عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-02-2011, 02:01 PM
ضياء الدين القدسي ضياء الدين القدسي غير متواجد حالياً
الشيخ (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته)
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 422
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

قولك : " أخواني الكرام في هــذا الموضوع سوف نسرد صور من أختلاف العلماء في مسائل إعذار الواقعين في الكفر الأكبر ولم يقتضي ذلك تكفير بعضهم بعضاً بناءً على أن من لم يكفر الكافر فقـد كفـر ...المقصود بالكفر الأكبر في كلامنا هو : ما يتعلق بأصلالدين..كسب الله تعالى أو سب دينه ، أو السجود للصنم ، أو التحاكم إلى الطاغوت ، أو النطق ‏بالشرك الصراح ، أو مظاهرة الكفار على المسلمين"

أقول ( ضياء الدين ) : هذا الكلام يدل على أنك تعذر بالجهل من ينقض أصل الدين وأنك لا تشترط لدخول الإسلام معرفة أصل الدين وهذا الكلام يخالف محكم الكتاب ويخالف بديهيات العقول .
أما مخالفته لمحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد بينته في كتابي " لا عذر بالجهل في الشرك الأكبر " .
فقد بينت في هذا الكتاب الأدلة المحكمة من القرآن والسنة على أن الجهل في الشرك الأكبر ليس عذراً في دين الله وأن من يرتكب الشرك الأكبر ، مشرك ، قبل الحجة وبعدها ولا يعذر في أحكام الدنيا بالجهل ولا بالتأويل .
أما كون قولك مخالف لبديهيات العقول : فعند أصحاب العقول أن من يجهل شيئاَ لا يملك اعتقاده وهذا من بديهيات العقول . فمن يجهل أصل الدين لا يملك اعتقاده ومن لا يملك اعتقاد أصل الدين لم يحقق هذا الأصل ، ومن لم يحقق هذا الأصل لا يعتبر من أهله . ولا يقول بعكس ذلك إلا من خالف صريح العقل وبديهيته فضلا أن يكون عالماً من علماء الدين .

قولك : الصورة الأول : اختلاف العلماء في تكفير الجاسوس المسلم فذهب الإمام الشافعي رحمه الله إلى عدم تكفيره إن كان راغباً في شيئ من متاع الدنيا وخالف الإمام سحنون رحمه الله وحكم بكفر الجاسوس المسلم بمجرد الجاسوسية.

أقول ( ضياء الدين ) : وهل كل جاسوس قد فعل الشرك الأكبر ؟
وهل كل جاسوس قد عبد غير الله ؟
وهل فعل الجاسوس كسب الله تعالى أو سب دينه ؟
وهل فعل الجاسوس كالسجود للصنم ، أو التحاكم إلى الطاغوت ، أو كالنطق ‏بالشرك الصراح ؟
قبل أن تأتي بمثال الجاسوس على ما تقول به أثبت أولاً أن كل جاسوس فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله .
قد تقول لي : أنه ظاهر الكفار على المسلمين . فأقول لك : هنا موطن الخلل عندك ، فأنت تعتبر كل نوع من أنواع مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين شرك أكبر . وهذا غير صحيح . ففي المسألة تفصيل . لهذا وقع الخلاف بين العلماء في حكم الجاسوس .
وأنا أطالبك بأن تأتي بالدليل واحد محكم من كتاب الله تثبت فيه أن كل مظاهرة وإعانة للكفار على المسلمين شرك أكبر . ولن نستطيع ذلك .
فمظاهرة الكفار إعانتهم على المسلمين تكلم فيها العلماء وبينوا أنواعها وحكم كل نوع منها فارجع لكلامهم وسيظهر لك خطأ ما تقول . ولولا ضيق الوقت وعدم الرغبة في تشتيت الموضوع لبينت لك أنواعها وحكم كل نوع مع الدليل .
ولكن أكتفي هنا بالقول أن ليس كل مظاهرة وإعانة للكفار على المسلمين شرك بالله العظيم ، ففي المسألة تفصيل حسب نوع الإعانة والمظاهرة وسببها وحسب نية المعين وقصده . لهذا ليس كل جاسوس قد أشرك الشرك الأكبر . وكون العلماء قد اختلفوا في حكم الجاسوس لا يعني ذلك أنهم اختلفوا في حكم ناقض التوحيد . فلا يوجد عالم من علماء المسلمين قال أن هذا الجاسوس قد نقض التوحيد أو قد نقض أصل الدين ومع ذلك لا نحكم بكفره وشركه ونعذره بجهله .
فالحكم على طبيعة عمل جاسوس ما قد يختلف فيها العلماء هل هي من الأعمال التي تنقض أصل الدين أم لا وذلك حسب فعل هذا الجاسوس وقصده ، فمن فهمها أنها مما ينقض أصل الدين كفر الجاسوس ومن فهمها أنها دون ذلك لم يكفره . ومنهم من فصَّل في الموضوع ، فجعل فعل بعض الجواسيس ليس من الأفعال التي تنقض أصل الدين ( أي ليست من الولاء المكفر ) مستشهداً على ذلك بقصة حاطب بن أبي بلتعهة .
فهم لم يختلفوا في حكم الجاسوس بعد أن اتفقوا على أن فعله شرك أكبر كما تريد أن تصوره أنت . فهم لم يتفقوا على كون عمله هذا شرك أكبر أو كفر أكبر لهذا اختلفوا في حكمه . ولو اتفقوا على كون عمل الجاسوس بأي نية وأي قصد شرك أكبر لما اختلفوا في تكفيره وما تردد أحد منهم في تكفيره وإخراجه من الملة وعدم عذره بجهله البتة . بل لو اتفقوا في أن عمله شرك أكبر لما تردد احد منهم في تكفير من لا يكفره وعذره بجهله .

قولك : الصورة الثانية : اختلفوا في الحاكم بغير ما أنزل الله .. فقـد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في ( كتاب الصلاة ) أن بعض أهله قد أخطأ فظن أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يكون كفراً أكبراً إلا في حالة ترك الحكم بجميع ما أنزل الله عز وجل لا بعضه فقال رحمه الله : ( ومنهم : من تأول على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله . قال ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام . وهذا تأويل عبد العزيز الكناني وهو أيضاً بعيد ، إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل . وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه ) إهــ .
.. ومـع هــذا لم يُكفره ابن القيم ولا غيره من أهل العلم .

أقول ( ضياء الدين ) : لم يختلف علماء المسلمين في حكم من حكم بغير شرع الله ، وأتحداك أن تأتي بقول عالم واحد منهم حكم على من حكم بغير شرع الله بالإسلام . لأن الحاكم الذي يحكم بغير شرع الله ولو في مسألة واحدة سماه الله في محكم كتابه طاغوت .
قال تعالى : " يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ .. " النساء :60 "
ومعنى الطاغوت في هذه الآية المحكمة كل من يحكم بغير شرع الله ولو في مسألة واحدة .
فهل هناك خلاف بين العلماء في حكم الطاغوت وحكم من لا يكفره كما تريد أن تصور أنت ؟
الخلاف بين العلماء كان في حكم الحاكم المسلم الذي يحكم بشرع الله في كل كبيرة وصغيرة ولكنه في بعض الوقائع لم يحكم فيها بما أنزل الله أو ترك الحكم فيها بما أنزل الله . ولكنه مع ذلك لم يحكم فيها بغير شرع الله كما فهمته أنت وغيرك ممن لم يعرف كيف يُحقَّق أصل الدين وكيف يدخل المرء الإسلام . لأن أبسط موحد يعرف أنه إن حكم بغير شرع الله في أي مسألة كانت فقد أصبح طاغوتاً يجب على كل مسلم ومن يريد أن يدخل الإسلام تكفيره وتكفير من لا يكفره بنص محكم كتاب الله . فكيف في مثل هذا يختلف العلماء في حكمه كما تريد أن تصوره ؟!!

يتبع إن شاء الله
[/align]

رد مع اقتباس