عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-02-2011, 12:26 AM
العباس العباس غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 157
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الاخ الكريم قد ورد سؤال من هذا القبيل على الشيخ من قبل وكان نص السؤال كالاتي
[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياشيخ ماحكم الموافقة على الشروط الكفرية التي تظهر أثناء تثبيت أغلب برامج الكبيوتر وتظهر أيضا أثناء تسجيل بريد إلكتروني جديد , مثال من هذه الوثيقة أنه يطلب منك الموافقة على شروط كإحترام قانون الدولة أو عدم مخالفة قانون الدولة وهذه إحدى نصوص الإتفاقية:
(القوانين المطبّقة: تخضع هذه الاتفاقية لأحكام ومبادئ ونصوص القوانين الدولية ويتم تفسيرها حسب مبدأ حُسن النية. ويُشار هنا إلى مبادئ وقوانين الإنترنت والأعراف المتبعة بين مواطني ومستخدمي شبكة الإنترنت. ولا يُفسر امتناع المالك عن تطبيق أي من الحقوق المنصوص عليها والمعطاة له بمقتضى هذه الاتفاقية أنه تنازل عنها. كما ولا تُسمع أية دعوى عن هذه الخدمة إلا خلال مدة سنة من تاريخ نشوء سبب الدعوى بمجرد تسجيلك في البريد يعتبر توقيع وموافقة على هذه ) .

وكانت إجابة الشيخ ضياء على النحو التالي :

[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين .
إن ألفاظ المتكلمين مع مقاصدهم لا تخلو من ثلاثة أحوال :
الحال الأول: أن يكون القصد مطابقاً للفظ تمام المطابقة ولا يخالفه .
الحال الثانية : هو أن نعلم أن المتكلم لم يقصد المعنى ألبتة .
الحال الثالثة : أن يكون الكلام محتملاً .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالعمل إذا تعلق به القصد تعلقت به الأحكام التكليفية ، وإذا عري عن القصد لم يتعلق به شيء منها. فلو فرضنا العامل منعدم الاختيار كالملجأ، والنائم والمجنون. فلا يتعلق بأفعالهم مقتضى الأدلة،فليس هذا النمط بمقصود للشارع ، فبقي ما كان مفعولا بالاختيار لا بد فيه من قصد " (الموافقات للشاطبي : 2/327)
وهناك قاعدة شرعية تقول : " العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني "
العقود في الإسلام مبنية على الإيجاب والقبول القطعيين .
وإذا وقع الاحتمال في الإيجاب أو القبول لم ينعقد البيع حتى نعرف قصد الشخص .
قبول الشروط في المواقع على النت يعبر عنها بكبسة مكتوب عليها " أقبل" أو وضع علامة صح بجانب أقبل . ولا يتم الاستفادة من الموقع أو الميل إلا إذا تم الكبس على هذا الزر أو وضعت علامة صح .
فالفعل المجرد هو الكبس على الزر أو وضع علامة الصح في المربع المخصص لها . وهذا العمل يختلف عن كتابة الشخص بشكل صريح [ أقبل ] .
فالكبس على الزر أو وضع علامة (صح ) يحتمل أكثر من معنى : فهو يحتمل أن الشخص قبل الشروط ويحتمل أيضاً أنه فقط أراد الدخول بدون القبول بهذه الشروط .لأن طريق الدخول لا يتم إلا بهذا العمل. لهذا يجب أن نعرف قصد الفاعل حتى نحكم عليه . " "فالعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني " وإذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال .
وحتى تتضح المسالة نضرب مثالا : شخص له بيت لا يريد أن يدخله أحد إلا إذا وافق على شروطه ولكونه لا يستطيع أن يتواجد دائماً في البيت ، كتب على باب البيت شروط وبعد ذلك وضع كبسة على الباب من خلالها يستطيع أي شخص أن يدخل البيت بسهولة ، ولكن كتب على هذه الكبسة عبارة : "من يضغط على هذه الكبسة للدخول للبيت يكون قد قبل بالشروط المكتوبة على الباب " أو كتب " إذا كنت توافق على هذه الشروط وتريد أن تدخل البيت أكبس على هذه الكبسة ."
وترك البيت هكذا بدون أن يتحرى من الداخلين لهذا البيت هل هم قبلوا الشروط بضغطهم على الكبسة أو الزر أم لم يقبلوا وفقط استعملوا هذه الكبسة للدخول للبيت لأمور أخرى كالاستفادة مما في داخلة .
في هذه الحالة هل نستطيع أن نحكم على كل من يضغط على هذه الكبسة أو الزر أنه قد قبل بهذه الشروط المدونة على الباب أم أن هذا العمل لأنه يحتمل أموراً أخرى فلا بد من معرفة قصد الفاعل .؟
ما دام العمل بحد ذاته يحتمل أكثر من معنى لهذا يجب النظر لقصد الفاعل .
العمل هو الضغط على الكبسة أو الزر .
فهذا العمل قد يكون معناه الموافقة على الشروط للدخول وقد يكون فقط بقصد الدخول دون إعتبار لهذه الشروط المكتوبة .
مثال آخر : فلو كتب صاحب هذا البيت لأجل أن يبعد المسلمين عن هذا البيت " من يكبس على زر دخول البيت فقد قبل الكفر بالله أو فقد قبل دخول الدين النصراني أو اليهودي " فهل سنحكم على كل من كبس على هذا الزر للدخول بأنه قبل الكفر بالله العظيم أو أنه قبل الدخول بالنصرانية أو اليهودية أم ننظر لقصده ؟
الجواب الصحيح هو أن في هذه الحالات المحتملة قصد الفاعل من الفعل مهم جداً . طبعا هذا في الأفعال والأقوال التي تحتمل أكثر من معنى .
والكبس على زر الدخول عمل له أكثر من معنى كما بينت ذلك .
وهذا هو الحال في المواقع والنوادي الموجودة على النت : فصاحب الموقع أو المنتدى يضع شروطاً لمن يريد أن يصبح عضواً في الموقع أو المنتدى ويستفيد من محتويات المنتدى أو يستعمل المنتدى أو الموقع .
الغاية من وضع هذه الشروط طبعا لتنظيم الموقع أو المنتدى وللتخلص من المسؤولية القانونية لأصحاب المنتديات . فمثلا لو استخدم هذا المنتدى أحد واعتدى على شخص ما وأقام هذا الشخص دعوى على المنتدى فسيدافع عن نفسه بأن يقول إنظروا لشروط المنتدى فهذا المعتدي دخل بدون أن يوافق على هذه الشروط دخل بدون إذن صاحب المنتدى فهو الملام من الناحية القانونية وليس صاحب المنتدى لأنه لم يلتزم بشروط المنتدى . أو لأجل إذا تم إلغاء عضوية أي شخص لأنه لم يلتزم بالشروط فلا يحق له أن يحاسب أصحاب المنتدى أو الموقع .
فالكبس على زر دخول الموقع أو المنتدى عمل يحتمل أكثر من احتمال . فهو يحتمل أن الشخص قد قبل الشروط وعلى هذا الأساس كبس على الزر أو أنه لم يقبل الشروط وكبس على الزر لدخول الموقع أو المنتدى .
وأصحاب المنتدى والموقع طبعاً لا يتحرون قصد كل داخل فإنهم يفترضون أنه قبل الشروط . ولا يجازونه بالفصل من المنتدى إلا إذا صدر منه ما يخالف الشروط وكان معلوماً لديهم ذلك . ومعظم المنتديات والمواقع تضع هذه الشروط للتخلص من طائلة المسؤولية القانونية في حين حصل شكاية عليها من قبل من يتضرر من سوء استعمال الموقع .
وبناءا على ذلك ولأن العمل وهو الكبس على الزر لدخول الموقع يحتمل أكثر من معنى فيجب قبل الحكم على من كبس على زر الدخول معرفة قصده من هذا العمل .
كتبه : ضياء الدين القدسي ] .

رد مع اقتباس