عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-09-2013, 11:23 PM
مراقب مراقب غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 146
افتراضي

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
لا يجوز التكلم بالكفر الصريح في سبيل الدعوة إلا إذا أراد قيام الحجة على قومه كالحاكي لما هو عندهم وما يعتقدونه لأجل إلزامهم بالحق وبباطل ما يعتقدونه .أو إذا أراد أن يستدرجهم لإثبات اعتقادهم الباطل . كأن يقول مثلاً : لنقل أن هذا هو إلهنا . ثم بعد ذلك يبين لهم بطلان هذا الاعتقاد ، ويظل يستدرجهم حسب اعتقادهم موهماً لهم في الظاهر أنه يقول بقولهم قاصداً بقلبه أن يثبت بطلانه فهذا جائز .
وقبل أن أبدأ ببيان ما جاء في تفسير الرازي أريد أن أبين بعض الحقائق بحق سيدنا إبراهيم عليه السلام .
1- لا يجوز أن يكون لله رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله موحد وبه عارف، ومن كل معبود سواه برئ .
2- أن الله عصم إبراهيم عليه السلام وطهره وآتاه رشده من قبل وأخبر عنه فقال: " إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ "(الصافات :84) أي لم يشرك قط .
3- قد قال الله عن إبراهيم عليه السلام " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ " (الأنعام : 75-76) ، أفتراه أراه الملكوت ليوقن فلما أيقن رأى كوكباً قال: هذا ربي معتقداً ؟ هذا لا يعقل أبداً .
4- لا يجوز أن يكون إبراهيم عليه السلام ناظراً في هذا المقام . فهو الذي قال الله في حقه { وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } (الأنبياء :51-52) وقال تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (النحل : 120_123) وقال تعالى : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (الأنعام : 161)
قوله : " وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " أي لم يكن في أي لحظة من المشركين .
نأتي الآن لكيفية فهم الآية : قوله : { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي } القارئ لهذه الآية سيتطرق له عدة معاني .
الأولى : أن إبراهيم عليه السلام قال ذلك معتقداً أن الكوكب هو ربه .وهذا الاحتمال لا يجب أن يتطرق لذهن من يعرف من هو إبراهيم عليه السلام ومن يعرف ما قال الله في إبراهيم عليه السلام .
فمن عرف أن الرسول لا يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله موحد وبه عارف ، ومن كل معبود سواه برئ . وأن الله عصم إبراهيم عليه السلام وطهره وآتاه رشده من قبل . وأن الله تعالى نفى كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله : {وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} في عدة آيات ، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي ، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما . من عرف ذلك استيقن أن هذا الفهم غير صحيح . وأن الفهم الصحيح هو أن المقام كان مقام مناظرة وليس نظر ، وأن إبراهيم عليه السلام قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم فيما كانوا فيه من الشرك كما دل عليه قوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَـٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ} وقوله تعالى : " وَحَآجّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجّوَنّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَن يَشَآءَ رَبّي شَيْئاً وَسِعَ رَبّي كُلّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقّ بِالأمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوَاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مّهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَىَ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مّن نّشَآءُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ "
قوله :" أَتُحَاجّوَنّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِي " يعني : أتجادلونني في أمر الله ، وأنه لا إله إلا هو ، وقد بصرني وهداني إلى الحق ، وأنا على بينة منه، فكيف ألتفت إلى أقوالكم الفاسدة وشبهكم الباطلة .
قوله :" وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَن يَشَآءَ رَبّي شَيْئاً " أي ومن الدليل على بطلان قولكم فيما ذهبتم إليه ، أن هذه الآلهة التي تعبدونها لا تؤثر شيئاً، وأنا لا أخافها ولا أباليها، فإن كان لها كيد فكيدوني بها ، ولا تنظرون بل عاجلوني بذلك .
نخلص من هذا أن القول بأن إبراهيم عليه السلام نطق بالكفر أو اعتقد بربوبية الكوكب أو القمر أو الشمس باطل ومخالف للقرآن .
إذن فكيف نفهم هذه الآية ؟ هناك أكثر من فهم صحيح للآية يتفق مع اللغة العربية وقواعد الدين .وإليك بعضها كما ذكره العلماء :
- قال " قَالَ هَذَا رَبِّي " على قولكم وزعمكم ؛ لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر ؛ ونظير هذا قوله تعالى: "أين شركائي الذين كنتم تزعمون" [القصص: 74]. وهو جل وعلا واحد لا شريك له. والمعنى: أين شركائي على قولكم .
ونظير قوله تعالى: "ذق إنك أنت العزيز الكريم" [الدخان: 49] أي عند نفسك.
- أنه قال هذا على وجه الاستفهام . تقديره: أهذا ربي ؟ ومعناه إنكار أن يكون مثل هذا رباً . كقوله تعالى " أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ " (الأنبياء،34) ؟ أي: أفهم الخالدون ؟ وذكره على وجه التوبيخ منكراً لفعلهم ، يعني: ومثل هذا يكون رباً، أي: ليس هذا ربي .
-أنه على وجه الاحتجاج عليهم، يقول: هذا ربي بزعمكم ؟ فلما غاب قال: لو كان إلهاً لما غاب، كما قال: " ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ " (الدخان:49)، أي: عند نفسك وبزعمك ، وكما أخبر عن موسى أنه قال:" وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ " (طه :97) يريد إلهك بزعمك .
- فيه إضمار . وتقديره يقولون هذا ربي ، كقوله " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا " (البقرة :127) أي: يقولون ربنا تقبل منا.
- أراد قيام الحجة على قومه كالحاكي لما هو عندهم وما يعتقدون لأجل إلزامهم.
- نستطيع أن نقول : ذكر كلاماً يوهم كونه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب ليستدرجهم لمعرفة بطلان ما يعتقدونه .
والآن نأتي إلى ما سألت عنه من تفسير الرازي وهو قوله :
الوجه السادس: أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يبطل قولهم بربوبية الكواكب إلا أنه عليه السلام كان قد عرف من تقليدهم لأسلافهم وبعد طباعهم عن قبول الدلائل أنه لو صرح بالدعوة إلى الله تعالى لم يقبلوه ولم يلتفتوا إليه، فمال إلى طريق به يستدرجهم إلى استماع الحجة . وذلك بأن ذكر كلاماً يوهم كونه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب مع أن قلبه صلوات الله عليه كان مطمئناً بالإيمان، ومقصوده من ذلك أن يتمكن من ذكر الدليل على إبطاله وإفساده وأن يقبلوا قوله
أقول : لا يعني هذا الكلام أنه نطق بالكفر الصريح لأجل الدعوة لله ، وإنما ذكر كلاماً أوهم السامع أنه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب ، ومقصوده من ذلك أن يستدرج الكافر لمعرفة الحق ومعرفة بطلان وفساد ما يعتقده .
ولا يفهم من هذا الكلام أن المسلم يجوز له أن يظهر الكفر الصريح لأجل أن يدعو إلى الحق كأن يقول أنا أظهر تأييد الطاغوت لأجل أن أتمكن من إسقاطه . أو أظهر إيماني بالديمقراطية للوصول لحكم الإسلام ، أو أدخل البرلمانات الشركية لأجل أن أصل لتحكيم الإسلام ويستشهد على ذلك بما جاء في تفسير الرازي وغيره في تفسير قوله تعالى " قَالَ هَـٰذَا رَبِّي " فما جاء في تفسير الرازي وغيره لا يدل على ذلك البتة لمن يفهم الكلام .
فقد جاء في تفسير الرازي : "وذلك بأن ذكر كلاماً يوهم كونه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب"
يفهم من ذلك أن كلامه لم يكن كفراً صريحاً بل كان ظاهره يوهم أنه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب . وهذا الإيهام لم يدم كثيراً حتى جاء وبشكل صريح ما يبطل مذهبهم ويبين الحق . فكل ما فيه أنه استعمل معهم طريقة أوهمتهم أنه يقول بقولهم وأنه ليس مخالفاً لهم حتى يسمعوه ولا ينفروا منه لجعلهم يستعملون عقولهم بطريقة صحيحة ليتبين لهم ما هم عليه من باطل وفساد معتقد . فهو على سبيل المسايرة في الظاهر لإثبات الحق. وهذه طريقة من طرق المناظرة يعرفها أهل المناظرة .

قوله : وتمام التقرير أنه لما يجد إلى الدعوة طريقاً سوى هذا الطريق، وكان عليه السلام مأموراً بالدعوة إلى الله كان بمنزلة المكره على كلمة الكفر ، ومعلوم أن عند الإكراه يجوز إجراء كلمة الكفر على اللسان قال تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ
[النحل: 106] فإذا جاز ذكر كلمة الكفر لمصلحة بقاء شخص واحد فبأن يجوز إظهار كلمة الكفر لتخليص عالم من العقلاء عن الكفر والعقاب المؤبد كان ذلك أولى.
أقول : قوله بأنه بمنزلة المكره على كلمة الكفر فهذا غير صحيح . لأنه أولا : لم ينطق بكلمة الكفر صريحاً كما بينا . وثانياً : أن الرسل عند الإكراه هذا لو فرضنا أنه مكره لا يأخذون بحكم الرخصة بل بحكم العزيمة . ومن يقرأ ما ذكره الله في حق إمام الموحدين سيدنا إبراهيم خليل الرحمن يظهر له وبشكل واضح أنه صرح بالتوحيد وببراءته وبعداوته للعابدين والمعبودين من دون الله وتحداهم ولم يأخذ بحكم رخصة الإكراه . فالقول بأن إبراهيم عليه السلام أخذ بحكم الرخصة في الإكراه ونطق بالكفر الصريح قول باطل واجتهاد خاطئ .
أما قوله : ومما يقوي هذا الوجه: أنه تعالى حكى عنه مثل هذا الطريق في موضع آخر وهو قوله : ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى ٱلنُّجُومِ * فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ }[الصافات: 88 ـ 90] وذلك لأنهم كانوا يستدلون بعلم النجم على حصول الحوادث المستقبلة فوافقهم إبراهيم على هذا الطريق في الظاهر مع أنه كان بريئاً عنه في الباطن، ومقصوده أن يتوسل بهذا الطريق إلى كسر الأصنام، فإذا جازت الموافقة في الظاهر ههنا. مع أنه كان بريئاً عنه في الباطن، فلم لا يجوز أن يكون في مسألتنا كذلك؟
أقول : قوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى ٱلنُّجُومِ * فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ)
لا يفهم منه أن إبراهيم عليه السلام وافقهم بالإستدلال بعلم النجم على حصول الحوادث المستقبلة . بل كما قال ابن كثير وغيره :" فقال لهم كلاماً هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه (فتولوا عنه مدبرين) قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم ، يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكراً فيما يلهيهم به فقال {إني سقيم} أي ضعيف "
وجاء في تفسير هذه الآية في تفسير القرطبي : " وقال الحسن: المعنى أنهم لما كلفوه الخروج معهم تفكر فيما يعمل . فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي؛ أي فيما طلع له منه ، فعلم أن كل حي يسقم فقال. "إني سقيم".
يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره: نظر في النجوم."
إذن فكل ما في الأمر أنه قال كلاماً حقاً ولكنهم فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه . أي لم يقل لهم كفراً صريحاً .
وقبل أن أنهي هذا الموضوع أريد أن أوضح رواية ذكرها بعض المفسرين عند تفسيرهم هذه الآيات قد تفهم خطأ .
جاء في بعض التفاسير :
" أحدها: أن إبراهيم عليه السلام أراد أن يستدرج القوم بهذا القول ويعرفهم خطأهم وجهلهم في تعظيم ما عظموه، وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها، ويرون أن الأمور كلها إليها فأراهم أنه معظم ما عظموه وملتمس الهدى من حيث ما التمسوه، فلما أفل أراهم النقص الداخل على النجوم ليثبت خطأ ما يدعون، ومثل هذا مثل الحواري الذي ورد على قوم يعبدون الصنم، فأظهر تعظيمه فأكرموه حتى صدروا في كثير من الأمور عن رأيه إلى أن دهمهم عدو فشاوروه في أمره، فقال: الرأي أن ندعو هذا الصنم حتى يكشف عنا ما قد أظلنا، فاجتمعوا حوله يتضرعون فلما تبين لهم أنه لا ينفع ولا يدفع دعاهم إلى أن يدعوا الله فدعوه فصرف عنهم ما كانوا يحذرون، فأسلموا. "
أقول : " على فرض أن حادثة الحواري صحيحة لا يفهم منها أنه يجوز إظهار الكفر الصريح لأجل التوصل لعبادة الله وحده . ولا يفهم منها أيضاً جواز فعل الكفر والشرك لأجل التوصل للتوحيد . فكل ما في الرواية أن هذا الحواري ورد على قوم يعبدون صنماً ظانين أنهم على الحق ، فاجتهد في طريقة دعوتهم إلى الحق فوجد أنه إذا أظهر لهم عداوته لهذا الصنم فإنهم سوف لا يسمعونه وقد يؤذونه فاستعمل معهم التورية بأن أوهمهم أنه غير مخالف لهم وأنه يعظم صنمهم دون أن يصدر منه أي عبادة لهذا الصنم أو أي كلام صريح لا يحتمل أنه يعظم هذا الصنم . وإنما استعمل معهم التورية حتى تمكن من أن يصل لهدفه وهو إثبات بطلان عبادة هذا الصنم لهم بطريقة يقبلونها ويهتدون بها للحق . أي أنه استدرجهم ليعرفهم خطأهم وجهلهم في تعظيم ما عظموه . هكذا يجب علينا أن نفهم هذه الرواية وما قيل في حق إبراهيم عليه السلام حتى لا تتعارض مع القواعد والأصول الثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
كتبه : ضياء الدين القدسي
----------------------------------
في: 17 أيلول 2008
موقع الجامعة الإسلامية

رد مع اقتباس