟» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ]
ــوهو في إثبات صفة العلو - ابن قدامة (ص:75/5): [أَخْبَرَنَا أَبُوالْفَتْحِ (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ) أَنْبَأَ (أَبُو الْفَضْلِ) أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، أَنْبَأ َأَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحْمُدِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ أَنْبَأَ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ ( بْنِ زِيَادٍ ) الدير عاقولي حدثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، حدثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طَلِيقٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ إِلَى الْحُصَيْنِ أبي عِمْرَانَ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا،فَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُكَلِّمَهُ وَتَعِظَهُ، فَمَشَوْا مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: فَجَلَسُوا وَدَخَلَ حُصَيْنٌ ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ ،فَأَوْسَعُوا لَهُ ، وَعِمْرَانُ وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم ، مُتَوَافِرُونَ ، فَقَالَ حُصَيْنٌ : مَا هَذَا الَّذِي يَبْلُغُنَا عَنْكَ أَنَّكَ تَشْتِمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ ، وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزًا . فَقَالَ: (إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)، يَا حُصَيْنُ كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ الْيَوْمَ ؟ قَالَ : سَبْعَةً فِي الأَرْضِ وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَإِذَا أَصَابَكَ الضِّيقُ فَمَنْ تَدْعُو؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاء ِ، قَالَ: فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ فَمَنْ تَدْعُو ؟ قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ . قَالَ: فَيَسْتَجِيبُ لَكَ وَحْدَهُ وَتُشْرِكُهُمْ مَعَهُ؟! قَالَ: أَمَا (رَضِيتَهُ) أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ، أَوَ تَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَيْكَ ؟ قَالَ: لَا وَاحِدَةً مِنْ هَاتَيْنِ ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ مِثْلَهُ.. "

وأخرجه الإمام الذهبي في العلو للعلي الغفار (ص:24/43): [أَخْبَرَنَا الْقَاضِي تَاج الدّين بن عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلام ِببعلبك أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سنة إِحْدَى عشر وسِتمِائَة أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْحَاجِبُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ الْقَطَّانُ حَدثنَا عبد الْكَرِيم الديرعاقولي حَدثنَا رَجَاء بن مرجا الْبَصْرِيّ حَدثنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ طُلَيْقٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ إِلَى حُصَيْنٍ وَالِدِ عِمْرَانَ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا فَنُحِبُّ أَنْ تُكَلِّمَهُ وَتَعِظَهُ فَمَشَوْا مَعَهُ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسُوا وَدَخَلَ حُصَيْنٌ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ ؛ فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي يبلغنَا عَنْكَ إِنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتَذْكُرُهُمْ وَقَدْكَانَ أَبُوكَ جَفْنَةً وَخُبْزًا ؛ فَقَالَ إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ إِلَهًا الْيَوْمَ قَالَ سَبْعَةً فِي الأَرْضِ وَإِلَهًا فِي السَّمَاءِ ؛ قَالَ فَإِذَا أَصَابَكَ الضِّيقُ فَمَنْ تَدْعُو قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ ؛ قَالَ فَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ فَمَنْ تَدْعُو قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ؛ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ "
أقول ( ضياء الدين ) : فالرواية التي ذكرتها لك جمعت في طياتها أكثر من رواية ، المهم أن القصة موجودة وسندها حسن بمجموع رواياتها ويصح الاستشهاد بها وهي دليل عليك لا لك . فهذه الروايات تُثبت أن طريقة طرح السؤال في الحوار طريقة شرعية فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي كافية لوحدها لإثبات بطلان قولك وشروطك للمناظرة وما اعترضت عليه من طرحي للأسئلة عليك . وهذا الإثبات لا يلغيه كون الرواية لم تذكر عند البيهقي بهذا التفصيل ، المهم أن أصل القصة موجود عند البيهقي والمتن الذي ذكر موجود في رواياتها المتعددة في المصادر الأخرى لهذا وجه الإستدلال بها صحيح وهذا ما يهمنا هنا الآن .
أما ما ذكر عند البيهقي فهو كما يلي :
جاء في الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 329) :

وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ ، ثنا سَهْلٌ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي حُصَيْنٍ: «كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ مِنْ إِلَهٍ ؟ » قَالَ : سَبْعَةً : سِتَّةٌ فِي الْأَرْضِ ، وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ. قَالَ : فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَهْبَتِكَ وَلِرَغْبَتِكَ ؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ. قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِيهِمَا. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَعَافِنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي» ." اهـ


قولك : " وحتى لو سلمنا باللفظ ، كما ذكره ، وبصحة الخبر ، كما زعمه ، فهو حجة عليه لا له ؛ لأن الخبر ، والأخبار الأخرى المشابهة ، هي قصص جدال ولجاجة قوم معاندين ، وليس هو مناظرة بأصولها المعلومة. "


أقول ( ضياء الدين ) : لا أدري بأي فهم أصبح المتن حجة علي لا لي ؟!
فالمتن قد ثبت بأكثر من رواية ويفيد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد استعمل أسلوب طرح الأسئلة على المخالف لبيان تناقضه وبطلال اعتقاده . فكيف يقال عن هذا الأسلوب بأنه مخالف لقواعد المناظرة الصحيحة ؟!
والقصة التي استشهدتُ بها على بطلان شروطك للحوار هي قصة حصين بن عمران وليس قصة عتبة بن ربيعة التي حشوتَها في الحوار وأسهبْتَ في ذكر رواياتها بأكثر من عشرة صفحات . فقصة حصين بن عمران ليس فيها جدال ولجاج قوم معاندين ، بل قد أسلم في نهايتها حصين بن عمران بعد أن تبين له سفاهة عقله وتناقضه وبطلان معتقدة عندما عجز عن الجواب عمَّا طرح عليه من أسئلة .
وحتى قصة عتبة بن ربيعة التي حشوتها في الحوار ليست دليلاً لك كما تقول بل هي دليل لي . فهل كون القصة تدل على جدال ولجاج قوم معاندين يلغي استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم معهم أسلوب السؤال لبيان تناقضهم في ما يعتقدونه ؟!
ألم يثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم تناقضهم وباطلهم بطريقة طرح السؤال عليهم ؟!
لا شك أن الجواب سيكون - ممن يفهم القصة - نعم . وبهذا يصح الاستشهاد بها أيضاً على بطلان شروط المناظرة التي وضعتها .

قولك : ولعلك تتأمل كلام ابن كثير: وَهَذَا الْمَجْلِسُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد ، وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَا سَأَلُوا ، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ فَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ (.

أقول ( ضياء الدين ) : أنا استشهدتُ بحوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الحصين ، والمتن الذي استشهدتُ به وأنت قد أثبته في أكثر من رواية ثبت فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام استقبل الحصين استقبالاً جيداً وأكرمه بأمر الصحابة بتوسيع المكان له بقوله صلى الله عليه وسلم : " « أَوْسِعُوا لِلشَّيْخِ » "
فليس هو مجلس ظلم وعدوان وعناد كما تقول ، بل الحصين جاء لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقنعه بترك ما هو عليه من سب آلهة قريش وتضليل آبائهم .
فاستعمل معه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوب طرح الأسئلة عليه ليثبت له تناقضه في ما يعتقد ، فكانت النتيجة أن بان للحصين تناقضه وفساد معتقده ، فأسلم وترك معتقده الباطل . ولو أجبتني على أسئلتي التي سألتك إياها لبان مدى تناقضك فيما كتبته في كتابك ولكنك أحجمت عن الإجابة بحجة مخالفتها لشروط المناظرة التي وضعتها بدون أدنا دليل عليها .
فابن كثير لم يصف مجلس الحصين الذي استشهدتُ به على بطلان شروطك للمناظرة بأنه " مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد " بل المجلس الذي وصفه ابن كثير بأنه " مَجْلِسُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ وعناد " هو المجلس الذي طلب فيه المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم مطالب تعجيزية علم الله أنه لو أجابهم ما آمنوا ولاستحقوا العذاب بعد ذلك مباشرة ، لهذا لم يجبهم رحمة بهم . لهذا قال ابن كثير : " وَلِهَذَا اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُالْإِلَهِيَّةُ وَالرَّحْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ أَلَّا يُجَابُوا إِلَى مَاسَأَلُوا ، لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَفَيُعَاجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ "
فلا تخلط بين المسائل هداك الله .


قولك : " فالأستاذ ضياء القدسي لا يميز بين اللجاج والمجادلة من جانب والمناظرة من جانب آخر . فهذا دليل ثاني على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي" .


أقول ( ضياء الدين ) : ما هو دليلك على أنني لا أميز بين اللجاج والمناظرة ؟ أم هي عادتك بالاتهام بدون أدنى دليل ؟
وما علاقة اللجاج والمجادلة في ما سألتك به ؟
هل استفساري منك عن بعض ما جاء في كتابك قبل أن أجيبك لجاج ومجادلة ؟! سبحانك ربي !
على كلٍ سوف لا أنساق مع هذه الترهات والكلام العاري عن الأدلة وسوف لا أنزل لمثل هذا المستوى .


قولك : ومن حقنا نطبق المثال الأول كما ذكره بحذافيره ، على حالنا فنقول : نحن لم نأت إليك ، بل أنت الذيإلينا جئت مجادلاً فحالك كحال حصين الخزاعي ، فمن حقنا أن نلوذ بالصمت ، كما فعل سيديأبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العدناني ، رسول الله ،وخاتم النبيين ، حتى تفرغ من كلامك وجدالك ولجاجك ، ثم نقول : إقرأ كتابنا (كتاب التوحيد) قراءة هضم واستيعاب ونقد ؛ فإن فعلت : أفدناك ، بإذن الله ، فوائد أخرى تنفعفي الدنيا والآخرة. فهذا دليل ثالث على أن الأستاذ ضياءالقدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.


أقول ( ضياء الدين ) : الظاهر أنك نسيت المثال الأول الذي استشهدتُ به على فساد شروطك للمناظرة وما زلتَ على ضلالك بأن كلام ابن كثير فيه ، ولقد بينت لك عمن تحدث ابن كثير رحمه الله ولماذا تحدث فانتبه هداك الله .
أما أن تطبق كلام ابن كثير على نفسك وتشبه وضعك بوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعلني مثل صناديد قريش فهذا والله من العجب العجاب .
فهل أنا سألتكَ أسئلة تعجيزية اقتضت الحكمة الإلهية والرحمة الربانية أن لا تجبني لما طلبته منك لأن الله علم وأخبرك أنك إن أجبتني عليها لم أقبلها لهذا سوف يعاجلني الله بالعذاب ؟
يا رجل ما هذا الوضع الذي وضعت نفسك فيه ؟ ألا تتق الله وتدعو بالدعاء الذي علمه رسول الله للحصين بعدما أسلم فتقول : " اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَعَافِنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي "
يا رجل أسئلتي لك كانت استفساراً عمَّا جاء في كتابك فكيف تُشبه أسئلتي بما طلبه صناديد قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ثم تقول بعدها متفاخراً لتُفرح أتباعك : " فهذا دليل ثالث على أن الأستاذ ضياءالقدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.
سبحانك ربي !!
يا رجل ، القصة التي استشهدتُ بها على بطلان شروطك كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يسأل والمشرك هو من كان يجيب ، فلا سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا امتنع المشرك عن الإجابة . وكانت نتيجة هذه الأسئلة أن عرف المسئول بطلان عقيدته وتناقضه فدخل الإسلام .
ثم هل حدث في تاريخ دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن سأله أحد عن معنى شيء في القرآن الكريم ولم يجبه ؟! أو سأله عن معنى كلام له قاله وامتنع عن الإجابة ؟
كل أسئلتي لك كانت لاستيضاح كلامك في كتابك فكيف تسمي هذا جدالاً ولجاحاً لا يستحق الجواب عليه ؟!
أما قولك : " ثم نقول : إقرأ كتابنا (كتاب التوحيد) قراءة هضم واستيعاب ونقد "
فأقول لك : اعلم أنني قرأت كتابك أكثر من مرة قراءة هضم واستيعاب ونقد ، فوجدت فيه الشرك الصريح والضلال المبين والتناقض العجيب ، وسوف يأتيك بيان ذلك مفصلاً بعون الله ، فلا تَحْرف مسار الحوار وتُشتت القارئ وتُسئمه بالتكثير من النقولات التي ليست لها علاقة بموضوع الحوار لتظهر للقارئ أنك مُطلع ، مع أن ما تفعله هو بحث ثم قص ولصق لا يعجز عنه أحد . فأنصحك أن تركز في نقدني لكتابك وتترك الكِبْر والتعالي والإعجاب بالنفس وتبتعد عن أسلوب التجهيل والتصغير في محاورك والطعن في علمه ، فهذا الأسلوب لا يعجز عنه أحد بدون دليل .


قولك : أما المثال الثاني : فقد اقتبسه من مصدر ثانوي ، كعادته ، من غير ذكر المصدر ، وهو مع ذلك ناقص . ولو أنه رجع إلى المكتبة الإلكترونية الشاملة لما احتاج إلا إلى بضع دقائق للقص واللزق ، وسويعات لمراجعة أقوال الأئمة في إسناد القصة وثبوتها . فهذا دليل رابع على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي.


أقول ( ضياء الدين ) : مصدر الرواية تم ذكره وهو " تاريخ بغداد "للخطـيب البغدادي وهذا يكفي في مثل هذا الحوار . وقد قال عنها الإمام الذهبي [هَذِهِ قِصَّةٌ مَلِيْحَةٌ ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيْقِهَا مَنْ يُجهَلُ ، وَلَهَا شَاهدٌ ] . فهي قصة مَلِيْحَةٌ لها شاهد قد ذكره الإمام الذهبي ، فهي إذن تصلح للاستئناس بها حتى ولو كان في طريقها من يُجهل لأن لها شاهد . ولم يكن دليلي على بطلان شروطك هذه القصة فقط . ولا أريد أن أتكلم في هذا أكثر من ذلك حتى لا ننحرف عن موضوع الحوار ، فقد تجاوزت هذه المسألة .

يتبع إن شاء الله
[/align]

رد مع اقتباس