عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 07-21-2012, 03:50 AM
طارق الطارق طارق الطارق غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 12
افتراضي

ومع ذلك فإني شاكر ومقدر للأستاذ ضياء القدسي إثارة هذه القضية لأن نقاشها أوضح أن مقولتنا: (من قال به بعد نزول القرآن فهو كافر لأنه مكذب لله تعالى)، وإن كانت صحيحة راجحة، إن شاء الله، بمجموع الأدلة آنفة الذكر، إلا أنها ليست قطعية، لعدم سلامة كل دليل بمفرده من المعارضة، وإمكانية التأويل، وسنذكر هذا التفصيل والاحتياط في كتاب التوحيد، إن شاء الله.
والعجيب أن هذه البلورة، وهذا التصحيح، على العكس تماماً ما يريده الأستاذ ضياء القدسي، كما يبدو من كلامه، حيث قال: [يفهم من كلامك أيضاً: أن القول بأن المسيح عيسى عليه السلام، هو ابن الله، بمعنى «التبني» قول باطل ولكن لا يكفر قائله إلا بعد نزول القرآن. وعلة الحكم بكفره أنه مكذب لما جاء في القرآن. يعني لا يكفر حتى تقام عليه الحجة من القرآن. فمن لم تصله الآية التي تبين بأن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) وينكرها فهو ليس بكافر ولا بمشرك عند الأستاذ المسعري.
فلا النصراني قبل الرسالة المحمدية الذي يعتقد أن عيسى عليه السلام هو ابن الله بمعنى (التبني) مشرك كافر بهذا الاعتقاد، ولا بعد الرسالة المحمدية من لم تصله الآية التي في القرآن التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) مشرك كافر عند الأستاذ المسعري، لأنه لم يكذب ما وصله من كتاب الله ولم تُقَم عليه الحجة بذلك. فما دام لم يصل لأحد الآية من كتاب الله التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى (التبني) فمعتقد ذلك ليس بكافر ولا مشرك وإن كان اعتقاده باطل. هذه عقيدة الأستاذ المسعري حسب هذا الكلام]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي.
فأقول: نعم، هذا هو الحق المبين الذي ندين الله به؛ ونصيحتي للأستاذ ضياء القدسي أن يتقي الله في المسلمين خاصة، وفي بني آدم عامة، وأن ينخلع من لوثة الغلو والتكفير؛ وأن يعلم علم يقين أن الله، جل وعز، قادر بمفرده على الحكم بإدخال الناس النار، أو إجارتهم منها، ويعلم تماماً كيف يملؤها، ولن يحتاج إلى رأي المسعري أو رأي الأستاذ ضياء القدسي!!!

وقبيل ذلك بقليل قال الأستاذ ضياء القدسي: [3 - قولك: "غير أن طوائف من النصارى، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل، قد قالوا بذلك قديماً. وهم بذلك مخطؤون، إلا أنهم ليسوا مشركين". أقول (ضياء الدين): كيف عرفت يا أستاذ أن أتباع آريوس وأغلب اليهود المتنصرين الأوائل الموحدين قد قالوا بأن عيسى عليه السلام ابن الله بمعنى «التبني»؟! فهذه أمور غيبية فهل جاء في ذلك خبر صحيح عن الله أو عن رسوله، صلى الله عليه وسلم،؟!! وأنت القائل في كتابك: "ومن قبل بدعوى، حتى ولو كانت صحيحة في ذاتها، بغير برهان، فهو متقول بغير دليل، وهو من ثم كاذب، حتى ولو كانت المقولة في ذاتها صادقة، لأن من لم يأت بالبرهان كاذب: (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!): أي إن كنت صادقاً فأرني برهانك، وإلا فأنت كاذب، لأنه ليس ثمة إلا: صادق أو كاذب، لا ثالث لهما!" اهـ]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي.
أقول: أحوال المتنصرين الأوائل، وفرقهم، وأقوالهم المكتوبة، وردود خصومهم عليهم كتابة، وفرق اليهود والوثنيين المعاصرين لهم، وما دار بينهم من صراع، معلوم، في الجملة، من التاريخ بالتواتر. فلم يكن القوم ملائكة يطيرون في السماء، ولا من قبيل إبليس الذين يروننا ولا نراهم، بل بشر عاشوا على الأرض، وتركوا كتباً وآثاراً، ونحن لا نحتاج إلى خبر صحيح عن الله أو عن رسوله، صلى الله عليه وسلم، يخبرنا عنهم، وحسبنا قوله، جل جلاله، وسما مقامه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، (يوسف؛ 12: 109)؛ وقال أيضاً: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ (غافر؛ 40: 82)؛ وقد فعل الناس، وفعلنا ذلك، ولخصناه في فقرة قصيرة، وليس كتابنا كتاب تأريخ لأقوال فرق النصارى حتى يلزمنا التأصيل والبرهنة المفصلة.
فليست أحوالهم (أمور غيبية)، كما أفحش الأستاذ ضياء القدسي: فبدلاً من أن يعترف بجهله، ويسأل عن المستندات والمراجع، جعل القضية (غيبية)، ولا نستبعد أن يجعلها بعد مدة من أمور (العقيدة)، ثم ينطلق مسلسل التبديع والتكفير بعد ذلك.
وحسب الأستاذ ضياء القدسي أن يبحث في جوجل تحت لفظة (آريوس، أريوس، الأريوسية)؛
وكذلك بالإنجليزية تحت مفاتيح البحث: (Arius; Arians; Arianism; Semi - Arianism)؛ ولو فعل، لوجد الكثير، ولنطلق منه إلى الأكثر، إذا كان مهتماً بهذه القضايا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولعلنا نضع الأستاذ ضياء القدسي على أول الطريق، طريق البحث والتنقيب، وطلب العلم كما ينبغي، بتقديم بعض النصوص في الملحق مرتبة حسب تاريخ وفاة قائليها، وكلهم من أهل الإسلام، بل من أئمة أهل الإسلام، ابتداءً بأبي محمد علي بن حزم، رضي الله عنه (المتوفى: 452 هـ)، حاشا غريغوريوس (واسمه في الولادة يوحنا) ابن أهرون (أو هارون) بن توما الملطي، أبو الفرج المعروف بابن العبري (المتوفى: 685 هـ)؛ واختتمنا بنقل مقال جيد للدكتور سفر بن عبد الرحمن، وإن كنا نعيب عليه خلط أحكام الصور والتماثيل، بقضايا التوحيد والشرك، ولا عجب فهو لا يستطيع فكاكاً من هوس الدعوة الوهابية!
فعجز الأستاذ ضياء القدسي في التعامل مع هذه البديهيات دليل سابع على أن الأستاذ ضياء القدسي لم يطلب العلم كما ينبغي!

ثم أماط الأستاذ ضياء القدسي اللثام، وأظهر مقصده الحقيقي من كل هذا الجدل الطويل العريض، فقال بعد أن ساق كلامنا عن توحيد الذات، الذي هو رأس التوحيد: [حسب هذا الكلام: الاعتقاد بأن الله لم يتولد منه شيء داخل في توحيد الذات الذي هو رأس التوحيد. والذي هو ثابت بالضرورة وبالبراهين العقلية والفطرية القاطعة، قبل ورود الشرع. ومع ذلك يعذر الأستاذ المسعري من نقض هذا التوحيد بقوله في كتابه: "وحتى من قال بـ «البنوة» الحقيقية، وهي مقول شرك وكفر بذاتها، كثير منهم قد يكون معذوراً بجهل أو تأويل، أو بعض موانع التكفير المعروفة". فمثل هذا عند الأستاذ المسعري معذور بالجهل والتأويل ويعتبره من الموحدين حتى تقام عليه الحجة من كتاب الله. فإن أقيمت عليه الحجة من القرآن الكريم وأنكر ذلك فعندها فقط يصبح كافراً مشركاً. يعني أن من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً عند الأستاذ المسعري.
4 - عند الأستاذ المسعري من يقول بـ «البنوة» الحقيقية أي ينسب لله ولداً «حقيقياً»، أي من طبيعة أو عنصر إلهي، مساوياً لأبيه في الجوهر، كما فعل المثلثون، يعذر بالجهل أو التأويل، ويبقى موحداً، ولكن قوله قول شرك وكفر، ولكنه لا يكفر ولا يحكم عليه بالشرك وإن اعتقد ذلك حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم ويرد ذلك.
أقول (ضياء الدين): هل يختلف رأس التوحيد (توحيد الذات) الذي جاء به عيسى عليه السلام عن رأس التوحيد (توحيد الذات) الذي جاء به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى نظل نعذر معتقد «البنوة» الحقيقية بالجهل والتأويل حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم؟
فما دمتَ تعذر بالجهل والتأويل من اعتقد «البنوة» الحقيقية لله، أي نسب لله ولداً «حقيقياً» فلا بد لك أن تعذر بالجهل والتأويل من لم يجزم بأن الله سبحانه وتعالى هو الحي القيوم، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، وهو وحده واجب الوجود، الغنى بذاته، الأزلي القديم، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور، لأن كل هذه داخلة أيضاً في توحيد الذات مثلها مثل مسألة أن الذات الإلهية لا يتولد منه شيء.
فهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله حي قيوم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله بكل شيء عليم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله الغنى بذاته، الأزلي القديم، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور، معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية.؟!
إن قلت غير معذور فلمَ فرقت بين هذا ومسألة اعتقاد «البنوة» الحقيقية بعيسى عليه السلام؟!
وإن قلتَ: معذور بالجهل والتأويل ويبقى موحداً معذوراً بجهله وتأويله ولا يحكم عليه بالشرك والكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية، فقد حكمت بإسلام من لم يحقق رأس التوحيد، وبهذا خالفت محكم آيات كتاب الله]، انتهى كلام الأستاذ ضياء القدسي، وإن كان بعض التسطير والتسويد من عندنا.

قلت: حسبنا هذه الجملة القصيرة لبيان الخلل الجوهري في تفكير الأستاذ ضياء القدسي: (يعني أن من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً عند الأستاذ المسعريوبرهان على أنه صاحب هوى، أعماه الهوى عن رؤية ما لا يقل وضوحاً عن الشمس في رابعة النهار: فوالله، الذي لا إله إلا هو، ما قلنا قط أن (من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً)، ومن المحال الممتنع أن يكون مثل هذا مسلماً موحداً؛ وإنما قلنا فقط أن من قال بمقولة كفر، أو عمل عملاً من أعمال الكفر، وإن جرت عليه أحكام الكفار في الدنيا في الأنكحة والذبائح والدفن والمواريث والعقوبات، كما هو مفصل في كتب الفقه، ليس هو بالضرورة (الكافر) المستحق للعقوبة الأخروية، كما هو في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ}، (البقرة؛ 2: 161 - 162)؛ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}، (آل عمران؛ 3: 91)؛ وغيرها كثير.

ولم يترك الله، جل جلاله وسما مقامه، هذا الأمر من غير بيان، حتى نحتاج إلى مزاعم المسعري، أو وساوس الأستاذ ضياء القدسي، فأبان ذلك لنا، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)}، (الأحزاب؛ 33: 64 - 68)، فهؤلاء جاءهم رسول فعصوه،
ــ وقوله: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}، (الملك؛ 67: 6 - 11)؛ ومعلوم أن قوله جلَّ وعلا: {كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ} يعم جميع الأفواج الملقين في النار. قال أبو حيان في «البحر المحيط» في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها ما نصه: «وكلما» تدل على عموم أزمان الإلقاء فتعم الملقين. ومن ذلك قوله جلَّ وعلا: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}، (الزمر؛ 39: 71)، وقوله في هذه الآية: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} عام لجميع الكفار؛ وقد تقرر في الأصول: أن الموصولات كـ(الذي) و(التي) وفروعهما من صيغ العموم. لعمومها في كل ما تشمله صلاتها. قال في مراقي السعود في صيغ العموم:
صيغة كل أو الجميع وقد تلا الذي التي الفروع
فهؤلاء كلهم جاءتهم النذر فكذبوها، وقامت عليهم الحجة، واعترفوا بذنبهم، وفرغ من أمرهم؛
ــ وأيضاً قوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ؛ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ؟! فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}، (فاطر؛ 35: 37)، عام أيضاً في جميع أهل النار. كما تقدم قريباً.
ــ وقال، جل جلاله وسما مقامه، أيضاً: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)}، (غافر؛ 40: 49 - 50)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن جميع أهل النار أنذرتهم الرسل في الدنيا.
ــ وقال، جل جلاله وسما مقامه، أيضاً: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)}، (محمد؛ 47: 8 - 9)، ومن المحال الممتنع أن يكره الإنسان شيئاً لم يبلغه ولم يعرفه.

ولم يغب عنا أن جماعة أخرى ممن ينتسبون إلى العلم قد ذهبت إلى أن كل من مات على الكفر فهو في النار ولو لم يأته نذير، واستدلوا بظواهر آيات من كتاب الله، وبأحاديث عن النَّبي، صلى الله عليه وسلم،. فمن الآيات التي استدلوا بها:
ــ قوله تعالى: {وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}، طبعا بعد بتر الآية، عياذاً بالله، وإخراجها من سياقها: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}، (النساء؛ 4: 18)؛
ــ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، وإليك تمام السياق: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (162)}، (البقرة؛ 2: 159 - 162)؛
ــ وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}، وإليك تمام السياق الذي بتره هؤلاء، بترهم الله: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ (88) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91)}، (آل عمران؛ 3: 85 - 91)؛

رد مع اقتباس