عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 10-21-2017, 02:44 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:

تكملة الرد على مشاركة رقم 39
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في رسالته : كشف الشبهات :
ويقال أيضاً : إذا قال الله : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } [سورة الكوثر آية : 2] ، وأطعت الله ، ونحرت له ، هل هذا عبادة ؟ فلابد أن يقول : نعم ؛ فيقال له : فإذا ذبحت لمخلوق ، نبي أو ملك أو غيرهما ، هل أشركت في هذه العبادة ؟ فلا بد أن يقول : نعم ، إلا أن يكابر ويعاند . وكذلك السجود عبادة ، فلو سجد لغير الله لكان شركاً .
ومعلوم : أن الله - سبحانه وتعالى - ذكر في كتابه النهي عن دعاء غيره ، وتكاثرت نصوص القرآن على النهي عن ذلك ، أعظم مما ورد في النهي عن السجود لغير الله ، والذبح لغير الله .
فإذا كان من سجد لقبر نبي ، أو ملك ، أو عبد صالح ، لا يشك أحد في كفره ؛ وكذلك لو ذبح له القربان ، لم يشك أحد في كفره ؛ لأنه أشرك في عبادة الله غيره ؛ فيقال : السجود عبادة ، وذبح القربان عبادة ، والدعاء عبادة ؛ فما الفارق بين السجود والذبح ، وبين الدعاء ، إذ الكل عبادة ، والدعاء عبادة ؟ وما الدليل على أن السجود لغير الله ، والذبح لغير الله شرك أكبر ، والدعاء بما لا يقدر عليه إلا الله شرك أصغر ؟


أقول : الشيخ محمد بن عبد الوهاب يتكلم هنا عن سجود العبادة وليس عن سجود التحية . والدليل من قوله : "فإذا كان من سجد لقبر نبي ، أو ملك ، أو عبد صالح ، لا يشك أحد في كفره . "
فهو هنا يتحدث عن السجود للقبر والسجود لملك ، وهذه لا تكون إلا سجود عبادة . كالسجود للصنم أو للشمس أو للقمر .



قولك : " ملاحظة : أنا أتكلم عن السجود كأحد أنواع العبادة ، وليس المقصود بذلك حصر المسألة في السجود
فما يُقال في السجود وتحديد معنى العبادة فيه ، سيقال في جميع أنواع العبادة ، كما ذكر ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ."



أقول : فعل السجود يختلف عن العبادات التي لا يفهم من فعلها إلا أنها عبادة . لهذا لا يقاس كل عمل على السجود . وقد بينت لك أن كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في سجود العبادة ولم يقصد من كلمة السجود سجود التحية .
وأتحداك أن تأتي بكلام له يقول فيه : أن سجود التحية لغير الله عبادة وشرك .


قولك : كيف يُعلم أن فلان سجد سجود عبادة ، وفلان سجد سجود تشريف ؟ ما الفرق بينهما والفعل واحد ؟ خاصة وأنه في شريعة الإسلام تمّ نسخ سجود التشريف ، وجُعل السجود بكلا نوعيه لله وحده ، لا يشركه فيه أحد .



أقول : لقد قلت لك سابقاً أن الأفعال المحتملة كالسجود ينظر عند الحكم على فاعلها للقرائن ونية الفاعل وقصده .
نعم ، الفعل واحد ، ولكن لأن الفعل له أكثر من معنى ، لا يحكم على فاعله بدون معرفة القرائن أو النية .
مثاله : فعل إزهاق الروح ( القتل ) ، هو فعل واحد ولكن لأن له أكثر من معنى ، ينظر للقرائن أو النية . فقد يكون قتلاًَ بالباطل وقد يكون جهاداً في سبيل الله .
وكذلك فعل الوطء . فقد يكون زناً وقد يكون مشروعاً وقد يكون عبادة لله .
أما عن نسخ جواز السجود لغير الله سجود تحية ، فهو كأي نسخن لأمر كان جائزاً فحرم . فمن يفعله بعد ذلك يكون مرتكباً لحرام كأي معصية من المعاصي ولا يقال أنه بفعله قد عبد غير الله وأشرك به .
أما عن قولك : " وجُعل السجود بكلا نوعيه لله وحده ، لا يشركه فيه أحد ." فقد أجبتك عنه سابقاً.



قولك : هل أفهم من كلامك أنك تشترط في أفعال العبادة أن تُعلم نية الفاعل حتى نحكم عليه بالشرك ؟
يعني من ذبح لغير الله ، وقال : باسم فلان .. وهو يقصد بذلك التشريف والتكريم ، لا العبادة .. هل تقول عنه لا أكفره حتى أعلم نيته ؟
ومن نذر لغير الله بنية التشريف ، هل تقول إنه يجب أن تعلم نيته أولاً حتى تحكم عليه بالشرك ؟




أقول : لا ، إذا فهمت من كلامي هذا فأنت لم تفهم كلامي .
أنا لم أشترط في كل الأفعال حتى تكون عبادة لغير الله نية الفاعل . أقرأ كلامي جيداً .
ما قلته هو : أن أي فعل من الأفعال حتى ولو كان ليس من أفعال العبادة إذا صرف لغير الله بنية العبادة يكفر صاحبه ، ويعد من المشركين .
فمثلاً : أكل التفاح مشروع . فمن فعله بنية العبادة لغير الله فقد أشرك . فمن عرف عنه ذلك ولم يكفره وحكم عليه بالتوحيد لأن أكل التفاح مشروع ، لم يفهم معنى الشهادة .. ولم يفهم أن العبادة كما تكون بالعمل تكون بالنية .



قولك :
يعني من ذبح لغير الله ، وقال : باسم فلان .. وهو يقصد بذلك التشريف والتكريم ، لا العبادة .. هل تقول عنه لا أكفره حتى أعلم نيته ؟


أقول : الذبح لغة : الشق .فأصل الذبح شق حلق الحيوانات .
ذبح العبادة : هو إراقة الدماء على وجه التقرب والتعظيم ، أما كلمة الذبح فقط ، فهي إراقة الدماء .
ويكون الذبح لغير الله شركاً أكبراً إذا ذبح لغير الله تقرباً وتعظيماً. ومعنى تقرباً : أي حتى ينفعه لجلب خير أو دفع شر ؛ فهدفه من وراء الذبح له أن ينفعه دنيوياً أو أخروياً ؛ أو يدفع شراً أو آفة عنه ، فأصبح يقصد القرب المعنوي .
وأما تعظيماً : فمعناه أن يقوم في قلبه عظمته ومكانته فيدفعه هذا التعظيم والإجلال إلى أن يذبح له .
ومن الشرك الأكبر الذبح مع ذكر غير اسم الله على الذبيحة مثل قوله : ( باسم الشعب أو باسم المليك أو باسم الأمة أو باسم المسيح ) أو يذكر اسم الله ويذكر معه غيره وهذا شرك أكبر . ولا تهم هنا النية لأن العمل لا يدل إلا على معنى واحد .



قولك : ومن نذر لغير الله بنية التشريف ، هل تقول إنه يجب أن تعلم نيته أولاً حتى تحكم عليه بالشرك ؟



أقول : النذر لغة : أن توجب على نفسك ما ليس بواجب .
اصطلاحاً : إلزام المكلف نفسه شيئاً ليس بواجب تعظيماً للمنذور له وتقرباً .
ويكون النذر شركاً إذا ألزم العبد نفسه شيئاً لغير الله تعظيماً . أي أدى ما في قلبه من إجلال واحترام لغير الله إلى أن ينذر له ، أو نذر لغير الله تقرباً وهو التماس الخير منه بهذا النذر .





قولك :
هل يمكنك أن تبيّن لي بعض الأفعال التي لا تفهم لغة إلا أنها عبادة ؟؟

أقول : لقد ضربت لك مثالاً على ذلك : إعطاء حق التحريم والتحليل لغير الله .
ولقد وصف رسول الله هذا العمل بأنه عبادة لغير الله في حديث عدي بن حاتم ، ولم يعذر جاهله ، لأن هذا من معاني العبادة والإله في لغة العرب .



قولك : هذه أمامك كلمة لا إله إلا الله .. أرني كيف تفهم منها لغة أن هناك بعض الأفعال لا تكون إلا عبادة .



أقول : معنى كلمة الإله كانت معروفة عند العرب لأنها من لغتهم ، ومن يعرف معنى هذه الكلمة يعرف خصائص من يوصف بها . ومن خصائص الإله : أن يعطى حق الطاعة المطلقة ، وأن يعطى حق الحكم المطلق ، وأن يعطى حق الدينونة المطلقة ، وأن يعطى حق التذلل المطلق ، وأن يعطى حق الخضوع المطلق
فإعطاء حق الطاعة المطلقة لغير الله شرك .
وإعطاء حق الحكم والتشريع المطلق لغير الله شرك .
وإعطاء حق الدينونة المطلقة لغير الله شرك .
وإعطاء حق التذلل المطلق لغير الله شرك .
وإعطاء حق الخضوع المطلق لغير الله شرك .
وكل هذا كان يفهمه العرب من كلمة التوحيد .



قولك : لقد عبّر الله - تعالى - عن العبادة في أكثر من موضع بأنها السجود ..
فقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } [الحج : 18]




أقول : السجود معناه في كلام العرب التذلل والخضوع ، قال الشاعر:
يجمع تضل البلق في حجراته ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
الأكم: الجبال الصغار. جعلها سجدا للحوافر لقهر الحوافر إياها وأنها لا تمتنع عليها. وعين ساجدة ، أي فاترة عن النظر ، وغايته وضع الوجه بالأرض .
فمعنى كلمة يسجد في الآية هو : يذل ويخضع لأمره وعظمته كل شيء طوعاً وكرهاً . لذلك هو المستحق للعبادة وحده .
وليس معنى الآية أن كل سجود فهو عبادة .




قولك : جاء في [الدرر السنية : 3/307]:
وفي الحديث: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " لأن حال السجود غاية في العبودية والخضوع
وقال ابن القيم - رحمه الله - في مدارج السالكين
فنهى عن السجود لغير الله تعالى ، فقال : " لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد " ، وأنكر على معاذ لما سجد له ، وقال : " مه ! " ؛ فتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة ، وتجويز من جوزه لغير الله ، مراغمة لله ولرسوله ، وهو من أبلغ أنواع العبودية ، فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر ، فقد جوز عبودية غير الله
: فنهى عن السجود لغير الله تعالى ، فقال : " لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد " ، وأنكر على معاذ لما سجد له ، وقال : " مه ! " ؛ فتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة ، وتجويز من جوزه لغير الله ، مراغمة لله ولرسوله ، وهو من أبلغ أنواع العبودية ، فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر ، فقد جوز عبودية غير الله





أقول : هنا يُتحدث عن سجود العبادة وليس عن سجود التحية ، لأنه كما قلنا : كل سجود لله فهو سجود عبادة . ولا يعني هذا أن كل سجود لغيره عبادة .

قولك : فالسجود تتفق الفطر كلها أنه أعظم أنواع العبودية والخضوع ، لذلك فإن الله - عز وجل - عندما يصف عبودية الخلق له ، لا يصفهم إلا بالسجود .. وهذا يدل على أن السجود هو أعظم الخضوع والذل والعبودية لله .



أقول : لقد بينت أن المعنى اللغوي للسجود هو : التذلل والخضوع ، فإذا كان بنية العبادة لا شك أنه
سيكون من أعظم العبادات . وليس كل تذلل وخضوع عبادة .


قولك : وهذه آيات:
- وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [الرعد : 15]
- وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [النحل : 49]



أقول : معنى السجود في الآيات هذه هو المعنى اللغوي له وهو التذلل والخضوع .

- وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً [الفرقان : 60]
- وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت : 37]



أقول : السجود في هاتين الآيتين هو سجود العبادة وليس سجود التحية ، لأن السجود لله هو سجود عبادة ، والمشركون كانوا يسجدون للشمس والقمر سجود عبادة وليس سجود تحية .


قولك : انظر كيف يعبّر الله - تعالى - عن العبودية بـ السجود .



أقول : ليس كل سجود عبادة ، بل هناك سجود عبادة وسجود تحية . ولو كان كل سجود عبادة ويعبر عن العبودية لما أجازه الله في شريعة من كان قبلنا .

قولك : وابن القيم - رحمه الله - يقول إنه من المعلوم بالضرورة من دين المسلمين تحريم السجود لغير الله ، وأن من جوّزه فقد جوز عبودية غير الله .



أقول : ابن القيم كان يتكلم عن سجود العبادة . ولقد حُرم سجود التحية حتى لا يؤدي لسجود العبادة .


قولك : هذه المعاني كلها معلومة لغة وعقلاً ، ونحن لا نتكلم الآن عن المعنى الشرعي
المعنى اللغوي والعقلي للسجود هو : غاية الذل والخضوع والاستكانة للمسجود له .. لذلك وصف الله - تعالى - قهره لعباده بأنهم : يسجدون له
.



أقول : ليس المعنى اللغوي للسجود : هو غاية الذل والخضوع والاستكانة للمسجود له " كما ذكرته أنت .
المعنى اللغوي للسجود كما بينته سابقاًً وهو : التذلل والخضوع ، قال الشاعر:
يجمع تضل البلق في حجراته ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
الأكم: الجبال الصغار. جعلها سجدا للحوافر لقهر الحوافر إياها وأنها لا تمتنع عليها. وعين ساجدة ، أي فاترة عن النظر ، وغايته وضع الوجه بالأرض .
فلا يوجد في تعريف كلمة السجود ، كلمة " غاية " وتضاف كلمة غاية لتعريف سجود العبادة ، وليس لكل سجود . فهناك سجود تحية وسجود عادة وليس معناها : غاية الذل والخضوع والاستكانة للمسجود له .




قولك : فالسؤال الذي أطرحه عليك مجدداً بعد كل هذا هو :
كيف تفهم من مجرد كلمة " لا إله إلا الله " لغة وعقلاً أن هناك فعل هو بمجرده عبادة ، وأن من فعله يكفر بغض النظر عن نيّة فاعله ؟؟




أقول : لقد أجبتك على هذا السؤال سابقا . فارجع له .

قولك : إذا كان حال السجود عندك هو بالنظر إلى نية فاعله ، وهو غاية العبودية والذل للمسجود .. فأي فعل من أفعال العبادة غير السجود يُفهم لغة وعقلاً أنه عبادة محضة ؟؟
هل لك أن توضح لنا وتشرح لنا ؟



أقول : لقد أجبت على هذا السؤال سابقا . فارجع له .

قولك : كيف لا يكون إلا سجود عبادة ؟

أقول : من القرائن . فكل من كان يسجد للشمس والقمر كان يسجد سجود عبادة لأن الشمس والقمر كانا يعبدان من دون الله .


قولك : ما رأيك فيمن يقول : أنا أسجد للشمس تشريفاً لمخلوقات الله .. والشمس من أعظم مخلوقات الله ، فعند تشريفها فهو بذلك يشرّف الله تعالى ويشكره .
فقال : الله - عز وجل - يقول : { والشمس وضحاها } .. قال : فها هو الله تعالى يشرّف الشمس بقسمه بها ، وتشريفه لمخلوقاته إنما هو تشريف لنفسه ، لأنه هو خالقها
فمن سجد للشمس بهذه النية ، هل تقول عنه مشرك وهو يقصد التشريف الذي يؤدي إلى تشريف الله ؟
ومن لم يكفّره بسبب هذه النية ، هل تقول عنه إنه لا يكفر المشركين ، ولا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟




أقول : ينظر للقرائن . على فرض محال : إن كان يعيش في مجتمع لا يعبد الشمس والقمر ويقدمون لها سجود تحية كما يقدمونها لبعضهم البعض على سبيل العادة . ومن عادتهم تقديم التحية للجمادات كتحية فقط دون تذلل وخضوع واعتقاد النفع والضر ، وكان لا يعلم بأمر الله بعدم السجود لها ، فلا يكفر ولا يكفر من لا يكفره . ولكن أين حدث هذا في الواقع ؟



قولك : وهل ترى فرقاً بين السجود لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - تشريفاً له ، وبين السجود لمنبره أو لبيته أو لأي من آثاره تشريفاً له ؟؟
وما وجه التفريق ؟
وما وجه التفريق بين السجود لصنم معمول على هيئة رجل صالح ، تشريفاً لهذا الرجل الصالح ، وبين السجود لقبره تشريفاً له ؟؟




أقول : الظاهر والراجح في السجود للأموات والجمادات سجود العبادة .
ولكن ممكن أن نقول : إذا ادعى أنه سجد سجود تحية وليس سجود عبادة وكان في مجتمع يؤدي سجود التحية للجمادات والأموات كما يؤديها الأحياء لبعضهم البعض كعادة أو تحية مثلا ً ، فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة ويفهم الحكم .



قولك : ثم في النهاية ، من يعذر الساجد للقبر أو الصنم بالتأويل ، بأنه سجد تشريفاً لا عبادة ، هل هو معذور عندك بالاجتهاد ؟ أم أنه لا يعرف معنى لا إله إلا الله ؟؟



أقول : من عذر من سجد للقبر ، قبل أن نحكم عليه لا بد من سماع قوله وحجته . لأن الأمر يحتمل. فهناك سجود عبادة وسجود تحية كما قلنا سابقاً . ولا يقال : أنه لا يعرف معنى لا إله إلا الله ، قبل سماع قوله وتأويله.
أما من سجد للصنم فسجوده سجود عبادة لا غير ، لأن الصنم محل عبادة ولا يسجد له إلا من يريد عبادته. ولم يوضع هذا الصنم إلا للعبادة ، فهو رمز للعبادة ليس إلا . وهم الذين صنعوه بأيديهم كرمز ليعبدوه . لهذا كان العرب يصنعون الأصنام من تمر ليعبدونها فعندما يجوعون يأكلونها . فمن عرف أن هذا الصنم هو محل عبادة ، وعذر من سجد له وحكم عليه بالإسلام والتوحيد يكفر ولا يعذر بالاجتهاد ولا بالتأويل . وهو ممن لا يعرف معنى كلمة الشهادة لأن العرب عندما خوطبت بكلمة الشهادة عرفت من لغتها أنه يجب عليها ترك عبادة الأصنام .



قولك : هل لك أن تبيّن لي كيف يعطي حق التحليل والتحريم لغير الله بحيث يكون هذا عبادة ، وفعله شرك أكبر ، ولا يعذر صاحبه بجهل أو تأويل ؟ ولو أنك تضرب مثالاً في ذلك أكن لك شاكراً .



أقول : من خصائص الألوهية حق التحليل والتحريم ، فمن ادعى هذه الخاصية لنفسه ولو في مسألة واحدة فقد ادعى الألوهية ، ومن أطاعه في ذلك فقد عبده .
وهذا معنى قول فرعون : " مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي " فهو لم يطلب منهم أن يصلوا له أو يصوموا له أو يوأدوا له القرابين ، فهو نفسه كان له إله يعبده ويؤدي له القرابين . وإنما قصد من قوله " مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي " أي أنه هو الوحيد الذي له حق الحكم والطاعة المطلقة عليهم . لهذا لما آمن السحرة بفرعون قال لهم " آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ " .
وكون العرب يعرفون معنى العبادة والإله ، كانوا يعرفون أن إعطاء حق الحكم المطلق وحق التحليل والتحريم لغير الله عبادة .
مثاله : شخص يعرف أن الزنا حرام في دين الله فجاء شخص وقال الزنا حلال وهو يعرف أن الله حرمها ، فأطاعه في تحليل الزنا فقد عبده .
أو شخص أدعى أن له حق التحليل والتحريم المطلق وحق الطاعة المطلقة ، فأطاعه . فقد عبده . فهذا الطاعة لا توصف إلا بأنها عبادة لغير الله ، وإعطاء حق الإلوهية لغير الله .
قال تعالى : " وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ "
وقال تعالى : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " وتفسير الرسول صلى الله لها لعدي بن حاتم .



قولك :
ما أفهمه من كلامك هو التالي
1- الأئمة والعلماء الذين اعتقدوا أن السجود لغير الله بكلا نوعيه عبادة ، يجب عليهم تكفير معاذ بن جبل - رضي الله عنه - وإخراجه من الإسلام لحظة سجوده للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإن لم يفعلوا ذلك فهم كفار .




أقول : من أعتقد أن سجود معاذ رضي الله عنه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان عبادة لغير الله فيجب عليه أن يحكم على معاذ بالشرك ويخرجه من الإسلام حتى يتوب من فعله وإن لم يحكم عليه بالشرك وعذره بالجهل وحكم عليه بالإسلام والتوحيد ولم يخرجه بعمله هذا من الإسلام ، فإنه لا يعرف ما هو التوحيد وما هو الشرك . وكيف يدخل العبد الإسلام .
هذا ، ولم يقل أحد من العلماء المعتبرين أن سجود معاذ رضي الله عنه كان سجود عبادة .




قولك : 2-
إن اعتقد فلان أن السجود بكلا نوعيه عبادة لله في شريعة الإسلام (وهو كذلك بنص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -) ، ولكنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعذر معاذاً بالتأويل أو الجهل ، وهو قد فعل الشيء نفسه مع كل من يسجد لغير الله سجود تشريف ، مع اعتقاده أنه عبادة .. فهو كافر ، وغير معذور بنيته اتباع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - .



أقول : لو عرف ما هو الشرك وما هو التوحيد لما اعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيعذر معاذ بجهله . وقد أقام عليه الحجة من أول يوم بعث به . وكيف يجوز للرسول عليه الصلاة والسلام أن لا يعذر المشركين بالجهل ويحكم عليهم بالشرك قبل أن يبلغهم ، ثم بعد ذلك يعذر بالشرك من بلغه وأقام عليه الحجة وأرسله ليبلغ التوحيد ويجادل فيه أهل الكتاب . ؟!!
من يعتقد شيئا يجب عليه أن يعمل بحسب هذا الاعتقاد . فمن أعتقد أن تارك الصلاة كافر يجب عليه أن يكفر كل تارك للصلاة ، ولا يجوز له أن يحكم على تارك الصلاة بالإسلام ، لأن هناك من الأئمة من حكم عليه بالإسلام ، وهو يعتقد أن تارك الصلاة كافر . لأن من أعتقد كفر شخص يجب أن يكفره وإذا لم يكفره فقد ناقض اعتقاده وحكم بإسلام من يعتقد أنه كافر .
فمن اعتقد أن من سجد لغير الله ، أي سجود ، فقد عبد غير الله ، ثم لم يحكم عليه بالشرك وحكم عليه بالإسلام والتوحيد ، فهذا لم يفهم أن التوحيد لا يجتمع مع الشرك ، ومن لم يفهم هذا لم يفهم كلمة التوحيد .



قولك : ثم أنت تتناقض هنا تناقضاً صارخاً ، فتارة تقول :
( وإذا حكم على من سجد لغير الله -أي نوع من أنواع السجود - بالإسلام والتوحيد فإنه قد خالف معتقده وأجاز عبادة غير الله )
هل من يقول : إن السجود لغير الله شرك أكبر ، ولكن أعذر صاحبه بالجهل .. هل هو أجاز عبادة غير الله ؟!! سبحان الله .
من أجاز عبادة غير الله يقول : إن السجود لغير الله جائز ، ويراه جائزاً لا شركاً وكفراً .




أقول : التناقض الصارخ في فهمك لكلامي يا أبا شعيب وليس في كلامي .
أوضح : من أعتقد أن من سجد لغير الله ، أي سجود ، قد عبد غير الله ، ثم لم يحكم عليه بالشرك وحكم عليه بالإسلام والتوحيد ، فهذا لم يفهم أن التوحيد لا يجتمع مع الشرك ، ومن لم يفهم هذا لم يفهم كلمة التوحيد . هذه واحدة .
والثانية : وعدم فهمه للتوحيد ، سيجعله يجيز وجود الشرك مع التوحيد في قلب رجل واحد ، ويظل هذا الشخص موحداً عنده . أليس مثل هذا الشخص قد أجاز وجود عبادة غير الله في قلب الموحد ؟ ولو أنه لم يجز لما حكم بتوحيده وإسلامه .
إجازته الشرك ليس بمعنى جعله حلالاً كما فهمت يا أبا شعيب ،وإنما بمعنى انه أجاز وجوده في قلب الموحد ، لهذا حكم بإسلامه وتوحيده .
فلو سألناه : هل يجوز في ديننا أن يجتمع التوحيد والشرك الأكبر في قلب رجل واحد ؟
لا بد أن يجيب : نعم .
وهذا هو قصدي من أنه أجاز عبادة غير الله . أي أجاز لها أن تجتمع مع التوحيد مثل أي معصية من المعاصي .
بعد هذا التوضيح أين التناقض الصارخ الآن .


قولك : هل السجود الذي فعله معاذ هو مما يختص الله تعالى به في شريعتنا أم لا ؟؟



أقول : الجواب ، لا . وقد بينته لك سابقاً .

قولك : إن قلت نعم ، فما تسمي من صرف شيئاً مما يختص الله تعالى به إلى غير الله ؟؟ هل تسميه موحداً ؟؟



أقول : بما أنك بنيت كلامك على إجابة خاطئة فلا تستطيع أن تلزمني به .


قولك : أما تأويلهم لقصة معاذ ، فهم يقولون إنه كان جاهلاً في مسألة جزئية ، وهو معذور بالجهل أو التأويل .



أقول : هذا التأويل باطل ، ولا يقول به من يفهم التوحيد .
وهل عبادة غير الله مسألة جزئية ؟


قولك : لا ، لم يفهموا كما فهمت أنت
قالوا : إن الله - عز وجل - في الشرائع السابقة جعل نوعاً من السجود جائزاً لغيره ، ونوعاً لا يجوز إلا له .
ولكن بعدما جاء الإسلام ، جعل كلا النوعين له وحده ، لا يشاركه فيهما أحد .
فلذلك قالوا إنه بذلك يكون عبادة لله ، ومن صرفها لغير الله فهو مشرك



أقول : أسألهم : هذا النوع الذي أجازه الله هل هو سجود عبادة أم لا ؟
فإذا قالوا سجود عبادة .فسنقول لهم كيف يجيز الله عبادة غيره ؟
وإذا قالوا: لا ، ليس سجود عبادة . فنقول لهم إذن لماذا وكيف حكمتم أنه أصبح سجود عبادة ؟
هل عندكم دليل أنه أصبح عبادة ؟ هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عبادة ؟ ( طبعاً نحن نتحدث عن سجود التحية )
هل لأن الله حرمه يصبح عبادة ؟
وهل هناك عمل من الأعمال لم يكن خاصاً لله في شرعه ثم خصصه لنفسه بعد ذلك ؟



قولك : وممن صرّح بذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ، وقال إنه لا يخالف فيه أحد .



أقول : وأين من كلام محمد بن عبد الوهاب أن سجود التحية أصبح سجود عبادة . ؟
أم تراك تقصد ما نقلته عنه هنا ؟ إذا كنت تقصد هذا فقد بينت لك أنه كان يقصد سجود العبادة . فهل عندك كلام آخر له يقول فيه أن سجود التحية أصبح سجود عبادة لا يجوز صرفه لغير لله . ؟ أم أنك كلما ذَكر السجود لغير الله ، ظننته يقصد القسمين ؟


قولك : هم يأولون الحديث ويقولون إن تأويله هو : لو كان السجود جائزاً في شريعتنا ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ..
ولكن بما أن السجود صار حقاً خالصاً لله تعالى في شريعتنا ، فهو عبادة في كل أحواله .



أقول : وما علاقة عدم جوازه بجعله عبادة خاصة لله ؟
وهل كل ما لا يجيزه الله يصبح عبادة له ؟
وهل هناك فعلا كان جائزاً - غير السجود- ثم أصبح حقاً خالصاً لله ؟

رد مع اقتباس