عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-03-2013, 11:17 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الأنبياء والرسل لا يخطئون فيما يبلغونه عن الله ، فهم في هذا معصومين ، ويكفر من يعتقد عكس ذلك لأن الله سبحانه وتعالى قال : " إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ.وَلا بِقَوْلِ كَاهِن ٍقَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بالْيَمِينِ .ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ . (الحاقة :40-47)
وقال تعالى : " وَمَا يَنْطِقُ عَن ِالْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. " (النجم :3-5)
أما الخطأ بغير قصد في الأمور الدنيوية المبنية على التجربة والخبرة كأمور الزراعة ، والطب وما شابه ، فهذا يجوز أن يقع من الرسول عليه الصلاة والسلام مثل سائر البشر ، فالخطأ في هذه الأمور جِبلِّيّ لا يقدح برسالته صلى الله عليه وسلم ، وقد وقع منه عليه الصلاة والسلام مثل هذا الخطأ .
فعن رافع بن خديج قال : " قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُأبِّرون النخل ( أي يلقحون النخل ) قال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنفه قال : لعلكم لو لم تفعلوا كان أحسن فتركوه فنقصت فذكروا ذلك له فقال :" إنما أنا بشر مثلكم ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . " رواه مسلم ( 2361 ) .
ونحن نعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخطئ في أمور الدين ، وما فُهم أنه خطأ في أمور الدين فهو ليس بخطأ ، وإنما هو فعل خلاف الأولى في مسألة معينة في وقت معين . كما حدث في قصة أسرى بدر.
فعن أنس رضي الله عنه قال : استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله عز وجل قد أمكنكم منهم ، قال : فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس ، قال : فقام عمر فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك ، فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله إن ترى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء ، قال : فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم قال فعفا عنهم وقبل منهم الفداء ، قال : وأنزل الله عز وجل ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) [ سورة الأنفال /67 ] . رواه أحمد ( 13143 ) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم هنا في هذه الحادثة فعل ما هو خلافاً للأولى ولم يفعل ما يخالف الشرع . لأن ما فعله في أسرى بدر ليس مخالفاً لشرع الله ، فقد أجاز الشرع بشكل عام العفو عن الأسير وفدائه حسب ما يقرره ولي الأمر ، فقد قال تعالى : " فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .." ( محمد:4)
وقد قال بعد العلماء بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد يجتهد في أمور دينية لا يوجد فيها نص ويخطأ في اجتهاده ، ولكن الله لا يقره على ذلك ويرسل وحيه لتصحيحه حالاً بدون تأخير . ونحن لا نؤيد هذا القول ولكن لا نكفر قائله لأنه يقول : أن الله سبحانه وتعالى لا يقره على خطئه ويرسل وحيه لتصحيحه حالاً بدون تأخير .
كتبه : ضياء الدين القدسي

رد مع اقتباس