عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 10-19-2017, 02:36 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :

رد على المشاركة رقم 17
بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : بل أظننا نختلف أيضاً في الشطر الثاني من كلمة التوحيد ، وهو شطر الإثبات . لأنني أرى أن من يقول بوجوب تكفير المشركين حتى يحقق التوحيد ، فعليه قطعاً أن يرى بوجوب أسلمة الموحدين حتى يحقق التوحيد ، فهما مقترنان لا ينفكان ، ومن أسقط أحدهما من الاعتبار فقد وقع في تناقض .والحوار سيشمل هذه الأمور كلها ، بإذن الله .

أقول : ومن قال لك أن تكفير المشركين بمعنى تسميتهم بالكفار من أصل الدين وبدونه لا يتحقق أصل الدين ؟
أنت تفترض أقوالاً لمخالفك وتحكم بأنها متناقضة دون أن ترجع لكلامه .
عندما فهمتُ من كلامك أنك تقصد من تعبير " تكفير المشركين " تسمية المشركين بأنهم كفار ، قلت لك : تسمية المشركين بالكفَّار ليس شرطاً في دخول الدين بداية ، المهم هو أن يعتقد أنهم غير موحدين وأنهم ليسوا في دين الله .
وكذلك تسمية الموحد بمسلم ، كإسم ، أيضاً ليس شرطاً في دخول الدين بداية . المهم أن يعتقد أنه موحد وفي دين الله .
وقلت لك في المشاركة السابقة : ويمكن أن نجمل المسألة هكذا : من حكم على من حقق شروط دخول الإسلام ، بأنه لم يدخل دين الله ، لا يعرف كيفية دخول الإسلام .
وكذلك من حكم على من لم يحقق شروط دخول الإسلام وتلبس بالشرك الأكبر ، أنه في دين الله وأنه موحد ، لم يعرف معنى كلمة التوحيد ولا كيفية دخول دين الله .
لهذا من حكم على من عرف أنه يعبد غير الله أنه مسلم موحد ، في دين الله ، لا يفهم كلمة التوحيد ولم يعرف كيفية الدخول في الإسلام .
ومن لا يفهم كلمة التوحيد لا يملك اعتقادها .
فأين التناقض في كلامي ؟


قولك : ما دمنا اتفقنا على معنى أصل الدين ، فلا يضيرنا أن نعرف أول من وضعه ، ولا الشروط التي وضعها لها .
اتفقنا أن أصل الدين (باصطلاحنا نحن) هو : الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام
فلا تدخلنا في متاهات وتشعبات تحرف الموضوع عن أصله .


أقول : أنا لا أريد أن أدخلك بأي متاهات ، بل بالعكس أردت أن أبعدك عن كل المتاهات حتى تفهم كلامي وافهم كلامك جيدا ً . لهذا أردت منك أن لا تستعمل مصطلحاً لا تعرف من هو واضعه وماذا قصد منه . حتى لا نختلف في سياق الحوار ، هل هذا الأمر من معانيه أو من لوازمه ، ثم بعد ذلك نفسر أن لوازمه ليس شرطاً أن تتحقق كلها لتحققه ، وأن إذا تخلف منها شيئاً لا يبطله . ومثل هذه الأمور التي لا ضابط لها ولا دليل .
لهذا ، ما دمت حددت قصدك من هذا المصطلح وأنا وافقت عليه ، فيجب أن يفهم بالمعنى الذي اتفقنا عليه ، مع أني أفضل أن نستعمل ما يفهمه كل الناس وهو " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام " وبهذا نبتعد عن الدخول في متاهات التعاريف .
فمثلا : أنا عندما سألتك هل تقبل يا أبا شعيب أن نستعمل كلمة كافر إذا قصدنا منها : غير المسلم ، أو غير الموحد ، أو ليس على ملة الإسلام .؟
فقلت : نعم .. هذا ما قصدته بكلمة كافر منذ البداية .
ثم في المشاركة رقم 11 قلت لي : يعني تسميته بكافر كإسم .
فأيهما أعتمد ؟
لهذا يجب أن تفهم لماذا أصر وأسأل في البداية عن قصدك من الألفاظ التي تستعملها . لأني أرى تناقضاً واختلافاً كثيراً في كلامك . وقد بينت لك ذلك في سياق ردي على كلامك .


قولك : إذا علمت أنه لا يعرف معناها حقاً ، فلن أحكم عليه بالإسلام .. بل هو كافر .

أقول : ومع هذا الكلام ، تحكم بالإسلام ، على من حكم على من لا يعرفها حقاَ بالإسلام والتوحيد.
فأنت كيف فهمت ومن أين ، أن من لا يعرف معناها لا يملك اعتقادها ، وبناءا عليه كفرته ولم تحكم عليه بالإسلام ؟
ومن أين فهم هذا الذي لم تكفره وعذرته بالجهل ، أن معرفة معنى كلمة التوحيد ، ليس مهماً في دخول الإسلام ، وأن ترك الشرك الأكبر ليس مهما لدخول الإسلام ، وأن الموحد يمكن أن يكون في قلبه شرك أكبر ويبقى التوحيد فيه . ؟


قولك : بلى ، من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .
أما من لا يكفّره فهو معذور بالتأويل أو الجهل


أقول : تقول من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب ، ثم مع هذا الذي لا ريب فيه عندك ، لا تكفر من لا يكفره ويحكم عليه بالإٍسلام والتوحيد وتعذره بالجهل أو التأويل .
من أين فهمت وكيف ، أن من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .؟
هل يعذر أحد بعدم فهمه هذا الفهم ؟
أليس من لم يترك الشرك الأكبر لم يدخل الدين والتوحيد ، وهذا من مفهوم شهادة التوحيد ؟
لا بد لك أنت تقول بلا ، لأنك أقررت به سابقا ً .
إذن ، أليس من حكم على من لم يترك الشرك الأكبر بالتوحيد ، لم يفهم شهادة التوحيد ؟
لا بد لك بأن تجيب ببلا . لأن عكس هذا الجواب سيوقعك بتناقض كبير .
فما دام من حكم عليه بالتوحيد والإسلام وهو لم يترك الشرك ، لم يفهم شهادة التوحيد ، فلماذا تحكم بالإسلام والتوحيد ، على من لم يفهم شهادة التوحيد ، وتعذره بالجهل والتأويل ؟ وقد حكمت على غيره ممن جهل شهادة التوحيد بأنه غير مسلم بل كافر .
حيث قلتَ سابقا : "إذا علمت أنه لا يعرف معناها حقاً ، فلن أحكم عليه بالإسلام .. بل هو كافر" .
أليس هذا تناقضاً أيضاً وإزدواج في الأحكام ؟ تخرج من تناقض لتدخل في تناقض ؟


قولك : تقول لي الجهل بماذا ؟ .. أقول لك : الجهل بشروط وموانع التكفير أولاً ، وثانياً : الجهل بدلالة الفعل الشركي على الشرك ثانياً . (وسنتكلم في ذلك فيما بعد إن شاء الله) .

أقول : وما دخل ما نتحدث به في الجهل بشروط وموانع التكفير ؟
نحن نتحدث عمن لم يترك الشرك الأكبر واعتقده . هل يحكم بإسلامه وتوحيده من عرف معنى شهادة التوحيد ، وعرف كيف يدخل العبد دين الله؟
وما علاقته بالجهل بدلالة الفعل الشركي وهو نفسه يقر بأنه يشرك بالله . ويعبد غيره . ثم بعد ذلك يحكم عليه بالتوحيد وأنه في دين الله ؟
يا رجل عن ماذا ستتكلم فيما بعد ؟ المسألة واضحة وضوح الشمس في الظهيرة .
من لم تكفره وتعذره بالجهل والتأويل ،لو سألناه هل هذا فعل الشرك الأكبر واعتقده ؟ سيقول نعم. ماذا بقي من دلالات الفعل إذن .؟ الفعل دلالاته واضحة عنده باعترافه هو نفسه . ومع هذا يحكم عليه بالتوحيد ودخوله الدين .


قولك : ثم أنا لا أرى أن تكفير المشرك من شروط الشهادتين ، ما دام المرء يرى أنه على باطل وضلال ، وعلى غير دين الإسلام بهذا الفعل الشركي .

أقول : يا رجل . كيف أفهم كلمة " التكفير " من كلامك هذا ؟
هل أفهمها بأنه ليس في دين الله ، أو ليس موحداً ، أم افهمها بأن ليس تسميته بالكافر كإسم من شروط الشهادتين ؟
الحقيقة احترت معك يا أبا شعيب .!!
فإذا كنت تقصد أن تسميته بالكافر كاسم ليس من معنى وشروط الشهادتين ؟ فأنا فيما سبق قلت لك : نعم . وأنا أقول ذلك .
أما إن كنت تقصد بكلمة " كافر" الحكم عليه بأنه ليس في دين الله ولا موحدا .
فأقول لك : كيف تحكم على أن ترك الشرك ليس من شروط الشهادتين وأنت نفسك أقررت بذلك سابقاً ؟
الظاهر أنك نسيت أنك قلت أن من شروط دخول التوحيد ترك الشرك .
ثم ما زلتَ تقول " بفعله على غير دين الإسلام " ، يعني ليس هو بعينه على غير دين الإسلام بل هو بعينه وشخصه موحد في دين الله .
وأنت نفسك قلت سابقاً :" من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب ."
هل ينقض توحيده ويظل مسلماً موحداً يا أبا شعيب .؟


قولك : جواب أسئلتك الأولى هي فيما سبق من أجوبتي .

أقول : لم أجد أجوبة صحيحة ، بل أجوبة متناقضة ينقض بعضها بعضا .


قولك : أما جواب سؤالك : ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟
هذا لا يخرج عن أمرين :
إما أنه لا يعرف كل معناها .. فيقولها وهو يعتقد ويقر بالآلهة من دون الله .. أو يكفر صراحة بدين الله .. ثم جاء هذا وحكم عليه بالإسلام بعد كل هذه الصراحة في الكفر ، فهذا كافر خارج من الإسلام ، لأنه ردّ النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف .
وإما أنه يدعي الإسلام ، ويعلم الكثير من معاني التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين ، فوقع في الشرك .. فجاء رجل وأبقاه على أصله (وهو الإسلام) .. وأعذره في الشرك بالجهل أو التأويل (والشرك هنا عارض) .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .


أقول : أنت حسب عقيدتك : لا تحكم بالإسلام على من عرفت أنه لا يعرف معنا كلمة التوحيد .
وعندما سألتك عن حكم من يحكم بإسلام من لم يعرف معنى كلمة التوحيد ، قسمت من لا يعرف معنى كلمة التوحيد لقسمين وأعطيت لكل حكماً يختلف عن الآخر بدون أدنى دليل ، وأعطيت حكما لكل من لا يكفرهما مختلفاً عن الآخر ، وبدون أدنى دليل . فحكمت على من لا يكفر الأول بالكفر وأنه خارج من الإسلام وعللت السبب أنه ردّ النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.
وحكمت بالإسلام ، على من لا يكفر القسم الثاني ويبقيه في دين الله ، حتى تقيم عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .
والآن لنحلل أجوبتك وتقسيماتك .
أولا ً ما هو الدليل عندك على هذا التقسيم ؟
عللت سبب كفر من لم يكفر الأول : ردّه النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.
فما هذه النصوص الشرعية التي تكفر هذا الصنف ؟ وما هي النصوص الشرعية التي لا تكفر الصنف الثاني .؟
ألا يوجد نصوص شرعية تكفر الصنف الثاني ؟
وإذا قلت لك القرآن مليء بالنصوص الشرعية التي تكفر الصنف الثاني فماذا ستقول وماذا ستحكم ؟
لماذا كفَّرت من لم يكفر الصنف الأول من دون إقامة الحجة عليه ، مع أن سبب تكفيره كما قلت أنت هو ردّه النصوص الشرعية التي تفيد كفر هذا الصنف.؟
ألا يجب عليك أن تبين له هذه النصوص قبل أن تكفره ؟
وهل النصوص الشرعية تكفر فقط الصنف الأول ؟
يا رجل أنت نفسك قلت سابقاً : لا يدخل العبد الإسلام ويحقق أصل الدين حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر ، وهذا من معنى شهادة التوحيد الذي يجب أن يعرفها كل من دخل التوحيد .
ثم هنا تعذر من حكم بالإسلام والتوحيد على من فعل الشرك الأكبر ، وهو يعرف أنه لم يترك الشرك الأكبر .
ألم تدرك بعد أن هذا الشخص لو عرف التوحيد وكيفية الدخول في الإسلام ، لعرف حق اليقين أن من لم يترك الشرك لم يدخل التوحيد ولم يحقق معنى شهادة التوحيد . ؟
ولو عرف التوحيد لعرف أنه لا يبق في قلب العبد إذا دخل الشرك ، ولا يدخل قلبه إذا لم يخرج الشرك .
وأنت أيضا يا أبا شعيب ، لو عرفت معنى كلامك : أن العبد لا يدخل التوحيد حتى يترك جميع أنواع الشرك الأكبر ، ويعتقد أن من لم يتركه ليس موحدا ولا مسلما ، وأن هذا من معنى كلمة التوحيد ، التي لا يستطيع العبد تحقيقها إلا بمعرفة معناها ، وأن من لم يعرف معناها ليس مسلما ولا موحداً . لو عرفت معنى كلامك هذا ، لما ترددت لحظة واحدة ، في الحكم بالكفر أو بعدم دخول الإسلام ،على من لم يكفر من فعل الشرك الأكبر وحكم عليه بالإسلام والتوحيد . وهو يعرف حق اليقين أنه يعتقد الشرك ويحسنه ويدعو له .


قولك : وإما أنه يدعي الإسلام ، ويعلم الكثير من معاني التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين ، فوقع في الشرك .. فجاء رجل وأبقاه على أصله (وهو الإسلام) .. وأعذره في الشرك بالجهل أو التأويل (والشرك هنا عارض) .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه .

أقول : النصارى واليهود يعرفون كثيراً من معاني التوحيد ويتلفظون بكلمة التوحيد ، فلماذا لم تشترط في تكفيرهم إقامة الحجة ؟
ثم كيف حكمت أنت وهو ، على من لم يترك الشرك وحسنه ودعا إليه ، أن أصله الإسلام ؟
وعلى أي دليل استندتم .
ثم ما علاقة الحكم على من فعل الشرك الأكبر ، كون الشرك الأكبر عارض أو غير عارض .؟
وهل من أعتقد الشرك وحسنه ودعا إليه ، شركه عارض أم أنه لم يفهم كلمة التوحيد بعد ؟
يا رجل ، نحن نتحدث عن عدم تكفير من جهل كلمة التوحيد واعتقد الشرك الأكبر جهلاً وحسنه ودعا إليه . هل لمثل هذا يقال : أن أصله هو الإسلام وأن الشرك الأكبر عارض عليه . ؟
ومتى دخْل مثل هذا الإسلام وهو يجهل كلمة التوحيد ؟
وهل كونه يعلم الكثير من معاني التوحيد ويدعي الإسلام وهو يعتقد الشرك الأكبر ، يجعل الأصل فيه الإسلام ؟
إذن بناءاً على هذا ، الأصل في اليهود والنصارى الإسلام .أليس كذلك ؟
ثم قولك : " لا يكفر حتى تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه"
كيف تقام عليه الحجة قياماً واضحاً لا لبس فيه ؟!1
ومن هو هذا الذي سيقرر أنها قامت عليه قياماً واضحاً لا لبس فيه ؟
وهل لم تقم الحجة لحد الآن على من وصفتهم علماء مخلصين أتقياء مجاهدين ؟!!
وكم سننتظر حتى تقام ؟
أم نحتاج لقرآن أخر أوضح مما في أيدنا ؟ أم نحتاج لرسول جديد يقيم عليهم الحجة ، لأن سنته التي بين أيدينا والقرآن الذي أنزل عليه غير كافيان - حسب كلامك وفهمك - لتوضيح أن من يعتقد الشرك ليس موحدا ولا مسلما مهما فعل من مظاهر الإسلام والتوحيد ؟
يا رجل من أين تأتي بهذه التقريرات والتقسيمات ؟ هل عندك دليل واحد عليها .
ثم أريد هنا أن أسالك سؤالا : هل يوجد دليل واحد عندك أو عند من لا تكفرهم ، يدل على أن من فعل الشرك الأكبر وحسنه ودعا إليه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ؟


قولك : ثم في الحكم على من جهل التوحيد ، هو في حالين :
الأولى : أن يقول : هو في الظاهر مسلم ، في الباطن كافر ؛ فيحكم عليه بحكم المنافقين .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، ويبيّن له أن المنافق إن أظهر كفره فإنه يُحكم عليه بالكفر ظاهراً أيضاً .


أقول :كيف يحكم عليه بحكم المنافقين ؟!
وهل المنافق يجهل التوحيد ؟ وهل المنافق يفعل الشرك في الظاهر ؟


قولك :
الثانية : أن يكون مخالفة المشرك للتوحيد مخالفة جزئية لا كليّة . كأن يكون عنده الكثير من التوحيد ، وخالف في مسألة أو مسألتين (كالحكم أو التحاكم مثلاً) .. فأعذره صاحبنا بالجهل أو التأويل ، مع حكمه عليه بالإسلام لما معه من كثير من جوانب التوحيد .

أقول : يا رجل : تقول: " مشرك " وتقول : " مخالفة جزئية لا كليّة " ، وهل بعد الشرك الأكبر يظل توحيد وعمل ؟
وماذا ينفعه التوحيد الكثير الذي عنده وهو يعتقد أبسط أنواع الشرك الأكبر ؟
ألم يقل الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ولجميع الأنبياء من قبله :" لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . "
أم يا ترى هذا الشخص عنده من التوحيد أكثر من رسل الله ، لهذا مع شركه بالله وعبادته غيره لم يكفر وبقي في دين الله ولم يحبط عمله . ؟ " مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ . إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ "
هل عندك دليل واحد على أن من كان عند توحيد كثير واعتقد شركاً أكبر بسيطاً ، يظل على توحيده الكثير ؟ أم أن الأدلة على عكس ذلك كثيرة في القرآن الكريم ؟


قولك : ومثل ذلك وقع للعلماء في أمر الذي أوصى أهله أن يحرّقوه ، وظن أن الله - تعالى - لا يقدر عليه إن هو فعل ذلك .
فقد أعذره طائفة من العلماء بالجهل ، وعلى رأسهم ابن تيمية - رحمه الله - ، في حين لم يسغ لغيره إعذاره بالجهل ، كابن الجوزي وابن حجر .
وكان تعليل ابن تيمية - رحمه الله - في الحكم عليه بالإسلام هو المسائل الجزئية والمسائل الكلية قال : ( َهَذَا الرَّجُلُ كَانَ قَدْ وَقَعَ لَهُ الشَّكُّ وَالْجَهْلُ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى إعَادَةِ ابْنِ آدَمَ بَعْدَمَا أُحْرِقَ وَذُرِيَ ، وَعَلَى أَنَّهُ يُعِيدُ الْمَيِّتَ وَيَحْشُرُهُ إذَا فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ . وَهَذَانِ أَصْلَانِ عَظِيمَانِ : أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ؛ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ يُعِيدُ هَذَا الْمَيِّتَ وَيَجْزِيهِ عَلَى أَعْمَالِهِ . وَمَعَ هَذَا ؛ فَلَمَّا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَمُؤْمِنًا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي الْجُمْلَةِ : وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ وَيُعَاقِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَقَدْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا - وَهُوَ خَوْفُهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى ذُنُوبِهِ - ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ) .


أقول : هذا ليس دليلاً لك . فهو لا يتحدث عن حكم المشرك . ولم يقل أحد من العلماء أنه فعل الشرك الأكبر وعذر بجهله . والحديث فيه طويل ، لا أريد أن أدخل هنا في كلام العلماء فيه حتى لا يتشعب الموضوع ، واكتفي أن أقول لك : أنه ليس في حكم المشرك الذي اعتقد الشرك الأكبر ، وموضوعنا في من لم يحقق كلمة التوحيد وفعل الشرك الأكبر . وهذا الذي ذكر في الحديث حقق دخول التوحيد بنص الحديث . ولم يصدر عنه أي شرك أكبر . لهذا خرج عن موضوع النزاع .

قولك : وكذلك قوله عن عائشة - رضي الله عنها - : ( فَهَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ : سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يَعْلَمُ اللَّهُ كُلَّ مَا يَكْتُمُ النَّاسُ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهَا بِأَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ يَكْتُمُهُ النَّاسُ كَافِرَةً ، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْكَارِ عِلْمِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ كَإِنْكَارِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ؛ هَذَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى الذَّنْبِ )
بغض النظر عن صحة تأويل ابن تيمية - رحمه الله - للحديث من بطلانه ، لكن الشاهد فيه أنه كان يرى الجهل ببعض قدرة الله ، والجهل ببعض علم الله ، لا يُخرج من الإسلام إن كان صاحبه جاهلاً .
فإن جاء رجل وقال مثل قول ابن تيمية - رحمه الله - في من وقع ببعض الشرك الأكبر .. فأنا لا أكفره ، ولا أراه يكفر حتى تُفصل له الحجة ويفهمها ، ثم يعاند ويكابر .


أقول : قول ابن تيمية عن عائشة رضي الله عنها غير عائد له ، بل هو مدسوس في كلامه ، وعندنا إثبات ذلك . ولا أريد أن أدخل هنا في شرح كلام العلماء حتى لا يتشعب الموضوع ولنبق في موضوعنا وهو : " الحد ألأدنى لدخول الإسلام ." وهذا الحديث خارج عن موضوع النزاع فلا يستدل به .
هذا ، ولا ابن تيمية ولا غيره من العلماء عذر من أعتقد الشرك الأكبر وحكم عليه بالتوحيد والإسلام وهو لم يترك الشرك الأكبر ، واشترط لتكفيره وإخراجه من الدين إقامة الحجة .
وهذه الرويات التي توردها ليست أدلة لك البتة في موضوعنا .
ونحن اتفقنا من البداية أن نستدل بالقرآن والسنة فقط . فهل عندك دليل واحد من القرآن يدل على عذر من حكم على معتقد الشرك الأكبر ، بالتوحيد والإسلام ، رغم عدم تركه للشرك ؟
لا أظنك تستطيع أن تأتي بدليل واحد على هذا ، بل القرآن الكريم مليء بعكس ذلك .


قولك : " فإن جاء رجل وقال مثل قول ابن تيمية - رحمه الله - في من وقع ببعض الشرك الأكبر .. فأنا لا أكفره ، ولا أراه يكفر حتى تُفصل له الحجة ويفهمها ، ثم يعاند ويكابر .

أقول : ما الدليل على كلامك هذا ؟
يا رجل ، نحن نتكلم عمن اعتقد الشرك الأكبر وحسنه ودعا له ، نحن نتكلم عمن نقض شهادة التوحيد ، نحن نتكلم عمن لم يحقق دخول التوحيد بعد ، فما علاقته بكلام ابن تيمية هذا.
ثم هؤلاء الذين وصفتهم بالعلماء الأتقياء الورعين المجاهدين : لماذا يتركون آيات الله المحكمات وأحاديث رسول الله البينات ، وكلام علماء السلف الصالح ، في حق من يشرك بالله الشرك الأكبر ، ويتشبثون بأدلة متشابهة ، مشكلة ، اختلف في تأويلها علماء السلف ، وليست لها علاقة بموضوع من وقع في الشرك الأكبر ، ويتشبث بكلام بعض العلماء ، لم يحسن فهمه وليس له علاقة بموضوعنا والمسألة التي نتحدث عنها .
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ . وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ . ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ . فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ . هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"
ألم يقرؤوا قوله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألم يقرؤوا قوله تعالى : "وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "
وآيات أخرى كثيرة
ألم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله تعالى "
وقوله : "شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه " ( أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي )
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار " متفق عليه
وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ, وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ "
مع كل هذه الآيات والأحاديث وغيرها كثير ، والتي تبين أن من يعبد غير الله في أي مسألة كانت بسيطة أو عظيمة ، غير موحد وليس في دين الله ، ولا قيمة لأي عمل من أعماله .
بعد هذا كله نعذر بالجهل والتأويل ، من حكم بإسلام وتوحيد من عبد غير الله وحسن الشرك ودعا له ، لأنه استند في حكمه على ببعض الأحاديث المشكلة التي لم يحسن فهمها وليس لها علاقة بموضوع الشرك الأكبر وعبادة غير الله . ولأنه استند على بعض كلام العلماء الذي لم يحسن فهمه والتي ليس له علاقة بموضوع الشرك الأكبر وعبادة غير الله .
هذا ، وكل من تدبر القرآن وفهم أدلة التوحيد وعرف حقيقة الشرك الذي بعث الله الرسل بإزالته والنهي عنه ، وألهمه الله رشده ، علم يقيناً أنه هو الذي عليه أكثر من يدعي الإسلام في هذه الأيام .


قولك : أما قولك : هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟
لو أنه عرف الحق من التوحيد واتبعه ، وعرف الباطل من الشرك واجتنبه ، فقد حقق التوحيد ، وإن أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك .
فما دام عبد الله وحده ، واجتنب الشرك : فقد حقق توحيد الله - عز وجل - ، وهذا ما دلت عليه نصوص الشريعة الواضحة البيّنة ، مع أقوال العلماء من السلف الصالحين .


أقول : ما هذا التوحيد الذي حققه وهو يعتقد أن وجود الشرك معه لا يبطله ؟
وما هو هذا الشرك الذي تركه وهو يعتقد أنه يمكن أن يجتمع في قلب رجل واحد ويبقى موحداً ؟
توحيد هذا الذي لم تكفره ، هو التوحيد الذي يمكن أن يجتمع في قلب المسلم مع الشرك .
الشرك الذي تركه هذا الذي لم تكفره ، هو الشرك الذي يمكن أن يجتمع مع التوحيد ولا يبطله من أساسه .
كيف يوصف بأنه يعرف التوحيد والشرك وهو لا يعرف أن الشرك لا يجتمع مع التوحيد في قلب رجل واحد . ؟ !!
كيف يوصف بأنه يعرف التوحيد ، وهو لا يعرف أن الشرك يبطله من أساسه مهما كان من عمل ؟!!


قولك : وإن أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك

أقول : كيف يخطأ في ضبط كيفية دخول المرء للإسلام ، من دخل الإسلام عن بصيرة وعلم ؟
وكيف يخطأ من أجتنب الشرك في كيفية اجتناب الشرك . ؟
من يعرف كيف يدخل الإسلام ويحقق شهادة التوحيد ، لا يخطأ في ضبط كيفية دخول الإسلام ولا يخطئ في كيفية اجتناب الشرك .
ثم بين لنا يا أبا شعيب ، كيف أخطأ في ضبط دخول المرء الإسلام ؟ وكيف أخطأ في كيفية اجتناب الشرك ؟


قولك : فما دام عبد الله وحده ، واجتنب الشرك : فقد حقق توحيد الله - عز وجل - ، وهذا ما دلت عليه نصوص الشريعة الواضحة البيّنة ، مع أقوال العلماء من السلف الصالحين .

أقول : لا يكفي لدخول الإسلام وتحقيق التوحيد عبادة الله وحده واجتناب الشرك ، بل يجب أن يعرف أن من لم يوحد الله ولم يجتنب الشرك ليس في دين الله ، وليس موحداً. وبدون ذلك لا يحقق الشرط الأول لدخول الإسلام ، ولقد أثبت ذلك في ما سبق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأتحداك أن تأتِ بآية واحدة تثبت إسلام من عبد الله وحده وترك جميع أنواع الشرك ، ولكنه بنفس الوقت حكم على فاعل الشرك بالتوحيد .
ولقد أثبت بعون الله ، أن الكفر بالطاغوت يقتضي تكفيره وتكفير من يعبده . وبدون الكفر بالطاغوت لا يدخل المرء الإسلام ، ولو عبد الله وحده ولم يشرك به شيئا .
فلا تكفي عبادة الله وحده ، بل يجب أن يعتقد أن عبادة غيره باطله وشرك ، ومن يفعلها ليس موحداً وليس في دين الله ، بل هو في دين الشيطان . وبدون ذلك لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام ، ولا تتحقق كلمة التوحيد


قولك : نعم ، هو من المعاني الكثيرة التي تُفهم من كلمة التوحيد .. أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم .

أقول : أنت تقر هنا بأنه من معنى كلمة التوحيد . وأن من معنى كلمة التوحيد ، أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم .
ثم بعد هذا الإقرار ، تحكم على من فعل الشرك الأكبر بالإسلام والتوحيد وتقول " هو فقط بشركه ليس مسلماً " أو " هو بشركه ليس موحداً " أما شخصه وذاته فهي على التوحيد والإسلام حتى نقيم عليه الحجة ويفهمها ، فإذا لم يفهما ولم يترك الشرك الأكبر ، يبقى على توحيده وإسلامه .
وتعذر بالجهل والتأويل من حكم عليه بالإسلام والتوحيد وهو يعرف أنه يرتكب الشرك الأكبر ويحسنه ويدعو له ، لأنه حسب زعمك ، أخطأ في ضبط كيفية دخول المرء الإسلام ، أو كيفية اجتنابه للشرك .
أي دين هذا الذي تدين به يا أبا شعيب ؟ وأي توحيد هذا الذي تؤمن به ؟ وأنت لا تستطيع أن تثبت كلامك بآية واحدة من كتاب الله أو حديث واحد من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وكل ما تتمسك به بعض الأحاديث التي ليس لها علاقة بالموضوع ، أو بعض كلام العلماء الذي أيضاً ليس له علاقة بموضوع مرتكب الشرك الأكبر وموضوع الحد الأدنى لدخول الإسلام .


قولك : وكذلك يُفهم منها أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ، كما قال الله : { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران : 32]
وكقوله : { إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً } [الجن : 23]
وكقوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب : 36]


أقول : يا رجل ، أنا أسألك عن الفهم الذي يجب أن يفهمه من شهادة التوحيد ،من يريد أن يدخل في دين الله ، حتى يحقق دخول الإسلام والتوحيد ويحقق الإيمان بها بداية . وأنت سابقا قلت يجب أن يعرف ويفهم أنه يجب عليه أن يترك جميع أنواع الشرك ويعتقد أن من لم يتركه ليس موحداً ولا في دين الله . ومع هذا الكلام تعذر من لا يفهمه ولا يطبقه على أرض الواقع بالجهل والتأويل . تعذر من حكم بالتوحيد والإسلام على من لم يترك الشرك الأكبر . أليس هذا تناقضاً واضحا في كلامك ؟
كيف تشترط شرطاً لدخول الإسلام وتحكم بعد ذلك على من لا يفهمه ولم يطبقه ، بالإسلام ودخول دين التوحيد ؟
وأنت نفسك قلت لا يكفيه لدخول الإسلام ترك جميع أنواع الشرك، بل يجب عليه أن يعتقد أن من لم يترك الشرك ليس موحدا وليس في دين الله .
ثم أنت هنا تقول ومن معاني كلمة التوحيد : "أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد ، وليس بمسلم ." وبعدها لتميع الموضوع وتشتيته تقول : " وكذلك يُفهم منها أن من يعصي الله تعالى فهو كافر "
كيف يفهم من يريد دخول الإسلام ودين التوحيد ، من كلمة التوحيد ، أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ؟
يا رجل نحن لم نشترط عليه في البداية لفهم كلمة التوحيد أن يسمي نفسه مسلماً ، ويسمي غير الموحد بالكافر ، فكيف نشترط عليه - ومن أين - أن يفهم أن من يعصي الله تعالى فهو كافر ؟
لا تنس أننا نتحدث عن الحد الأدنى لفهم كلمة التوحيد .


قولك : ويفهم منها أيضاً أن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر .. قال تعالى : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [الأعراف : 28]
ويفهم منها أيضاً أن الله يأمر بالعدل والإحسان .. قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل : 90]
ويفهم منها أنه لا تحاكم إلا لله .. قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [النساء : 65]
وأنه لا حكم إلا حكم الله .. قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [يوسف : 40]


أقول : نعم يفهم منها ذلك ولا بد .

يتبع

رد مع اقتباس