عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 10-19-2017, 02:36 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم 1:
الرد على مشاركة رقم 35

بسم الله الرحمن الرحيم


قولك : قبل استكمال ردودي عليك في باقي مشاركاتك ، أود أن أسألك بضعة أسئلة حتى يتوضح لي منهجك
1- ما الذي يحدد دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ؟ هل هو العقل المجرّد أم الدليل الشرعي ؟
مثاله : السجود لغير الله .
هل يُعلم أنه شرك أكبر من غيره بالدليل الشرعي أم بالعقل ؟


أقول : القرآن الكريم نزل بلغة العرب لهذا يفهم بلغة العرب ما لم يأت دليل على صرف المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي . والألفاظ لها معان شرعية ومعان لغوية . وقد يتفق المعنى الشرعي مع اللغوي ، أما إذا لم يتفق المعنى الشرعي مع المعنى اللغوي فالمعتبر هو المعنى الشرعي .
والعقل هو آلة لفهم النصوص الشرعية وليس دليلا مستقل بحد ذاته .
فالعبادة لا يحددها العقل المجرد ، بل يحددها الدليل الشرعي الذي يفهم حسب اللغة العربية إذا اتفق المعنى اللغوي مع الشرعي ، وإلا فالمعنى الشرعي هو المعتبر ..
فالسجود لغير الله ، لا يحكم عليه بأنه عبادة وشرك أكبر إلا بدليل شرعي وبالمعنى الشرعي .
فليس كل سجود لغير الله عبادة . هناك سجود عبادة وسجود تحية . والأول شرك والثاني معصية في شريعتنا . وقد كان مباحاً في شريعة من قبلنا من الأنبياء .


قولك 2- من خالف في دلالة الأفعال على الشرك الأكبر ، وقال عن فعل ما إنه شرك أكبر (كالسجود لغير الله) ، وقال غيره إن شرك أصغر .. هل على الأول تكفير الثاني بحجة أنه : لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟

أقول : لا ، ليس على الأول تكفير الثاني ولا يجوز أن يصفه بأنه لا يعلم معنى لا إله إلا الله .
إلا إذا كان السجود سجود عبادة ، ففي هذه الحالة لا يسع الثاني أن يقول عنه شرك أصغر لا ينقض التوحيد . وإذا قال عنه أنه شرك أصغر وهو ثابت شرعاً ولغة أنه شرك أكبر وعبادة لغير الله لم يعرف معنى العبادة . والشرك الأصغر لا يصل لدرجة العبادة لغير الله .
هذا ، وكل فعل مهما كان ، فُُعل بنية العبادة لغير الله ففاعله مشرك غير موحد ، ومن لم يكفره وهو يعلم قصده ، وحكم عليه بالتوحيد ، لم يفهم معنى الشهادة .
بعض الأفعال لها دلالة واحدة وبعضها له أكثر من دلالة . فالأفعال ذات الدلالة الواحد لا يسع الخلاف فيها ، أما الأفعال التي لها أكثر من دلالة فيسع الاختلاف فيها . وهي حسب القصد والنية . أو حسب القرائن التي تحيط بها . فإذا ثبت لغة أن فعلاً من الأفعال لا يفعل إلا بنية العبادة ، فلا يجوز الحكم عليه بأنه شرك أصغر ، ولا يجوز الحكم على فاعله بأنه مسلم موحد لم يعبد غير الله . ومن حكم هكذا فهو لا يفهم العبادة ولا التوحيد ولا الشرك .
وأما إذا كان الفعل معناه اللغوي يدل على أكثر من معنى ، ومن هذه المعاني ما ليس عبادة ، لا يحكم على فاعله قبل معرفة قصده ونيته من الفعل ، أو معرفة القرائن التي ترجح معنىً من المعاني .
مثاله السجود لغير الله . فهذا الفعل يحتمل أن يكون بنية التحية ويحتمل أن يكون بنية العبادة . فلا يحكم على فاعله بدون معرفة نيته من فعل السجود ، أو معرفة القرائن التي ترجح أنه سجود عبادة أو سجود تحية . ومن حكم على فاعله دون معرفة نيته أو بدون مرجح يدل على الغاية والقصد من فعله ، فقد أخطأ في الحكم .
فمثلا رأينا شخصاً يسجد لشخص ، فلا يجوز أن نحكم أنه سجود عبادة دون معرفة نية الفاعل أو بدون أن يكون عندنا قرائن حقيقية تدل على أنه فعله للعبادة .
أما من رأيناه يسجد للشمس أو للقمر أو لصنم ، وثبت عندنا أن هذا الفعل يفعله للشمس أو للقمر أو للصنم ، فلا نتردد بالحكم عليه بأنه سجود عبادة . لأن السجود للشمس أو للقمر أو للصنم لا يكون إلا سجود عبادة .
والسجود لشخص ليس محلاً للعبادة يرجح فيه سجود التحية . كسجود معاذ رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا شك أنه سجود تحية ، وسجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وأخوته له .

أما إعطاء حق التحليل والتحريم لغير الله فلا يوصف هذا العمل إلا بأنه عبادة للطاغوت .

قولك 3- من يرى بعض الأفعال تدل على الشرك الأكبر ، كالسجود لغير الله ، ثم قال : أنا أعذر من يسجد لغير الله جاهلاً ، ودليله قصة معاذ بن جبل وسجوده للنبي - صلى الله عليه وسلم - .. هل يكفر عندك بحجة أنه لا يعلم معنى لا إله إلا الله ؟
وجزاك الله خيراً .


أقول : من أعتقد أن فعلاً من الأفعال عبادة لغير الله فلا يجوز له أن يفعله ولا يجوز أن يحكم على فاعله بالتوحيد ويعذره بالجهل أو التأويل .
أما هذا الذي أعتقد أن كل سجود لغير الله عبادة ، فيجب عليه أن لا يسجد لغير الله ، أي نوع من أنواع السجود ، ولا يحكم على من سجد لغير الله بالتوحيد ، ولا يعذره بالجهل ولا بالتأويل . وإذا حكم على من سجد لغير الله -أي نوع من أنواع السجود - بالإسلام والتوحيد فإنه قد خالف معتقده وأجاز عبادة غير الله . أو أنه اعتقد باجتماع التوحيد والشرك الأكبر في قلب رجل واحد ، ويظل موحداً ، فبهذا لم يفهم التوحيد ولا الشرك .
ثم كيف يفهم بأن معاذ رضي الله عنه سجد سجود عبادة وهو يحكم عليه بداية بأنه موحد مسلم يعرف أن أي عمل فعل بنية العبادة لغير الله شرك .
مثل هذا الشخص سيفهم أن أمر الله للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام هو أمر بعبادة غيره . وحاشا لله أن يأمر بعبادة غيره ، وهو يصفه بأنه ظلم عظيم ، وقال عز من قائل : " وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "
هذا الشخص افترى على الله وعلى رسوله . بأن اعتقد أن الله يأمر بالشرك وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت عن الشرك الأكبر .
لا يتردد من يفهم التوحيد ويحسن الظن بالصحابة ويعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أدى وظيفته على أكمل وجه ، لا يتردد بالحكم على أن سجود معاذ رضي الله عنه كان سجود تحية لا عبادة ، إذ كيف يجهل هذا الصحابي الجليل أن سجود العبادة لا ينبغي إلا لله ، سبحانك هذا ظلم وافتراء عظيم على هذا الصحابي الجليل الذي اصطفاه النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة جميعاً لمناظرة أهل الكتاب وتبليغهم التوحيد وأصل الدين وقال له ،صلى الله عليه وسلم : ( إنك ستقدم قوماً أهل كتاب ...) .
فهل يصطفي النبي صلى الله عليه وسلم ، من أصحابه من يجهل أصل التوحيد ليناظر أهل علم ومجادلة على ما لا يعلمه ؟
ولو قرأ هذا ، باقي الحديث الذي استشهد به لعرف أنه ليس سجود عبادة ، بل سجود تحية لأن تكملة الحديث هي : فقال صلى الله عليه وسلم ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ) .
فهذا نص في أن هذا السجود سجود تحية وإكرام ، وإلا تعارض مع قوله تعالى : " وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "

رد مع اقتباس