عرض مشاركة واحدة
  #65  
قديم 12-14-2017, 10:29 PM
صفوان صفوان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2017
المشاركات: 40
افتراضي

أبو شعيب :
بسم الله الرحمن الرحيم

تقول :


[-- هذا ليس إيماناً ولا توحيداً ، هذا عمل صالح من أعمال الإيمان والإسلام .. ولا يسمى توحيداً وأيماناً بمعنى أن فاعلها مؤمن موحد وهو يشرك بالله --]

يعني نحن عندنا رجل يقول : لا إله إلا الله في الدعاء .. فلا يدعو إلا الله ، ويعتقد بقلبه أنه لا يستحق أحد الدعاء إلا الله ..

فهل هذا وحّد الله - تعالى - بقلبه وفعله في هذا الفعل ؟ .. لا أظن أن أحداً سيخالف في ذلك .

وأنت تقول إنه عمل من أعمال الإيمان والإسلام .. هذا مع أنه يعمل الكفر والشرك في مواضع أخرى .. إلا أنك قلت إن عمله (الذي على الجوارح) هو من أعمال الإيمان .

فما تقول في قلبه إذن ؟

هل تحقق في قلبه في هذا الفعل إيمان أيضاً ؟ .. مع كونه يعتقد الشرك في مواضع أخرى ؟

إن قلت لي لا .. قلت لك : فما معنى أن يعتقد أنه لا يستحق أحد هذا العمل إلا الله ؟ .. هل تسمي هذا من أعمال الإيمان القلبية ؟

فإن كنت تسميه كذلك .. فما بقي من معنى الإيمان إلا ذلك ؟

ثم لو جاء رجل وقال .. عمله الجارحي مقبول عند الله .. وكذلك اعتقاده الذي استلزم هذا العمل ووحد الله فيه .. أليس هذا إثبات للإيمان في هذا الموضع ؟

والمعلوم أن الإيمان هو إخلاص العبادة لله وحده .. فمن أخلص لله تعالى قلباً وقالباً في فعل ما .. فهذا هو حقيقة الإيمان .

فهذا الرجل مع إخلاصه لله تعالى في هذا الموضع ، ومع متابعته للرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع .. هو على دين المسلمين في هذا الأمر .

فالعمل الصالح المقبول عند الله هو ما اتفق فيه الإخلاص والمتابعة .. كما هو معلوم .

فمن أتانا وقال : فلان عمله من دين الإسلام .. واعتقاده وإخلاصه في هذا العمل من دين الإسلام .. فهو على المعتقد والعمل الصحيح الذي يرضاه الله تعالى في هذا الشأن .. فهل في كلامه ما يسوء ؟

وهل مثل هذا نقول عنه إنه لا يعرف حقيقة التوحيد ؟ أو حقيقة الإخلاص ؟؟


--------------

[-- فلا يقال لمن أشرك بالله وعبد الطاغوت ، هذا بصلاته مؤمن موحد وبصيامه مؤمن موحد وبشركه مشرك . ثم بعد ذلك للحكم عليه ننظر بالترجيح . لأن من فعل الشرك الأكبر وعبد غير الله لا ينظر لباقي أعماله هل هي على التوحيد أم لا . فهذا لا يهم ولا يؤثر بالحكم عليه شيئا --]


كانت علّة تكفيرك لمن يعذر المشركين بالجهل أنه لا يعرف التوحيد ..

وهذا الرجل الذي تكفّره لهذه العلّة عندما قام بتجزئة المسائل .. جزأها إلى إيمان وكفر .. وتوحيد وشرك ..

فحكم على ما أخلص فيه المرء لله ، وعبد الله فيه .. بالتوحيد .. بل وبقبول الله تعالى لها ، ومثوبته عليه .

وحكم على ما أشرك بالله فيه .. بالشرك ، وحبوط عمله فيه .

فكيف لمن لا يعرف التوحيد أن يفرّق بين التوحيد والشرك ؟؟ .. سبحان الله .

ولا يبقى إلا حكم التغليب والإظهار .. فهل هذا من أصل الدين أيضاً ؟ .. وما وجه إدخاله في أصل الدين ؟؟

--------------


[-- فإذا وقت نجاسة في إناء ، للحكم على الماء بالطهارة أو النجاسة لا ينظر هل الماء الذي كان في الإناء ماء زمزم أم مياه مجاري --]

ولو وقعت النجاسة في الطعام ؟ ألا يكون موضعها فقط هو موضع النجاسة ، ويكون باقي الطعام طاهراً طيباً ؟

--------------

[-- فمن عبد غير الله لا يسمى موحداً بعينه ولو عمل كل أعمال التوحيد والإيمان . وهذه الحقيقة يعرفها كل موحد مكلف . وإلا لحكمنا على كل من يعمل عملاً من أعمال الإيمان والإسلام بالتوحيد والإسلام . فمن يُمط الأذى عن الطريق سيصبح موحداُ مؤمناً مع شركه بالله . --]


من أماط الأذى عن الطريق ابتغاء مرضاة الله ، ورجاء له وحده ، لا يُشرك به شيئاً في هذا الفعل ، فأخلص لله الدين به .. فقد تحقق لديه الإيمان في قلبه وفعله في هذا الأمر .. إلا أن عمله غير مقبول عند الله لحبوط ثوابه بالشرك .

أما قولك فيمن عبد غير الله .. فهو لا يُسمى موحداً بفعله هذا .. بل هو مشرك بهذا الفعل .

كما نقول : من عصى الله فهو عاص .. ومن قال : من عصى الله فهو طائع .. لا يشك مسلم في كفره .

ومع هذا ، يُمكن أن يُسمى من يعصي الله تعالى طائعاً .. إن غلب عليه فعل الطاعة .

لكن ما يميّز الشرك والكفر عن غيرهما من المعاصي .. أنهما يُحبطان ثواب الإيمان .. في حين أن المعاصي تُنقص ثوابه .

أما تسمية من وقع في الشرك الأكبر في مسألة ما مشركاً ، دون اعتبار لما معه من كثير توحيد وإيمان .. وزعمك أن هذا يعلمه كل موحّد .. فهذه دعوى تفتقر إلى دليل لا أكثر .. ولم يقل أحد من علماء الإسلام المعتبرين بذلك (أي أن هذا يعلمه كل موحد) .. ويكفيني ذلك .. وقد تكلمنا في ذلك كثيراً بما يغني عن الإعادة هنا .

--------------


[-- ولا يعني إعطاء مكافئة لفاعل العمل الصالح أنه إيمان وتوحيد . فقد يعمل العمل الصالح لأنه صالح ويكافئ على ذلك .
فقد قال تعالى : " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " --]


قل لي .. هل من يعبد الشيطان بالأعمال الصالحة .. هل يثيبه الله عليه ؟؟ وهل يكافئه على ذلك ؟؟

أم أن الله تعالى يتركه وشركه ، ولا يؤجره على ذلك بشيء ؟

أما الآية التي استدللت بها ، فهي على نقيض كلامك .

فإن الآية تتحدث عمّن يعمل من أجل الدنيا .. وحديثنا هو عمّن يعمل من أجل الله تعالى .. أخلص هذا العمل لله وحده ، وعبده به وحده .. واعتقد أنه لا يستحق العبادة بهذا العمل إلا الله .

فكلامنا ليس فيمن يعبد الدنيا ، ويبتغي بعمله وجه الدنيا .. فهذا مشرك لا يثيبه الله تعالى على عمله إلا في الدنيا .. بأن ييسر له أمر دنيا ويفتح له أبواب الدنيا ، فيغل فيها ويزيد ضلالاً .

يقول تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (*) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [هود : 15- 16]

وقال أيضاً : { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } [يونس : 7]


أما كلامنا فهو فيمن ابتغى مرضاة الله بهذا الفعل ، وابتغى الدار الآخرة .

قال تعالى : { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب : 29]

قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى : 20]

--------------


[-- وكما قلت سابقاً أن الله بفضله وإحسانه يبدل السيئآت حسنات ، فهل سنقول أنها كانت إيماناً وتوحيداً ؟ --]

هل يعني كلامك هذا أن من عبد الشيطان طوال عمره ، وبجميع أفعاله .. لا يعلم إلهاً له إلا الشيطان ، ثم تاب .. صارت عبادته للشيطان مثل من وحّد لله تعالى طوال عمره بأكثر أفعاله وعباداته (لكنه أشرك في مسألة أو اثنتين) ؟

أما قول الله تعالى : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان : 70] .. الذي تستدل به على مذهبك في هذه المسألة ، فهو استدلال في غير محله .

فإن التوبة من الذنب هي عمل صالح ، يثيبه الله عليه .. فيجعل الله تعالى مكان هذا الذنب الذي عمله ، أجر التوبة .. لا أن نفس العمل ينقلب صالحاً .. أو أن ثواب من عبد الشيطان في مسألة ثم تاب ، كثواب من عبد الله في هذه المسألة .

يقول ابن تيمية - رحمه الله - في [مجموع الفتاوى : 10/308-309]:




فما يأتي به التائب من معرفة الحق ومحبته والعمل به ، ومن بغض الباطل واجتنابه ، هو من الأمور التي يحبها الله تعالى ويرضاها ، ومحبة الله كذلك بحسب ما يأتي به العبد من محابه . فكل من كان أعظم فعلاً لمحبوب الحق ، كان الحق أعظم محبة له ؛ وانتقاله من مكروه الحق إلى محبوبه ، مع قوة بغض ما كان عليه من الباطل ، وقوة حب ما انتقل إليه من حب الحق ؛ فوجب زيادة محبة الحق له ومودته إياه ؛ بل يبدل الله سيئاته حسنات ، لأنه بدل صفاته المذمومة بالمحمودة فيبدل الله سيئاته حسنات . فإن الجزاء من جنس العمل . وحينئذ فإذا كان إتيان التائب بما يحبه الحق أعظم من إتيان غيره ، كانت محبة الحق له أعظم . وإذا كان فعله لما يوده الله منه أعظم من فعله له قبل التوبة ، كانت مودة الله له بعد التوبة أعظم من مودته له قبل التوبة




هذا هو السبب في تبديل السيئات حسنات .. لا أن السيئة تتبدل إلى حسنة بنفس درجتها .. فيكون من فعل السيئة .. أجره مثل من فعل الحسنة .

فالحسنات التي يُثبتها الله تعالى هي ما نتج عن التوبة والمحبة لله والانكسار بين يديه .. فهي حسنات التوبة ، لا أن المعاصي قد آجره الله عليها .


------------

[-- والله سبحانه يرضى عن كل عمل خير . ويكافئ عليه . وليس معنى هذا ، الحكم على فاعله بأنه موحد مؤمن . --]


هل يرضى الله عن أعمال الخير التي صُرفت في عبادة الشيطان والأصنام ؟

كأن يقول فلان : أنا أميط الأذى عن الطريق طاعة وعبادة لبوذا .

فهل هذا عمل صالح يرضى الله عنه ؟


------------

[-- فإنك لم تستشهد بها في محلها . فوصف " المتقين " فيها لا يعني الموحدين أو المؤمنين . وإنما يعني : أن الله سبحانه وتعالى يقبل القرابين ممن اتق الله في فعله ذلك . أنظر لسباق الآية . --]


يعني يمكننا أن نصف رجلاً بأنه متق لله في فعله هذا ؟ مع كونه لا يتقيه في سائر أفعاله ؟

فنقول : هو متق لله في فعله هذا ، وفاسق في أفعال أخرى ؟

رد مع اقتباس