[العباس]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كل عمل في أي مؤسسة من المؤسسات فيه تطبيق لغير شرع الله غير جائز وينطبق عليه قول الله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) (هُمُ الظَّالِمُونَ) (هُمُ الْفَاسِقُونَ )
وينطبق عليه قوله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (النساء : 65)
وينطبق عليه قوله تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ( يوسف :40) وغيرها .
فمن يطبق غير شرع الله في أي مكان كان تنطبق عليه هذه الآيات ويطوله حكمها .
بناءا على ذلك فلا يجوز العمل بأي مؤسسة تشريعية تشرع مع الله وكذلك لا يجوز العمل بأية مؤسسة قضائية تحكم بغير شرع الله وكذلك لا يجوز العمل بأي مؤسسة تنفذ أحكام تخالف شرع الله . فمن يعمل بمثل هذه المؤسسات معيناً على تنفيذ قوانينها المخالفة لشرع الله فحكمه حكم الطاغوت وأعوانه وجنده .
أما المؤسسات التابعة للطاغوت والتي هي مؤسسات خدماتية لخدمة أفراد المجتمع مثل وزارة الصحة ووزارة الزراعة والصناعة وما شابه ومثل المصانع التابعة لدولة الطاغوت فهذه العمل فيها يكون حسب نوعية العمل والقوانين التي تُلزِم العامل ، فإذا كان العامل فيها يستطيع أن يطبق شرع الله ولا يطبق أو يلتزم بما يخالفه فالعمل في مثل هذه المؤسسات جائز شرعاً .
أما عن قوله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) (القصص :8 ) وتفسيرهم لكلمة (جنودهما) بكل من يعمل لدى الطاغوت ويخدمه من خلال مؤسساته.
أقول : منطوق الآية أن فرعون وهامان ( وزير فرعون ) وجنودهما كانوا خاطئين أي كافرين .
مفهوم الآية : أن كل مِن فرعون وأمثاله وهامان وأمثاله وجنودهما أي كل من يعاونهم على طاغوتيتهم فهو له نفس حكمهم . وليس معنى الآية أن كل من يعمل عند الطاغوت بشكل عام يأخذ حكمه ، بل مفهوم الآية أن كل من له صفة الجندي المعين له على طاغوتيته فهو له نفس حكمه وليس كل من يعينه الإعانة المطلقة له نفس حكمه .
فمن يحكم بغير شرع الله طاغوت ومن يعينه على تحكيم غير شرع الله هو جند له في طاغوتيته لهذا فهو له نفس حكمه .
لهذا قلت من يعمل بأي مؤسسة تشريعية تشرع مع الله أو بأي مؤسسة قضائية تحكم بغير شرع الله أو بأي مؤسسة تنفذ أحكام تخالف شرع الله . حكمه حكم الطاغوت وأعوانه . وينطبق عليه قوله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ )
أما من يعمل في مصنع لبن تابع للدولة مثلاً أو مؤسسة خدماتية تابعة للدولة ليس لها علاقة بالتشريع ولا بالقضاء ولا بالتنفيذ لغير شرع الله فلا ينطبق عليه هذا الوصف ولا تطوله الآية ولا يعد من جند الطاغوت إذا لم يطبق ما يخالف شرع الله .
والمدقق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يكون في آخر الزمان لأمراء ظلمة، ووزارء فسقة ، وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك الزمان منكم؛ فلا يكون لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا "
المنهي عنه هنا في الحديث هو أن لا يكون جابياً ولا عريفاً ولا شرطياً لأمير ظالم ولا وزير فاسق ولا قاضي خائن ولا فقيه كاذب . أي لا يعينهم على ظلمهم وفسقهم وخيانتهم وكذبهم . أي لا يشاركهم بظلمهم وفسقهم وخيانتهم وكذبهم .
الحديث فيه تحديد للمنهي عنه . ولا يجوز أن يستشهد به لتحريم مطلق التعامل مع الأمير الظالم والوزير الفاسق والقاضي الخائن والفقيه الكاذب . فإذا كان التعامل مع مثل هؤلاء ليس فيه مخالفة لشرع الله أي ليس فيه ظلم ولا فسق ولا خيانة ولا كذب أو ما شابه ذلك من مخالفة لشرع الله فهو غير منهي عنه .
كتبه : ضياء الدين القدسي