عرض مشاركة واحدة
  #74  
قديم 02-03-2018, 04:16 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

تكملة الرد على مشاركة رقم 49



تقول :( أقول : لماذا كفرته يا أبا شعيب ؟
فقد أجاز الله أن تجتمع الطاعة والمعصية في قلب الإنسان ولا يكون كافراً . )
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يجتمع الشح والإيمان في جوف رجل مسلم ) .
ماذا تفهم من هذا الحديث ؟




أقول : هذا الحديث لا يفهم منه إستحالة إجتماع الشح والإيمان في جوف الرجل المسلم . ولا يفهم منه أيضاً أن وجود الشح يزيل الإيمان . بل المقصود من الحديث ذم الشح والحض على تركه ، لأنه ينقص من الإيمان الكامل كأي معصية من المعاصي .
يجب هنا التذكير بأمر مهم وهو : حتى نفهم أي حديث لا بد أن نجمع جميع الأحاديث والآيات في هذا الموضوع لنخرج بحكم بعد ذلك .



قولك : هل يجوز لك أن تقول : يجوز في الإسلام اجتماع الشح والإيمان في جوف رجل مسلم ؟



أقول : لا يمنع من اجتماع الشح مع الإيمان في جوف رجل مسلم ، الحكم عليه بالتوحيد والإيمان.
ولكن وجود الشرك الأكبر في جوف رجل مسلم يمنع الحكم عليه بالتوحيد والإسلام .


قولك : ما رأيك لو سألتك : هل يُجيز الله - تعالى - أن يجمع الناس المعاصي مع الطاعات ؟؟ ما سيكون جوابك ؟؟
لا بد أن تقول لا .. لأن الله - عز وجل - لا يُجيز اقتراف المعاصي
.



أقول : يجيز الله الحكم بالتوحيد والإسلام على من يجمع المعاصي مع الطاعات . ولكنه لا يجيز الحكم بالتوحيد والإسلام على من يجمع الشرك الأكبر مع الطاعات .
فنحن لا نتكلم عن إجازة الفعل أو عدم إجازته . نحن نتكلم عن إمكانية وجوده في قلب المسلم الموحد ويظل مع هذا موحداً .
فللمعاصي هذه الإمكانية أما الشرك الأكبر فلا .
انتبه يا أبا شعيب -هداك الله- عندما تقيس المسائل ، دقق في الأمر . ولا تقيس مع الفارق .

قولك : يعني بتعبير أوضح أقول : لو جاءك رجل وقال : هل يجوز لي شرعاً أن أعصي الله وأطيعه ؟ .. ماذا سيكون جوابك ؟
هل ستقول له : لا يجوز لك ، ولكن ذلك لا ينقض إيمانك حتى تستحل ؟؟ .. أم ستقول له يجوز لك أن تعصي الله وتطيعه ؟؟




أقول : أقول له : لا يجوز لك أن تفعل المعصية ، ولكن لا يزيل الله عنك صفة موحد ومسلم إذا عصيته وأطعته ما لم تستحل المعصية . ولكن يزيل عنك صفة موحد ومسلم ، إذا أشركت به وعبدت غيره ، ولو كان عندك من أعمال التوحيد والإسلام ما عندك .

قولك : تقول :[-- ويجوز أيضاً من الناحية العقلية أن تجتمع المعصية والطاعة في قلب رجل واحد . فالطاعة في أمر والمعصية في أمر آخر ليسا نقيضين. --]
جميل جداً .. يعني أنت تقول إن العقل يقرر أن المعصية في نفس الأمر نقيض الطاعة .. صح ؟
أما في المسائل المختلفة ، فيجوز عقلاً أن يعصي الله في أمر ، ويطيعه في أمر آخر ، صح ؟؟ مع أن المعصية نقيض الطاعة .




أقول : كيف نستطيع أن نقول : يطيعه ويعصيه في نفس المسألة ؟ فهذا محال عقلاً وشرعاً . شخص يقول لك إذهب للبيت : فكيف تذهب ولا تذهب في نفس الوقت ؟
أما المسائل المختلفة فيجوز ذلك عقلاً ما لم تكن تنقض بعضها بعضاً . فاجتماع الشرك الأكبر والتوحيد في قلب رجل واحد لا يجوز لا عقلاً ولا شرعاً . لأن صفة الموحد هي الصفة التي يكون الشخص فيها خالياً من جميع أنواع الشرك الأكبر . مثل نظيف ووسخ ، مثل طاهر ونجس .
فقد ينجس الشخص في جزء بسيط من جسمه يؤدي ذلك للحكم بنجاسة جسمه كله . فمثلاً : لو نجس قدمه فقط . لا يقال : نقول أن قدمه نجسه في حدود قدمه ، أما باقي جسمه فهو طاهر . ولأن طهارته أكثر من نجاسته فبدنه طاهر وصلاته جائزة . ( طبعاً أنا هنا أتحدث عن الطهارة الواجبة للصلاة .)
فإذا قلنا لمن حكم عليه بأنه طاهر أنت أجزت طهارة هذا الشخص مع وجود نجاسة مغلظة فيه . فيقول : لا . أنا لم أحكم على قدمه بالطهارة مع وجود النجاسة فيها ، ولو حكمت على قدمه بالطهارة وهي فيها نجاسة فقد سميت النجاسة طهارة ، هنا أكفر ، أما ما دمت اسمي النجاسة نجاسة بحدودها ولا أحبها فلماذا تكفروني . ؟
هل هذا الذي يتكلم بهذا الكلام فهم لماذا حكمنا على جسمه كله بالنجاسة؟!
هل فهم كيف ينجس ويطهر البدن للصلاة ؟ !


قولك : الآن أود أن أسألك سؤالاً ..
ما رأيك فيمن يقول عن رجل يعصي الله : هذا الرجل مطيع وتقي ؟
هل تكفّره ؟
ماذا لو قال لك : أنا لم أحكم عليه بالطاعة والتقوى لمعصيته ، وإنما حكمت عليه لأن عنده جبال عظيمة من أعمال البر ، وعنده من التقوى والعمل الصالح ما تغمر هذه المعاصي ، فغلب عليه حكم الطاعة على حكم المعصية .
هل في كلامه شيئ حينها ؟




أقول : قبل أن نحكم عليه نسأله لماذا حكمت عليه أنه مطيع وتقي ؟
فإن قال : لأنه يفعل هذا العمل ( يقصد فعل المعصية ) .
نسأله : هل تعرف أن هذا العمل قد حرمه الله ؟ فإذا قال لا . بل أنا اعرف أن الله يحبه ويرضى عنه ، لهذا حكمت على فاعله بأنه مطيع وتقي .
هذا نعرفه الحكم . ولا نحكم بكفره .
أما إن قال أعرف ذلك . فهذا يكفر لأنه وصف عمل المعصية بالطاعة والتقى.
أما إن قال : نعم هو عاصي في هذا العمل ، وأنا لم احكم عليه استناداً لهذا العمل بل هو في عمله هذا عاص وعلى غير الحق ، ولكن لأنه لم يستحل هذا العمل ولم يفعل الشرك الأكبر ، وملتزم بالتوحيد والفرائض ،وله أعمال خيرة كثيرة ، حكمت عليه حسب هذه الأفعال أنه مطيع لله وتقي .
فهذا لا نقول له إلا شيئاً واحداً . أنت لم ترتكب خطأً ولكن الأفضل أن لا تصفه وهو يفعل المعاصي بأنه مطيع وتقي ، حتى لا يظن السامع أنك وصفته لأنه يفعل هذا الفعل – فعل المعصية - .


قولك : لقد قال أبو حنيفة - رحمه الله - فيما اشتهر عنه : من سمّى الظالم عادلاً فهو كافر .



أقول : كلام أبو حنيفة - رحمه الله – حق ولا يخالفه فيه أحد . لأن وصف الظلم بالعدل كفر .

قولك : لكن ما رأيك لو سماه عادلاً لكثير العدل الذي يعمله ، مع إقراره أن فيه بعض ظلم ، لكنه مغمور في بحار عدله ؟
هل سينطبق عليه كلام أبي حنيفة ؟




أقول : لا ، لا ينطبق عليه قول أبي حنيفة رحمه الله . ولكن عندما يصفه بأنه عادل يجب أن ينبه السامع على أنه يفعل بعض الظلم ، حتى لا يظن السامع أنه يصفه بكل أعماله .

قولك : وما رأيك لو سمى الزاني القاتل الظالم السارق الفاجر : تقيّاً أو مطيعاً؟
هل يشك أحد حينها في كفره ؟
وعقلك الآن يقرر اجتماع النقيضين (الطاعة والمعصية) في قلب رجل .. ولكن بشرط اختلاف المسائل .




أقول : إذا سماه لأفعاله هذه يكفر . أما إذا سماه لتوحيده وأعمال الخير والتقى التي عنده لا يكفر ، ولكن ينبه التنبيه الذي ذكرته سابقاً .
ولا يقال : حتى لو سماه لتوحيده وأعمال الخير والتقى عنده تقي مطيع ، يكفر ، لأن هذا الشخص يكثر فيه أعمال المعاصي .


قولك : تقول :
[-- وممكن أن نقول من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية : يجوز أن يجتمع الشرك الأصغر مع التوحيد في قلب رجل واحد . --]
ليس من الناحية الشرعية .. اضبط اللفظ ، هداك الله .
الصواب أن تقول : يجوز أن يجتمع في الحكم الشرعي على الناس الشرك الأصغر والتوحيد .. لا في الشرع نفسه .
كيف يعني في الحكم الشرعي على الناس ؟
يعني : عند إطلاق الأحكام الشرعية على الناس ، يجوز أن نقول : فلان مسلم ، مع ما يعمله من معاصي تنقص إيمانه .. ولكن لا يجوز لك شرعاً أن تقول : يجوز أن يجمع الرجل بين المعصية والإيمان .. فهذا تجويز لفعل المعصية في الشرع ..
فأرجو أن تضبط الألفاظ ، فهذا أمر مهم .. لأن هذا الجواز محصور فقط في مسائل الأسماء والأحكام الشرعية التي يحكم بها المرء على الناس ، فلا يرتاع أحد ويرتهب من قولنا : فلان يجيز اجتماع الشرك مع التوحيد .. فهو بمثل سوء فهم قولنا : فلان يجيز اجتماع الطاعة مع المعصية .




أقول : أنا قلت : " وممكن أن نقول من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية : يجوز أن يجتمع الشرك الأصغر مع التوحيد في قلب رجل واحد . "
فالجائز هو اجتماعهما في قلب الموحد ، بمعنى يمكن أن يجتمعا في قلب الموحد ويظل موحداً . ولا أقصد تجويز فعل الشرك الأصغر أو المعصية . معاذ الله . فنحن نتحدث عن جواز وعدم جواز اجتماع الأعمال في القلب الواحد . ولا نتحدث عن جواز هذه الأفعال أو عدم جوازها من الناحية الشرعية .
وأنا لم أقل : يجوز أن يجمع الرجل بين المعصية والإيمان ..
أنا قلت يجوز اجتماع المعصية والإيمان في قلب رجل واحد . فالجائز هو إجتماعهما بمعنى لا يلغي بعضهما البعض . ولم أتحدث عن أحكامهما .
فلقد وصفت العمل بالمعصية والشرك الأصغر .
وهناك فرق كبير بين القول : بجواز اجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد ، وبين القول بجواز اجتماع المعصية مع التوحيد في قلب رجل واحد .
فأنت عندما قلت بجواز اجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لم أفهم من كلامك أنك تجيز الشرك الأكبر وإنما فهمت من كلامك أنك تجيز اجتماعهما في القلب الواحد ، أي لا تعتقد تناقضهما ، ولا تعتقد أن الشرك إذا دخل القلب يخرج التوحيد . لهذا قلت لك يجوز اجتماع المعصية أو الشرك الأصغر مع التوحيد في القلب الواحد أما من غير الممكن لا شرعاً ولا عقلاً ولا لغة إجتماع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لأن الشرك الأكبر نقيض التوحيد وناقضه . أما المعصية فليست نقيض التوحيد وناقضه ما لم تستحل .



قولك : تقول :[-- ولكن لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية العقلية ، يجوز أن يجتمع الشرك الأكبر مع التوحيد في قلب رجل واحد ، لأنهما ضدان ، والضد مع ضده لا يجتمع ، كما أن النهار مع الليل لا يجتمع . فإذا حضر أحدهما ذهب الآخر . --]
منذ قليل أجزت عقلاً اجتماع النقيضين : الطاعة والمعصية .. ولكن مع اختلاف المسائل .
والآن تقول لا يجوز عقلاً اجتماع النقيضين ؟؟




أقول : أنا لم أجز اجتماع النقيضين . الطاعة والمعصية في نفس العمل نقيضين ولا يعقل اجتماعهما ، أما المعصية في أمر والطاعة في أمر فليسا نقيضين لهذا يمكن اجتماعهما في قلب رجل واحد . أما الشرك والتوحيد فلا يمكن عقلا ولا شرعاً أن يجتمعا في قلب رجل واحد . يعني بمعنى لا يمكن أن يحكم على الشخص بأنه موحد ومشرك في نفس الوقت . ولا يعني هذا أنه لا يمكن أن يكون عند هذا المشرك بعض التوحيد والإيمان . فنحن لا نحكم على أعماله عملاً عملاً نحن نحكم على شخصه ككل متكامل .

قولك : هل يجوز عقلاً أن يوحد رجل الله في مسائل ، ويشرك به في مسائل أخرى ؟
الجواب : نعم .. وهو ما وقع من كفار قريش .. وهذا ما بيّنه القرآن .. إذ قال:{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
ذكر أن عندهم إيمان .. وعندهم شرك .
وقال : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]
ذكر أنه يُخلصون في الدعاء .. والإخلاص نقيض الشرك .
فيجوز عقلاً اجتماع التوحيد في مسائل ، والشرك في مسائل أخرى .
فعند التجزئة والمخالفة في المسائل ، يجوز عقلاً لنا أن نفرّق بين هذا وهذا .. ولا ينكر ذلك إلا معاند مكابر .
وأنت نفسك قررت هذا عندما جمعت النقيضين : الطاعة والمعصية .. بشرط اختلاف المسائل .
أما شرعاً .. فلا يمكن اجتماع الشرك الأكبر والتوحيد .. لماذا ؟؟ لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد .




أقول : نحن يا أبا شعيب لا نتحدث عن الأفعال كل فعل على حده . نحن نتكلم عن حكم الشخص كشخص متكامل .
فنقول : يمكن شرعاً وعقلاً : أن يكون الشخص عاصي وموحد في نفس الوقت . ولكن لا يمكن لا لغة ولا شرعاً ولا عقلاً أن يكون مشرك الشرك الأكبر وموحد في نفس الوقت . فحكمنا هذا على الشخص ككل متكامل وليس على أفعاله فعلا ً فعلاً .
فالعقل الذي يفهم من اللغة أن المشرك هو من يعبد غير الله مع الله ، ويعرف أن الموحد هو الذي لا يعبد غير الله . لا يتردد في الحكم على شخص وعين من عبد غير الله بأنه مشرك غير موحد .
وهل حدث أن أحداً من الصحابة أو العلماء قبل أن يحكم على عين فاعل الشرك الأكبر بالشرك ، بدأ يقيم أفعاله ؟


قولك : أما شرعاً .. فلا يمكن اجتماع الشرك الأكبر والتوحيد .. لماذا ؟؟ لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد .



أقول : لا ، ليس لأن الشرك الأكبر ناقض لثواب التوحيد لا يمكن شرعاً اجتماعه مع التوحيد .
نقض وإحباط الثواب شيءٌ آخر جاء الحكم به لاحقاً . ولكن في لغة العرب ، أن من عبد غير الله لا يسمى موحداً . لهذا مشركي العرب كانوا لا يسمون أنفسهم موحدين . كما هو حال النصارى واليهود الذين جهلوا وقوعهم بالشرك الأكبر . فالشرك الأكبر ناقض للتوحيد لغة وشرعاً . وكذلك من عبد غير الله لا يسمى موحداً بل يسمى مشركاً لغة وشرعاً . وهذا الحكم كان يفهمه كل عاقل بالغ يفهم معنى كلمة الشرك وكلمة التوحيد . وليس لحبوط الأعمال أي تأثير على هذا الحكم .
ولو سمِعنا أحد من مشركي العرب في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم نقول عن شخص يعبد غير الله : نعم هذا مشرك في شركه وبحدود شركه ولكنه كشخص معين حكمه موحد ، لأن عنده من أفعال التوحيد الشيء الكثير ، لسخر منا وأيقن أننا لا نعرف معنى كلمة مشرك أو موحد .



قولك : [-- أقول : يا أبا شعيب . نحن نتحدث عن الإجازة الشرعية والعقلية لإمكانية تواجد الشرك والتوحيد في قلب رجل واحد .
فالتوحيد والشرك في قلب رجل واحد لا يجتمعان ، هذا من الناحية الشرعية والعقلية . فالتوحيد نقيض الشرك لغة وشرعاً ، والضد لا يجتمع مع ضده عقلا وشرعاً . --]
والمعصية نقيض الطاعة ، هذا لغة وعقلاً وشرعاً .. فكيف ساغ لك أن تجمع بينهما عقلاً وهما نقيضان ؟




أقول : المعصية والطاعة نقيضان في نفس الفعل وليس في نفس الشخص . وأنا لم أجمع بينهما في نفس الفعل ، بل جمعت بينهما في نفس الشخص . وهناك فرق كبير بين الحالتين .
فليس كلامنا عن اجتماع الشرك والتوحيد في نفس الفعل ، فنحن لا نتحدث عن هذا ، نحن نتحدث عن إمكانية اجتماعهما في الشخص الواحد ، وليس في عمل من أعماله .


قولك :
ستقول لي : جزّات الإيمان وجعلته مسائل .. وعند التجزيء تتقرر هذه المسألة عقلاً وشرعاً .



أقول : أنا لم أجزأ الإيمان وأجعله مسائل . فنحن لا نحكم على الأفعال ، كل فعل على حده ، نحن نحكم على إمكانية اجتماعها في الشخص الواحد . فلا تجزئة في الحكم على الشخص . أنت الذي جزأت الشخص بأفعاله ، وبدأت ترجح في أفعاله للحكم على شخصه .


فأقول لك : وعند تجزئة الإيمان أيضاً ، يصحّ عقلا أن يشرك المرء في بعض أجزائه ، ويوحّد في أجزائه الأخرى .



أقول : أنا لم أجزء الإيمان . ومن قال لك أن الشخص لا يجوز أن يوصف أنه عنده بعض أفعال التوحيد وعنده بعض أفعال الشرك . فنحن لا نتحدث عن وصف أفعاله كل فعل على حده ، نحن نتحدث عن حكمه ككل متكامل ، كشخص متكامل . فنقول : الشخص الذي عبد غير الله غير موحد . هذا لغة وشرعاً .
ونقول : الشخص الذي عصى الله ولم يستحل المعصية ولم يشرك بالله ولم ينقض توحيده بأي عمل من الأعمال موحد عاصي . وهذا أيضاً في الشرع واللغة . فالعرب لم تكن تسمي من سرق مشركا . بل كانت تسمي من عبد غير الله مشركا . ولم تقل هو مشرك في حدود فعله فقط . بل تحكم على شخصه وعينه بأنه مشرك في حال عبد غير الله ولو في عمل واحد .


قولك :
مثاله : رجل لا يذبح إلا لله ، ولا يسجد إلا لله ، ولا يدعو إلا الله .. ولكنه يشرك بالله في التحاكم .
هل يجوز هذا عقلاً ؟ .. الجواب قطعاً يجوز ، إلا عند من غاب عقله .




أقول : يجوز عقلاً ولغة وشرعاً إن أردنا أن نحكم على أفعاله أن نقول : وحد الله في الذبح ووحد الله في السجود ووحد الله في الدعاء وأشرك بالله في التحاكم .
ولكن عندما نريد أن نحكم على شخصه وعينه ، لا يجوز ولا يصح لا لغة ولا عقلا ً ولا شرعاً ، إلا أن نحكم عليه بأنه مشرك غير موحد . ومن يحكم على عين من فعل الشرك الأكبر-وهو يعرف أنه فعل الشرك الأكبر - بالتوحيد ، لا يعرف التوحيد ولا يعرف الشرك الأكبر وحكمه لغة وشرعاً .


قولك : أقول [-- وكذلك من الناحية العقلية لا يجوز أن يتواجد التوحيد والشرك في قلب رجل واحد إذا كانا نقيضين . إلا إذا فُهم أن التوحيد ليس نقيضاً للشرك . ففي هذه الحالة يمكن أن يجتمعا في قلب رجل واحد . ومن فهم أن الشرك ليس نقيضا للتوحيد ، فلم يفهم التوحيد ولم يفهم الشرك في دين الله . --]

بيّنت هذه المسألة في الأعلى .. وأختصر وأقول :
لا يجوز عقلاً اجتماع المعصية والطاعة في نفس الأمر .. لأنهما نقيضان .. ويجوز ذلك عقلاً إن تم تجزئة الإيمان إلى مسائل ، فنقول : عصى الله في مسائل .. وأطاعه في مسائل أخرى .
وكذلك عند الحديث عن التوحيد والشرك .. لا يصح عقلاً أن نقول : يجتمع التوحيد والشرك في قلب رجل .. ولكن عند تجزئة المسائل ، نقول : يجوز عقلاً أن يوحد رجل الله في مسائل ، ويشرك به في مسائل .
أما الشرع فيقول : إن الشرك ناقض لثواب التوحيد .




أقول : يا أبا شعيب نحن ليس خلافنا في الحكم على الأفعال كل فعل على حده، نحن نتحدث عن حكم الشخص المعين . فالشخص المعين إذا فعل الشرك الأكبر لا يحكم على عينه إلا بأنه مشرك ، ولا توصف عينه إلا بأنها مشركة .
هذا الحكم كان يفهمه كل من يفهم اللغة العربية قبل مجيء الإسلام . ولا يوجد في لغة العرب وصف لشخص معين بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت. إلا إذا كان الحديث عن أفعاله ، أما حكمه كشخص فإما موحد وإما مشرك ، إما موجود وإما غير موجود . ونحن لا نتحدث عن وصف الأفعال كل فعل على حده ، نحن نتحدث عن حكم الشخص كشخص معين .



قولك :
وهناك الكثير من المسائل المكررة التي ذكرتها أنت في ردّك ، سأعرض عنها
.. اللهم إلا إن كانت هناك مسألة غفلتُ عنها ولم أذكر لها جواباً ، فنبهني إليها .. واعلم أنني لم أتعمد إغفالها .




أقول : سأراجع المسائل وأخبرك .



قولك : تقول :[-- والثانية : اللفظ في الآية هو " يؤمن " والإيمان هو التصديق والتصديق لا ينافي الشرك . وليس نقيضه . فقد يؤمن أن الله خالق الكون ويعبد معه غيره ليتقرب إليه . كحال المشركين الذين وصفتهم هذه الآية . --]
وهل عبادة غير الله لا تتناقض مع التصديق بأن الله خالق الكون ؟
انظر إلى هذه الآية : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } [الزخرف : 87]
فيها دليل على أن عبادة غير الله تنقض إقرارهم وتصديقهم بوحدانية الله في الخلق .




أقول : لا شك أن الشرك الأكبر ينافي الإيمان الصحيح . ولكن ممكن أن يكون الشخص مؤمناً بوجود الله وفي نفس الوقت يشرك به ، ويعتقد أنه بفعله هذا يتقرب إلى الله . فهذا لا يخالف اللغة ولكنه يخالف الشرع . على كلٍ هم نفسهم كانوا يسمون أنفسهم مشركين مع أنهم كانوا يؤمنون بالله وبأنه خالقهم وخالق الكون ورازقهم وو ، بل كانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله. المهم لم يصف أحدهم من يفعل ذلك بأنه موحد .


قولك : ولقد قلت :[-- ممكن أن نفهم من هذه الآية أنه قد يجتمع إيمان ببعض الأمور وشرك بالله . --]
وهل يمكن اجتماع الإيمان بجميع الأمور وشرك بالله ؟؟




أقول : لا يمكن أن يجتمع الإيمان بأن الله هو المستحق وحده للعبادة مع الشرك بالله . لا لغة ولا شرعاً . فلو كان مشركي العرب يؤمنون أن الله هو وحده المستحق للعبادة لما عبدوا الأصنام . ولما اعترضوا على دعوتهم لتوحيد العبادة .

قولك :
ما دام عندك إن الإيمان هنا هو التصديق الذي لا ينقضه الشرك .. فقل لي إذن : هل يمكن أن يصدّق المرء بجميع أمور الوحدانية ، وهو في نفس الوقت مشرك ، ونقول : إن تصديقه الكامل لا ينقضه الشرك ؟



أقول : لا ، لا يمكن أن يصدق بجميع أمور الوحدانية وهو في نفس الوقت مشرك بالله إلا إذا كان لا يعرف معنى الشرك والتوحيد . فلا يمكن أن يجتمع الإيمان بأن الله هو المستحق وحده للعبادة مع الشرك بالله . لا لغة ولا شرعاً.


قولك : تقول :[-- والثانية : أن الآية تصفهم أنهم إذا ركبوا في الفلك دعوا الله وحده وأخلصوا له الدين في الدعاء ، وإذا صعدوا للبر ، يشركون به في الدعاء وفي غيره . ولم يصفهم بأنهم في البر موحدون ومشركون . مع أنهم في الفلك كانوا يوحدون الله في الدعاء ، وكانوا في البر يفعلون بعض مظاهر التوحيد والإسلام ولكنهم عندما أشركوا في الدعاء أو في غيره وصفهم بأنهم مشركون. ولم يصفهم بأنهم في فعلهم مشركون ولأن عندهم بعض مظاهر التوحيد والإسلام ، ويوحدون الله في الدعاء في الفلك ، لم يحكم على ذواتهم بالتوحيد والإسلام --]

الآية واضحة ، يقول الله تعالى : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت : 65]
ذكر الله تعالى أنهم أخلصوا لله في الدعاء في البحر .. فهل دخلوا الإسلام بذلك في تلك اللحظة ؟؟
أليس الإخلاص نقيض الشرك ؟؟ .. فكيف يقول الله تعالى إنهم أخلصوا في الدعاء وهم في تلك اللحظة ما زالوا مشركين ؟؟
هذا يبين لك أنه يُمكن عقلاً اجتماع الإخلاص في بعض الأمور مع الشرك في أمور أخرى ..




أقول : ألآية تصفهم بأنهم أخلصوا لله في الدعاء . ولا يوجد في الآية أنهم بهذا أصبحوا موحدين .
ولا يوجد تعارض بأن يقال أن هذا الشخص مشرك ولكنه أخلص لله في الدعاء . وإنما التعارض أن يقال هذا عبد غير الله ولكنه موحد .

أقول : أما وصفهم .. فدعك منه الآن .. ليس هذا كلامنا .. لأن التوصيف هذا الذي تقوله إنما يُستقى من أدلة القرآن والسنة .. لا من مجرّد لا إله إلا الله ..

أقول : نحن ، ما يهمنا وصفهم كأشخاص وليس وصف أفعالهم . ما يهمنا حكمهم كأشخاص وليس حكم أفعالهم فحكم أفعالهم متفقون عليه .
أما قولك أن الحكم على عين من عبد غير الله بأنه مشرك بعينه يستقى من أدلة القرآن والسنة فقط ، فهذا غير صحيح . فمشركي العرب أنفسهم كانوا يعرفون من لغتهم أن من فعل الشرك مشرك بعينه . ولم يصفوا أحداً بأنه موحد بمجرد أنه وحد الله في عمل ما ، وهم يعرفون عنه أنه عبد غير الله .




قولك : وقد تقرر عقلاً عند التفريق في المسائل جواز أن يوحد إنسان الله في بعض المسائل ، ويشرك به في مسائل أخرى ..



أقول : أذكر مرة أخرى أن مسألتنا الحكم على الأعيان وليس على الأفعال . ولا أحد يخالفك أن الشخص قد يكون عنده بعض أفعال التوحيد وبعض أفعال الشرك ، أي يوحد الله في بعض أفعاله ويشرك به في بعض أفعاله . ومعظم من على وجه الأرض حالهم هكذا .
وخلافنا هو في وصف عين من عبد غير الله بأنه موحد . فهذا الوصف لا تقبله اللغة ولا يقبله العقل ولا الشرع .


قولك : نعم ، هو في دين الله اسمه مشرك وكافر .. ولا ثواب لتوحيده .. لكن هذه المسائل تعرف فقط بالأدلة الشرعية ، لا من مجرد لا إله إلا الله .



أقول : بل تعرف أيضاً من اللغة . قبل أن يبعث رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه .
ثم إذا كانت كلمة " لا إله إلا الله " لا يعرف منها حكم من يعبد غير الله ، فما هو الحكم الذي يعرف منها ؟
وماذا فَهم العرب من هذه الكلمة حتى يحاربوا من يتلفظ بها ؟
ولماذا امتنع عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها وهو على فراش الموت ؟
وهنا أسألك مجارياً لك فيما تقول : ما هي هذه الأدلة التي تبين أن من يعبد غير الله اسمه مشرك . ؟


قولك : لا إله إلا الله تثبت أنه مشرك في حدود فعله ، وأن توحيده في هذا
الفعل انتقض .. أما انتقاض جميع الإيمان فلا يثبته إلا الدليل الشرعي .




أقول : كيف تُثبت أنه مشرك في حدود فعله فقط ؟!!!!!!
وكيف تثبت أن توحيده في هذا الفعل قد انتقض ؟ !!!!!!
دلني بالله عليك كيف فهمت هذا الفهم من كلمة التوحيد ؟
ويا حبذا لو تركز على هذا الأمر .
لأني أتحداك أن تأتي بدليل واحد من اللغة أو من الشرع يثبت فهمك هذا لكلمة التوحيد.

يتبع

رد مع اقتباس