الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
يجوز للخبير الفني المحض بيان حكمه على مسألة ما ولو جاء الطلب له من طاغوت فكيف لو جاء له من غيره . الموظف بَيَّن حُكمه في ما طُلِب منه بتقرير علمي فني ، فعمله بحد ذاته حلال ومن استعمله بالباطل عليه هو وزر عمله .
فلو سألنا : ما حكم تقديم تقرير فني كخبير يبين الحالة التقنية للأجهزة والبنية التحتية لأحد الزبائن ؟
الجواب : جائز . لأنه لا يوجد دليل يحرمه .
فهل إن علم أن من طلب التقرير سيستعمله في التحاكم للطاغوت يتغير الحكم ويصبح عمله إعانة على التحاكم للطاغوت ؟
الجواب : لا . ومن يقل نعم عليه بالدليل ولن يجد إلا عكس ذلك . ولا تنطبق عليه آية { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } ( المائدة :2) لأن عمله هذا لا يعد بالمعنى الشرعي تعاون على إثم أو عدوان .
ولقد ذكرت لك الدليل على أن هذا العمل لا يدل على الإعانة على التحاكم للطاغوت بالمعنى الشرعي . والإعانة المعتبرة هي التي بالمعنى الشرعي للإعانة . مثال لبيان ذلك : فمن سمح وأعطى الحق لأهل الذمة بممارسة عباداتهم الشركية في معابدهم والتحاكم لمحاكمهم وحماهم ممن يتعرض لهم من المسلمين عند ممارستهم هذه الشركيات مقابل بعض المال ، ففي العرف اللغوي وفهم العوام يعد ذلك إعانة لهم على الشرك ، ولكن في المعنى الشرعي لا يعد ذلك إعانة على الشرك وممارسته .
فالحكم على عمل ما بأنه إعانة على شرك أو كفر أو حرام يكون حسب المعنى الشرعي للإعانة وليس حسب المعنى اللغوي أو العرفي أو المعنى المطلق للإعانة فأنتبه هداك الله فهذه المسألة غير واضحة عند كثير مما تصدى للكلام في دين الله في أيامنا ، فضلوا وأضلوا وضيقوا على أنفسهم ومن تبعهم وقد يصلوا لتكفير أنفسهم حسب مفهومهم للإعانة لأنهم لا بد لهم من الوقوع في الإعانة على الكفر والشرك حسب مفهومهم للإعانة ما داموا يعيشون في دار الحرب . وإن شاء الله سيكون بحثاً كاملاً مفصلاً في معنى الإعانة وأحكامها في شرع الله ، يسر الله إتمامه .
كتبه : ضياء الدين القدسي
__________________
|