عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-06-2011, 12:06 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

الرد على تساؤلات العضو الفاروق عمر في المداخلة رقم 4
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : بل اذا نزلنا الى ارض الواقع اكثر لوجدنا ان قضية التحاكم وقد اخذت نصيبها من التفرق والتشرزم فى الفهم والاستدلال مع اتفاق الناس على ان التحاكم الى الطاغوت ناقض لاصل الدين

أقول ( ضياء الدين ) : لا يختلف موحدان في مسألة التحاكم الواردة في محكم كتاب الله والتي هي من أصل الدين . وقد يختلفوا في مسألة خارجة عن التحاكم فيعتبرها أحدهم تحاكماً ولا يعتبرها الثاني تحاكما . وإن اختلف عالمان من علماء التوحيد أو موحدان قد حققا التوحيد بالمعنى الصحيح في كون فعل ما هل هو تحاكم أم لا ؟ فهذا الفعل ليس بتحاكم ، لأنه لو كان تحاكماً ما اختلفا فيه . وهذا كخلاف المسلمين في حكم الكبيرة هل تخرج من الدين أم لا ؟ ومثل هذا الخلاف لا يعد خلافاً في أصل الدين كما يفهمه من لا يفهم أصل الدين وكيفية وطبيعة الخلاف فيه .
وكذلك يمكننا أن نقول : إن اختلف عالمان من علماء التوحيد في كون فعل ما هل هو شرك أكبر أم لا ؟ فهذا الفعل ليس بشرك أكبر .

قولك : مع اتفاق الناس على ان التحاكم الى الطاغوت ناقض لاصل الدين

أقول ( ضياء الدين ) : حتى نصف الناس بأنهم متفقون في أن التحاكم إلى الطاغوت ناقض لأصل الدين يجب أن يكونوا يفهمون ما هو التحاكم أولا .
الخلاف بين الناس الذين يدعون التوحيد ليس فقط في التحاكم وإنما في التوحيد نفسه وفي كيفية تحقيقه ، وفي من هو الموحد ومن هو المسلم . فكل يدعي وصله بليلى ... والله بشريعته المحكمة هو من يحكم بينهم .
قال تعالى : " كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " (البقرة : 213)

قولك : ولكن منهم من يشترط فى التحاكم الكفر الرضى والعدول ولا يسمى من يتحاكم بلا رضى ولا عدول كافرا لانه لم يتحقق عنده مناط الحكم

أقول ( ضياء الدين ) : من يشترط الرضى والعدول ليحصل فعل التحاكم للطاغوت فقد اشترط شرطاً ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا بفهم العرب الذين نزل القرآن بلغتهم . فمثل هذا لا يوصف بأنه فهم معنى التحاكم الوارد في آية ( النساء 60 ) المحكمة . لهذا وصفه بأنه يعتقد بأن التحاكم إلى الطاغوت ناقض لأصل الدين ، وصف غير صحيح ، لأن من لا يعرف الأمر لا يملك اعتقاده . فهو مثل أهل الكتاب الذين يدعون أنهم موحدون وأنهم يعتقدون بأن الشرك ناقض للتوحيد ومع هذا يطيعون الرهبان والأحبار في تحليل الحرام وتحريم الحلال ولا يعتبرون ذلك شركاً بالله العظيم .

قولك : ومن قائل ان التحاكم كفر ولكن اذا كان للدفاع عن النفس فانه يخرج من المناط المكفر باى اعتبار اخر


أقول ( ضياء الدين ) : وهذا أيضاً ممن لا يعرف معنى التحاكم الوارد في آية ( النساء 60) المحكمة . فهو ليس ممن يعتقد أن التحاكم للطاغوت كفر لأنه لا يعرف معنى التحاكم . لهذا يعتبر من تحاكم للطاغوت لأجل الدفاع عن النفس لم يتحاكم له .
فهو كمن يقول : أب ، ابن ، روح قدس ، إله واحد . أو كمن يقول : أنا مسلم أعتقد أن عيسى ابن الله .
وهو كمن يقول : الشرك كفر ولكن إن كان لتخليص حق من الحقوق فإنه يخرج من كونه شرك ويخرج من المناط المكفر .

قولك : والخلاف فى ذلك مشهور وممن هم قد فرقوا اقوامهم وكفروهم وكفرو من لم يكفرهم
فهل يمكننا بعد ان نقرأ كلامكم هنا والذى نصه " فهم لميختلفوا في حكم الجاسوس بعد أن اتفقوا على أن فعله شرك أكبر كما تريد أن تصوره أنت . فهم لم يتفقوا على كون عمله هذا شرك أكبر أو كفر أكبر لهذا اختلفوا في حكمه . ولواتفقوا على كون عمل الجاسوس بأي نية وأي قصد شرك أكبر لما اختلفوا في تكفيره وماتردد أحد منهم في تكفيره وإخراجه من الملة وعدم عذره بجهله البتة . بل لو اتفقوا فيأن عمله شرك أكبر لما تردد احد منهم في تكفير من لا يكفره وعذره بجهله "
هل يمكننا بناءا عليه أن نقول " فهم لم يختلفوا فى حكم المتحاكم -الذى هو دون المتفق على كفره عند الجميع - بعد ان اتفقوا على ان فعله شرك اكبر كما تريد ان تصوره انت . فهم لم يتفقوا على كون عمله هذا شرك اكبر او كفر اكبر لهذا اختلفو فى حكمه . ولو اتفقو على كون عمل المتحاكم - بالاعتبار السابق - بأى نية وأى قصد شرك اكبر لما اختلفو فى تكفيره وما تردد احد منهم فى تكفيره واخراجه من الملة وعدم عذره بجهله او واقعه البتة . بل لو اتفقو فى ان عمله شرك اكبر لما تردد احد منهم فى تكفير من لا يكفره وعذره بجهله او واقعه"


أقول ( ضياء الدين ) : لا ، لا يمكن أن نقول هذا الكلام البتة . لأنه لا يفهم من كلامي ما توصلتَ إليه من فهم .
أنا عندما كنت أتحدث عن خلاف العلماء في حكم الجاسوس كنت أتحدث عن علماء موحدين يفهمون معنى الشرك والكفر وليس عن أناس لا يفهموا الشرك ولا التحاكم للطاغوت .
فالأناس الذين تتحدث عنهم لا نقر لهم بداية أنهم يفهمون معنى التحاكم للطاغوت . فالذي يشترط الرضى والعدول ليعتبر فعل التحاكم تحاكما ، والذي يسمي التحاكم لمحكمة التمييز ( الاستئناف ) دفاعاً عن النفس ورداً للصائل ولا يسميه تحاكما ، والذي لا يعتبر المشتكى عليه الذي دخل في التحاكم متحاكماً ، والذي لا يعتبر التحاكم للطاغوت تحاكماً إن كان لتخليص حق ، لا يوصف البتة حسب الشرع واللغة بأنه فهم معنى التحاكم للطاغوت . لهذا لا يوصف بأنه يعتقد أن التحاكم للطاغوت كفر . كما لا نصف : من يقول : أن عيسى ابن الله ، أو يقول : أب ، ابن ، روح قدس . أو يطيع الرهبان والأحبار في تحليل الحرام وتحريم الحلال ، فلا نصفه بأنه يقر بالتوحيد ويعتقده .
أريد أن أنبهك هنا لأمر ، لأنك فهمتني خطأ وقست على كلامي قياساً مع الفارق : أنا كنت أتحدث عن حكم الجاسوس وليس عن التحاكم . فحكم الجاسوس فيه تفصيل ولا يصح قياس التحاكم عليه . ولا توجد آية محكمة تنصُّ على حكم الجاسوس كما هو الحال في حكم التحاكم . ففعل التحاكم معروف معناه وكيفيته في اللغة والشرع ، فمن وصِف بأنه فعل هذا الفعل حسب اللغة يأخذ حكمه ، بغض النظر عن نيته وقصده ورضاه وماذا يسميه . كما هو الحال في فعل الشرك . ولا يجوز أن يختلف المسلمون في مَن هو المتحاكم لأن معنى فعل التحاكم موجود في اللغة التي نزل بها القرآن ولا خلاف في معناه . فإن ذكر هذا الفعل في القرآن فهمه كل من نزل بلغته القرآن ولم يختلفوا في فهمه . فإن جاء أحد بعد ذلك وفسر فعل التحاكم بغير اللغة التي نزل بها القرآن لا يقبل منه ولا يعذر بجهله أو بتأويله .
فلا يقال : هذا يعتبر التحاكم للطاغوت كفر ولكنه يجهل صورة من صوره لهذا يعذر بجهله . فهذا القول كقول : هذا يقول أنه يكفر بالطاغوت ولكنه يجهل معنى الطاغوت أو كيفية الكفر به لهذا لا يكفر ويعذر بجهله وتأويله .
أو كقول : هذا يقول أنه يتبرأ من الشرك ويقول : أب ، ابن ، روح القدس ، إله واحد.
فالتحاكم للطاغوت المذكور في آية النساء 60 معناه : هو : طلب أو قبول حكم في مسألة متنازع فيها من شخص أعطى نفسه حق الحكم من دون الله.

[/align]

رد مع اقتباس