عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 01-23-2012, 11:53 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم
قولك : يعني نتفق إذن على أن أصل الدين هو ما جاء به الحديث الذي أوردتُه أنا ، إذن لن نختلف في هذا المصطلح إن شاء الله
أقول : نعم نتفق على ما جاء بالحديث ، ولا أظننا نختلف في معنى المصطلح ، والخلاف في مفهوم أركان أصل الدين . والمشكلة تكمن في فهم الشرط الأول وهو : الكفر بالطاغوت . أو الكفر بما يعبد من دون الله .
فما معنى الكفر بالطاغوت ؟ وكيف يتحقق في أرض الواقع ؟
وما معنى الطاغوت الذي أمرنا الله أن نكفر به . ؟
فبدون معرفة معنى الطاغوت وبدون معرفة كيفية الكفر به ، لا يتحقق الشرط الأول لدخول الإسلام . أو قل لا يتحقق الشرط الأول لتحقق أصل الدين .
وهذا هو الذي يجب أن نركز عليه في حوارنا بعد الآن .
قولك : " أما طلبك العجيب - مع احترامي - لذكر أول العلماء الذين قالوا بذلك .. فأظن أولاً أننا اتفقنا أن نترك كلام العلماء جانباً في هذه المرحلة ، وثانياً لا أدري ما يهم ذلك في ديننا أن نعرف أول العلماء أو آخر العلماء !! هل إذا جهلنا أول العلماء أثمنا أو كفرنا ؟ وأما كون أول العلماء هذا تركنا لاجتهادنا ، فهو ليس إلهاً ولا رسولاً حتى لا ننسب إليه النقص والخلل .. فأرجو أن تتكلم عن نصوص القرآن والسنة التي أكمل الله بها الدين .
لا يعني هذا أنني لا أستطيع الجواب ، إنما أنت تتكلم عن مصطلح ، ثم تسأل عن أول من أتى به .. مع اتفاقنا على معنى هذا المصطلح وهو : ما لا يدخل المرء الإسلام إلا به . فما يفيد الآن في ديننا أن نعلم أول من قال به ؟

أقول : أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .
قولك : " في لغة العرب ، حرف "لا" إما أن ينفي الوجود أو ينفي الصحّة . فإن ثبت وجود معبودات غير الله ، فدلّ ذلك على أنها تنفي الصحّة عن غير الله تعالى .
أما من يقول : لا معبود إلا الله .. فإن عنى بذلك ما يعنيه حرف "لا" في لغة العرب من نفي الصحة ، مع إقراره بوجود آلهة باطلة تعبد من دون الله ، فلا يضيره ذلك إن كان يعني التفسير الحرفي لهذه الكلمة وهو يعني تمام ما تعنيه .

أقول : معنى : لا معبود بحق إلا الله . أي : لا أحد يستحق العبادة إلا الله جل وعلا. فهناك معبودات غير الله عز وجل كثيرة ، ولكنها معبودات باطلة يجب ردها والكفر بها وتكفيرها إن كانت راضية وتكفير عابديها وتكفير من لا يكفرهم .
والدليل على ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " من قال لا إله إلا لله وكفر بما يعبد من دون الله حرم دمه وماله"
ولنركز على معنى كلمة " لا إله إلا الله " فهي التي تهمنا ونفسرها بأسلوب سهل يفهمها المكلف . حتى إذا قبلها يقبلها عن علم ومعرفة حتى يستفيد من قولها . و " لا إله إلا الله " هي أصل الدين ، ومعناها يبين ما هو الحد الأدنى لدخول الدين لأن دخول الدين يكون بها .
كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " تتكون من أربع كلمات: (لا) ثم (إله) ثم (إلا) ثم (الله)
(لا) حرف نفي الجنس ، وهي من أخوات إنَّ ، أو تعمل عمل إنَّ كما قال ابن مالك :
عَمَلَ إنَّ اجْعَلْ لِلا فِي نَكِـرَة
ويكون اسمها نكرة ، وهو هنا " إله " فـ "إله " اسم (لا) وهو نكره . الإله فعال بمعنى مفعول مألوه يعني معبود ؛ لأن الإلهة بمعنى العبادة ، والألوهة بمعنى العبودية، وأصلها من أَلَهَ يَأْلَهُ، إِلَهَةً، وألوهة ؛ إذا عبد مع الحب والخوف والرجاء.
فمعنى (لا إله) لا معبود . وهذا الذي يقتضيه لسان العرب، وكذلك هو الذي جاء في القرآن الكريم ، قال تعالى : ï´؟الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَï´¾[هود:1-2]
وقال تعالى : ï´؟وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُï´¾[المؤمنون:23] فقوله (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) أتى بعد أمرهم بعبادة الله جل وعلا وحده دون ما سواه .
فتفسير الإله بالمعبود ، موافق للقرآن وموافق للغة العرب .
الكلمة الثالثة التي تتكون منها شهادة التوحيد هي (إلا) و(إلا) عند بعض العلماء اللغة أداة استثناء، وعند بعضهم أداة حصر .
وخبر (لا) محذوف تقديره (حق ) لأن في لغة العرب لا النافية للجنس يحذف خبرها إذا كان واضحا معلوماً. قال ابن مالك في الألفية في آخر باب لا النافية للجنس :
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الخَبَر إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَــر
فلا يحذف خبر لا النافية للجنس إلا إذا كان واضحاً . ولا يجوز تقدير خبر (لا) بـ ( موجود ) أي " لا إله موجود إلا الله " لأن المشركين كانوا يعتقدون أن هناك آلهة كثيرة موجودة ، ولو فهموا من شهادة التوحيد أن معناها " " لا إله موجود إلا الله " لما اعترضوا قائلين كما أخبر الله عنهم : ï´؟أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًاï´¾ ولقالوا للرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم لكلمة التوحيد : هذه الآلهة موجودة ، فكلمتك هذه ليست بصحيحة.
إذن فالصحيح أن خبر (لا) المحذوف هو ( حق ) لأنه واضح معلوم ولأنه زبدة ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام بُعث لتوحيد الله جل وعلا بالعبادة ولإبطال عبادة غيره ، وليبين أنه لا معبود بحق إلا الله وأن كل معبود سوى الله جل وعلا فعبادته باطلة وظلم وطغيان وتعدي على حق الله .
إذن هنا حُذِف الخبر لأنه معلوم ، فصار تقديره لا إله حق - أو لا إله بحق- إلا الله ، وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى قال ï´؟ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُï´¾[لقمان:30]
ولقد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال : " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي "
الكفر بالطاغوت = لا إله
ويؤمن بالله -= إلا الله
هذا وسيأتي كيفية تطبيق هذه الكلمة على الواقع وعلاقتها بالموضوع الذي نتكلم عنه .

قولك : نعم ، يوجد شرح واف كامل لهذه الكلمة في نصوص كثيرة ، وقد ذكرتُ بعضها .
كقوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأعراف : 59]
وقوله : { حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [الحج : 31]
وقوله : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } [النحل : 36]
وأخيراً : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [المائدة : 72]
فكانت الأنبياء جميعها - عليها السلام - تأمر بعبادة الله وتنهى عن الشرك به ، وهو معنى : لا إله إلا الله .. أي : لا تعبدوا إلا الله .

أقول : إذن مسألتنا حدث فيها تقدم . عرفنا أين نبحث عن مبتغانا ولم يبق إلا أن نفهم ما نجده. ولا داعي لتشتيت وتشعيب الموضوع والبحث عنه في أماكن أخرى .

قولك : حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .
أقول : هل تحكم عليه بالإسلام ظاهراً مع معرفتك أنه نطق بها وهو لا يعرف معناها؟

قولك : أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر .
أقول : أنت تقر هنا أنه إذا فعل ما ينقضها يصبح كافراً .
أليس من فعل الشرك الأكبر قد نقضها ؟ وأنت تحكم عليه بالكفر ولا تعذره بالجهل . فلماذا ما زلت تحكم على من لا يكفره بالإسلام ؟
هل من لا يكفره فهم أصل الدين كما فهمته أنت ؟
هل قولك :" أما من نطق بها وأقر ، وهو يفعل ما ينقضها .. فهو كافر ." وجهة نظر لك ؟
أم اجتهاد منك لا تلزم غيرك به ؟
أم أنه مفهوم للشهادة لا يسع أحد أن يخالفه ؟

قولك : " بل ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها كما جاءت به .. وهو باختصار شديد : عبادة الله وحده ، ونبذ عبادة كل ما سواه .
أقول : هنا تقول : لا يتحقق إسلامه حتى يفهم معناها ، وقبلها تقول : حكمه في الظاهر مسلم ، وفي الباطن كافر .
فهل تقصد لا يتحقق إسلامه في الباطن حتى يفهم معناها ولكن يتحقق إسلامه في الظاهر ويعامل معاملة المسلمين مع معرفتنا الأكيدة أنه قالها وهو لا يعرف معناها. ؟
وهل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أنت قلتَ : " ليتحقق إسلامه يجب أن يفهم معناها "
ما حكم من يحكم بإسلام من تلفظ الشهادة وهو يعرف حق اليقين أنه لا يعرف معناها ؟
هل فهم كيفية دخول الإسلام من يعذر بجهله من لم يشترط معرفة معنى الشهادة لدخول الإسلام ؟

قولك : فإن كنت تتفق معي على معنى هذا المصطلح ، وأنه ما جاء به هذا الحديث ، فما لزوم كل ما ذكرتَه أنت من معرفة أول قائل به ، وما يعني به ، وما إلى ذلك؟؟
اتفقت معي على معنى أصل الدين ، وانتهينا .. فلا أرى لزوماً لكل ذلك إلا تشتيت الحوار .

أقول : لقد ذكرت لك سبب سؤالي وأكرره هنا .
أنا سألتك عن أول من وضعه ، حتى نعرف منه ماذا قصد بهذا المصطلح ، وما هي أركان هذا المصطلح ؟ وما هي لوازمه ؟ وما يقصد بلوازمه .؟ حتى لا نضيف له أركاناً ولوازم ليست منه ، وحتى لا ننقص من أركانه ولوازمه شي .
فقد يأتي شخص ويقول أنتم هنا تكررون مصطلحا ً ولا تلتزمون بما وضعه صاحبه من أركان ولوازم . فتدخلون بعض الأركان في اللوازم أو تدخلون بعض اللوازم في الأركان . وتفهمون الركن واللازم بغير ما قصده واضعه . لهذا قلت لك نستعمل تعبير " الحد الأدنى المطلوب من العبد تحقيقه لدخول الإسلام ." وهذا التعبير يفهمه كل مكلف عاقل بالغ .

ق
ولك : جواب سؤالك الأول : بلى .
وحكم من لم يترك الشرك هو : مشرك غير مسلم .

أقول : إذن أنت تقر أن الأمر بتوحيد الله في العبادة وعدم الإشراك به شيئاً ، هو لإعطاء الله حقه على العبيد ولتحقيق وصف موحد مسلم وتحقيق الدخول الصحيح في دين الله ..
وتحكم على من أشرك بالله أنه مشرك غير مسلم .
فهل إقرارك وحكمك هذا هو من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد الذي يجب أن يُفهم منها ، وأن من لا يفهمها هكذا كما فهمته أنت هنا لا يفهم هذه الكلمة ؟

قولك : ولا ، لا نستطيع أن نصفه بأنه موحد مسلم في دين الله وهو يفعل الشرك
أقول : حكمك هذا هل فهمته من المعنى اللغوي لشهادة التوحيد ؟

قولك : لو تلفظ بكلمة التوحيد ، فالحكم الظاهر عليه أنه مسلم .. لكن الحكم الباطن هو كافر إن لم يكن يعلم معناها .
أما إن أظهر لنا جهلاً بتوحيد الله وأنه هو المستحق الأوحد للعبادة ، فهذا لا يُحكم بإسلامه ، بل حكمه الظاهر والباطن سواء .
وإن فهمت كلامي وفق ما قلته آنفاً في جوابي هذا ، فنعم ، فهمك لكلامي صحيح .

أقول : أسألك هنا :
هل يعرف معناها من اعتقد الشرك الأكبر عن جهل ؟
أو هل يعرف معناها من فعل الشرك ألأكبر وهو يظنه جهاداً في سبيل الله ؟
أو هل يعرف معناها من عبد غير الله معه معتقداً أن هذا مشروع في دين الإسلام ؟
لا شك أنك ستجيب بلا .
فأسألك : وهل جوابك " بلا " كان نتيجة فهمك لأصل الدين وهو من معناه أم من خارج أصل الدين ؟
يعني هل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من لم يفهم معنى الشهادة لا يملك اعتقادها؟
وهل الذي يفهم أصل الدين يعرف أن من تلفظ بالشهادة بدون معرفة معناها لا يدخل الإسلام ؟
وهل الذي يعتقد أن مجرد التلفظ بالشهادة بدون أن يعرف معناها تدخله الدين الإسلامي ، فتلفظ بها بدون معرفة معناها يدخل الدين ؟
وهل الذي يقول يكفي لدخول الإسلام ظاهراً مجرد التلفظ بكلمة الشهادة حتى ولو لم يعرف معناها يفهم كيفية دخول الدين ؟

قولك : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً .
ففاعل الشرك مشرك .. هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد .

أقول : جيد . أنت تقر هنا أن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .
أثبت على هذا ، هداك الله ، فسوف نرجع له .

قولك : ومتى يكفر من لا يقرّ بذلك ؟
الجواب : إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله ، ثم قال : فلان بفعله لهذا الشرك موحّد .. فيجعل التوحيد هو عين الشرك .. فهذا كافر .
كما يكفر من يقول : فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع .. فهذا أيضاً كافر ، لمساواته بين الصلاح والفجور .

أقول : ماذا تقصد من قولك "إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله" ؟
وإن لم يتحقق عنده أن الفعل شرك أكبر وكان شرك أكبر ، هل يعذر بجهله لأنه لم يكفر فاعله ؟
مثلاً : لم يعرف أن إعطاء حق التشريع لغير الله شرك ، أو لم يعرف أن إعطاء حق التحريم والتحليل لغير الله شرك ، فلم يكفر من أعطى هذا الحق لغير الله هل نعتبر هذا الشخص مسلماً حقق أصل الدين وفهم كيف يدخل العبد الإسلام ؟
وحتى يدخل العبد الإسلام ما هي الأفعال التي يجب أن تتحقق عنده أنها من الشرك الأكبر ؟ وخصوصاً ونحن نشترط عليه ترك الشرك ؟
فقد يسألنا ما هو الشرك الذي يجب أن أتركه لأدخل دين الله فماذا سنجيبه ؟
يعني إن لم يعرف أن التحاكم لغير شريعة الله شرك بالله وفعله أو لم يكفر فاعله بل حكم عليه بالتوحيد فما هو حكمه ؟
أو إن أعتقد أن الحلف على كتاب الله للإخلاص للطاغوت إذا كان بنية خدمة الإسلام والمسلمين جائز في شرع الله وليس شركاً وفعله أو لم يكفر من فعله فما حكمه ؟
أو إن اعتقد أن التشريع مع الله أو دونه جائز في شرع الله وليس شركاً ، وفعله . أو لم يكفر فاعله ، فما حكمه ؟

قلتَ : إن كان تحقق عنده أن هذا الفعل شرك في دين الله ، ثم قال : فلان بفعله لهذا الشرك موحّد .. فيجعل التوحيد هو عين الشرك .. فهذا كافر .
أقول : فما حكم من يقول إنني أعلم أن هذا الفعل الشرك الأكبر ولكن لا أكفر فاعله لأنه ربما يكون جاهلاً أو متأولاًٍ . وسأبقى أحكم عليه بالإسلام والتوحيد مهما فعل من شرك أكبر ما دام ينتسب للإسلام ، حتى وإن أقمت عليه الحجة فما دام لم يفهمها فهو معذور عند الله وعندي ويبقى حكمه مسلماً ما دام ينتمي للإسلام ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر ولكن لا أكفره كشخص وإنما أكفر الفعل . أما الشخص فما دام ينتسب للإسلام لا أكفره ؟
وما حكم من يقول إنني أعتقد أن ما فعله فلان شرك أكبر وأكفره في حال فعله للشرك ولا أحكم عليه بالتوحيد ما دام متلبساً بالفعل ويعمله ، أما بعد أن ينتهي من فعله للشرك أحكم عليه حسب الأصل بالإسلام والتوحيد ؟ يعني وهو يسجد للصنم أكفره وعندما يفرغ من سجوده للصنم يرجع لأصله مسلماً موحداً ؟
وما حكم من يقول : ما دام هو عضو في البرلمانات الشركية أكفره وعندما تنتهي مدة عضويته ويخرج من البرلمان يرجع مسلماً كما كان قبل دخوله للبرلمان ؟

قولك : كما يكفر من يقول : فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع .. فهذا أيضاً كافر ، لمساواته بين الصلاح والفجور .
أقول : ما حكم من لا يُكفر من يقول : فلان بفعله للزنا وانتهاكه لحرمات الله : صالح ورع ؟
وما حكم من يقول : أن دخول البرلمانات الشركية واجب شرعاً وجهاد في سبيل الله وانتخاب مشرعين لها مخلصين لأوطانهم مستحب وواجب شرعاً ، وهو الطريق الوحيد لإقامة شرع الله في الأرض . ؟
أليس هذا القول أعظم من القول بأن فلان بفعله للزنى وانتهاكه لحرمات الله صالح ورع ؟

قولك : المقصود أنه مشرك في المسألة التي أشرك فيها ، ولا يعني هذا ضرورة أنه مشرك في باقي المسائل .
أقول : أنا لم أسألك عن حكمه في بقيت المسائل . أنا سألتك عن حكمه كشخص إذا فعل أي نوع من أنواع الشرك الأكبر ؟ وما دمت وضحت الأمر بعدها وكفرته وأخرجته من الإسلام فلا مشكلة .

قولك : مثاله :رجل موحد لله تعالى في الدعاء ، ولكنه مشرك في الحكم .
نعم ، إن توحيده لله في الدعاء لا ينفعه ولا وزن له عند الله إن أشرك ولو في مسألة واحدة ، لكن عند التوصيف نقول : موحّد لله في الدعاء ، مشرك به في الحكم .. وعند إطلاق الحكم نقول : مشرك كافر خارج عن الإسلام .
كقوله تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } [البقرة : 85] فذكر أن عندهم بعض إيمان بالكتاب .. مع أن هذا لا ينفعهم حتى يؤمنوا به جميعاً .
وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106] فذكر أن عندهم إيمان ، لكنه لا ينفعهم إذا خالطه الشرك .
وقوله : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65] .. أي أنهم وحّدوا الله في الدعاء عند الكرب ، ولم يكونوا بهذا التوحيد مؤمنين لبقاء اعتقادهم في الأصنام .. لكن الشاهد فيه أنهم وحّدوه في الدعاء والعبادة في تلك اللحظة ، ولكن لم يرتفع وصف الشرك عنهم فيها .

أقول : هل حكمك هذا مبني على فهمك لأصل الدين أم فقط على ما قدمته من أدلة ؟
قولك : أما قولي في الشرك الأكبر ، فلا تهتم .. فأنا أقول لا يُعذر في الشرك الأكبر أحد إلا المكره أو المنتفي قصده . ومن يفعل الشرك الأكبر جاهلاً فهو كافر ، خارج عن الإسلام .
أقول : هل عقيدتك هذه فهمتها من فهمك لأصل الدين أم فقط من الآيات التي ليس لها علاقة بشرح معنى أصل الدين ؟

قولك : لا.
أقول : ماذا تقصد بجوابك لا ؟ هل أفهم منه : أنك لا تقبل إسلامه وتحكم عليه بأنه لم يدخل الإسلام ؟ أم ماذا ؟

قولك : نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك ، ولكنهم جحدوا الحق وأبوا أن يلتزموا به ، وكان ادعاؤهم للتوحيد إنما هو للجدال بالباطل والتلبيس على الناس .. فهؤلاء هم اليهود ، الذين عرفوا الحق وكفروا به .
أقول : اسمح لي أن أقول لك إجابتك هذه غير صحيحة .
ما قلته أنت هنا فقط ينطبق على بعض أحبار اليهود . أما عوام اليهود والنصارى فكانوا لا يعرفون معنى العبادة ولا معنى الشرك ، وليس كل كفرهم كان جحوداً للحق ، ولم يكونوا كلهم يجادلون في الباطل للتلبيس على الناس . وليس كل اليهود عرفوا الحق وكفروا به .
والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله أكثرهم لا يعرفون أن هذا الفعل شرك ، ولو سألتهم : أنت بعملك هذا اتخذت الأحبار أو الرهبان أرباباً من دون الله لقال لك لا نحن لم نعبدهم . وهذا ما حدث مع عدي بن حاتم عندما سمع أية " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله .. "
ولو طلبوا منهم أن يصلوا لهم أو يسجدوا لهم لرموهم بالنعال . وهذا حال أكثر من ينتسب للإسلام اليوم ، لو طلب منهم الحكام الذين يطيعونهم في التحليل والتحريم أن يصلوا لهم أو يصوموا لهم لقاموا ضدهم ولم يترددوا في تكفيرهم .
هذا ومن يعرف حال اليهود والنصارى اليوم عن قرب يعرف أن معظمهم جهلة توحيد ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً كما هو الحال في كثير ممن ينتسب للإسلام .

قولك : بلى ، يقول النصارى ذلك ، وهم أنفسهم يقولون : نحن نعبد المسيح الذي هو ابن الله !! وهم أنفسهم يقرون أنهم يدعون المسيح عند الشدائد ، ويعبدونه ، لانه - كما يقولون - في يده مقاليد السماوات والأرض .
فأرادوا الجمع بين المتناقضات الصارخة التناقض ، فغيّبوا عقولهم ، فقالوا : نحن نعبد غير الله ، ولكننا نقر أنه لا إله إلا الله .. تقول لي كيف ؟ أقول لك : النصارى أنفسهم لا يعلمون كيف
فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل .

أقول : ألا يدل ذلك أنهم لا يعرفون معنى العبادة لغة ولا شرعاً . ولا يعرفون الشرك بجميع أنواعه وأشكاله ، وكل ما يعرفونه بعض أنواع الشرك التي لا تضر حكام اليوم . ثم هم لم يريدوا أن يجمعوا بين المتناقضات بل إنهم يعتقدون أنها حقائق وليس متناقضات حتى لو لم يفهموها .
وينطبق عليهم وعلى أمثالهم من المنتسبون للإسلام قوله تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "
ثم ها أنت نفسك هنا تقر أنهم لا يعرفون حقيقة معنى العبادة لغة .
ألم تقل :" فالشاهد فيه أنه من علم حقيقة معنى العبادة لغة ، فلا بدّ أن يعلم الحق من الباطل في هذه المسائل" .
أنت هنا تقر أنهم لا يعلمون حقيقة معنى العبادة لغة . وقلتَ سابقاً : "نعم ، كانوا يفهمون معنى العبادة ومعنى الشرك "
أيهما نعتمد من كلامك ؟ ألا يوجد تناقض هنا ؟

قولك : عن زيد بن حارثة - رضي الله عنه - قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة ، ومعنا شاة قد ذبحناها وأصلحناها ، فجعلناها في سفرة . فلقيه زيد بن عمرو بن نفيل ، فحيا كل واحد منهما صاحبه بتحية الجاهلية . فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : يا زيد - يعني ابن عمرو - ما لي أرى قومك قد شنفوا لك ؟ قال : والله يا محمد ، إن ذلك لغير ترة لي فيهم ، ولكن خرجت أطلب هذا الدين حتى أقدم على أحبار خيبر ، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا بالدين الذي أبتغي . فخرجت حتى أقدم على أحبار الشام فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به ، فقلت : ما هذا الدين الذي أبتغي .. الأثر .
أقول : مشركي العرب كانوا يعرفون معنى العبادة ويعرفون أنهم يشركون بالله ويعترفون بذلك . ويعرفون معنى الإله لأنها من لغتهم وهم أساتذة اللغة .
ويعرفون أنهم يعبدون مع الله ألهة أخرى ، ولكنهم يظنون أن هذا لا يخالف دين إبراهيم عليه السلام بل كانوا يعتقدون أنه دين إبراهيم . أمَّا أهل الكتاب فأكثرهم كان لا يعرف العبادة ولا جميع أنواع الشرك ويظن نفسه على التوحيد وأنه مسلم في دين الله . ووفد نجران لدليل واضح على هذا . الم يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دعاهم للإسلام والتوحيد : " لقدأسلمنا قبلك " مع أنهم كانوا على الشرك .؟


رد مع اقتباس