عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 09-17-2015, 09:27 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
قولك : بالنسبة لكلام ابن تيمية فقد أُرسِلَ لي هذا الرابط: الدرر السنية - الموسوعة العقدية - المبحث الثالث: سب الأنبياء -
فقيل في هذا الرابط عن السب: ("فأما إن سب نبياً غير معتقد لنبوته فإنه يستتاب من ذلك، إذا كان ممن علمت نبوته بالكتاب والسنة ، لأن هذا جحد لنبوته ، إن كان ممن يجهل أنه نبي ، فإنه سب محض ، فلا يقبل قوله إني لم أعلم أنه نبي").
فَفُهِمَ من هذا الكلام أن السب كفر سواء علم أنه نبي أو لم يعلم، وذلك بقوله: (فإنه سب محض فلا يقبل قوله "إني لم أعلم أنه نبي")،وفُهِمَ من الكلام أيضاً على أن السب هو الجحد لنبوته أيضاً، بقوله(لأن هذا جحد لنبوته).

الجواب : الإمام ابن تيمية هنا يتحدث عن شخص قد قام بسب نبي من الأنبياء قد ثبتت نبوته بالكتاب والسنة مدعياً أنه لم يعلم بأنه نبي قد ثبتت نبوته بالكتاب والسنة . يعني يتحدث عن شخص قيل له قبل سبه ، أنه نبي أو سمع أنه نبي ومع ذلك لم يبحث عن نبوته وصِدْق هذا الكلام في الكتاب والسنة فقام بسبه بدون سبب شرعي وهو غير معتقد لنبوته . فمثل هذا الشخص وصفه أنه سب نبياً من الأنبياء قد ثبتت نبوته بالكتاب والسنة ، فهذا السب من جهة هو سب محض لنبي قد ثبتت نبوته بالكتاب والسنة ومن جهة يعد جحداً لنبوته قبل أن يتحرى هذا الخبر في الكتاب والسنة .
مثاله : ذكر له اسم وقيل له أنه من أنبياء الله فأنكر نبوته قبل أن يتحرى عن هذه المعلومة من الكتاب والسنة ولم يكتفي بالإنكار بل سبه ، وعندما استتيب من ذلك قال : إني لم أعلم أنه نبي .
فقوله هذا لا يُعتبر عذراً له لسبه له بدون أي سبب يستحق السب . فالسب قد حصل وهو يعترف بذلك وكونه لا يعلم أنه نبي ثبتت نبوته بالكتاب والسنة لا يلغي جريمة السب وخصوصاً أنه بدون سبب سوى إظهار إنكاره وجحوده لنبوته . ولا يُفهم منه أن السب بشكل مطلق لنبي من أنبياء الله سواء ثبتت نبته بالكتاب أو السنة أو لم تثبت كفر . فمن سب شخصاً بسبب من الأسباب المشروعة لا يعلم أنه نبي ، لا يكفر . مثاله : قيل له أن شخصاً يدعى يوشع يذم الإسلام فسبه لذلك . فمثل هذا لا يُكَفَّر بعلة أنه قد سب نبي من الأنبياء .
ويفهم من هذا الكلام أيضاً أن من تجرأ بدون سبب شرعي على سب من قيل له أنه نبي بدون أن يتحرى عن ذلك لا يعذر بقوله أنه لم يكن يعرف أنه نبي إن ثبتت نبوته بالكتاب والسنة .
قولك : وفُهِمَ من الكلام أيضاً على أن السب هو الجحد لنبوته أيضاً، بقوله(لأن هذا جحد لنبوته).
الجواب : نعم بشكل عام السب يقتضي جحود النبوة . فمن يعتقد بنبوة شخص لا يسبه . ولكن لا يُعد كل من سب شخصاً من الأشخاص اسمه اسم نبي قد جحد نبوة النبي الذي ذكر اسمه في القرآن أو السنة . فالمسبة إن كانت لسبب شرعي لا يكفر الساب ولا يُعد جحوداً للنبي الذي له نفس الاسم ، وابن تيمية لا يتحدث عن مثل هذه المسبة . فابن تيمية يتحدث عن سب شخص قيل له عنه أنه نبي فسبه بدون أن يتحرى وبدون أدنى سبب شرعي ، ثم ثبت له من القرآن والسنة بعد ذلك أنه نبي من الأنبياء ، فمثل هذا غير معذور بالجهل لأنه جحد نبوته قبل أن يتحرى ، ولم يكتف بذلك بل أضاف لذلك سبه واحتقاره بدون سبب شرعي .

قولك : أما بالنسبة لكلام أبا ابطين ، فقد فهم بعض المعتقيد بكفر من أنكر نبوة أحد الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه من هذا القول، وقال: إن أبا بطين لم يقل(من أنكر نبوة أحد الأنبياء الذين ذكرهم الله في كتابه من بعد علمه أنه نبي) ففهم من كلامه أنه يجب على المسلم أن يعلم من هم الأنبياء بأعيانهم، واعتبرها مسألة من المعلوم من الدين بالضرورة كالزنا والخمر، فمن أنكر كفر سواء علم بنبوته أو لم يعلم.
الجواب : لم يقل أحد من علماء الأمة أن معرفة كل أسماء الأنبياء والرسل من المعلوم من الدين بالضرورة . فحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفهم كلهم فقد قال تعالى في حقه : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ .." ( غافر : 78)
فالنبي نفسه عليه الصلاة والسلام لم يُفرض عليه معرفة كل الأنبياء بأعيانهم فكيف الحال في غيره .؟!
المعلوم من الدين بالضرورة هو الذي يستوي فيه الجاهل والعالم أي لا يحتاج لبذل جهد في تعلمه فإن وصلت أسماء الأنبياء الذين ذكروا في القرآن والسنة لمثل هذه الدرجة في مكان من الأماكن ، عندها يقال هو من المعلوم من الدين بالضرورة يكفر من أنكره .
كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس