عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-16-2012, 01:54 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

لم يُجَب على أسئلتي في المداخلة الأولى بحجة أن هناك شرطاً للحوار وضع في المنتدى - لميُنزل الله به من سلطان - يمنع المحاور من طرح الأسئلة أثناء الحوار . سأتجاوز هذا ألأمر . ولكن أين الرد على المداخلة الثانية ؟ فلم يكن فيمداخلتي الثانية أسئلة كما كان في المداخلة الأولى تمنع من الرد بحجة مخالفة شروط الحوار ، ولقد انتظرت طويلاً حتى أرى الرد على المداخلة الثانية ولكن لا يوجد رد . وكنت غير راغب في كتابة رد آخر حتى يأتي الرد على المداخلة الثانية ولكن طال الجواب ، وهذا يدل على أنه لا رد . هذا ولقد أردت بداية أن أكتب الردود تباعاً حسب الترتيب الذي جاء في الكتاب بغض النظر عن الموضوع ، ولكن أجلت هذا النوع من الرد لأنه سيطول لكثرة الأخطاء العلمية في الكتاب وقررت أن أبدأ بالرد على الأخطاء التي تتعلق بالعقيدة والتوحيد لأنه هو الأهم .

يقول الأستاذ المسعري في كتابه : " لذلك فإن القول بأن المسيح عيسى بن مريم ، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته ، ابن الله ، حتى بمعنى « التبني » هذا ، باطل ، ومن قال به بعد نزول القرآن فهو كافر لأنه مكذب لله تعالى .
غير أن طوائف من النصارى ، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل ، قد قالوا بذلك قديماً . وهم بذلك مخطؤون ، إلا أنهم ليسوا مشركين، إن شاء الله تعالى ،لأن الكتب الأولى لم تذكر من هذا شيئاً، بل قد جاءت ألفاظ في الكتب القديمة يفهم منها « التبني » بمعنى « الاصطفاء »، فهم إذاً مؤمنون موحدون ، لم يكذبوا لله خبراً ، ولم يجعلوا لله شريكاً ، ولم ينسبوا له ولداً «حقيقياً»، أي من طبيعة أو عنصر إلاهي ، مساوياً لأبيه في الجوهر ، كما فعل المثلثون ، وغيرهم من فرق الشرك والكفر ، كما سيأتي تفصيله .
وحتى من قال بـ « البنوة » الحقيقية ، وهي مقول شرك وكفر بذاتها ، كثير منهم قد يكون معذوراً بجهل أو تأويل ، أو بعض موانع التكفير المعروفة ، وذلك قبل بزوغ شمس الرسالة المحمدية ، وانبلاج نور الحجة الرسالية ،فإلى الله ينبغي تفويض أمرهم ،كما سيقول السيد المسيح عيسى بن مريم ،صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته ، نفسه يوم القيامة : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )، وهكذا نقول ، والثانية أي المغفرة نرجو ، ولن يهلك على الله إلا هالك !" اهـ

أقول ( ضياء الدين ) :
1- قولك يا أستاذ : " حتى بمعنى « التبني » "ثم بعدها قولك : " غير أن طوائف من النصارى ، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل ، قد قالوا بذلك قديماً . وهم بذلك مخطؤون ، إلا أنهم ليسوا مشركين ، إن شاء الله تعالى ، لأن الكتب الأولى لم تذكر من هذا شيئاً "
يفهم منه أن طوائف من النصارى ، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل قالوا قديماً بأن عيسى عليه السلام ابن الله بمعنى ( التبني ) ومع ذلك لا تعتبرهم مشركين ، لأن الكتب الأولى على حد زعمك لم تذكر من هذا شيئاً . أي لا يوجد في التوراة الحقيقية ولا الإنجيل الحقيقي بيان أن الله لم يلد ولم يولد ، مع أن هذا الأمر من رأس التوحيد وله علاقة بتوحيد الذات كما قلت نفسك في موضع آخر .
ألا يعني هذا أن كتابا الله التوراة والإنجيل لم يبينا التوحيد حق البيان .؟!! حاشاهما .
ثم تقول : بأنه " قد جاءت ألفاظ في الكتب القديمة يفهم منها « التبني » بمعنى « الاصطفاء » " وبناء على هذه الكتب القديمة - التي لم يثبت صحتها - تستنتج أن من قال بأن عيسى ابن الله بمعنى (التبني ) يجب أن يفهم منها أنه يقصد « الاصطفاء » . لهذا فهو موحد وليس مشركاً عندك . ولكن يحكم بكفرهم عندك بعد نزول القرآن وإقامة الحجة عليهم بالرسالة المحمدية في هذا الموضوع إن ردوا ذلك ، أما قبل ذلك فهم موحدون ليسوا بمشركين . بل ذهبتَ لأبعد من ذلك فعذرت بالجهل والتأويل من قال بأن عيسى ابن الله وقصد « البنوة » الحقيقية . فمثل هذا عندك موحد غير مشرك ولا كافر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية في هذه المسألة وينكر ذلك ، لأنه حسب زعمك الكتب الأولى التي أنزلها الله قبل القرآن لم تذكر من هذا شيئاً ..
فعلى حسب هذا الكلام ، النصراني الذي لم تصله الرسالة المحمدية في موضوع ( البنوة ) إن اعتقد أن عيسى عليه السلام ابن الله بمعنى التبني ليس مشركاً بل موحداً ، لا يكفر حتى تقام عليه حجة الرسالة المحمدية في هذا الموضوع لأنه قد يعتقد أن التبني بمعنى الاصطفاء ، وحتى لو كان يعتقد بـ « البنوة » الحقيقية يعذر بالجهل والتأويل ولا يحكم عليه بالشرك ولا يُكَفَّر حتى تقام عليه حجة الرسالة المحمدية في هذا الموضوع .
2- قول الأستاذ المسعري : " حتى بمعنى « التبني » هذا ، باطل ، ومن قال به بعد نزول القرآن فهو كافر لأنه مكذب لله تعالى ." اهـ
أقول ( ضياء الدين ) : لا يمكن أن يفهم من كلام الأستاذ المسعري أن الذي يكفر بعد نزول القرآن هو الذي يعتقد « التبني » بمعنى « الاصطفاء » لأن من يعتقد أن الله اصطفى عيسى عليه السلام وجميع الأنبياء لا يكفر حتى بعد نزول القرآن .
ولا يوجد في القرآن الكريم آية تمنع استعمال كلمة ابن بمعنى الاصطفاء حتى نحكم على من ينكرها بالكفر ؟؟!
بل جاء في القرآن الكريم أن اليهود والنصارى ادعوا أنهم أبناء الله ، قال تعالى عنهم :
" وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ " (المائدة : 18)
أقول : لا يفهم من إدعائهم أنهم أبناء الله ، أنهم أبناؤه على الحقيقة ، لأنه لا أحد من اليهود والنصارى يعتقد ذلك ، ولكنهم قصدوا [ أصفياؤه ] ، لهذا لم يُكذَّبوا على أنهم ادعوا البنوة الحقيقية لله ولم يكفروا لهذا القول ، لأنهم لم يكونوا يدعون أنهم أبناء الله على الحقيقة . وإنما كُذبوا على أنهم أصفياء الله وأحباؤه ، بقوله تعالى :" قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ " فالحبيب لا يعذب حبيبه ولا صفيه .
جاء في تفسير القرطبي في تفسير لهذه الآية : " وبالجملة. فإنهم رأوا لأنفسهم فضلا ؛ فرد عليهم قولهم فقال " فلم يعذبكم بذنوبكم " فلم يكونوا يخلون من أحد وجهين ؛ إما أن يقولوا هو يعذبنا. فيقال لهم : فلستم إذا أبناءه وأحباءه ؛ فإن الحبيب لا يعذب حبيبه ، وأنتم تقرون بعذابه ؛ فذلك دليل على كذبكم - وهذا هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف - أو يقولوا : لا يعذبنا فيكذبوا ما في كتبهم ، وما جاءت به رسلهم ، ويبيحوا المعاصي وهم معترفون بعذاب العصاة منهم ؛ ولهذا يلتزمون أحكام كتبهم."

3- قولك : " غير أن طوائف من النصارى ، من أتباع آريوس وكذلك أغلب اليهود المتنصرين الأوائل ، قد قالوا بذلك قديماً . وهم بذلك مخطؤون ، إلا أنهم ليسوا مشركين "

أقول ( ضياء الدين ) : كيف عرفت يا أستاذ أن أتباع آريوس وأغلب اليهود المتنصرين الأوائل الموحدين قد قالوا بأن عيسى عليه السلام ابن الله بمعنى « التبني » ؟!
فهذه أمور غيبية فهل جاء في ذلك خبر صحيح عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم ؟!!
وأنت القائل في كتابك : " ومن قبل بدعوى ، حتى ولو كانت صحيحة في ذاتها ، بغير برهان، فهو متقول بغير دليل ، وهو من ثم كاذب ، حتى ولو كانت المقولة في ذاتها صادقة ، لأن من لم يأت بالبرهان كاذب : ( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ! ) : أي إن كنت صادقاً فأرني برهانك ، وإلا فأنت كاذب ، لأنه ليس ثمة إلا : صادق أو كاذب ،لا ثالث لهما! " اهـ

4- يفهم من كلامك أيضاً : أن القول بأن المسيح عيسى عليه السلام ، هو ابن الله ، بمعنى « التبني » قول باطل ولكن لا يكفر قائله إلا بعد نزول القرآن . وعلة الحكم بكفره أنه مكذب لما جاء في القرآن . يعني لا يكفر حتى تقام عليه الحجة من القرآن . فمن لم تصله الآية التي تبين بأن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى ( التبني ) وينكرها فهو ليس بكافر ولا بمشرك عند الأستاذ المسعري .
فلا النصراني قبل الرسالة المحمدية الذي يعتقد أن عيسى عليه السلام هو ابن الله بمعنى ( التبني ) مشرك كافر بهذا الاعتقاد ، ولا بعد الرسالة المحمدية من لم تصله الآية التي في القرآن التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى ( التبني ) مشرك كافر عند الأستاذ المسعري ، لأنه لم يكذب ما وصله من كتاب الله ولم تُقَم عليه الحجة بذلك . فما دام لم يصل لأحد الآية من كتاب الله التي تبين أن عيسى عليه السلام ليس ابن الله بمعنى ( التبني ) فمعتقد ذلك ليس بكافر ولا مشرك وإن كان اعتقاده باطل . هذه عقيدة الأستاذ المسعري حسب هذا الكلام .
ثم مع هذا الاعتقاد لننظر ماذا يقول في مكان آخر من كتابه عن مسألة اعتقاد وجود ابن لله .
يقول الأستاذ المسعري في كتابه : " رأس أقسام التوحيد : تـوحـيـد الـذات
(توحيد الذات ) هو رأس أقسام التوحيد ، وهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه وتعالى هوالحي القيوم، وهو الحق المبين ، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم. فهو وحده الأول ، فليس قبله شيء ، وهو الآخر فليس بعده شىء ، وهو وحده واجب الوجود ، الغنى بذاته ، الأزلي القديم ، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور ، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور . لم يتولد من شيء ، ولا يتولد منه شيء .
كل ذلك ثابت بالضرورة ، وبالبراهين العقلية والفطرية القاطعة ، قبل ورود الشرع." اهـ

أقول ( ضياء الدين ) : حسب هذا الكلام : الاعتقاد بأن الله لم يتولد منه شيء داخل في توحيد الذات الذي هو رأس التوحيد . والذي هو ثابت بالضرورة وبالبراهين العقلية والفطرية القاطعة ، قبل ورود الشرع . ومع ذلك يعذر الأستاذ المسعري من نقض هذا التوحيد بقوله في كتابه : " وحتى من قال بـ « البنوة » الحقيقية ، وهي مقول شرك وكفر بذاتها ،كثير منهم قد يكون معذوراً بجهل أو تأويل ، أو بعض موانع التكفير المعروفة"
فمثل هذا عند الأستاذ المسعري معذور بالجهل والتأويل ويعتبره من الموحدين حتى تقام عليه الحجة من كتاب الله . فإن أقيمت عليه الحجة من القرآن الكريم وأنكر ذلك فعندها فقط يصبح كافراً مشركاً . يعني أن من نقض توحيد الذات وأخل في رأس التوحيد يمكن أن يكون موحداً عند الأستاذ المسعري .
4- عند الأستاذ المسعري من يقول بـ « البنوة » الحقيقية أي ينسب لله ولداً « حقيقياً » ،أي من طبيعة أو عنصر إلهي ، مساوياً لأبيه في الجوهر ، كما فعل المثلثون ، يعذر بالجهل أو التأويل ، ويبقى موحداً ، ولكن قوله قول شرك وكفر ، ولكنه لا يكفر ولا يحكم عليه بالشرك وإن اعتقد ذلك حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم ويرد ذلك .
أقول ( ضياء الدين ) : هل يختلف رأس التوحيد ( توحيد الذات ) الذي جاء به عيسى عليه السلام عن رأس التوحيد ( توحيد الذات) الذي جاء به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام حتى نظل نعذر معتقد « البنوة » الحقيقية بالجهل والتأويل حتى تبزغ شمس الرسالة المحمدية وتقام عليه الحجة من القرآن الكريم ؟
فما دمتَ تعذر بالجهل والتأويل من اعتقد « البنوة » الحقيقية لله ، أي نسب لله ولداً « حقيقياً » فلا بد لك أن تعذر بالجهل والتأويل من لم يجزم بأن الله سبحانه وتعالى هو الحي القيوم ، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو بكل شيء عليم ، وهو وحده واجب الوجود ، الغنى بذاته ، الأزلي القديم ، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور ، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور ، لأن كل هذه داخلة أيضاً في توحيد الذات مثلها مثل مسألة أن الذات الإلهية لا يتولد منه شيء.
فهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله حي قيوم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية .؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله بكل شيء عليم معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية .؟!!
وهل من لا يعتقد اعتقاداً جازماً أن الله الغنى بذاته ، الأزلي القديم ، الأول الموجود بغير ابتداء قبل جميع الأزمنة والدهور ، الدائم الباقي بغير انتهاء بعد انقضاء الأزمنة والأيام والعصور ، معذور بالجهل والتأويل ولا يكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية .؟!
إن قلت غير معذور فلمَ فرقت بين هذا ومسألة اعتقاد « البنوة » الحقيقية بعيسى عليه السلام ؟!
وإن قلتَ : معذور بالجهل والتأويل ويبقى موحداً معذوراً بجهله وتأويله ولا يحكم عليه بالشرك والكفر حتى تقام عليه الحجة الرسالية المحمدية ، فقد حكمت بإسلام من لم يحقق رأس التوحيد ، وبهذا خالفت محكم آيات كتاب الله .

قولك : " .. فإلى الله ينبغي تفويض أمرهم ، كما سيقول السيد المسيح عيسى بن مريم ، صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليه وعلى والدته ، نفسه يوم القيامة: ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )، وهكذا نقول ، والثانية أي المغفرة نرجو ، ولن يهلك على الله إلا هالك !" اهـ

أقول ( ضياء الدين ) :
ماذا تقصد من قولك : " فإلى الله ينبغي تفويض أمرهم " ؟
هل تقصد أن نعذرهم بجهلهم وتأويلهم ونحكم عليهم بالتوحيد ونفوض أمر آخرتهم لله ؟
إن كنت تقصد ذلك والظاهر من كلامك أنك تقصد ذلك ، فهذا يعني أن من اتخذ عيسى عليه السلام وأمه إلهين من دون الله يعذر بجهله وتأويله ولا يحكم عليه بالشرك ويفوض أمره لله يوم القيامة إن شاء عذبه وإن شاء غفر له بل ترجو له أن يغفر الله له .
يدل استشهادك بقول عيسى عليه السلام عمَّن اتخذه وأمه إلهين من دون الله " إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " على أنك تقول بإمكانية المغفرة يوم القيامة لمن فعل الشرك الأكبر ، بل ترجو ذلك . وقد قال الله سبحانه في محكم كتابه : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48)
وقال أيضا عز من قائل : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا " (النساء : 116)
أم أنك تقول أن عدم المغفرة للمشرك لم يكن يعرفها عيسى عليه السلام أو قد اختلفت الشرائع فيها كحال استعمال كلمة التبني وأن في شريعة عيسى عليه السلام إمكانية المغفرة لمن يعتقد بإلوهية عيسى عليه السلام وأمه ؟؟!
للنظر كيف فسر علماء التفسير الآية التي استشهدت بها في غير موضعها :
جاء في تفسير ابن كثير : وقوله { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله عز وجل , فإنه الفعال لما يشاء, الذي لا يسأل عما يفعل, وهم يسألون, ويتضمن التبري من النصارى الذين كذبوا على الله وعلى رسوله, وجعلوا لله نداً وصاحبة وولداً, تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (119)
يقول تعالى مجيباً لعبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام, فيما أنهاه إليه من التبري من النصارى الملحدين الكاذبين على الله وعلى رسوله, ومن رد المشيئة فيهم إلى ربه عز وجل, فعند ذلك يقول تعالى: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} قال الضحاك: عن ابن عباس يقول: يوم ينفع الموحدين توحيدهم ." اهـ
وجاء في تفسير الطبري :
" القول في تأويل قوله تعالى: {إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }..
يقول تعالى ذكره: إن تعذّب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة بإماتتك إياهم عليها, فإنهم عبادك, مستسلمون لك, لا يمتنعون مما أردت بهم ولا يدفعون عن أنفسهم ضرّا ولا أمرا تنالهم به. وإن تغفر لهم بهدايتك إياهم إلى التوبة منها فتستر عليهم , فإنك أنت العزيز في انتقامه ممن أراد الانتقام منه لا يقدر أحد يدفعه عنه, الحكيم في هدايته من هدى من خلقه إلى التوبة وتوفيقه من وفق منهم لسبيل النجاة من العقاب." اهـ
وجاء في تفسير البغوي :
118- قوله تعالى " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "، فإن قيل كيف طلب المغفرة لهم وهم كفار ، وكيف قال : وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ، وهذا لا يليق بسؤال المغفرة ، قيل : أما الأول فمعناه إن تعذبهم بإقامتهم على كفرهم وإن تغفر لهم بعد الإيمان وهذا يستقيم على قول السدي : إن هذا السؤال قبل يوم القيامة لأن الإيمان لا ينفع في القيامة . وقيل : هذا في فريقين منهم ، معناه: إن تعذب من كفر منهم وإن تغفر لمن آمن منهم . وقيل : ليس هذا على وجه طلب المغفرة ولو كان كذلك لقال : فإنك أنت الغفور الرحيم ، ولكنه على تسليم الأمر وتفويضه إلى مراده ." اهـ
أقول ( ضياء الدين ) : عيسى عليه السلام لم يفوض أمرهم بأن عذرهم بالجهل والتأويل وحكم عليهم بالتوحيد وعدم الكفر واشترط لتكفيرهم قيام الحجة الرسالية المحمدية . ولم يطلب من الله المغفرة لهم مع شركهم ولم يرجو المغفرة لهم على شركهم .
فالحق الذي لامرية فيه والذي تبينه الآيات المحكمة الصريحة في كتاب الله ، والذي يدين به كل موحد من لدن آدم عليه السلام ، أن من اعتقد « البنوة » الحقيقية لعيسى عليه السلام ، فهو مشرك غير موحد أقيمت عليه الحجة أم لم تقم ، ولا يعذر في أحكام الدنيا في الجهل ولا بالتأويل ولا يرجى له المغفرة في الآخرة .

قولك : وهكذا نقول ، والثانية أي المغفرة نرجو .

أقول ( ضياء الدين ) : ماذا تقول وأنت تفهم قول نبي الله عيسى خطأ ؟
كلامك هذا يدل على أنك تعتقد أن عيسى عليه السلام كان يرجو المغفرة ودخول الجنة لمن اتخذه وأمه إلهين من دون الله لهذا قلت : " وهكذا نقول ، والثانية أي المغفرة نرجو . "
ألم تقرأ قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48) ؟
وقوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا " (النساء : 116) ؟
أنت ترجو أن يغفر الله لمن اتخذ عيسى عليه السلام وأمه إلهين من دون الله ويدخلهم الجنة وقد قال الله سبحانه في محكم كتابه جواباً على قول عيسى عليه السلام : " ( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ؟؟
الله سبحانه وتعالى يقول : هذا يوم ينفع ( الصادقين ) الموحدين ( صدقهم ) توحيدهم ، ومع هذا ترجو المغفرة ودخول الجنة لمن اتخذ عيسى عليه السلام وأمه إلهين مندون الله .
ألم تقرأ قوله تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ . لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (المائدة : 72-73) ؟
عيسى عليه السلام يقول لبني أسرائيل : " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "
وانت ترجو أن يغفر الله لمن يشرك بالله وتنسب لعيسى عليه السلام أنه كان يرجو المغفرة لمن اتخذه وامه إلهين من دون الله .!!!

يتبع ان شاء الله
[/align]

رد مع اقتباس