عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-09-2012, 12:17 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

س 1: هل خصائص الله (كالسمع المطلق والتشريع وو ) قد يعطيها الله لمخلوق ؟


الجواب : طبعاً لا . لأن مثل هذه الخصائص لا تكون إلا لله الحق . ولا يوجد إلا إله حق واحد وهو خالق المخلوقات وما عداه فهي آلهة باطلة لا تستحق مثل هذه الصفات .
قال تعالى : " وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " (آل عمران : 62)
وقال تعالى : " لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ " (الأنبياء : 22)
وقال تعالى : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " (ص: 65)
وقال تعالى : " فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ " (يونس :32)


س2- هل يأذن الله في أن تكون خصائصه لمخلوق ؟ وإن قلنا نعم فهل معنى هذا أن الله أذن في أن يكون معه إلهاً آخر ؟


الجواب : سبحانك ربي ! . وهل يجهل أبسط موحد الجواب على مثل هذا السؤال ؟!
حاش لله أن نظن أو نفكر ولو لحظة واحدة احتمالية أن يأذن الله في أن تكون أحد خصائصه لغيره . وما عرف الله من ظن أو تصور إمكانية أو احتمالية أن يأذن الله في أن تكون أحد خصائصه لغيره .
قال تعالى : " قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ . وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ . وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " (الزمر :64- 67)
يعلم أبسط موحد أن خصائص الله خاصة به كصفاته . وليس في الكون إلا خالق ومخلوق . والخالق أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُواً أحد ، متصف بالكمال المطلق وله وحده خصائص الخالق والإله الحق لا يشاركه فيها أحد .
قال تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " (الشورى :11)
ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في خصائصه .


س 3- ما حكم من تأول ونسب خصائص الله للمخلوق ظناً منه أن الله أذن لهذا المخلوق بهذه الخصائص أو أن هذه الخصائص صارت للمخلوق بإذن الله ؟


الجواب : ما عرف الله من تأول أو نسب أو أعطى خاصية من خصائص الله للمخلوق.
وما عرف الله من ظن أن الله سيبيح لمخلوق أن يأخذ خاصية من خصائصه .
وما عرف الله من ظن أن الله سيعطي مخلوقاً خاصية من خصائصه .
قال تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " (الشورى :11)


س 4- ما هى علاقة الكرامات والمعجزات بخصائص الله ؟


الجواب : لا علاقة للمعجزات والكرامات بخصائص الله البتة .
فالمعجزات للأنبياء والكرمات للأولياء .
فالمعجزة : أمر يجريه الله على يدي الأنبياء ويكون على خلاف ما اعتاده الناس من سنن الكون وقوانينه ، والغرض منها إثبات صدق نبوتهم ، وأنهم رسل من عند الله. كعدم إحراق النار إبراهيم ، وتحول عصا موسى إلى حية ، وانشقاق القمر للنبي - صلى الله عليه وسلم – وخروج الماء من بين أصابعه .
وأما الكرامة : فهي أمر يجريه الله على يد أوليائه ، ويكون على خلاف ما اعتاده الناس من سنن الكون وقوانينه كإتيان مريم - عليها السلام – ثمر الشتاء في الصيف ، وثمر الصيف في الشتاء ، وحملها من غير زوج ، وإخبار أبي بكر – رضي الله عنه – بحمل زوجته بأنه أنثى ، ونداء عمر لسارية أن ينحاز إلى الجبل وسماع سارية لندائه ، مع أن بينهما آلاف الأميال .
ويمكن للساحر أن يتجاوز حدود قدرات البشر العادية عن طريق استعانته بالشياطين الجن ، لأن الله أعطاها قوة تفوق قوة البشر ، كتحويل الحبال والعصي إلى حيات . وكالحصول على ثمر الشتاء في الصيف ، وثمر الصيف في الشتاء ، والإخبار بما يحصل في الأماكن البعيدة ، والمشي على النار ، والطيران في الهواء والمشي على الماء . وأمثال ذلك مما يعجز الإنسان العادي أن يفعلها ويستطيع شياطين الجن بما وهبهم الله من خصائص وإمكانات أن يفعلوها .
قال تعالى : " قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ " (النمل :38-40)
والفرق بين المعجزة والسحر : أن المعجزة تأتي مقرونة بالتحدي ، فالنبيُّ والرسول يتحدى بمعجزاته الكفار أن يأتوا بمثل ما أتى به ، فيعجزون عن معارضته حتى ولو استعانوا بشياطين الجن ، أما السحر فلا يقترن بالتحدي في الغالب ، وإذا حصل التحدي من الساحر وجد من السحرة من يعارضه ، ويأتي بمثل ما جاء به وأعظم .
وللمعجزة حدودٌ لا يصل إليها السحر ، فالساحر لا يستطيع أن يفلق البحر ، أو يحيي الموتى ، أو يشق القمر ، أو يوقف الشمس عند غروبها ، فحدود المعجزة أكبر بكثير من قدرات الساحر وشعوذته . لأن المعجزة تحدث بتأييد الله سبحانه دون تدخل من النبي ، أما السحر فيحدث بعد استعانة الساحر بشياطين الجن الذين أعطاهم الله قدرات وميزات تفوق قدرات البشر ، وطبيعة تختلف عن طبيعة البشر .
وتختلف المعجزة عن الكرامة في أن المعجزة تكون مقرونة بدعوى النبوة ، بخلاف الكرامة فإن صاحبها لا يدعي النبوة ، ولو ادعاها لسقطت ولايته ، ولم يجر الله على يديه أي كرامة .
والولي إنما تحصل له الكرامة بإتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم ، والاستقامة على شرعه ، فكل كرامة في حقه هي دليل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، ولولا إتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم ما حصلت له كرامة .
والكرامة تظل في بعض الأحيان محكومة بعوامل الزمان والمكان ، فما كان في زمن ما كرامة قد لا يكون كرامة في زمن آخر ، فمثلاً : إتيان مريم بثمر الصيف في الشتاء والعكس ، لم يعد كرامة اليوم في كثير من البلاد ، وكذلك وصول صوت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - لسارية وبينهما آلاف الأميال لم يعد كرامة في عصرنا بعد تقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال ، بخلاف المعجزة فإنها تظل معجزة على مدى الأزمان .

س 5- وما حكم من تأول كرامات الأنبياء والأولياء فنفى مطلقاً وجود خصائص لله اختص بها عن خلقه ، ومن ثمّ نفى وجود الشرك مطلقاً ؟

الجواب : وما علاقة كرامات الأولياء بخصائص الله سبحانه وتعالى ؟
وما علاقة وجود كرامات الأولياء بنفي وجود الشرك ؟
فكرامات الأولياء ومعجزات الرسل لا تدخل في خصائص الله العائدة له وحده وإنما هي كما بينا في الأعلى : أمور يجريها الله على يدي الأنبياء والأولياء وتكون على خلاف ما اعتاده الناس من سنن الكون وقوانينه .

س 6- هل من ردٍ موجزٍ لضيق وقتكم على من قال بهذا ولو بسطرٍ واحد ، أو على الأقل تبين لى من أين جاء موطن خلله وزاوية الخطأ عنده ؟

الجواب : موطن الخلل هو عدم معرفته خصائص الله وكيف تكون ، وعدم معرفته بكرامات الأولياء وكيف تكون ، وعدم معرفته الفرق بينهما . وكذلك عدم معرفته كيف يكون الشرك الأكبر في إعطاء خاصية من خصائص الله لغيره .


س 7 : ما هى خصائص الربوبية ؟ وما هى خصائص الإلوهية ؟ وهل هنالك فرق بينهما أم لا ؟


الجواب : خصائص الربوبية تختلف عن خصائص الألوهية . فكل خاصية لها علاقة بمعنى ما يتعلق بها . فخاصية الربوبية لها علاقة بمعنى الرب ، وخاصية الألوهية لها علاقة بمعنى الإله . وكلمة رب تطلق على غير الله حسب معناها اللغوي . وعندما يقصد بها الإله الحق خالق الخلق ، يضاف إليها ما يفرقها ويميزها عن غيرها كأن يقال : رب العالمين ، أو الرب ، أو رب السموات والأرض ، فاسم الرب معرف بأل التعريف ، لا يطلق إلا على الله ، أما إن قصد به المخلوق فيستعمل مضافاً ، مثل أن يقال : رب المنزل ، رب الأسرة ، رب العمل ، ربي ، ربك ، وما شابه . فما أريد به رب الكون وخالقه كان معناه على ما يقتضيه كمال الله جل وعلا، وإذا أطلق علىالعبد أريد به ما يناسب حاله من المعاني .ولله سبحانه وتعالى وحده خصائص الربوبية المطلقة والألوهية الحق .
فالرب الخالق هو من له : خاصية الربوبية المطلقة وخاصية المالك المطلق والخالق المطلق والمتصرف المطلق والحاكم المطلق والمشرع المطلق والرازق المطلق والمحي المطلق والمميت المطلق والسيد المطلق والنافع الضار المطلق والذي بيده الخير كله والأمر كله والقادر على كل شيء والهادي المطلق والمعلم المطلق والمربي المطلق والمتفضل المطلق والمنعم المطلق والموجد المطلق ، ليس كمثله شيء في هذه الخصائص . ولا شريك له في مثل هذه الخصائص .


س 8- هل الشرك هو عبادة غير الله فقط (يعنى خارق لألوهية الله فقط) ؟ أم أن الشرك أعم من هذا فيشمل الألوهية والربوبية كذلك ؟


الجواب : الشرك يكون في الربوبية وكذلك في الألوهية ويكون في الأسماء والصفات .
فمن أعطى خاصية من خصائص الربوبية لغير الله فقد أشرك في الربوبية ، ومن أعطى خاصية من خصائص الألوهية لغير الله فقد أشرك في الألوهية ، ومن وصف مخلوقاً بما لا يوصف به إلا الله فقد وقع في شرك الصفات ، ومن سمى غير الله باسم لا يكون إلا لله فقد أشرك في الأسماء .


س 9 : إن كان الجواب بنعم ..إذاً فما هو التعريف الجامع المانع لحقيقة الشرك ؟
أرجو الجواب من الشيخ ضياء الدين بنفسه لأهميةٍ بالغة ، ولو بعباراتٍ دقيقة موجزة مختصرة لضيق وقتكم ، وجزاكم الله خيراً
نفع الله بكم ونفعكم ، ومنّ علينا بعلمه وفضله .


الجواب : الشرك الأكبر في الربوبية هو إعطاء مع الله خاصية من خصائص الربوبية لغيره ، والشرك الأكبر في الألوهية هو إعطاء مع الله خاصية من خصائص الألوهية لغير الله ، والشرك الأكبر في الصفات : هو وصف مخلوق بما لا يوصف به إلا الله مع الله . والشرك الأكبر في الأسماء : هو تسمية غير الله مع الله باسم لا يكون إلا لله .
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " (البقرة : 21-22)
وقال تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. " ( البقرة : 165)
وقال تعالى : " وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ " (إبراهيم : 30)
وقال تعالى : " وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ... " ( سبأ :33)
وقال تعالى : " وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ " (الزمر : 8)
وقال تعالى : " قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ " (فصلت : 9)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدَّاً وَهُوَ خَلَقَكَ ". ندا: أي شريكا .
أخرجه أحمد ( (1/434 ، رقم 4131) ، والبخاري (4/1626 ، رقم 4207) ، ومسلم (1/90 ، رقم 86) ، وأبوداود (2/294 ، رقم 2310) ، والترمذي (5/336 ، رقم 3182) ، والنسائي (7/89 ، رقم 4013). )

كتبه : ضياء الدين القدسي
[/align]

رد مع اقتباس