عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-05-2012, 01:57 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

[align=justify]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : إلا أن الترتيب يستفاد من نصوص شرعية أخرى متواترة من الكتاب ، والسنة تفيد أن الإنسان يكون « مسلماً» عنده ، لا محالة أصل الإيمان ، وأصل الإحسان ، ولكنه لا يستحق أن يسمى «مؤمناً»، أو «محسناً»، هكذا على الإطلاق بدون قيد مناسب.

أقول ( ضياء الدين ) : هل يوجد في القرآن الكريم آية تبين بشكل واضح يفهمه كل مكلف كيف يدخل المكلف الإسلام . ؟ فإن كان الجواب بنعم فما هي هذه الآية ؟
ما هو أصل الإيمان الذي يجب أن يتوفر في كل مسلم مع الدليل ؟

قولك : بقيت مسألة واحدة مهمة ، في غاية الأهمية ، وهي قولهم : ( أن الأصل في العبادات الحظر ، حتي يأتي بها دليل ) ، التي جعلها البعض قاعدة كلية . فنقول : هذه جملة لا معنى لها ، يفترض القائلون بها أن هناك أفعال تستحق أن تسمَّى ( عبادة ) بذاتها من حيث كونها أفعالاً مجردة ، وهذا غير صحيح ، بل هو خطأ قاتل شنيع ، كما سنبرهن عليه في الأبواب والفصول التالية .

أقول ( ضياء الدين ) : لا أدري كيف فهمت هذه القاعدة حتى تقول هذا الكلام .
واسأل الله أن تكون قد فهمتها خطأً لتكون معذوراً نوعاً ما بهذا الكلام .
أما أن تقول هذا الكلام مع فهمك لها الفهم الصحيح فهذه كارثة وخطأ كبير بل هو الخطأ القاتل الشنيع .
هذه القاعدة متفق عليها وهي أصل من أصول الشريعة الإسلامية ومبنية على كثير من الأدلة الصحيحة تصل إلى درجة التواتر المعنوي . ومعناها : أن الأفعال التي يُتقرب بها إلى الله محصورة ، وهي مقصورة على مصدر واحد وهو الوحي ، فهي إنما تؤخذ من الشرع وحده ، فلا يجوز لأحد أن يتعبد الله وينسبه للشرع بما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى . ومن نسب للشرع أي عبادة وأدعى أنها مشروعة من قبل الله لا يصدق ولا تعتبر عبادته حتى يأتي بالدليل الشرعي أن الله فرضها على المكلفين .
فهذه القاعدة تفيد أن من تعبد الله بما شرعه فعبادته مشروعة مأذون فيها. وأن من تعبد الله بما لم يشرعه فعبادته باطلة مردودة . لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بما شرع ، وهذا مقتضى توحيد الله والإيمان به ، وهو توحيد الإتباع ، وهو أحد شرطي العمل الصالح ؛ إذ لا بد لقبول العمل من شرطين : الإخلاص والمتابعة .
فهذه القاعدة تختص بالشرط الثاني ، وهو شرط المتابعة .
قال تعالى : " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " [الكهف: 110]
وقد وردت هذه القاعدة بعدة الألفاظ منها :
- " الأصل في العبادات البطلان ".
- "الأصل في العبادات المنع "
- " الأصل في العبادات المنع إلا ما شرعه الله "
- " الأصل في العبادات المنع والحظر إلا ما جاء به الشارع "
- " الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم "
- " الأصل في العبادات التوقيف"
وهذه الألفاظ كلها تدل على معنى واحد ، وهو أن العبادة التي لم يأت بها الشرع محرمة ممنوعة ، ثم إن وقعت فإنها تقع باطلة مردودة ، فحكمها يدور بين المنع والحظر والبطلان والرد .
ومعنى قول العلماء : " الأصل في العبادات التوقيف " أو " العبادات توقيفية " ، يعني أن العبادات في الشرع لا تؤخذ ولا تثبت بطريق الرأي والاجتهاد ، وإنما تؤخذ من جهة الوحي المجرد.
هذا ولقد تكاثرت الأدلة الدالة على " أن الأصل في العبادات الحظر ( المنع ) " ويمكن أن يقال : إنها بلغت مبلغ التواتر المعنوي . حيث تضافرت على تقرير هذه القاعدة : نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين وأئمة الهدى والدين . ولولا خشية الإطالة لبينت لك كل هذا بالتفصيل .
واستطيع أن أجمل أدلة هذه القاعدة بما يلي :
1- الأدلة الدالة على أن الحكم والتشريع لله وحده ؛ إذ لا يجوز إثبات حكم شرعي بغير الأدلة الشرعية التي جعلها الله طريقاً لمعرفة أحكامه وهذا أصل عظيم من أصول هذا الدين .
2- الأدلة الدالة على وجوب إتباع الوحي ، والعمل بالنصوص ، والاعتصام بالكتاب والسنة ، بل إن هذا مقتضى توحيد الله والإيمان به .
3- الأدلة الدالة على تحريم القول على الله بغير علم .
4- الأدلة الدالة على ذم الابتداع في الدين .
وإليك بعض الأدلة من صحيح السنة التي توضح المقصود من هذه القاعدة :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » ( متفق عليه ) وفي رواية لمسلم: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ».
- وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه قال- : " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي r يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدًا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا .
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " ( أخرجه البخاري )
- دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب ، فرآها لا تتكلم فقال : "ما لها لا تكلم ؟ " قالوا : حجَّت مصمته . قال لها : " تكلمي ، فإن هذا لا يحل ، هذا من عمل الجاهلية " فتكلمت فقالت : من أنت ؟ قال : " امرؤ من المهاجرين " قالت : أي المهاجرين ؟ قال : " من قريش" قالت : من أي قريش أنت ؟ قال: "إنك لسؤول ، أنا أبو بكر " ( أخرجه البخاري )
معنى قوله رضي الله عنه : "من عمل الجاهلية " أي مما انفرد به أهل الجاهلية ، ولم يشرع في الإسلام .
وأخيرا أقول : هل بعد هذا البيان ما زلت مصراً على أن : قاعدة : ( الأصل في العبادات المنع والحظر إلا ما جاء به الشارع ) جملة لا معنى لها ، وأنها خطأ قاتل شنيع . ؟؟

يتبع إن شاء الله

[/align]

رد مع اقتباس