عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 11-22-2017, 11:32 AM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على المشاركة رقم 31


قولك : لا وجه للتناقض البتة لمن عرف أن الأحكام الشرعية لا تتنزل على المعيّن إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع .


أقول : يا رجل نحن نتحدث عن الشرك الأكبر والذي يجب أن يتركه الشخص حتى يدخل الإسلام . نحن لا نتحدث عن تكفير المعين الذي دخل الإسلام بيقين . فهذا هو الذي عند ارتكابه الكفر ، قبل تكفيره وإخراجه من الدين كمعين نبحث في تحقق شروط وانتفاء موانع .
كلامنا عن : كيف يحقق الشخص دخول الإسلام . كلامنا عن : الحد الأدنى الذي يجب أن يعرفه ويعمله من يريد دخول الإسلام .
أنت كلامك ، متناقض ، في الحد الأدنى الذي يجب أن يعلمه ويفعله ، من أراد أن يدخل الإسلام .
فمرة تقول : يجب عليه ترك الشرك واعتقاد أن من لم يتركه ليس في دين الله .
ومرة تقول : يكفيه أن يعتقد أن فاعل الشرك على باطل وأن فعله على باطل . ولا يشترط عليه أن يحكم على عينه وشخصه أنه ليس في دين الله.
ومرة تقول : يجب على من أراد دخول الإسلام نبذ الشرك بمعنى تركه قلباً وقالباً ويجب عليه أن يعتقد أن من لم يتركه قلباً وقالباً لم يدخل دين الله وليس على دين الله .
ومرة تقول : يكفيه أن يعتقد أن من فعل الشرك فعله باطل وأنه على باطل بفعله ولا يشترط فيه أن يحكم على من فعله كمعين بأنه مشرك .
أليس هذا تناقضاً صارخا ؟
ثم ما علاقة كلامنا في الحد الأدنى الذي يجب أن يعلمه ويفعله ، من أراد أن يدخل الإسلام ، بتكفير من وقع في الكفر ممن حقق دخول الإسلام؟
وما علاقة كلامنا في الحد الأدنى الذي يجب أن يعلمه ويفعله ، من أراد أن يدخل الإسلام بتحقق الشروط وانتفاء الموانع .؟
ثم أين الدليل من القرآن والسنة أن المشرك الذي عبد غير الله لا يحكم بشركه كشخص معين حتى تقام عليه الحجة أو يتحقق من شروط وموانع التكفير . ؟
ثم تقول : " أن الأحكام الشرعية لا تتنزل على المعيّن إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع .
أليس حكمه على المخالف بأنه ليس في دين الله حكماً شرعياً ؟
لماذا عندما شرطت على من يدخل الإسلام أن يحكم - على من لم يحقق ترك الشرك قلباً وقالباً - بأنه ليس في دين الله كشخص معين ، لم تشترط عليه أن يتحقق من شروط التكفير وموانعه .؟


قولك : وقد ذكرتُ أنا فيما مضى أنه لا يوجد مسلم على وجه البسيطة يقول إن فاعل الشرك مسلم .. بل هو يقول : إن من أشرك بالله فهو مشرك .. لكن هذا كحكم عام في المسألة ، ويخالف في تنزيل هذا الحكم على الأعيان .


أقول : يا رجل ، القول بأن فاعل الشرك مشرك حكم على الشخص ، وليس على فعله فقط .
أنت قلت بحق من يفعل الشرك الأكبر : يكفيه أن يحكم على فعله أنه باطل وأنه على باطل أما شخصه وعينه فلا .
ما معنى أما شخصه وعينه فلا ؟ ألا يدل ذلك أنه يحكم على شخصه وعينه بالإسلام والتوحيد . ؟
ثم أنت هنا تقول :" لا يوجد مسلم على وجه البسيطة يقول إن فاعل الشرك مسلم ."
أقول : نعم . لا يوجد مسلم على وجه البسيطة يقول إن فاعل الشرك مسلم. هذا كلام صحيح . ولكن من تحكم بإسلامه يقول ذلك . بل يقول أكثر من ذلك ، يقول من يكفره كشخص ، فهو من الخوارج المارقة .
وما خلافنا معكم إلا في حكم من يقول : إن فاعل الشرك مشرك بفعله مسلم بعينه وشخصه .


قولك : بل هو يقول : إن من أشرك بالله فهو مشرك .. لكن هذا كحكم عام في المسألة ، ويخالف في تنزيل هذا الحكم على الأعيان .


أقول : هو عندما يقول هو مشرك ، يقصد فعله وليس شخصه وعينه ، وأنت كذلك . ولقد كررتَ هذا الكلام أكثر من مرة في كلامك .
إذن ، لا هو ولا أنت ، تحكمان على عينه وشخصه بالشرك ، وإنما تحكمان على عينه وشخصه بالإسلام والتوحيد . بحجة أنه معذور بجهله وتأويله .
فكيف تحكم بالإسلام على من حكم على عين المشرك بالإسلام والتوحيد مع قولك : " لا يوجد مسلم على وجه البسيطة يقول إن فاعل الشرك مسلم " الم يحكم على عينه وذاته بأنه مسلم ؟
أم أنك تقصد بكلمة مسلم ، أي أنه لا يقل : بفعله للشرك مسلم ، ولكن قوله عمن أشرك بالله ، بشخصه وعينه مسلم ، لا يضره في إسلامه شيء؟


قولك :
وقد قلتُ أنا أيضاً إنه من انتفى عنده مطلق الحكم بكفر المشرك ، فلا يرى أن شيئاً يُمكن أن ينقض لا إله إلا الله ، فهذا كافر .


أقول : وأنا لا أدري ما هي نواقض الإسلام عندك للشخص المعين وأنت تقول "مشرك بشركه في شركه " أما عينه وشخصه فلا . ثم تشترط لتكفير عينه فهمه للحجة ، وإذا لم يفهما فهو معذور بجهله وتأويله ، وسيظل كشخص معين مسلماً موحدا .
يا أبا شعيب ، قل لي من هم الذين تكفرهم بأعيانهم ممن يدعي الإسلام ؟
حسب عقيدتك هذه ، يجب أن لا تكفر أحداً بعينه ممن يدعي الإسلام ويعمل بعض أعمال الإسلام والتوحيد .
ثم ، من تحكم عليهم بالإسلام وتصفهم بأنهم علماء مجاهدون أتقياء ، حسب معرفتي بهم ، أكثرهم لا يتردد بتكفير تارك الصلاة كسلاً - مع أن جمهور العلماء يقول بعكس ذلك - ولكنهم لا يكفرون أفراد حماس مع اعترافهم بوقوعهم في كثير من الشرك الأكبر .


قولك : فهات لي رجلاً ينتسب إلى الإسلام وهو يقول : إن الشرك لا يقدح في التوحيد ، فيرى بذلك أن الشرك والتوحيد صنوان ، كما ذكر ذلك بعض الفلاسفة الملاحدة الذين قالوا إن عبادة الله وعبادة الصنم شيء واحد .. هل تراه يوجد ؟
وهات لي رجلاً ينتسب إلى الإسلام وهو يقول : إن من فعل الشرك هو مسلم ؛ فيحكم عليه بالإسلام بسبب فعله الشرك ، فيكون عنده الشرك والتوحيد سواء .. هل تراه يوجد ؟



أقول : أولاً : ما معنى لا يقدح ؟ وكيف يقدح . وما درجة قدحه في إسلام الفاعل؟
وأنا لا أرى أي قدح من قبل من لا تكفرهم وتصفهم بأنهم علماء مجاهدين ، لمن يفعل الشرك ويحسنه ويدعو له ، سوى القدح لفعله .
وأنت أيضاً حسب ما فهمت من عقيدتك كل قدحك موجه للفعل وليس للفاعل . وهذا واضح في قولك : " "مشرك بشركه في شركه "أما في عينه وشخصه فلا " وقولك :" على باطل في فعله " " ليس في دين الله في فعله "
ثم من قال لك أن مسألتنا رؤية الشرك والتوحيد صنوان ؟
مسألتنا : في حكم من يرى أن فاعل الشرك موحداُ مسلماً كشخص معين .
وليس مسألتنا في حكم من قال : أنه بفعله لشرك مسلم .
مع أني عندما سألتك عن حكم من لم يكفر من قال :" فلان بفعله للزنا وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع " لم تكفره .


قولك : وحتى تفهم المسألة جيداً ، سأوضحها ببعض الأمثلة .
لو أن رجلاً قال : من يشرب الخمر فهو تقي ورع .. فهو كافر ، ولا أظنك تخالف في ذلك.
ولكنه لو رأى رجلاً تقياً ورعاً يشرب الخمر عالماً بحرمتها ، فقال : إن شرب الخمر فسق وفجور ، وهذا الرجل فاسق وفاجر في حدود هذا الفعل ، ولكنه لديه عند الله طاعات كثيرة وحسنات عظيمة ، وجهاد كبير في سبيل الله ، فهذا الفسق مغمور ببحار حسناته ، فلا أسميه فاسقاً (بحيث يغلب عليه اسمه) ، بل يبقى تقياً ورعاً (بحيث يغلب عليه اسم التقوى والورع) ، وأسأل الله أن يغفر له سيئته تلك .. فهذا لا يكفر بل ولا يفسق بل ولا يأثم .



أقول : يا أبا شعيب ، نحن لا نتكلم عن شارب الخمر أو فاعل أي معصية من المعاصي . نحن نتكلم عن فاعل ما ينقض أصل الدين من أساسه . نتكلم عن فاعل الشرك الأكبر ، فهل يبق بعد ذلك توحيد وتقوى وورع حتى نرجحه؟
هل يقول : " هذا بحدود فعله لشرك مشرك " ولكن لديه عند الله طاعات كثيرة وحسنات عظيمة ، وجهاد كبير في سبيل الله ، فهذا الشرك ، وعبادة غير الله مغمور ببحار حسناته ، فلا أسميه مشركاً (بحيث يغلب عليه اسمه) ، بل يبقى تقياً ورعاً (بحيث يغلب عليه اسم التقوى والورع) ، وأسأل الله أن يغفر له سيئته تلك ." هل يقول هذا الكلام ، من يعرف شرط وكيفية دخول الإسلام ؟ هل يقول هذا الكلام ، من يعرف التوحيد ويعرف حكم ناقضه الشرك الأكبر ؟
ألم يقرأ هذا الذي وصفته بأنه عالماً تقيا ورعاً مجاهداً قوله تعالى لرسوله الكريم إمام المجاهدين والمتقين " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " ؟
وقوله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " ؟
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ .


قولك : ومما يبيّن ذلك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) .. فقد نفى عنه الإيمان حين الزنى فقط ( أي في حدود فعل الزنى ) ، وليس في كل حين
يقول ابن حجر : ( قوله : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " : فنفى عنه الإيمان في حالة الزنا خاصة )


أقول : هل يجوز قياس الشرك الأكبر على الزنا أو أي معصية من المعاصي . والله سبحانه وتعالى يقول : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " ؟
يا أبا شعيب نحن نتكلم عن فاعل الشرك الأكبر الذي يبطل التوحيد من أساسه ويحبط العمل . ولا نتكلم عن المعاصي التي لا تخرج من الإسلام حتى تضرب أمثلة منها .
هل قال أحد من العلماء في حق من فعل الشرك الأكبر : " نفى عنه التوحيد في حالة الشرك خاصة وليس في كل حين ، فبعد أن ينتهي من فعل الشرك يرجع موحداً مسلماً " ؟


قولك : فهل يعني هذا أن هذا الرجل يحب شرب الخمر ؟ .. الجواب لا .
وهل يعني أنه لا يعلم أن شرب الخمر فسق ؟ .. الجواب لا .
وهل يعني أنه يسم الخمر طاعة وورعاً ؟ .. الجواب لا .



أقول : وهل نحن نتحدث عن حكم حب الشرك ، أو عدم الحكم على الفعل بالشرك ؟ أو نتحدث عن وصف الشرك أنه طاعة وورعاً ؟ طبعاً لا ، نحن لا نتحدث عن هذه الحالات ، نحن نتحدث عن حكم فاعل الشرك والداعي له ؟ عن حكمه كشخص معين وليس الحكم على فعله .

قولك : ومثل ذلك من يقول : إن من يعصي الله فهو طائع له .. فهذا كافر .


أقول : أنا عندما سألتك عن حركة حماس التي تحسن دخول البرلمانات الشركية وتدعوا لها وتعتبر من يدخلها لخدمة الإسلام مجاهداً في سبيل الله ، لم تكفرها كأشخاص .
أم أنك لا ترى البرلمانات شركاً بالله ؟
وعندما سألتك عن حكم من لم يكفر ، من يُحسِّن الشرك ويدعو له ويصفه بأنه جهاد في سبيل الله لم تحكم بكفره ، مع أنك تحكم على من يحسن الشرك بأنه كافر ؟ أم أنك هنا أيضاً تحكم على فعله فقط ؟ أي " بفعله كافر" وليس بعينه وشخصه . ؟


قولك : ولكنه إن قال عن رجل عصى الله : إنه بفعله عاص في حدود فعله ، وطائع في غير ذلك من المسائل ، فغلّب عليه حكم الطاعة ، وسماه : طائعاً .. فهذا لا يكفر بل ولا يأثم .


أقول : يا رجل ، أذكرك مرة أخرى أننا نتحدث عن الشرك الأكبر وفاعله ، نتحدث عن العمل الذي يبطل التوحيد من أساسه ويحبط الأعمال كلها ، ولا نتكلم عن المعاصي.

قولك : ومثل ذلك لو قال عن آدم - عليه السلام - : إنه رجل طائع لله حتى قبل أن يتوب من ذنبه .. فهذا كلام صحيح لا غبار عليه ، ولا يعني هذا أنه يرى أن معصية آدم - عليه السلام - هي طاعة ، مع أن الله - تعالى - قال : { وعصى آدم ربه فغوى } .. ولكنها مسألة تغليب الأحكام وترجيحها .


أقول : يا رجل ، أذكرك مرة أخرى أننا نتحدث عن الشرك الأكبر وفاعله ، نتحدث عن العمل الذي يبطل التوحيد من أساسه ويحبط الأعمال كلها ، ولا نتكلم عن المعاصي.
فما حكمه لو حكم على إبليس هذا الحكم ؟ ألم يكن إبليس رجلاً طائعاً لله ووصل لأن يكون بين الملائكة لطاعته لله ؟ ألم يكن أستاذاً للملائكة ؟
فما حكمه لو قال عنه : إنه عبد طائع لله حتى قبل أن يتوب من ذنبه ؟
هل هذا الكلام صحيح لا غبار عليه ، يا أبا شعيب ؟
سؤال : ما حكم من قال عن إبليس : نعم إنه بفعله عاص في حدود فعله ، وطائع في غير ذلك من المسائل ، ولأن طاعته وتوحيده غلب على معصيته ، فأنا اسميه موحداً مسلماً طائعاً حتى قبل أن يتوب من فعله . ؟
وما حكم من لم يكفر هذا القائل ؟

قولك : فمن جاء وقال إن من فعل الشرك نقض توحيده في نفس الأمر الذي خالف فيه ، مع بقاء صحة توحيده في باقي المسائل ، لأنه لم يفعل ما ينقضها ، فغلّب عليه حكم التوحيد ، مع إقراره أن ما فعله شرك ، وأنه نقض بعض توحيده في حدود هذه المسألة التي أشرك فيها فقط ، فلأي شيء يكفر هذا ؟؟

أقول : من يعرف حكم الشرك وحكم التوحيد يعرف أن الشرك الأكبر لا ينقض فقط الفعل نفسه بل ينقض ويبطل كل التوحيد والأعمال عند صاحبه ويخرجه من الإسلام . ولم يحكم أحد من المسلمين في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - هذا الحكم على مشركي العرب وأهل الكتاب مع أن عندهم من أعمال التوحيد والإسلام الشيء الكثير . بل قال لهم رسول الله صلى الله علي وسلم : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ "
هل كان المسلون يقولون للمشركين وأهل الكتاب : أنتم فقط في فعلكم الشرك مشركين ( في حدود فعلكم فقط ) وعملكم الذي تفعلون فيه الشرك هو الباطل أما أنتم كأشخاص فأنتم مسلمون موحدون لأن عندكم من التوحيد الشيء الكثير . ؟
أو هل قال لهم : عندما تفعلون التوحيد فأنتم موحدون ، وعندما تفعلون الشرك فأنتم مشركون . وشرككم هذا لا يبطل إلا العمل الذي أشركتم به وتوحيدكم في هذا الفعل ، أما باقي أعمالكم وتوحيدكم لا يبطل بل أنتم موحدون فيه . ؟


أما عن سؤالك : فلأي شيء يكفر هذا ؟؟

أقول : مثل هذا الشخص لم يدخل الإسلام بعد ، لأنه لم يكفر بالطاغوت . لأن توحيده الذي يعتقده هو التوحيد الذي لا يبطله الشرك الأكبر ، والشرك الذي تركه هو الشرك الذي لا يبطل سوى العمل الذي حدث فيه ، أما حكم الفاعل في عقيدته : فما دام عنده أفعال توحيد فهو موحد .

قولك : ثم إن سألناه في ذلك قال : إن هذا الشرك لا ينقض عموم التوحيد إن كان جاهلاً ، وهذا ما نصت عليه الأدلة الشرعية .


أقول : ما هي هذه الأدلة الشرعية التي تنص على أن الشرك الأكبر لا ينقض عموم التوحيد ؟
ثم هو ألم يُشرط عليه ليصبح مسلماً موحداً ، أن يترك جميع أنواع الشرك قلباً وقالباً ، ويعتقد أن من لم يتركه قلباً وقالباً ليس موحداً ، مهما كان عنده من أفعال الإسلام والتوحيد ؟

قولك : فلضعف عقله ، وقصور تصوره ، وضحالة فهمه ، وغياب بعض جوانب هذه المسألة عنه ، ظنّ أن الجهل عذر ، مع إقراره أن هذا الشرك ينقض التوحيد ، ولكنه اشترط لذلك العلم ، وظن أنه بذلك متبع للدليل الشرعي.
أقول : أولاً : ما هو هذا الدليل الشرعي الذي اتبعه والذي يبين أن فاعل الشرك الأكبر لا يخرج من الدين ولا يسمى مشركاً ما دام جاهلاً وعنده بعض مظاهر التوحيد والإسلام ؟
ثانيا : كيف يقر أن الشرك ينقض التوحيد ، ثم يحكم على فاعله بأنه موحد؟ أم أن قصده من نقض التوحيد ، ليس مطلق التوحيد ، بل توحيده في الفعل الذي أشرك فيه ؟
ثالثاً : هل هو عندما دخل الإسلام عذر بجهله في الشرك وحكم عليه بالتوحيد لوجود بعض مظاهر التوحيد والإسلام عنده ؟ ( وقد قلنا أنه لا يوجد على وجهة الأرض إنسان إلا وعنده من مظاهر التوحيد والإسلام شيء ، بل أشياء )
رابعاً : أنت هنا تصفه بأنه ضعيف العقل ، ضحل الفهم ، قاصر التصور ، وفي نفس الوقت في مكان آخر وصفته بأنه عالم تقي ورع مجاهد .


قولك : كما قال ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 12/180-181] :‏
[-- فَالتَّكْفِيرُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ الشَّخْصِ . فَلَيْسَ كُلُّ مُخْطِئٍ وَلَا مُبْتَدَعٍ وَلَا جَاهِلٍ ‏وَلَا ضَالٍّ يَكُونُ كَافِرًا ؛ بَلْ وَلَا فَاسِقًا ، بَلْ وَلَا عَاصِيًا ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ . وَقَدْ ‏غَلِطَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ أَئِمَّةِ الطَّوَائِفِ الْمَعْرُوفِينَ عِنْدَ النَّاسِ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ . وَغَالِبُهُمْ يَقْصِدُ وَجْهًا مِنْ ‏الْحَقِّ فَيَتَّبِعُهُ ، وَيَعْزُبُ عَنْهُ وَجْهٌ آخَرُ لَا يُحَقِّقُهُ ، فَيَبْقَى عَارِفًا بِبَعْضِ الْحَقِّ جَاهِلًا بِبَعْضِهِ ؛ بَلْ ‏مُنْكِرًا لَهُ "


أقول : يا رجل ، ابن تيمية هنا يتكلم عن المسلم الذي ثبت إسلامه بيقين ثم فعل كفراً من المكفرات ، ولم يتكلم عن فاعل الشرك الأكبر ومعتقده .
هل لك أن تأت بقولٍ واحد لأبن تيمية أو غيره من العلماء ، عذر من فعل أو أعتقد الشرك الأكبر وحكم عليه بالإسلام .
وقبل ذلك ، هل لك بأن تأت بأية واحدة أو حديث واحد ، عُذر فيه من فعل الشرك الأكبر وسمي موحداً . ؟


قولك : واختلطت عليه أحكام الدنيا وأحكام الآخرة .. فظن أن أحكام الدنيا والآخرة سواء ، فما أثبتناه من كفر في الدنيا يثبت في الآخرة بالعذاب الخالد في النار .
واختلطت عليه أحكام الكفر والشرك .. فظن أنهما سواء ولا فرق بينهما ، وما يُعذر المرء في أحدهما يعذر في الآخر.



أقول : لو عرف ما معنى الكفر بالطاغوت ، وعرف كيفية تحققه في أرض الواقع ، لما اختلط عليه شيء في حكمه وحكم من عبده ومن لم يكفر به .
ثم من أين تعلم أحكام الكفر والشرك ؟
ألم يقرأ آيات الله في الشرك وحكم فاعله ؟ أم أنه تعلم دينه من شبهات المبطلين ؟


قولك : تقول له : ولكن هذا مخالف للمقررات العقلية .. يقول لك : دعنا من العقل وتكلم في الشرع ، فمجرد العقل لا يثبت به حكم شرعي واحد .


أقول : ومن قال له ولك : أننا كفرنا المشرك بالمقررات العقلية ؟
وهل هو في حكمه على عين المشرك ، بالتوحيد والإسلام ،تكلم بالشرع ؟
ألم يقرأ آيات الله في الشرك وحكم فاعله ؟ أم أنه تعلم دينه من شبهات المبطلين إخوان الشياطين ؟


قولك : ثم أنا أسألك بعد كل هذا وأقول :
أنت إلى الآن لم تأت بدليل واحد صريح بيّن يفيد بأن تكفير المشرك بنفسه ناقض لأصل الدين ، ومن جهل بعض مسائله فحاله كالمشرك .. أين الدليل الصريح الواضح الذي يربط هذا بأصل الدين ؟؟
كل ما عندك هو مقررات عقلية لا أكثر ، ليست مستندة على كتاب أو سنة



أقول : الظاهر أنك لم تقرأ كلامي جيداً . ولو قرأته لوجدت فيه الكثير من الأدلة على أن المشرك الشرك الأكبر ليس في دين الله ولا يمكن أن يوصف بأنه موحد ( طبعا بعينه وذاته ) .
ولم استند لأي دليل عقلي ، للحكم على عين المشرك بالشرك وعدم التوحيد ، وتكفير من لا يكفره ، والحكم عليه بعدم دخوله الإسلام . فلماذا تقول أن كل ما عندي هو مقررات عقلية لا أكثر ؟ أين هي هذه المقررات العقلية التي استشهدت بها في كلامي معك ؟؟؟


قولك : هل عندك آية واحدة تقول : من لا يكفر المشرك فهو كافر ونقض أصل دينه بنفس الأمر ؟ هل عندك حديث ؟
هل عندك قول من أقوال أئمة السلف من القرون الثلاثة ؟؟



أقول : لقد ذكرت لك أكثر من آية وحديث ، ولكن الظاهر أنك لم تقرأها .
إليك بعض الأدلة على ذلك ، اقرأ وتدبر لعل الله يهديك للحق :

1-" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " (البقرة : 256)
2-" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ "النحل : 36)
3-" قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ " ( المائدة :60 )
4-"قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي . فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ . لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ . وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ " (الزمر : 14-17)
5-"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا . " ( النساء : 48 )
6-"أَلْم تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا " (النساء : 51)
7-" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا " (النساء : 60)
8-" وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " (البقرة : 257)
9-" إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ " (الزمر : 2-3)
10-" قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ " (الزمر :11-12)
11-" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " (يوسف : 40)
12-" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " (آل عمران : 64)
13-" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " (التوبة : 31)
14-" قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ . وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ . وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " (الزمر : 64-67)
15-" إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " (النحل :120(
16-" لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً " (البينة : 1-2)
17-" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " (التوبة : 6)
18-" بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (البقرة : 112)
19-" قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ "( الأنعام: 162، 163)
20-" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ." (الشورى : 21-22)
21-" قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ . وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ " (يونس :59-60)
22-" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " (الكهف :110)
23-" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ . أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ . وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ." [الأعراف 172 – 174]
24-" وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ " [ الأنعام: 137 ]
25-"إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ . فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ " (محمد :25-28)
وإليك بعض الأدلة من الحديث الشريف :
1-قال صلى الله عليه وسلم : » يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهباً أكنت تفتدي به ؟ قال ؛ فيقول ؛ نعم , فيقول له المولى :" قد أردت منك ما هو أهون من هذا , قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي «. رواه مسلم
2-قال صلى الله عليه وسلم : " " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله " ( مسلم )
3-وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (ïپ´) قَالَ: كُنْتُ رِديفَ النبي ïپ². عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لي : « يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله ؟ » قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: « حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوه وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ أَنْ لاَ يُعَذّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا » قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشّرُ النّاسَ ؟ قَالَ: « لاَ تُبَشّرْهُمْ فَيَتّكِلُوا ». متفق عليه
4-عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ïپ² قال : " من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار " (رواه البخاري .)
5-وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ïپ² قال : « مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنّةَ ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النّارَ ». (مسلم)
أما أقوال العلماء في ذلك فهي كثيرة جداً ، لا يسع المجال لذكرها هنا ، وفي كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كفاية لمن أراد حق ، فهو واضح جلي لمن أراد الحق وتجرد له ، ولم يطغ على عقله شبهات المبطلين إخوان الشياطين .


قولك : أنا أريد نصاً صريحاً كقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر(


أقول : ما ذكرته لك من أدلة ، نصوص صريحة في موضوع الخلاف فتدبرها جيداً ، وهي أصرح دلالة من حديث كفر تارك الصلاة . وإذا كان لك أي اعتراض على عدم صراحتها ، فسوف أبين لك ذلك .
هذا ، والدليل الذي ذكرته لتكفير تارك الصلاة ، دليلاً ليس صريحاً بكفر تارك الصلاة ، الكفر الأكبر . وذلك لوجود أدلة أخرى تخالف هذا الحكم . أما الأدلة الذي ذكرتها لك ففيها بياناً كافياً شافياً واضحاً ، أن المشرك الذي عبد غير الله ، ليس مسلماً ولا موحداً بعينه وشخصه ، ولو كان عنده من عمل التوحيد والإسلام بمقدار ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأن اسم المشرك لمن عبد غير الله ( كحكم على شخصه وعينه ) ثابت قبل قيام الحجة وبعدها .


قولك : فيا سبحان الله .. الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتكلم عن الصلاة ، ويذكر أن تاركها كافر ، ولا يتكلم عمّا هو أهم من الصلاة ، وهو تكفير المشركين ؟!!


أقول : بل تكلم الله في كتابه الكريم ، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ، الحكم على من عبد غير الله ( الحكم على شخصه وعينه ) أوضح مما تكلم عن حكم تارك الصلاة وأي حكم غيره . ولقد ذكرت لك بعض الأدلة على ذلك . والقرآن مليء بمثل هذه الأدلة التي تبين حكم من عبد غير الله وأشرك به . بل إن الله سبحانه وتعالى ما أنزل القرآن وأرسل الرسل إلا لبيان الموحد وحكمه والمشرك وحكمه . قال تعالى : " وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ " (الأنعام : 55)

قولك : وذكر الوعيد الغليظ الذي وصل إلى حد الكفر في تكفير المسلم .. ولم يذكر وعيداً واحداً في أسلمة الكافر !!!


أقول : بل القرآن والسنة مليئتان بحكم من أشرك بالله وعبد غيره .
ألا تكفي هذه الأدلة للحكم على من خالفها بأنه ليس في دين الله .؟
بل لقد اشترط الله سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لدخول الإسلام ، ترك الشرك قلباً وقالباً ، والحكم على (عين) من لم يتركه بأنه ليس موحدا وليس في دين الله . مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام . ألا يكفي هذا كدليل صريح للحكم بالكفر وبعدم دخول الإسلام ، على من حكم بإسلام وتوحيد المشرك
فالحكم على ( عين ) المشرك الذي عبد غير الله ، بأنه ليس موحداً وليس في دين الله ، حكم كان يعرفه كل عاقل بالغ دخل دين الإسلام ، ولا يسعه أن يخطأ فيه ما دام يعرف كيفية دخول الإسلام . أما مسألة تكفير المسلم فالخطأ فيها وارد عند المسلم ، بسبب الجهل والغلو في الدين ، لهذا كان التنبيه عليها والتحذير منها ، حتى لا يقع فيها المسلم الموحد فتؤدي إلى فتنة بين المسلمين .


قولك : بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يترك فعلاً هو كفر إلا بيّنه وحذر منه أتم التحذير ، حتى لو كان يقرره العقل ، حتى لا يأتي رجل أحمق لا يفهم ويقول هذا ليس كفراً .
ولكنه مع كل هذا ، تركنا لوحدنا نستنبط هذا الحكم الشرعي الذي ليس عليه دليل واحد من قرآن أو سنة .



أقول : نعم ، إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يترك فعلاً هو كفر وشرك ، إلا بيّنه أتم البيان وحذر منه أتم التحذير ، ومن لم يعتقد ذلك فليس بمسلم ولا مؤمن .
ومن يقل أيضا ً أن القرآن والسنة لم تبين حكم من عبد غير الله وأشرك به ( كشخص معين ) ، وأن هذا الحكم تركته لعقولنا ، فقد افترى على الله وعلى رسوله ونسب النقص والخلل في دين الله .
وكما قلت لك سابقاً : إن الله سبحانه وتعالى ما أنزل القرآن وأرسل الرسل إلا لبيان الموحد وحكمه والمشرك وحكمه . قال تعالى : " وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ " (الأنعام : 55)
فأين في دين الله أن المشرك الذي عبد غير الله لا يحكم بشركه كشخص معين ، حتى تقام عليه الحجة أو يتحقق من شروط وموانع التكفير .


قولك : أنت بذلك تنسب الشريعة إلى النقص والخلل ، والله المستعان .


أقول : بل من يقل أن القرآن والسنة لم تبين حكم من عبد غير الله وأشرك به ( كشخص معين ) ، وأن هذا الحكم تركته لعقولنا واجتهاداتنا ، فقد افترى على الله وعلى رسوله ونسب النقص والخلل إلى دين الله وشريعته..
وكذلك من يقل : إن الله سبحانه وتعالى ، اشترط على مَن أراد دخول الإسلام ترك الشرك قلباً وقالباً حتى يدخل الإسلام ، ولم يبين له ويشترط عليه معرفة حكم من لم يتركه كشخص معين ، فقد افترى على دين الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم . واتهم الدين بالتناقض . ونسب النقص والخلل إلى دين الله وشريعته .

يتبع

رد مع اقتباس