عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 11-19-2017, 11:44 AM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
الرد على مشاركة رقم #15 :

تقول :


[-- أقول : يعني يستطيع أن يقول لهم أي شي يبين فيه أنهم على باطل وكفى ، بدون أن يعرف ما هي درجة هذا الباطل .
مع كل شي يخالف الشريعة يسمى باطلاً . وكل شي خالف الصواب فهو باطل . وكل معصية باطل .
فما هي درجة الباطل الذي يجب أن يصفه به ؟ أم أن درجته وحكمه الشرعي غير مهم .؟
ولماذا كل هذا التعقيد وعدم الوضوح . فأنت اشترطت عليه ليدخل الإسلام أن يترك الشرك ، فمن الطبيعي والمنطقي والبديهي إذا علم ذلك أن يعلم أن من لم يترك الشرك لم يدخل الإسلام . فاقل ما فيه أن يصفه بأنه غير مسلم . وهذا أسهل عليه من أي شي آخر لا يعرف ما درجته وحدوده في الشرع . --]


نعم ، لا يلزمه معرفة درجة الباطل .. يكفي أن يعرف أن هذا الفعل من غير دين الإسلام ، ولا يرضاه الله ، وهو طاعة للشيطان .

نعم ، اشترطت عليه حتى يدخل الإسلام أن يترك الشرك على أنه مما لا يرضاه الله تعالى .. كما قال تعالى : { إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ } [الزمر : 7] وعلى أنه باطل .. كما قال تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62] .. وقوله : { قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [العنكبوت : 52]

ويكفيه هذا .

أما أن تقول لي من الطبيعي والمنطقي والبدهي .. هذا عندك وفي مفهوم العقل لا أكثر ، لا مفهوم الشرع .

فإن الأحكام الشرعية لا تتنزل على أصحابها حتى تتحقق فيهم الشروط وتنتفي عنهم الموانع .. وهذا الرجل لم يتصوّر المسألة جيداً لضعف عقله ، وسوء فهمه ، وظنه أن مثل هذه المسائل تحتاج إلى مشايخ يفتون فيها ، وهو ليس بشيخ ، فغابت عنه حقائق يعتقد بها ويؤمن بها ، ولو ذكّرناه بها لاستفاق من غفلته .

يعني يمكن أن يقول لك : هذا فعله باطل وحرام ولا يرضاه الله .. ويكتفي بذلك لقصور فهمه ولجهله .

وإن قلت له : ولكن ، هل يجوز صرف هذا لغير الله ؟ .. يقول لك قطعاً لا ، لذلك قلت إنه باطل .

تقول له : وهل هذا الحق هو لله تعالى لا لغيره ؟ .. يقول لك بالطبع .

تقول له : فهل صرفه لغيره شرك ؟ .. وهنا ينتبه ، ويقول لك نعم .

ثم تسأله : ما نوع هذا الشرك ؟ أكبر أم أصغر ؟ .. يقول لك : لا أدري .. لكنه شرك .

وأنا أكتفي منه بذلك حتى أحكم أنه على الإسلام .. بل لا أحتاج لكل هذا الحوار حتى يفصّل لي في حكم الباطل .. يكفي أن يعتقد أن هذا الفعل باطل ويجتنبه ويبغضه ويبغض فاعله لفعله ، حتى أحكم عليه بالإسلام .


===========

تقول :

[-- أقول : فإذا ظن أن وصفهم بالضلال كوصف أخوة يوسف لأبيهم بالضلال ، هل فهم ما هي درجة وصفهم بالضلال الذي وصفهم به بدون أدنى تفكير في حدوده ودرجته في الشرع ؟
ألا يجب عليه أن يعرف درجة هذا الضلال الذي وصفهم به ؟ --]


أحياناً تأتي بافتراضات هزلية لا تتفق مع ما قررته أنا سابقاً .

من ظن أن ضلاله في دينه كضلال أي شخص في مسائل الدنيا ، بمعنى : أن هذا الضلال لا يؤثر على دينه ولا عقيدته ، ولا يقدح في توحيده ، ولا يغضب الله منه ، بل ولا يحاسب عليه .. فهذا كافر ..

تقول لي لماذا ؟ أقول لك : لأنه أباح الشرك ، وجعله مما يرضاه الله تعالى .

تقول لي كيف ؟ .. أقول لك : مثله مثل رجل أحمق قال : واحد زائد واحد يساوي خمسة ..

هذا ضلال .. ولكن هل هو معصية ؟ .. هل يحاسبه الله عليها ؟ .. الجواب لا

فمن جعل الضلال في مسائل الدين كالضلال في مسائل الدنيا ، فهو كافر .

ولا أدري صراحة أنت كيف تضرب الأمثلة ، أهو لمجرد الاعتراض لا أكثر ؟؟

تقول :


[-- أقول : يعني هل يفسقهم ويضللهم وهو لا يعرف درجة ضلالهم وفسقهم مع أنه يراهم يعبدون غير الله . ؟ وحتى يفهم هذه الدرجة يحتاج لدليل شرعي زائد عن علمه عند دخوله الإسلام .؟
بما أنه لا يعلم درجة فسقهم وضلالهم فقد يساوي عملهم بأي ضلال وأي فسق في لغة العرب . --]


تم الجواب على ذلك في الأعلى .

[-- أقول : وهل أصبح التفسيق والتضليل على حسب مقصودك أو مقصود غيرك ؟
ثم كيف تريده أن يحكم على شي أنه غير حق وباطل دون دليل شرعي وبدون أن يعرف ما درجة بطلانه وعدم أحقيته .؟ --]


َبل حسب مقصودي لأنني أنا من يستعمله .. وقد بيّنت في أكثر من موضع ما أقصد بالتفسيق والتضليل ، وهو بيان أنهم على خلاف الحق .

أما كيف يعرف أنه باطل دون دليل شرعي ؟ .. فهو إن علم معنى العبادة ، علم الحق من الباطل ؛ ولا يحتاج ذلك إلى دليل شرعي .

وإن نحن انتهينا من بيان معنى العبادة ، ستعلم أنها تُعلم من لا إله إلا الله .


----------------

تقول :

[-- أقول : لم أفهم لماذا تعجبت . فأنت ألزمته لدخوله الإسلام بالحكم بالتضليل والتفسيق أو الحكم بالباطل بدون الحاجة لدليل شرعي مع أنها أحكام شرعية ، وعذرت من لم يكفره واشترط لتكفيره الدليل الشرعي وإقامة الحجة والتحقق من شروط وانتفاء موانع . أليس هذا تفريق بين التضليل والتفسيق والتكفير ؟ --]

الحكم بالباطل على فعل ما وفاعله هو من مفهوم لا إله إلا الله .. فإن كان لا يرى فعل فلان باطلاً ، فهو لا بد يراه حقاً .. وهذا هو غاية ما يلزمه من علم ، أن يعتقد أن هذا الفعل باطل ، وصاحبه مبطل في أمر فعله .

ولو عبّر عن هذا الباطل بـ الفسق ، أو الفجور ، أو الكفر ، أو المعصية .. فكل هذه كلمات مؤداها واحد وهو : بيان عدم رضاه بالباطل ، ومخالفته له .

فافهم ذلك ، هداني الله وإياك .

أنا لم أطلب منه أن يضبط المسألة بضوابطها الشرعية .. بل غاية ما طلبت منه أن يقول عن هذا الفعل إنه باطل وما يلزمه من اعتقاد أن صاحبه مبطل بفعله .. لا أكثر ولا أقل .. ولو قال إنه كافر ، أو فاسق ، أو عاص .. فكلها تنتدرج تحت مسمى الباطل ..

أما التفصيل الشرعي فأنا لا ألزمه به .

يعني لو قال كافر وهو لا علم شرعي مفصّل عنده ، ولا دليل عنده على تكفيره .. فهو آثم .. وإن كان فعل ذلك المشرك كفراً حقيقة في دين الله .. بل يكتفي أن يقول هو على باطل .

لكن قوله كافر .. يبيّن أيضاً أنه غير مقر بفعل المشرك ، وأنه يعتقد أن فعله باطل وحرام ولا يرضاه الله .. وهذا هو ما يُكتفى منه .

ومثل ذلك لو قال فاسق .. فإن لم يكن عنده دليل من شرع الله على تفسيقه .. فهو آثم . ويكفيه أن يقول : هو على باطل .

وهلم جراً في جميع الأسماء الشرعية التي تنبثق من أصل واحد وهو : الباطل .

فللأحكام الشرعية أصلان ، هما : الحق والباطل .

ويندرج تحت هذين الأصلين تفريعات كثيرة .. وهي مما لا ألزم الجهلة بها حتى يدخلوا الإسلام أو يبقوا في الإسلام ؛ بل أكتفي منهم بأن يعرفوا أن هذا حق ، وذاك باطل ..

أرجو أن يكون كلامي قد اتضح الآن .


----------------

[-- هل يجيز لك الشرع أن تصف أي عمل بالفسق والضلال وكونه باطل أو غير باطل بدون دليل شرعي ؟ --]

أما الضلال والباطل الذي بمعنى : خلاف الحق .. إن كان من مسائل التوحيد الأصيلة ، فيجب أن يعلمها ، وهي تُفهم من مجرد معنى الشهادتين .

أما ما يتفرع عن هذا المعنى من تكفير وتفسيق .. فهذا يأثم صاحبه إن لم يكن عنده الدليل الشرعي في إنزال هذه الأحكام الشرعية .


[-- هل تعذر بالجهل أو التأويل من لم يحكم بالباطل أو الفسق أو التضليل على من عبد غير الله . --]

إن لم يحكم عليه بالباطل في حدود فعله ؟ .. هو كافر .. لأن مستحسن للباطل ولا بد .

فإما أن يقول : فلان مبطل بفعله وفي فعله .. أو يقول هو محق ومحسن .. إما هذا أو ذاك .. فإن خالف فهو كافر .

أما إن أقر إنه على باطل بفعله ذاك ، ولم يكفره أو يفسقه .. مع إقراره ببطلان ما هو عليه .. فهذا لا يكفر حتى يُبيّن له ويفهم الحجة .


[-- هل تحكم بإسلام من سألته عن حكم من عبد غير الله فقال لك لا أعرف ؟ --]

يجب أن تفرّق بين الأحكام العامة التي مبناها الأفعال ، والأحكام الخاصة التي مبناها أحوال الأفراد .

فأنا أكفّر من إن سألته عن حكم من يعصي الله فقال : لا أدري .

أما لو قال لي : من يعصي الله فهو عاص .. أو على باطل .. فهذا يكفيني للحكم عليه بالإسلام .

ثم لو سألته : ما حكم فلان المعيّن الذي يعصي الله ؟ .. إن قال لي : لا أدري ، قد يكون معذوراً ولا نعلم عذره .. مع أنني أقر أنه على باطل بفعله للمعصية .. لكن الله أعلم بحاله وحكمه .. فهذا لا أكفره بل ولا أؤثمه إن لم يملك أسباب العلم الشرعي التي تخوله للحكم على الأفراد .

وكذلك الحال في سؤالك .

لو أجاب : من عبد غير الله فهو عابد لغير الله .. كحكم شرعي عام ، يقر به العقل واللغة والشرع .. فهذا لا شيء عليه .

لاحظ أنه يستعمل اسم الفاعل لبيان الفعل .. فإن قولنا : عابد .. هو بمعنى : يعبد .. كقول الله تعالى : { وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد } .. أي : يبسط ذراعيه .. وهذا لا يُخالف فيه إلا مجنون أو مختل عقلياً .. أو زنديق يقول بالتناقضات ويساوي بينها .. كمن يقول : من عبد غير الله فهو عابد لله .. فهذا لا يشك أحد في كفره ، لمساواته عبادة الله بعبادة غيره .. وقد ذكر ابن تيمية - رحمه الله - أن هذا قول طائفة من ملاحدة وزنادقة الفلاسفة ، الذين يقولون إن عبادة الأصنام هي عين عبادة الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

ولاحظ أيضاً أننا نتكلم الآن في الأحكام العامة .. لا الأحكام الخاصة .

أما عند الحكم على الأفراد المعيّنين ، مما يستلزم علماً زائداً على أصل التوحيد ، كعلم الشروط والموانع ، وعلم أن الشرك محبط للأعمال جميعها ، بحيث تكون بلا وزن عند الله .. فهذا لا ألزمه به حتى يكون مسلماً .


[-- فسألته هل هو على الحق أم على الباطل ؟ فقال لك لا أعرف لأنني لا استطيع أن أقيم عليه الحجة ، والحكم عليه يحتاج لتحقق شروط وانتفاء موانع وهذه تحتاج لعلم زائد لا اعرفه ، تحتاج لقضاء . ؟ --]

الآن أنت تتكلم عن الأحكام الخاصة .. وتستدل بالأحكام العامة على الخاصة ، وهذا باطل .. لأن للأحكام الخاصة أحوالاً واعتبارات لا تدخل في الأحكام العامة .

فقولنا : من قال القرآن مخلوق فهو كافر .. لا يتنزل على جميع القائلين به .. وأنت تعلم هذا جيداً .

أما إن قال : لا أعرف لأنني لا أستطيع أن اقيم عليه الحجة .. فهذا يتكلم عن معيّن .. فننظر في مقصده : هل يعني : إن فعله باطل ولكن لا يستطيع الحكم عليه كمعيّن ؟ أم أنه يعني إن فعل هذا المعيّن لا حق ولا باطل (ولا أدري كيف يكون هذا) .. فهذا إما مجنون أو زنديق يساوي بين الحق والباطل .. فيرى عبادة غير الله نفسها عبادة الله .. فهذا كافر حينها .

أما إن قال : هذا فعله باطل ، وهو بفعله على باطل ، وفي فعله هو مبطل .. ولكن الحكم الذي يغلب على الفرد لا يستطيع تحقيقه حتى يقيم عليه الحجة ، فيحكم بعدها عليه كمعيّن بأنه ضال أو مبطل أو كافر أو ما إلى ذلك .. كوصف عام لهذا المعيّن .. فهذا لا يكفر ولا يأثم حتى تقام عليه الحجة فيفهمها .


[-- هل يعرف التوحيد من لا يعرف الشرك الأكبر ؟ --]

لو كان لا يميّزه عن الحق .. فهذا كافر .

ولو كان يقول عنه إنه باطل .. فهذا مسلم .

================


[-- أقول : يا ألله ، ما هذا الكلام ؟
يعني لا فرق عندك بين كل هذه الأوصاف ( تفسيق ، تضليل ، تكفير ) ما دامت الغاية منها بيان الباطل ، وأي باطل مهما كانت درجته ؟
عجيب كلامك هذا يا أبا شعيب .!!!
هل كلامك هذا يستقيم من الناحية الشرعية ؟ إطلاق أحكام وأوصاف بدون ضوابط ، وبدون مراعاة لمعانيها في اللغة أو في الشرع . والمهم عندك هو القصد من قولها . --]


نحن كنا نتكلم عن الكيفية التي يعبّر بها المرء عن الباطل .. وهذا كل ما كنت أقصده ، وقد بيّنت هذه المسألة في الأعلى .

فإن كان يطلق ألفاظاً شرعية مفصلة ، دون دليل شرعي ، فهو آثم .. حتى لو أصاب فيه .

وإن كان يطلق أحد الحكمين : الحق أو الباطل (وهما أصلا الأحكام الشرعية).. على فعل ما ، وعلى صاحبه في حدود فعله .. واستقى هذا الحكم من كونه مسلماً موحداً ، فيعلم الحق من الباطل .. فهذا لا شيء عليه ، بل هو مأجور .

فأين العجب الآن من كلامي ؟

=============


تقول :

[-- أقول : أنا لا أخالف يا أبا شعيب أن هناك براءة من الفعل وبراءة من الفاعل . أما ما أخالفك فيه هو أنك جعلت البراءة ممن فَعل الشرك الأكبر وعبد غير الله ، براءة من فعله فقط ، وليس من ذاته وشخصه أيضاً حتى تقام عليه الحجة . ولم تأت بدليل واحد على ذلك . --]

انظر - هداني الله وإياك إلى الحق - :

نحن نتكلم عن البراءة التي هي من أصل الدين ، والتي لا يتحقق إسلام المرء إلا بها .. فما هي هذه البراءة ؟

اتفقنا على البراءة من الفعل .. فما هي البراءة من الفاعل ؟

هل ترى أن المسلم الذي يساكن المشركين ، ويضحك معهم ، ويرافقهم ، ويتعامل معهم ، ويزورهم ، ولكنه مبغض لدينهم ، ولا ينصرهم فيه ، ولا يقرهم عليه .. هل تراه حقق الحد الأدنى من البراءة التي يدخل بها الإسلام ؟

فما هي البراءة من الكافر التي تطلبها ؟؟ ..

لقد قلت سابقاً إنك تطلب منه أن يعلم أن الشرك ينقض التوحيد ..

فهل أفهم منه أنه يجب أن يقول : إن كل دين هذا الكافر باطل وكفر ، حتى ما صرفه لله من عبادة هو كفر وباطل ؟؟

أم يجب أن يقول : إن ما يفعله من كفر هو كفر ، وينقض ثواب توحيده لله .. فلا تكون عند الله شيئاً ؟

أما إن ما زلت منكراً لحقيقة أن الشرك أو الكفر في مسألة ، لا ينقض صحة التوحيد في مسألة أخرى (لاحظ أننا لا نتكلم عن الثواب ، بل نتكلم عن صحة الفعل لا أكثر) ، فأنت مناقض للعقل والشرع أيضاً .

فأما العقل فيقرر أنه يُمكن لمرء أن يخلص لله في فعل ما ، ويوحده فيه ، ولا يصرفه لغيره .. ولكنه في فعل آخر يشرك به .

والشرع يقرر ذلك أيضاً .. { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]

بل إن الله - تعالى - يجيب دعاء المشرك إن وجهه إليه وحده فيستجيب له ، ولو لم يثبه عليه ..

قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أحمد : ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كان كَافِراً فإنه ليس دُونَهَا حِجَابٌ )

قال القرطبي في تفسيره :

ضمن الله - تعالى - إجابة المضطر إذا دعاه ، وأخبر بذلك عن نفسه ، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجاء ينشأ عن الإخلاص وقطع القلب عما سواه ، وللإخلاص عنده - سبحانه - موقع وذمة وجد من مؤمن ، أو كافر طائع ، أو فاجر ؛ كما قال - تعالى - : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } . وقوله : { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم ، مع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم . وقال تعالى : { فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } . فيجيب المضطر لموضع اضطراره وإخلاصه . وفي الحديث : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده ) ذكره صاحب الشهاب ، وهو حديث صحيح . وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لمعاذ لما وجهه إلى أرض اليمن : ( واتق دعوة المظلوم ، فليس بينها وبين الله حجاب ) ، وفي كتاب الشهاب : ( اتقوا دعوة المظلوم ، فإنها تحمل على الغمام ، فيقول الله - تبارك وتعالى - : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) وهو صحيح أيضاً . وخرج الآجري من حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر ) ، فيجيب المظلوم لموضع إخلاصه بضرورته ، بمقتضى كرمه وإجابة لإخلاصه وإن كان كافراً ، وكذلك إن كان فاجراً في دينه ، ففجور الفاجر وكفر الكافر لا يعود منه نقص ولا وهن على مملكة سيده ، فلا يمنعه ما قضى للمضطر من إجابته


وقال الشوكاني في "فتح القدير" :
{ أمن يجيب المضطر إذا دعاه } : هذا استدلال منه - سبحانه - بحاجة الإنسان إليه على العموم . والمضطر اسم مفعول من الاضطرار ، وهو المكروب المجهود ، الذي لا حول له ولا قوة . وقيل هو المذنب ، وقيل هو الذي عراه ضر من فقر أو مرض ، فألجأه إلى التضرع إلى الله . واللام في المضطر للجنس لا للاستغراق ، فقد لا يجاب دعاء بعض المضطرين لمانع يمنع من ذلك ، بسبب يحدثه العبد يحول بينه وبين إجابة دعائه ، وإلا فقد ضمن الله - سبحانه - إجابة دعاء المضطر إذا دعاه ، وأخبر بذلك عن نفسه . والوجه في إجابة دعاء المضطر : أن ذلك الاضطرار الحاصل له يتسبب عنه الإخلاص وقطع النظر عما سوى الله ؛ وقد أخبر الله - سبحانه - بأنه يجيب دعاء المخلصين له الدين ، وإن كانوا كافرين ؛ فقال : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } وقال : { فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون } فأجابهم عند ضرورتهم وإخلاصهم ، مع علمه بأنهم سيعودون إلى شركهم . ويكشف السوء : أي الذي يسوء العبد من غير تعيين ، وقيل هو الضر ، وقيل هو الجور


فالكافر يحصل منه إخلاص ، وبهذا الإخلاص يستجيب الله لدعائه ..

فإن كان الأمر كما تقول ، من أن جميع عبادات الكفار التي صرفوها لله هي في حقيقتها للشيطان ، فلا معنى لاستجابة الله دعائهم وثوابهم على ذلك في الدنيا (دون الآخرة) ..

هل تراهم لو دعوا الشيطان في الفلك سينجيهم الله ؟؟ فلماذا أنجاهم إذ دعوه وحده لا شريك له ؟؟

فإن كان الأمر كذلك .. فما الذي تطلبه من المسلم الجاهل حينها ؟

أن يقول لك : إن الكافر الذي يدعو الله مخلصاً له الدين ، إنما هو يدعو الشيطان ؟؟

هذا ما تريد منه أن يقول ؟ .. وأنت ترى أن هذا مخالف للنصوص الشرعية وأقوال السلف .

يتبع إن شاء الله ..

رد مع اقتباس