عرض مشاركة واحدة
  #67  
قديم 12-23-2017, 10:54 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

مسلم1 :
بسم الله الرحمن الرحيم

تتمة الرد على المشاركة رقم 31


قولك : لقد تم الجواب عن أكثر هذه المسائل المطروحة .. ثم إنك لو أخطأت فهمي في موضع ، فقد بيّنت ذلك في موضع آخر .. وتحقق لديك العلم أنني لا أكفّر من يعذر المشركين المنتسبين للإسلام بالجهل ، إن هو حكم عليهم بالإسلام لما عندهم من توحيد وإيمان .. وخالفنا في إنزال حكم الشرك عليه لتأويل عرض له .
هذا هو معتقدي الذي بيّنته في أكثر من موضع .. ولا حاجة لي لتكراره في جميع المقامات .



أقول : الحقيقة يا أبا شعيب أنا لم أر أي جواب لأسئلتي السابقة في كلامك. ولم تبينه في أي موضع . وأنا لم أخطأ فهمك .
ثم تقول هنا : " وتحقق لديك العلم أنني لا أكفّر من يعذر المشركين المنتسبين للإسلام بالجهل ، إن هو حكم عليهم بالإسلام لما عندهم من توحيد وإيمان .. وخالفنا في إنزال حكم الشرك عليه لتأويل عرض له ."
أقول : نعم تحقق لدي العلم على أنك لا تكفر من يعذر المشركين المنتسبين لإسلام بالجهل . ولكن مسألتنا ليست هي هذه ، بل هي : ما وصفتهم بالمسلمين ومن عذرهم بالجهل ، كيف تحقق أسلامهم أولاً قبل أن نبحث في تكفيرهم .
ما أقوله أنا : أن هؤلاء لم يدخلوا الإسلام بعد ، لأنهم لم يحققوا الكفر بالطاغوت بعد . فأثبت لي أولاً ، كيف حققوا هؤلاء ، وأنت ، الكفر بالطاغوت ؟ ثم نبحث بعدها كيفية الحكم عليهم بالخروج من الإسلام .
فأنت مضطرب في كيفية الكفر بالطاغوت . فمرة ، تشترط للكفر بالطاغوت ، الحكم على المشرك بأنه ليس في دين الله ، ومرة لا تشترط ذلك ، بل تقول يكفي أن يعتقد أن المشرك فعله باطل وهو على باطل بعمله. ولم تشترط للكفر بالطاغوت إخراج الطاغوت ومن يعبده من الدين. مع أنك اشترطت لدخول الدين ترك جميع أنواع الشرك ، وقلت : "من ترك الشرك يعرف أن من لم يتركه ليس في دين الله . "
ولقد بينت لك بالأدلة الشرعية : أن الكفر بالطاغوت : يقتضي تكفير الطاغوت وتكفير من يعبده . وتكفير من لا يكفرهما مع علمه بحالهما .
ولا يكفي الحكم على الطاغوت ومن يعبده ، بأنهم على باطل وأن فعلهم باطل ، مع عدم فهم أنهم ليسوا في دين الله ، أو مع عدم فهم أنهم غير موحدين بأشخاصهم وذواتهم .لأن هذا يقتضي الحكم بإسلامهم وتوحيدهم كأشخاص .



قولك : أما كلامك وتفسيرك للشرك ومقتضياته وكيفية اجتنابه .. فأريد دليلاً واحداً صريحاً في ذلك .. يجعل هذه المسائل التي تذكرها من أصل الكفر بالطاغوت ، وأن من لا يحققه فهو كافر وغير معذور بالجهل .
رجاء .. لا نريد مقررات عقلية .. نريد دليلاً من القرآن والسنة .. فنحن لسنا بمستوى ذكائك ونباهتك حتى نستنبط هذه الأحكام الأصولية التي لا يتحقق للمرء إسلام إلا بها ، ولم يذكرها الله - تعالى - في كتابه ، ولا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة من بعده ، ولا الأئمة الأربعة وتلامذتهم ، وهي شرط عظيم من شروط التوحيد !
تفضل أرنا الدليل من القرآن والسنة أن الكفر بالطاغوت من أعظم شروطه : تكفير المشركين . وأن من لا يكفرهم فهو عابد للطاغوت ، شأنه شأن المشركين.



أقول : المسألة بسيطة جداً يا أبا شعيب . ولا تحتاج لكثير من النباهة والذكاء لفهمها . فكل عاقل بالغ يستطيع أن يدركها مهما كان مستواه ألذكائي . لأنها فرض على كل عاقل بالغ . والله سبحانه وتعالى يقول :" لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا "
الله سبحانه وتعالى يبعث الرسل عندما يعم الشرك . يبعثهم لدعوة الناس لترك الشرك وعبادة الله وحده لدخول دين الله والحصول على الجنة ، وإلا فمصيرهم النار خالدين فيها أبدا . وكان كل رسول يخاطب قومه باللغة التي يفهمونها .
قال تعالى : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (إبراهيم : 4)
لهذا كانوا يفهمون ما يريده منهم أتم الفهم .
فمنهم من يستجيب له ويؤمن به ويدخل دينه وهم القليل ، والأكثر يكذبونه ويصرون على عدم ترك الشرك وترك دينهم . فينزل الله بهم عذابه .
قال تعالى :" لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " (الأعراف :59)
وقال تعالى : " قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " (الأعراف : 70)
وقال تعالى : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ " (النمل :45)
وقال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " (النحل : 36)
وكان كل رسول يبين لهم حكم من يشرك بالله ومصير من لا يطيعه ويترك الشرك ويعبد الله وحده .
قال تعالى : " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" (المائدة : 72)
وقال تعالى : " وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ " (هود : 50)
وقال تعالى : " وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " (العنكبوت : 16)
وقال تعالى : " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ " (العنكبوت : 36)
فهذه دعوة الرسل ، كل الرسل من أول يوم : الدعوة إلى اجتناب عبادة الطاغوت وإخلاص العبادة لله وحده . وإنذار من لا يترك الشرك ويعبد الله وحده بالعذاب في الدنيا والآخرة . وكان كل من يدخل في دين الرسل يعرف هذه الحقيقة أتم معرفة عند دخوله لهذا الدين . فقد كان يعرف من أول يوم يدخل فيه الدين ، ما عليه فعله نحو ربه ونحو رسوله ونحو الطواغيت ومن يعبدهم . وهذه المعرفة كانت يقينية وأكيدة لا لبس فيه ولا تميع ولا غموض ولا شك . يعرف أنه بتركه عبادة الطاغوت وعبادته لله وحده وتصديق رسوله وإتباعه ، قد دخل دين الله ، وأن من لم يترك عبادة الطاغوت ويصدق رسول الله ويتبعه لم يدخل دين الله ، ولو كان عنده من مظاهر التوحيد والإسلام ما عنده .
انظر لقوله تعالى : " فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ "
من أول يوم أصبحوا فريقين يختصمين . كافر ومسلم أو قل موحد ومشرك .
فأن نقول بعد هذا : يكفي لدخول الإسلام وتحقيق أصل الدين أن يعرف أنه كان على باطل وتركه ، وأن من يشرك بالله على باطل في فعله ، ثم لا يعرف بأي دين هو ولا بأي دين من يعبد غير الله ، فهذا تميع وتعتيم وتعقيد لدعوة الرسل ، واتهام رسل الله بعدم الوضوح في التبليغ والاكتفاء بالعموميات التي لا تصلح للتطبيق العملي .
بل أن نتركه هكذا لأصعب وأعقد وأحير عليه من أن يفهم أنه في دين الله بتركه عبادة غيره وعبادته لله وحده ، وإيمانه أن من لم يترك عبادة غير الله ، ليس في دين الله ، ولا يسمى موحداً مهما كان عنده من أعمال التوحيد والإسلام . لأن عبدة الطاغوت ، كانت لا تخلوا أعمالهم من أعمال يوحدون الله بها وأعمال توافق شرع الله .
دعوة الرسل كانت واضحة من أول يوم : الدعوة لترك عبادة الطاغوت وعبادة الله وحده . ومن يجيب هذه الدعوة يعرف معرفة يقينية أنه إذا ترك عبادة غير الله وعبد الله وحده فقد دخل في دين الرسول ، دين الله ، ومن لم يترك عبادة غير الله ، لم يدخل دين الرسول ، دين الله . ومعرفته هذه لا تحتاج لدليل آخر سوى الدليل الذي يبين الله فيه كيف يدخل العبد في دين الله .
ومن البديهي الذي تعرفه أبسط العقول ، أن الدعوة لترك عبادة الطاغوت لدخول الإسلام تقتضي معرفة أن الطاغوت وعابديه ليسوا في دين الله .
جرب واسأل أي عجوز عاقلة وقل لها : حتى تدخلي الإسلام يجب أن تتركي عبادة الطاغوت . فإذا أقرت بذلك . اسألها : ما هو حكم الطاغوت ومن يعبده ؟ فسوف لا تترد بتكفيره أو على الأقل بالقول : ليس في دين الله لا هو ولا عابديه . هذا هو الفهم البسيط للكفر بالطاغوت ، والذي يفهمه كل عاقل بالغ ، شُرط عليه لدخول الإسلام ترك عبادته .
ولو قلتَ له يكفيك لدخول الإسلام أن تعتقد أنه باطل وأنه على باطل . لقال لك فوراً : ما معنى هذا ؟ هل أعتبره في ديني أم لا ؟ هل أعتبر من يعبده في ديني أم لا ؟
يسأل هذه الأسئلة ولا بد ، لأنه يريد منك أن تفهمه كيف يتصرف في الناحية العلمية . ولا يريد أموراً نظرية غير محدده تحيره ولا يعرف في أي دين هو ولا مخالفه بأي دين .
وهذا هو معنى قوله تعالى : " " فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ "
هل بعد هذا الشرح والتوضيح : يستطيع أحد أن يقول لا يوجد دليل واحد على ما تقولونه سوى التقريرات العقلية . ؟
ألا يكفي في هذه المسألة معرفة كيفية دعوة الرسل لأقوامهم ؟
ألا يكفي قوله تعالى : "فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ؟
ألا يكفي قول رسوله صلى الله عليه وسلم : " " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله " ( مسلم )
كيف وأن هناك أدلة كثيرة غيرها . ؟
ثم بعد هذا يقال : يكفي العبد لدخوله للإسلام أن يعتقد أنه على حق بتركه عبادة الطاغوت وأن الطاغوت وعابديه على باطل بعبادتهم غير الله . ولا يشترط به أن يعرف بأي دين هو ولا بأي دين الطاغوت وعابديه .
نسأل من يقول هذا الكلام : ما هو دليلكم على أن هذا هو الحد الأدنى لدخول الإسلام ؟ هل عندكم آية أو حديث يبين ذلك ؟
وأنا هنا أتحداك أن تأت بآية واحدة أو حديث واحد تنص على أن دخول الإسلام يكفي فيه أن يعتقد من دخله أنه على حق وأن الطاغوت وعابديه على باطل في فعلهم . ولا يشترط معرفته بأي دين هو ولا بأي دين الطاغوت وعابديه .
وهل دعوة الرسل كانت عبارة عن بيان من هو على حق ومن هو على باطل فقط ؟ دون بيان حكم ومصير من هو على الباطل ومن هو على الحق . ؟ ودون بيان حكم من يعبد غير الله ومصيره وبأي دين هو ؟


قولك : فرضت عليه هذه الأشياء لأنها جاء فيها الدليل الشرعي الصريح الواضح .. وليس لي أن أتكلم بغير دليل .

أقول : هذا الجواب لا يصلح جواباً لما سألتك عنه لهذا أعيد الكلام مرة أخرى لعلك تجد جواباً عليه مناسبا .
قلت لك :" تفرض على من يريد أن يدخل الإسلام أشياء ولا تفرض عليه أن يعتقد أو يعرف حكم من يخالفها ويأتي بعكسها .
فمن عرف أنه يجب عليه ترك الشرك حتى يصبح مسلما ، يعرف أن من لم يتركه لم يدخل الإسلام . فإذا ترك الشرك وحكم على من لم يتركه بالإسلام لم يعرف أن تركه للشرك شرط صحة لدخوله الإسلام .
ومن حكم على من ترك الشرك بعدم دخوله للإسلام فقد حكم عليه بالشرك والكفر ، وأن كنت تخاف من كلمة كافر . فقل مشرك أو قل غير مسلم أو ليس في دين الإسلام . فلا داعي إذن أن نقحم مسألة أن تكفير المشرك الشرك الأكبر حكم شرعي كباقي الأحكام الشرعية يعوز من تصدى له إلى أدلة قطعية من القرآن والسنة . ويحتاج لإقامة حجة . أما إن كنت تقصد من التكفير ، تكفير من ثبت إسلامه بيقين؟ فنعم. فهذا هو الذي يحتاج لإثبات خروج صاحبه من تحقق شروط وانتفاء موانع .
وكذلك إن كنت تقصد التكفير المعذب عليه ؟ فنعم . فهذا هو من يحتاج لإقامة حجة لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا "
فإذا عرفنا هذا نعرف المقصود من كلام العلماء بأنهم لا يكفرون من عبد غير الله حتى يقيموا عليه الحجة . فليس مقصودهم أننا لا نحكم على من عبد غير الله بالكفر ونحكم عليه بالإسلام حتى نقيم عليه الحجة . لأن من عبد غير الله ليس موحداً ولا مسلماً لأنه لم يكفر بالطاغوت ."
ثم تقول هنا : " فرضت عليه هذه الأشياء لأنها جاء فيها الدليل الشرعي الصريح الواضح ."
أين هو الدليل الشرعي الصريح الواضح الذي يبين : أن دخول الإسلام يكفي فيه فقط أن يعتقد من دخله أنه على حق وأن الطاغوت وعابديه على باطل في فعلهم . ولا يشترط معرفته بأي دين هو ولا بأي دين مخالفه .



تقول : وليس لي أن أتكلم بغير دليل .



أقول : وهل لك أي دليل على الحد الأدنى الذي حددته لدخول الدين ؟
وهل لك أي دليل على عذر من يحكم بإسلام وتوحيد من يعبد غير الله ؟


قولك : أما أنت تفرض عليه أشياء لم يأت بها دليل واحد يجعلها من شروط الشهادتين ، بل ولا دليل واحد يجعلها من الفرائض في دين الله ! وغاية ما ذكره العلماء من دليل في ذلك هو : التصديق بالنصوص الشرعية .. لا أكثر ولا أقل .



أقول : ما شرطّه على من أراد دخول الإسلام ، شرطه رب العزة عليه بشكل واضح لا لبس فيه . وكل دعوة الأنبياء توضح ذلك . ولقد بينت لك سابقاً بعض الأدلة عليه . فالأدلة عليه كثيرة جداً في كتاب الله ذكرت لك بعضها . أما ما تقوله أنت فأتحداك مرة أخرى هنا ، أن تأت بدليل واحد عليه .


قولك : ثم إنني تكلمت عن المسائل الجزئية والمسائل الكلية ، ومسألة اعتقاد أن من أشرك بالله فهو مشرك غير موحد (كحكم عام) وبين الخلاف في تنزيل هذا الحكم ، لاعتبارات شرعية ظنها صاحبها عذراً في من وقع في الشرك . فراجع كلامي في المسألة ، فإن في ذلك غنية عن التكرار .



أقول : يا رجل ما علاقة ما نتكلم به في المسائل الجزئية والكلية ؟
نحن نتكلم عن الشروط التي يجب أن تتوفر في العبد حتى يدخل الإسلام .
ما علاقة هذه المسألة بالمسائل الجزئية والكلية ؟ وما علاقتها في الحكم العام والخاص ومسألة تنزيلها على المعين .
وما هو دليلك من كتاب الله أن الحكم على من عبد غير الله بالشرك حكماً عاما وليس حكماً خاصاً ؟
وهل كان من يدخل الإسلام في زمن الرسل يَحكم على المشرك الذي عبد غير الله بالشرك ، كحكم عام ، ثم بعد ذلك يتعلم كيف ينزله على الخاص ، وقد لا يتعلم ويظل حكمه حكماً عاماً ؟
من أين أتيت بهذه الاصطلاحات من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ " حكم عام ، حكم خاص ، مسائل جزئية ، مسائل كلية ، تنزيل الحكم على المعين ، اعتبارات شرعية ظنها صاحبها عذراً شرعياً "
هذه كلها وضعها العلماء في المسلم الذي يرتكب كفراً .
يا رجل لا تنس أننا نتحدث عن الشرك الأكبر عمن عبد غير الله ، عمن عبد الطاغوت . هل في حكم هذا يوجد حكم عام ، وحكم خاص ؟ مسائل جزئية ومسائل كلية ؟ عذر بالجهل ؟
وهل حَكم الله في القرآن بالشرك على من عبد الطاغوت حكماً عاماً ، لا يمكن تطبيقه على الشخص المعين الذي تحققت فيه عبادة الطاغوت ، إلا حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع ؟
وما هي هذه الموانع والشروط التي يجب تحققها للحكم بالشرك على عين من عبد الطاغوت ؟ وأين هي في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ( لا تنس أننا نتكلم عن العاقل البالغ المخير )


قولك : يا أخي ، هدانا الله وإياك .. دليل واحد فقط صريح ، ويحل كل الإشكال ، وأسلّم لك في المسألة برمتها ، ولا تحتاج بعد ذلك إلى كل هذا الحوار .
أين هو ؟




أقول : راجع كلامي فلقد أتيتك بأكثر من دليل . والقرآن الكريم مليء بالأدلة على ما أقوله . ولا يتطلب منك إلا التجرد والابتعاد عن الشبهات .



قولك : ذكرت أنه يعتقد أنه لم يحقق التوحيد في المسائل التي خالف فيها فقط .. وتكلمت عن المسائل الكلية والجزئية ، وذكرت أنه يكفيه أن يعتقد أنه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل .



أقول : أولا ً أسأل الله أن يكون اتضح لك التناقض في كلامك . لأنني هنا أراك لم تحسن الجواب على ما سألتك عنه . ولم تحسن إخراج نفسك من التناقض . لأنك لم تفسر لي بعد ، لماذا هذا التناقض والحكم بمقايس مزدوجة .
ثم انظر لكلامك هنا : " يعتقد أنه لم يحقق التوحيد في المسائل التي خالف فيها فقط .."
لاحظ كيف تحدد المخالفة للتوحيد . بالفعل فقط . وكأن التوحيد يتجزأ في الشخص الواحد . يعني نفس الشخص مشرك وموحد . عبدٌ لله وعبدٌ للطاغوت ، في دين الله وفي نفس الوقت في دين الطاغوت . إن هذا الكلام لا يرضاه الطاغوت نفسه فكيف يرضاه الله سبحانه وتعالى ؟
ثم هل في مسائل الشرك الأكبر وعبادة الطاغوت مسائل كلية وجزئية ؟
من أين لك هذا ؟ هل عندك أي دليل يثبت هذا الكلام ؟



قولك : وذكرت أنه يكفيه أن يعتقد أنه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل .


أقول : أريد دليلاً واحداً يدل على أن المرء يكفيه لدخول الإسلام اعتقاد أن الطاغوت وعابديه على ضلال وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل فقط وفي حدود الفعل فقط . وأن باقي حالهم ليس كذلك . بل في أفعالهم التي من الإسلام على التوحيد والإسلام .
ثم ائت لي بدليل كيف نحكم في هذه الحالة على أشخاصهم وذواتهم ؟
ومتى هذا الشخص يفرض عليه أن يحكم على ذواتهم وأعيانهم حتى يبق على الإسلام ؟



قولك : إذا هو فهم من كلامي هذا ، ودخل الإسلام وهو لم يكفر بالطاغوت .. فهو كافر ، ولا يعذره أن يفهم هذا من كلامي .
فما شأن هذا في مسألتنا وهي :
ولا أدري ما وجه استدلالك أصلاً ..




أقول : لا يُفهم من كلامك إلا ما فهم هو . لأنك قلت بالحرف الواحد " أن الكفر بالطاغوت : هو اعتقاد أن الطاغوت وعابديه لم يحققوا التوحيد في المسائل التي خالفوا فيها فقط . " وقلت : "يكفي الشخص ليحقق الكفر بالطاغوت أن يعتقد أن الطاغوت وعابديه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل وبحدود هذا الفعل . "
أما عن قولك : " ما شأن هذا الكلام في مسألتنا وما وجه الإستدلال . "
فأقول : نحن نتكلم عن الحد الأدنى الذي يجب أن يتحقق في المرء ليحقق الكفر بالطاغوت . الشرط الأول لدخول الإسلام . أليست هذه مسألتنا .
فمرة تقول : " لا اعذره ولا أحكم له بدخول الإسلام إذا لم يترك عبادة الطاغوت ويفهم أن الكفر بالطاغوت يكفي فيه اعتقاد أن الطاغوت وعابديه في فعلهم وبحدود فعلهم على ضلال . "
ومرة تقول : " يكفيه ليحقق الكفر بالطاغوت : أن يعتقد أنه وعابديه على ضلال وفساد وعلى غير دين الله تعالى في هذا الفعل وبحدود هذا الفعل "
في الأول اشترطت أن يترك الشرك . ليحقق دخول دين الله .
وفي الثاني لم تشترط عليه أن يعرف أن الشخص لا يدخل الإسلام حتى يترك الشرك .
تشترط على نفس الشخص معرفة شي ولا تشترط عليه معرفة نقيضه .
أليس هذا تناقضاً صارخاً ؟ ومقايس مزدوجة ؟ أليست الأشياء بأضدادها تعرف . ؟



قولك : ما رأيك فيمن يقول : أنا لا أشترط عليك حتى تبقى مسلماً أن تصلي لله صلاة واحدة .. بل يكفيك اعتقاد وجوبها وإثم من يتركها ..
ما رأيك حينها لو ترك الصلاة وهو عالم بوجوبها ، ويظن أن تاركها يأثم ولا يكفر حتى يستحل ؟ هل هو كافر أم مسلم ؟ .. !!
قس هذا على ذاك ..




أقول : لا أدري ما علاقة هذا المثال بما قلته لك .
ومع ذلك سأجيبك : شخص لا يشترط للبقاء في الإسلام صلاة صلاة واحده .
فهذا الشخص إذا لم يشترط هذا بداية وكان يعتقد فرضية الصلاة ، فهو لا يعتقد أن المسلم حتى يبق مسلماً يجب عليه أن يصلي لله . يعني معنى كلامه هذا : أنك تستطيع أن تبق مسلماً حتى لو لم تصلّ لله صلاة واحدة ، ويكفيك أن تعتقد وجوبها وإثم من يتركها .
فمثل هذا الشخص لا يعتقد أن تارك الصلاة كافر . بل يعتقد أنه آثم .
فلو ترك الصلاة وهو معتقداً وجوبها لا يكفر بل يأثم .

نضرب مثالاً للحالة التي نتحدث عنها مشابهاً لهذا المثال الذي ضربته .
شخص قال : أنا لا أشترط عليك حتى تبق مسلماً أن تعتقد أن من لم يترك الشرك وعبادة الطاغوت ليس موحدا وليس في دين الله ، بل لك أن تعتقد أنه موحد وفي دين الله . ويكفيك اعتقاد وجوب ترك الشرك وإثم من لا يتركه.
ألا يعني أن الذي شرط مثل هذا الشرط لا يعتقد أن الشرك مبطل للتوحيد ، ولا يعتقد أن عبادة الطاغوت مبطلة للتوحيد ؟ لا شك أنه يعني ذلك .
ثم لو لم يترك الشرك وظل يعبد الطاغوت وهو عالم بوجوب ترك عبادته ، ويظن أن فاعل الشرك وعابد الطاغوت لا يكفر حتى يستحل . هل هو كافر أم مسلم ؟ .. !!
لا شك أنه كافر مشرك ومن يشك في كفره وشركه كافر مثله . لأن مثل هذا لم يكفر بالطاغوت بل عبده ، ولا ينفعه اعتقاد أن عبادته باطلة وإثم.
بل حتى لو ترك الشرك وعبادة الطاغوت وهو لا يعتقد أن عبادة الطاغوت مبطلة للتوحيد ، لا يعد ممن كفر بالطاغوت ، لأنه يجب عليه قبل دخول الإسلام أن يعتقد أن الإسلام لا يتحقق ولا يمكن الدخول فيه ، بدون الكفر بالطاغوت وترك جميع أنواع الشرك .
فهناك فرق بين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام ، وبين من يعتقد أن شرط الكفر بالطاغوت شرط كمال لا يبطل الإسلام بعدم تحققه .
فالأول ( الذي يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام) هو من حقق الكفر بالطاغوت الذي شرطه الله لدخول الإسلام .
وهناك فرق بين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط صحة لدخول الإسلام ، وبين من يعتقد أن الكفر بالطاغوت واجب من الواجبات التي من لم يفعلها غير مستحل ، لا يخرج من الإسلام كحال الصلاة أو أي واجب من الواجبات والفروض والتي يشترط فيه الاستحلال لتكفير فاعله . أو كحال أي حرام ممن حرمه الله والتي يشترط فيه الاستحلال لتكفير فاعله.



قولك : وأيضاً هنا يبدو لي أنك لم تفهم كلامي وتتهمني بالباطل .. أين تراني جوّزت الحكم بالإسلام على من لا يترك الشرك ؟ هات لي نص واحد من كلامي يُفهم منه هذا !!



أقول: أعوذ بالله أن اتهم أحداً بالباطل .
أما عن قولك أنني لم افهم كلامك فإليك كلامك فسره لنا :
ألم تقل :

" يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام.
ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم ."
" فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .
وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .
فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً ."
" أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر "
" بلى ، من فعل الشرك الأكبر نقض توحيده ولا ريب .
أما من لا يكفّره فهو معذور بالتأويل أو الجهل .."


أقول: ألا يدل هذا الكلام على حكمك بإسلام من لم يخرج فاعل الشرك من ألإسلام ؟
حسب اعتقادك هذا فإن الحكم بالإسلام على المشرك العابد الطاغوت لا يتعارض مع عقيدة التوحيد . بل حسب عقيدتك لا يأثم ما دام جاهلاً أو متأولاً ، من حكم بالإسلام على المشرك عابد الطاغوت وهو يعلم أنه يعبد الطاغوت.
مع أنني عندما سألتك : " ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها ( يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟ "
فاجبت : بلى .. إن الحكم على الفعل هو حكم على الفاعل .. هذا لغة وعقلاً ففاعل الشرك مشرك ..هذا من الضرورات العقلية التي لا يماري فيها أحد"
أنت لم تحكم بالإسلام على من لم يترك الشرك ، ولكنك أجزت دخول الإسلام لمن حكم على فاعل الشرك بالإسلام .
فما حكمك وما هو وصفك ؟
حُكم الله الثابت ، والذي يُفهم من كلمة التوحيد ، أن من لم يترك الشرك لا يدخل الإسلام .
مثال :
سعيد : يعبد غير الله .
خالد ، حتى يدخل الإسلام حكم على سعيد بعدم دخوله الإسلام لأنه لم يترك الشرك . ولأنه عبد الطاغوت .
علي ، أراد دخول الإسلام ولكنه حكم على سعيد بالإسلام مع علمه أنه لم يترك الشرك.
خالد ، عندما دخل الإسلام حكم على سعيد بأنه لم يدخل الإسلام لعبادته الطاغوت ولكنه في نفس الوقت حكم بدخول الإسلام على علي مع أنه يعرف أنه حكم بالإسلام على سعيد وهو يعرف أنه لم يترك الشرك .
فما حكم خالد وما وصفه .
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام المشرك ؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام من يعبد الطاغوت ؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن حكم بإسلام من في دين الطاغوت؟
ألا يقال عنه أنه أجاز دخول الإسلام لمن لم يفهم كلمة التوحيد أو لمن لم يطبقها في أرض الواقع وطبق ما يناقضها .
ألا يقال عنه أنه ربما فهمها ولكنه أعتقد في نفس الوقت إسلام من لم يفهمها ؟ أو فهمها وأعتقد إسلام من عمل بعكسها . ؟
أليس في تساهل خالد مع علي والحكم عليه بالإسلام مع أنه يحكم على عابد الطاغوت بالإسلام ، سينتج فكراً يعتبر أن شرط ترك الشرك لدخول الإسلام مسألة خلافية بين المسلمين وليس من أصل الدين ، وأنه يمكن أن يكون الشخص عابداً للطاغوت وموحداً في نفس الوقت؟



قولك : أما أني لم أشترط في صحة دخول الإسلام اعتقاد كفر الطاغوت .. فقلت إنه يكفي أن يعتقد أنه على ضلال .. أذكر ذلك هنا لتوثيق الكلام .



أقول : أنت هنا تكتفي لدخول الإسلام أن يعتقد أن الطاغوت على ضلال .
ولا تشترط عليه أن يعتقد كفر الطاغوت أو أن الطاغوت ليس في دين الله وأن عابديه ليسوا في دين الله .
هل لك أن تأتيني بدليل واحد على كلامك ؟
ألا يدل كلامك هذا أنه يمكن أن يصبح العبد مسلماً وهو يعتقد إسلام الطاغوت وعابديه . ؟



قولك : أما اعتقاد شرك من يعبد الطاغوت .. فإنني تكلمت عن المسائل الجزئية والكلية ، فراجعها .. وتكلمت في أن الحد الأدنى من الاعتقاد ليدخل الإسلام هو أن يعتقد أن من أشرك بالله على باطل وضلال وعلى غير الإسلام في هذا الأمر .



أقول : وأنت تأكد أيضاً هنا أن العبد يمكن له دخول الإسلام وهو يعتقد أن فاعل الشرك في دين الله ، ويكفيه أن يعتقد أنه على ضلال في عمله ، كأي فاعل للمعصية ؟
هل لك أن تأتين بدليل واحد على ذلك ، أو بقول عالم من علماء القرون الثلاثة المفضلة ؟
أما مسألة : المسائل الجزئية والكلية ، فمن أين جئت بها ؟ وما هو دليلك عليها من الكتاب والسنة ؟ وما علاقتها بموضوعنا ، الحد الأدنى لدخول الإسلام ؟ وهل مثل هذه التعبيرات كان يعرفها عوام المسلمين ؟
وهل سيظل العبد الذي دخل الإسلام يحكم على الطاغوت وعابديه بالإسلام حتى يتعلم المسائل الجزئية والكلية ؟



قولك : نعم ، لم تنصفني عندما قلت أنني متناقض ، لأنه لا وجه للتناقض البتة .



أقول : دقق بكلامك مرة أخرى بعد تبيني لوجه التناقض فيه ، وستجدني لم أظلمك عندما وصفت كلامك بالمتناقض . وليس هذا هو التناقض الوحيد في كلامك . فدقق هداك الله . ولا تعتبر المسألة تقليل من قيمتك كإنسان . وإنما أنا أتكلم عن كلامك .


قولك : ترك الشرك قلباً وقالباً لا يلزم قطعاً تكفير فاعله .. فإنه يتركه لأنه باطل وحرام وضلال .. ولا يسميه شركاً لجهله .. فقد دخل الإسلام بذلك . ويسمي أهله ضالين مبطلين ، ولا يكفرهم لجهله ..



أقول : إذا كان ترك الشرك قلباً وقالباً لا يلزم قطعاً معرفة أن فاعله ليس في دين التوحيد ، فلماذا شرطنا عليه تركه ليدخل الإسلام ؟
إذا كان الشرك كباقي أعمال الباطل ، فقط باطل وفاعله على باطل في فعله ، لماذا اشترطنا لمن أراد دخول الإسلام تركه ولم نشترط عليه لدخول الإسلام ترك باقي أعمال الباطل . ؟
هل لو كان زانياً أو سارقاً نشترط عليه لدخول الإسلام أن يترك هذه الأفعال وبدون تركها لا نعده مسلماً قد دخل الإسلام ؟
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو الناس لشهادة التوحيد ، وأول شهادة التوحيد هو النفي . نفي الآلة الباطلة التي تعبد مع الله .
فهل من فهم كلمة الشهادة لا يفهم أن الإله الباطل الذي يدعو الناس لعبادته أو يرضى بعبادة الناس له ، ليس في دين الله ؟ حتى يحتاج بعد ذلك لعلم زائد نفهمه به هذا الحكم ؟ وقد لا يفهمه لعدم فهمه المسائل الجزئية والكلية . أو لعدم فهمه كيفية تنزيل الأحكام على الأعيان . ويظل يحكم عليه أنه في دين الله .
ثم كيف لا يسمي الشرك شركاً وهو من لغته ؟
العرب كانت تعرف معنى كلمة شرك ومعنى كلمة كفر من لغتها ، ولا تحتاج لعلم زائد لفهمها . لهذا عندما يخاطب العربي بترك الشرك يعرف ما هو المخاطب بتركه ، ولا يخلطه بالأمور الباطلة والضلال عنده .
ولو طلبنا منه في البداية أن يترك الباطل والضلال ، لسألنا أي باطل وأي ضلال ؟ لأن أعمال الضلال والباطل كثيرة في لغته . بل هو يعرف أنه على شرك ولكنه لا يعرف أن هذا الشرك باطل وضلال ، بل يظنه حق وعدل يحبه الله ويرضى عنه ، ومما يقربه إلى الله .
ولو خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول يوم بترك الضلال والباطل لقال نعم صدقت يجب أن يترك الباطل والضلال .


قولك : فهل هو ترك الشرك وأبغضه واعتقد بطلانه ؟ .. الجواب نعم .
هل كفّر أصحابه ؟ .. الجواب لا .
هل لزم من تركه للشرك تكفير أصحابه ؟ .. الجواب لا .



أقول : حسب كلامك هو لم يترك الشرك هو ترك الباطل والحرام والضلال. لأنك قلت " فإنه يتركه لأنه باطل وحرام وضلال .. ولا يسميه شركاً لجهله . فقد دخل الإسلام بذلك ."
يعني من البداية لم يخاطب بترك الشرك لأنه يجهله ( حسب ما قلتَ ) بل خوطب بترك الباطل والحرام والضلال . لهذا تركه لأنه باطل ولأنه حرام ولأنه ضلال .
فيا عجبي : رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي لأناس يعرفون معنى كلمة الشرك والكفر ، فلا يخاطبهم بترك ما يعرفونه ويخاطبهم بترك الباطل والضلال والحرام حتى يدخلوا دين التوحيد . وبدون أن يبين لهم ما هو الضلال والباطل والحرام وما درجته ، ولماذا طلب منهم تركه . وما حكم فاعله . ومع هذا يهددهم بالعذاب الشديد الأبدي إذا لم يتركوه .
ألا يفهموا من هذا الخطاب أن المسألة ليست مسألة دخول دين وخروج منه وإنما دعوة الرسول هي دعوة لترك الباطل والضلال والحرام بدون الحكم على من لم يتركها بأنه خارج الدين ، فقط يحكم عليه أنه على ضلال وباطل . ؟
ألا يدل هذا الكلام أن دعوة الرسل لم تكن من اليوم الأول تبين من هو في دين الله ومن هو خارجه .؟
هذا الشخص حسب كلامك ترك الشرك وهو لا يعرف أنه شرك فقط يعرف أنه باطل وضلال وحرام . يعني هذا الشخص لم يكن عربي ولا يعرف العربية .
ويعني هذا الكلام أنه طولب بترك شي لا يعرف حدوده وأوصافه واسمه ليدخل دين الله . أليس هذا قمة التعجيز الذي ينزه الله ورسله عنه ؟
هل هذا هو البيان المبين الذي أمِر الرسل به ؟
حسب كلامك ، يجب على هذا الشخص أن يحكم على كل من على باطل وضلال وحرام أنه لا يستطيع دخول دين الله .
لأننا شرطنا عليه ترك الباطل والضلال والحرام حتى يدخل دين التوحيد ، سيفهم منه ولا بد ، أن كل من لا يتركه لا يحق له دخول هذا الدين .



تقول : " هل لزم من تركه للشرك تكفير أصحابه ؟ .. الجواب لا ".



أقول : إذا كان الشرط عليه لدخول دين التوحيد ترك الشرك ، فيجب أن يعرف ولا بد أن من لم يتركه لا يستطع دخول هذا الدين . هذا أمر بديهي لا يختلف فيه عاقلان .
وأنت نفسك عندما سألتك : " ألا يعني أيضاً الحكم على من لا يفعلها (يعني من لا ينبذ عبادة ما سوى الله ) بأنه غير موحد ؟ "
فأجبت : بلى "..



قولك : وأعيد وأكرر ، اربط كلامي كله ببعض .. لا تغفل عن المسائل المطروحة في هذا الشأن ، كالمسائل الكلية والجزئية ، ومسألة الأعذار الشرعية ، وشروط التكفير وموانعه ، وما إلى ذلك .



أقول : أعود وأذكر أن مسألتنا الحد الأدنى لدخول الدين . نحن نتحدث عن الشرط الأول لدخول الدين . وبدون تحقق هذا الشرط لا يملك أحد أن يدخل الدين . وهذه الحقيقة يعرفها كل من يريد دخول الدين بلغته ، وإذا لم يكن يعرفها ، يجب علينا أن نبينها له قبل أن يدخل الدين . وبدون معرفتها لا يملك دخول هذا الدين .
فما علاقة هذه المسألة بالمسائل الكلية والجزئية ومسائل الأعذار الشرعية وشروط التكفير وموانعه .؟
هل جاءت هذه الأمور والمسائل في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
ما جاء في كتاب الله هو أن العبد لا يدخل دين الإسلام إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله . وما جاء في كتاب الله أن من يعبد غير الله ليس في دين الله ، وما جاء في كتاب الله أن الدين الخالص لله هو الدين الخالي من جميع أنواع الشرك . وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم : أن من لا يكفر بما يعبد من دون الله فهو حلال الدم والمال .



قولك : اللام هنا للتعليل وليست للمصاحبة .. هل توضحت الصورة الآن ؟
ولا أدري ما وجه اعتراضك عليّ في ذلك ، أهو مجرد الاعتراض لا أكثر ؟




أقول : لو قلت نكفره لفعله ، ونتبرأ منه لفعله ، وسكت لكنت سوف أفهمك أنك تتبرأ من ذاته لأجل فعله . ولكن لكونك أضفت بعدها :" أما ذاته وشخصه فلا " جعلني أفهم منك أنك تحكم على الشخص بحدود فعله وليس على شخصه ككل . لذلك سألتك هذه الأسئلة .
هل وضح لك سبب اعتراضي ؟
وليكن في علمك أنني لست غاوي اعتراضك ، بل بالعكس أتمنى أن يظهر الحق على لسانك . ولكن ما الحيلة وأنت تقع في كثير من التناقضات . وكلامك غير واضح في أكثر المرات .
ولذلك أسألك هنا :
هل من فعل الشرك عندك كافر بعينه ؟ بمعنى يظل مشركاً خارجاً من الملة حتى يتوب من هذا الشرك ؟
هل لا تعذره بالجهل . بمعنى أنك تحكم على عينه بالشرك دون قيام حجة ؟
لو تجبني على هذه الأسئلة بأسرع ما يمكن .



قولك : وحتى تتوضح الصورة أكثر .. هل تبغض فلاناً الكافر لأنه أمريكي أو أفريقي ، أو أبيض أو أسود ، أو طويل أو قصير ؟؟ أم تبغضه من أجل ما فعل من شرك وكفر ، فلزم البراءة منه ومن فعله بسبب ما فعله ؟



أقول : يا رجل ، عندما يقال فلان كافر أو مشرك . يفهم من هذا الكلام أننا نحكم على الشخص لأجل فعله ، ولا يفهم أننا نحكم عليه لأجل جنسيته أو لونه أو طول أو قصر قامته .
لهذا لا يقال بعدها" لفعله " ، " وفي فعله " ، " وفي حدود فعله ". لأن هذا الكلام يفهم منه أننا نحكم عليه بالشرك والكفر أثناء فعله ، وبعد أن ينتهي من فعله يصبح مسلماً موحداً يعني حسب فهمك يرجع لأصله الإسلام . وأظن هذا هو ما تقصده لأنك كنت تستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزني الزاني وهو مؤمن "
أنظر لكلامك السابق : " يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام.
ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم ."
" فقولي : فلان بفعله على غير دين الإسلام .. فهو إظهار لبطلان ما هو عليه من فعل .
وهذا الحكم محصور فيما فعله من باطل .. كقولنا : الزاني بزناه على غير الإسلام في هذا الفعل . وشارب الخمر بمعصيته على غير الإسلام في هذا الفعل .
فالجاهل إذا قال الشيء نفسه في الكفر ، فقال : فلان بفعله الباطل هذا على غير الإسلام في هذا الفعل .. فإن هذا يكفيه ليبقى مسلماً ."
" أما الحكم على العين ، فهو عند الترجيح في الأحكام ، وإضفاء الحكم الغالب على غيره . والجاهل الذي لا يعرف الترجيح في الأحكام لا يكفر "

لهذا أقول : لو توضح ما هي عقيدتك في هذا الخصوص حتى نفهمك جيداً.




قولك : أما ما يثبت هذا ، فهو قوله تعالى : { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة : 114]
أي نوع من البراءة حصلت هنا ؟؟ هل هي براءة الدين أم براءة الذات ؟
فإن قلت براءة الدين ، فهل يعني هذا أنه لم يكن متبرئاً منه من قبل وهو على كفره ؟
وإن قلت براءة الذات ، فهذا يعني أنها ليست من أصل الدين ، بل ولا يأثم تاركها إن اجتهد وأخطأ .




أقول : لقد وضحت لك هذه المسألة سابقاً وبينت خطأك فيها ، فأرجع له .

يتبع

رد مع اقتباس