عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-16-2011, 11:10 PM
زائر2 زائر2 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 160
افتراضي

الأخ "أحد المستضعفين" أكرمنا الله وإياكم بالهدى

الذي اتضح لنا بفضل الله بعد البحث والدراسة في هذه المسألة أن حدّ الإكراه لم يضبط بضابط محدد ودقيق ، فلم يأت نص صريح يبيّن هذا الحدّ , وإنما أقوال كثيرة لأهل العلم غير مقيدة بقاعدة أو نص قطعي وهذا كان سبب اختلافهم في هذه المسألة حيث أن بعضهم قال أن السجن إكراه والآخر قال غير ذلك , ولو كان هناك نص قطعي في هذه المسألة لما اختلف فيها أهل العلم , ولكفر بعضهم بعضاً (عياذاً بالله) , فالكاساني لم يفرق بين الحبس الطويل والقصير، والشافعي لم يحدد صفة الحبس والخلاف في الحد المرخص به للتكلم بكلمة الكفر هو من الأدلة على أن المسألة لم تقيد بنص قطعي .

قال الإمام السرخسي رحمه الله تعالى: "وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا مِنْ كَلَامٍ أَتَكَلَّمُ بِهِ يَدْرَأُ عَنِّي ضَرْبَتَيْنِ بِسَوْطِ غَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ إلَّا كُنْت مُتَكَلِّمًا بِهِ ، وَإِنَّمَا نَضَعُ هَذَا عَلَى الرُّخْصَةِ فِيمَا فِيهِ الْأَلَمُ الشَّدِيدُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَوْطَيْنِ ، فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ السَّوْطَانِ اللَّذَانِ لَا يُخَافُ مِنْهُمَا تَلَفٌ يُوجِبَانِ الرُّخْصَةَ لَهُ فِي إجْرَاءِ كَلِمَةِ الشِّرْكِ ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنُّ بِعَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا تَصَرُّفُ هَذَا اللَّفْظِ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَثَلِ ، فَلِبَيَانِ الرُّخْصَةِ عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ ، وَقِيلَ السَّوْطَانِ فِي حَقِّهِ كَانَ يُخَافُ مِنْهُمَا التَّلَفُ لِضَعْفِ نَفْسِهِ رضي الله تعالى عنه" , قال شريح رحمه الله : "القيد كره والوعيد كره والضرب كره والسجن كره , وقال عمر رضي الله عنه ليس الرجل على نفسه بأمين إذا ضربت أو بغت أو جوعت أي هو ليس بطائع عند خوف هذه الأشياء وإذا لم يكن طائعا كان مكرها" .
وقال أيضاً : وَالْحَدُّ فِي الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهٌ فِي هَذَا مَا يَجِيءُ مِنْهُ الِاغْتِمَامُ الْبَيِّنُ ، وَفِي الضَّرْبِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهٌ مَا يَجِدُ مِنْهُ الْأَلَمَ الشَّدِيدَ ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ .

قال الإمام الشافعي رحمه الله: "وإن قامت بيّنة على رجل أنه تلفّظ بكلمة الكفر وهو محبوس أو مُقيّد، ولم يقل البينة أنه أكره على التلفظ بذلك، لم يُحكم بكُفْره، لأن القيد والحبس إكراه فِي الظاهر" اهـ

فالحبس إكراه عنده ولذلك كان مانعًا من التكفير، بل إن الإمام أحمد يرى القيد إكراه كما قال الإمام ابن تَيمِيَّة رَحِمَهُ الله: «تَأَمَّلْت الْمَذْهَبَ فَوَجَدْت الْإِكْرَاهَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ الْإِكْرَاهُ الْمُعْتَبَرُ فِي كَلِمَةِ الْكُفْرِ كَالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ نَصَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَعْذِيبٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ قَيْدٍ وَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ إكْرَاهًا" اهـ

ختاماً: لا شك أنه من خلال المتابعة للنصوص السابقة يتضح لنا أن أهل العلم شبه متفقون في ما يسمى عند الأحناف بالإكراه الملجئ (التام) ويتضح لنا أيضاً أنهم قد اختلفوا في يسمى بالإكراه الغير ملجئ (الناقص) لذلك نجدهم قد اختلفت أقوالهم لعدم وجود نص قطعي أو ضابط يتم من خلاله ضبط هذه المسألة , ومن يدقق في أقوال أهل العلم في هذه المسألة ويتابع ما ذكروه فيها يتضح له أنهم في أغلب المسائل متفقون ولكن إلقاء الكلام بطرق مختلفة يوهم المبتدئ أنها تختلف في المقاصد .


نسأل الله أن يجمع بيننا على الحق

رد مع اقتباس