عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-18-2013, 12:36 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
لي ملاحظة على ما كتب وهي القول : بأنَّ تَساوي محبة المسلم للكافر معصية وليس كفراً .
حيث قال الكاتب : " ومحرم في حالتين (وذكر الحالة الثانية قائلا ) : " أو تساوت مع محبة المسلم. سواء تعلقت بالمحارب، أو غير المحارب."
أقول ( ضياء الدين ) : تساوي محبة الكافر مع محبة المسلم بشكل عام ليس معصية بل هي كفر . لأنها تُناقض عقيدة التوحيد التي تقتضي تفضيل الموحد بشكل عام على الكافر مهما كان .
أن تُفضِّل الكافر في أخلاقه على المسلم إن كانت أخلاق الكافر أفضل من أخلاق المسلم العاصي ، فلا يوجد هنا مشكلة . أما أن تساوي في المحبة بشكل عام بين المسلم والكافر فهذا مخالف لنصوص كثيرة من القرآن والسنة . وعلى سبيل المثال قوله تعالى : " أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " (القلم :35-36 )
وإجرام المشرك أكبر إجراماً ، لتعديه على حقوق الله . فكيف يساوى بينه وبين الموحد في الحب بشكل عام . ؟!
وقوله تعالى :" أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ "(السجدة :18)
فالتسوية في المحبة بشكل عام وليس لأمر معين ، بين الموحد والمشرك ، تعني التسوية بين التوحيد والشرك وهما لن يستويان أبداً .
وقوله تعالى :" قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ( المائدة : 100)
والمشرك خبيت ونجس بشركه مهما كانت له من الميزات الحسنة الدنوية ، والمسلم طيب لا ينجس النجاسة المعنوية بسب توحيده ، مهما كانت له من الميزات السيئة الدنيوية ، لهذا لا يستويان أبدا .
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ... " ( التوبة :28)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن لا ينجس " ( متفق عليه )
فكيف يستوي النجس والذي لا ينجس ؟!
فمناط التكفير فيمن ساوى في المحبة بشكل العام بين المسلم والكافر هو عدم التفريق بين الموحد والكافر وهذا يقتضي عدم التفريق بين التوحيد والشرك ، وهذه ليست معصية غير مكفرة بل ناقض من نواقض التوحيد .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " ( رواه الإمام أحمد في مسنده بسند حسن)
وقال ابن تيمية رحمه الله : ( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما أبغضه الله ) مجموع الفتاوى ج8 ص337
و روى الإمام عبد الله بن المبارك في الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أحب لله ، وأبغض لله ، وعاد في الله ، ووال في الله ، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس اليوم في أمر الدنيا ، وذلك ما لا يجزئ عن أهله شيئا يوم القيامة ) ص120
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ وَإِنْ ظَلَمَك وَاعْتَدَى عَلَيْك وَالْكَافِرُ تَجِبُ مُعَادَاتُهُ وَإِنْ أَعْطَاك وَأَحْسَنَ إلَيْك ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَيَكُونُ الْحَبُّ لِأَوْلِيَائِهِ وَالْبُغْضُ لِأَعْدَائِهِ وَالْإِكْرَامُ لِأَوْلِيَائِهِ وَالْإِهَانَةُ لِأَعْدَائِهِ وَالثَّوَابُ لِأَوْلِيَائِهِ وَالْعِقَابُ لِأَعْدَائِهِ) مجموع الفتاوى ج28ص209

الملاحظة الثاني : لو استعملت تعبير الحب الفطري يكون أنسب حتى لا يساء فهم الموضوع .

كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس