عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-22-2012, 09:29 PM
أنصار التوحيد أنصار التوحيد غير متواجد حالياً
وفقه الله
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 159
افتراضي

مسلم1 :
قولك : يكفي أن يسميهم ضالين ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الأنعام : 74]
أو يسميهم فاسقين ، كما قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [المائدة : 25]
أو مبطلين ، كما قال تعالى : { وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ } [الجاثية : 27]
يعني تكفي أي كلمة تُظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله .. حتى يدخل الإسلام .

أقول : هل يكفي أيضاً أن نصفهم بأنهم مخطئين مثلا ؟!!
كما قال تعالى عن فرعون وهامان وجنودهما . قال تعالى : " إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ "
وإذا وصفناهم بأنهم ضالين أو فاسقين أو مبطلين فما درجة هذا الضلال أو الفسق أو الإبطال ؟
وهل وصفنا للمشركين مع الله بأنهم في ضلال مبين كوصف إخوة يوسف لأبيهم أنه في ضلال مبين ؟
قال تعالى : إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "
ثم أليس التضليل والتفسيق أحكام شرعية ؟
لماذا فرقت بينها وبين التكفير مع أنها كلها أحكام شرعية ؟
ماذا تفهم من قوله تعالى : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " ؟
هل البراءة منهم تعني البراءة من فعلهم فقط مع أن اللفظ في الآية واضح جداً " إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ "؟ وهل في لغة العرب ما يدل على ذلك ؟ ألا يوجد فرق باللغة العربية بين لفظ " منكم " ومن فعلكم " ؟ لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخطا خالد ابن الوليد : " إني أبرأ من خالد " وقال : " إني أبرا مما فعل خالد " ؟
وهل قوله ( كفرنا بكم ) يعني وصفهم بأي وصف يظهر أنهم على باطل فيما يفعلونه من شرك ، وعلى ضلال ، ولا يرضاه الله ؟
وهل هذا الوصف ليس وصفاً لذواتهم وأشخاصهم وإنما لأفعالهم؟ وفيه لفظ : " بكم " ألا يوجد فرق في اللغة بين " كفرنا بكم " وبين " كفرنا بأفعالكم "
يا رجل بالله عليك بأي لغة تفهم آيات الله ؟
قولك : ولاحظ هنا أنني أتكلم عن الحكم عليهم بمقتضى فعلهم ، لا بمقتضى ذواتهم أو أشخاصهم .
فعلى المسلم أن يعتقد أن الواقع في الشرك : على باطل وضلال وفسق ، لا يرضاه الله ، وهو متبع للشيطان في ذلك ، وعلى سخط من الله .. فإن اعتقد ذلك ، فهو مسلم . وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .

أقول : الحكم على الأفعال من الناحية الشرعية هو كالحكم على الأشخاص يحتاج لدليل شرعي . فلماذا شرطت في الثانية الدليل الشرعي ولم تشترط في الأولى .؟
وما يمنع من دخل التوحيد أن يحكم على شخص وعين من لا يعتقد اعتقاده أنه غير موحد . ؟
وهل من علم كيفية دخول الإسلام لا يعرف من لم يدخله ؟
ومن يحسن الحكم على نفسه يحسن الحكم على من ليس مثله . على الأقل يعرف أنه ليس مثله . وليس على دينه .
من يحكم على نفسه بأنه موحد عن علم يستطيع أن يعرف من هو غير الموحد .
من يعرف بأي دين دخل يعرف أنه لم يكن على هذا الدين قبل أن يدخله ؟
قال تعالى : " لكم دينكم ولي دين "
وقال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ "
ألا يوجد في هذه الآية ما يدل على أن من يعبد غير الله ليس مسلماً ولو ادعى أنه من أهل التوحيد ؟
قولك : وإن اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون ، فهو كافر .
أقول : ها أنت تحكم بكفره إذا اعتقد أنهم بفعلهم مصلحون أو صالحون جهلاً .
فهو ظن أن فعلهم لا يغضب الله بل يرضاه ، فلماذا هذا تكفره ولا تقيم عليه الحجة ولا تتحقق من شروط وموانع التكفير فيه مع أنه جاهل . ؟
وكذلك حال من يدعي الإسلام مع فعله الشرك الأكبر ( كدخول البلمانات الشركية أو التحاكم لغير شرع الله ) يعتقد صلاح فعله وأنه بفعله دخول البرلمانات الشركية من المصلحين المجاهدين . فلماذا لا تحكم عليه بالكفر والشرك وتعذره بجهله وتأويله أو تعذر من يعذره .؟
تكفر من لا يعرف صلاح الفعل من فساده ولا تكفر من لا يعرف حكم من يفعل هذا الفعل .
قولك : يحكم عليه أنه ليس على دينه فيما يفعله من باطل .
أقول : يعني لو لم يفعل أي شيء من الباطل سيحكم عليه أنه على دينه أم ماذا سيحكم ؟
أنت يا أبا شعيب هنا جعلت كل الأحكام على الأفعال ؟ فما الدليل على ذلك من القرآن والسنة ؟
ألا يوجد عندك أحكام على الأشخاص المعينين ؟
مثال : لو لم يدعوا غير الله ولم يفعل أي شيء من أنواع الشرك ، فقط رفض أن يدخل دين الإسلام ظاناً أنه للعرب فقط ماذا ستحكم عليه ؟ وماذا يجب أن يحكم عليه من دخل دين الإسلام . ؟ ألا يجب عليه أن يعتقد أنه ليس على دينه كفرد معين ؟
قولك : كأن يقول : فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان ..
أقول : يعني يقول فلان بدعائه غير الله على غير دين الإسلام ، ولكن إذا سئل هل تكفره على هذا بعينه ، يجب عليه أن يقول لا أكفره حتى أقيم عليه الحجة وأتحقق من شروط وموانع التكفير . وهذا يحتاج لقضاء .
أسالك : ما هذه الحجة التي ستقيمها عليه ؟ وما هذه الشروط التي ستتحقق منها ؟
هل ستفهمه أن دعاء غير الله شرك ؟ بماذا ستفهمه ذلك أليس بآيات الله وسنة رسوله ؟
أليس آيات الله وسنة رسوله متيسرة له ليطلع عليها ؟
وإذا فهَّمته ذلك ورفض ما قلته له ، فماذا تحكم عليه ؟ وماذا تحكم على من حكم عليه بالإسلام رغم ذلك ؟

طيب إذا كان يكفي أن نقول فلان بدعاء غير الله على غير دين الإسلام ولكن لا يجوز تكفيره حتى تتحقق شروط وتنتفي موانع . ما دام الأمر هكذا فلنا إذاً أن نقول عن مشركي العرب بعبادتهم الأصنام ليسوا على دين الإسلام ولكن لا نحكم عليهم بالشرك أو الكفر حتى نقيم عليهم الحجة وتتحقق فيهم شروط وتنتفي موانع . وكذلك القول في النصارى واليهود والمجوس والدروز والعلوين والهندوز والبوذين ووو
قولك : " كما يقول أيضاً للفاسق : فلان بفسقه على غير دين الإسلام ، لأن الله لم يأمر بذلك ولا يرضاه ، وهو مبطل بهذا الفعل ، متبع للشيطان "
أقول : ألا يدل كلامك هذا أنك سويت بين الشرك الأكبر والمعصية ؟ وقد فرق الله بينهما في محكم كتابه .
" فلان بشركه على غير دين الإسلام " مثل "فلان بفسقه على غير دين الإسلام "
قولك : بلى .. مع عدم إغفال أن المشركين أنفسهم لديهم بعض جوانب التوحيد التي لا تنفعهم وانتقضت بسبب تلبسهم بالشرك .. قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } [يوسف : 106]
أقول : هل قولك : بلى ، هنا إقرار بأنه إذا لم يقل ذلك لا يصح توحيده أم ماذا ؟
ثم أنت هنا تحكم على من عنده جانب من جوانب التوحيد بالشرك وانتقاض توحيده ، حكم على التعيين لأنه تلبس بالشرك ، ولا تعذره بالجهل ، ولا تشترط أقامة الحجة عليه أو تحقق شروط وانتفاء موانع التكفير بينما تشترط كل هذا فيمن انتسب للإسلام . لماذا ؟ هل عندك دليل واحد على التفريق ؟

قولك : قولك : ومن لا يعتقد اعتقادي .. هو حكم على الناس بمقتضى الاعتقاد .. يعني هذا يُرجعنا إلى الفعل الباطل والحكم عليه بالبطلان .
أقول : ما دليلك على أن الحكم بمقتضى الاعتقاد راجع على الفعل وليس على الفاعل ؟
ومتى ترجع الأحكام على الفاعل ؟ أم أنها لا ترجع أبداً عندك ؟

قولك : فقول المرء : من لا يعتقد اعتقادي ليس بمسلم ، معناه : كل اعتقاد خالف معتقدي فهو غير الإسلام .. أي باطل .
أقول : كيف فهمت من قول " ليس بمسلم " يعني الحكم على الفعل وليس على الشخص ؟
إذن ستفهم من كل آية أو حديث ذُكر فيها ليس مسلم أو كافر ، يعني الحكم على الفعل ، يعني الفعل هو الذي على غير الإسلام ، أما فاعل هذا الفعل فلا يقال أنه على غير الإسلام بعينه .
هل هكذا تفهم عبارات اللغة العربية ؟ فمتى وكيف سنفهم أن لفظ ليس بمسلم أو كافر أو مشرك تعني الشخص المعين وليس العمل فقط ؟

قولك : قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [الحج : 62]
وقال أيضاً : { فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } [يونس : 32]

أقول: أتفهم من قول الباطل والضلال في الآيات هو الحكم على الفعل فقط ولا علاقة لها بالشخص المعين ؟
إذن كلمة الحق في الآيات لا تعني الذات الإلاهية وإنما فُعلها . مع أن لفظ الآية هو :" فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ "
هذا وكلمة " على باطل " وصف للمعين وليس وصف للفعل . نقول فلان على باطل .
وهكذا حكمنا على فعل الشرك وفاعله نقول عن الفعل شرك وعن الفاعل " على شرك " يعني مشرك . فكل من هو على الشرك ، مشرك ، كما أن كل من هو على التوحيد موحد .
ولا يقال أن قولنا "على الشرك " نقصد به الفعل وليس الفاعل ، أو قولنا " مشرك " نقصد به العمل وليس الشخص ذاته . فهذا لا يستقيم بلغة العرب .
وكذلك لا يقال أن قولنا "على التوحيد " نقصد به الفعل وليس الفاعل .
وكذلك قولنا " على الإسلام " لا يقال نقصد به الفعل وليس الفاعل . فكل ما على الإسلام مسلم وكل ما على غير الإسلام كافر خارج من الملة
وهذه الألفاظ لا تستعمل للحكم على الفعل في لغة العرب بل للحكم على الفاعل ووصفه .

قولك : أما طلبي للأدلة القطعية ، فهو في تكفير من لا يقول عن بعض المشركين : مشركين ، بل يسميهم ضالين أو مبطلين أو فاسقين ، بسبب جهله للحكم الشرعي ، أو غبائه ، أو تأويله .. ما الدليل من القرآن والسنة على تكفير مثل هذا ؟؟ أم لا دليل عندكم سوى العقل ؟
أقول : الأدلة على ذلك من القرآن والسنة كثيرة وليس العقل وحده هو الدليل .وسنأتي على هذه المسألة لاحقا بإذن الله بعدما نعرف ما حكم من تلبس بالشرك الأكبر ونتفق على مفهوم بعض الألفاظ والاصطلاحات .

قولك : مثالك ليس عملياً ولا وجه له .
أقول : لماذا ليس عملياً ولا وجه له ؟
قولك : فإنه لو سألنا عن حكمه الشرعي عندما كان كافراً ، فلا وجه لأن نقول له دعك الآن من هذا .. بل جوابه هو كجواب من سأل عن أية مسألة شرعية ، سنقول له : كنت كافراً مشركاً ، ثم منّ الله عليك بالإسلام .
أقول : لو لم نقل له ذلك وقلنا له كما هو في المثال ما حكمنا ؟
لو سأل هذا السؤال لشخص دخل الإسلام من جديد وأجابه نفس الجواب فماذا حكمه ؟

قولك : ستقول لي كيف عرفت أنا هذا الحكم ؟ سأقول لك : من الكتاب والسنة .. سمى الله مثله كافرين مشركين ، ونحن أسميناه كذلك .
أقول : وهل الآيات والآحاديث التي تسمي من كان مثله ، مشرك أو غير مسلم أو غير موحد ليس لها علاقة بأصل الدين وكيفية دخول الإسلام ؟
ألم يفهم مشركي قريش من أول كلمة دعاهم إليها رسول الله أنهم ليسوا على دين الله ؟

تقول : ستقول لي : وهل يلزمه أن يعتقد أنه كان يُسمى عند الله تعالى كافراً مشركاً ؟؟
أقول لك لا يلزمه ذلك ، بل يلزمه فقط أن يعتقد أنه كان مبطلاً فاسقاً متبعاً للشيطان ، على غير دين الله تعالى بأفعاله الشركية تلك .. أما مجرد التسمية فإن المكلّف غير مطالب بها ليدخل الإسلام .

أقول : يعني يلزمه أن يعتقد أنه لم يكن على دين الله . وأنه كان يعبد الشيطان وهذا اللازم من أصل الدين . وهذا هو المطلوب . اثبت عليه هداك الله سنرجع له .
أم أنك تقصد أنه بفعله لم يكن على دين الله .وأنه بفعله كان عابداً للشيطان . أم الحكم على عينه فلا يلزمه ذلك . ؟
إذا كنت تقصد هذا فأقول لك قولك على غير دين الله وصف للفاعل وليس للفعل . فدقق بما تقول .

تقول : الآن جاء دوري لأسألك :

1- لقد بيّن الله - عز وجل - ، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والسلف الصالحون - رضي الله عنهم - ، التوحيد أتم بيان ، ولم يتركوا شاردة ولا واردة ، لا دقيقة ولا جليلة ، لا صغيرة ولا كبيرة ، من مسائل التوحيد ، إلا وذكروها وبينوها أتم بيان ، وأحسن تفصيل .

لماذا لا نجد نصّاً واحداً في القرآن والسنة ومن أقوال سلف الأمة من القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر لمسألة تكفير المشركين وأنها من أصل الدين الذي لا يدخل المرء في الإسلام حتى يأتي به ويضبطه ولا يخطئ فيه ؟؟

أقول : ليس السلف الصالح وحدهم هم الذين بينوا لنا التوحيد أتم بيان بل القرآن الكريم والسنة الصحيحة أيضا بينت لنا التوحيد أتم بيان وأحسن تفصيل . والقرآن كله في التوحيد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمضى في مكة ثلاثة عشرة سنه يدعو للتوحيد فقط ثم في المدينة عندما نزلت الشرائع أيضا كان يبين التوحيد مع الشرائع عشرة سنين حتى توفاه الله .
وبيان التوحيد يقتضي بيان الشرك لأن النقيض يعرف بنقيضه أو الضد يعرفه بضده . فبقدر ما يبين التوحيد بقدر ما يبين الشرك . فلا يقال أنه لا يوجد في القرآن أو السنة بيان للشرك والمشرك .
ولا يقال لا نجد في كتاب الله وسنة رسوله وكلام السلف الصالح دليلاً واحداً على تكفير المشركين وأنها من أصل الدين بل الأدلة كثيرة جداً في القرآن والسنة وفي كلام السلف الصالح . فكل أية أو حديث يبين التوحيد وحكمه هو دليل بحد ذاته على بيان الشرك وحكمه . لأنه كما قلنا تعرف الأمور بأضدادها .
فمن عرف التوحيد عرف الشرك ومن عرف الموحد عرف المشرك . ومن لم يعرف الشرك لم يعرف التوحيد ، ومن لم يعرف حكم الشرك لا يعرف حكم التوحيد . ومن لم يعرف كيف يدخل العبد الإسلام لا يستطيع أن يدخل الإسلام ، ومن عرف كيف يدخل العبد الإسلام يعرف من لم يدخل الإسلام بعد ..
فلا يقال موحد ومشرك ، لأنهما لا يجتمعان ، لا يجتمع في قلب رجل واحد شرك أكبر وتوحيد . هذا يعرفه كل من يعرف التوحيد ويعرف الشرك . ويكفي من أصل الدين أن يعرف من وحد الله ، أنه من فعل الشرك الأكبر ليس بموحد بل مشرك ، ولا يضره بعد ذلك أن لا يسميه كافر . المهم أن لا يسميه مسلم ويسميه مشرك غير موحد ولا يدخله بدين الإسلام والتوحيد ، هذا هو الحد الأدنى المطلوب في هذه النقطة . ولا يقال حكم تكفير المشركين . لأن كلمة " مشرك " وصف وحكم للشخص المعين وليس للفعل . الفعل هو الشرك ، لهذا ممكن أن يقال : " ما حكم من فعل الشرك " ويقال :" ما حكم أسلمة المشرك " ولا يقال : ما حكم تكفير المشرك ؟ إلا إذا قصد من التكفير شيء آخر غير حكم المشرك . كان يقصد الكفر المعذب عليه . لأن كلمة " المشرك " وصف وحكم على الشخص المعين .
هذا والأدلة على حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر كثيرة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة . منها :
قال تعالى : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " (الزمر : 65)
وقال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء : 48)
وقال تعالى : " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " (المائدة : 72)

قولك : لقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - مسائل بدهية في التوحيد ، كمسائل الحب والبغض والولاء والبراء والإخلاص واليقين وما إلى ذلك ، ولم يتركنا لعقولنا لتقرير هذه المسائل ، بل بيّنها في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، بأدلة واضحة صريحة بيّنة ، مع أن هذه المسائل تقررها عقول أغبى الناس ، ولكنه لم يتركهم دون بيان في هذه المسائل العظام ، إمعاناً في إقامة الحجة ، وحتى لا يختلف من بعدهم .. ولم يأت ذكر مسألة التكفير هذه في أي نصّ شرعي يجعله من أصول الإيمان والاعتقاد !
أقول : لم يتركنا الله سبحانه وتعالى بدون بيان واف لهذه المسائل العظام ، بل بينها بأوضح وأصرح بيان كما بين التوحيد . ونحن نتحدث عن حكم من أشرك بالله الشرك الأكبر . ولا نتحدث عن حكم المشرك لأن كلمة مشرك حكم على الشخص ، والفعل هو الشرك . وكل من يفهم اللغة العربية يعرف أن من فعل الشرك مشرك ، فالشرك فعل ، والمشرك اسم الفاعل . ولا يوجد فعل بدون فاعل .والمشرك ليس موحد . ومن ليس موحد ليس مسلم .
ولا يشترط لمن أراد دخول الدين أن يَعرف أن المشرك كافر أو غير كافر .بالمعنى اللغوي للكفر أو الكفر المعذب عليه .يكفيه أن يعرف أنه مشرك وغير موحد ، وأنه ليس على دين الله . وهذا سيعرفه ولا بد إن عرف التوحيد وعرف دين الله . أما معرفته ماذا يترتب عليه أن يفعل حيال هذا المشرك . فأقول : الأفعال التي يجب فعلها تجاه المشرك منها ما هو من أصل الدين يجب أن يعرفها قبل أو مع دخوله للدين ومنها ما سيعرفها بعد دخوله الدين ، فمثلا : يجب أن يعرف أن المشرك ليس موحداً ولا مسلماً ، وأنه ليس في دين محمد صلى الله وسلم . ولا يقال يجب فقط أن يعرف أنه على باطل وضلال بفعله ، فهذا لا يقوله من يعرف لغة العرب .
ومن الأمور التي سيعرفها بحق المشرك بعد دخوله الإسلام مثل : عدم تزويجه أو الزواج منه ، عدم أكل ذبيحته .

قولك : يعني باختصار ، ما أفهمه من كلامك هو : أن الله - تعالى - أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي الذي لم يظهر كشرط من شروط الإيمان إلا في القرن الثاني عشر الهجري !! وطوال هذه القرون كانت هذه المسألة خافية على الجميع ، لا تُذكر في كتب الفقه بالتفصيل والتقعيد الذي تقولون به .
لاحظ أننا نتكلم عن مسألة أصولية لا فرعية ، هي من شروط الشهادتين ، من لا يأتي بها فهو كافر .

أقول : من أين فهمت من كلامي أنني أقول : أن الله أوكلنا إلى عقولنا لنستنبط هذه الحكم الأصولي ؟
يا رجل لا تقولني ما لم أقله ولا تفهم من كلامي ما يحلو لك ؟ فأنا أسألك حتى عن الواضح من كلامك حتى لا أقولك ما لم تقل وحتى لا ألزمك بلازم قولك حتى تلتزمه .
ثم من قال لك أن الحكم على المشرك بأنه ليس على دين الله وأنه غير مسلم أو غير موحد كشرط لدخول الإسلام ، لم يظهر إلا في القرن الثاني عشر الهجري وأنه كان خافياً على الجميع قبل هذا .؟
أقول لك : إنَّ هذا كان ظاهراً وموجوداً من أول يوم دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوحيد . والقرآن والسنة مليئان بالأدلة على ذلك . وسيأتي بيانها أكثر لاحقاً بعون الله .

قولك : رجل مسلم تقرر عنده أن الله - تعالى - حرّم السرقة ، ثم هو رأى سارقاً يسرق ، فقال : لا أسميه سارقاً حتى أقيم عليه الحجة في أن السرقة حرام ، لظنه أن الاسم لا يلحق الفاعل حتى تقام عليه الحجة في جميع المسائل .. مع كونه يُسمى سارقاً لغة وعقلاً ، حتى لو كان جاهلاً بالحكم الشرعي .
سؤالي هو : هل مثل هذا الذي خالف ضرورة اللغة والعقل كافر ؟
أرجو أن تجيب على قدر السؤال .

أقول : لا ليس كافراً ولا عاصياً . لأن حكم فعل السرقة وحكم فاعله لا يُعرفا إلا بالشرع .
فهو رأى فعلاً وهو أخذ مال الغير.ولا بد له أن يقول هذا أخذ لمال الغير وفاعله آخذ لمال الغير . لأن أخذ مال الغير ممكن أن يكون سرقة وممكن أن يكون غنيمة . وممكن أن يكون عملاً مشروعاً . ويكفيه أن يصف الفعل والفاعل . والشرع بعد ذلك يحدد هل هذا الأخذ سرقة أم غنيمة أم حق له أخذه . أما إذا حكم على الفعل من الناحية الشرعية بأنه سرقة فلا بد أن يحكم على الفاعل بأنه سارق . لأن الفعل سرقة ، اسم الفاعل له سارق . أما إن قال ثبت أنه سرق ولكن حتى أعطيه حكم السارق لا بد لي أن أقيم عليه الحجة بحرمة السرقة .
وهذا كان حال الجارية التي زنت في زمن عمر ابن الخطاب وهي لا تعرف ما هو الزنا وما حكمه ، ولكنها أقرت بالفعل وهو الوطء أو الجماع بدون تردد . فلم يحكم عليها بالزنا ولا وصفت بأنها زانية .
مثال آخر : رأى رجل يجامع امرأة .هل يستطيع أن يحكم على هذا الفعل بأنه زنا وأن فاعله زاني ؟ لا طبعاً . يجب أن يتحرى حكم الفعل عند الله فإذا كان حكم الفعل زنا يجب عليه أن يحكم على فاعله أنه زاني . ولا يقول من يفهم اللغة العربية هذا الفعل زنا ولكن لا إسمي فاعله زاني . فهذا إنكار للحكم الشرعي للفعل .
لكنه لو رأى رجلاً يعبد غير الله مختاراً فيجب عليه أن يصفه بأنه شرك ويصف فاعله بأنه مشرك إن كان يعرف ما هو الشرك والمشرك . أما إن قال : هذا فَعل الشرك الأكبر ولكنه موحد ، أو هو مشرك ولكنه باقٍ في دين الله ، أو قال : هو مشرك ولكنه يبقى مسلماً موحداً حتى نقيم عليه الحجة أو تتحقق فيه شروط وتنتفي موانع . فهو لا يعرف التوحيد ولا الموحد ولا يعرف كيف يدخل العبد الإسلام .
هذا وله إن رأى شخصاً يفعل فعلاً يشابه الشرك ولكنه غير متأكد من أنه شرك ، له في هذه الحالة أن لا يحكم على الفاعل بأنه مشرك حتى يتأكد أن فعله شرك أكبر .فمثلاً وجد شخصاً يسجد نحو صنم ، فلم يحكم عليه بأنه مشرك يعبد الصنم لأنه جعل احتمالا أن يكون الشخص أعمى لم ير الصنم وهو يصلي لله لا للصنم . فيجوز في هذه الحالة أن يتوقف فيه حتى يتبين مِن حاله .
أما إن ثبت عنده أنه يفعل الشرك مختاراً فلا يجوز أن يتوقف في الحكم عليه بأنه مشرك غير موحد
فإذا حكم عليه بالإسلام أو التوحيد مع تيقنه أنه فعل الشرك الأكبر مختاراً فهذا لم يعرف الإسلام ولم يعرف التوحيد .

رد مع اقتباس