عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 07-21-2012, 03:51 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

ــ وقوله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}، وإليك تمام السياق حتى تعرف حجم جناية هؤلاء المخذولين على الإسلام والقرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51)}، (النساء؛ 4: 47 - 51)؛
ــ وقوله: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}، وإليك السياق: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)}، (الحج؛ 22: 25 - 32)؛
ــ وقوله: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ}، وإليك تمامه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)}، (المائدة؛ 5: 72)،
ــ وقوله: {قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}، وإليك أيضاً تمامه: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}، (الأعراف؛ 7: 50)، إلى غير ذلك من الآيات التي يحرصون على سوقها مبتورة، منزوعة من سياقها.

فما زاد هؤلاء المخذولون من أدعياء العلم على أن ضربوا عرض الحائط بقوله، جل جلاله، وسما مقامه: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ}، (آل عمران؛ 3: 7)، فاتبعوا طريق هلكة: طريقة أهل الزيغ المتبعين لما تشابه منه؛ ومعلوم بضرورة الحس والعقل، التي بني عليها الشرع، أن العام يحتمل التخصيص، وأن المطلق يحتمل التقييد، وأن المجمل يحتاج إلى تفسير، فلو سلمنا جدلاً أن العام والمطلق والمجمل من المتشابه، فالتخصيص والتقييد والتفسير إحكام له، لأنه يرفع الاشتباه: فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً؟؟!!

فالواجب هو الإيمان بكل ما جاء عن الله، وتفسيره بحيث يصدق بعضه بعضاً: فما أجمل ها هنا، فسر هناك، والعموم في هذه الآية، جاء بيان مخصص له في تلك، وهكذا، وهكذا.
وكل الكفار المعذبين قد قامت عليهم الحجة، وبلغتهم الرسالة، واعترفوا بذنبهم، {فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ}: والجاهل ليس مذنباُ، والمكره ليس مذنباً، والمتأول ليس مذنباً.

وقال الأستاذ ضياء القدسي: [ماذا تقصد من قولك: "فإلى الله ينبغي تفويض أمرهم"؟ هل تقصد أن نعذرهم بجهلهم وتأويلهم ونحكم عليهم بالتوحيد ونفوض أمر آخرتهم لله؟
إن كنت تقصد ذلك والظاهر من كلامك أنك تقصد ذلك، فهذا يعني أن من اتخذ عيسى عليه السلام وأمه إلهين من دون الله يعذر بجهله وتأويله ولا يحكم عليه بالشرك ويفوض أمره لله يوم القيامة إن شاء عذبه وإن شاء غفر له بل ترجو له أن يغفر الله له.
يدل استشهادك بقول عيسى عليه السلام عمَّن اتخذه وأمه إلهين من دون الله " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " على أنك تقول بإمكانية المغفرة يوم القيامة لمن فعل الشرك الأكبر، بل ترجو ذلك. وقد قال الله سبحانه في محكم كتابه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (النساء: 48)
وقال أيضا عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}، (النساء: 116)
أم أنك تقول أن عدم المغفرة للمشرك لم يكن يعرفها عيسى عليه السلام أو قد اختلفت الشرائع فيها كحال استعمال كلمة التبني وأن في شريعة عيسى عليه السلام إمكانية المغفرة لمن يعتقد بإلوهية عيسى عليه السلام وأمه؟؟!
للنظر كيف فسر علماء التفسير الآية التي استشهدت بها في غير موضعها]، ثم ساق كلام ابن كثير والطبري كعادته السيئة مبتوراً، مرسلاً، بدون ذكر لجزء أو صفحة، وهذا دليل ثامن على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي!

ونحن لن نفعل ذلك بل سنسوقها مسندة، وسنسوق بإذن الله غيرها، ولكن إليك الآيات الكريمات في تمام سياقا:
حيث قال الله، تعالى ذكره: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ (115) وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)}، (المائدة؛ 5: 109 - 119).
هذا الحوار كله يوم القيامة، وإن ذكرت فيه أمور وقعت ومضت في الدنيا، في مثل قوله: {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً}،... إلى قوله: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ}.

جاء في تفسير البغوي [إحياء التراث (2/105)]: [قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، اختلفوا فِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَتَى يَكُونُ، فَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْقَوْلَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ لِأَنَّ حَرْفَ إِذْ يَكُونُ لِلْمَاضِي، وَقَالَ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّمَا يَقُولُ اللَّهُ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ قَبْلُ: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ [الْمَائِدَةِ: 109]، وقال من بعد هَذَا: يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [الْمَائِدَةَ: 119]، وَأَرَادَ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ تَجِيءُ (إِذْ) بِمَعْنَى إِذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا [سبأ: 51]، أَيْ: إِذَا فَزِعُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْقِيَامَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَعْدُ وَلَكِنَّهَا كَالْكَائِنَةِ لِأَنَّهَا آتِيَةٌ لَا مَحَالَةَ]؛ فقول السدي شاذ، بل هو منكر، وهو من زلات العلماء القبيحة التي يستعاذ بالله منها.

وإليك الآن كلام الطبري كما هو في تفسير الطبري - جامع البيان [ت شاكر (11/240)]: [القول في تأويل قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)}. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنْ تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، بإماتتك إياهم عليها "فإنهم عبادك"، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرًّا ولا أمرًا تنالهم به "وإن تغفر لهم"، بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم "فإنك أنت العزيز"، في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدر أحدٌ يدفعه عنه "الحكيم"، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب، كالذي: -
13037 - حثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم"، فتخرجهم من النصرانية، وتهديهم إلى الإسلام "فإنك أنت العزيز الحكيم". وهذا قول عيسى في الدنيا.
13038 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"، قال: والله ما كانوا طعَّانين ولا لعَّانين]، انتهى كلام الطبري،
وتجد كلام السدي في روايتين عند ابن أبي حاتم:
فقد جاء في تفسير ابن أبي حاتم - محققا (4/1255/7060): [حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، حدثنا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلَهُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ يَقُولُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ تُمِيتُهُمْ بِنَصْرَانِيَّتِهِمْ فَيَحِقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ]
وجاء في تفسير ابن أبي حاتم - محققا (4/1255/7062): [أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، حدثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلَهُ: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَتُخْرِجْهُمْ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَتَهْدِيهِمْ إِلَى الإِسْلامِ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. هَذَا قَوْلُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيَا]

قبول الإمام الطبري لرأي السدي، وقوله، بناءً على ذلك تفسيراً للآية: (إنْ تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة، بإماتتك إياهم عليها "فإنهم عبادك"، مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردت بهم، ولا يدفعون عن أنفسهم ضرًّا ولا أمرًا تنالهم به "وإن تغفر لهم"، بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم "فإنك أنت العزيز"، في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدر أحدٌ يدفعه عنه "الحكيم"، في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة، وتوفيقه من وفَّق منهم لسبيل النجاة من العقاب)، وقد جاء خلاف عوائد الإمام الطبري الجميلة، كلام سقيم باطل، أضاف جملاً مثل: (بإماتتك إياهم عليها)، و(بهدايتك إياهم إلى التوبة منها، فتستر عليهم) من خياله الجامح، لا وجود لها في النص المنزَّل أصلاً، ولم تلجئ إليها ضرورة من الشرع، أو من الحس والعقل. واستند في ذلك على رواية سقيمة عن السدي، وإن كان السدي أحسن حالاً من الطبري بعض الشيء لأنه زعم أن ذلك هو (قول عيسى في الدنيا).
ولعل السدي اعتمد على ما جاء عن سلمان الفارسي، رضوان الله وسلامه عليه:
ــ كما جاء في تفسير ابن أبي حاتم - محققا (4/1255/7059): [أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حدثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانِ الْخَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا سَأَلَ الحواريون عيسى بن مريم المائدة - أوحى الله إلى عيسى بن مَرْيَمَ أَنِّي مُعَذِّبٌ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ بِالْمَائِدَةِ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ: فَقَالَ عِيسَى مُسْتَكِينًا لِرَبِّهِ إِلَهِي إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَلَمَّا أَمْسَى الْمُرْتَابُونَ بِهَا، وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مَعَ نِسَائِهِمْ آمِنِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ مَسَخَهُمُ اللَّهُ خَنَازِيرَ، وَأَصْبَحُوا يَتَتَبَّعُونَ الأَقْذَارَ فِي الْكُنَاسَاتِ، وَأَمَّا سَائِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُطِيفُونَ بِعِيسَى خَوْفًا وَرُعْبًا مِمَّا لَقِيَ أَصْحَابُهُمْ]

رد مع اقتباس