عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-23-2012, 11:30 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

أبوشعيب :
بسم
الله الرحمن الرحيم ،

اقتباس:
أقول : هل يكفي أيضاً أن نصفهم بأنهم مخطئين مثلا ؟!!
كما قال تعالى عن فرعون وهامان وجنودهما . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "


هناك فرق لغة بين مخطئ وخاطئ .. فالمخطئ من قصد الحق ولم يوفق إليه ، والخاطئ من تعمد الخطأ .

على أيّة حال ، إن كان يقصد بذلك أنهم على غير الحق وعلى ضلال فيما وقعوا فيه من خطأ ، فيكفيه ذلك أيضاً .. فإن ما ينبغي له هو أن يبيّن أنهم على باطل . سواء سمى ذلك الباطل خطأ أو ضلالاً أو غيره .

اقتباس:
وإذا وصفناهم بأنهم ضالين أو فاسقين أو مبطلين فما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال ؟
وهل وصفنا للمشركين مع الله بأنهم في ضلال مبين كوصف إخوة يوسف لأبيهم أنه في ضلال مبين ؟
قال تعالى : إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "


وصفنا للمشركين بالضلال هو في أمر عبادتهم ودينهم ، وهذا يدلّ على بغض المرء لما هم عليه من كفر وشرك .. أما وصف إخوة يوسف لأبيهم فهو في المسألة التي ذكروها ، وهي تفضيله ليوسف عليهم .

أما ما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال .. فهذا يُعلم بالدليل الشرعي ، لا من مفهوم لا إله إلا الله .

اقتباس:
ثم أليس التضليل والتفسيق أحكام شرعية ؟
لماذا فرقت بينها وبين التكفير مع أنها كلها أحكام شرعية ؟


مقصودي بالتضليل والتفسيق هو بيان أنهم على غير الحق ، وأنهم بفعلهم الباطل على الباطل ، وقد ذكرت ذلك في أكثر من موضع .. ولم أعن به حكماً شرعياً يترتب عليه ما حدده الشارع فيهم .

أما تفريقي بينها وبين التكفير .. فهذا عجب !

هل لك أن تبيّن لي أين حدث ذلك ؟ .. وكيف هذا وأنا غاية ما قلت إنه لا يلزمه التكفير - لو كان جاهلاً - حتى يدخل الإسلام ، بل يكتفي ببيان أنهم على الباطل ، سواء كان هذا البيان بالتفسيق أو التضليل بله التكفير .. فكلها كلمات غايتها واحدة ، وهي : بيان الباطل .

اقتباس:
ماذا تفهم من قوله تعالى : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " ؟
هل البراءة منهم تعني البراءة من فعلهم فقط مع أن اللفظ في الآية واضح جداً " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ "؟ وهل في لغة العرب ما يدل على ذلك ؟ ألا يوجد فرق باللغة العربية بين لفظ " منكم " ومن فعلكم " ؟ لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخطا خالد ابن الوليد : " إني أبرأ من خالد " وقال : " إني أبرا مما فعل خالد " ؟


ذكرت أنها براءتان .. براءة منهم لفعلهم الشرك . تقول لي كيف يبرأ منهم في فعلهم ؟ أقول لك : كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : « أنا بريء من كل مسلم يعيش بين ظهراني المشركين » .. فهذه البراءة مبناها وداعيها الإقامة بين المشركين .. فهو يتبرأ منهم لفعلهم ، مع موالته لإيمانهم .

وقوله أيضاً : « من أمن رجلاً على دمه ، فقتله ؛ فأنا بريء من القاتل ، وإن كان المقتول كافراً »

هذا معنى البراءة منهم في فعلهم .

فالمسلم حتى يكون مسلماً حقاً يجب أن يتبرأ من الكفار في كفرهم .. وإن والاهم في غير ذلك ، فحاله يترجح بين فسق وعصيان ، وقد يرتفع إن كان جهلاً أو اجتهاداً مسوغاً .

وبراءة من أشخاصهم بعد إقامة الحجة ، وهي ما ذكره الله - تعالى - : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]

معناه ، أنه لم يتبرأ منه قبل ذلك .. أي : لم يتبرأ من شخصه ، مع تبرؤه من كفر أبيه .

فهذه الآية المذكورة جمعت بين البراءتين ..

أما لماذا لم يتبرأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من
شخص خالد ، مع تبرؤه من فعله .. فلأنه لم تقم عليه الحجة ، ولم يكن هناك داع من التبرؤ من شخصه حينئذ .

اقتباس:
وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟
وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟ وفيه لفظ : " بكم " ألا يوجد فرق في اللغة بين " كفرنا بكم " وبين " كفرنا بأفعالكم "
يا رجل بالله عليك بأي لغة تفهم آيات الله ؟


أفهمه باللغة العربية التي يفهمها المفسرون .. وليست لغتك العربية أنت .

جاء عند ابن كثير :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } أي : بدينكم وطريقكم
وجاء عند الطبري :

كفرنا بكم : أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله ، وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون الله أن تكون حقًّا
وجاء عند القرطبي :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } : أي : بما آمنتم به من الأوثان
وعند ابن عطية ، الذي تفسيره من أصح التفاسير وأحسنها ، كما قال ابن تيمية :

وقوله : { كفرنا بكم } أي كذبناكم في أقوالكم ، ولم نؤمن بشيء منها
وعند البغوي الذي أثنى على تفسيره ابن القيم :

{ كَفَرْنَا بِكُمْ } جحدنا وأنكرنا دينكم
فإن كان هؤلاء المفسرون لا يعرفون ما تعرف أنت من أسرار العربية ، فقد فسد دين الله إذن .

ثم أود أن أسألك سؤالاً أرجو أن لا تتهرب منه .

ما معنى قولنا : كفر فلان بالله ؟ .. هل يعني : أنه قال عن الله كافر ؟

وما معنى قولنا : كفر فلان بالنبي ؟ .. هل يعني : أنه قال عن النبي كافر ؟

كقوله تعالى : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ
كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [التوبة : 84]

-------------------------

اقتباس:
أقول : الحكم على الأفعال من الناحية الشرعية هو كالحكم على الأشخاص يحتاج لدليل شرعي . فلماذا شرطت في الثانية الدليل الشرعي ولم تشترط في الأولى .؟
وما يمنع من دخل التوحيد أن يحكم على شخص وعين من لا يعتقد اعتقاده أنه غير موحد . ؟
وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد .
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟


لقد ذكرت أن أدنى العلم الشرعي أن يعتقد المرء أن هذا الفعل الشركي باطل وضلال ، وأن صاحبه
بهذا الفعل مبطل وضال ومتبع للشيطان وعلى سخط من الله بفعله .

وأين تراني اشترطت الدليل الشرعي في الحكم على الشخص
في فعله بمقتضى ضرورة العقل ؟

فلو جاء رجل جاهل وقال : فلان بباطله محق ، فهو كافر .. لأن جعل فعله للباطل حقّاً ، وهذا مفهوم في الضرورة العقلية ، ولا يماري فيه أحد .

لكن لو جاء وقال : فلان ببطاله مبطل ، وبحقه محق ، فهذا لا يخالف الضرورة العقلية ولا الشرعية .. فإنه يُمكن أن يجتمع في الإنسان حق وباطل ، وعند
الترجيح بينهما لتنزيل الحكم الشرعي العام الذي يطاله ، يحتاج إلى فضلة زائدة من العلم الشرعي عن أصل الدين ، وهي : شروط التكفير وموانعه ، وهو من جنس ما يسمى عند الأصوليين : تحقيق المناط .

- أما قولك : ما يمنع من دخل التوحيد .. إلخ .

فجوابه : لا يمنعه إلا عجزه عن الترجيح بين الحق والباطل إن اجتمعا في شخص ما ، مع إقراره أن هذا الشخص مبطل بفعله الباطل ، محق بفعله الحق .

- أما قولك : وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟

بل يعرف ذلك في المسائل التي خالف فيها من لم يدخله .

- تقول : ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .

نعم ، يعرف كل هذا في المسائل التي خالف فيها المخالف .

فيقول عن بعض التوحيد الذي عند المشرك : هذا من دين الله .. ويقول عن بعض الشرك الذي عنده : هذا من دين الشيطان .

وتبقى مسألة الترجيح .. هل فعله في دين الله شرك أكبر أم أصغر ؟ وإن كان أكبر ، هل يعذر الله مثل هذا في جهله لبعض التوحيد أم لا يعذر ؟ وهل هو من جنس طاعة الله في مسائل وطاعة الشيطان في أخرى ؟

هذه كلها مسائل تفتقر إلى النصوص الشرعية لبيانها وإيضاحها .

وباقي كلامك أجوبته في الأعلى ، إلا إن غفلت عن شيء فنبّهني عليه .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ها أنت تحكم بكفره إذا اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون جهلاً .
فهو ظن أن فعلهم لا يغضب الله بل يرضاه ، فلماذا هذا تكفره ولا تقيم عليه الحجة ولا تتحقق من شروط وموانع التكفير فيه مع أنه جاهل . ؟
وكذلك حال من يدعي الإسلام مع فعله الشرك الأكبر ( كدخول البلمانات الشركية أو التحاكم لغير شرع الله ) يعتقد صلاح فعله وأنه بفعله دخول البرلمانات الشركية من المصلحين المجاهدين . فلماذا لا تحكم عليه بالكفر والشرك وتعذره بجهله وتأويله أو تعذر من يعذره .؟
تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .


كلامنا عن من لا يكفّر هؤلاء .. أما جواب ما سبق فأقول : لا يُعذر أحد في استحسان الشرك ومحبته .. لأنه لم ينبذه بقلبه .. وقد ذكرت من قبل إن نبذ الشرك يكون بنبذه قلباً وقالباً .

أما قولك : تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل

فجوابه : أما الأول فإنه استحسن الكفر والشرك وصوّبه ، وهذا مناقض لمعنى لا إله إلا الله ، والتي تفيد : نبذ عبادة غير الله تعالى ، واعتقاد بطلانها .

أما الثاني .. فإنه مقر بأن هذا الفعل باطل ولا يرضاه الله ، وأن صاحبه في هذا الفعل مبطل ، فما وجه نقضه لـ لا إله إلا الله ؟؟

هل استحسن الشرك واستصوبه ؟ .. الجواب : لا .

هل قال عن صاحبه إنه على حق في فعل الشرك ؟ .. الجواب : لا .

فكيف يكفر هذا إذن ؟

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني لو لم يفعل أي شيء من الباطل سيحكم عليه أنه على دينه أم ماذا سيحكم ؟
أنت يا أبا شعيب هنا جعلت كل الأحكام على الأفعال ؟ فما الدليل على ذلك من القرآن والسنة ؟
ألا يوجد عندك أحكام على الأشخاص المعينين ؟
مثال : لو لم يدعوا غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟


سؤالك الأول لا معنى له .. فإنه إن لم يفعل شيئاً من الباطل ، فهو إذن على الحق . إذن هو مسلم .

ثم أين جعلتُ كل الأحكام على الأفعال ؟ لعلك تعني : كل الأحكام
في الأفعال وبـالأفعال .. لأن هذا هو عين ما أقوله .

أما دليلي من القرآن والسنة .. فالأدلة متظاهرة متظافرة يعلمها الجميع ، وأنت لا تخالفني في الاستدلال بها .

كقوله تعالى : { قل يا أيها الكافرون } .. سماهم كافرين
لكفرهم وليس لأي اعتبار آخر .

بل يوجد أحكام في أشخاص معينين ، وهم ممن ترجح فيهم الحكم الشرعي بعد تحقيق المناط فيهم .

أما مثالك الذي ضربته ، فهذا كافر إن سمع بالإسلام ورفض الدخول فيه .

أما من دخل دين الإسلام ، فيحكم عليه أنه على غير دين الإسلام ، وهو على باطل وضلال لا يرضاه الله ، وسالك لسبيل سخط الله .

ونعم ، يجب أن يعتقد أنه على غير دينه ( أي شريعة الإسلام ) ، لأنه رفضها ورفض الدخول فيها ، بل وقد أظهر ذلك وجاهر به .

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني يقول فلان بدعائه غير الله على غير دين الإسلام ، ولكن إذا سئل هل تكفره على هذا بعينه ، يجب عليه أن يقول لا أكفره حتى أقيم عليه الحجة وأتحقق من شروط وموانع التكفير . وهذا يحتاج لقضاء .
أسالك : ما هذه الحجة التي ستقيمها عليه ؟ وما هذه الشروط التي ستتحقق منها ؟
هل ستفهمه أن دعاء غير الله شرك ؟ بماذا ستفهمه ذلك أليس بآيات الله وسنة رسوله ؟
أليس آيات الله وسنة رسوله متيسرة له ليطلع عليها ؟
وإذا فهَّمته ذلك ورفض ما قلته له ، فماذا تحكم عليه ؟ وماذا تحكم على من حكم عليه بالإسلام رغم ذلك ؟


هل تتكلم عن معتقدي فيمن يدعو غير الله تعالى ؟ .. لقد قلت إنه مشرك دون إقامة حجة .

أم تتكلم عن حكم من لا يكفره ، مع إقراره أنه بشركه هذا على غير دين الإسلام ؟

فإن كنت تعني هذه ، فهذا لا يكفر حتى يُبيّن له بالدليل من القرآن والسنة
بالتفصيل على أن الشرك الأكبر ، وإن كان يسيراً ، فإنه لا يعذر صاحبه بالجهل أو التأويل ، وهو ينقض أصل الدين من أساسه ، فيغلب على وصف صاحبه الشرك والكفر ، فلا يُسمى مسلماً .

فإن
فهم الحجة وعاند وكابر ، عندها هو كافر .

وحال هذه المسألة كحال أي مسألة شرعية أخرى .

أما مسألة إقامة الحجة ، وهل يكفي وجود كتاب الله بينهم حتى يحق عليهم وصف الكفر الذي يستلزم القتال والمنابذة والجهر بالبراءة ، فهذه مسألة يصح فيها الاجتهاد ويُعذر فيها بالتأويل والعلم .. كمن يظن أن إقامة الحجة تعني فهم الحجة ، ولا علاقة لها بالقضية المطروحة للنقاش ، وهي : تعريف أصل الدين وبيان موقع التكفير منه .

أما حكم من حكم عليه بالإسلام على الرغم من ذلك .. فهو إن خالف في معنى إقامة الحجة ، فيجب شرحها له .. وإن خالف في شروط وموانع التكفير ، فيجب إفهامها له .. فإن تحقق عنده العلم والفهم في كل ذلك ، ثم عاند وكابر ، فهو كافر .. حاله كحال أي مسألة شرعية أخرى ..

كمن يقول : إن فلان شارب الخمر غير آثم لأنه جاهل .. هذا مع كونه يعيش بين المسلمين .

فمثل هذا لا يكفر ابتداء حتى تقام عليه الحجة وتبيّن له بياناً واضحاً لا شك فيه ولا لبس .

-------------------------

اقتباس:
طيب إذا كان يكفي أن نقول فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ولكن لا يجوز تكفيره حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع . ما دام الأمر هكذا فلنا إذاً أن نقول عن مشركي العرب بعبادتهم الأصنام ليسوا على دين الإسلام ولكن لا نحكم عليهم بالشرك أو الكفر حتى نقيم عليهم الحجة وتتحقق فيهم شروط وتنتفي موانع . وكذلك القول في النصارى واليهود والمجوس والدروز والعلوين والهندوز والبوذين ووو

مشركو العرب في
أكثر دينهم على غير الإسلام ، فغلب عليهم حكم الشرك والكفر ، وقد خالفوا في مسائل كليّة أصولية ، هي نواقض صريحة واضحة لكلمة الشهادتين .

كيف يعني مسائل كليّة أصولية ؟ سنفهم ذلك بالرجوع إلى حقيقة معتقدهم ..

- فكانوا يعتقدون أن الأصنام بنات الله .
- وكانوا يعتقدون أن الله - عز وجل - أسير لهنّ ، خائف منهن ، محتاج إليهن ، خاضع لحكمهن . تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
- وكانوا يعظمونها ويذكرونها كثيراً ، أكثر مما يفعلون مع الله .
- وكانوا يصرحون بعبادتهم لها ، وبأنها لهم آلهة .

فأكثر مسائل العبادة عندهم يصرفونها لغير الله ، وعبادة الله وحده طارئة على معتقدهم في أحوال قليلة ، كما ذكر الله - تعالى - : {
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]

فصار الأصل عندهم الشرك .. والطارئ عليهم التوحيد .

فمن قال بعدما عرف حالهم : إن الأصل فيهم التوحيد ، وأن أكثر دينهم هو توحيد الله .. فهذا لا شك في كفره . لأنه يرى أن أكثر دينهم الكفر والشرك ، ثم يقول إنه التوحيد .

أما من قال : هم في أكثر دينهم على غير الإسلام .. ولم يحققوا من كلمة التوحيد شيئاً إلا النزر اليسير ، بل ويقر أنهم مشركون في أكثر دينهم (لأنهم أنفسهم يقولون إنهم يعبدون غير الله) .. فهذا إقرار منه بكفرهم ، وإن لم يصرّح بذلك .

فلو قال : أكثر دينهم باطل ، وهم يعبدون غير الله كما صرّحوا ، ثم بعد ذلك قال : ومع ذلك فهم مسلمون .
فهذا تناقض واضح في مسألة شرعية واضحة ، فإما أن يكون مجنوناً ، أو يكون كافراً مسهزئاً بالدين ..

فإن كان عاقلاً فهو كافر لمخالفته لمسألة شرعية واضحة لا يخالف فيها أحد من المسلمين .

أما إن جاء ببدعة وقال : نعم ، هم على باطل وضلال في أكثر دينهم ، ولا أسميهم مسلمين .. لكن لا أكفرهم لأن التكفير يجب أن يقول به القاضي .

فسألته : يعني هم عندك مسلمون ؟ .. وقال : لا .. فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتُدحض بدعته تلك .

أما إن قال هم مسلمون ، فهو كافر .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ألا يدل كلامك هذا أنك سويت بين الشرك الأكبر والمعصية ؟ وقد فرق الله بينهما في محكم كتابه .
" فلان بشركه على غير دين الإسلام " مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "


المشابهة التي ذكرتها أنا ليست كليّة ، بل في وجه من الوجوه .. وليست كل مشابهة كليّة ، حتى في لغة العرب .

وهذا الوجه الذي أقمت فيه المشابهة هو : بيان أن هذا الفعل ببطلانه على غير دين الإسلام .

لذلك قال الله تعالى : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ
فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

جعل جميع ما خالف الحق من الضلال .. أما تفصيل ذلك فله مقام آخر .

فالمعاصي بمختلف درجاتها تندرج تشترك بعلة واحدة وهي : مخالفة الحق ، أو الضلال ، أو الفسق ، أو غير ذلك .. وكلها تنبثق من أصل واحد وهو : الباطل .

لذلك تارة يُسمى الكافرون : ضالين .. أو فاسقين .. أو ظالمين .. أو خاطئين .. أو مبطلين .. أو غير ذلك .

فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .

وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .

فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً .

فلا أرى وجهاً للمساواة بين الكفر والمعصية في كلامي ،
والجميع يتفق أن المعاصي كلها ، وبكافة درجاتها ، من غير دين الله ، بل هي من دين الشيطان .

-------------------------

اقتباس:
أقول : هل قولك : بلى ، هنا إقرار بأنه إذا لم يقل ذلك لا يصح توحيده أم ماذا ؟
ثم أنت هنا تحكم على من عنده جانب من جوانب التوحيد بالشرك وانتقاض توحيده ، حكم على التعيين لأنه تلبس بالشرك ، ولا تعذره بالجهل ، ولا تشترط أقامة الحجة عليه أو تحقق شروط وانتفاء موانع التكفير بينما تشترط كل هذا فيمن انتسب للإسلام . لماذا ؟ هل عندك دليل واحد على التفريق ؟


نعم ، إن لم يقل ذلك لا يصح توحيده . وقد ذكرت لك الفرق بين الحكم على الفاعل بفعله وفي فعله ، وبين الترجيح بين المتناقضات . كالترجيح بين الإيمان والكفر إن اجتمعا في إنسان ما .

فمن خالف في الترجيح لجهله وغبائه ، مع اعتقاده بطلان ما هو عليه هذا الشخص ، فهذا لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وتفصّل له إلى أن يفهمها .

أما من تلبس بالشرك الأكبر وهو منتسب للإسلام ، فهو غير معذور بالجهل . وقد كررت ذلك في أكثر من موضع .

-------------------------

اقتباس:
أقول : ما دليلك على أن الحكم بمقتضى الاعتقاد راجع على الفعل وليس على الفاعل ؟
ومتى ترجع الأحكام على الفاعل ؟ أم أنها لا ترجع أبداً عندك ؟


لأن الحكم على الفاعل إنما هو أساساً حكم عل الفعل ، أليس كذلك ؟؟ ولولا الفعل لما كان هناك فاعل . ولولا الحكم على الفعل لما حكمنا على الفاعل .

فالفعل هو الأصل في الحكم .

ثم اقرأ كلامي جيداً ، فأنا قلت :

اقتباس:
قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان

انتبه جيداً لكلامي .. فأنا قلت إن
الحكم على الناس (يعني الفاعل) يكون بمقتضى الفعل (يعني الحكم على الفعل)

فالأصل حينئذ هو الحكم على الفعل ..
ويتبعه بعدها الحكم على الفاعل بمقتضى حكمنا على الفعل .

وليس هذا مني إنكار على الحكم على الفاعل .. بل هو تفريق بين الأصل والفرع .

ستقول لي : وهل يفترقان في بعض الأحوال ؟

أقول لك : نعم ، قد يتخلف الحكم على الفاعل مع بقاء الحكم على الفعل .. وهذه مسألة أظنك تعلمها ولا حاجة لشرحها .

-------------------------

اقتباس:
أقول : كيف فهمت من قول " ليس بمسلم " يعني الحكم على الفعل وليس على الشخص ؟
إذن ستفهم من كل آية أو حديث ذُكر فيها ليس مسلم أو كافر ، يعني الحكم على الفعل ، يعني الفعل هو الذي على غير الإسلام ، أما فاعل هذا الفعل فلا يقال أنه على غير الإسلام بعينه .
هل هكذا تفهم عبارات اللغة العربية ؟ فمتى وكيف سنفهم أن لفظ ليس بمسلم أو كافر أو مشرك تعني الشخص المعين وليس العمل فقط ؟


جواب ذلك في جواب كلامك السابق ، فراجعه .

-------------------------

اقتباس:
أقول: أتفهم من قول الباطل والضلال في الآيات هو الحكم على الفعل فقط ولا علاقة لها بالشخص المعين ؟
إذن كلمة الحق في الآيات لا تعني الذات الإلاهية وإنما فُعلها . مع أن لفظ الآية هو :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ "
هذا وكلمة " على باطل " وصف للمعين وليس وصف للفعل . نقول فلان على باطل .
وهكذا حكمنا على فعل الشرك وفاعله نقول عن الفعل شرك وعن الفاعل " على شرك " يعني مشرك . فكل من هو على الشرك ، مشرك ، كما أن كل من هو على التوحيد موحد .
ولا يقال أن قولنا "على الشرك " نقصد به الفعل وليس الفاعل ، أو قولنا " مشرك " نقصد به العمل وليس الشخص ذاته . فهذا لا يستقيم بلغة العرب .
وكذلك لا يقال أن قولنا "على التوحيد " نقصد به الفعل وليس الفاعل .
وكذلك قولنا " على الإسلام " لا يقال نقصد به الفعل وليس الفاعل . فكل ما على الإسلام مسلم وكل ما على غير الإسلام كافر خارج من الملة
وهذه الألفاظ لا تستعمل للحكم على الفعل في لغة العرب بل للحكم على الفاعل ووصفه .


جوابي عن هذا قد تقرر فيما سبق ، في بيان الفرق بين الحكم على الفعل والفاعل أولاً .. وثانياً : في بيان أن كل باطل هو ليس من الإسلام ، وأن فاعله في فعله الباطل على غير الإسلام .

-------------------------

اقتباس:
أقول : لو لم نقل له ذلك وقلنا له كما هو في المثال ما حكمنا ؟
لو سأل هذا السؤال لشخص دخل الإسلام من جديد وأجابه نفس الجواب فماذا حكمه ؟


لو قلنا له ما ذكرته أنت في المثال ، فهو بحسب حال الشخص .

فإن كان من دين آخر لا ينتسب إلى الإسلام ، كما لو كان بوذياً أو يهودياً أو نصرانياً .. فإن عدم بيان حكمه عندما كان كافراً هو من التلبيس عليه ، وهو خلاف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يجهر بتكفير المشركين .

ستسأل : هل قولنا له في هذه الحال : ما عليك من معرفة الحكم .. هل هو كفر ؟

فأقول لك : لا ، ليس كفراً إن كان القصد منه أنه ليس شرطاً لدخوله في الإسلام .. واكتفينا منه في هذه المرلحة أن يعتقد أنهم على ضلال وفساد دين .

أما إن كان ممن ينتسب إلى الإسلام ، ويقوم بالكثير من شعائره ، فقولنا له ذلك قد يكون صحيحاً في
تلك المرحلة ، مع التشديد على أنه كان في ضلال وباطل .

-------------------------

اقتباس:
أقول : وهل الآيات والآحاديث التي تسمي من كان مثله ، مشرك أو غير مسلم أو غير موحد ليس لها علاقة بأصل الدين وكيفية دخول الإسلام ؟
ألم يفهم مشركي قريش من أول كلمة دعاهم إليها رسول الله أنهم ليسوا على دين الله ؟


نعم ، ليس لها علاقة .. بل هي أحكام شرعية لا أكثر ، ذكرها الله في كتابه ، ومن جهلها لا يكفر حتى تقام عليه الحجة .

أما كفار قريش ففهموا ذلك
لأنه كان يدعوهم إلى خلاف معتقدهم . فهم كانوا يرونه على غير دينهم ، ويعبد غير إلههم .

وهذا هو ما يطالب به كل من يريد الإسلام ، أن يعلم أن الإسلام مخالف للباطل الذي هو عليه ، وأنه في معتقده الباطل وفعله على غير دين الله تعالى .

وإلا ، فإنه لا ينكر أحد أن كفار قريش كان عندهم بعض الإيمان وبعض التوحيد .. فهم في معتقداتهم تلك على دين إبراهيم ، وفي شركهم وكفرهم على دين الشيطان ، وقد غلب شركهم وكفرهم توحيدهم ، فظهر عليهم الحكم الشرعي وتسموا بالكافرين .

-------------------------

اقتباس:
أقول : يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول .


يلزمه قطعاً أن يعتقد أنه بفعله الباطل ، المخالف للحق ، (أي : بأدائه لهذا الفعل) كان على غير دين الله في هذا الفعل (أي في هذه المسألة التي خالف فيها) .

ومثاله : رجل لا يدعو إلا الله .. ولكنه يتحاكم إلى الطاغوت .

نقول فيه : هو في توحيده لله بالدعاء على الحق ، وعلى دين الله .. وفي تحاكمه إلى الطاغوت على الباطل ، وعلى دين الشيطان .

وعند الترجيح ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر : 65]

فيعني : أن شركه نقض توحيده ، فلم يعد ينفعه عند الله .

أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر .

ومثال هذا موجود في كتاب الله تعالى ، إذ يقول : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]

يعني عندهم بعض إيمان (وهو حق) وعندهم بعض شرك (وهو باطل) .

فمن اعتقد ذلك في الناس ، ولم يٌوفق إلى الترجيح بين الأحكام المتناقضة ، فهذا لا يكفر .

هذا ، والله أعلم

رد مع اقتباس