عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-27-2013, 08:07 PM
مراقب مراقب غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 146
افتراضي

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
معنى الهجرة باللغة : الترك ، أما معناها في الشرع فهو : ترك ما لا يحبه الله ويرضاه إلى ما يحبه ويرضاه . ويدخل في هذا المعنى الشرعي الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام وهجر جميع أنواع الشرك والمعاصي والبدع .وهذه الهجرة باقية إلى طلوع الشمس من مغربها .
قال صلى الله عليه وسلم «لا تَنْقَطِعُ الهجرَةُ حتَّى تَنْقَطعَ التَّوبةُ ولا تنقطعُ التّوبةُ حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
أما عن حكم الهجرة : فالهجرة إما واجبة وإما مستحبة :
تكون الهجرة واجبة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام إذا لم يستطع المسلم المقيم بدار الشرك أن يظهر دينه بحرية تامة . فإذا لم يستطع إظهار دينه ولم تكن هناك دولة للإسلام واستطاع أن يهاجر لدولة كافرة يستطيع فيها إظهار دينه وجب عليه الهجرة إلى هذه الدولة . وإذا كان يعيش في دولة كافرة تكثر فيها المعاصي والبدع والفجور والتبرج ولا يستطيع أن يظهر دينه أو أن يتصدى لهذه المعاصي والبدع وكان بإمكانه أن يهاجر لدولة كافرة تقل فيها المعاصي والبدع والفجور والتبرج فيجب عليه الهجرة لهذه الدولة . والدليل على ذلك قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ)[النساء:97] يعني لم نستطع إظهار الدين، الاستضعاف في الآية بمعنى عدم استطاعة إظهار الدين . ( قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء:97]، فدل هذا على أنها واجبة ، لأنه توعدهم بنار جهنم . وهذا يدل على أن من ترك الهجرة في حال عدم استطاعته إظهار دينه وهو يستطيع أن يهاجر إلى مكان يستطيع فيه أن يظهر دينه فقد ارتكب محرما .
وتكون الهجرة مستحبة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام في حال كان المؤمن في دار الشرك يستطيع أن يظهر دينه بحرية كاملة ، وذلك لأن السبب الأول من الهجرة أن يتمكن المؤمن من إظهار دينه ، وأن يستطيع أن يعبد الله وحده لا شريك له ويؤدي الفرائض بحرية وعزة ، فقد قال جل وعلا ( يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) [العنكبوت:56] هذه الآية نزلت في من ترك الهجرة ولقد ناداهم في هذه الآية باسم الإيمان فهذا دليل على أن ترك الهجرة مع القدرة ليس كفراً وإنما حرام إذا لم يستطع إظهار دينه . أما إذا استطاع أن يظهر دينه فالهجرة في هذه الحالة من دار الكفر إلى دار الإسلام تكون مستحبة .
أما حكم الهجرة من دار يكثر فيها المعاصي والبدع والفجور والتبرج إلى دار ليس فيها معاصي وبدع والفجور والتبرج أو تقل فيها المعاصي والبدع والفجور والتبرج في حال عدم قدرته على إنكار هذه المعاصي والبدع فهي واجبة أيضا . يعني إذا كنت تستطيع أن تترك مصر إلى السعودية يكون ذلك أفضل لك من هذه الناحية ولكن الدعوة إلى التوحيد في مصر أفضل من السعودية حسب علمي ، نعم قد تكون السعودية وخاصة في مكة والمدينة جيدة من الناحية الأخلاقية ولكن الدعوة للتوحيد في السعودية قد تكون أصعب من مصر . هذا أنت تقرره حسب حالك . المهم أنك إذا استطعت أن تنتقل من بلد إلى بلد وكان هذا أفضل لدينك وآخرتك فالواجب عليك الهجرة .
لقد جاء في كتب التاريخ أن جمع من أهل العلم هاجر من بغداد لما علا فيها صوت المعتزلة وصوت أهل البدع ، وكثرت فيها المعاصي والزنا وشرب الخمر ، تركوها إلى بلد أخرى ، وبعض أهل العلم بقي لكي يكون قائماً بحق الله ؛ بالدعوة وببيان العلم وبالإنكار وبنحو ذلك ، أيضاً كثير من العلماء تركوا مصر لما سيطرت عليها الدولة العبيدية ، وخرجوا إلى غيرها.
ومن لم يستطع الهجرة في هذا الزمن بسبب المعوّقات القائمة من أنواع التأشيرات وأشباهها حكمه حكم أهل الأعذار التي ذكروا في قوله تعالى : " إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ." ( النساء : 98-99)
كتبه : ضياء الدين القدسي
----------------------------------
في: 17 أيلول 2008
موقع الجامعة الإسلامية

رد مع اقتباس