عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 01-24-2012, 12:07 AM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : هداني الله وإياك .. ألم أقل من قبل إن نبذ الشرك يعني : تركه قلباً وقالباً ؟
أقول : نعم قلتَ أن نبذ الشرك يعني : تركه قلباً وقالباً . وقولك هذا بعد أن سألتك عن كيفية نبذ الشرك . ولكنك لم تشترط على من نبذ الشرك أن يعتقد أن من لم ينبذه مشرك كافر . وهذا هو وجه التناقض .

قولك : ثم انظر في أي مقام قلت تلك الكلمة ، أي : " يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً "
قلتها في معرض كلامي عن التكفير .. يعني نحن نتكلم عن مسلم موحّد ،

أقول : يا أبا شعيب : لم نكن نتكلم عن المسلم الموحد . أنا لم أسألك عن المسلم الموحد ، أنا سألتك كيف يحقق العبد الإسلام . كنا نتكلم عن الحد الأدنى للكفر بالطاغوت . كنا نتكلم عن كيفية الكفر بالطاغوت التي يجب أن يحققها العبد الذي يريد أن يدخل الإسلام .
أنا سألتك عن المطلوب اعتقاده من الذي يريد أن يدخل الإسلام ، في من لم يفعل مثله ، ليحقق الكفر بالطاغوت : فأجبتني :
" يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً "
ألم تقلها في معرض كلامك عن الحد ألأدنى المطلوب من العبد ليحقق الكفر بالطاغوت ؟
وكان يجب عليك أن تضيف إلى ما قلته : ويجب أن يعتقد بمخالفه ، أنه بعدم تركه عبادة الله مشرك كافر غير مسلم ، لأنه يعلم أنه يجب عليه أن يترك عبادة الطاغوت حتى يدخل دين الإسلام أو حتى يعد من المسلمين .
فعلى حسب كلامك الأول : يكفي للكفر بالطاغوت : أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . فأخرجت منه تكفير الطاغوت ، واعتقاد أن من عبده ليس مسلماًٍ ولا موحداً بل مشركاً بالله مؤمنا بالطاغوت .
لهذا سألتك عن من فهم من كلامك أن الكفر بالطاغوت يتحقق إن اعتقد أن فعله باطل وضلال لا يرضاه الله وأبغض الفعل وأبغض فاعله لفعله للشرك .
فكان جوابك : أنه مجنون مختل عقلياً .
نعم اشترط على من يريد دخول الإسلام أن يترك الشرك قلباً وقالباً . ولكنك لم تشترط له حتى يحقق الكفر بالطاغوت : أن يعتقد أن من لم يترك الشرك قلباً وقالباً ليس بمسلم ولا موحد بل مشرك بالله مؤمن بالطاغوت . واكتفيت منه بأن يعتقد في المخالف : أن فعله باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك .
هل وضح تناقضك . وخطأ جوابك بمقدار الحد الأدنى للكفر بالطاغوت . ؟
وهذا الخطأ أيضا وقعت فيه أكثر من مرة في كلامك وسوف أبينه لك في محله .
فأثبت على قولك : أن العبد لا يدخل الإسلام ولا يسمى موحداً : حتى يترك الشرك قلباً وقالباًَ . فهذا كلام صحيح ولكنك لم تفرض على من فهمه والتزم به أن يطبقه على المخالف .
فمثلا : لا تشترط لمن ترك الشرك قلباً وقالباً أن يعتقد أن من لم يتركه قلباً وقالباً مشرك كافر لم يدخل الإسلام .
مع أن ترك الشرك قلباً وقالباً من معنى الكفر بالطاغوت . وأنت تقر بذلك .
ولو فهمت ما معنى هذا الشرط لفرضت على من يحققه أن يعرف حكم من لا يحققه. ولحكمت على من لا يشرطه ، ويَعد من فعل الشرك الأكبر موحداً مسلما ويعذره بالجهل أو التأويل ، بأنه لم يفهم بعد كيفية الكفر بالطاغوت ، ولم يفهم أن فعل الشرك الأكبر هو إيمان بالطاغوت يناقض الكفر بالطاغوت . فمن آمن بالطاغوت لم يكفر به وبالتالي لم يحقق الشرط الأول لدخوله الإسلام ، فكيف نحكم عليه بدخوله الإسلام ثم بعد ذلك نبحث هل بشركه هذا تحققت الشروط وانتفت الموانع لخروجه من الدين .؟ فهو لم يدخل الدين بعد . فلو كنا نعرف كيف يتحقق دخول دين الإسلام ، لما حكمنا على من اعتقد الشرك الأكبر جهلاً بالإسلام وبدأنا نبحث عن تحقق شروط وانتفاء موانع لتكفيره .

قولك : وقد ذكرت قبل هذه الكلمة قولي فيُؤمر العبد أن يوحد الله - سبحانه وتعالى - في عبادته ، ولا يُشرك به شيئاً في أيّ من العبادات ، وينبذ عبادة ما سواه ، ويعتقد بطلانها ، والأدلة على ذلك متظافرة متظاهرة ، ويعلمها الجميع ، ويتفق عليها جميع المسلمين ، فلا أظن أنني أحتاج إلى إيرادها تجنباً للإطالة .
أقول : نعم ذكرتَ أنه يؤمر بتوحيد الله وينبذ عبادة ما سواه ويعتقد بطلانها ، ولكنك لم تذكر وأن يعتقد أن من وحد الله ولم ينبذ عبادة ما سواه ويعتقد بطلانها لم يدخل الإسلام وأنه ليس مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت .
تفرض على من يريد أن يدخل الإسلام أشياء ولا تفرض عليه أن يعتقد أو يعرف حكم من يخالفها ويأتي بعكسها .
فمن عرف أنه يجب عليه ترك الشرك حتى يصبح مسلما ، يعرف أن من لم يتركه لم يدخل الإسلام . فإذا ترك الشرك وحكم على من لم يتركه بالإسلام لم يعرف أن تركه للشرك شرط صحة لدخوله الإسلام .
ومن حكم على من ترك الشرك بعدم دخوله للإسلام فقد حكم عليه بالشرك والكفر ، وأن كنت تخاف من كلمة كافر . فقل مشرك أو قل غير مسلم أو ليس في دين الإسلام . فلا داعي إذن أن نقحم مسألة أن تكفير المشرك الشرك الأكبر حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية يعوز من تصدى له إلى أدلة قطعية من القرآن والسنة . ويحتاج لإقامة حجة . أما إن كنت تقصد من التكفير ، تكفير من ثبت إسلامه بيقين؟ فنعم. فهذا هو الذي يحتاج لإثبات خروج صاحبه من تحقق شروط وانتفاء موانع .
وكذلك إن كنت تقصد التكفير المعذب عليه ؟ فنعم . فهذا هو من يحتاج لإقامة حجة لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فإذا عرفنا هذا نعرف المقصود من كلام العلماء بأنهم لا يكفرون من عبد غير الله حتى يقيموا عليه الحجة . فليس مقصودهم أننا لا نحكم على من عبد غير الله بالكفر ونحكم عليه بالإسلام حتى نقيم عليه الحجة . لأن من عبد غير الله ليس موحداً ولا مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت .

قولك : وعندما أتيت على مسألة التكفير ، قلت : فأقول في التكفير إنه حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية ، يعوز من يتصدى له أدلة قطعية من القرآن والسنة ، ولا يُحكم فيه بمجرد العقل . ومن جهل الأدلة الشرعية (أي : ممن دخل الإسلام) ، يكفيه أن يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك ، فيكون بذلك هذا الجاهل مسلماً .
قولك : يعني : من حقق التوحيد ، يكفيه من التكفير ذلك !!
فأين التناقض في كلامي ؟؟

أقول : نحن لم نكن نتكلم على من دخل الإسلام يقينا ماذا يجب عليه في مسألة التكفير . فهذه مسألة أخرى ليست موضوع بحثنا هنا . نحن كنا نتكلم عن ما يجب على من يريد أن يدخل الإسلام ويحقق أصل الدين أن يعتقده في المخالف له .
موضوع بحثنا الحد الأدنى الذي يجب أن يتوفر في من يريد أن يدخل الإسلام .
التناقض أنك لم تفرض ولم تشترط على من وصفته أنه حقق التوحيد أن يعتقد بمن لم يحققه أنه لم يحققه وأنه غير مسلم وأنه لم يكفر بالطاغوت حتى يحقق التوحيد .
فأنت مع أنك فسرت الكفر بالطاغوت أنه ترك عبادته لم تشترط على الشخص حتى يحقق التوحيد أن يعتقد أن من لم يترك عبادته لم يحقق التوحيد . ثم تقول نحن نتكلم عن الذي حقق التوحيد ودخل في دين الإسلام ماذا يجب عليه في مسألة التكفير . كيف حقق التوحيد وهو لا يعرف أن من لم يحققه ليس مسلما ولا موحدا .
كيف حقق التوحيد وهو يحكم على من لم يحققه وعبد الطاغوت أنه مسلم واشترط لتكفيره قيام الحجة .؟ أسأل الله العظيم أن يتضح لك التناقض في كلامك .

قولك : وأنت الذي تقول :
وإذا سَألنا : ما حكمي إذا أعلنت إسلامي وانتميت لدين الإسلام ولكني بقيت على شركي وأنا أعتقد بطلانه وأنبذه وأبغض نفسي لفعلها هذا الشرك ؟
وأنا قلت من قبل إنه لا يدخل المرء في الإسلام حتى يوحد الله في عبادته ويترك الشرك !! أين التناقض ؟

أقول : ما دمت لم تفرض عليه حتى يكفر بالطاغوت أن يعتقد كفر الطاغوت وكفر من يعبده لأنه لم يترك عبادته . وأن يعتقد أن من لم يترك عبادته فليس مسلماً موحداً ، فهو سيفهم من كلامك هذا أنه لا يُشترط به حتى يدخل دين الإسلام أن يترك عبادة الطاغوت وأن يعتقد بأن الطاغوت كافر وأن من لم يترك عبادته ليس مسلماً ، فطبق ذلك على نفسه ، وظن أن الحد الأدنى للكفر بالطاغوت هو اعتقاد أن الطاغوت ضال مضل وأن من يعبده ضال مضل ويبغضهم لفعلهم فقط وليس لذواتهم . فما دام لم يفهم أن الطاغوت كافر بل مسلماً ما دام يدعي الإسلام وأن عابد الطاغوت ليس كافراً وانه مسلم ما دام يدعي انتمائه للإسلام ، فسوف يعتقد أنه لو لم يترك عبادة الطاغوت ويحكم بكفره وكفر من يعبده وحكم بإسلامهم لا يمنع هذا دخوله لدين الإسلام شيئاً .
فإن قلت له : يجب عليك حتى تدخل الإسلام أن تترك عبادة الطاغوت ؟
فسوف يقول لك لماذا تشترط هذا علي ، ولا تشترطه على من تحكم عليهم بالإسلام وهم لم يتركوا عبادة الطاغوت ولم يتركوا الشرك .؟

قولك : أنت تفسر كلامي وتقول :
أنت فسرت نبذ الشرك والمشرك والكفر بكل معبود سوى الله بأن : يعتقد أن فعل الشرك باطل وضلال ولا يرضاه الله ، ويبغض هذا الفعل ويبغض فاعله لفعله للشرك . وحكمت على من يفعل ذلك بأنه مسلم جاهل .
مع أنك سألتني قبل هذا وقلت : وما المقصود بنبذ عبادة ما سواه ؟
وقد أجبتك جواباً واضحاً مختصراً ، فقلت : يعني تركها قلباً (بما يقتضي حتماً اعتقاد بطلانها) وقالباً (بما يقتضي ترك مظاهر العبادة)
فكيف تتهمني بعد كل هذا أنني فسرت نبذ الشرك بالاعتقاد لبطلان الشرك فقط ؟؟ أليس هذا من الحيف والضيم ؟
الإنصاف عزيز يا أخي ، جعلنا الله وإياك من المنصفين .

أقول : أنا لم اتهمك أنك فسرت نبذ الشرك بأنه اعتقاد لبطلان الشرك فقط . دقق في كلامي هداك الله .
أنا فقط حكمت على كلامك بالتناقض ، فأنت مع أنك فسرت نبذ الشرك الذي شرطته لدخول الإسلام ، بأنه تركه قلباً وقالباً ، جوزت الحكم بالإسلام على من لم يتركه قلباً وقالباً. ولم تشترط في صحة دخول الإسلام أن يعتقد من يريد دخول الإسلام كفر الطاغوت وشرك من يعبد الطاغوت . بل اكتفيت منه باعتقاد بطلان عملهم وتضليلهم لفعلهم ويبغضهم لفعلهم فقط وليس لذواتهم .
فهل لم أنصفك عندما قلتُ أنك متناقض .

قولك : الكفر بالطاغوت بيّنه الله تعالى في موضع آخر إذ قال : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } [الزمر : 17]
معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .

أقول : كيف بغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه . ؟
لماذا فسرت بغض فاعلها بأنه ليس بغض الفاعل لذاته أو لشخصه بل بغض لأنه فعل الفعل .؟ أليس من فعل الشرك مشرك بذاته وشخصه ؟
هل يفهم من لغة العرب أن المقصود من بغض المشرك هو بغضه لفعله فقط أما ذاته فلا تُبغض ولا يتبرأ منها ، بل تظل تُحب وتوالى ؟
وهل بغض الطاغوت والبراءة منه تعني بغض عمله والبراءة من عمله ، أما شخصه فهو حبيبنا وأخونا بالله وولي أمرنا . ؟
ألا يفهم من هذا الكلام أن من فعل الشرك الأكبر يجب أن نقول له لا تفهمنا خطأ نحن بريئون من عملك فقط ونبغضه أما أنت كشخص فأخونا في الله ولك منا كل الولاء والمحبة . ؟

قولك : معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .
أنت فسرت الكفر بالطاغوت هنا فقلت : معناه : اعتقاد بطلان عبادة غير الله تعالى ، وتركها ، وبغضها ، وبغض من يفعلها لأنه يفعلها ، لا لذاته أو لشخصه .

أقول : نفهم من كلامك هذا : أن معنى الكفر بالطاغوت الذي يجب أن يعلمه الذي سيدخل في الإسلام ويلتزم به عمليا هو :
- إعتقاد بطلان عبادته .
- تركها .
- بغضها .
- بغض من يفعلها لأنه يفعلها لا لذاته أو لشخصه .
أليس تعريفك هذا للكفر بالطاغوت ناقص . ؟
لنفترض أن تعريفك للطاغوت ليس ناقصاً ونحلله .
- لماذا يعتقد بطلان عبادة الطاغوت ؟ لأنها صرفت في غير محلها .
فما حكم من يطلب أو يقبل أن يُصرف له حق من حقوق الله الخاصة بالله ؟
أليس قد ادعى الألوهية .؟ وهل من يدعي الألوهية مسلم ؟
- لماذا يتركها ؟ لأنها شرك ، وعبادة لغير الله . فإذا لم يتركها ؟ ألا يحكم عليه بأنه مشرك بعينه ؟ ولقد قررت أنت نفسك " بأن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. لغة وعقلاً . "
- لماذا يبغضها ؟ لأنها شرك وليس لأنها معصية كباقي المعاصي . ولا يرضى عنها الله . لأنها من أعظم الظلم .
ولماذا لم تدخل بغض المشرك لذاته أيضا مع فعله ؟ أليس من فعل الشرك مشرك ، أليس من لم يترك الشرك كافر قد حاد الله ؟ لماذا أذن لا يبغض لذاته مع عمله ؟
ألم يقل الله سبحانه وتعالى : ) لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ ...(

والآن نأتي للنقوصات في تعريفك للكفر بالطاغوت :
- أين نصيب الطاغوت من هذا ؟
- ألا يجب أن يعتقد كفر الطاغوت ؟
قال تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ "
إذا كان من يقاتل في سبيله كفاراً فماذا سيكون حاله هو ؟
- ألا يجب أيضاً أن يعتقد شرك عابد الطاغوت وأنه غير مسلم .؟
وقد قلتَ سابقاً :" الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. لغة وعقلاً "
ففاعل الشرك مشرك .. هذه من الضرورات اللغوية والعقلية التي لا يماري فيها أحد .
لماذا لا تطبق ما قلته سابقاً هنا ؟
لماذا لم تقل والحكم على عابده بأنه مشرك لأنه فعل الشرك ؟ أليس هذا حسب قولك أنها من الضرورات اللغوية والعقلية التي لا يماري فيها أحد .
وما دام حكمه مشرك فيجب أن يبغض لذاته ولفعله . ليس فقط لفعله .
قال تعالى : ) لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ ...(
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت ، عدم التحاكم وعدم إرادة التحاكم إليه .؟
قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا "
متى أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ؟ أليس عندما أرادوا دخول الإسلام ؟
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم الإيمان به . ؟
قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ"
وصفة الإيمان به : تكون بصرف أي من أنواع النسك له أو إعطائه حق الحكم والتشريع ، أو طاعته في التحليل والتحريم .أو والتحاكم وإرادة التحاكم إليه .
قال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "
وقال تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم القتال في سبيله . ؟
قال تعالى : قال تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ "
- وكذلك ألا يعني الكفر بالطاغوت عدم موالاته والبراءة منه ومن معبوديه .
قال تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)
قال تعالى :  إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 
وروى أبو داود وغيره بسند صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه : « أقرأ قل يا أيها الكافرون  ، ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك ».
فهذا الحديث الشريف يدل على أن البراءة من الشرك معناها : الاعتقاد والتصريح عند القدرة ، لمن يعبد غير الله بأنهم كفَّار لا يعبدون ما يعبدون ، ولا هم يعبدون ما يعبد هم وأن دينهم غير دينهم . هذا هو معنى البراءة من الشرك بتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهكذا يجب أن نفهم قوله تعالى : ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي )
وكذلك قوله تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )
قولك : أما قول إبراهيم - عليه السلام - في البراءة .. فهي براءة منهم في فعلهم ، يعني : هو بريء منهم في شركهم وكفرهم .
قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]
وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54]
وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]

أقول :إذا حكمنا عليهم بأنهم مشركون كفار فيجب أيضاً أن نتبرأ من ذواتهم .
وقوله تعالى : " إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ " ليس فقط من فعلهم بل من ذواتهم وأشخاصهم أيضا ً .
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية :
" يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه} أي وأتباعه الذين آمنوا معه {إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم} أي تبرأنا منكم {ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم} أي بدينكم وطريقكم {وبدا بيننا وبينكم, العداوة والبغضاء أبداً} يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الاَن بيننا وبينكم, مادمتم على كفركم فنحن أبداً نتبرأ منكم ونبغضكم {حتى تؤمنوا بالله وحده} أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد"
انظر كيف يفسر ابن كثير قوله تعالى " إنا برآء منكم " أي تبرأنا منكم ، (نتبرأ منكم ونبغضكم ) . ولم يقل من عملكم فقط أما ذواتكم وأشخاصكم فلا نتبرأ منها .

وجاء في تفسير الطبري :
وقوله : " إذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إنّا بُرآءُ مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ " يقول: حين قالوا لقومهم الذين كفروا بالله ، وعبدوا الطاغوت: أيها القوم إنا برآء منكم ، ومن الذين تعبدون من دون الله من الاَلهة والأنداد.
وقوله: كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ العَدَوَاةُ والبَغْضَاءُ أبَدا حتى تُؤمِنُوا باللّهِ وَحْدَهُ يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة: كفرنا بكم ، أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم وما تعبدون من دون الله أن تكون حقا, وظهر بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا على كفركم بالله, وعبادتكم ما سواه, ولا صلح بيننا ولا هوادة, حتى تؤمنوا بالله وحده, يقول: حتى تصدّقوا بالله وحده, فتوحدوه, وتفردوه بالعبادة."اهـ
أقول : هل فسر الإمام الطبري " إنا برآء منكم " إنا برآء من أعمالكم ، أما ذواتكم وأشخاصكم ، فلا ؟
ثم هل البراءة مما يعبدونه من طواغيت هو البراءة من فعلهم ، أما ذواتهم وأشخاصهم فلا ؟
ألا يدل تفسير الطبري لهذه الآية أنهم كفَّروا مخاطبهم ممن يعبد غير الله ؟
ثم هم وصفوهم في نهاية الآية أنهم لم يؤمنوا بالله وحده . أليس هذا حكماً على أشخاصهم وذواتهم ؟

وجاء في تفسير القرطبي : "كفرنا بكم" أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل: أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق . "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم "حتى تؤمنوا بالله وحده" فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة "أهـ
أقول : انظر كيف وصفهم بأنهم ليسوا على حق ثم قال " ما دمتم على كفركم " ثم
بين أنهم لم يؤمنوا بالله وحده . أي مشركين كفره .
هل في كلام القرطبي : أن المقصود من قوله تعالى : " كفرنا بكم " أي كفرنا بما أمنتم به ولم نكفر بكم وبذواتكم ، أو كفرنا بأفعالكم وأنكرنا أن تكونوا على الحق بفعلكم أما ذواتكم فلم نكفر بها ولم نكذبها . وعندما تنتهوا من أفعالكم فأنتم وذواتكم على حق .؟
أقول لك يا أبا شعيب أتحداك أن تأتي بتفسير واحد معتبر يقول قولك : يقول : معنى :" كفرنا بكم " أي كفرنا بأفعالكم وأعمالكم أما ذواتكم فلا . أو يفسر قوله تعالى " برآء منكم " أي برآء من أفعالكم وليس من ذواتكم وأشخاصكم .
هذا ولا يقصد البتة من فسر قوله تعالى " كفرنا بكم " كفرنا بأعمالكم وأفعالكم . فقط كفرنا بأعمالكم وأفعالكم ولم نكفر ونتبرأ من أشخاصكم .
والدليل على ذلك سياق كلامهم .
والعداوة والبغضاء ممن ستكون يا أبا شعيب ؟

قولك : قال تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [يونس : 41]
أقول : استشهادك بهذه الآية على أن البراءة منهم المقصود منها البراءة من أعمالهم فقط أما ذواتهم وأشخاصهم ، فلا ، استشهاد غير موفق .
لنقرأ سباق هذه الآية .
قال تعالى : " بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ " (يونس :39-41)
أقول : ألم يصفهم بالظالمين ، ألم يصفهم بالمفسدين . هل من وصفه هكذا ،ويكذب بما جاء به الرسول ، يُتبرأ فقط من عمله ولا يتبرأ من ذاته وشخصه ؟
ثم انظر لتفسير ابن كثير لهذه الآية : يقول ابن كثير :
" يقول تعالى لنبيه وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم ( فقل لي عملي ولكم عملكم ) كقوله تعالى ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) إلى آخرها وقال إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين ( إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله ) الآية " أهـ
أقول : انتبه لقوله : " هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم "
ثم انتبه بعد ذلك بأي ألآيات شبهها . بـسورة ( الكافرون ) وبـقول إبراهيم عليه السلام وأتباعه لقومهم .
ألا يدل كلام ابن كثير هذا على خطأ ما جئتَ به ، وأن البراءة من المشركين تكون من عملهم وذواتهم وليس من عملهم فقط ؟
وهل أحد من المفسرين اشترط البراءة من ذواتهم وأشخاصهم قيام الحجة عليهم ؟
قولك : وقال أيضاً : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }[هود : 54)
أقول : استشهادك بهذه الآية على أن البراءة منهم المقصود منها البراءة من أعمالهم فقط أما ذواتهم وأشخاصهم ، فلا ، استشهاد غير موفق . بل هو دليل عليك لا لك . لنقرأ سباق وسياق الآيات .
قال تعالى: "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ . قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ . إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ " (هود :52- 55)
أقول : ليس البراءة في الآية البراءة من أعمالهم بل البراءة من معبوداتهم
انظر تفسير ابن كثير لهذه الآية : قال ابن كثير :
" {قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه} يقول: إني بريء من جميع الأنداد والأصنام " أهـ
ثم انظر كيف يصفهم بأنهم مجرمون وأنهم ليسوا بمؤمنين لنبيهم .

قولك : " وأيضاً : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء : 216]
أقول :وهذه الآية أيضا ليست دليلاً لك على قولك .
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : " يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له, ومخبراً أن من أشرك به عذبه. ثم قال تعالى آمراً لرسوله صلى الله عليه وسلمأن ينذر عشيرته الأقربين, أي الأدنين إليه, وأنه لا يخلص أحداً منهم إلا إيمانه بربه عز وجل, وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين, ومن عصاه من خلق الله كائناً من كان فليتبرأ منه, ولهذا قال تعالى: {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} "
أقول : وحتى لو افترضنا أن كل المفسرين فسر قوله تعالى " إنا برآء منكم " يعني
برآء من أعمالكم ، لا يعني ذلك أن معناها أن لا نتبرأ من ذواتهم وأشخاصكم .
فكيف وأن في النص وفي كلام المفسرين ما يدل على أنهم تبرؤا من ذواتهم وأشخاصهم.؟
وأنا أعيد هنا وأكرر أتحداك يا أبا شعيب أن تأتي بقول مفسر واحد قال في تفسير هذه الآية : أن المقصود البراءة من أفعالهم وليس من ذواتهم وأشخاصهم كما قلت أنت .

قولك : وتعني أيضاً : براءة من ذواتهم وأشخاصهم بعد إقامة الحجة عليهم وإظهارهم العداوة لدين الله .. من جنس قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]
وقوله تعالى : { قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [هود : 46]

أقول : لماذا شرطت إقامة الحجة عليهم للبراءة من ذواتهم وأنت تحكم عليهم بأنهم كفار مشركين ولا تعذرهم بجهلهم ؟
ثم ما هذه الحجة التي تريد أن تقيمها عليهم ؟ ولماذا تريد أن تقيمها ؟ وأنت حكمت عليهم بالشرك والكفر ولم تعذرهم بالجهل ولم تشترط إقامة الحجة عليهم بهذا .
إقامة الحجة لأجل الحكم على الفاعل ولأجل أن لا يكون له عذر عند الله ، فما دمت حكمت على الفاعل فيجب عليك أن تتبرأ منه لذاته .
أما استشهادك بإبراهيم عليه السلام وأبيه فأقول : المسألة كانت في الاستغفار له بعد مماته . والمقصود من قوله : " تبرأ منه " أي ترك الدعاء له والأسغفار له بعد موته . وليس لها علاقة بإقامة الحجة أو عدمها . فليس المقصود منها أنه كان لا يتبرأ من ذاته وشخصه ولما أقام عليه الحجة ورفض ، تبرأ من ذاته بعدما كان قد تبرأ من فعله .
واقرأ الآية التي قبلها ستعرف عن أي شي تتحدث .
قال تعالى : " مَا كَانَ لِلنّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوَاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوَاْ أُوْلِي قُرْبَىَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاّ عَن مّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ أَنّهُ عَدُوّ للّهِ تَبَرّأَ مِنْهُ إِنّ إِبْرَاهِيمَ لأوّاهٌ حَلِيمٌ "
جاء في تفسير القرطبي :
" فنزلت: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه". والمعنى: لا حجة لكم أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم الخليل عليه السلام لأبيه فإن ذلك لم يكن إلا عن عدة. وقال ابن عباس: كان أبو إبراهيم وعد إبراهيم الخليل أن يؤمن بالله ويخلع الأنداد فلما مات على الكفر علم أنه عدو الله فترك الدعاء له "
وجاء في تفسير ابن كثير : " وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الاَية, أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عز وجل عن ذلك, فقال «إن إبراهيم خليل الله قد استغفر لأبيه» فأنزل الله {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة عدها إياه} الاَية .
وقال قتادة في الاَية: ذكر لنا أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: قالوا: يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم أفلا نستغفر لهم ؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم «بلى والله إني لأستغفر لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه» فأنزل الله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} حتى بلغ قوله {الجحيم} ثم عذر الله تعالى إبراهيم عليه السلام, فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} الاَية .
قال ابن عباس: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, وفي رواية لما مات تبين له أنه عدو لله, وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم رحمهم الله

وجاء في تفسير الطبري :" يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين إمنوا به أن يستغفروا, يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين, ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى, ذوي قرابة لهم. مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُمْ أنّهُمْ أصحَابُ الجَحِيمِ يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك, فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.." أهـ
أما أية ( هود 46 ) التي استشهدت بها على قولك ، فلا أدري ما وجه الاستدلال بها ، وما علاقتها بإقامة الحجة أو عدمها . ألم يكن نوح عليه السلام قد أقام على ابنه الحجة قبل سؤاله الله أن ينقذ ابنه ؟. وهل بسؤاله الله أن لا يهلك ابنه بالطوفان يدل على عدم تبره من شخصه ؟

قولك : قولك : أما قوله : كفرنا بكم .. فهو يعني : كفرنا بشرككم وكفركم .
قال الطبري في تفسيره : وقوله : { كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } : يقول - جلّ ثناؤه - مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة : كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا ، وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا على كفركم بالله ، وعبادتكم ما سواه ، ولا صلح بيننا ولا هوادة ، حتى تؤمنوا بالله وحده ، يقول : حتى تصدّقوا بالله وحده ، فتوحدوه ، وتفردوه بالعبادة
وبنحو ذلك قال المفسرون ، كابن كثير وغيره ."

أقول : وحتى لو افترضنا أن كل المفسرين فسر قوله تعالى " كفرنا بكم " يعني
يعني : كفرنا بشرككم وكفركم ، لا يعني ذلك أن معناها أن لا نتبرأ من ذواتهم وأشخاصكم .
فكيف وأن في النص وفي كلام المفسرين ما يدل على أنهم تبرؤا من ذواتهم وأشخاصهم.؟
وهل جحودهم لما يعبدون من دون الله ، رداً للعمل فقط ؟ أم رداً للمعبود أيضاً ؟
وأنظر إلى تفسير القرطبي : "كفرنا بكم" أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل: أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق . "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم "حتى تؤمنوا بالله وحده" فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة "أهـ

قولك : هل لنا أن نرجئ الحوار في ذلك حتى ننتهي من ضبط أصل الدين ؟ لأن هذا سيشعب الحوار ويدخلنا في متاهات لن نخرج منها .
وما كان ذكري للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وخطئه في إدراج تكفير الكافر في أصل الدين ، إلا عارضاً .. ولم يكن ركيزة من ركائز الحوار .. فانتبه لذلك ، هداني الله وإياك .
وقد اتفقنا - حتى هذه اللحظة - أن نترك قول العلماء جانباً ، فلنلتزم بذلك .

أقول : لك ذلك ، ولو لم تذكره ما سألتك عنه .وأنا أيضا سألتك سؤال عارض وليس في نيتي الدخول في الموضوع الآن وإنما لأذكر أن كلامك هذا يدل على أن محمد بن عبد الوهاب وعلماء نجحد لم يفهموا كلمة أصل الدين لأنهم أدخلوا فيه ما ليس منه .

قولك : طيب ، ما دمت تعتقد أن كلامي فيهم غير صحيح ، فلك ذلك .. فهذا لا يؤثر في مسألتنا .
ما نريده في هذا الموضوع هو الحديث عن أصل الدين وضبطه بأدلة القرآن والسنة

أقول : وكلامي هذا كلام عارض لأنك ذكرتهم . فلا بد أن أقول ما أعرفه عنهم .

للموضوع تتمة

رد مع اقتباس