عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 06-12-2013, 01:32 AM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
ما لم تَقْبض عليه الشرطة فهو ليس في حالة إكراه ، فعليه أن يهرب منها بقدر المستطاع وإن استطاع أن يخرج من البلد فعليه فعل ذلك بدون تردد .
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " (النساء : 97)
فإن لم يستطع الهرب وتم القبض عليه وسيق للمحكمة سوقاً فقد أكره على حضول المحكمة ، ولكن حسب القوانين لا أحد يُكرِهه على التحاكم ، لهذا عليه أن يرفض التحاكم ، فإن استطاع أن يُصرِّح بذلك عليه التصريح وإن لم يستطع يسكت ولا يجيب القاضي ، فهذا العمل ظاهراً يدل على عدم قبوله التحاكم . أما إن عَلم أنه إن سكت سوف يُحكم عليه لا محالة بالإعدام وكان يستطيع أن يُنقذ نفسه يقيناً من هذا الحكم إن قبل التحاكم للمحكمة وأدلى بأقواله ، فيرخص له في هذه الحالة بالتحاكم لأنه في حالة إكراه . وإن استطاع أن يُنقذ نفسه بدون قبوله التحاكم أي بأن يُثبت أنه بريء مع رفضه وتصريحه بعدم قبوله التحاكم ، فهو في هذه الحالة غير مُكره على التحاكم .
وإن حُكم عليه غيابياً بالإعدام والحكم سَيُنفذ إن لم يتحاكم ويُبرء نفسه وعلم أنه محصور لا يستطيع الهرب مطلقاً وسوف يُقبض عليه لا محالة ، وأنه إن تحاكم سوف يُنقذ نفسه من حكم الإعدام يقيناً ، يجوز له في مثل هذه الحالة وتحت هذه الشروط أن يتحاكم لأنه في حالة إكراه . أما إن كان تحاكمه لا يُنقذه يقيناً من حكم الإعدام فلا يجوز له التحاكم في هذه الحالة ، لأن شروط الإكراه هنا لم تتحقق كاملة .
س1: ما الواجب الشرعي على المشتكى عليه هل يجب عليه الفرار ولو كلفه ذلك ان يترك الدولة التي فيها أعماله ودنياه أم يرخص له الإستجابة مع تبييت النية التي نواها .
الجواب : الواجب الشرعي أن لا يتحاكم للطاغوت ولو كلفه ذلك كل ماله ولو كلفه الهجرة والعيش في الجبال .
قال تعالى : " وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ " ( البقرة: 191 )
وقال أيضا : " وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ " ( البقرة : 217)
والفتنة هنا الشرك ، والتحاكم للطاغوت شرك أكبر وإيمان بالطاغوت بنص القرآن الصريح . فلو خُيرت بين أن تذهب دنياك كلها أو أن تتحاكم للطاغوت لا يجوز لك أن تتحاكم لأجلها .
أما نية أن يتوب من فعله بعد انقضاء الأمر، فهذا والله من تزين وخداع الشيطان له ، وهو مقامرة بالدين ، فهل يضمن هذا أن يعيش بعد التحاكم ليتوب ؟! بل هل يضمن أن يعيش بعد أن نوى التحاكم ودخل في الشرك قبل التحاكم ؟!
قولك : أم يرخص له الإستجابة مع تبييت النية التي نواها
الجواب : لا يرخص له البتة بالاستجابة مع تبيت نية التوبة من الفعل . بل بمجرد أن نوى التحاكم للطاغوت يكفر قبل أن يتحاكم ولو كانت نيته التوبة بعد ذلك .

2- ماذا يفعل إن اقتادته الشرطة الى المحكمة قبل أن يتمكن من الهروب؟ وهل اقتياده الى المحكمة يعتبر اكراها على الترافع لديهم ؟
الجواب : لا يُعتبر اقتياده إلى المحكمة إكراها على الترافع لديهم ، ولقد أجبت على هذا السؤال في الأعلى .
3-ما حكمه إن استجاب دعوة المحكمة على تبييت النية بالتوبة من الفعل بعد تلبسه فيه ؟
الجواب : يكفر بمجرد أن ينوي التحاكم للطاغوت قبل أن يتحاكم ، مهما كانت نيته بعد التحاكم . لأن من نوى الكفر في المستقبل يكفر في الحال .
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ. فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ " (محمد :25-29)

4- ما التعامل الواجب نحوه في حال استجاب للمحكمة ثم اظهر توبته للمسلمين الذين يعاشرهم ويعاشرونه فهل يعاملونه على انه مسلم أم ماذا ؟

الجواب : إن كَتب له الله العمر وعاش بعد أن تحاكم وتاب من شركه فيكون قد ارتد ثم رجع للإسلام ، فيعامل بعد توبته معاملة من ارتد ورجع للإسلام . ولكن مثل هذا الرجل كمن يعبد الله على حرف لا يخشى أن يقامر بدينه لأجل الدنيا .
قال تعالى في مثل هؤلاء : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " (الحج : 11)
المسلم المخلص هو من وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن أحب عبدا لايحبه إلا لله عز وجل ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار . ( رواه البخاري )
كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس